سونى --- شرق الجبل، غرب الأمل

سونى --- شرق الجبل، غرب الأمل


06-30-2018, 12:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1530357464&rn=0


Post: #1
Title: سونى --- شرق الجبل، غرب الأمل
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-30-2018, 12:17 PM

12:17 PM June, 30 2018

سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر

من مخلاية الذاكرة

Post: #2
Title: Re: سونى --- شرق الجبل، غرب الأمل
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-30-2018, 12:20 PM
Parent: #1

سونى وردة دارفور سرمدية العبير
=====================

كان الوقت خريفا صبيا، ممعنا فى دفق النشوة، وقد بدأت أصابع الغيوم تغزل مفارش الخضرة وتبسطها على الأديم الموشى ببقايا إصفرار ظل منتبها منذ موسم خلا، وأبى إلا أن ينتظر مقدم المطر

كنا مجموعة من أصدقاء أصفياء، قررنا الذهاب الى حيث تلكم الملهمة العذبة الشهية

كان الوقت محبة وصفاء، وكانت الدنيا لا تزال تهب طعمها الكامل

ظلت العربة القوية تنساب على أرض ندية، ونحن نولى الأرواح شطر الشمال تاركين "نيالا" ليس خلفنا، بل على ركن قريب فى القلب، فقد كانت ملامح قصة عشق جميلة قد بدأت للتو بين القلب وذاك الوادى الحبيب

بدأنا المسير شمالا، وكانت أهازيج "ود أب قزه" لا تزال ممسكة بشرفة الطرب النقى فى نفوسنا

هذى هى دارفور

دار إلفة عجيبة، ساحة حب إلهى زاهى وكامل المعنى

أناس معطونون برحيق ختامه أصالة وجمال مطلق فى الروح والهيئة، دار تهبك نفسها دونما عناء، كرم وزلفى لوجه الله والمحبة، ولا تملك سوى أن تحنى هامة الدم شكرا وعرفانا لهم، إنهم الأهل، إذا أردنا أن نهب الكلمة معناها الأصيل

مشوار بين وهاد وهضاب، تتراءى وكأنها تلوح بأيديها وتغريك الود، وددت والله لو أن نترجل ونحتضن تلك البقاع الباسمة

الى الأعلى كانت السحب تظلل موكب الفرح ذاك، توفر ظلا ملونا، معطرا بعبق نسمات ليست كمثيلاتها، ولا عجب فهى آتية من ربوع تشبعت بأريج سماوى وطيبة أرض ونفوس لا يدانيها سوء

وفجأة لاحت العروس

أطلت علينا وهى تتربع على ذرى شامخة، كا، الإله قد سكب كل ما تبقى من خضرة عليها، ووهبها ذلك الحسن العالى

يا للسحر ويا للعجب

كان أكثرنا إندهاشا، ذلك الفنان، أو مشروع الفنان آنذاك، صديقنا الحميم "صلاح سليمان" فقد رأيناه فجأة وهو ينتصب واقفا على ظهر العربة، واضعا كفيه على رأسه وهو يصيح

الللللللللللللللللللللللللللللللللله

ودونما شعور منا أيضا، أخذنا بعبقرية وسحر المكان

أهذى هى أنت يا "سونى"؟

أهكذا دائما يحتوى شرق الأشياء على كل السحر؟

أطلت شمس الظهيرة بوجهها المذهب من بين بعض غيوم، وكأنها تقول

ألم أقل لكم، ألم أخبركم عن هذه العروس

وصل الركب، وقد سبقه هيام ووله معلن، ها قد أتيناك يا "سونى"، ركابنا الشوق والمحبة وكل التقدير والمعزة لك ولأهلك

نثر الود كما لم يكن من قبل

"عافية"

"سلام"

"عافية"

تبادلنا التحايا وأعلنا محبتنا للناس والمكان، إشتعل المدى فرحا، ةتسربت الخضرة من حيث هى الى عمق الدواخل، تؤصل روابط العلاقة وتؤكد رسوخ اليقين بأنا نحن هم وهم نحن، فمن العسير أن ينسكب كل هذا الإحساس دون مجاملة أو قصد، أن تنداح مثل هذه المشاعر دونما قصد أو سابق قرار، إلا أن يكون ما بالدواخل متماثلا، وإلا أن يكون الحب نابعا من أقصى بحيرات الصدق القابعة داخل النفوس

"فى سونى بى شرق الجبل تشعر كأنك جوه جنة"

هكذا غنى المغنى، وهكذا رددنا نحن معه

قلت لصلاح، لم لا تجسد لنا هذا الشلال القادم من حدائق القمر يا صلاح

أذكر أن قال لى

هذا الشلال، وهذه البقعة، قصيدة، بل ملحمة عصية على السرد، وكيف سيتأتى للوحة واحدة أن تحتوى كل هذا السحر الفردوسى

وقد صدق 

أشياء ومناظر لا تستطيع وصفها مهما أوتيت من سعة فى الخيال، جمال كامل القسمات، الأرض مطرزة بألوان الزهور والأعشاب التى لا يمكنك مقاومة الخوف من أن تدوس عليها، وأنت سائر يعترض خطواتك مجرى مياه كوثرية الملامح، من اين أتت أو الى أين تذهب، لن تعرف ابدا، فما عليك سوى أن تغريها السلام والحب وتمضى

الناس هناك لهم طعم الأرض وطيبها وطيبتها، لهم شموخ ذلك الجبل وعلو هامته ولهم سمو معناه وأصالة تاريخه

هناك وعلى ذلك الجبل، قامت الممالك تشرح وتفسر معنى العزة والقوة والأصالة للآخرين، هناك التحمت السحنات وتمازحت القسمات وعملت الدنيا كيف يكون الكرم والنبل

وهناك الآن، يموت أؤلئك الأخيار دون ذنب أقترفوه سوى أنهم أرادوا أن ينحت إسمهم على خد ذلك الجبل، ليس إمعانا فى شهوة التملك والإستحواذ، بل تكريسا لإنسانية مغيبة وحقوق مضيعة

هناك، تركنا والله جزءا من الروح، تطوف وتحى الأهل، وتركنا قسما من الحلم، ونرجو الآن أن يزور مضاجع الأطفال وينثر فوق حدائق نومهم، الأمل والفرح والحلم أن تشرق الشمس وتهب الورد والفراش، القلم واللوح والكراس، أن تهديهم لحظة أمن وطمأنينة وسلام، تحمل بيد سلة مملوءة بخبز المحبة ومحبة الخبز

فلتسكن هناك يا حلمنا القديم
خذ مكانك 
على ضفاف الجرح والنواح
حدث الأطفال عنا
إنا قد سئمنا الخوف
ضع غناءك 
أمام عيونهم
وبسمة فى وسامة الصباح



ولك الله والمحبة يا دارفور

ولنا الخذلان والأسى