خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاماً من الغياب المتصل عنه؛ ويا للعقوق

خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاماً من الغياب المتصل عنه؛ ويا للعقوق


09-12-2017, 09:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1508365259&rn=0


Post: #1
Title: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاماً من الغياب المتصل عنه؛ ويا للعقوق
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-12-2017, 09:12 PM

08:12 PM September, 12 2017 سودانيز اون لاين
حسين أحمد حسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر


خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاماً من الغياب المتصل عنه؛ ويا للعقوق

لقد وصلتْ بىَ الأشواقُ حداً انتفى معه الخوفُ من عواقبِ الأمور.

يُتبع...

Post: #2
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: صديق مهدى على
Date: 09-12-2017, 09:27 PM
Parent: #1

اها وجدت الشعب كيف والحكومة كيف والمعارضة كيف والنيل كيف ؟
تحياتى
الف حمدالله على السلامة رجعت سالم اها تانى فى رجعة ولا لا ؟

Post: #4
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: aosman
Date: 09-12-2017, 09:36 PM
Parent: #2

عليك الله ما جاك إحساس كده بأنك بقيت من أهل الكهف؟ أنا قبل كده مريت بتجربة مشابه. ناس شفع لقيتهم بقوا رجال ما عرفتهم وناس في عنفوان شبابهم لقيتهم عجزوا شديد وناس ربنا يرحمهم وفي تغيير في المباني وفي العادات والتقاليد وظهور جيل جديد

Post: #3
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-12-2017, 09:35 PM
Parent: #1

إرهاص: -

إعترانى كلُّ ما يعترى المرءَ لحظةَ سَوْقِه، وكأنَّ مانعَ العَوْدِ قدِ استُلَّ من بدنى استلالِ الروح؛ فكان بصرى على وطنى حديداً، فَفِقْتُ كمن نَشِطَ من عِقال!

Post: #5
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-12-2017, 09:49 PM
Parent: #3

Quote: اها وجدت الشعب كيف والحكومة كيف والمعارضة كيف والنيل كيف ؟
تحياتى
الف حمدالله على السلامة رجعت سالم اها تانى فى رجعة ولا لا ؟


مرحب بالأخ صديق مهدى على،
كتب اللهُ لك السلامة والوئام.

سآتى على كلِّ ذلك تفصيلاً إذا شاء الكريم، وعن الرجعة للربع والعشيرة، فالحركة والسكون بيدِ الله.

ممنون.

Post: #7
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-12-2017, 10:00 PM
Parent: #5

Quote: عليك الله ما جاك إحساس كده بأنك بقيت من أهل الكهف؟ أنا قبل كده مريت بتجربة مشابه. ناس شفع لقيتهم بقوا رجال ما عرفتهم وناس في عنفوان شبابهم لقيتهم عجزوا شديد وناس ربنا يرحمهم وفي تغيير في المباني وفي العادات والتقاليد وظهور جيل جديد


أهلاً بالأخ aosman،
متعك اللهُ بالصحة والعافية.

إذا شاء الكريم سأرفد إجابة على كلِّ تساؤل ورد فى مداخلتك الكريمة، وهى كلها فى الحسبان على وجه الدقة.

كل الأمتنان.

Post: #6
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: ست البنات
Date: 09-12-2017, 09:54 PM
Parent: #3

(إعترانى كلُّ ما يعترى المرءَ لحظةَ سَوْقِه، وكأنَّ مانعَ العَوْدِ قدِ استُلَّ من بدنى استلالِ الروح؛ فكان بصرى على وطنى حديداً، فَفِقْتُ كمن نَشِطَ من عِقال!)
يا لها من لغة رفيعة !!!

واصل الحكي...
ست البنات.

Post: #8
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-12-2017, 10:23 PM
Parent: #6

Quote: (إعترانى كلُّ ما يعترى المرءَ لحظةَ سَوْقِه، وكأنَّ مانعَ العَوْدِ قدِ استُلَّ من بدنى استلالِ الروح؛ فكان بصرى على وطنى حديداً، فَفِقْتُ كمن نَشِطَ من عِقال!)
يا لها من لغة رفيعة !!!

واصل الحكي...
ست البنات.


حباب ست البنات لاحَدَّهِن،
زادكِ اللهُ رِفعةً ومجداً وسؤددا.

شكراً على الإطلالة والإطراء والتشجيع يا أصل التكوين على هذا الكوكب. لِمَ لا وتحليلات الـ DNA وجدت أقدم الجينات على أرضنا لأمهات سودانيات. فانعمنَ بمجدكنَّ المؤثَّل الذى حباكنَّ به بديع السموات والأرض.

قديم المَعَزَّة والإحترام.

Post: #9
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-12-2017, 11:01 PM
Parent: #1

الحبيب حسين أحمد حسين التحية والإحترام حمدلله علي السلامة وعوداً حميداً منتظرين تفاصيل مشاهداتك أثناء فترة الإجازة وهل تطابقت الصورة الذهنية مع الواقع الذي شاه تن أم أن هناك فرق وإن كان هناك فرق هل لصالح الأحسن أو الأسوأ مودتي وتقديري

Post: #10
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 09:12 AM
Parent: #9

Quote: الحبيب حسين أحمد حسين التحية والإحترام حمدلله علي السلامة وعوداً حميداً منتظرين تفاصيل مشاهداتك أثناء فترة الإجازة وهل تطابقت الصورة الذهنية مع الواقع الذي شاه تن أم أن هناك فرق وإن كان هناك فرق هل لصالح الأحسن أو الأسوأ مودتي وتقديري


الحبيب محمد الحسن حمدنا الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

التحية والتجلة والعيد مبارك عليكم وإن شا الله عيداً ترجو داير يا سعادتك. وعن البلد والمشاهدات؛ فقد كنتُ حريصاً أن أرى بعينى وأختزن المشاهدات، دون أن أقرأ صحيفةً أو كتاباً خلال هذه الأيام القليلات. والآن نبدأ مرحلة إعادة الإنتاج، وأرجو أن أكون عند حسن الظن يا عزيزى.

المعزة التى تعلم.

Post: #11
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: مني عمسيب
Date: 09-13-2017, 09:17 AM
Parent: #10


الف حمد الله علي السلامة استاذي الحسين .


في انتظار التقرير .

عودآ حميدآ مستطاب .

Post: #12
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 10:11 AM
Parent: #10

قلتُ: "اعترانى كلُّ ما يعترى المرءَ لحظةَ سَوْقِه، وكأنَّ مانعَ العَوْدِ قدِ استُلَّ من بدنى استلالِ الروح؛ فكان بصرى على وطنى حديداً، فَفِقْتُ كمن نَشِطَ من عِقال!"

طلبت إجازة متقدمة من سنة 2018 بحسبان أنَّى استنفدت كل إجازاتى لهذا العام (35 يوماً)، فقيل لى مازال عندك 15 يوماً متبقية (من أى زمنٍ تبقت لا أعرف)، قلت لهم ممكن آخد إجازة من بكرة، قيل لى مع أن الأمر شورت نوتِسْ، ولكن خدمتك الطويلة معنا تخول لك ذلك؛ فأنت فى إجازة إعتباراً من غداً. دلفت إلى موقع سكاى - سكانر، فجدتُ أحسن العروض تذكرة على الأثيوبية مع "لاى - أُوفر" تسعة ساعات بأحد فنادق الوردة البيضاء الراقية، فقطعت التذكرة - كان ذلك يوم الإستثناءات فى حياةٍ جعلت منها العجلة الرأسمالية واقعاً رتيباً.

وبعد ظهر الغد توجهت إلى هيثرو، وعند التاسعة مساءاً كنتُ على متن الطائرة الأثيوبية.

يُتبع ...

Post: #13
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 10:39 AM
Parent: #12

Quote: الف حمد الله علي السلامة استاذي الحسين .

في انتظار التقرير .

عودآ حميدآ مستطاب .


كنداكتنا، أُستاذتنا، توب مرقتنا، حنداكتنا بقريتها البرمائية منى عمسيب تحياتى وعيدك مبارك يا فنجرية.

أعادنا اللهُ وإياكم إلى وطنٍ معافىً ومستبرءٍ من الفقرِ والجهلِ والتوهان، ومن الكوليرا والأخوان، ومن السرطان ومن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ومن اختلاط ماءِ الشربِ بماء الخيران، ومن العواصم التى كلُّ من عليها سريعاً فان، إذا لم يتداركها اللهُ برحمةٍ منه وإحسانٍ وتحنان.

معلوم معزتنا وكدا.

Post: #14
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 09-13-2017, 11:55 AM
Parent: #13

Quote: إعترانى كلُّ ما يعترى المرءَ لحظةَ سَوْقِه، وكأنَّ مانعَ العَوْدِ قدِ استُلَّ من بدنى استلالِ الروح؛ فكان بصرى على وطنى حديداً، فَفِقْتُ كمن نَشِطَ من عِقال!

