و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني

و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني


07-23-2018, 11:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1532384036&rn=14


Post: #1
Title: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-23-2018, 11:13 PM
Parent: #0

11:13 PM July, 23 2018

سودانيز اون لاين
محمد مدني-الرياض - السعودية
مكتبتى
رابط مختصر

ونسيتُ أنِّي ها هنا



أي رعبٍ أصابَ السِّنانَ التي لم تَنَمْ؟
أي ركضٍ بليدٍ عن الأغنية؟
ألأنَّ مقامَ الغناءِ
بكاءٌ
وبَسْطَ المراثي حُكاكٌ
على قيحِ دُمُّلةٍ
تحت إبْطِ الصنم؟
أم لأنَّ الذي "فَطَّهُ"
الموتُ في غفلةٍ
من بيادق "عِزْرا"
غفا واغتنمْ
عيبَ أنَّ الحياةَ له فرصةٌ
أنْ ينامَ الصغارُ
ويلهو الكبارُ
ولمّا ولمْ.
********
سهى الليلُ عن صبحه
فجرَ ذاكَ
فقد نامَ منتشياً
بالعَشاءِ الأخيرِ ولم ينتبه
للنشيدِ الذي لم يُتَمْ.
فاقَ مرثيتي الصبحُ ذاكَ
انتهاني
كما لم تبدأ الآلهة
انتشرتُ إذاً من هناك
بدا ما بدا
فالصغارُ ترانيمُ ما لم يُسَمْ.
سَمِّهِ
وليكن إبنَ أمٍ
حبا في السهولِ
انتقنته الجبالُ
ونادته بالأبجديةِ
"ها هو هيو ثم هَمْ"
والأهمْ
أن تعيشَ كما لم أمُتْ
أن تُنَفِّضَ كفّاكَ حنّاءَ ما رُمْتَهُ
من زواجِ التي بالذي
ثُم نَمْ.
لم أنَمْ.
والذي لم يكن بيننا
- نا هنا ليس أنتَ ووهمي-
أنا، ياابن أمي مدىً مرتجَل
وأنتَ أجَل،
يختمُ المبتدأ
كي يجيءَ الخبر.
********
لا الأغنياتُ أهازيجُ أمّي
ولا تلكَ كانت
أناشيدَ والدِنا حين هَم.
وأنا
لا أُحِبُ الشهادةَ لي،
لا لكُم
أبناءَ أمّي
ولكنَّني مثل أم.
إذ يراها الصغارُ كأيقونةٍ
لا تُمَسْ
وتراهم
كما لم يرَ الربُّ أخلافه في الأمم.
فَلْتُقَمْ
جادّةُ الدّربِ يا إخوتي
من تراب الحقيقة
- حيثُ اتَّكأتم -
ولأضُمْ
بُعَيْضَ حروفي
لِما لَمْ يُخَطُّ
هنا
بين ذيلِ الحياةِ
وبين المَثَمْ.
ولْنَنَمْ.
********
كما انتصر السكوتُ
على التَنطُّع باسم من سمَكَ السماءَ
سَلَكْتَ سِكَّتَكَ السراطَ
ولم تَحِدْ
قَطْ
لم تُخَطِّط للمآب.
كفٌّ لحِنّاءِ العروسِ
وكفُّكَ الأخرى لهندسة الخراب.
أيلول أم آذارُ
- يا لرطانتي -
مايو؟ وأيُّ النكبتين
- بلا رطانةَ -
أسْلَمَتْكَ إلى السراب؟
فَوِّضْ إليكَ الأمْرَ
سَرْنِم
فالكلامُ، إليكَ/منكَ بِذْرَتُه
وفاتحة الكتاب.
ها قد فُضَّ فوكَ الآن
فَضْفِض،
كُن نبياً خائباً
فالترابُ، كما حَفِظْتَ، يعود إلى التراب.
إذنُ مَنْ أحتاج، كي أبكيهما
ولمَ انكفأتُ على نشيجٍ
يسأل الأبناءُ عن:
ماذا الذي، أبتاه
يُضْنيكَ؟
إنفَتِحْ نحو الحياةِ
هناك يأتيك الجواب.
أو ذي الحياةُ؟
لم يكن في خاطري
أنَّ الحياةَ كذا
لَمْ أسأل الآباءَ عن:
كيف انتبذتم ركنكم
حين امتُحِنْتُم في البنين
وفي مآلاتِ الخطاب؟
أنا ما طلبتُ من المَجاهل
أن تُخاتلَ في الزمانِ
ولا سعيتُ إلى النوافذ
حين لم يسْعِفْني باب
ما كل آتٍ دائماً
سيقود، بالنيات، للفعل الصواب.
سأسدُّه أفقاً
إذا ظل "النعيمُ" كذا
وإلى الجحيم سأنتمي
إذ لا يزاحمني السعاةُ
إلى الأرائك
والثواب.


محمد مدني
اسطنبول 19/8/2017

Post: #2
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-23-2018, 11:30 PM
Parent: #1

Quote: ألأنَّ مقامَ الغناءِ
بكاءٌ
وبَسْطَ المراثي حُكاكٌ
بشيشك علينا يا شاعر الأوجاع من الأوجاع!
Quote: لا الأغنياتُ أهازيجُ أمّي
ولا تلكَ كانت
أناشيدَ والدِنا حين هَم.
وأنا
لا أُحِبُ الشهادةَ لي،
لا لكُم
أبناءَ أمّي

يا لكم تعرف كيف تجعلنا نبكي
ولكم لا نحسن الشكر عبر الدموع!

Post: #3
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-23-2018, 11:53 PM
Parent: #2

Quote: يا لكم تعرف كيف تجعلنا نبكي
ولكم لا نحسن الشكر عبر الدموع!



"لا بكاء على نجمةٍ
أو صديقٍ من الحقبة السالفة
لا يُحَدِّدُ في شعرهِ
بالصريح وباللّهجةِ "الناشفة"
أنَّ الكتابةَ والمرأةَ/العاطفة
في زمان البضاعة والسلعة التالفة
مادةٌ ناسِفة"


هاشم يا جميل "هكذا سأكون متواصلاً" على رأي خدني عادل عبد الرحمن

Post: #4
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: سيف النصر محي الدين
Date: 07-24-2018, 02:35 AM
Parent: #3

ولا سعيت الى النوافذ ..حين لم يسعفني باب.
————
قلة هم الذين يصمدون امام اغراء النوافذ يا مولانا محمد مدني.
لك التحية.

