من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي

من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي


11-19-2002, 08:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1037734799&rn=0


Post: #1
Title: من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
Author: sympatico
Date: 11-19-2002, 08:39 PM

الذين كانو يتابعون الصفحة الثقافية لجريدة الخرطوم أيام صدورها بالقاهرة لا شك يعرفون القاص مدثر حاج على وقصصه " قول شيء او الكيلساء" ’ " المنقار" و " توباتو ينمو بشكل مختلف" وهي القصص التي تعرفنا من خلالها الى قاص متميز ذي اسلوب متفرد مثلما هو شاعر مميز في تجليه الآخر .
يسعدني ان اهديكم احدى قصصه .

=======================================






توباتو ينمو بشكل مختلف..!!
قصة قصيرة
مدثر حاج علي

أخيراً، وفي صباح اليوم التالي للهبة السادسة والسبعين للريح القمئ في حياة توباتو، تناقلت نباتات وطيور جزيرة خنى النبا الحزين الذي كان متوقعاً،
- قد قضى
- رأيناه مجندلاً على الوضع الأفقي الذي طالما كرهه، توقفت إلى الأبد أغصانه وفروعه الزكية الندية عن التأثير إلى اتجاه السماء، وأمسكت إلى الأبد جذوره (التي لم تمتلك لغة أشياء الجزيرة خاصية وصفها بعد) عن مغازلة جسد حبيبته الأرض والتوغل في أعماق أعماقها.
- الذي رأوه أكدوا أن الألوان الأربعة : الأبيض والأحمر والأخضر والأزرق كانت تشع معاً من جسده المجندل بزهو ومهابة.
- هل تعني أنه كان مبرقعاً؟
- لا، لقد كانت كل خلية من جسده تشع الألوان الأربعة معاً في نفس اللحظة.
- والبنفجسي؟
- لقد كان، رحمه الله، يؤكد في حياته على أن البنفسجي هو اللون الذي يكون موجوداً عندما لا يكون موجوداً، ولا يكون موجوداً عندما يكون موجوداً.
- لطالما أكد لنا الكبار حتمية انتصار الريح القميء في آخر المطاف.
- على الرغم من أنه كان صامداً ومبتسماً طيلة الوقت إلا أنه لم تكن هناك أي مؤشرات تدل على إمكانية أن يكسب توباتو هذه الحرب بينه وبين الريح القمئ.
- هل كان يحلم إذاً عندما كان يزعم أن لديه إيماناً راسخاً بأنه سينتصر في النهاية وأن طريقته الغريبة في الكون والنمو هي التي ستسود؟
- ربما كان يهذي!؟ رحمه الله.
(2)
كان الكبار قد أبدوا قلقهم منذ البداية على هذه الطريقة الغريبة التي اتخذها هذا النبات الذي ولد هجيناً، وأقسموا له كل غال وعزيز أن الخير كل الخير في الزحف والتسلق والانبطاح وما إلى ذلك من طرق النمو المتبعة والمسموح بها في جزيرة خنى. وسوف لن يقوده في النهاية إلى حتفه، وما آثار حفيظة الكبار، ولم يكن أعراض توباتو عن مواعظهم، وفصاحته عدم ايراد المبررات، ليس على عدم رغبته في العدول عن هذه الطريقة التي اختارها للكون والنمو وحسب، وإنما على عدم قدرة خلايا جسده على عدول كهذا أصلاً. ما أثار حفيظة الكبار كان استمتاع الصغار بالحديث إلى توباتو ومتابعة أحداث حربه الضروس التي لم تلبث أن اندلعت بينه وبين الريح القمئ ومحاولات بعضهم النمو بطريقته، لا تقليداً، بل شوقاً إلى الذات التي لا تزال غائبة، كالبنفسجي في أحاجي توباتو الغريبة الممتعة. ليس هذا وحسب، الطريقة الغريبة التي اتخذها توباتو لنموه جلبت إلى فضاء الجزيرة كائنات مذهشة وبديعة اضطرت الصغار والكبار معاً إلى اصطلاح أسماء لها في فضائها اللغوي من أمثال: طيور وعصافير وعنادل.