ياخ حسين دي لوحة جميلة شديد أضمها لعدد ممن يشبهها ما حالات "النوستالجيا" إياه
أهديك هذه لمتصوف ليبي غاب عن أهله

سقيا لملاعب الصبا، و مغاني الشباب، ما أحلاها، و ما أمرها على قلوبنا، اذا عدنا إليها، بعد طول الاغتراب، لتراها بعيون غشاها المشيب بسحب من الوهن...إنها تثير،
في صدورنا، زوبعة من الذكريات، يعتلج فيها الأنس و الحنين و الأسف و الوحشة و الحزن و الجزع و اليأس و التأسي، فيلذ لنا، في غمرة هذه الكآبة الحلوة ،
أن نبكي... على أنفسنا، و على أولئك الذين فارقونا، و الذين أوشك أن نفارقهم، بكاء المسافر النازح،
الذي لا يخفف من لوعته، على فراق أحبة أعزاء، إلا أمل بلقاء أعزاء آخرين، ينتظرونه في بلد بعـــــــــــــــــــــــــــــــيـد بعـــــــــــــــــــــــــــــــيد
===
واصل يا حبيب قشة ما تعتر ليك



Post: #15
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: ابوحراز
Date: 09-13-2017, 02:50 PM
Parent: #14

من هيثرو الى الخرطوم
وبعد 15 عاما
ولمدة 15 يوم
اعتقد انه طيلة هذه الفترة سيرتفع لديك انزيم الدهشة
اشياء كثيرة ستجدها قد تغيرت
يبدو لي ان اهل الكهف حينما استيقظوا من ثباتهم
كان معهم بضع قريشات
وحينما ارسلوا صاحبهم للمدينة وجد ان العملة قد تغيرت
شكلك كده ما ح تفرز الخمسين من العشرة !!
حمدا لله على السلامة ياخ
سردك ممتع وجميل
اكثر من اكل الاقاشي عشان الناس ماتشحدك قرووووش

Post: #16
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 09:50 PM
Parent: #15

Quote: من هيثرو الى الخرطوم
وبعد 15 عاما
ولمدة 15 يوم
اعتقد انه طيلة هذه الفترة سيرتفع لديك انزيم الدهشة
اشياء كثيرة ستجدها قد تغيرت
يبدو لي ان اهل الكهف حينما استيقظوا من ثباتهم
كان معهم بضع قريشات
وحينما ارسلوا صاحبهم للمدينة وجد ان العملة قد تغيرت
شكلك كده ما ح تفرز الخمسين من العشرة !!
حمدا لله على السلامة ياخ
سردك ممتع وجميل
اكثر من اكل الاقاشي عشان الناس ماتشحدك قرووووش


الأخ الكريم أبو حراز تحياتى،
وممنون لك التعاطى مع هذا البوست المتواضع؛ وبعد:

لقد كانت الدهشة صفر فى الحقيقة، فكل شئ تغير قد تغير فى الإطار المرصود له. وذلك لعمرى من كثرة الإنشغال بالهم العام؛ وحتى العملة لم يُدهشنى تغييرها خاصةً أنِّى قد عملت كخادم مدنى لشعبى من نافذة وزارة المالية والإقتصاد الوطنى لفترة ليست بالقصيرة.

ويا عزيزى أجدنى فى غاية الإمتنان على الإهتمام والتقريظ والحمدلة؛ وإن شا الله نجيك فى السمِح.

كل الود.

Post: #17
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 11:01 PM
Parent: #16

Quote: ياخ حسين دي لوحة جميلة شديد أضمها لعدد ممن يشبهها ما حالات "النوستالجيا" إياه
أهديك هذه لمتصوف ليبي غاب عن أهله

سقيا لملاعب الصبا، و مغاني الشباب، ما أحلاها، و ما أمرها على قلوبنا، اذا عدنا إليها، بعد طول الاغتراب، لتراها بعيون غشاها المشيب بسحب من الوهن...إنها تثير،
في صدورنا، زوبعة من الذكريات، يعتلج فيها الأنس و الحنين و الأسف و الوحشة و الحزن و الجزع و اليأس و التأسي، فيلذ لنا، في غمرة هذه الكآبة الحلوة ،
أن نبكي... على أنفسنا، و على أولئك الذين فارقونا، و الذين أوشك أن نفارقهم، بكاء المسافر النازح،
الذي لا يخفف من لوعته، على فراق أحبة أعزاء، إلا أمل بلقاء أعزاء آخرين، ينتظرونه في بلد بعـــــــــــــــــــــــــــــــيـد بعـــــــــــــــــــــــــــــــيد
===
واصل يا حبيب قشة ما تعتر ليك


الأستاذ الجليل عبدالله عثمان تحياتى،
والعيد مبارك عليكم، ومتعكم الله بالصحة والعافية.

شكراً عزيزى على إرفادك لمواجيد الحنين لهذا الشيخ الصوفى الليبى، وليتنا عرفنا اسمه. ولعل لذاكرة الطفولة والأمكنة شئٌ مثل المد والجزر مع وضوء القمر. وانظر الشاعر الفذ أبا تمام ماذا يقول:

البينُ جرعني نقيعَ الحنظلِ والبينُ أثكلني وإنْ لم أُثكلِ
ما حسرتي أنْ كدتُ أقضي إنما حَسرَاتُ نَفْسي أنَّني لم أفْعلِ
نقلْ فؤدكَ حيثُ شئتَ من الهوى ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ
كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ

المحبة التى تعلم.

Post: #18
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-13-2017, 11:59 PM
Parent: #1

فى الطريق إلى فردوسنا الأعلى - السودان

يقول سيدى مُحى الدين إبن العربى قدَّسَ اللهُ سِرَّهُ: "المكان إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".

وتصحيفاً أقول: "طاقم الطائرة إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".

يُتبع ...

Post: #19
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-14-2017, 00:43 AM
Parent: #18

كأنَّنا فى قاعة اجتماعات لمنظمة الإيقاد وشركائهم. وقد غمرتنى سكينةٌ مهيبة، انخمدَ معها جحيم الهُوية إلى درجة الصِّفر. وللمضيفاتِ وجوهٌ طلِقة، طابعُها الصباحةُ والملاحة، والإبتسامُ مندوبُها الدائم إلى ضيوفِ الأثيوبية.

يُتبع ...

Post: #20
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Awad Omer
Date: 09-14-2017, 01:38 AM
Parent: #19

الكريم/ الاخ حسين ..

Quote:
فى الطريق إلى فردوسنا الأعلى - السودان

يقول سيدى مُحى الدين إبن العربى قدَّسَ اللهُ سِرَّهُ: "المكان إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".

وتصحيفاً أقول: "طاقم الطائرة إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".


ونحن فا انتظار مزيد من سردك الرشيق ..
كابن عربي نعول علي الانثي -كفردوسك الاعلي - تشرق لنا من بين حنايا الحروف

Post: #21
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Awad Omer
Date: 09-14-2017, 01:39 AM
Parent: #19

الكريم/ الاخ حسين ..

Quote:
فى الطريق إلى فردوسنا الأعلى - السودان

يقول سيدى مُحى الدين إبن العربى قدَّسَ اللهُ سِرَّهُ: "المكان إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".

وتصحيفاً أقول: "طاقم الطائرة إذا لم يؤنث، لا يُعوَّلُ عليه".


ونحن فا انتظار مزيد من سردك الرشيق ..
كابن عربي نعول علي الانثي -كفردوسك الاعلي - تشرق لنا من بين حنايا الحروف

Post: #22
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-15-2017, 08:24 AM
Parent: #21

Quote:
الكريم/ الاخ حسين ..
...
ونحن فا انتظار مزيد من سردك الرشيق ..
كابن عربي نعول علي الانثي -كفردوسك الاعلي - تشرق لنا من بين حنايا الحروف


الأستاذ عوض عمر تحياتى،

مدين لك على كلماتك الطيبات، ومن لا يُعوِّل على الأنثى يا عزيزى لا يصلح لإنجاز أىِّ مشروع إنسانى أو ثورى. وعن الوطن ذلك الفردوس الأعلى حسبنا ما قال الصيدح التجانى سعيد: " رحلت وجيت فى بعدك لقيت كل الأرض منفى".

خالص شكرى وتقديرى.

Post: #23
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 09-15-2017, 09:52 AM
Parent: #22



هذه لغة لا تلهث وراء المعاني ولكنها تدرك المعاني بيسر فادح, أو لعل المعاني تنقاد اليها انقيادا, لا أعلم ولكن... ثمة شيء ساحر هنا !!!

Post: #25
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-15-2017, 11:12 AM
Parent: #23

Quote: هذه لغة لا تلهث وراء المعاني ولكنها تدرك المعاني بيسر فادح, أو لعل المعاني تنقاد اليها انقيادا, لا أعلم ولكن... ثمة شيء ساحر هنا !!!


الدكتور محمد حيدر المشرف تحياتى،
وكل السنة أنت ومن يليك بألف خيرٍ وعافية.

يا عزيزى تُشكر على الثناء الذى أرى أنِّى لا أستحقه. وهو بحال يضعنى أمام مسئولية التجويد والحَزْق وشحذ الهِمَّة، وأرجو أن أكون عند حُسنِ هذا الظنِ والأشواق؛ خاصةً حينما يأتى كلُّ ذلك من لَدُن شخصٍ هُوَ مَنْ هُوَ قَدْراً واقتداراً فى ضروبٍ شتَّى من نواحى الحياة المُهمَّة.