Post: #5
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: عبدالحفيظ ابوسن
Date: 07-24-2018, 05:21 AM
Parent: #4

لازلت كما انت منكبا علي الدرب تمشي
لَمْ أسأل الآباءَ عن:
كيف انتبذتم ركنكم
حين امتُحِنْتُم في البنين
وفي مآلاتِ الخطاب؟
أنا ما طلبتُ من المَجاهل
أن تُخاتلَ في الزمانِ
ولا سعيتُ إلى النوافذ
حين لم يسْعِفْني باب
ما كل آتٍ دائماً
سيقود، بالنيات، للفعل الصواب.

Post: #8
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-24-2018, 02:30 PM
Parent: #4

سلام يا سيف
وما تنسى في ناس بيكابسو "الطاقة"

Post: #9
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-24-2018, 02:33 PM
Parent: #8

سلمت يا أبو سن
قد يكون ذلك لأني كلما رفعت رأسي وجدتكم أمامي فأحاول اللحاق بكم.

مودتي

Post: #6
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Osman M Salih
Date: 07-24-2018, 06:14 AM
Parent: #1

اخونا الشاعر محمد مدني

لايجادل احد في شاعريتك المتدفقة كالنافورة عذبة الماء ولكن ثمة شيء اعترض " حلق" قراءتي لهذه القصيدة شيء اشبه كالشوكة المختبئة في تلافيف لحم السمك. ثمة مشكلة في اللغة الشواهد عليها وافرة ينبغي معالجتها بمراجعة العمل والتدقيق عند اعادة كتابته.
ولك التحية من قبل ومن بعد
عثمان

Post: #7
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Yousuf Taha
Date: 07-24-2018, 08:56 AM
Parent: #6

لا الأغنياتُ أهازيجُ أمّي
ولا تلكَ كانت
أناشيدَ والدِنا حين هَم.
وأنا
لا أُحِبُ الشهادةَ لي،
لا لكُم
أبناءَ أمّي
ولكنَّني مثل أم.
إذ يراها الصغارُ كأيقونةٍ
لا تُمَسْ
وتراهم
كما لم يرَ الربُّ أخلافه في الأمم.
فَلْتُقَمْ
جادّةُ الدّربِ يا إخوتي
من تراب الحقيقة
- حيثُ اتَّكأتم -



(May Allah rest Martyrs Ammar and Hakim souls in eternal peace)


Post: #11
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-24-2018, 02:52 PM
Parent: #7

اللهم آمين

تقبل الله دعاءك أخي يوسف وسدَّد خطاك
تحياتي للأهل جميعاً

Post: #10
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-24-2018, 02:44 PM
Parent: #6

تحية طيبة أخي عثمان محمد صالح لا أعمِّم ولا أتحدث عن غيري ولكن واحداً من أهم مقاصدي من نشر أشعاري أن أُحْظى بقراءة تُنتِج مثل ملاحظتك هذه كما أن الأكثر فائدةً لي، كشاعر، ولكل من يقرأ هذا العمل أو غيره أن تأتي القراءة تفصيلية ومُشيرة إلى مظانها. شكراً لك أخي عثمان وأتمنى أن يتسع وقتك للإشارة إلى تلك الشواهد ومعالجاتها وصدقني سأكون أكثر سعادةً لو وصلتُ معك أو أي قارئ إلى طريقة تخرج الأشواك من لحم السمك.مودتي

Post: #12
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: عبدالعظيم عثمان
Date: 07-24-2018, 03:13 PM
Parent: #6

كبر بهناك وبي جاي صاحب الكتابات المعسمة!!
شوكة شنو فيةحلقومك ياهذا.. انت ياخ ايةسطر تكتبه عاوز جالون من زيت النعام الخالص لفك التعسيمة..


Post: #13
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-24-2018, 03:34 PM
Parent: #12

سلام يا عبد العظيم

الكتابة هي تعامل في، مع وبـاللغة ولأنها - أي اللغة - بنحوها وصرفها وفقهها وما إلى ذلك عالم مترامي الأطراف
لا يتوفر لفردٍ ، في اعتقادي، الإحاطة الكاملة به، فالأخطاء والثغرات توجد في كثير من أمهات الكتب.
والكاتب، مبدعاً كان أو أكاديمياً أو حرفياً كلما استفاد من نقاده كلما أجاد وجوَّد كتابته، وأنا أعرف أني لم ألم بإقليم
واحدٍ من عالم اللغة ذاك حتى الآن ولذا ما أحوجني للنقد والقراءة الفاحصة.

مودتي لك يا صديقي

Post: #14
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-25-2018, 05:08 AM
Parent: #13

منقــــول: من منتديات ودمدني الحرة wad-madani.com

كتب الشاعر محمد جميل
في قراءه نقديه لديوان الشاعر محمد مدني

قراءة في ديوان (نافذة لاتغري الشمس) للشاعر محمد مدني / محمد جميل

إلى أي مدى يرتقي تأويل الشعر في معنى النبوءة ، وهو يبحث عن صوته الخاص بين حقول التجريب ، وجوديا ولغويا، في مسار يمنح الشاعر القدرة على الفكاك من حصار المأزق . تلك التي تترس حدود التجربة الشعرية ، بحيث يكون وجوده في الشعر جزءاً من الحياة لا موازيا لها كما يرى أدونيس مثلا ؟. وبصورة يكون البحث فيها عن الشعر تقطيرا للوجود يستحق التجريب ويرخص صلابة الحياة وتخومها القاسية ليجسر فواصل الرؤيا في حدود الزمان والمكان على نحو ما أقدم في ضرب من ذلك الشاعر الفرنسي الكبير رامبو؟

ربما كان الشاعر السوداني – الإريتري الصديق / محمد مدني يقترح مجازا للتجربة الشعرية قياسا على مجاز النبوءة بكلمة لا تخفي تلك الدلالة في قاموسها الديني . وكأنه بتلك الكلمة يحيل مقاربة الشعر إلى مقاربة المطلق . في ظهر الغلاف الأخير لديوانه (نافذة لا تغري الشمس) الصادر عن المكتبة الأكاديمية بالخرطوم في العام 2000 حيث يقول :

