Post: #1 Title: رحيل زميل المنبرالفنان التشكيلي عبدالله بولا له الرحمة Author: زهير عثمان حمد Date: 12-18-2018, 12:21 PM
11:21 AM December, 18 2018 سودانيز اون لاين زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم مكتبتى رابط مختصر هكذا كتب عنه دكتورالنورحمد
عبد الله أحمد بشير، الذي أشتهر بـ (عبد الله بولا)، تخرج من كلية الفنون الجميلة، قبيل نهاية عقد الستينات، من القرن الماضي، وقدم، مباشرة،إلى حنتوب الثانوية، معلماً للفنون، فأحدث فيها إنقلابا، معرفيا، وتعليميا، وثقافيا، غير مسبوق. قلب عبد الله بولا، لحظة أن وصل إلى حنتوب، مفهوم علاقة الطالب بأستاذه. أقبل عليه البعض، بشغف شديد، وشخصي واحد منهم، وسخر منه البعض الآخر، وبقيت الأكثرية على السياج، تراقب ذلك الأمر العجاب.
بوصوله، نزلت صورة الأستاذ، من برجها العاجي، وانمحت المسافة الفاصلة، المصنوعة من مادة الخوف على المكانة، والإحساس بالأهمية، وبالوضعية الخاصة، وبالتميز. انمحت في حالته كل تلك الإعتبارات التي ظلت تحفظ المسافة، الزائفة، الثابتة، بين الأستاذ، وتلاميذه. فجأة أصبح الأستاذ، أخا أكبر لتلميذه، ورفيقا لسفره، وشريكا أصيلا، في هم المعرفة، وفي آلام مخاضات السيرورة، والتكوين، وعونا مستمرا، على السير، في وحشة الدروب، المشتجرة، الملتبسة. ومثلما قال الراحل علي المك، إنه عاش "عصر عبد العزيز داؤد"، فإن جيلنا في حنتوب الثانوية، قد حُظي، في نهاية الستينات، بشهود، وعيش "عصر عبد الله بولا".
مثًل عبد الله بولا برنامجاً تعليمياً، ومنهجاً دراسياً، حياً، موازياً للمنهج الدراسي الحكومي العقيم، الذي لا يستجيب، ولو قليلا، لجوع الروح، والعقل. وكما قال بشرى الفاضل، جئنا إلى حنتوب، من قرى ريف الجزيرة، أغرارا، أقرب ما نكون إلى خلو الوفاض، من حيث التحصيل المعرفي. جئنا بشذرات متفرقات من المعارف المحدودة، مما وصلنا عن طريق معلمينا، في المدارس الوسطى. شذرات كان قوامها، الإنشاء، والتدبيج الخطابي، جرى انتخابها من أعمال المازني، والمنفلوطي، والعقاد، إضافة إلى بعض أعمال طه حسين الهامشية، وأشعار البارودي، والرصافي، وشوقي، وحافظ، وجماعة المهجر، وقصص جرجي زيدان، وقليلا من القص الكلاسيكي الإنجليزي، ممثلا في النسخ المختصرة، من روايات شارلس ديكنز، وجورج أورويل، ورصفائهم. وحين التقينا بعبد الله بولا، انداحت دائرة وعينا كثيرا، فقد انفتحنا، عن طريقه، على آفاق المعرفة الإنسانية في فضائها الأكثر رحابة. كان المنهج المدرسي، لا يقوم على أقرار صريح، بأن المعرفة تتقدم. ولذلك فقد ظل سجينا لصورة ماضوية. وأصبحت الحداثة، بكل ما تعني، واقعة، تقريبا، خارج أسوار ذلك المنهج، الساكن. حتى الحداثة التي مثلها، في وقت مبكر جدا، كل من التجاني، يوسف بشير، ومعاوية محمد نور، ومحمد محمد علي، وحمزة الملك طمبل، منذ عشرينات القرن الماضي، ظلت هي الأخرى، خارج اسوار ذلك المنهج الدراسي!! فالمنهج الدراسي قد كان مصريا،ً أولا، وأخيرا!!
أما الفكر الفلسفي، وعلم النفس، ونظريات الحكم، والإقتصاد، فقد كانت، كلها، خارج ما يتعرض له المنهج المدرسي!! ولكن حُسن طالعنا، جاءنا بعبد الله بولا، الذي أتانا بالمنهج، الحداثي، الموازي، الذي كنا نحتاجه. إذ بين عبد الله بولا، والسر مكي أبو زيد، إنفتحت مسالكنا على السياب، والبياتي، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، وغيرهم. وأيضا على أدب المقاومة الفلسطينية (درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، وغسان كنفاني، وغيرهم). كما انفتحنا على الماركسية، ونقد اليسار الجديد، وعلى سارتر، وفرويد، ويونغ، وإيريك فروم، وغيرهم.
