تضاريس الغياب الحاضر

تضاريس الغياب الحاضر


07-28-2018, 08:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1532764315&rn=0


Post: #1
Title: تضاريس الغياب الحاضر
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-28-2018, 08:51 AM

08:51 AM July, 28 2018 سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر
(1)
حرفا بعد حرف، يكتب الحضور مطلع الغياب بسطوة لا تألفها ابجدية التمنى ولا ترضح لإصرار حبر الرجاء
والأسماء أشجار قديمة لا تأذن للرياح بالجلوس قريبا منها كى لا تعكر صفو الإنتظار
يمتزج ماء الحضور بظمأ الغياب فينهض إسم جديد، إسم لا يصلح رداءا لجسد اللحظة الموبوء بالثقوب والأغنيات الوجلة، ربما ينفع ليكون جدارا يفصل بين رمق المسافة الصلبة ورهق المسير نحو الحلم، نحو حياة ثانية أو ثالثة كتبت فى سفر تكوين العطشى، من تسكن الصحراء فى اوردة آمالهم، حياة بشر بها غيم اخرق خارج من رحمة وعطف الخريفيختلط دمع الوقت الذى لا بكاء فيه مع دم مكان لا قلب له، بل اناب الحزن ليؤدى طقوس الخفقان الخائب، حتى لا تثور شرايين وتنتفض ضد قسوة الإشتهاء واستحالة الرجاء، اختلاط يؤسس لمعنى جديد فى قاموس الحضور وفى مدائح الغياب المنافقةنذهب فى قوافل الغياب، بقوافٍ لا تنتمى لقصائد الحضور، نسلك دروبا تحبس الخطوات رهائنا لديها حتى تذبل الأغنيات وتنطفئ الشمس نكاية فى ليل الغياب و س خ ري ة من نهار الحضورتسير القوافل صوب مدن لا تغضب الأيام فيها من مرتكبى هفوات وجودهم وآثام حضورهم، تسامح النوافذ فيها اطلالة وجوه العائدين ونزق غيابهم، ولا تفضح اسرار الحاضرين الذين تواطئوا مع حراس الأشواق ليلا على البوح سرا والبكاء جهراترى كم تبلغ حصة العاشق من حضور الأسى، من غياب النوم فى احلامه؟متى يصحو القمر من نومه الصخرى ليفتح للناس بوابة الأفق ليتعاطوا فيه معصية العتمة ؟كيف يشتعل الماء وهو يعانى سكرات العطش ؟متى يغادر الغياب؟ليؤوب الحضورفالهزيمة فعل انتصار إلا قليلا، والنشوة فى حقيقتها الأولى عبارة عن حزن متمرد لا يرضى بنقصان الفرح فى مؤونة الروحالحضور وهم متجسد، تحالف بين جسد مشتاق، وقت عطوف ومكان ولوف، وروح لا تمل التمنى والإصرار على التشبث بصخر البقاء الأولوالغياب فناء وفناءفناء يفترش الغرباء فيه تراب الوجل ويلتحفون الخيبة الصديقة، وغطائهم سماء ملطخة بالدعاء الأكثر خيبةوفناء لا شئ يولد من ارضه العقيمة سوى العدم

Post: #2
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-30-2018, 05:16 PM
Parent: #1

(2)

بماذا يحلم القمر حين ينام؟

حين يجلس الضوء على قارعة الليل وهو يشهر إسم الغياب
ويسكب حبره الأزرق على خد المساء المتواطئ مع حسد الحضور

أظنه يردد أنشودة عشق الصباح الذى لم يجده حين صحى
ويترنم بتراتيل صلوات المساء المحتشد بفراش الشفق

أخبرنا القادمون
من صقيع الغياب
عن نبوءة الأشجار
عن دفءٍ يأتى
من أشواق المدن القديمة
حاملاً نار القصائد
ورد الصيف
وظلال الأشعار
قال لا تخافوا
من مدّ كتاب عمره
تجاه القمر
فهو آمن
من شرب الآن
رحيق صبره
فهو آمن
من بات عاشقا
فوق لحاف جمره
فهو آمن
لا تخافوا