دثروني ... فالكلام البكر جاء

ها أنا أركض نحوي

فالعمى شارة صحوي

بهذه العبارات المكثفة والمختصرة يفتش محمد مدني عن المعنى البكر في غاية الكلام . ويدخل في الغياب بطقوس إستعارية تلتبس المطلق في البحث عن الإبداع . على نحو يعادل العدم بالحياة في موازاة لحظة الكشف:

هزت الدهشة أركان سكوني

ضاع موتي

وإذا كان الشعر عادة إختراقا للزمن ينفذ من الكلام المدور فيه إلى الثابت والمطلق في خطوطه الأبدية ، فإن اللحظة التي تواقع فيض الشعر وتؤرخ ميلاده في العالم هي إنطفاء في الذات يقلب الوعي ، ويفجر ما كمن منه وفق علامات الحضور والغياب في شرط الإبداع . ومن هنا يكون العمى في الخارج هو شارة الصحو في الداخل.إذ أن الشعور بالعالم هنا شعور منفصل عن الزمن ، في نفس الوقت الذي يؤرخ فيه الزمن ميلاد النص . فالشعر فناء في الغياب يكتشف بقاء صورة العالم في الكلمات التي تنسجها روح الشاعر.

ولكن المقطع الذي ذكرناه آنفا ، والذي جاء في تضاعيف نص متأخر نسبيا عن تاريخ أو قصيدة في الديوان ، يزايل التناص المعنوي الذي يوحي به في القياس على مجاز النبوءة من خلال كلمة (دثروني) بصورة مباشرة مما لا يعني دهشة البداية بقدر ما يعني أن الشعر هو بدايات دائمة بما لا يقاس عليها . أى إستحالة تماثل منتوج اللحظة الشعرية بما هي بصمة إبداعية خاصة في التجربة الشعرية المتجددة . على أن الشاعر ربما قصد من ذلك التناص تصعيد ما يصدر عنه الشعر من منافذ الباطن بموازاة الغيب . أى موازاة الإلهام والوحي، وما يرشح عن ذلك من الرؤيا والمعرفة في حدود ربما لا تتعدى المشاكلة اللفظية للكلمة.

أول مايلفت القارئ في الديوان المساحات المتعادلة للبياض والسواد كجزء من كتابة الديوان تتهندس فيها الحروف والكلمات بصورة كانها تعين على قراءة أكثر دقة من خلال علامات الكتابة والترقيم (وهو تخطيط تركه الشاعر لصديقه الشاعر السوداني عاطف خيري) بطريقة تضفي حوارا صامتا بالإضافة إلى تلك النبرة الكتابية المضبوطة، ويكشف ديوان الذي ينطوي ثلثاه على قصائد مؤرخة قبل 25 عاما أو أكثر(1977-1980) بينما كتب الثلث الأخير ما بين العامين (1980-1987) عن أسلوب جمالي إستقر به الشاعر منذ اللحظة الأولى على كتابة شذبت الكثير من أعشاب البلاغة الشعرية الضارة ، وكأن الشاعر أراد بإصدار الديوان في عام 2000 أن يستعيد (صورة الفنان في صباه) على نحو ما . بل يمكننا القول- بشئ من الحسد- كيف أفلت صوته الشعري طوال تلك الفترة من طبول اليسار(وهو المنحاز سياسيا) إلى التكثيف والترميز المضفور بغنائية دوزنها إيقاع مضبوط : وهي فترة جرت فيها مياه غزيرة حول وظيفة الشعر والأيدلوجيا أو صوت الشاعر وصوت الحزب . بحيث نجزم أن القصائد ما بين العامين (1977-1980) تبدو أكثر بصرا بقلق الشعر في تشكيل رؤية تحتقن بالإبداع في حوار الشاعر مع العالم بصوته الفرد وضميره المعذب . حتى يبدو لنا لأول وهلة أن هناك قلبا في ترتيب تواريخ القصائد (وهي لحسن الحظ كلها مؤرخة) .

يقول الشاعر من قصيدة ( شهرزاد والمقصود).

تنكرني الحروف

تلسعني سياطها المائية الرنين

تنسج لي من خطوها معاطف النكاية

فهو منذ البداية يستمر مع أفعال المضارعة في إحتمالات تهجر اليقين بثقة الكلمات المتخاتلة ، ويؤسس نصه بحثا عن (مرابط الأفراس) . وربما كان هذا هو السبب في أن يكون الديوان بـ17 قصيدة فقط خلال ربع قرن من الزمان . ويحذف الشاعر أو يحتفظ بالكثير لنفسه . والقارئ في نصوص محمد مدني يقع على شعر مشغول بعناية ويتحرك في مساحة تعبيرية تبدأ بهواجس النضال ولا تنتهي في الهوية الناقصة ، والحب الملتبس وهجاء العالم . وهي ميادين خطابية بإمتياز ، لكن الشاعرينتصر في الكثير منها للنص . أى أن القصيدة تثري فضائها الذي تندغم فيه تيمات إبداعية تفتح منافذ النص على الإيحاء والمخاتلة والنشيد. يقول الشاعر من قصيدة (صورة الحديد) التي أهداها للشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف :

طالعا من ظلام الحديد

إلى عمق هذا الخراب المديد

إكتفيت بقنبلتين رقشتهما فوق كمي

كي ألتقي بالفتاة التي ضيعتني .

فطريق النضال بحثا عن الحب الملتبس بالهوية الناقصة ، هو صورة تترك هامشا للمعنى الذي يلتبس أيضا في صرف الدلالة المتعينة للنص . وهو أمر يظاهر الإبداع في الكتابة الشعرية على نفس لا تقطعه مطبات التمدد الذهني . بل المعنى يرقى في تداعياته ليتوحد في شتى صور الدلالة . لذلك يكون البحث عن الحب ، بحثا عن الوطن المفقود . ولكن التعبير هنا ينطوي على مغامرة عدمية يعرف الشاعرطبيعتها ويقلب تأويل المعنى المعهود ليكشف عن فظاعة الدرب وتخومه الممددة في الخراب ، فيبحث عن الحب برغم القنبلتين اللتين لا تكفيان لإصلاح العالم !.

