ألنظام العام و أمن المجتع ,,

ألنظام العام و أمن المجتع ,,


10-29-2018, 10:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1540805267&rn=0


Post: #1
Title: ألنظام العام و أمن المجتع ,,
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 10-29-2018, 10:27 AM

10:27 AM October, 29 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله محمد-
مكتبتى
رابط مختصر

ألنظام العام و أمن المجتع ,,

ما من شك أن كل البلدان التي تنشد التقدم و الإزدهار ,
تولي أهمية قصوى للحفاظ على موروثها من العادات و التقاليد الإجتماعية و الثقافية ,
وتبذل قصارى جهدها عبر أجهزة الضبط الإجتماعي من شرطة و أفراد حراسات أمنية ,
في حماية المجتمع والحد من وقوع الجرائم التي تقشعر لها الأبدان ,
مثل الإنتهاكات المتعلقة بالتحرش الجنسي بالنساء و جرائم إغتصاب الأطفال ,
فإنه من أكثر ضحايا هذه الجرائم هم من فئتي الأطفال و النساء ,
واذا اردنا أن نقيس مستوى تحضر وتمدن شعب من الشعوب ,
علينا أن ننظر إلى ماهية القوانين المنوط بها الحفاظ على حقوق المرأة و حماية الطفل ,
ومدى الأمن و الأمان اللذان تحققهما هذه القوانين المختصة في شئون النساء و الأطفال ,
فعندما تجد بلداً ما نسائه يكابدن المشاق للحصول على حقوقهن ,
ويعانين أشد المعاناة من اجل الحفاظ على خصوصيتهن ,
تأكد أن ذلك البلد يقبع تحت حضيض البدائية و مسكون بكل أسباب الرجعية والأمية الحضارية ,
في كثير من البلاد العربية و الإسلامية مازالت الحكومات مشغولة بقشور القضايا الاجتماعية ,
تاركة أس المعضلات التي تشكوا منها شعوبها , مثل الفقر و البطالة و تمدد و انتشار الأوبئة و الأمراض ,
فمن البديهي أن ترى في مثل هكذا بلاد ,
ثورة عارمة للإعلام الحكومي لمجرد ارتداء فتاة يافعة لتنورة قصيرة تسببت في إثارة غرائز الشباب و المراهقين ,
في الوقت الذي يعمل فيه ذات الإعلام المضلل على التعتيم الكامل لتفشي وباء مميت يحصد المئات من الأرواح ,
و يمارس ذات الإعلام السكوت المخجل عن آلآم الناس في صراعهم اليومي مع لقمة العيش ,
فهذا التناقض الكبير الواسع و الشاسع ما بين الأوهام المعشعشة في رؤوس الحكام و رموز المؤسسات الدينية ,
وبين واقع تحديات ومتطلبات النهضة الإقتصادية الشاملة التي ينشدها المجتمع ,
هو ما أفرز هذا الأداء الحكومي والخدمي المترهل في مثل هذه الدول ,
الأمر الذي أدى إلى تفشي ظاهرة الرشاوى والإكراميات في سلوك الموظفين الحكوميين ,
ففي حقيقة الأمر إنّ النظام العام لمجتمع ما و أمنه يكمن في توفير الأمن الغذائي اولاً ,
ثم المسكن و الدواء و التعليم ,
وليس كما يحدث اليوم من قيام لثورات إعلامية حاشدة ,
ضد التنانير القصيرة للفتيات المراهقات و تتبع ما ترتديه النساء من مناطلين محزقة ,
وترصد لطرائق مشيتهن في الأحياء والأسواق .