المعزة التى تعلم.

Post: #24
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-15-2017, 10:40 AM
Parent: #22

ما أنِ اعتدلت الطائرة من صنقعتها، وفعلت بأرجلها عكس ما يفعل أبو حنيفة النعمان فى حضرة الباهت الطرير، حتى أُوقدتِ المصابيحُ وطغى لونُنا القهوىُّ الحميم على مشهدِ القاعة المحمولة جواً؛ خِلافاً لغلبةِ لونِ المدينةِ التى تركناها تحتنا.

وفجأةً، يقفز سيد عبد العزيز إلى ذهنى بخريدته "مسو نوركم شوفو المن جبينة صباح، والصباح إن لاح لا فايدة فى المِصباح"، وذلك حين التقت عيناىَ بعينَىْ أُولى المضيفات التى تحركت بيننا تبثنا الطمأنينة والتواصل. كنتُ حريصاً على أثْيبة كلَّ شئٍ حولى، فدلفتُ أستمع إلى مطربة العاشقين أستير أويكى.



وفى الوقتِ الذى بدأتُ أغرقُ فى كلِّ ما هو أثيوبى فإذا بشابين صوماليَيْن فى مؤخرة الطائرة يهمسان إلى بعضهما البعض بصوتِ من يتحدثان إلى بعضهما البعض كلٍ منهما على الضفة الأخرى للنيل. ...

يُتبع ...

Post: #26
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-15-2017, 10:09 PM
Parent: #24

طلبتُ من المضيفة أن تتحدث إلى الشابين ليخفضا من همسهما المُجلجِل الذى أقلق راحة الجميع خاصةً الأطفال والمسنين الأجانب الذين ذهب تفكيرهم إلى أبعد من مسألة الإزعاج. قالت لىَ المضيفة أنَّها تحدثت إليهما ليسكتا ولكنهما قالا لها لا نستطيع أن نسكت إلاَّ حينما نتناول الطعام. إمرأة إنجليزية فى العقد السابع طلبت من المضيفة أنْ يُبحَث لها عن مقعد آخر.

وفى ظل منتهى عدم اللياقة والذوق العام هذا، لم تغيِّر أىٌّ من المضيفات طلاقة وجهها أو ابتسامتها؛ فتعجبت لمرونة هذا الشعب؛ أو لعلَّه فن إدارة الأزمة حينما يكون المُقام بين السماوات والأرض الذى لم أشهده من قبل. جِيئَ بالطعام ولكنهما لم يصمتا بعد، جِيئَ بالمشروبات المتنوعة؛ فإذا بالصوتِ يهدأ قليلاً بعد أن تناولا قارورتين صغيرتين بلونٍ بنىٍّ داكنٍ مليئتين بكحول الجن.

غير أنَّ قارورة من ذات الكحول جعلت إمرأة زيمبابوية جميلة ومرتبة تتكلم "برَّا من راسا". وما ذهبَ رجلٌ أو إمرأة إلى الحمام إلاَّ وجادت عليه/ا بِهَقْ (بضمَّةٍ) حميمةٍ يحولُ بينك وبين إلتصاقِ قدِّها الرشيق بكَ نهدانِ موتورانِ ممتلئانِ كمنقةِ قلبِ التور. ... الله يعدى هذه الرحلة على خير.

ودعت أستير أويكى وبدأت فى متابعة خط سير الطائرة من لندن إلى أديس أبابا؛ والذى يمر بعد المتوسط بجزءٍ من ليبيا ومصر والسودان (السودان؛ بلدى يا فردة جناحى التانى وكت الناس تطير لى عالما؛ كما يقول الحبيب حميد عليه السلام).

يُتبع ...

Post: #27
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-16-2017, 09:33 PM
Parent: #26

... على ذِكر ليبيا؛ يخطر ببالى أنْ أخطر الجنرال خليفة حفتر بأنَّ عدم نصرهم يكمن فى أنَّ جهات متنفذة من جيرانهم فكَّت شفرة طباعة عملتهم الدينار حينما اختاروا أن يطبعونها عند ذلك الجار، وطبعت منه مليارات الدينارات الليبية وما زالت تفعل، وراحوا يشترون كل العملات الصعبة الموجودة بالبلد ويعطون جزءاً للإسلاميين هناك لتمويل عملياتهم ضد الجنرال حفتر ورهطه، والجزء الآخر يذهب حيثما يذهب (وا مختاراه).

وللمرةِ الأخيرة نقول للسيد الجنرال حفتر وصحبه لن تنتصروا على تنظيم الأخوان المسلمين العالمى فى بلدكم مالم تُغيروا عملتَكم. فإنْ فعلتم فخيرٌ لكم، وإن لَّم تفعلوا على كَيْفكم؛ ... اللهْ غالبْ إيش نَدير لها.

يُتبع ...

Post: #28
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 02:04 AM
Parent: #27

... دخلت الطائرة الأثيوبية الأجواء المصرية، فتأبطتِ المُضيفاتُ حقائبَهنَّ اليدوية كمزيدٍ من إجرآءات السلامة الزائدة إذا لا قدَّر الله وحدثَ هبوطٌ اضطرارى قِبالةَ أُمِّ الدنيا وسارقةِ التاريخِ والمياهِ والجغرافيا.

ولكن علىَّ أنْ أُلوِّحَ بالتحية هنا لأستاذى الجليل بروفسير إبراهيم أحمد نصر الدين مدير معهد الدراسات الفريقية والآسيوية بالقاهرة الذى حينما ذكر فى محضارةٍ فى النصف الأول من ثمانينات القرن المنصرم بأنَّ مصرَ تأخذ أكثر من حصتها من مياه النيل على حساب حصة السودان، ضربته المخابرات المصرية ضرباً مُبَرِّحاً، وتركته بين الحياةِ والموت.

وسوف أُلَوِّح بالتحية للأستاذ الجليل بروفسير على عبد القادر على الذى اضطرته ظروف القهر ببلده ليترك قصره المنيف بالسودان، ليشترى بيتاً بالقاهرة يقضى فيه حياته المعاشية بعيداً عن بلده الذى أحب، بعد أن ترك معهد التخطيط العربى بالكويت. وهو، يا مِصرُ، عندى ليس أقلَّ من سمير أمين وسائر منظرى مدرسة التبعية.

والتحية لأُستاذتى المصرية الجليلة بروفسير منى عبد الفتاح خليفة المقيمة بلندن الآن، والتى أطعمتنى علم الإحصاء والإقتصاد القياسى إطعاماً، والتحية لبنتها الروائية السودانية الرفيعة ليلى فؤاد أبو العلا التى رفعت رأسنا عالياً بين الأمم.

والتحية لكثيرٍ من الأصدقاء والصديقات هناك والمعارف، ولكلِّ من حىَّ سيدى بُرعى الزربية بمصر المؤمنة من أولياء صالحين؛ قدَّس الله أسرارهم، ونفعنا اللهُ بِبَرَكتِهِم.

يُتبع ...

Post: #29
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 02:21 AM
Parent: #28



يُتبع ...

Post: #30
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 06:35 AM
Parent: #29

... وفجأة انتابتنى قشعريرة جعلتنى فى وضعية القومة ليك يا وطنى، وفى حضرة جنابك يطيب الجلوس.

إنَّها وضعيةٌ وحال، لو رآنى فيها الفريق توفيق صالح أبو كدوك رحمه الله (كما رأى ذلك الجندى الهارب من التدريب حينما رفع السلك الشائك وانحنى ليخرج)، لقال لى: "إنْ جلستَ مرفود وإنْ وقفتَ مرفود". كان ذلك الحال أوانَ دخول الطائرة الأثيوبية الأجواء السودانية من جهة جبل عوينات الذى يحتله مزعزو الأمن فى مصر والسودان وليبيا الحفترية. وجبل العوينات وجبل العطرون والواحة تبعد مسيرة ثلاثة أيام بالجِمال من مدينة الدبة التى نتسوَّق فيها؛ فهى المركز والمحافظة وعُكاشة (وعُكاشة النوبى العظيم هو ناظر المدرسة الثانوية العليا فى سبعينات القرن الفائت، والذى كان يقولُ معتداً بذاته إذا غضِب: أنا الدَّبة) رحمه الله بالرحمة الواسعة.

وأرجو ألاَّ يتبادر إلى ذهنكم يا سادتى أنَّنى أكتبُ فصلاً من رواية، بل أنا أصف لكم ما حدث لى بالضبط. ... قاتل اللهُ مقطوعة الطارى النوستالجيا.

يُتبع ...

Post: #31
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 09-17-2017, 07:42 AM
Parent: #30

Quote: قاتل اللهُ مقطوعة الطارى النوستالجيا.