على أن هناك معنى أكثر حضورا ، فصورة الخراب التي تستدعي معان تتجاوز موضوعة الحرب تنطوي على اليأس الذي هو السبب الحقيقي ( كما سنرى ذلك فيما بعد) للخروج من الظلام إلى الخراب . وعلى رغم صورة الموندراما المتداعية من إسم الفاعل ( طالعا) بظلها الملحمي والبطولي ، فإن الخروج الحقيقي هو الخروج إلى الحياة والحب . ونصوص الشاعر محمد مدني على مدار الديوان تحتفظ بغنائية تضمد الجراح بغناء يتجاوز إختلاس الفرح لتمجيد الحزن أيضا والعزاء على النكسات والخيبات في حياة توزعت عذاباتها بقدر غلاب دهس أمنيات الشاعر، فيخرج صوته أحيانا عن حدود الغناء الشفيف إلى نبرة خطابية أشبه بالوصايا :

من لنا غيرنا يا يسار

من لنا غير أن نحتمي بالجدار

وتجربة النضال تحضر في شعره إنعكاسا لحياة تسقط خطوطها المتقابلة ، لكن هذا الحضور يوشك أن يؤشر على تعرجات بيانية لشعرية النص ( وهذا لا يعني عوز الشاعر عن النسج الفني بقدر ما يحيل على الفروق النسبية لجمالية النص) . فالقصيدة في شعره تحوي بنية متعرجة لا تكف عن كشف هويتها بين الغناء والغناء/ النواح :

دعونا نغني

وهل قرب قاع القصيدة

غير نواح

هذا التقابل في دلالة الصوت الواحد يتحول إلى مجاز منسجم في ثنائية طبعت شعره بحيث يتجاوز الهتاف والهمس ، والحزن والفرح والأنا والآخر في القصيدة .

وتاتي الهوية الناقصة في شعر محمد مدني دون إشارة خطابية متعينة ، إذ يكفي الترميز عن الإفصاح الذي يقتل المعنى ، بل تأتي في المكان والأنثى ربما للشعور بكيان واحد يستقطب هويتين للشاعرمن غير تناقض في شعره بينما الأمرليس كذلك في الخارج . ومن هنا يأتي المكان تعويضا عن الجزء الملتبس والناقص من صورة الهوية وصورة الأنثى (تتقمصني بالعشق عدوليس)." مرفأ إريتري قديم" ، وكذلك تتقمص الأنثى وشم الهوية حين يكتب محمد مدني (النشيد الصامت لسيلاس) ليترك إسم الأنثى في أعلى القصيدة ، ويوغل في سفر الفصول الأربعة بحثا عن (سيلاس) التي يقاتل ظل قاتلها ، أو بالأحرى مغتصبها ، دون جدوى ، لذلك يكتفي بالنداء العاثر :

يا أنت

يا فرحي الأسير



ثمة إستعارة لخطاب ديني مقلوب . أو مصروفا عن دلالته في نصوص محمد مدني ناشئ إبتداءُ من منابت دينية (إذ أن والده من شيوخ الطريقة الختمية ومن عائلة (عد معلم) التي إشتغل تاريخها بالتدين )، لذا لا تنفصم ذاكرته عن إستعادة ما لعبارات من بلاغة الخطاب الديني ذات توظيف متمرد يذهب بالنقل إلى سياق مختلف عن دلالاته واحيانا مناقض له :

أف لأمي ألف أف للجميع

...أبي ، أولو الأمر...

أو حين يقول في لهفة إيروسية :

هزي بجزعك إنني

أشتاق أن ألقاك في وهج الجسد

................................................

إنما الأعمال بالنيات/ هاكم صفقوا

بيتنا الحلم عيناها

ونافذة صغيرة

تلك حجتنا الأخيرة .

ويستخدم محمد مدني صيغا خاملة للتنوين تعين عليها عامية سودانية فصيحة ، وهي ظاهرة تظهر أيضا في نصوص بعض الشعراء (عاطف خيري- الطيب بربر) مثل قوله :

لا لكل اليشبهوك من بيوت

وبنات وبلاد

......................

يا أيها الموت يا أيها الصرت منا

ويوثق الشاعر لرفقة النضال بوفاء في نصوص كتب بعضها في ميدان المعركة وفي ظروف لامست جراحات خاصة في تجربة الفصائل الإريترية المتقاتلة ، إلا أن نصه الرؤيوي (أغنية لأطفال آر) إريتريا بالرغم من تاريخه المبكر 1978 يخترق رؤية تنبؤية للمستقبل تتعدد فيه الأصوات على طريقة محمود درويش في الحوار والحركة والتصوير. يتحاور الطفال وهم يلعبون لعبة الحرب :

بيم ...بوم ...باك

- أنا حامد

- أنا دبروم

- ألم مسفن

- وسعدية

والرؤيا تأتي في النص من شقاء عميق بواقع النضال وإحباطاته ، لذلك فهي تنفذ ببصيرة الشاعر إلى المستقبل ، وتحيل على معنى إنساني يتجاوز الفرز الديني والعرقي الذي كان يؤجج تلك الصراعات الأهلية بين الثوار الإريتريين ونلاحظ ذلك في أسماء الأطفال التي يوظفها الشاعر وفق رؤيته الإنسانية .

ويستمر الحوار بين الأطفال حول تيمة القيادة التي كانت تغذي تلك الصراعات :

- كن القائد

- لماذا فلتكن أنت ؟

- تريث أننا تلعب

- فإن زمانهم بائد

- لأن زمانهم بائد

سأرفض منصب القائد

هكذا يبحث النص عن الخلاص في بدايات تخلق في زمان جديد وأجيال أخرى بعيدا عن الواقع الأليم الذي لا مكان فيه لعشاق حبيبته الأسيرة ، لا في الحياة ولا في الممات سوى في ذات الشاعرالواقعة في المنزلة بين المنزلتين ، فهو واقع يعبرعن حاجة الشاعرللغناء والنواح تحت ظل قبر مفتوح يحمله بإستمرا:

للعشق والعشاق مرثيتي وأغنيتي

لقبر فوق ظهري يبتدرني

كلما أزف الستار

هكذا نعى محمد مدني تجربة النضال العاثر دون أن يدري ربما كان ينعي نفسه . وحين صرح محمد مدني عن سعدي يوسف كان محمود درويش هو الغائب الحاضر في الديوان ، بجامع الإحساس الشديد بالهوية الناقصة فضلا عن الغنائية الجياشة . وضفر مفردات الحياة في موضوعة مركزية واحدة ، والنفس الملحمي للنصوص، والتضمين والتجريب . هو إشتراك يحيل على تناص شكل في كل من التجربتين تاريخا جماليا للنضال صنعته هوية ناقصة .
محمد جميل محمد

http://www.wad-madani.com/vb/showthread.php؟p=6954http://www.wad-madani.com/vb/showthread.php؟p=6954