الغياب رفيق الشوق، والشوق فى أقصى كينونته، هو سليل غيم الحنين، هو ضجيج الروح سراً جهورا، أو علانية واجفة، طلبا لراحة لا تنال، يسمونها اللقيا، واللقيا فى أقصى تمردها على سطوة الجسد الروح، إعلان بصوت عال عن مطلق العشق، عشق من نحب وما نحب، إعلان لا يعلن عن ذاته، لكنه وهو فى كامل وعيه المضنى، ولا تسمعه سوى آذان القصيدة
القصيدة صباح العشق، ومساء الأشواق
هل نحن إلا العشق؟

هل ثمة فرق بين الشوق والإشتهاء؟
بين ما يكنب على لوح النداء، وما يسيل من رحيق الروح فوق أرض الأمنيات؟
كلاهما يكتبان إسم العشق ويكرسان معنى الإنسان

العشق أرض
والحرف مسافة
العشق دم
والحرف شريان
العشق درب
والحرف خطوة

خطوة لا تنتهى، بل تمارس السجود على أرض المنى، تقبل وجه المسافة، فينحاز الغناء لها يروى ظمأ المسير نحو ذرى لا تطالها العيون، ولا تلامسها الأقدام

والعشق فى أقصى قسوته
ليس سوى العودة الى عمق المكان، حين يفاجئك المكان بأنه قد باع مقعدك الوحيد للفراغ ووضع مكانه مسافة من شوق أو شوك من إشتهاء أو إبتغاء مقيم

القمر حارس الحلم
فحين ينفض سامر الصحو لا يبق سوى قمر يدخن لفافات السهر وهو متكئ على بقية أمنية رحلت دون وعد بالفرح

الشوق سليل الشمس، لذا فهو ضوء لا ينتهى

اذن فليورق الضوء وينمو، ولتضئ الأكوان بأنوار ملونة
تستوطن الحواشى والدواخل
وليمض الغياب سادرا فى غيه الطويل

والسلام عليك أيها القمر

Post: #3
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: صديق مهدى على
Date: 07-30-2018, 06:29 PM
Parent: #1

حباب ابو ذر جاب ليهو كلام لا معروف شعر ولا نثر المهم مقبولة منك يا
ابا ذر ربنا يحفظك من مصايب الدهر

Post: #4
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-30-2018, 07:14 PM
Parent: #3

تقول شنو عاد يا صديق

ياها دى مصائب الدهر القلتها ذاتها

شكرا على الدعاء

Post: #5
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-30-2018, 07:19 PM
Parent: #1

(3)

فى غمرة حضور ذلك الغياب المضنى
واينما داهم شوك الرجس المقيم فينا اقدامنا، وكلما غزتنا عتمة، تجدنا نعتمر خوذات الخيبة ونتحسر من جديد، كيف نسينا مصباحنا ببسطام ؟ 
فمن ذا الذى يهبنا دربا لا تدير الشمس وجهها عن ترابه المحموم، لأننا والحمد والشكر لإله التراب، لنا نصيب وافر من رهق الأيام يكفي مؤونة عامنا ويزيد، ولنا أكثر منه مما ورثنا من بخل الأحلام المضيئة بقمح مواسمها العجولة
وفى حضرة الحضور القديم، وفى جسارة معلنة، تصبح الوجوه مثل خريطة لا تستسيغ البوصلة أن تشير الى جهة الإبتسام فيها من شدة الخجل، ولا تقدر أن تجلس بين ملتقى خطوط عرضها التى ترسم وتحدد مسافات العناء التى يسمح للدم بالتحليق فوقها، وخطوط طولها النائمة على وسائد قطبي الغناء المتجلد فى لهاة النجم، كيف السبيل اذا لمحاورة الأفق أو حتى لسؤاله عن أحوال الصلصال بعد أن تركنا نارنا ببسطام؟
فيا زمان الوصل القديم، هب لنا من لدنك نارا وأرضا، نارا تضيئ باناشيد الليمون واهازيج الأعياد، وارضا لا يأتيها الشقاء من أمامها ولا من خلفها، ولا تجلس المسغبة فوق جلدها المصبوغ بأهات الحيارى ونزق الشعراء وأمنيات الموتى