إنّ أمن المجتمع و أمانه و طمأنيته يكمن في مضمون وتوجيه الآية الكريمة :
(الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ,
صدق رب العباد ,
فالمواطن لن يستشعر الأمن و الأمان في بيته بينما أمعائه تمور و تفور بسبب غلواء الجوع وفراغها مما يسد به الرمق ,
ولن ينضبط الشارع العام و الخوف من المصير المجهول يسيطر على قلوب الناس ,
و الإثنان (الجوع و الخوف) إذا ما اجتمعا في قلب رجل واحد ,
تيقن من أنه قد إجتمعت كل أسباب ودوافع الجريمة في هذا القلب ,
وبعدها لا تسأل لماذا اغتصبت بنت فلان أو كيف سرق أو قتل ابن علّان ,
لأن أساس الأمن المجتمعي لاتحققه السيارات المحملة برجال الشرطة ,
أو الشوارع الممتلئة بالشباب المدججين بالسلاح و بالهراوات ,
ولا بأنتشار صوامع الغلال التي افرغت من قوت الناس و استخدمت كمكاتب لرجال الأمن المجتمعي ,
لقد كان حري بالدولة أن تملأ الغلال بالذرة لكي يعيش الناس في مأمن من الجوع (الكافر) ,
لا أن تجوّعهم و تجود بهياكل مخازنهم التي كانت مخصصة لحفظ طعامهم لمؤسسة الشرطة ,
وتجعل منها مقار لأفراد الحراسات و للكتبة الذين يتلقون فيها بلاغات المواطنين عن المجرمين ,
وعن الجرائم التي يحدثها إجتماع ثنائي الخوف و الجوع ,
فسعي الدول و الحكومات نحو تحقيق التنمية الأقتصادية المتوازنة ,
هو المخرج الأوحد لشعبها من دوامة التشظي الإجتماعي ,
وازدياد وتيرة ونشاط بؤر ودور البغاء , و توسع دائرة الشباب المدمنين على تعاطي المخدرات ,
فالنمو الاقتصادي يوفر فرص أكثر للعاطلين عن العمل ,
ويحد من هجرة الكادر المهني المتخصص الذي يحتاجه مجتمعه ,
و كما هو معلوم أن تحقق مستوى معين من الرفاهية الإقتصادية يساعد على كبح جماح بعض النساء اللائي انحرفن عن السير في طريق الفضيلة ,
بحجة ضيق ذات اليد ,
و يساعد في إيقاف أمواج من الفتيات المهاجرات من بلدانهن إلى دول الجوار الإقليمي ,
لأجل ممارسة البغاء و التكسب منه ,
وذلك لحتمية وجود بدائل ممكنة ومتاحة للباحثين عن الكسب الحلال ,
في ظل هذا الإزدهار التنموي و الإقتصادي المفترض.


فالقوانين المختصة في الحد من الظواهر الإجتماعية السالبة ,
و المستهدفة الحفاظ على المظهر العام تواجه معضلات وتحديات كثيرة ,
خاصة في البلدان الواقع تحت ظل إدارتها أنظمة سياسية وحكومات موبوءة بداء الفساد المالي ,
لأن وجود الطبقة الطفيلية المستحوذة على المنفعة الاقتصادية ,
هو ما يعمل على رعاية إنفلات عيار المجتمع و فقدانه لتماسكه القيمي و الأخلاقي ,
ولأن أفراد هذه الطبقة الطفيلية لا تطالهم يد القانون نسبة لتحصنهم بالسلطة السياسية بالبلاد ,
فتجدهم يعبثون بأعراف و قيم المجتمع و يخرّبون البنى التحتية للتقاليد السائدة في ذات المجتمع ,
تماماً مثلما حدث قبل سنة و بضعة أشهر ,
عندما تمت عملية مداهمة لإحدى الشقق السكنية بالخرطوم ,
وتم ضبط أحد الأفراد الذين ينتمون إلى مثل هذه الطبقات الطفيلية ,
و هو مليونيراً قام بشراء عذرية عدد لا يستهان به من الفتيات ,
مقابل مبالغ من المال لا تقاوم إغرائها كثير من الأسر الفقيرة ,
فلم تطاله يد القانون و لم يلاحقه القضاء , و فر هارباً خارج البلاد بغطاء وحصانة من السلطة ,
لهذا السبب فإنّ أنظمة الحكم التي نخر في عظمها الفساد المالي و الإداري ,
لن تقدر على صون كرامة مواطنيها , فاختلال ميزان العدالة حينما يكون في رأس الهرم السلطوي ,
فإنّ إنهيار قيم المجتمع و انحطاطه يصبح أمراً بديهياً ولا يدعو للدهشة أو الإنبهار.


عندما نأخذ السودان كحالة وعينة تمثل البلدان التي وثقت لها الدوائر الدولية في قوائم معايير و متطلبات الحكم الراشد و الشفافية و نزاهة مؤسسات الحكم ,
و التي للأسف تذّيل فيها وطننا الحبيب هذه القوائم في ظل حكم الإنقاذ ,
نصل إلى خلاصة الحقيقة الواضحة والصافية النقية التي لا يشوبها الكدر ,
في أن التدهور المريع في القيم و التفسخ الأخلاقي الذي اجتاح المجتمع ,
هو مسؤولية الحكم الإنقاذي بالدرجة الأولى ,
إذ أن نظام الحكم هذا قد تخبط كثيراً و أضاع جهده في (التمكين) لفئة بعينها من محاسيبه في السلطة و المال ,
دون غيرها من شركائه الآخرين المتساوين معه في حق المواطنة والإنتماء للوطن ,
فشرّد كثيرين بدعواه الباطلة المسماة بــ(الصالح العام) ,
والتي كانت بمثابة حملة جائرة أضرت وفتكت بالمصلحة العامة لكافة الناس ,
و حتى الآن ما يزال نظام الحكم الإنقاذي يمارس القهر و الإذلال بحق النساء عبر ما أطلق عليه اسم (النظام العام) ,
فخرّب به المنظومة العامة لقيم وتقاليد المجتمع فاصبح (خراباً عاماً).