Post: #15
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Kabar
Date: 07-25-2018, 05:35 AM


ول ابا هاشم الحسن..حبابك يا صديقي

اعلان (الحردة/التعريدة) تلك ، جعلتني اكتشف فكرة في ذاتي غريبة وعجيبة وهو ان يكون البدوي (حنكوشا)..!..فالبحث عن اجواء نقية للتفاعل هي عندي حنكشة ما كان لي ان انشدها ، والأهم انها (أي تلك الحنكشة العجيبة) خيانة لمحمد مدني ومن يقرأون (نساءا ورجالا) محمد مدني ، فالزول ده في كل تجربتو الوجودية لم (يتحكنش قط) ويسأل عن اجواء نقية ليكتب شهادته/المأساة/الخيبة/ الأمل/الفرح..وانما كان يستوعب كل تصاريف الزمان ويتجاوزها بطريقته الخاصة..!

سأكتب تفاعلي مع قصائد محمد مدني ، وهو اضعف الإيمان في الوقوف امام تجربة كبيرة..

كبر

Post: #17
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Kabar
Date: 07-25-2018, 05:48 AM
Parent: #15



مداخل/مفاتيح للتفاعل مع النص:


كثيرا ما اضحك وامد لساني (مكاواة) لصاحبنا رولان بارت ، ولكني حينما اعود واثوب لرشدي اجد ان رولان بارت هو من يمد لسانه (مكاواة) لي ، وانه هو من يملك ان يضحك كثيرا..!

لرولان بارت مقولة صارت مفتاح مهم للتفاعل مع النص ، وهي مقولته الشهيرة (موت الكاتب ، حياة القارئ ) ، والتي يشار الى جزءها الأول (موت الكاتب) والمقولة تعني سلطة مطلقة للقارئ في التفاعل مع النص ، أي ان يتم سحب الكاتب من المشهد ، ويترك النص مطلوقا (بلا سيد/تقرأ تجربة الكاتب ، مكابداته في الحياة ، اسباب كتابة النص..الخ)..فهنا النص يكون كقطع الشطرنج في يد القارئ يحركها كما يشاء ، يعيد تركيبها كما يشاء ، وبالتالي يختلق المعاني التي تروق له..!

تلك طريقة جيدة للثقافات التي نشأت فيها ، اما نقلها ومحاولة تطبيقها في ثقافات اخرى تحتاج بعض الحذر..

مثلا..
في هذا النص الذي بين ايدينا (ونسيت اني ها هنا-محمد مدني) هل نقف فقط امام النص ونرمي بتجربة الشاعر الذاتية والإنسانية والوجودية عرض الحائط ونتفاعل مع النص بصورة محايدة جامدة باردة؟..ام الضرورة تحتم ان نستصحب بعض العلامات والإشارات والوقائع حتى نتمكن من التفاعل مع النص معني وتذوق وتصاوير وجمال؟

سأختار الخيار الثاني..لأنه من الصعب ان تقرأ نصوص محمد مدني دون الحواشي والمؤثرات التي ساهمت في انتاج مثل تلك النصوص..لذلك اقترح هذه المداخل كمرحلة مؤقت
للتفاعل مع هذا النص ، بغية تهذيبها وتشذيبها وتطويرها اكثر لقراءات اخرى تخص نصوص محمد مدني..!

سبب ضحكي على رولان بارت ، ان ثورة تكنولوجيا التواصل ، اتاحت لنا ان نكون مع الكاتب وجه لوجه ، وانه قريب ويتفاعل مع القارئ بصورة مباشرة وفورية..مما يلجم القارئ من الشطح في الخيال..

كبر

Post: #18
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Kabar
Date: 07-25-2018, 05:58 AM
Parent: #17


(1)

في العنوان: ونسيت اني ها هنا ..

الواو هي واو الحال ، (الهاء) للتقريب ، (هنا) ظرف مكان يفيد الإشارة الى المكان القريب..

فأين (الهنا) المكان القريب الذي نسى الشاعر انه فيه؟

كبر

Post: #19
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Kabar
Date: 07-25-2018, 06:00 AM
Parent: #18

(2)

مجمل القصيدة هي رثاء..وهنا يجب ان نفر ق بين الرثاء التقليدي الذي يتوقف في ذكر المحاسن للموتي من البشر ، وبين الرثاء العابر للتقليدي الذي يكون للبشر والحال (الخيبة) والفكرة (التي انكسرت) ، والثورة التي تأكل بنيها..!

هذه المعاني نستخلصها من اشارات من تجربة محمد مدني الذاتية (كأنسان/كبشر) وتجربة محمد مدني الوجودية (الثورة ، النضال ، حرب الإستقلال ، انكسار الفكرة بعد النصر وتحولها الى اشياء بعيدة عن امال النضال وعنفوانه..الخ)..

المقطع الأول يقوم على التساؤل الذي نفهمه من استخدام ادوات السؤال (أي ، ألأن)..والتساؤل استفهامي تعجبي ، لأن السائل يعرف الحال جيدا ، ولكنه يستغرب . التصاوير مركبة ، تساؤل استفهامي تعجبي عن (الرعب الذي اصاب السنان ، الركض بعيدا عن الأغنية) والسنان هي نصال الرماح (السلاح ، ادوات النضال الشاق..الخ) ، والأغنية ليست هي الأغنية العادية ، هي الثورة..!

الصورة الأولى مفادها: أي رعب أو خوف عظيم اصاب السنان (ادوات النضال) الساهرة التي كابدت الى ان نالت مرامها ، فماذا دهاها وهي تتوجه نحو حامليها (الثورة التي تأكل بنيها)..والركض عن الأغنية ، أي مفارقة نهج المبادئ التي قامت عليها الثورة مثلا الكلام عن العدل والمساواة واحترام الجميع وبعد النصر تعود الثورة تمارس نهج سابقيها ممن كانت تحاربهم وتقاتلهم..!..والسنان ليس بالضرورة ان تكون السلاح ، وانما الإشارة هنا لمن كان يحمل السلاح (اهل الثورة)

الصورة الثانية مفادها: محاولة تفسير حال (الرعب ، والركض بعيدا عن الأغنية)..فهل كل هذا بسبب ان الغناء تحول الى بكأء؟..وان صوت المراثي اصبح مزعجا (للصنم/السلطان)؟
صورة الإزعاج تلك هي التي رسمها محمد مدني بقوله (بسط المراثي حكاك على قيح دملة تحت ابط الصنم)..!