Post: #6
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-31-2018, 09:49 AM
Parent: #1

(4)

يقول شيخنا محى الدين

محى الدين بن العربى قال يحدث عن الشوق والغياب

اما الشوق فهو من احكام المحبة والشوق هبوب القلب الي غائب 
وهو حجاب في الحال عن موافقة المحبوب 
فان مراد المحبوب في ذلك الوقت الفراق فالشائق غائب مفارق

الصحو حجاب عن الفناء فانه يعطي المعرفه والمعرفه تقتضي الادب 
والادب يقتضي الحكمة والحكمة لا تتقدم بصاحبها علي شئ لم يبلغ وقته
اعلم ايها المحب كائناً من كان ان الحجب بينك وبين محبوبك كائناً من كان 
ليست سوي مع الاشياء لا للاشياء كما يقول من لم يذق طعم الحقائق وانما وقف مع الاشياء لضعف الادراك وهو عدم النفوذ وهو المعبر عنه بالحجاب وهو عدم والعدم لا شئ ولا حجاب 
ولو كانت الحجب صحيحة لكان من احتجب عنك احتجبت عنه والعرف ما نذكره الا من كان الحق سمعه وبصره وهو الذي يعرف ما يعبر عنه بالحجاب

Post: #7
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-31-2018, 06:02 PM
Parent: #1

(5)

رسالة قديمة الى عبد الله جعفر
يجده بفرح

يا صديقى
أثر صغير على وسائد الذكرى، ورائحة نحيلة تنتبذ ركنا جميلا فى باحة التخيل
تخلق تجسيدا كبيرا وتشى دون وجل بأسماء الغائبين 

حمامة تضع بيضها أمام مدخل المحراب وتستأمن اللحظة عليه، لتخفى أثر الحضور عن أعين النسيان
عنكبوتة صبية تنسج بيتها لتؤنس وقار الصمت، فيستحى ضجيج الغياب
وتظل تلك الرائحة تمسك بشغف المكان، لتكرس الحضور

كيف لنا أن نسقط من سماء المحبة، أرضا تحتفى بوطء اقدام من نحب ؟
وماذا سيحل بكائنات الإلفة إن غطاها غبار المسافات الصلدة ؟
وماذا سيقول عنا الحبر إن نحن جفونا بِشر الصفحات، ونادتنا عيون القراطيس العطشى ؟
فالغياب يا صاحبى، عاصمة الجدب الأبدية، وعلى خصام سرمدى مع مطر الحضور 

نغيب أو نُغيّب، فنتحسس الدم فى أزقة القلب فنجده واجفا وخائفا، يكابد يباس الوحدة
ونمد الأكف لنلمس ورد الأغنيات، فيبتعد ليجلس على قارعة الندى ويدس لونه خلف ستائر الغتمة

ثم وحين تنتشى سنابل الحضور، ترتل العصافير أناشيد الحبور وترتدى الأماكن ثياب عيدها خضراء من غير سوء
وحين نتحسس الدم مجددا، نجده وقد أخذ هيئة الرحيق

نغنى على فرح لا يضام 
ونؤدى طقوس حضورنا
معطرة بعبق الأنس
مطعمة بياسمين السلام 

فكيف بعدها ينام الشوق 
والليل حقل تبشره الغيمات
بخصب الأيام 
كيف يغادر اللحن
حدائق الأنغام

الحضور ضوء
والغياب ظلمة
والشوق مصباح يضاء بزيت الرجاء

فلنتفيأ ظلال تلك الضفاف يا عبد الله
ولا شئ حولنا سوى "نيمات" صديقة تتزين ب "صفق" فيروزى البهاء، وأنسام رحيبة الشذى تتلفح بثياب من نسج أصابع الأملاك
ووجوه تكرس معانى الطيبة وتنفح العالمين روح الطيب 


