جَمرُ العابِرِ --- إلى: حافظ عباس

جَمرُ العابِرِ --- إلى: حافظ عباس


01-13-2018, 04:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1515856063&rn=0


Post: #1
Title: جَمرُ العابِرِ --- إلى: حافظ عباس
Author: بله محمد الفاضل
Date: 01-13-2018, 04:07 PM

03:07 PM January, 13 2018

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر


●●●●●●●●●●

1
بجَهدٍ قليلٍ
أضعُ زهرةً في حضَنِ التُّرابِ
يا إلهي، كيف حملتُ روحَ الكونِ وحدي، وبهذه الخِفّةْ؟

2
متى تأتين؟
ليأخُذَ الصّمتُ شكلَهُ المُحبَّبِ
كُرةٌ مُتدحرِجةٌ في سمواتِ المطرِ.

3
في مِرآتِنا
تُخفينَ لي كُلّ صباحٍ شيئا
هذا الصّباحُ، مثلاً، ناولتنِيّ المِرآةُ عبِيراً ونوافِذا...

4
اِستقرَّ كُلُّ شيءٍ بمحَلِّهِ
فهل شاهدتُ قلبَ امرئٍ
في طرِيقِهِ ليصيِّرَ نهراً؟
قلبي نهرُكِ!

5
يُخرِبُنا الخرابُ أيها الحربَ
يتنقلُ بلا وازِعٍ على وجوهِنا
يلتهِمُ نضرتِها
يفتِكُ بمائِها
...
وهكذا تتوزّعُ بأجسادِنا اِنكِساراتُ الرُّوحِ والعذاب.

6
اِنهدّ لي بخِضمِّ الحربِ بيتُ
فرتقتُ قلبيّ وبالماءِ احتميتُ

7
يأتِي الشّارِعُ إليكَ حين ينتهيّ من اِستِخدامِهِ غيرُكَ!

8
ما الذي يحتاجُهُ الشّارِعُ مِنكَ؟
في هذا اللّيلِ الإسفلتيِّ
حين ركِبتْ حشرةٌ سامّةٌ على ظهرِ زهرةٍ
الأورِدةُ حلّتْ مواثِيقَها
الدّمُ مشى على قدميهِ مِشيةَ نشيدٍ بلا فواصِلٍ
الرّبُ في قِراهُ لن يأبهَ للعِواءِ الذي دسّتْ جُلَّهُ الرِّيحُ
هذا قميصيَّ لم تقِدَهُ البساتينُ
أو تُفلِحَ الغوايةُ في رتقِهِ
أَذعِنُ للهواءِ كفراشٍ
وللأرضِ كفأرِ تجارُبٍ تحت نزقِ البنجِ
.
.
.
متى يشربُني الشّجرُ؟

9
لقد رأيتُ الأنثى الغارِقةَ في مرايا الشّارِعِ
متى مشتْ برِقةٍ عليهِ.
الذي أعرِفَهُ أن إطاراتَ السّياراتِ والبحرِ
يُشكِلانِ رائحةً غالِبةً
فيما القُرنفُلُ يبدأُ في احتِلالِ أنوفِنا
متى هلّتْ في أوردِتنا رعشةُ انتظارِها
مثل قِطارٍ دقيقِ الموعِدِ
لكنه لا يجيءُ بالحبيبةْ.

10
جَمرُ العابِرِ
-------------
كُنتُ من المارّة
اتطلّعُ إلى وجهي في الشَّارِعِ
أسوي هيئتَهُ على عينيهِ
يقهقهُ من بُثُورِ الحُبِّ والاِرتباكِ
يناولني ابتسامةً إسمنتيةً…
أهرولُ إلى الحبيبةِ
أنغام قِيثارٍ ولون.
كُنتُ من المارّة
أنصبُّ في مِقعدٍ قُبالة الشّارِع
أهشُّ بالشُجونِ تمزُقَ الوقتِ
على يدِّ المسافةِ
نطمرُ هوةَ الأوجاعِ بالثرثرة
نشيّدُ بِلاداً من الأمنياتِ
ثم ندعُها أخر المطافِ لصبيّ المقهى
ليغسلَها في كؤوسِ الشّاي
بِلادي محضُ تبغٍ للأنس
قهوةٌ للحنينِ والأخيلة.
كُنتُ من المارّة
أطوي بقدمينِ من قلقٍ
الشّارِعَ وتعرُّجاتَهُ
حتى يلحقني حصاهُ بالرّمل
يُسوي بدني بغبارِهِ الكالح
خرائطَ مُدنٍ وأنهارٍ مقدسة.
كُنتُ من المارّة
أقدسُ الأطلالَ
أرنمُ قُبالتها رقصَ الدرويشِ
وروحَهُ الظامئةَ لحورٍ في الخدورِ
أمزقُ الحُجبَ بالتراتيلِ والنحيب
حتى التحقتُ بالمُفترق.
كُنتُ من المارّة
أضربُ بفُرشاةِ النّسيانِ
على قُماشةِ الذّاكِرةِ
عسى أن أبدّدَ الحليبُ والأزقةَ
والبلد.
كُنتُ من المارّة
أحترقُ
وأحترقُ
وما من مصبٍّ لرماديّ
خلا الأرق.

11
أحاوِلُ الفرارَ إلى جهةٍ أُميّةٍ
لأن المرايا أعلمتني
أني محضُ روايةٍ غير موقعةٍ
فتبدّدَ ظني الطويلُ بأني رجُلٌ
لم تتهجأ تفاصيلَهُ أيُّ أبجديةٍ بعدُ.

12
أقرعِ البّابَ
تنفتِحُ سيرتَكَ
في العِطرِ واﻷلوانِ
والقهقهةِ التي خبأتَها في حِبالِ البيتِ
ومشيت...

13
قولي في استبيان للممر:
الشعر، الكائن المسكين، الكائن الذي نحاول كثيراً مصادقته، الإمساك بيده الضبابية وأخذه في نزهة عسى أن يروح عن نفسه قليلاً، يتلاشى ولو مؤقتاً تجهمه، نُلبسه بدلة وكرفتة وندخله عبر أبواب ضخمة إلى قصور وشقق ضائعة ملامحها بسبب الدخان والوجوه العابثة المتجهمة…الخ. ولكنا، حين ننتبه، نجده قد ولى الدبر بهيئته التي لم يصفها أحد، خرج من خلالنا إلى جهات ليست على الخريطة… الشعر الكائن المسكين، الباحث الدؤوب عن أرواحٍ منعزلة ليحضّر شعوذاته غير البريئة بها، إن الشعر هناك، حيث لن يعرف الطريق إلى الذي به أحد…
11/1/2017