في بيتنا حرامي

في بيتنا حرامي


07-29-2018, 08:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1532849826&rn=0


Post: #1
Title: في بيتنا حرامي
Author: درديري كباشي
Date: 07-29-2018, 08:37 AM

في بيتنا حرامي
كنا في المرحلة المتوسطة وعلى أعتاب المراهقة. زارنا أقارب ليقضوا معنا الاجازة الصيفية. كعادة السودانيين في ذاك الزمن الجميل، حيث كنا نتبادل الزيارات وقضاء الاجازات بين المدن مما أتاح لنا العيش ولو لفترات قصيرة في كثير من مدن السودان الجميلة والمنتشرة على ربوع الوطن.
المهم الضيوف كان لهم أبناء في سننا (من دورنا بالعامية) بل يصغرونني قليلا. ونحن نيام في حوش بيتنا الخلفي. إذ كان به ثلاثة حيشان. حوش أمام الصالون في مواجهة الشارع الشرقي وحوش في مواجهة الشارع الشمالي. وحوش ثالث في مواجهة جارنا من ناحية الجنوب. حيث كنت انام والشباب من الضيوف.
في ليلة قمرية والسماء ملبدة بالسحب تلعب معها القمر لعبة ( الاستغماية ) يظهر الضوء ينير الفضاء ثم يختفي بالتدريج ليظهر تارة اخرى . الجو صحو مع قليل من الهواء المنعش الصافي دون غبار.
كنت في عز النوم ساعة النسمة ترتاح على هزق الدغش وتنوم ، فجأة صحيت على شخص يهزني من كتفي.
(درديري درديري قوم الحرامي) فتحت بفزع ونظرت حيث يؤشر الضيف الذي أيقظني.
فعلا في الباب الفاصل بين حوش الصالون وحوشنا الذي ننام فيه كان هناك شخص يمد رأسه ينظر الينا فترة قصيرة ثم يسحبه. أول خطوة رغم ضربات قلبي التي بدأت تتسارع رفعت نصفي الأعلى بعنف وانا لازلت على السرير (نظام أنا قمت خلاص يلا أجري) لكنه ثقيل ظل في نفس الحركة يمد رأسه فترة قصيرة ثم يسحبه. إذا لا بد من حركة أخرى أكثر فاعلية وإيجابية لا أنكر أني كنت خائفا لكن عندما يستغيث بك الآخرون عليك أن تطوي خوفك مثل برش الصلاة وترميه على سقف قلبك وتنساه. كان عندنا شجرة ليمون أحد فروعها المتدلية مسنود بقطعة ماسورة من النوع القوي الملبس ( قلفنايز ) كانت تستخدم في تمديدات المياه سابقا قبل ظهور المواسير البلاستيكية . انتزعت الماسورة كذلك بعنف عسى هذه الحركة أن ترعبه فيجرى، حقنا للدماء وكفى المؤمنين شر القتال وبعدها نحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب. وبدأت اتحرك نحوه رافعا الماسورة لأعلى. كل هذه الخطوات لم تهزه لازال في تحديه السافر بغيظ يمد رأسه ويسحبه. استيقظ كل الأخوة الضيوف وتجمعوا خلفي يمسكون قميصي من الخلف وانا أتقدم. لا سبيل للتراجع بعد الآن كان ممكن أقول (يا اخونا سيبوه دا حرامي مسكين أصلا ما راح يقدر يدخل أكثر من كدا) لكن هم من خلفي قفلوا خط الرجعة إذا لابد من التقدم. فصرت، منتصب الهامة أمشي مرتفع القامة أمشي في كفي قطفة زيتون وعلى كتفي نعشي وانا أمشي وأنا امشي، على قول النشيد الفلسطيني الخالد. صحيح أنا خائف لكن لو وصلت عنده لأحولن رأسه الى (كوستلتيه) أكيد لن أعطيه فرصة يدافع ويرد الضربة بالضربة. فجأة خطر في بالي هاجسا مرعبا جعلني اتوقف قلت طالما هو لم يهتز بكل هذه التحركات هذا يعني أنه يمتلك سلاح أخطر ربما مسدس مثلا (لا حول ولا قوة الا بالله) طيب لو كان عنده مسدس ماذا ينتظر كان الأولى يتحرك هو نحونا. الفكرة الأخيرة جعلتني اطمئن واواصل التقدم. بعد عدة خطوات اختفى وطال اختفائه. مما شجعني على التقدم أسرع والجري خلفه. قلت هذا يعني هرب ولا بد من اللحاق به واعطائه ضربة (لبعة) على ظهره قبل أن يقفز خارجا تكون لنا عيد وتسير بها الركبان.
لكنه عاد يطل (يتاوق) مرة أخرى توقفت (فرملت) حتى خبط الضيوف في ظهري. عندما اقتربنا أكثر بدأت تبين ملامحه تماما. (عرفته)😨😨😵 نزلت الماسورة وبخطوات واثقة وتحت دهشة الضيوف تحركت نحوه ومسكته ونفضته لأبين لهم أنه ما هو الا قطعة (البشكير) التي اعتاد أهل البيت يمسحوا بها البلاط وينشروها على حلق الباب الفاصل لتجف. كانت تحركها الرياح.😜😜😜😂😂