الحضور آية الزمن الجميل يا عبد الله
الغياب آفة الفرح البخيل

فلنمتطى صهوة الأمل، براقا يعرج الى حيث سدرة منتهى اللقاء

وهناك ستوافينا أعياد الحياة

ونحيا

نحيا كثيرا ونحزن قليلا

Post: #8
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-01-2018, 08:31 AM
Parent: #1

(6)

ما أشد غربة هذا الطين الغريب ؟
نفس الطين القديم الذى عرفناه ذات ميلاد عرفنا تاريخ دخوله ولم يخبرونا بميقات خروجه

كنت اهمّ بإستدراج حياة أخرى تغوى بدورها صفوف الأيام وأرتال الأحلام
وأذكر احوال الغرباء اؤليك الذين أخبروك قالوا
"لسنا على عجلة من شأننا" 
فغاية الأعمار أن تخضر رؤوسها لتجذب قوافل الهواء الغريب، حبذا ذلك القادم من تخوم السماوات القريبة
ففى بعض احيان يحط على رباها وهو محمل برسائل من لدن الرابضين فوق متاهات الجنان والخالدين فى ظن التمنى

سلام أيها الطين الغريب

لطالما جلسنا على عتبات ذلك الشغف
تلك المرصوفة بأغنيات العائدين، المبعوثة شظى للعالمين، مغلفة بتذكارات لا رائحة فيها سوى ما نسيته أيدى الخريف
مزينة بضحكات يابسة لا تسر البائسين، جلسنا نكتب ما تيسر من ذكرى على وجه اللحظة
فتذكرنا الوقت ورمى الينا كل ما كان مدخرا لديه من ماء الأيام
قال اشربوا 
لا عطش اليوم ولا سقيا غدا

Post: #9
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: Abdalla Gaafar
Date: 08-02-2018, 11:05 AM
Parent: #8

الغياب
الي ابي امنة

هروب من اقصي القلب والعقل اليه.....
هروب من الارض الأم ... والهويات المزورة الإنتماء اليه .....
هروب من كل اشكال نفاق التواصل ..... والتحوصل في غبن الذات اليه.....
هو ذات السؤال الممتد من الصرخة الاولي وحتي الرحيل الاخير:
أي أرضِ هذه التي لا تمًكن ابناءها من وضع قلوبهم علي صدرها والبكاء بكامل حزنهم ؟.. ..الخرائط لم تعد وثيقة السفر لهويّة ...فكما الارض نسيت الخرائط كل ملامح خطوط طول النبض وخطوط عرض الجراح ..فاضحي الغياب واجباً.... فاوغلنا فيه بحثا عن كينونة الانسان .....وسر الوقوف المطمئن علي محطات العبور الي قلوب الاخرين...في سبيل الالتقاء بقلبِ أو وجهِ أليف....أو حتي عن خطوِ لعودة أخيرة!!
ثم ماذا بعد ياصديقي ؟
طال الغياب وقل الزاد من السنين والافراح.......ولازال البحث عن الملاذ الآمن محض احلام...مدن ومطارات لا يغشاها الفرح الخاص بالراحلين عبرها او اليها ..... ذكريات من ذكريات.... تتغير الاحلام والقلب واحد.... ذات الاحساس بغربة الروح...اين ما يولي القلب تراها...ذكريات (أيًن كانت) لا تسقطها الذاكرة أبداً رغم طول الغياب وبعد المسافات....
ها انت تهرب من احلام ابناء الغياب لتكتب عن احلام القمر ..حلا وسطا لاشكالية الفراق والوحدة...دهشة تأخذ مدمني السهر الي اقصي درجات الخيال ....فيهبون احلامهم غير المستردة لوجه القمر....
ياصديقي
ينام القمر فيحلم العاشقون وابناء الغياب به ...وينام العشاق وابناء الغياب فيحلم القمر بهم...سر تتبادله ارواح ابناء الغياب في لحظات الحنين والضعف الناجم من عبور الذكريات احيانا في ليال مقمرة...ياصديقي لا يحلم القمر الا باحلام مريديه ومدمني النظر اليه
ورغم ذلك لا يلعن العشاق لحظات الغياب لأنها تهبهم متعة الشوق الحارق..ومتعة نظم القصيد في الغزل وغناء البعاد والسهر ...(لولاها ماغنت البنيات ....الحبيب وين) .... هي من وهبها خضر بشير إيقاع صوته النيلي الفاره وغناها نيابة عن كل العاشقات..ياقسيم الريد...