نواصل التفاعل مع النص..

كبر

Post: #25
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-25-2018, 03:32 PM
Parent: #19

سلام عليك يا كبر ويا سلام عليك

أن يقرأ شاعرٌ قراءةَ قارئيه لكتابته، كيفما جاءت تلك القراءة، فإن ذلك من ما يبقي جذوة الإبداع متقدةً فيه، في الأقل عندي شخصياً
لذا تجدني منشرحاً لتشريحك للمنشور، مغتبطاً به، تما ماً كما اغتبطت لملاحظة الأخ عثمان محمد صالح والتي آمل أن يتعمق فيها
ففي ذلك، فوق ما ذكرتُ، ضبطٌ لعملية الإرسال والتلقي بما يجعلها تفاعلية ويمنح الأعمال الإبداعيةً حريةً أوسع.
شكراً جميلاً، وطبعاً لن تنتظروا مني رداً بل تعقيبات، ما لم ننخرط في تعريفاتٍ أو مفاهيم أو نحو ذلك.

Post: #21
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-25-2018, 06:03 AM
Parent: #17

مرحبا بأبي الأنوار وعودا حميدا،
وكأننا كنا نكتب في نفس الوقت ياكبر..
ويا لمصادفة أن يكون مدخلك إلى هذه المناولة القارئة هو مقولة رولان بارت
Quote: (موت الكاتب، حياة القارئ)
وأنت تتهيأ لتجاوزها بقولك:
Quote: هل نقف فقط اما النص ونرمي بتجربة الشاعر الذاتية والإنسانية والوجودية عرض الحائط ونتفاعل مع النص
بصورة محايدة جامدة باردة؟.. ام الضرورة تحتم ان نستصحب بعض العلامات والإشارات والوقائع
حتى نتمكن من التفاعل مع النص معني وتذوق وتصاوير وجمال؟سأختار الخيار الثاني
بينما لم يك مدخلي لما قرأت في القصيدة بأعلاه، سوى المداخلة الحميمة والمترعة بالتجربة (الشخصية جدا) للشاعر،
أضافها أخونا يوسف طه... مصادفة غريبة فعلا!!
وننظرك تضيف ونقرأ...

Post: #20
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Osman M Salih
Date: 07-25-2018, 06:02 AM
Parent: #15

دا كلو كوم وكوم براهو المبرر البخلي زي المدعو عبد العظيم عثمان يتطفل على الشعر. يبرز هذا المتطفل المثالي٬ كلحن نشاز٬ كحصاة في بليلة مثلما تبدو صورة فضولي في " ابحث عن فضولي" التي اختبرنا بها القدرة على تدقيق الملاحظة في سني اليفاعة البعيدة. هذا العبد العظيم يكرر وهو يتقافز من بوست إلى آخر كالببغاء ترهات حامل إبريق الشبح المدعو أمير بوب.

Post: #16
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-25-2018, 05:47 AM


وإن من المداخلات لفتوح وفيها معنى التجلِّي!
شكرا عزيزي يوسف طـه..

تعرف يا مدني، عدت وعساني اقتبس من سر هذا الشعر حفنة نور، فما خذلت.. وإن بمساعدة، في هذه المرّة، من إشارة الأخ يوسف طه لأخويك عمّار وحكيم ـ تغمدت روحيهما الرحمات وعزّاكم المعّزي ـ إشارة كشفت لي عن سر هذا (الميم)، وصوتها المدمدم ـ أَم إم أُم ـ المسيطر على الأصوات والإيقاعات في معظم القصيدة.. وثم تتخافت الدمدمة رويدا رويدا، حتى لتختفي تماما نحو نهاية القصيدة، حين (ينتصر السكوت) ويتأهب الشعر للدخول إلى مقام التأمل الهادئ وإن بغضب، ويبدأ في معاظلة التساؤل الفلسفي والوجودي عن المعنى والمآل في الحياة والممات..

من تلك الإشارة اليوسفية، وما أعادتني للرثاء وإلى كون القصيدة هي، وحقا، قصيدة رثاء شخصي جدا، فهذا بدوره أحالني لتعبير صوتي أعرفه، هو الذي في المناحات الكبرى العظيمة التي (تُضرب) فيها طبول القبائل و(نحاسها).. و هذا ما يعرف في مسمى شرقي سوداني غربي إرتري (بالكبور)@، وهو طقس المناحة العظيمة تقام للراحلين من الفرسان والزعماء حصرا، بإيقاعات الحرب والحزن، وبالرماح والسيوف والعرضة.. وحتى النساء، فهن يتحزمن ويتمنطقن ويكشفن فيه عن شعورهن وأسيافهن مسلولة يرقصن رقصات الرجال.. وقال عِبدِلّا أبوسن: “الكابور ضرب ؤاتجمّع البيشان/وجَنْ بنات رفاعة ؤلِبسن النيشان/حين جات الرِضَيَّة ؤعَبَّتْ الدُشمان/زي هنتَّر نهاريوم صابَح أمدرمان”..

وليس بعد، فأمر (الميم) وصوتها عجب! ففي ذات مرّة، كتب الشاعر والناقد محمد جميل أحمد*: {{ويستخدم محمد مدني صيغا خاملة للتنوين تعين عليها عامية سودانية فصيحة}}.. وربما أيضا عن ضرورة عروضية أجازها البحر والغرض الشعري، من يدري؟ ولكن هل يمكن أن يكون هذا التنوّع في أصوات الميم بالقصيدة، ولواذ الشاعر في الكثير من الأحيان، إلى تسكينها بعلامة السكون وقد أمكن تحريكها، وهو أيضا مما تميل إليه العربية السودانيه، هل هو عن خيار الشاعر العامد إلى إيقاع يؤكد هذا الرزيم والدمدمة النواحية، كما لو أن القصيدة ستكون هي ذات مشهد المناحة وساحة الكبور الواقعية..