تحول بولا في سنوات قليلة من أستاذ إلى صديق عمر، ورفيق درب، رغم فارق السن بيننا. معه زرنا أهله في مدينة بربر. ومعه وقفنا على أطلال (المخيرف) وأمجاده الغاربة. ورأينا بعيني بولا، ـ وهو المسكون بأمجاد بربر القديمة، حين كانت حاضرة مزدهرة ـ رأينا، بعينيه، شاعرها الكبير، ود الفراش، وهو ينظر إليها بعين محب مدنف، عبر الضفة الغربية لنهر النيل، وهو يردد:
بشوف بربر بشوف جوخها وحريرا وبشوف الميدنة القَبَلْ الجزيرة
كما زار معنا بولا، حلة حمد الترابي، وجلس مع أبي في الحوش، ساعات طويلة. وظل أبي يحدثه، في غير ملل، عن قصص أجداده الصالحين، إذ وجد أبي فيه، مستمعا نادرا. ولم يعهد أبي مستمعين يهتمون بجنس قصصه، من قبيلة الأفندية، لابسي البناطيل. وقد كان أبي حاكيا من الطراز الأول. وهو ممن تستحلب عيون السامع الغارق في الإستماع، مخيلته، وذاكرته، استحلابا. أصبح بولا، صديقا لأبي، ولكثير من أهلنا الذين ظلوا يسألون عنه، لسنوات وسنوات، حتى ابتعلتنا كلنا المهاجر، نهاية الأمر.
في خرطوم بداية السبعينات وحين كان اليسار متلفعا أزهى حلل النرجسية العلمانية، التبسيطية، المتعالية على التراث الديني، كان عبد الله بولا، حاضرا مثابرا في ندوات الخميس، التي كان يعقدها الأستاذ محمود محمد طه، بداره، في المهدية، الحارة الأولى. كان بولا هناك، حين لم يكن حضور تلك الندوات يتعدى العشرين شخصا، على الأكثر. وقد اثرى بولا تلك الندوات، بثقافته الواسعة، مما لفت نظر الأستاذ محمود محمد طه، فأخذ إهتمام الأستاذ محمود يتزايد، منذ تلكم الأيام، وبشكل ملحوظ جدا، بالفنانين التشكيليين، وبكلية الفنون. وحين كتب بولا، بعد سنوات طويلة، في مجلة (رواق عربي)، عن فكر الأستاذ محمود محمد طه، جاءت كتابته، محلقة في سماوات، لم يطلها أحد غيره. وأقول، بدون أدنى تردد، أن مقال بولا ذاك، قد كان أفضل ما كُتب عن الأستاذ محمود محمد طه، على الإطلاق. ولا تداني ذلك المقال في معرفة قدر الأستاذ محمود، وفهم منهجه التجديدي، وفي جودة الكتابة نفسها، كل كتابة أخرى، عالجت ذلك الشأن. بما في ذلك، كل ما كتبه الجمهوريون أنفسهم، عن الأستاذ محمود.
أثرى بولا الملاحق الثقافية في الصحافة السودانية، في السبعينات، بكتاباته النقدية، الجريئة، خاصة نقده لمدرسة الخرطوم. وكانت من ثم، مسلسلته الشيقة، التي اختار لها، إسم: (مصرع الإنسان الممتاز). وفي تقديري أن عبد الله بولا، قد وضع أصبعه، في وقت مبكر جدا، على مسارب، ومرتكزات فكرة ما بعد الحداثة، قبل أن تصبح تلك الفكرة، (ثيمةً)، رائجةً، ومنتشرةً، في الأوساط الأكاديمية، العالمية. ولا غرو، أن إلتف حول بولا طلائع البنائيين، في السودان، ممن أسماهم هو: ("الأولاد أبَّان خراتي"، نسبة لكونهم قد تميزوا بحمل خرتايات على كتوفهم، في تلك الأيام). وقد شهدت المحافل الثقافية، في الخرطوم، وقتها، الكثير من المجادلات، عن البنائية، وعن كل ما تعلق بها.
لقد طال تقديمي لبولا، ويقيني أن كثيرين، ممن تتلمذوا عليه، لديهم الكثير مما يمكن أن يضيفوه هنا. فقد مثل بولا نسلا جديدا من المعلمين، وفتحا جديدا في مسار التعليم. غير أنني لا أجد مناصا، من شد لجام قلمي، والوقوف هنا. وأختم قولي، بأنه يسعدني جدا، أني لقيت شرف تقديم عبد الله بولا إليكم. فتقديمي له، ليس سوى بعض دين في عنقي، أرده إليه. فهو أستاذي، وصديقي، ورفيق دربي، في تيه المعرفة. كما هو، أيضا، رفيق الإستجمام، في واحات ذلك التيه، القليلة، والمتباعدة.