عبد الله جعفر

Post: #10
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: Abdalla Gaafar
Date: 08-02-2018, 12:27 PM
Parent: #9

يا صديقي
مازلت توصينا بالنهر والقمر (تابو التعاويذ ضد فاجعة الغياب ) لان كلاهما كما ظننت (انت أو انا) يملكان حق النقض ضد قرارات رحيل عشاقهم الي الغياب...وهو ظن اثم ...فأنا ياصديقي خلعت قلبي عند باب النهر ومضيت دون أغنيات الي احلام مستحيلة .....ولا زلت كغيري من فقراء الفرح انتظر القمر في لحظات اكتماله بدرا كوجه فاطمة..لممارسة ما يمكن من ذكريات (قاسية كانت ام رحيمة)...
يا صديقي :

لأي غياب تستدرجنا لنكتب ؟
غياب اخترناه وفرضنا انفسنا عليه فادمناه
هذا غياب بحزن غير كامل...يمكن صعاليك الشعراء من احتراف غناء الثلث الاخير من الليل....حين تنعش قضايا النساء الاغنيات ذاكرتهم في لحظات المزاج الرايق ...
حين فاجأه الشوق لغناء فاطمة... كتب علي دفاتر غيابه الاخرق (تفاديا لعتاب القلب): كانت أروعهن علي الإطلاق.... بنية بطعم التفرد...قلبها البنفسج ..وخطوها الغناء...جاءت قبيل الحزن بموسمين وضحكة...توسدها قربانا لحلم لا يتحقق أبدا (فقط بسبب الغياب الذي اختاره)

أم غياب فرضناه علي الاخرين فحملنا ذنبه
عاتبتني عليه الايوبية (حين فاض بها الشوق والخوف) في مرافعة اتهامها ضدي حين قالت: ليست للقسمة دخل في هذا الحزن... أولا لأن الحال هو نتاج طبيعي لحاصل الجمع بين الروح والجسد وضربهما في معامل رحيلك الاختياري نحو المأساة ثانياً لأن حزنها لا يقبل القسمة إلا علي نفسه ليكون حالها هو ذات الحال.... حزن صحيح كامل...وغيابي صحيح كامل
لحظتها قالت فاطمة وهي تخفي بدايات حزنها خلف ضحكتها الهديل (وكانت مثل قمر 14 ) رقيق جدا هذا العتاب علي الغياب ....

أم غياب فرضه الاخرون علينا قسرا فاوغلنا فيه
وهو غياب يتحول فيه الوطن الي حقيبة ورحيل........تراجيديا الخوف من سقوط اسماء الاحباب من الذاكرة سهوا حين ياخذنا الغبن الي مدن غير اليفة....ومطارات تسرق منا السمرة والضحكة...هروبا من كل اشكال الانتماء ...
قالت فاطمة (وكانت ايضا مثل قمر 14) في محاولتها الجميلة لاخفاء شوقها اليه وتبرير غيابه القسري : هو رجل لا يصلح للعشق... واضافت..... وهي تقف علي الاحرف الخمسة بشفتين من كرز وحرير ...بتاتا...بتاتا......( العجيب انها لم تكن غاضبة) واردفت : فوضوي العشق تتقاطع فيه ... كل مدارات الغياب ودموعي فيبدو كقوس قزح... انيق الملامح والقلق وسريع الغياب....وضحكت بحزن .... وفضلت الانتظار...حتي غيبها الرحيل الأخير

أم الغياب الأخير والذي لا نملك له رداً أو هروب
ياصديقي .... عادة لا يتحلل المعانون من اثار هذا النوع من الغياب من ذنب الولوج إلي اقصي ذكرياتهم في لحظات السقوط في فخ الكتابة...وخاصة حين يجبرون علي ذلك....
لحظة يقع القلب فيها ضحية لخاطرة القدوم من الماضي الي الدفاتر مباشرة ....كتابة لا تصلح لقراء الذكريات في لحظات بحثهم عن ملاذ آمن ........لك كل مايهدي وودي كاملا ان حلت بيني وبين ممارستها جهرا (الكتابة ياصديقي).....فنحن يا صديقي ... برغم كل هذا وذاك ...لا زلنا نحتفظ سرا بقلمك نديا رغم انف الغياب ...ليستدعيه العارفون به حين يصير الغناء في حضرة العودة (يوما ما) واجبا...