وعليه، ورب الشعر الذي يحفر الوجدان، إنه لحق الرثاء يا مدني، حقيت القول الشعري حرفا وما صات، بهذه الميم التي تتوالد بإيقاع الكبور/المناحة، وهو ثم يدمدم في قلب وشريان وأوردة القصيدة كما بحس المستمع وفي دمه، أٌم إم أَم دُم دِم دَم، أو كما قد يعرفه ويحسه المجتمع الذي ولد وعاش فيه الفقيدان والشاعر…
=======
ومن جبهة أخرى فتحتها عبارة مدني: "الكتابة هي تعامل في، مع وبـاللغة ولأنها - أي اللغة - بنحوها وصرفها وفقهها وما إلى ذلك عالم مترامي الأطراف لا يتوفر لفردٍ، في اعتقادي، الإحاطة الكاملة به.".. ورغما عما جنيته على نفسي قبلا، وقد قيل: لا تنهى عن فعل وتأتي مثله.. ولكن، فقريبا مما طلبه عبدالعظيم هناك، وربما بحثٍّ من إشارات الأخ عثمان محمد صالح نحو اللغة، وقبلا من أريحية الشاعر؛ فبمثلما راقني التركيب اللغوي في (المَثَمْ)، من ألم وثم، وقد قطعتُ لهمزتها من عندي، فكذا وجدتني وقد ساخت قدمي في الـ (هيو) التي هنا "ها هو هيو ثم هَمْ" هل هو/هي عثرة طباعية سقط بها حرفان من (الهيولي أو الهيولى) أم هي أصلا هكذا (هيو) ولم نتشرف بمعرفتها بعد والشاعر أعلم؟
وأيضا، فهذه الكلمة (انتقنته) في (انتقنته الجبالُ)، أمن القنّة هي؟ أم من الانتقاء؟ أم هل أصابتها ضربة كيبورد طائشة؟ أم إن حالي معها كما كان مع السابقة؟ عنّ لي أن أسأل يا سيّدنا المحمّد في البلدين، وأطمع أن تفيدني لأحسن به قراءتي..

@لمعلومات أوفى عن (طقس الكبور) ففضلا انظر الرابط أدناه لمقال الأستاذ جعفر بامكار..
http://cscb.rsu.edu.sd/articles/articles/2017-01-29-07-45-33

*ولقراءة أطيب في مقال الشاعر/الناقد محمد جميل أحمد، وقصائد أقدم أخرى، فلطفا، راجع المداخلة أعلاه..

Post: #22
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Abdelrahim Mohmed Salih
Date: 07-25-2018, 11:36 AM
Parent: #16

يا كبر لما يموت الكاتب ليحيا القارئ
وما سميته يحيى إلا ليحيا
انه السحر المستمر
هكذا الشعر منذ البدء ومتى بدأت اللغه عله الوجود؟
على المستوى الشخصى لااحتاج إلى مصباح او كتب منير لتعاطى الشعر اقراءه عفو الخاطر وهناك ما يعلق فى حبال ذاكرتى لاترهقه السنين ولايناوشه النسيان لشئ ما يتعلق بسحره وربما لانه يجذب مجهول فينى لم احسن تلمسه حتى سطعت كلمات الشعر لتظهر إبهامه ومذاق مر وحلو يجمع متناقض فى وئام لايصلح له سوى الشعر
ترهقنى نظريات نقد بصرامتها الاكاديميه كما يؤسس لها نقاد التجريب اشبه ما يكون ب اهل العدل والتجريح
الشعر زهره حقل بريه تفاجئنا بوجود اشبه بالمعجزه
لكن هذا الظهور يسبقه وجود على مستوى مختلف من وعى تقطر وترسب فى كينونه الشاعر يقيم أوده إلهام....بصيره شى من الخرافه والظنون ترى بخلايا الحس مجهول قريب وتحلق فى فضاء ملئ بارواح كائنات عابره ازمان سرمديه تصب عصارتها فى مخيله الشاعر فى لحظتها الخاصه فى ايقاعها المعلوم حينا ومجهول حينا
هذا بعض من تصوراتى لماهيه الشعر

تجربه الشاعر تضئ النص اكثر لكن لاتنحصر فيه وهذا لايعنى موته وتجاوزه لفرديه قارئ يحشر ذاته وقلقه فى نصوص مستباحه
تفاعل محمد مدنى القريب منا فى استابول:) لايعنى انحصار التاؤيل فى شخصه وهو منبع هذا السحر ونافذته
الامر اصعب من حصره فى توزيع ادوار ومهام
لايفوتتى فيما فات وعدى ان اشكر الاستاذ هاشم الحسن لاضاءته وملاحظاته الحصيفه
....اعتذر مقدما لما ساكتشفه لاحقا من أخطاء إملائية
الكتابه من موبايل متعبه وتعليقى اعلاه من الصاج للصينيه تجاوزا لطبق الكسره:)

Post: #23
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: عبدالعظيم عثمان
Date: 07-25-2018, 02:10 PM
Parent: #22

يا أيها المعسم اب كتابة معسمة، غايتو الغشاك وقاليك إنت أديب ما خاف الله فيك.. المصيبة انت صدقت الشغلانة ومدلدل رجلينك..
امشي فك تعسيمة كتاباتك بزيت نعام أو زيت راجع.. وتعال
دكتور أمير بوب ماخاتي عليك كله كله

Post: #24
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: عبدالعظيم عثمان
Date: 07-25-2018, 02:15 PM
Parent: #23

شاعرنا الكبير محمد مدني
اعتذر عن التشويش والخروج عن موضوع البوست..
لكن ياهو حالنا مع الفلول المواهيم ديل
سأغادر وإن عادوا حأعمل نايم
تحياتي لك ولضيوفك

Post: #27
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: عبدالحفيظ ابوسن
Date: 07-25-2018, 03:49 PM
Parent: #24

.

Post: #26
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-25-2018, 03:44 PM
Parent: #16

سلام يا هاشم

كما قلت لكبر كم أنا فرحٌ ومُنتشٍ بهذه القراءات للقصيدة
ولن أزيد عن ما قلته هناك فقط أود أن أشكرك على تنبيهي
لنقطتين، الأولى خطأ، أعترف بتقصيري إذ فات عليَّ وهو
عدم وضع "ها هو هيو" بين مزدوجتين ثم شرح معناها في الهامش
فهي في الأصل من تدرجات حرف "هـ" في اللغة التغرينية
وأقصد بتدرجات أن الحروف في تلك اللغة بدلاً من حركات الفتحة
والكسرة والضمة...إلخ يُكْتَبُ الحرفُ منها بسبعة حركات مختلفة
حسب نطقه وهذا باب يطول شرحه ولكن أشكر لك تنبيهي إلى تلك
العثرة. أما انتقنته فهي كما قلتَ أنت غلطة طباعية فالمفردة هي
انتقته. أرأيت ما يستفيده الكاتب، مبدعاً أو باحثاً أو أياً كان مقصده
من الكتابة حين ينفتح على قراءة والاستماع إلى قراءة الآخرين
لما يكتبه؟
مودتي

Post: #28
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-25-2018, 11:38 PM
Parent: #26

شكرا مدني،
إذن فلقد رفعت عني الحرج بإهدائي معرفة ما كنت سأحظى بها لولا السؤال؛

"ها هو هيو ثم هَمْ" = "ها هو هيو" هي في الأصل من تدرجات حرف "هـ" في اللغة التغرينية
حيث أن الحروف في تلك اللغة، بدلاً من حركات الفتحة والكسرة والضمة...إلخ
يُكْتَبُ الحرفُ منها بسبعة حركات مختلفة حسب نطقه...


