بالخبز و الدواء والكساء يحيا الإنسان ,,

بالخبز و الدواء والكساء يحيا الإنسان ,,


09-05-2018, 02:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1536153057&rn=0


Post: #1
Title: بالخبز و الدواء والكساء يحيا الإنسان ,,
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 09-05-2018, 02:10 PM

02:10 PM September, 05 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله محمد-
مكتبتى
رابط مختصر

ظل المثقفون السودانيون يرددون مقولة السيد المسيح المأثورة :
(ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) , منبهين اولئك الذين لا يعيرون لمبدأ (إقرأ) أي اهتمام ,
في تلك العهود التي خلت من قبل , وسبقت مجيء المشئومة (الانقاذ) ,
حينما كان الترف الفكري وحب القراءة يستحوذان على حيوات الناس ,
حيث كانت البطون مشغولة بما لذ وطاب من خيرات البلاد ,
من فاكهة وخضار و لحوم حمراء و بيضاء تعج و تضج بها أسواق مدن السودان ,
فما كان من شيب وشباب تلك الأزمنة إلا وأن يركنوا إلى قراءة روايات يوسف السباعي وقصص وأحاجي أجاثا كريستي ,
وما فتئوا يطلعون على الوارد من مجلات و صحف العالم و الإقليم ,
من شاكلة الدستور و الدوحة والعربي و روز اليوسف ,
فصدقاً كان لهم كامل الحق في الاستخفاف بالذين لا يندغمون معهم في دهاليز تلك الظاهرة الحميدة للتثاقف و المثاقفة ,
وتبادل الكتب و الأفكار , والتي استشرت و انتشرت في طول البلاد و عرضها ,
و غمرت حياة الناس بالمتعة والإمتاع في رحلتهم اليومية مع تعاطيهم للكلمة المقروءة في ذلك الزمن الجميل ,
حدث كل ذلك لأن حاجات الناس من الغذاء و الدواء و الكساء و التواصل كانت مشبعة ,
والترفيه في دور السينما والمسرح و السهرات الغنائية في الحدائق العامة كانت برعاية مؤسسات الدولة ,
حيث حرية التنقل مكفولة للجميع دون كوابح قوانين حظر التجوال المكبلة للحريات الشخصية ,
فشهدت تلك السنون والأيام ميلاد جهابذة الفكر و السياسة و الأدب ,
و سطوع نجم أساطين الطب و الهندسة و الصيدلة و الرياضيات و المحاسبة ,
وحفلت بظهور مشاهير الفن التشكيلي و الغنائي و الموسيقي وكرة القدم ,
فكما أخبرنا علماء الإجتماع أن أولى أولويات حاجات الآدمي طلباً للإشباع ,
هي الحاجة إلى المأوى و المسكن ,
ثم تليها حاجة الإنسان إلى المأكل و المشرب ,
فالمشرد لا يبدع و لا تتأتى له أسباب السياحة الفكرية الراتبة و الإيجابية بين سطور الكتب ,
ولا يعرف الغوص في تفاصيل غموض اللوحات السريالية ,
بسبب فقدانه لحقه الدستوري الأصيل في الاستقرار و الأمن والأمان الإجتماعي و الإقتصادي ,
وكذلك الجائع لا يبتكر ولا يمكنه ان يكون مواطناً صالحاً في حالات كثيرة ,
و بما أن (الجوع كافر) , فسوف يكون مصير هذا المواطن الجائع أحد أمرين لا ثالث لهما ,
إما أن يسلك طريقه إلى عالم الجريمة ,
أو أن يخطو بخطواته الثابتة نحو ساحة وميدان الإنتفاض والهياج ضد من أوصله إلى هذا الدرك السحيق من الذل والقهر و الإهانة ,
لكي يسترد حريته وكرامته المسلوبة و التي لا تشترى بالذهب.