Post: #11
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-02-2018, 10:35 PM
Parent: #9

يا عبد الله
تفجأنى وانا غيهب حضور غائب
وتفاجئ اللحظة بضوء يمعن فى تنكبه دروب عتمة صلدة
اتدرى يا صاحبى ماهية اقصى مكامن الغياب ؟

اقساها حين تقرع الريح باب حضورك الوجل، ويكون المكان مكتظا الغياب
غياب ما انزل الوقت به من سقيا تبتل بها عروق اللهفة وتهتز بها جذوع الشوق
غياب يكتب تاريخ الضياع على رقاع الوهن صحائف الوهم
ينحنى الحلم لا لينكسر، بل ليفسح وسادة الرجاء لملاك تائه، عله ينسى، ولو قليلا، بعضا من رائحة الالهة، وشيئا من طعم السماء

تعتريك حينها يا عبد الله حمى الامنيات الوطيدة ثم تكابد سكرات العشق
والحبيبة اقرب من مدخل الشهيف

ربما تتوكأ على نشيد الطاهر الابراهيم وتستنجد بنشيج ابراهيم الذرى

اختارو اساى و الالام
بعدك عنى و الايام
ثم

تقوم رفقة الاوجاع الى صلاتك الغائبة

Post: #12
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: Abdalla Gaafar
Date: 08-03-2018, 06:01 PM
Parent: #11


(الغياب هو ان تبحث عن صدي صوتك في ذاكرة الاخرين فلا تجده)

صديقي جدا .... الود اقصاه
هو الرحيل الصعب ولا حديث غيره
قرارا سيئ التوقيت... لكنها الحياة حمَلتنا ما لا طاقة لنا به فحملنا ما استطعنا من صبر التواجد في بلاد لا تهب الضحك الا في لحظات الوداع ...وذلك جراء سريان الذكريات عكسيا من القلب الي العقل..... حتي صار الرحيل فرض عين فاخترناه ملاذا (ليس بآمن) لهروب الروح والجسد
اتوكأ علي الذي اهديتني في لحظات احتفالك بي واحتفالي بك ايضا... كلمات أتوكأ عليهن واهش بها علي حزني خوف السقوط... هم الأصدقاء لا شيء يجمعهم سوي الالفة.....ولا اراهم الا في قول الطاهر ود الرواسي في رائعة الطيب صالح مريود(يا صاحب الجلال والجبروت عبدك المسكين الطاهر و دبلال يقف بين يديك خالي الجراب مقطع الأسباب ما عنده شيء يضعه في ميزان عدلك سوي المحبة)
طوي القلب كثيرا من حزنه في تلك اللحظات ..واستقام النبض لينسج علي إيقاع الكلمات الطيبة والودودة جدا حلما لزمان سيأتي (ربما) بلاأحزان.
هي ورطة الدخول الي اقصي القلب والخروج المتأخر جدا! ... تدري انها قضيتنا ضد الخوف وضلال العقل والقلب ... مذ كانت قضيتنا الحضور في مواسم تقاسمنا فيها الود والجهد والقلق والفقر والحزن والالم.... أو لنقل انها ورطة الخضوع لحاجة النفس الماسة لحلمِ بلونِ ابيض..... ورب فرح يوقظه الآتي من غياب
هوغياب جاء بعد أن سرقت بطاقات الراحة والهوية مني ومنك ومن آخرين في لحظات الانتماء القاسي لأرض لا تنبت إلامزيدا من الأحلام المستحيلة وكثيرا من الغبن..... انه الشعور المباغت بأننا لا شيء ...حين يستهلك العمر مقابل الخبز ...أو في أحسن الحالات مقابل البقاء
حين عدت يا صديقي لتلك الارض ...كنت اظنها العودة....لكن الحياة رسمتني علي جدران الشوارع والدفاتر لوحة من فرح فقيرِ وناقص ... إطارها القلق والحزن والالم ..... فكنت كفأرِ في بيت فقيرِ معدم....أو كماقالت البدوية: والله ما يقيم فيه إلا لحب الوطن......وهكذا دار الزمان وعدت لصرخة البدء بلا زاد يقيني شر الوقوف علي النبض للنهوض تجاه الغياب مرة اخري.
ياصديقي أعلم ان تلك الارض لا تغفر ذنب الغياب... رغم انها لم تعد تنبت خبزا !...ولم تعد ايضا صالحة لاستيعاب حزن ابنائها......
تلك ارض (ياصديقي) فضت بكارتها بعنف بالغ ..... فأصاب الجفاف احضانها حتي تهتكت ذاكرتها فهربت منها امومتها وضلت الطريق الي قلوب ابنائها وعاشقيها ....
تلك ارض سلبها سارقوها حق ان تغفر لبنيها غيابهم ...ولا حق لنا في ان نلومها ...فقد تستعيد ذاكرتها ذات يوم فتغفر لنا ذنب الهروب والغياب وذنب الحضور الاخرق ايضا
كسرة
غيابك طال...غنتها فاطمة حين ارهقها الحزن خوف سقوط العشق السر من ذاكرتها يوما.....وبرغم سطوة حضورها الانثوي الفاره كانت تخشي هروب ذاكرته في لحظات هروبها اليها... خوفاً من قسوة الفراق وقلة الحيلة في مواجهة صلف غيابه المتكرر...خطأها انها ظنت انه يملك ذاكرة حضوره فانتظرته .... وحين طال انتظارها كتبته علي دفتر احزانها (غيابك طال)