والشكر موصول للأخ عبدالرحيم محمد صالح،
أن قرأ الذي كتبته مما عنّ لي من فضل المتعة الشعرية والإشارة اليوسفية،
وبرجاء ألا نكون ـ عند أي الأخوة ـ فيمن تحنبل بها كمثل حنبليات أهل الجرح والتعديل..
======
وهنا رابط إلى المزيد من الشـــ خارج الصندوق ـــعر..

Post: #29
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: abdalla elshaikh
Date: 07-26-2018, 00:18 AM
Parent: #28

لَمْ أسأل الآباءَ عن:
كيف انتبذتم ركنكم
حين امتُحِنْتُم في البنين
وفي مآلاتِ الخطاب؟
أنا ما طلبتُ من المَجاهل
أن تُخاتلَ في الزمانِ
ولا سعيتُ إلى النوافذ
حين لم يسْعِفْني باب
ما كل آتٍ دائماً
سيقود، بالنيات، للفعل الصواب.
سأسدُّه أفقاً
إذا ظل "النعيمُ" كذا
وإلى الجحيم سأنتمي
إذ لا يزاحمني السعاةُ
إلى الأرائك
والثواب.
Iam here my friend !! Karlos or Abdalla Elshaikh as the American name

Post: #30
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: Osman M Salih
Date: 07-26-2018, 06:12 AM
Parent: #1

الفضولي المثالي المدعو عبد العظيم عثمان،

الغريب في أمرك هو كيف تمكّنت من الجمع بين دفاعك عن كتابات "الشبح" التي هي مطاعنات وبين اعجابك باشراقات محمد مدني، وهذا الجمع بين نقيضين إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنك تفتقر إلى معيار ثابت تحتكم إليه في تحديد موقفك من المكتوب.
عثمان محمد صالح

---------------------------------------

أخونا الشاعر محمد مدني،

أشكرك على حسن الاستقبال ورحابة الصدر. سألتني موافاتك بالمواطن التي امتزج فيها الشوك بلحم القصيدة، وها أنذا أفعل فيما يلي من سطور:

أي ركضٍ بليدٍ عن الأغنية؟

عيبَ أنَّ الحياةَ له فرصةٌ

فجرَ ذاكَ

فاقَ مرثيتي الصبحُ ذاكَ
انتهاني
كما لم تبدأ الآلهة

وليكن إبنَ أمٍ
حبا في السهولِ

والأهم
أن تعيشَ كما لم أمُتْ
والذي لم يكن بيننا

لا أُحِبُ
الشهادةَ لي،
لا لكُم

يسأل الأبناءُ عن:
ماذا الذي، أبتاه
يُضْنيكَ؟

هناك يأتيك الجواب.
أو ذي الحياةُ؟

لم يكن في خاطري
أنَّ الحياةَ كذا

إذا ظل "النعيمُ" كذا

Post: #31
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: محمد مدني
Date: 07-26-2018, 02:49 PM
Parent: #30

سلام الأخ عثمان محمد صالح

في مداخلتك الأولى كنت أشرتَ إلى "مشكلة في اللغة الشواهد عليها وافرة ينبغي معالجتها"
وأوردت هنا بعضاً من تلك "الشواهد" غير أنك لم توضح لي المشكة وكيفية معالجتها، وصدقاً
أخي عثمان لم أفلح في العثور عليها، فليتك تفصِّل تعميماً للفائدة.
مودتي

Post: #32
Title: Re: و نَسيتُ أنِّي ها هُنا - شعر محمد مدني
Author: هاشم الحسن
Date: 07-27-2018, 11:02 PM
Parent: #1

ووقت للشــــــــــــــعر، بعد
ولو بحسوة من دم الــــ (قتـيـلٌ يشيِّــع أحياءَه) ...
لمحمد مدني.... طبعا!


قلتُ يا امرأة ًٌ في العلاقة تستأنسُ اليأسَ مرِّي بظفر الشفاه على نبضة في المسافة بين الوريد وبين الخيال خذي ملءَ حزنك من رعشتي رتبي وحشتي كي يكون الكلامُ الذي لن أقولَ التزاماً بحرف الحقيقة عن حدها والحديقةِ عن وردها والحروف الطويلة عن مدها والعلاقة بيني وبينك أن تتزوج من ضدها.....


فاستمري إذن لا تثيري الغبار على الصمت لا تهزئي من خطاب الغواية فالصمتُ منذ البداية كان اكتناه العجين المضمخ بالجنس والسجن في فجوة الانتحار البطيء تطأطئ كل القوافي إذا اشتد بأس المنافي على العـشقِ والشعرُ "نوم العوافي" فيا أمرآةً من جريح الخيال استعدي لمعشقةٍ من قصيدٍ خرافي



لنار ٍ تغادر بركانـَها أنتمي

والمياهُ التي تحتمي

من مصباتها بالطمي

ثم من غيهبٍ

قطرة ً

قطرة ً

ترتمي!

حد خلجانها

لا يواكبها

في النزيف دمي

فبُـعَـيـْد المسافة وقتٌ جديدٌ

ولون المواعيد في الرائحة

إذ تشاكسُ

إذ لا تميل

مع الكفة الراجحة 

حين يلغي النشيدُ

حدودَ فمي

وتغني الحبيبةُ

في مأتمي

فافهمي!!!

شفرة َ اللحظة الجارحة

مثلما كنت بالبارحة 

ملحَ جرح ٍعلى المعصم

واهزمي 

شبهة الوقت والموسمي

في تـفاصيلنا الشارحة