فعلا أصبحت العلاقات أقل حميمية و أقل براءة و وداعة؟

فعلا أصبحت العلاقات أقل حميمية و أقل براءة و وداعة؟


02-12-2018, 07:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1518418127&rn=0


Post: #1
Title: فعلا أصبحت العلاقات أقل حميمية و أقل براءة و وداعة؟
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 02-12-2018, 07:48 AM

06:48 AM February, 12 2018 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصرمع ارتشاف شاي الصباح يحلو التطلع للعالم و البشر من خلال الصحف ............

.بسرعة اتصفح المقال لأعرف مدى جودته أو ما يطرحه من فكرة تستحق المتابعة...

‏فوجدت في المقال عبارات شدتني (منذ وقت ليس بالبعيد كانت العلاقات الإنسانية أكثر براءة وحميمية ووداعة لكنها ‏أقوى وأمتن، ......


.وكان كلا الطرفين أكثر حرصا على دوام العلاقة وبقائها في أوجّها)‏سأنزل المقال لمن اراد المتابعة...

Post: #2
Title: Re: فعلا أصبحت العلاقات أقل حميمية و بريئة و و
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 02-12-2018, 07:58 AM
Parent: #1

علاقات هشة:

(طرأت على الأسر رياح جارفة تحمل في طياتها ملامح تغيير جذري، العلاقات الاجتماعية وعلاقات الحب وربما الزواج أصبحت في مجملها علاقات هشة يزيد من هشاشتها التمسح كذبا بأننا نعيش عصر السرعة والتكنولوجيا.)


رابعة الختام



فاجأتني ابنة صديقتي الفتاة الرقيقة المراهقة بدموعها الغزيرة تبلل ملامح وجهها، احمرار عينيها أزعجني كثيرا، تخيلتها وقعت في كارثة ما، وتخشى معرفة والدتها بالتفاصيل، ذهبت ظنوني في كل الاتجاهات، بأنها ربما أرادت الفكاك من كارثتها وتفريغ حمولتها الثقيلة في قلبي حتى ترتاح، وأتولى أنا مهمة إخبار أمها بما أقدمت عليه، بدأ عقلي يكتب سيناريوهات مختلفة ومبتكرة عما يمكن أن تكون الفتاة اقترفته من ذنوب وآثام، بادرتها بالسؤال فلم تستطع الجواب، وبعد وقت ثقيل قالت “عملي بلوك”!

تعجبت! من هذا؟ وما القصة؟

Post: #3
Title: Re: فعلا أصبحت العلاقات أقل حميمية و بريئة و و
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 02-12-2018, 08:02 AM
Parent: #2

صديقي الفيسبوكي في العالم الافتراضي لم يستطع تحمل مجرد كلمات بريئة للسؤال عن أحوال أسرته التي أرادها أن تصبح عائلتي الجديدة بمجرد الزواج منه، فقد طلب صداقتي منذ شهرين تقريبا وقبل مرور عشرة أيام على تعارفنا قال أحبك! وبعدها طلب مقابلة أبي سريعا حتى نتمم إجراءات الزواج أو على الأقل خطبة تقربنا أكثر وتكتب صك ملكيتي الذي ردده أكثر من مرة وهو يقول لن تكوني ملك أحد غيري، أنت لي وحدي، حبيبتي، صديقتي، ساكنة قلبي، ونصف روحي. لم يحتمل الشاب صغير السن والتجربة ما وصفه بالانتقاد، لم يستطع استساغة فكرة أن يتخذ كل منهما اتجاها فكريا مغايرا ويكون له أسلوب مستقل في إدراك علاقاته بالآخر والتعامل مع الأشياء، فبمجرد كلمات استشعر منها الاختلاف قرر إنهاء العلاقة، لم يعط لقلبه الفرصة اللازمة لتنفس الحب فربما كان له رأي آخر.

مع انتشار وتطور وسائل الاتصال التكنولوجي، وتحريك العالم من حولنا بكبسة زر، أصبحت العلاقات الإنسانية متشابكة أكثر فأكثر، لكنها أكثر تطورا وتعقيدا في الآن نفسه، فمن السهل أن تتعرف جاكي الفرنسية على محمد المصري، أو تغرم جوجو البريطانية بمصطفى السوري اللاجئ في بلاد بعيدة، أو تفتح سهاد التونسية شرفة أحلامها على علاقة سريعة تؤطرها السعادة والوله مع إياد، يوسف، عمر…

اختصارا للقول باتت علاقتنا بالآخر البعيد جغرافيا قريبة للغاية على مسافة زر في لوحة المفاتيح، لكنها كماء البحر لا تروي مشاعر حقيقية ولا تغذي شعورا متأججا بالبقاء مع الحبيب، ولكنها تزيد عطش الروح لعلاقة قوية تمثل سكنا حقيقيا للنفس البشرية إلى جوار الآخر القادم من سنوات الحلم.

طرأت على الأسر رياح جارفة تحمل في طياتها ملامح تغيير جذري، العلاقات الاجتماعية وعلاقات الحب وربما الزواج أصبحت في مجملها علاقات هشة يزيد من هشاشتها التمسح كذبا بأننا نعيش عصر السرعة والتكنولوجيا وعلينا التعجيل في العلاقات سواء بالبدء أو بالإنهاء، وأضحى الحفاظ على العلاقات بين البشر ضربا من الخيال، دائما أصحاب الهويات المختلفة وعازفو التفرد يعانون انعزالا مجتمعيا في ظل الرفض القاطع لعزفهم خارج السرب المعترف به، فسياسة القطيع أصبحت فرضية حاضرة بقوة لا يمكن الفكاك منها.

منذ وقت ليس بالبعيد كانت العلاقات الإنسانية أكثر براءة وحميمية ووداعة لكنها أقوى وأمتن، وكان كلا الطرفين أكثر حرصا على دوام العلاقة وبقائها في أوجّها، كانت الرغبة في الاستمرار إلى جانب الشريك من مفردات الحياة، بل من بديهياتها، تحرك كلا الطرفين مشاعر حب حقيقية صادقة وليست علاقات هشة في عالم افتراضي.رؤية أحد المارة يمسك بقطعة من حديد يتحدث إليها كانت ضربا من الخيال، أن تجلس في غرفتك ممددا وفي يديك هاتف نقال تحاور من تحب وربما تؤدي مهام عملك وتنجز ما كان بالأمس القريب مرهقا في ثوان معدودة سلاح ذو حدين، نصل حاد يبتر براءة علاقتنا ويجردها من ألقها ورونقها، وحد رقيق رفيق يزيل الطبقة الهشة بيننا وبين العالم فيقرب المسافات.

لملمت جراح ابنة صديقتي الصغيرة بكلمات استساغتها بسهولة، بأن الساعات القادمة ستبحر في عالمها الافتراضي، وتتعرف على وجوه ترتدي أقنعة، ألسنة زائفة، وأخرى صادقة وعليها اختيار من تفتح له قلبها، وألا تنجذب لكلمات معسولة ولكن مرحبا بالمواقف الصادقة وإلا عليها الاعتياد على الدهشة في العالم الافتراضي.