الغياب ياصديقي هو ان تبحث عن صدي صوتك في ذاكرة الاخرين (وخصوصا فاطمة) فلا تجده

عبد الله جعفر


Post: #13
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: Abdalla Gaafar
Date: 08-03-2018, 06:10 PM
Parent: #12


(أثر صغير علي وسائد الذكري ورائحة نحيلة تنتبذ ركنا جميلا في باحة التخيل تخلق تجسيدا كبيرا وتشي دون وجل باسماء الغائبين)

صديقي:
الود اقصاه ..... هي نافلة سبقتني بها...
اذن هي الذكريات حين يحاصرنا الخوف لحظة التفاتنا الي الوراء بعيدا بعيدا.....تعبرنا تفاصيلها الدقيقة كدخان من بخور مقدس..... نهابها عقلا ونستدرجها قلبا وكلاهما حزن...
لك كل ذاك العطر ان جئت الان....قالتها البنية البن ذات ضعفِ فاضح... واشهدت علي ذلك صعاليك العصافير وفقراء العشق وعاشقي الأغاني الهابطة...فكانت عودة سيئة التوقيت....أعقبها غياب ليس كمثله غياب ...
ياصديقي كعادة كل مطاليق اللغة والهائمين علي قلوبهم...تغني غناء الخائفين علي ذكرياتهم من الفساد ...
........
تظل مشدود
علي ضهر المسافة الفاصلة
بين الضحكة والشوق البهد الحيل
وما تقدر تفوت قدرك
مهاجر ديمة لا مات الحلم جواك
لا تعبن ضهور الخيل

ونحن لا نملك الا ان نكون حضورا في حضرة ماضيك (ذكريات وحنين محرم) ..في محاولة القلب الاخيرة لنفي تهمة الغياب.....

ياصديقي لك ولاحلامك المستحيلة كل ما يهدي ... الا الحزن....