Post: #2
Title: Re: في بيتنا حرامي
Author: درديري كباشي
Date: 07-29-2018, 09:26 AM
Parent: #1

زمن المنفلة
حتى بداية الثمانينات كان توجد لواري قديمة ماركة بيدفورد تعمل في نقل التراب والطوب وباقي مواد البناء. كما أن بعضها كان له سقف ويعمل في المواصلات العامة كباصات محلية. ونوع آخر تستخدمه الشرطة تعرف بالكوامر.
القاسم المشترك بينها هو بداية التدوير كانت تتم بأداة تعرف بالمنفلة. والمنفلة نوعين نوع في شكل حلقة ( عجلة) ولها مجرى يلف حوله الحبل. وكما له عمود يدخل في فتحة أمامية ويوصل بعمود (الكرنك). وكانت هذه الأداة تقوم بدور ( الاستارتر ) أي البداية التي تجعل المكينة تدور حتى تولد كهرباء الأولية من الدينمو وتشتعل الشمعات وبعدها تستمر المكينة في التدوير .
بعدما يتم لف الحبل حول المنفلة يصطف العتالة (الحمالين) ويمسكون الحبل مثل لعبة جر الحبل المعروفة التي تقام في المناسبات الرياضية. وبعد العد لثلاثة حتى تتوحد قواتهم وتكون حركتهم في دفعة واحدة (واحد. اتنين . تلته) وتلته هذه تنطق هكذا بنهرة ويقصد بها العدد ثلاثة.
وكذلك نوع آخر من المنفلة في شكل حرف (كـ) بالعربي وهذه غالبا للعربات الأصغر مثل اللاندروفر والكوامر . لكن هذه يديرها شخص واحد يدخل الجزء الأطول في المكينة ويمسك الباقي ويحاول يدوره بكل قوته.
كان عددها كبير جدا قلابات التراب هذه. وشهدت وساهمت في بناء بيوتنا الحالية بمدينة كسلا واعتقد في معظم مدن السودان .وعندما كان حينا ناشئا وعبارة عن نمر فارغة كانت هذه القلابات لها صولات وجولات بعضها ينقل الطوب وآخر الرمل وكذلك الحجر الذي كانت تبنى به بعض البيوت منها بيتنا بمحطة الحجر. وقيل هو سبب تسمية المحطة بمحطة الحجر لأنه كانت أكوام الحجارة مرصوصة أمام البيت عندما كان تحت الانشاء.
أشهر أهل الحي الذين امتلكوا قلابات المنفلة عمنا الراحل محمد خير رحمه الله والد صديقنا حسن محمد الخير (حسن ويكة). عندما تعب القلاب واستعصى حتى على المنفلة . ابتكر عمنا محمد خير وسيلة اخرى وهو صب قلاب تراب وثبته بالماء حتى اصبح عبارة عن تلة صغيرة أمام بيته وكان يوقف عليها القلاب بوضع مائل ويحبسه ( بدقار ) من الخشب . ولحظة التدوير يقوم احد العمال بسحب الخشبه يتدحرج القلاب فيرفع عمنا محمد خير قدمه من الكلتش ليدور دون حاجة للمنفلة .
بل ساءت أحاول القلاب أكثر من ذلك إذ أن مسار ماء التبريد أصبحت به ثقوب تهرب الماء. بعد أن غلب حيلة من الذهاب للصناعية وتلحيمه ابتكر فكرة جديدة قيل فتح محمد خير اللديتر (تنك الماء) ووضع (سفة) تمباك عليه. أصبح بعد صب الماء تذهب حبيبات التمباك وتقفل الفتحات الصغيرة. فيمكث الماء فترة أطول حتى تذيب السخانة حبيبات التمباك ويعود هروب الماء من جديد. بالتالي في اليوم التالي يحتاج لسفة جديدة.
ومن سخرية أبناء الحي قال أحدهم أنه قلاب محمد خير أدمن التمباك إذا ما (خت) له سفة من الصباح يحلف ما يدور.😀😀😀
بعدها باع محمد خير القلاب واشترى تاكسي وغير مهنته وأصبح ضمن سائقي التاكسي في المدينة.


Post: #3
Title: Re: في بيتنا حرامي
Author: درديري كباشي
Date: 07-29-2018, 03:37 PM
Parent: #2

.