في بلاد السودان تتمدد السهول و الأراضي الخصبة والمنبسطة شرقاً وشمالاً وغرباً وجنوباً ,
وتتسابق الأنهر و الخيران التي تجري تحت هذه الأرض وفوقها ماءً زلالاً عذباً صالحاً للزراعة كذا وللشرب ,
هذا الماء الذي يمثل محوراً للتنافس بين البلدان التي لوثت البحار المالحة والصناعات الحديثة مياهها و هوائها ,
فانه من الممكن جداً ان تتم تعبئة و تصدير هذا الماء الحلو المذاق ,
إلى أولئك الذين يلهثون ويكابدون المشاق وراء الحصول عليه بالعملات الصعبة ,
ليعود إلينا هذا النبع السلسبيل النقي بالدولار الأمريكي صاغراً مجندلاً ومقذوفاً في خزينة البنك المركزي ,
ولو يعلم الساسة من أبنائنا وحكامنا أن سعر (اللتر) الواحد من هذه المياه العذبة و الطبيعية يتجاوز سعر (لتر البنزين) في البلدان التي تعاني شح مياه الأنهر هذه ,
لتركوا سعيهم المحموم من أجل الحصول على بترول (هجليج) الذي اصبح بين يدي دولة جارة ,
لقد كذب الإنقاذيون عندما قالوا أن هذه البلاد واسعة شاسعة وتصعب عملية إدارة دفتها ,
و نافقوا أيما نفاق عندما ارتموا في احضان الجار القريب (الخليج) و الصديق البعيد (الصين) ,
بحثاً عن القروض و الديون و العطايا لينعشوا بها روح اقتصاد البلاد ,
الذي ونتيجة لسياساتهم الخرقاء والطائشة دخل غرفة العناية الفائقة ,
وليعلم (محمد أحمد) المسكين أن الغيبوبة التي حلت باقتصاد بلاده لن تزول ,
إلا بخروج الطاقم الطبي الفاشل الا وهو (حكومة الانقاذ) , من غرفة إنعاش الإقتصاد الذي يحتضر ,
والذي يتمدد بداخلها في غيبوبته التي طال أمدها ,
فعلى (الانقاذ) ان تخرج أيضاً من حياة محمد احمد وشئونه غير مأسوف عليها ,
وإلا قام هذا (المحمد أحمد) المقهور والمجبور باخراجها عنوة و قوة واقتداراً ,
فالبلاد لا حاجة لها بقروض الصين و اليابان ما دامت أرضها مكتنزة للذهب والفضة في أحشائها ,
وطالما الخيل المسومة و الامطار الغزيرة و الانهر العظيمة راكضة وجارية على سطحها.


لقد أدخل الإنقاذيون الناس في الجدال البيزنطي والسفسطة ,
وإشغال الناس وإلهائهم بالغيبيات و الما ورائيات ,
و قاموا بتحويرهم لمقاصد ومعاني أحد أركان الأيمان ,
وهو الإيمان بالقدر خيره وشره ,
وجعله مطية يهربون عبرها من مسئولياتهم المباشرة تجاه الوطن والمواطن ,
فبالأمس القريب تهربت وزيرة التعليم عن واجبها تجاه الحفاظ على ارواح التلميذات اليافعات ,
اللائي متن وقضين تحت ركام انهيار احد الفصول الدراسية ,
فقامت الوزيرة دون حياء او وازع إنساني وعلّقت خيبتها و فشلها على شماعة الأقدار ,
و اليوم يشطح رئيس اللجنة المالية و الأقتصادية وشؤون المستهلك بتشريعي ولاية الخرطوم ,
فيوصم دعاة محاربة الفقر بانهم يحاربون الله سبحانه جل جلاله ,
الذي هو اسمى من هذا الهراء الذي يستفرغه هذا الرمز الانقاذي الفاشل ,
ولعلي به لم يقرأ سيرة المصطفى عليه افضل الصلوات و اتم التسليم ,
ولم يطلع على سيرة باب ومدخل مدينة العلم ,
سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و ارضاه ,
الذي تنسب إليه تلك المقولة الشهيرة في شأن الدعوة إلى محاربة الفقر وهي : (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) .


سوف تظل الخدمات الأساسية , من مسكن آمن وصحة و تعليم و مأكل و مشرب ومواصلات ,
من اوجب الواجبات الواقعة على عاتق الحكومات و الأفراد الذين يعتلون الوظيفة الدستورية العامة ,
المنوط بها تسهيل وتذليل حياة الناس اليومية وإحتياجاتهم ,
و لا يجب الزج بالجدل الديني و الايدلوجي في مداولات واجتماعات المجالس النيابية و الأجهزة التنفيذية و الرقابية ,
التي تعتبر مجرد وسيلة من الوسائل الإدارية و التنظيمية ,
التي تنحصر مهمتها الأساسية في العمل الدؤوب لتحقيق الأمن و الأمان الأقتصادي والاجتماعي ,
و توفير لقمة العيش الكريم للمواطن , و ان لا يكون الوصول إلى هذه الأجهزة الحكومية غاية في حد ذاته ,
حتى لا يتم استغلالها من قبل الانتهازيين و الوصوليين و الطفيليين في إشباع رغبات الذات المنحرفة ,
و إنجاز الطموحات الفردية الشاذة لهؤلاء الأشخاص الذين يدخلونها بتكليف من هذا المواطن الفقير ,
تماماً مثلما فعل (الإنقاذيون) , الذين ما زالوا يستمرأون هذا الفعل الشنيع ,
وما برحوا يفعلون الأفاعيل الآثمة بمقدرات شعب أغناه الله فوهبه أرض بكر وحلوب ,
هذه الأرض التي استباحها المرابون (الإنقاذيون) ,
فصدق الشاعر الهميم يحي فضل الله حين قال : (فيا جميلة خبّريني كيف بدلنا الكذوب في انتظارك بالكذوب).