عبدالله جعفر


Post: #14
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-04-2018, 10:20 AM
Parent: #13

وهل ثمة حضور غير الحزن يا عبد الله ؟

لعلك تذكر حين "ناغمتك" ذات اسى بالغ الحضور وقلت لك، وانا فى كامل حزنى
أننى وانا رفقة حلم يناوش إستحالة التحقق، كانت عصافير التمنى فى سالف حنينها
تمشط أجنحة الغروب بالغناء، كانت تغزل مناديل الجروف بهمساتها الملونة
وبالقرب منا، أيام تولد فى مهاجع الحصى قريبا من شفة النهر السفلى، تستقبل إبتسامة الغرقى ونواح العشاق
تسخر ممن أتوا طالبين مودة الماء القديمة

ويتسائل الطين فى قلق بيّن
من أين لها ذلك الثوب الموشى بحناء الفرح؟
فتجيبه أنه مما ادخرته عميقا فى مخيلة المساء وخزائن الرجاء

وأمنياتنا العصية تلك، تبلغ من العمر ما بين مولد الأغنية وموت الوردة
كانت شغوفة بالمطر وحكايات العائدين، وكان الوقت مستودع لأسرار الضوء

الضوء قنينة عطر عصى المنال
العطر وجهها
ووجهها الحياة

وما تزال العصافير يا عبد الله تكتب أسفار الخصب وترسم خرائط الحنين
الشمس سفينة بلا قلب وبوصلة والشعراء أشجار حزينة 

فكيف السبيل الى مواطن الإخضرار ؟

قات لى اقيف
مالك مكتف بالجروح ؟
مالك مهود فى السما
بين الغيوم طشت دروبك
مالا المداين عدمت الغنيه
وانت سارح بى سنينك
ساكن محطات النزوح
لا فيك فضل طعم العمر
ولا باقيه روح
قات لى اقيف
وقوم امرق
اتوكل على ريدك
مد فرحك قدر حلمك
واتمد فى الشجن الرحيب
واكتب فى الضياع اسمك
وباكر يمكن المطر الحبيب
يسقيكا من روحه ويعمك
يقدر يجيك 
يسمع أنين جرحك يعمك
وعلى الغريب
يمكن يحن قلب المسافات
يمد جناحينه ويضمك




Post: #15
Title: Re: تضاريس الغياب
Author: Abdalla Gaafar
Date: 08-05-2018, 09:49 AM
Parent: #14


ياصديقي
ها أنت قسرا تدعوني لاخرج للدفاتر عاريا ....لاكتب عليها شهادتي السرية .... ضد كل اشكال الصمت المؤلم .....(تري اهو الخوف من فقدان ذاكرتك في غد ما ؟)....... لعل ذلك يتيح لي مجالا للخروج من مأزق اتهامي ببمارسة الحزن المحرم في غير موسمه....أو كما قالت صديقتي قبيل موسم الجدب بنصف ضحكة ....تلك ياصديقي كانت البداية لرحيل النوارس من ذاكرة الضفاف بفعل الجفاف
ياصديقي
مازلت تغويني بالتشتت وفي القلب كثير من الارتياب وسوء الظن ...لانك لا تملك مفتاح الخاتمة وأنا ايضا لا أملكه....مغامرة اتجاوزها بالصمت ...وفي ذلك غفران لذنب الغواية .....
يا صديقي اروع الاحلام حلم لا يتحقق ابدا....نظل خلفه وفي انتظاره حتي النهاية.... واروع الحروف حروف بقيت بذاكرة اصحابها ولم تكتب بعد .....اتقنوا روعة ايقاعها وغادروا قبل اوان كتابتها.... واروع الغناء غناء الذكريات .... كتبه صعاليك العشاق تعبيرا عن سخطهم بفعل حاضر حزين
ياصديقي
لا سبيل الي افراغ الذاكرة من مخزون ذكرياتها باسم الغناء أو الكتابة.......لذا ستبقي الاوراق بيضاء من غير (......) يلوثها أو يضجر الغاوين من قراء الذكريات ومحبي هزائم الصمت......
انه الهروب يا صديقي من الاياب والي الغياب مباشرة دون المرور بمحطات تثير فينا قضايا العودة الي مرايا الذاكرة خوف بريق لا يهدأ ابدا....
ودي اقصاه
عبدالله جعفر