كلنا ذلكم الرجل
فهذا الحال لا يمضي وهذا الداء لا يبرأ

فزد ويارك

Post: #32
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حامد بدري
Date: 09-17-2017, 08:46 AM
Parent: #31

Quote: يا اخوانا حسين أحمد حسين ؟؟؟ دا زول مثقف و كتّاب شديد ياخ
الرسالة العاوز الناس الأعضاء في اون لاين يوصلوها ليه هي

ياخ اكتب بدون فواصل
فيما يخص موضوعه بي اسم
خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما



بامانة جاني تنبيه من صديق في قروب وجيت لقيت الدراي جن ده واتحكرتا منتظر المزة
هسع ناس القروب يقولو سررربتا المهم بي سببي كباية جن واحدة تاني بسرررب

Post: #34
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 10:37 PM
Parent: #32

Quote: بامانة جاني تنبيه من صديق في قروب وجيت لقيت الدراي جن ده واتحكرتا منتظر المزة
هسع ناس القروب يقولو سررربتا المهم بي سببي كباية جن واحدة تاني بسرررب


الكريم حامد بدرى تحياتى،

ياخى من أين للحسين بالثقافة والكتابة مع أساطين الحرف الذين يزينون هذا المنبر الفريد، إنَّه فقط يُحاكى الرجال حتى مبلغ الرشد.

فأهلاً بكَ وبمن دلَّك ونبَّهك على هذا البوست على عِلاَّت تواضعه وفواصله الكثيرة. وأعِدك بالكتابة بدون فواصل حين تفآجُّ السانحات، بالرغم من أنَّى أكتب بين شقوق الشغل والمدارس وصوارف الحياة العديدة.

لكَ المودةُ كلُّها.

Post: #33
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 10:19 PM
Parent: #31

Quote: كلنا ذلكم الرجل
فهذا الحال لا يمضي وهذا الداء لا يبرأ

فزد ويارك


الحبيب عبد الله عثمان تحياتى،

إنَّه لأمرٌ جدُّ قاسٍ أنْ تضطرَّ شخصاً ما ليبعِدَ قسراً من مراتع الصبا، والتفتُّحِ على الحياة، وأبجدياتِ التكوين، وحليبِ التعلق بالمكان. ومهما كان المكانُ المضيفُ جميلاً، فلن يُلهيكَ عن وطنٍ حبوْتَ على ترابه.

شكراً على المتابعة والمؤآزرة.

Post: #35
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-17-2017, 11:39 PM
Parent: #30

... لم ألبثُ وقتاً طويلاً حتى اعترانى فيضٌ من حنينٍ عميقٍ وجذبةٍ إلى الأرض، تُماثلُ ذلك الشعورَ الذى يحسُّهُ المرءُ حين يأخذه المصعد فجأةً إلى أعلى. فطفقتُ أفِجُّ خريطة سير الطائرة، كما فجَّتْ تلك الحسناء الشاعرة النادرة حبيبها (أنا يانى البِنيَّة الفَجَّتَك)، ولكن على طريقة بابا الفاتيكان حينما يُنثُرُ الماءَ المقدَّس على زوَّارِه. ويأخذنى المشهد لِأتعجب من صبرِ الفنان مايكل أنجلو الذى زيَّن سقفَ مبنى الفاتيكان بأجمل الرُّسومات الآخَّاذة وهو يرقدُ على سقالة لمدة ثمانِ سنوات دون أن يشكوَ من قُرحةٍ سِقالية.

وبينما أنا أفِجُّ الخريطةَ بأصابعٍ بابوية، فإذا بالطائرة على سماء الجابرية الكبرى التى تجمع بين مسقط رأسى ومسقط رأس الحبيب الأول، وصدقَ الشاعر الفذ أبو تمام أنَّ الحنين دائماً لِأوَّلِ منزلِ، وأنَّ الحبَّ دوماً للحبيب الأولِ. زرفت العينُ كثيراً من الدمع وأنا أستمع من اللابتوب لقصيدة الشاعر عبد الله محمد خير التى يقول فيها مشتاق للحسيناب أسِّقة وبِكِرا:



كما قرأتُ على نفسى آخر قصائدى للحبيبِ الأول التى كُتِبَتْ عام 1982:

Post: #36
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-18-2017, 00:12 AM
Parent: #35


عذرا...حقوق العشق محفوظة ...
_______________________

يا بديعة،

يا كنوزَ الحُسْنِ و الخُلُقِ الرفيعة.

يا نجاةً مِنْ صُروفِ الدّهْرِ والفرحِ المفاجئِ بالفجيعة.

يا حبيبةَ قلبىَ الولهان أين عيونُكِ النّجلاءُ والقدُّ الربيعة.

آهِ لو ألقاكِ راضيةً على عقدٍ تُباركُهُ وتُشهِرُه الشريعة.

آهِ لو ألقاكِ ثانيةً على سُننِ البرآءاتِ الوديعة.

فإنَّنى يا أَنتِ مُنذُ فِراقِنا كَرْهاً و إعلانِ القطيعة.

العينُ ما فتئتْ تُراوحُ سُهْدَها و الباَلُ مِنْ رَهَقٍ جديعة.

ضَربتُ يُمنى ثمّ يُسرى تارةً لكنّها ضَاقتْ على الرّحبِ الوسيعة.

فيا تُرى مثلى تعيشينَ الهروبَ تكابُراً وتعلّلينَ الوَصْلَ بالحُجَجِ الرقيعة،

العقلُ للأطفالِ والزوج ِ الودودِ وقلبىَ المكلومُ تَفْجَعُهُ الذريعة.

أمْ تُرى قَنِعَ الفؤادُ بحظهِ مُسْتعصِماً عنى وعنْ سُبلى المُضِيعة.

أمْ تُرى ما زلتِ تنتظريننى حُلماً سَتجْلِبُهُ الصباباتُ القشيعة.

أيَّما كان الخيارُ حبيبتى فأنا المُعذّبُ فى الهوى، أنتِ الشفيعة.

فيا سنا الأشواق ِ هذا حظنُا نَهْوى كِلينا ثمَّ نتَّزرُ الخديعة.
________________________________

مارس 1982.

Post: #37
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-18-2017, 00:34 AM
Parent: #36

أين عيونُكِ النّجلاءُ والقدُّ الربيعة



يُتبع ...

Post: #38
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: الطيب عباس
Date: 09-18-2017, 05:29 AM
Parent: #1

حسين اخوي سلام ليك ولضيوفك

15 يوم ما بتقضاك حتكون فغر فيها فمك بس وترجع ..
تحياتي

Post: #39
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-18-2017, 10:36 PM
Parent: #38

Quote:
حسين اخوي سلام ليك ولضيوفك

15 يوم ما بتقضاك حتكون فغر فيها فمك بس وترجع ..
تحياتي


وعليكم السلام والرحمة والبركات،
الأخ الكريم الطيب عباس.

فى قرية أىُّ فرد فيها جده الخامس حسين، توفِّىَ فيها أكثر من 250 شخص خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة (فى بيتنا وحده توفىَ والدى وثلاث من عماتى) رحمهم الله جميعاً وأحسن إليهم، فإنَّ 15 يوماً ما كنت كافية حتى لرفع جميع الفواتح، دعك عن أن يقع بصرى على ما يُدهش ويفغر الأفواه.

غير أنَّى كما ذكرت بعاليه، توجد فى البال مساحة لتمدد البلد أفقياً ورأسياً، وعلى صعيد الإقتصادى والإجتماعى وغيره، وقد كتبتُ عن ذلك أكثر من عشرين مقالاً هنا وهناك، وبالتالى الدهشةُ عندى عدمية. وفى الحقيقة كان جُلُّ اهتمامى منصباً على آليات التعايش الإجتماعى (Coping Mechanisms) مع هذا الواقع المُزرى، وهو محط السطور القادمة من هذا البوست إنْ شاء الكريم.

شكراً على التواصل يا عزيزى.

Post: #40
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Abureesh
Date: 09-19-2017, 03:19 AM
Parent: #39

تمت ستة ايام على البوست ولا ذكر للسودان ألا لماما.. غايتو يشفعوا ليك حاجتين.. الاولى ذكرك للشيخ الاكبر محى الدين بن عربى (بدون الف ولام) والشيئ التانى إنك من الجابرية.. بعد الدبة فى إتجاه دنقلا.. اول مرة منذ 1973 أسمع شخص يذكر إسم الجابرية. وقد تشرفت بزيارتها فى ذلك العام وهذه بوست بحاله.

تحياتى.