*له الرحمة وأحر التعازي لاسرته وكل أصدقائه وقبيلة البورداب
Post: #2 Title: Re: رحيل زميل المنبرالفنان التشكيلي عبدالله � Author: Biraima M Adam Date: 12-18-2018, 12:30 PM Parent: #1
إنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويكرم نزله ويجعل قبره روضة من رياض الجنة
اللهم أرحم الدكتور عبدالله بولا رحمتك بالصالحين من عبادك اللهم أغفر له غفرانك للأنبياء والرسل يا الله اللهم بدل سيئاته حسنات وأرفق به بذات رفقك على التوابين وتب عليه يا الله وأرضه وأرضى عنه اللهم لطفك به لطفاً يرفعه إلى أعلى فراديسك اللهم لا تحرمنا وأهله من أجره ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعده وأغفر لنا ولهم وله ولا حول ولا قوة إلا بالله صادق العزاء لشريكة حياته الأخت نجاة والعزاء لبناته ولإخوانه
Post: #9 Title: Re: رحيل زميل المنبرالفنان التشكيلي عبدالله � Author: عثمان علي Date: 12-18-2018, 01:14 PM Parent: #6
فقد جلل للحركة الفنية و مناخ الثقافةوالمثقفين وكذلك شعب السودان المكلوم..صادق العزاء لأسرته وأهله ومعارفه وأصدقائه..فقدنا رجل قامة عملاقة كما الأهرامات...علم يرفرف بحب الناس
Post: #12 Title: Re: رحيل زميل المنبرالفنان التشكيلي عبدالله � Author: نصر الدين عثمان Date: 12-18-2018, 01:37 PM Parent: #10
ندعو المولى الكريم أن يتقبل الفقيد وأن يلهم أهله وذويه الصبر وحسن العزاء
توفي صباح اليوم الفنان التشكيلي عبدالله احمد بشير المعروف باسم عبدالله بولا.. كتب عنه د النور محمد حمد: ((في خرطوم بداية السبعينات وحين كان اليسار متلفعا أزهى حلل النرجسية العلمانية، التبسيطية، المتعالية على التراث الديني، كان عبد الله بولا، حاضرا مثابرا في ندوات الخميس، التي كان يعقدها الأستاذ محمود محمد طه، بداره، في المهدية، الحارة الأولى. كان بولا هناك، حين لم يكن حضور تلك الندوات يتعدى العشرين شخصا، على الأكثر. وقد اثرى بولا تلك الندوات، بثقافته الواسعة، مما لفت نظر الأستاذ محمود محمد طه، فأخذ إهتمام الأستاذ محمود يتزايد، منذ تلكم الأيام، وبشكل ملحوظ جدا، بالفنانين التشكيليين، وبكلية الفنون. وحين كتب بولا، بعد سنوات طويلة، في مجلة (رواق عربي)، عن فكر الأستاذ محمود محمد طه، جاءت كتابته، محلقة في سماوات، لم يطلها أحد غيره. وأقول، بدون أدنى تردد، أن مقال بولا ذاك، قد كان أفضل ما كُتب عن الأستاذ محمود محمد طه، على الإطلاق. ولا تداني ذلك المقال في معرفة قدر الأستاذ محمود، وفهم منهجه التجديدي، وفي جودة الكتابة نفسها، كل كتابة أخرى، عالجت ذلك الشأن...))
للهم أرحم الدكتور عبدالله بولا رحمتك بالصالحين من عبادك اللهم أغفر له غفرانك للأنبياء والرسل يا الله اللهم بدل سيئاته حسنات وأرفق به بذات رفقك على التوابين وتب عليه يا الله وأرضه وأرضى عنه اللهم لطفك به لطفاً يرفعه إلى أعلى فراديسك اللهم لا تحرمنا وأهله من أجره ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعده وأغفر لنا ولهم وله ولا حول ولا قوة إلا بالله صادق العزاء لشريكة حياته الأخت نجاة والعزاء لبناته ولإخوانه والأخوات والعزاء لأهله ولعموم أهل بربر ولا حول ولا قوة إلا بالله و إنا لله وإنا إليه راجعون.
بسم الله الرحمن الرحيم وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا صادق التعازي لأسرة الزميل الفقيد عبد الله بولا في فقدهم الجلل نسأل الله ان يدخله الجنة وان يخلف البركة في الذرية ______ زين العابدين – الحليلة