كان واضحاً منذ البداية أن الطريقة الغريبة التي اختارها توباتو لنموه ستؤثر سلباً على ما كانت تتمتع به الجزيرة من هدوء ودعة، فعلى غير المعتاد، يقرر هذا النبات الصبي أن يكون نموه رأسياً تماماً، ولطالما نصحه الكبار العارفون بباطن ومآل كل شيء أن شططه هذا سيجلب له ولهم جميعاً الكثير والكثير من العنت والتعب. وقد بدأ أنهم كانوا على كل الحق في كل ما قالوه له، رحمه الله.
بعد هبتين أو ثلاث للريح القمئ بعد وفاة توباتو، تناقلت نباتات وطيور الجزيرة نبأ غريباً لم يكن متوقعاً:
- نباتات تشبه توباتو الراحل، في كل شيء، شوهدت في كل مكان، بنفس قامته التي تطاول السماء، ونفس جذوره التي لا تعرف للأرض قراراً.
- ليست صبية تماماً، إنها أصلب عوداً وأعمق جذراً من ذلك.
- كيف حدث هذا؟
- لا أحد يعلم، الذي يعلمه الجميع الآن أن الريح القميء في مركز لا يحسد عليه – نعم عليه الآن أن يدافع عن طريقته هو في الهبوب.
(5)
الذي حدث، مباشرة بعد الهبة الخامسة والسبعين للريح القمئ في حياة توباتو رحمه الله أن تفقد هذا الأخير حياته طلعه التي أخصبها بالحرب وغدت بذوراً صلدة، وإذا تأكد أنها صارت جاهزة، حملها فوق أعلى أغصانه ودعا غريمه إلى القتال الأخير.
- هب الريح القميء هذه المرة بأقوى ما يستطيع ليحدث الذي حدث، ليحدث الذي أراده، بأقوى ما يستطيع، توباتو.
(6)
في حين عد البعض هذا الذي حدث انتصاراً ساحقاً لتوباتو، كان توباتو، في كينونته الأخرى، يعلم عين اليقين بأنه لم يحدث شيء سوى استمرار الصراع مراحل أخرى، أشد قسوة وضراوة.

Post: #2
Title: Re: من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
Author: sympatico
Date: 11-20-2002, 10:32 AM
Parent: #1

في قصته " قول شيء أو الكيلساء

وعبر الرموز ينجح مدثر حاج علي في استقراء واقعنا بكل صراعاته ومأسوايته
==================