Post: #41
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 09-19-2017, 08:29 AM
Parent: #40

أم السعد
أوتحسب حقاّ يا ولدي أني هاجرت
و تركت ورائي أحلامي
و فتاة تسكن عينيها الدنيا
و رفاقا أثمن من دنيا
و أهالينا
و قرانا السمر و صحرانا و شواطينا
لأعيش بقية أيامي من غير حبيب

أوتحسب حقاّ يا ولدي
أني هاجرت
و تركت ورائي فرساناّ في عمر الورد
و صبايا، رائحة المسك الغالي
و مذاق الشهد
و بلاداّ تسكن عينيها أيام السعد

أو تحسب أني يا ولدي
غادرت مراعي أغنامي
من غير وداع
و حدائق أشجار الطلح الظامي
من دون وداع
و هجرت جواداّ يألفني و ركبت البحر
أتصدق أن البحر يروض بدوياّ مثلي
لم يعرف حتي ما معني النهر

أوتحسب يا ولدي أني هاجرت
أتظن بأني ضقت بأحزاني
و مللت هواجس جيراني
و ملامح صبية جيراني

أتصدق يا ولدي إن قالوا
إني هاجرت
أتصدق أقدر أن أنسي
ذات العينين السوداوين المأمونة
أتصدق أن أترك روض الأطفال، و جاراتي
و جموع السمر المحزونة
و أعيش بقية أيامي من غير حبيب

لا ، أبداّ يا ولدي
لا ما هاجرت
لكني خيمت بعيداّ عن عرس الهم
أحزنني جداّ يا ولدي
في العرس الهم
لكن العيد سيقبل يا ولدي
في يوم العيد
و أجيء بلادي مشتاقاّ في يوم الوعد
سأجيئك يوماّ يا بلدي خذ هذا العهد
سأجيئك يوماّ يا أمي
يا ذات العينين السوداوين
يا أم السعد

Post: #43
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-19-2017, 11:53 PM
Parent: #41

Quote: أم السعد
أوتحسب حقاّ يا ولدي أني هاجرت
و تركت ورائي أحلامي
و فتاة تسكن عينيها الدنيا
و رفاقا أثمن من دنيا
و أهالينا
و قرانا السمر و صحرانا و شواطينا
لأعيش بقية أيامي من غير حبيب

أوتحسب حقاّ يا ولدي
أني هاجرت
و تركت ورائي فرساناّ في عمر الورد
و صبايا، رائحة المسك الغالي
و مذاق الشهد
و بلاداّ تسكن عينيها أيام السعد

أو تحسب أني يا ولدي
غادرت مراعي أغنامي
من غير وداع
و حدائق أشجار الطلح الظامي
من دون وداع
و هجرت جواداّ يألفني و ركبت البحر
أتصدق أن البحر يروض بدوياّ مثلي
لم يعرف حتي ما معني النهر

أوتحسب يا ولدي أني هاجرت
أتظن بأني ضقت بأحزاني
و مللت هواجس جيراني
و ملامح صبية جيراني

أتصدق يا ولدي إن قالوا
إني هاجرت
أتصدق أقدر أن أنسي
ذات العينين السوداوين المأمونة
أتصدق أن أترك روض الأطفال، و جاراتي
و جموع السمر المحزونة
و أعيش بقية أيامي من غير حبيب

لا ، أبداّ يا ولدي
لا ما هاجرت
لكني خيمت بعيداّ عن عرس الهم
أحزنني جداّ يا ولدي
في العرس الهم
لكن العيد سيقبل يا ولدي
في يوم العيد
و أجيء بلادي مشتاقاّ في يوم الوعد
سأجيئك يوماّ يا بلدي خذ هذا العهد
سأجيئك يوماّ يا أمي
يا ذات العينين السوداوين
يا أم السعد


شكراً الحبيب عبد الله عثمان على هذا القصيد النَّضيد، الممتلئ بالشجن والعَبَرات. ولا مُحالة من العودة إلى وطنِ أم السعد وإن طال الشتات يا عزيزى؛ ودوام الحال من المُحال. ... لقد أرغمونا - نحن العشرة مليون مهاجر سودانى - على الهجرة من وطننا، فتناسل الوطن لأكثر من عشرة مليون ضعف.

المعزة التى تعلم.

(أيها النَّاسُ نحن من نفرٍ عمروا الأرضَ حيثما قطنوا)


Post: #44
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-20-2017, 01:30 AM
Parent: #43



يُتبع ...

Post: #45
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-20-2017, 02:11 AM
Parent: #44



يُتبع ...

Post: #42
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-19-2017, 11:14 PM
Parent: #40

Quote: تمت ستة ايام على البوست ولا ذكر للسودان ألا لماما.. غايتو يشفعوا ليك حاجتين.. الاولى ذكرك للشيخ الاكبر محى الدين بن عربى (بدون الف ولام) والشيئ التانى إنك من الجابرية.. بعد الدبة فى إتجاه دنقلا.. اول مرة منذ 1973 أسمع شخص يذكر إسم الجابرية. وقد تشرفت بزيارتها فى ذلك العام وهذه بوست بحاله.

تحياتى.


الأخ الكريم أبو الريش رِدفُ التحايا لك ولمن يليك.

عفواً يا عزيزى، ذكر السودان سيجئُ تِباعاً، ولكن ربما الدافع وراء التأجيل نفسى وهو الهروب من حالة الضعف والإنهيار الذى أصابنى وأنا أنزل من الطائرة على الأرض السمراء، ولربما أنَّنى مازلت فى حالة الإستلاب الإثيوبى. ولكن على أىِّ حال ذانك الصومالييْن قد أخرجاننى من ذلك الإستلاب، فَفِقتُ على فصٍ من فصوصِِ الوطن. فجاء ذكر الجابرية الكبرى التى تشرفت هى الأخرى بزيارتك، ومن قبل جاء ذِكر الشيخ الأكبر مُحى الدين إبن العربى.

وعلى فكرة أخى أبو الريش "أل" الشيخ الأكبر إبن العربى أسقطها الفقهاء لحاجةٍ فى أنفسهم، ولِيُفرقوا بينه وبين إبن العربى الفقيه؛ وقد فعلوا ذلك رغم تطابق إسميهما فى الألف واللام. ... ولك منا بوسطى ومدرسة وسطى لأجل المحبة والتواصل.

ممنون لك.

Post: #46
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-20-2017, 09:01 PM
Parent: #42

... ونحن فى جابريتنا الكبرى، كنا حين نرى الطائرة "النَّفَّاثة" فوق رأسنا نقول: " هَبَى، هَسِّى تكون وصلت مكة"؛ وهى بعد فى مرصد العين، وربما نَفْثُها عندنا وجسمها فوق البركل الكوشى العظيم، الذى عند مدخله كتب خاليوت بن بعانخى قسم الحُكم الكوشى الرشيد قبل 4000 سنة (وفى رواية قبل 7000 سنة) قبل الميلاد. ذلك الحكم الرشيد الذى لطالما تنطع به المتنطعون من الغربيين وزبانيتهم فى القرن الواحد وعشرين بعد الميلاد. ... يقول جدُّنا خاليوت رحمه الله بالرحمة الواسعة:

(إنَّنى لا أكذب، ولا أعتدى على ملكية غيرى، ولا أرتكب الخطيئة، وقلبى ينفطر لمعاناة الفقراء، إنَّنى لا أقتل شخصاً دون جرمٍ يستحق القتل، ولا أقبل رشوة لأداء عمل غير شرعى، ولا أدفع بخادم استجارنى إلى صاحبه، ولا أُعاشر إمرأة متزوجة، ولا أنطقُ بحكم دون سند، ولا أنصب الشراك للطيور المقدسة "أو أقتلُ حيواناُ" مقدساً، إننى لا أعتدى على ممتلكات المعبد - الدولة، أُقدمُ العطايا للمعبد، إنَّنى أُقدم الخبز للجياع، والماء للعطشى، والملبس للعُرى. أفعلُ هذا فى الحياة الدنيا وأسير فى طريق الخالق، مبتعداً عن كلِّ ما يغضب المعبود، لكى أرسم الطريق للأحفاد الذين يأتون من بعدى فى هذه الدنيا وإلى الذين يخلُفُونهم وإلى الأبد).

يُتبع ...

Post: #47
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-20-2017, 11:14 PM
Parent: #46

.... أعلاه أباؤنا. فمن أىِّ صُلْبٍ اسْتُنْسِلَ الإنقاذيون؟
مَنْ هِىَ حواؤهم الميتوكوندريا؟

يُتبع ...

Post: #48
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Mohammed Alhasan Mohammed
Date: 09-21-2017, 07:06 AM
Parent: #47

Quote: خاصةً أنِّى قد عملت كخادم مدنى لشعبى من نافذة وزارة المالية والإقتصاد الوطنى لفترة ليست بالقصيرة.



تحياتى


خادم مدنى لشعبى


يا له من تعبير رائع تعبير رائع للمعنى الحقيقى لمهام الموظف الحكومى.. .تعبير بمثابة جسر لنهضة الامة ......طبعا انقرض هذا الفهم .......وعكسه تماما هو ما تجده حاليا فى الدواووين الحكومية فى السودان ......

