أغيثوا البحر الأحمر بقلم عبد القادر باكاش

أغيثوا البحر الأحمر بقلم عبد القادر باكاش


01-27-2019, 03:40 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1548556951&rn=0


Post: #1
Title: أغيثوا البحر الأحمر بقلم عبد القادر باكاش
Author: عادل شقاوة
Date: 01-27-2019, 03:40 AM

02:40 AM January, 26 2019

سودانيز اون لاين
عادل شقاوة-
مكتبتى
رابط مختصر

الجديد شنو

[email protected]


جريمة كبيرة تقترف في حق الوطن مع سبق الإصرار والترصد على شاطئ البحر المالح، شركة فلبينية خاصة ستستلم ميناء الحاويات الوحيد بالسودان بموجب عقد امتياز لعشرين سنة قادمة مقابل دفعها مبلغ ٥٣٠ مليون يورو دفعت منها يوم ١٣ يناير الجاري ٤١٠ مليون يورو لوزارة المالية الاتحادية على أن تدفع بقية المبلغ بأقساط مريحة علاوة على دفع أجرة شهرية تصل مليون يورو يعني ١٢ مليون يورو في العام لمدة الست سنوات الأولى من عمر الاتفاق لتدفع بعدها مليون وخمسمائة ألف يورو، بمعدل دفع ١٨ مليون يورو في العام ستعمل في السنوات الأولى بنفس آليات ومعدات الميناء الحالية لتبدأ بعدها ضخ أموالها في استجلاب آليات ومعدات مناولة. لكن الأدهى والأمر أنها عند خروجها من السودان ستطالب بقيمة مشترواتها ومدخلاتها الحديثة في الميناء، رغم أنها ستستخدم هذه المعدات لحوالي ١٥ سنة، مع أن العمر الافتراضي للكرينات الجسرية والكرينات الهاربر مثلاً عشرين عام، ورغم أن الشركة ستحصل على كل الرسوم المينائية طيلة فترة العشرين عاماً ورغم أن السودان سيحمل عنها رسوم الخدمات البحرية وعلى الرغم من أنها لم تفصح بعد عن حجم رأسمالها المخصص للاستثمار به في الموانئ السودانية.
بعيداً عن جدلية التفاصيل المالية والفنية أود أن أشير إلى أن ميناء الحاويات يمثل من ٧٠ إلى ٨٠% من جملة إيرادات الهيئة، بالتالي سيؤثر خروج إيرادات ميناء الحاويات من جملة إيرادات الهيئة على أدائها وعلى الوفاء بالتزاماتها تجاه عامليها وتجاه الولاية، وقبل ذلك هناك حقوق سيادية ومجتمعية وحقوق أدبية تهدرها مثل هذه الاتفاقيات غير المجزية والمبهمة إلى حد كبير.
لا أدري لمصلحة من تم التوقيع على هذه الاتفاقية؟ ولماذا تم التوقيع قبل الفصل في الاشتراطات الأساسية المتمثلة في معرفة قيمة الأصول الحالية في الميناء؟ ثم ما مصير العاملين الحاليين؟ هل من الممكن والمتوقع أن تستوعب شركة استثمار أكثر من ١٨٠٠ عامل وموظف؟ وكيف سيكون التعامل مع من تستوعبهم؟ ما هي استحقاقاتهم؟ وبأي عملة سينالون أجورهم ورواتبهم واستحقاقاتهم المالية؟ وما هي سلطة وصلاحيات السودان في التوسع في المجالات المينائية ومدى أحقيته في إنشاء محطات للحاويات في موانئه الأخرى عبر شراكات أجنبية أخرى؟ وما مدى سلطات وصلاحيات السودان في المراقبة والإشراف على أداء الشركة الفلبينية والتحقق من هويات وكفاءة المستقدمين من منسوبيها؟ وماذا عن التحكم في رسوم الخدمات المينائية التي ستطبقها الشركة في الميناء؟ وكيف سيكون الوضع في الخدمات الرديفة كخدمات الملاحة البحرية وخدمات المناولة الداخلية بين الأرصفة ومناطق الكشف وساحات التخزين وخدمات تزويد السفن وغيرها من الخدمات؟ هل هي من سلطات هيئة الموانئ أم من سلطات الشركة المشغلة؟ ولماذا تم استلام مبلغ الـ٤١٠ ملايين يورو قبل البت في أمر التفاصيل الجوهرية.
من الواضح أن الظروف الاقتصادية المعلومة للجميع أجبرت الحكومة على استلام المبلغ المتوفر، لكن أخشى أن يترتب على ذلك فقدان فرصتنا في وضع النقاط على الحروف خاصة أن أمامنا تجارب ماثلة وشاخصة لفشل ذات الشركة في ذات الميناء خلال الأربع سنوات التي شاركت في إدارته (٢٠١٣_٢٠١٧)؛ كما لها إخفاقات جسيمة في مرفأ طرطوس في سوريا وكذلك في نيجيريا بجانب تجربتها الحالية في مدغشقر.
بكل صراحة ينتابني إحساس أن وراء الأكمة ما ورائها وأن هناك أيدٍ خفية تقف وراء هذا العقد الغريب؛ لا مبرر البتة في تسليم ميناء الحاويات الوحيد بالبلاد لمشغل أجنبي في هذا التوقيت العصيب من النواحي السياسية والأمنية في موانئ حوض البحر الأحمر وفي موانئ الإقليم بصفة عامة، لا منطق ولا حاجة للسودان لخبرات أجنبية في الموانئ البحرية؛ فهناك آلاف الكفاءات والكوادر المينائية من السودانيين داخل وخارج البلاد، وهناك فرص كبيرة للتطوير والتحديث خاصة بعد إجازة قانون السلطة المينائية الذي يتيح للموانئ استقلالية أكبر في استخدام إيراداتها في تطوير منشآتها.
مالي لا أسمع ولا أرى صوت القوى الحية؟ أين نقابات عمال الموانئ؟ أين اتحاد عام عمال السودان؟ بل أين قيادات البحر الأحمر في المركز والولاية؟ أين نواب الشرق في البرلمان؟ أين أهل الوجعة؟ لماذا أنتم صامتون؟
....
صحيفة السوداني عدد اليوم السبت ٢٦ يناير ٢٠١٩
(الصفحة الأخيرة)