تفاصيل ما لم يحدث

10:28 AM November, 21 2017

سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر

(1)

والكلمات تستنهض اللغة وتحثها على البر بقسم ابجديتها المبذول طوعا لألسنة العالمين
والأحرف الممهورة بالضوء وكأنها أحاديث يشترط القمر تمامها ليكتمل بدرا ويعلن افتتاح النور
ويشرع أبواب قداسة اللون والطعم، ثم الأناشيد باذخة فى كامل زينة طعمها تملأ جرار الليل بترانيم الآلهة الجميلة

يحدث كل هذا وذاك، وأنا استنهض أحرفا وكأنها بيارق ريح، ترفع رؤوسها الى عوالى النداء
وتنقر بأطرافها على طرف الليل لتحلب الطرب فينساب مدرارا وينتشى السماء

سعى حثيث لا يمل من أجل السقيا
الكلمات من على البعد تبدو وكأنها نوافذ اعدت للقادمين من نهار العزلة
نوافذ تضمر الوان المعانى
بياض السلام واحمرار النداء وزرقة النوايا وإخضرار الأحلام

حضور يجهش بالألق ويضمر وهجا راسخا فى مسام الحلم

واللون الموعود
والفرح المنشود 

وهاهى غيوم الكتابة الآن
مملؤة بريح الحروف وبطقوسها الملائكية العاتية

مكسوة كل الاجابات بدثار الاسئلة 
ومكتملة تفاصيل النشيد

ولسان حال اللحظة وهى عز رونقها يقول

واللون اذا انهمل
والندي اذا تقّطر شهدا 

ما ادراك ما الحرف المغرق في زرقة الغيم 
الحرف القادم من عمق دواة الجمال
الحرف اللاهث 
الحرف الليلك 

الحرف الذى يهطل 

ماشاء له/لنا المطر

(2)



عند مطلع الضجر
سوف تخرج فى الناس برتقالة تنادى

حى على الرحيق
حى على الصباح

تعالوا يا أهل الأسى لضحكة سواء

من رأى وجهها فهو آمن
من شرب من جدول ابتسامها فهو آمن

هلموا يا أيها العطشى الى نبع عرضه الكون أعد للتائهين

هيا لتنالوا بركة حضورها النمير

رأيت وسمعت كل ذلك وهتفت لوحدى فى سرى

سوف آوى الى جبل يعصمنى من الغرق فى نبعها

سوف أكون حتما من الغفائبين

لأنى لا احتمل أن تشاركنى الملائكة فيها

(3)

تعلمت من مقارعة الأوهام طريقة التحايل على الأحلام

وفى ذلك اليوم سوف احتال على حراس حدائقها واهرب من قبضة ازهارهم التى يمنحوها لأفواج الزائرين
لا حاجة لى بوردها
لا حاجة لى بشهدها المتدفق من أعلى نبعها السماوى

سوف احتال على الملائكة كيلا يضمونى الى موكب دخولهم عليها

أنا لست هناك

لست هنا

اذهبوا فأنتم البؤساء

لكم عيدكم ولى عي

(4)

هناك
فى غور الروح
ينبع سكب البوح نديا ينساب كما النهر 
من علياء كبرياء العشق مرورا بأرض تغزل الحرف
حقولا وحدائقا
ثم
صعودا الى سماء تستعمرها الغيوم وتتفتح فى رباها أعراس الرذاذ 

يمتزج رحيق الحرف ولِهاً مع ريق القصائد العتيقة
تختمر فى ضمير الغيمات، حكايات البعاد واللهفة والخوف من مسافات الوقت وأوقات البعاد

فيقول لها العشق كونى فتكون

وعشقئذٍ

تخرج المدينة سنابل غنائها أمام مواكب اللغة الأنثى
تتوجها شمسا وبرتقالة وإبتسامة تطّعم بشهدها ثغر المنى

(5)

البوح يضوع ويشى بمكنون روحه
تماما كما الصندل المجذوب
يسلم جسده طائعا فرحا لسطوة الجمر
لتصعد روحه الى سماء الفرح
الى جنة العطر

والبوح فى اقصى براح الحضور، همس موشى بالتعب وما تبقى من ابجديات الخلود 
مداده دم عاشق يسيل على جنبات الكلام
فينتشى الكلام ويعانق اللحظة، ليستحيل جسد الوقت
معبدا لتراتيل الأشواق العصية

(6)

هناك
تحت ظل تلك الكرمة البعيدة

اجلس على طرف المدار ولا رفيق سوى أمنية عصية، اعرف أنى سوف اناوش دمى لأخلعه عنى، أصبه فى دواتى الناضبة من حبرها، النابضة بشوقها، لأكتب إليكِ رسالة وأضعها فى زجاجة، قارورة من عطرك الأثير، ذاك الذى تفضلينه، وأظن أن العطر هو الذى يفضلك على سائر أنام الدنيا، وددت أن أكتب الرسالة بمداد مزاجه من تسنيم التبريح والرجاء، أغمسها فى مواعين عشقى الفياض، وأجففها بأنسام ضحكاتك السماوية

سوف أحكم غطاء الزجاجة وأقذف بها إلى بحر التمنى لتبحر بها موجات صبية صديقة، صوب جميع سواحل الأرض وموانئ السماء

وحتما سوف تصل إليكِ

(7)

مثل حكاية النافذة والفراشة

فلنشرب اولا ما يتيسر من ضوء يعين الروح على تلمس دربها وسط هذا التمنى الذى لا يكل ابدا

أعرف يقينا أن المسافة بين "واو" وهمى و "واو" ودك، أبعد كثيرا وأكبر من "جيم" الجنة" و "جيم" الجحيم
لكن لا مناص من الغناء، ولا بد من ورود منهل سقياك النمير
فكيف لهذا اليباب أن يستقى شربة فرح لا يظمأ بعدها أبدا، وأنتِ قصية وبعيدة
وكيف للروح أن تهدأ تحت وريف ظل سدرتك العالية وكل الآفاق تمتلئ بهجير التجاهل المرير
وأظل أنشد

ولى كبد ذات قروح من يبدلنى --- أخرى ليست بذات قروح

وتارة يؤانسنى وقتى الشقى، رفقة قهوة طيبة تربت على صدر التجمل والتجلد فينا، ومع كل رشفة تردد معى

حاولت اديك من روحى شويه
من أدبى وفنى ونهار عينى
حاولت كتير

عجبا يقول الناس انك هاجرى
وانا الذى ذوبت فيك مشاعرى
سبحت باسمك والشجون سوامرى
حتى بكى قلبى بدمع محاجرى