Post: #49
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: الفاضل يسن عثمان
Date: 09-21-2017, 08:31 AM
Parent: #48



استاذنا حسين احمد حسين
حمدا بسلامة العودة والاطمئنان علي الأهل والاصحاب بالسودان
والأستاذ حسين للذين لا يعرفونه ، فهو صاحب خلق نبيل وأديب أريب بالحديث وروحه تفتح النفس ضلفتين عندما تلتقيه
وللأستاذ حسين مشاريع ومبادرات قيمة لسودان التغيير بنك المهاجرين من خلال رؤية متكاملة ودراسة جدوي جرئية بالإحصائيات
مازالت رواءه ومبادراته محل تقدير ونقاش بين أصدقائه واصحابه .
التحية علي لغتك الرفيعة استاذنا حسين ، فقد استمتعنا بالمتابعة ومازلنا

Post: #50
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: نصر الدين عثمان
Date: 09-21-2017, 09:04 AM
Parent: #49

أستاذنا حسين وضيوفك الأكارم .. سلام،



Quote: فيا تُرى مثلى تعيشينَ الهروبَ تكابُراً وتعلّلينَ الوَصْلَ بالحُجَجِ الرقيعة،


يا سلااااااااام..............
[وذو الشوق القديم وإن تعزى مشوقٌ حين يلقى العاشقينا]

Post: #54
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-22-2017, 02:11 AM
Parent: #50

Quote: أستاذنا حسين وضيوفك الأكارم .. سلام،



Quote: فيا تُرى مثلى تعيشينَ الهروبَ تكابُراً وتعلّلينَ الوَصْلَ بالحُجَجِ الرقيعة،


يا سلااااااااام..............
[وذو الشوق القديم وإن تعزى مشوقٌ حين يلقى العاشقينا]


وعليكم السلام والرحمة والبركات أستاذنا نصر الدين عثمان،

ومن بلاغة هذا الشاعر يا عزيزى وأستاذى نصر الدين، أنَّه لخصَ كلَّ القصيدةِ فى بيتٍ واحدٍ فقط. وانظر إلى شبه الجملة "وإنْ تعزَّى" والتى تساوى ثلاثة أبيات بالقصيدة.
ثمَّ أنَّك أيُّها الرجل فلفالٌ وعزَّال، وتسبقُ بصرَك بصيرةٌ - ما شاء الله تبارك الله - مكتملة النضج.

ممنون لك على التواصل.

Post: #53
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-22-2017, 01:24 AM
Parent: #49

Quote: استاذنا حسين احمد حسين
حمدا بسلامة العودة والاطمئنان علي الأهل والاصحاب بالسودان
والأستاذ حسين للذين لا يعرفونه ، فهو صاحب خلق نبيل وأديب أريب بالحديث وروحه تفتح النفس ضلفتين عندما تلتقيه
وللأستاذ حسين مشاريع ومبادرات قيمة لسودان التغيير بنك المهاجرين من خلال رؤية متكاملة ودراسة جدوي جرئية بالإحصائيات
مازالت رواءه ومبادراته محل تقدير ونقاش بين أصدقائه واصحابه .
التحية علي لغتك الرفيعة استاذنا حسين ، فقد استمتعنا بالمتابعة ومازلنا


أهلاً بالحبيب الإستاذ الفاضل ياسين عثمان،
وكل السنة أنت والأهل والعيال بألفِ خيرٍ وصحةٍ وعافية.

ويا عزيزى أنا ممتن لك على التشجيع المتواصل، وعلى حسنِ ظنك بى، وعلى الإطراء الذى لا أستحقه. وهو عندى يعكس سماحةِ ذاتك قبل أن يمدح شخصى الضعيف الذى يُجارى الرجال ولما يصل. وأين أنا من الرجال أهل الشأن والرأى ، وليتنى أقتاتُ من خشاشِ نعلِهم لِأدركَ مقاماتِهم الرفيعة.

زادك اللهُ رِفعةً وسؤدداً أخى الفاضل الفاضل، وأرجو أن أكون بما يوازى كل هذه الأشواق والمرجوَّات.

المعزة التى تعلم.

Post: #52
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-22-2017, 00:57 AM
Parent: #48

Quote: تحياتى


خادم مدنى لشعبى


يا له من تعبير رائع تعبير رائع للمعنى الحقيقى لمهام الموظف الحكومى.. .تعبير بمثابة جسر لنهضة الامة ......طبعا انقرض هذا الفهم .......وعكسه تماما هو ما تجده حاليا فى الدواووين الحكومية فى السودان ......


الأستاذ محمد الحسن محمد آلاف التحايا،

ولك منى صيغة منتهى الإمتنان يا عزيزى وأنت تلتقط هذا المعنى وتضفى عليه من خصب الدلالات ما يجعل القارئ شريكاً أصيلاً فى استمرار النص بعد موت الكاتب. وما ذاك إلاَّ أنَّك مليحُ العقلِ - طَلْعَة، وقارئٌ ذو مواهب شاهقة.

مع خالص الود.


Post: #51
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عماد الدين الطيب عمر
Date: 09-21-2017, 09:56 AM
Parent: #1

اخ احمد حسين يا رائع
احييك و احيي الجابرية

و لك هذا الاهداء


Post: #55
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-22-2017, 02:51 AM
Parent: #51

Quote: اخ احمد حسين يا رائع
احييك و احيي الجابرية

و لك هذا الاهداء



حياك الله أخونا عماد الدين الطيب عمر،

وشكراً على الإهداء الراقى من الصديق الحبيب حميد عليه شآبيب الرحمة والمغفرة. وسوف أرد لك ذات الهدية يا عزيزى بصوت الفنان الرفيع عادل عثمان الطيب فى ثلاثة أجزاء:

الجابرية تحيىِّ الثورة







مع خالص شكرى وتقديرى.

Post: #56
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-22-2017, 11:19 PM
Parent: #55

... الطائرة الآن على تخوم كسلا وأروما وبورتسودان، حيث تسكن زينة بنات عثمان، ويا ام عيناً كما الفِنجان ... شراب موية التلج مابْ برِّدْ الحارقنى فى الوجدان .

والآن تهبط الطائرة قليلاً قليلاً إيذاناً بقرب دخول أثيوبيا - أديس أبابا، والهبوط على أعلى مطارات العالم. وقد بدأتْ تتغشَّانا برودة محبَّبة، ورذاذٌ يسيل على نوافذ الطائرة كما يسيلُ الندى من جسدِ امرأةٍ طابقةٍ للبوخة.

إنَّ أثيوبيا فينوس عظيمة.

يُتبع ...

Post: #57
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-23-2017, 11:29 AM
Parent: #56

... المُضيفاتُ الجميلات على متن الطائرة ودعننا بابتسامتهنَّ الأزلية، وأسلمننا إلى ابتساماتٍ أُخريات أعمق رسوخاً وليس فيهنَّ شيئاً مجلوباً، وذهبنَ بنا إلى الفندق. ولعلِّى سأعودُ يا سادتى للأثيبة والإستلاب من جديد، وسوف أغرق هنا لمدة تسع ساعات (Lay over) فممنوع الإزعاج.

ولكن لفت نظرى - أنا طالب الإقتصاد المضارع - إعلان مهم على أحد الكبارى الطائرة منطوقُهُ يقول: "يوجد تمويل لأىِّ مشروع صناعى".

يُتبع ...

Post: #58
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-23-2017, 02:44 PM
Parent: #57

أخوان السودان ثانى أكبر مستثمر فى أثيوبيا بعد الصين.
"حَبَشَكْ الما ضرَّاك".

يُتبع ...

Post: #59
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-23-2017, 02:55 PM
Parent: #58

المسروقون أولى بالمعروف يا هداك الله.

ماذا لو استثمر اللصوصُ مسروقاتهم ببلدهم، أما كان من الممكن أن يساهموا فى حل مشكلة البطالة؟ أم أنَّهم مُهجسون بالتغيير.

يُتبع ...

Post: #60
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-23-2017, 04:26 PM
Parent: #59

نسيتُ أن أخبركم بأن أربعةَ كنديين - مصريين متجهين إلى مصر، كانوا بِلِحى عظيمة حينما ركبوا معنا الحافلة إلى الفندق. ولكن حينما أيقظونا لتناول وجبة الغداء أَتَوْا إلى المطعم بوجوهٍ خالية حتى من الزَّغَب. فقلتُ فى نفسى إنَّ أمرَ السيسى لفُرُطَى؛ فأخذتُ طعامى من البوفيه (أنجيرا بالشطة، سمك، أرز بالدجاج، سلطة خضراء، سلطة فواكه، عصير الباباى بالبطيخ) المُعد لنا وانتبذتُ مكاناً قصياً.

بعد الغداء والشاى والقهوة، حملتُ اللابتوب وحقيبتى وذهبنا بذات الحافلة إلى المطار، حيث أقلعنا عند الرابعة وخمسٍ وعشرين دقيقة إلى فردوسنا الأعلى (وطنى لو شُغِلتُ بالخلدِ عنه .. نازعتنى إليه فى الخلدِ نفسى، وكلُّ دارٍ أحقُّ بالأهلِ إلاَّ .. فى خبيثٍ من المذاهبِ رِجْسِ - ما أعظمك يا شوقى!).



يُتبع ...

Post: #61
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-24-2017, 11:37 AM
Parent: #60

... الهضبة الأثيوبية وتانا عنوان للخَصْب والنماء والجمال والحب، ومن هنا ينبع النيل الأزرق فيسقينا ويروينا خصباً ونماءاً وجمالاً وحبّا.

هذا ما عَلِقَ بذاكرتى من أثيوبيا التى أزورها لأول مرة. واستبطنتُ كلَّ هذه المعانى ونحن على وشك أن ندخل أجواء كسلا مروراً بضريح سيدنا النجاشى عليه المحبة والسلام. وهنا أُشْرِعَت الرادارات اللَّدنية وتفتَّحت كل المسام لالتقاط الإشارات الحَسَنية لتلقِّى الإذن بدخول كسلا من أهل الشأن الحقيقيين؛ حتى قيل: "إدخلوها بسلامٍ آمنين". ورحم اللهُ خليفتَها - وطيَّب اللهُ ثراه - الذى قبل أن أُفكرَ فى السفر بسنين عددا قال لابنةِ عمِّى (التى تقطن كسلا وقتها) مرتين بينهما إثنى عشرة شهراً سيُنجب لولدكم حسين أحمد حسين أبناءاً وراء البحار؛ والحمد لله والشكر لله الذى جعلَ رؤياه حقاً أبلجاً.