قصة قصيرة

قول شيء أو الكيلساء





مدثر حاج علي



-- تعال ، لنبحث سويا عن الكيلساء !
-- لا ، ليست الكيلساء مهمة ، انني مشغول الآن بالبحث عن الزردانة ، اترك ما انت فيه وساعدني في البحث عنها ، أحسن لك .
-- أمجنون أنت ؟ كيف تقول ان هناك شيئا اهم من الكيلساء ؟! استغفر الله يا رجل ، ولا تقل هذا الكلام أمام الناس ، لئلا يصفوك بالغباء .. و ...
-- استح يا أخي ، وما الكيلساء ؟ ان الناس لا يهمهم أمر هذه التي تقول عنها شيئا ، انهم جميعا يتطلعون الى الفجر الذي ستشرق فيه الزردانة والشمس معا ل ......
-- ألا تعرف ما الكيلساء ؟! يا لل ..!! انها ينبوع الحقيقة ويخضور المحبة والخير والجمال ، انها التي ستقتلع من الذئب شهوة افتراس الغنم ، وتعيد الى القمح قمحيته السليبة ، وتجعل التاجر لا يهتم بمقدار الربح أكثر من اهتمامه بعرض وعمق الابتسامة التي يصنعها في شفاه أطفال الفقراء. ما الكيلساء ؟! يا للجاهل الأمي ، ان ...
-- دع عنك هذا الهراء ، أنا لا اصدق شيئا مما تقول ! بل لا يعنيني شيء مما تقول. ان تفكيري واحساسي وحواسي الخمس جميعا ، رهينة الآن للزردانة العظيمة تلك التي سوف توقف الى الأبد سلوان النساء للرجال وخيانة الرجال للنساء . هل تعلم أن قابيل ما كان سيقدم على قتل هابيل لو كانت معه الزردانة ، وأن هتلر ما كان سيسعه الا رعي أغنام يهود الريف الألماني لو أنها اشرقت عليه للحظة واحدة فقط ، وأن عجوبة التي خربت سوبا كانت ستنفق شيخوختها في تلقين احفادها السلام الجمهوري نحن جند الله جند الوطن) ، لو أن ...
-- هداك الله يا أخي , هداك الله ، ان الذي يفعل هذه الأشياء المعجزة ليس سوى الكيلساء ، صدقني ، تعال معي نبحث عنها أولا وعندئذ ستعرف صدق ما اقول .
-- أووه ، كيف تريدني أن اهتم بأمثال هذه الترهات والزردانة لا تزال غائبة؟
-- لقد نفد صبري ، لا تقل عن الكيلساء ترهات والا صبت عليك اللعنة .
-- بل الكيلساء هي اللعنة التي اعمت بصرك وبصيرتك والهتك عن واجبك المقدس في البحث عن الزردانة.
-- ماذا يا وقح ..!!
-- أنت هو الوقح ..!!

يتشابكان بالأيدي والأرجل قريبا من الهاوية ، لا يمانع قاع الهاوية من ضم جسديهما الهامدين ، كتلة واحدة ، بقوة ، بلا قدرة على البحث ولا قول شيء ما ، بينما هناك ، في مكان غير بعيد ، كانت توجد الكيلساء والتي هي نفسها الزردانة ، تنتظر الذين يبحثون عنها سويا ، لتشرق هي والشمس سويا ، تمنح النهار نهاريته والأشياء مفاتيح كونها السري .

Post: #3
Title: Re: من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
Author: woroorrook
Date: 11-21-2002, 02:30 AM
Parent: #1


شكرآ من الأعماق
سمباتيكو يا رائع

و نطلب المزيد
من كل جميل

Post: #4
Title: Re: من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
Author: sympatico
Date: 05-13-2003, 04:18 PM
Parent: #3

اهداء خاص جدا للأخ فتحي البحيري

Post: #5
Title: Re: من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
Author: فتحي البحيري
Date: 05-13-2003, 05:00 PM
Parent: #4




.
.

[qb]

جاءني الرابط إلى هذا البوست عبر رسالة خاصة من الأخ سبمتيكو
ووالله ما كنت أعرف به لولاه
تلك أيام مضت
ثقافة الخرطوم في إبانها القاهري الندي
الخرطوم الصحيفة طبعاً
اظن أنني قرأت هذه النصوص بها
زمانا ما من سنة 1998 أو 1999
الاسقاط السياسي المباشر ربما اضر بالنص
ولكن
ربما اضربه أكثر تجريده منه
لا نستطيع أن نقرأ أو نكتب بعيدا عن الامنا الحية مهما اجتهدنا في المداراة
مدثر حاج علي يا سمبتيكو كائن حي يختلف عني ويستقل بذاته وحياته
تماما ، لا أقل ولا أكثر ، من شخصيات نصوصه
نعم
خصصته بما جرى به قلمي من قصص قصيرة قليلة ومشروع رواية لم يكتمل
الان عرفت اللبن
ولماذا قدمتني الى هذا البورد شاعراً وقاصا وروائيا
لكنني يا صاحبي
أفتقده الان
وافتقد مسودات نصوصه
ويقدر ما (أفزعتني)به الان
بقدر ما فزعتني ب2 منها
احبك لا أشكرك
ولا أقوى على أن لا أشكرك
[/qb]