شغلنى عن هذه الذكريات الحميمة على سماء هذا الجزء الحبيب من السودان رجل أعمال هندى يملك عدداً من الشركات فى الدول الأفريقية بما فيها السودان وتعمل فى مجال الإتصالات. ولما عرف أنِّى بريطانى - سودانى غائب عن البلد 15 سنة أخذ راحته فى الكلام، وراح يُحدثنى عن متطلبات البِزِنِس وما يُعانى منه المستثمر الأجنبى.

يُتبع ...

Post: #77
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 01:46 PM
Parent: #61

... تبادلتُ مع الهندى بِطاقات الأعمال (Business Cards) ومن ثمَّ طفق يُحدثنى عن موجبات اجتذاب رأس المال الأجنبى براءٍ فى حديثِهِ ملثوغة بفرقعة خفيفة، وأنا أُحدثه ببالٍ مشغولةٍ بالحنين والشجن والشوقِ للأهل والعشيرة، وتشويشٍ باهتٍ من بريانكا تشوبرا التى إنْ جلستْ مع الأطفال صارت أجملَ الأطفال، وإنْ جلستْ بين النساءِ صارت ملكة جمال العالم.

قال الرجل إنَّ أول ما يلفت نظر المستثمر الأجنبى لحال البلد أمران:

1- نظافة مطاره وبساطة إجراءآته.
2- ونظافة عاصمته.

يُتبع ...

Post: #62
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عماد الدين الطيب عمر
Date: 09-24-2017, 12:25 PM
Parent: #1

متابع

Post: #63
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-24-2017, 01:46 PM
Parent: #62

Quote: متابع


شكراً عزيزى عماد الدين الطيب عمر على المتابعة والمؤآزرة.

ممنون.

Post: #64
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-24-2017, 01:58 PM
Parent: #63

خارج النص

إنَّ إصدارَ حكمٍ بالإعدام على الوطنِ والمواطن، وفى الراهن على الطالب عاصم عمر فى لا جريرة، يؤهل الشعب السودانى بالكامل فى تنفيذ إغتيالات وتصفيات جسدية مباشرة وسط كلِّ رموز هذا النظام الفاشستى القمئ بلا استثناء، فى كافة بقاع السودان. ... بل الأمرُ تأخرَ كثيراً.

Post: #67
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: محمد حمزة الحسين
Date: 09-25-2017, 10:25 AM
Parent: #64

Quote: إنَّ إصدارَ حكمٍ بالإعدام على الطالب عاصم عمر فى لا جريرة،
يؤهل الشعب السودانى بالكامل فى تنفيذ إغتيالات وتصفيات جسدية مباشرة وسط كلِّ رموز هذا النظام الفاشستى القمئ بلا استثناء،
فى كافة بقاع السودان. ... بل الأمرُ تأخرَ كثيراً.


يا زول قول بسم الله ....
مالك خربت الحكي الطاعم دا بدون مقدمات
دا حكم اولي تتبعه كثير من الاستئنافات والطعون التي تؤتي اكلها ...
فالحكم الاولي دائما تأديبي مفزع ...
غايتو سليت روحنا لكن نتابع معاك
:
:
:
:
:
:
:
مع التحيات لله الزاكيات

Post: #69
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-25-2017, 09:29 PM
Parent: #67

Quote: يا زول قول بسم الله ....
مالك خربت الحكي الطاعم دا بدون مقدمات
دا حكم اولي تتبعه كثير من الاستئنافات والطعون التي تؤتي اكلها ...
فالحكم الاولي دائما تأديبي مفزع ...
غايتو سليت روحنا لكن نتابع معاك


بسم اللهِ الرحمن الرحيم،

يا أخى الكريم ما يجعلنى أخرج من الحكى الطاعم هو خروج أرواح بريئة بلا طائل، فى لا جريرة، وبدمٍ بارد. ما بال نظام يقول الآتى



ثم يسرف فى القتل. والتائب من الذنب وهو مصرٌ عليه كالمستهزء بربه.
:
:
التحيات لله والطيبات لله،
وقاتل النفس المؤمنة لن يستلم كتابه بيمنه أصلاً، وكفى بنفسك عليك شهيدا.


Post: #65
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: tasneem
Date: 09-24-2017, 02:10 PM
Parent: #63

ما شاء الله ابداع

تحياتي وتقديري

Post: #66
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-24-2017, 03:06 PM
Parent: #65

Quote: ما شاء الله ابداع

تحياتي وتقديري


حياك الله الأخت الكريمة تسنيم وزادك رِفعةً ومقدارا،

شكراً على الإطلالة.

Post: #68
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: محمد مجيدو
Date: 09-25-2017, 11:54 AM
Parent: #1

Quote: (وطنى لو شُغِلتُ بالخلدِ عنه .. نازعتنى إليه فى الخلدِ نفسى، وكلُّ دارٍ أحقُّ بالأهلِ إلاَّ .. فى خبيثٍ من المذاهبِ رِجْسِ - !).


الاستاذ / حسين .. سلام

ومتعك الله بالصحة والعافية ..
سرد رائع .. وبوست مريح ..
يغنيك عن متابعة بعض البوستات المقرفة ...

وهاك اسمع الاغنية دي واستمتع ..



عااالم بطااالــــــــــــــــة ,,

Post: #70
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-25-2017, 09:58 PM
Parent: #68

Quote: الاستاذ / حسين .. سلام

ومتعك الله بالصحة والعافية ..
سرد رائع .. وبوست مريح ..
يغنيك عن متابعة بعض البوستات المقرفة ...

وهاك اسمع الاغنية دي واستمتع ..


عااالم بطااالــــــــــــــــة ,,


وعليكم السلام والرحمة والبركات،
الأخ الكريم محمد مجيدو.

وزادك الله بسطةً فى الصحة والعافية والعيش الرغد. وشكراً على المتابعة والتشجيع والإطراء. ... وشكر خاص على الأغنية الجملية من الفنانة النوبية الجميلة ملاذ غازى.

ومشَّاية العيد دى ما حا ترجع فاضية:



مع خالص ودى وتقديرى.

Post: #71
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: بدرالدين بابكر مصطفى
Date: 09-26-2017, 07:41 AM
Parent: #70

يا سلام .. يا سلام ياحسين على البوست دا ..
يا سلام على اللغة والتعابير المدهشة فيه ..
حتى الأغنيات الجايبنهن انتقيتوهن بعناية خاصة غنوتين : أستر أويكي والبت الحلوة الاسمها ملاذ دي ..
شكراً جزيلاً ياخ

Post: #73
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 10:27 AM
Parent: #71

Quote: يا سلام .. يا سلام ياحسين على البوست دا ..
يا سلام على اللغة والتعابير المدهشة فيه ..
حتى الأغنيات الجايبنهن انتقيتوهن بعناية خاصة غنوتين : أستر أويكي والبت الحلوة الاسمها ملاذ دي ..
شكراً جزيلاً ياخ


وعليكم السلام والرحمة والبركات،
الأستاذ بدر الدين بابكر مصطفى.

ممنون لك على القراءة وعلى التقريظ وعلى التأمين على روعة المبدعتين أستير أويكى وملاذ غازى. فأستير أويكى لها شأن عظيم بين الأثيوبيين فى أثيوبيا وأمريكا. وسيكون لملاذ غازى مستقبلاً مُبهراً بإذن الله.

مع خالص الود.

Post: #72
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: الزبير بشير
Date: 09-26-2017, 08:07 AM
Parent: #1

الاخ حسين

حمدا لله علي السلامه

وقفت قلبنا باثوبيا

سرد ممتع شيق

اعدام عاصم ظلم بين ، الاغتيالات تتنافي مع مبادئ جدكم و لد بعانخي .

سلام من الله يغشاك ، كلامك و سردك ممتع جدا


الزبير

Post: #74
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 09-26-2017, 10:50 AM
Parent: #72

Quote: وعُكاشة (وعُكاشة النوبى العظيم هو ناظر المدرسة الثانوية العليا فى سبعينات القرن الفائت، والذى كان يقولُ معتداً بذاته إذا غضِب: أنا الدَّبة) رحمه الله بالرحمة الواسعة.


يا لهذه اللغة الرفيعة يا أخي الأديب؛ لغة لا تخرج إلا من بين ثنايا النخيل الصامدة ما بين قوشابي وكرمكول أو قل بين كرمة والجابرية مرورا بالدبة أيام ناظرها الباشا عكاشة رحمه الله. ما شدني أكثر ذكرك للراحل ناظر مدرستنا الدبة ولا شك أنك من دفعتي أو من أمامي أو ربما من ورائي. دفعة 1979-1978 أيام أبي زيد وكنتينه المليء بالطحنية ووراق أستاذ التاريخ وصديق الدبة ممرضنا ومغنينا.

متابع بشغف...

Post: #76
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 12:33 PM
Parent: #74

Quote: يا لهذه اللغة الرفيعة يا أخي الأديب؛ لغة لا تخرج إلا من بين ثنايا النخيل الصامدة ما بين قوشابي وكرمكول أو قل بين كرمة والجابرية مرورا بالدبة أيام ناظرها الباشا عكاشة رحمه الله. ما شدني أكثر ذكرك للراحل ناظر مدرستنا الدبة ولا شك أنك من دفعتي أو من أمامي أو ربما من ورائي. دفعة 1979-1978 أيام أبي زيد وكنتينه المليء بالطحنية ووراق أستاذ التاريخ وصديق الدبة ممرضنا ومغنينا.

متابع بشغف...


أهلاً بالشاعر الصيدح، والأديب الأريب، والزميل الحبيب عبد الإله زمراوى؛ ونعم أنا من دفعة 78-79. ويا لهاتيك الأيام وشجونها وجنونها يا عزيزى، ويا لهاتيك القُرى التى تبدو خرزاً أخضراً فى مِسبحةِ النيل العظيم. ورحم الله أستاذنا الجليل الباشا عُكاشة، ورحم اللهُ الأستاذ وراق عبد العزيز، وشفى اللهُ أستاذنا صديق أحمد التاجر، وأرجو أن يكون السيد ابزيد بألف خير.

كم أنا سعيد أنَّ زميلى عبد الإله ذاك، هو ذات أديبنا عبد الإله الذى يملأُ أدبُهُ وشعرُهُ المُصادم الآفاقَ الآن؛ وهذا مُبعِث للسرور والفخر والإعزاز؛ وللهِ درُّكَ يا صديقى.

المعزة التى تعلم.

Post: #75
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 11:22 AM
Parent: #72

Quote: الاخ حسين

حمدا لله علي السلامه

وقفت قلبنا باثوبيا

سرد ممتع شيق

اعدام عاصم ظلم بين ، الاغتيالات تتنافي مع مبادئ جدكم و لد بعانخي .

سلام من الله يغشاك ، كلامك و سردك ممتع جدا


الزبير


أهلاً بالأخ الكريم الزبير بشير،
وسلمكم الله من كلِّ سوء يا عزيزى.

مشكور على الإطراء سيدى. ويعلم الله أثيوبيا توقِّف القلب عِدِل. وأنا مبهور بإنسان أثوبيا لدرجة الترف، وأشعر بالإنتماء أكثر لهذا الشعب من أؤلئك المصريين الممسوخين كما بيَّن أستاذنا الجليل د. النور حمد فى عدد من بحوثه.

أمَّا من يعدم الطالب عاصم عمر بهذه الطريقة فهو لا محالة مُنحرِف الخلق والضمير والإنسانية والمِهنية. ومازال الكل يتساءل، هل هؤلاء من سلالة من قال قبل 7000 ألف سنة قبل الميلاد: "إنَّنى لا أقتل شخصاً دون جرمٍ يستحق القتل، ... ولا أنطقُ بحكم دون سند"؟ واللهِ أنا فى شكٍّ عظيم.

بل لعلَّ هؤلاء سلالة ذلك الرجل الذى قال عنه حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء فى صحيح مسلم: "يَخرجُ من ضِئضِئِ هذا قومٌ يتلون كتابَ اللهِ رطباً لا يُجاوز حناجرهم، يُمرِّقون من الدين كما يُمرَّقُ السهمُ من الرمية ... لئن أدركتهم لأقتُلَّنَّهم قتل ثمود".

لك عظيم امتنانى.

Post: #78
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: نعمات عماد
Date: 09-26-2017, 03:38 PM
Parent: #75


سلام أستاذ حسين

الحمدلله على سلامة العودة بعد زيارة الوطن الغالي.

أتمنى لكم زيارات عديدة قادمة في وطن حر و معافى. .

شكرًا للكتابة المدهشة. .

تحياتي و احترامي .

Post: #79
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 10:04 PM
Parent: #78

Quote: سلام أستاذ حسين

الحمدلله على سلامة العودة بعد زيارة الوطن الغالي.

أتمنى لكم زيارات عديدة قادمة في وطن حر و معافى. .

شكرًا للكتابة المدهشة. .

تحياتي و احترامي .


وعليكم السلام والرحمة والبركات،
الكاتبة والإعلامية والأديبة الأستاذة نعمات عماد.

كتبَ اللهُ لكِ السلامة حلاً وترحالاً، وأرجو أن نعود إلى فردوسنا الأعلى يا سيدتى، فقد أرهقتنا الأشواق. كما أُزجى لك خالص الشكر على القراءة والتقريظ.

مع أكيد احترامى والتقدير.

Post: #80
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-26-2017, 10:58 PM
Parent: #79

... هل قلتُ: تشويش باهت من بريانكا تشوبرا ... ملكة جمال العالم،

قلتُ ما قلتُ؛ ويعلم الله لا أعرفُ حدوداً لعشقى للمرأة السودانية. لِمَ لا، والسرمدُ مأهولٌ بجيناتِ حُسنها وروعتها، وطفراتُ جمالها امتدت شعوباً فى فِجاجِ الأرض. فإنْ شغلتنا فريانكا تشوبرا عنكِ يا سيدتى، فهو انشغالُ جدٍ بحفيدة كما تقول أبحاث الـ DNA



يُتبع ...


Post: #81
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-27-2017, 00:02 AM
Parent: #80

... كنتُ أقولُ لجارى الهندى بين السماواتِ والأرض حينما أسرف فى تعنيفِ بلدى: وطنى بُراء. وينبعُ هذا القول من لا - وعىٍ مرتبطٍ بمفهوم الدولة، وليس مرتبطاً بوعيى لمفهوم الحكومة التى بينى وبينها تار بابكر الصديق (رضى الله عنه وأرضاه).

وفجأة أعلنتْ كابينة القيادة أنِ اربطوا الأحزمة استعداداً للهبوطِ على مطار الخرطوم. وكان ذلك آخر عهدى بوعيى، إذِ صار الدمع ينزل من عيونى بلا كابح، وبلا - إرادية امرأة فقدتْ للتوِّ وحيدَها. وبدلاً من أن أأخذ أغراضى من خزانة الأمتعة الداخلية وجدتنى أخلعُ حذائى مخافة أن أطأ به سجادة الوطن المقدَّس؛ رامياً بعرض الحائط كلَّ ما قال صديقنا الهندى الذى انتهرنى قائلاً: ماذا تفعل؟ فقلتُ: ماذا فعلتُ؟ قالَ لى إنَّك تخلع نعليك! فلا تغالى يا هداك الله (For Goodness sake don't overdo it)، فانتبهتُ لنشازى.

قالت لىَ امرأةٌ رقيقة؛ وقعَ بعضُ دمعى على كتفها حين وقفتُ: البركة فيكم يا خوى. فقلتُ: شكراً سيدتى والبركة فى الجميع.

يُتبع ...

Post: #82
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: سيف النصر محي الدين
Date: 09-27-2017, 03:16 AM
Parent: #81

الدموع الهميلة
دي اصعب حتة في الموضوع يا حسين، الدموع اللعينة التي تجعلك تكتشف فجأة أن هناك غدة
صغيرة في العينين يتحكم في الجهاز العصبي اللا ارادي واذا قررت تشتغل فحتما حتشتغل
بدون اي اعتبار للقالب الذي قررت انت أن تضع شخصيتك داخله.
المهم من سردك يبدو أن السودان لم يغادرك قيد انملة طوال فترة غيابك عنه :)

Post: #83
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-27-2017, 10:29 AM
Parent: #82

Quote: الدموع الهميلة
دي اصعب حتة في الموضوع يا حسين، الدموع اللعينة التي تجعلك تكتشف فجأة أن هناك غدة
صغيرة في العينين يتحكم في الجهاز العصبي اللا ارادي واذا قررت تشتغل فحتما حتشتغل
بدون اي اعتبار للقالب الذي قررت انت أن تضع شخصيتك داخله.
المهم من سردك يبدو أن السودان لم يغادرك قيد انملة طوال فترة غيابك عنه :)


الأستاذ سيف النصر محى الدين تحياتى،

لقد كنتُ أنيقاً لملاقاة وطنى فى ذلك اليوم، ولكنِّى مبلَّلٌ بالدمعِ والضعفِ والنَّشيج. كلُّ شئٍ يحدثُ رغماً عنِّى ولا إرادياً، والنَّاسُ حولى فى حيرة: مَنْ ذا الذى يلبس بدلةً ويبكى كأنَّه مسكونٌ بأربعِ خنساوات! كنتُ أول النازلين من الطائرة، ملأتُ رئتىَّ من هواءِ بلدى ورُدَّتْ إلىَّ روحى، وعادت إلىَّ سكينتى التى غادرتنى يوم غادرتُ فردوسىَ الأعلى؛ غير أنَّ الدمعَ لم يسكنْ ولم ينحبِس.

ويعلم اللهُ يا عزيزى لم يغادرنى السودانُ قيد أُنمُلة؛ فقد كنتُ مهوساً به لدرجة الجنون، وأنا أعنى ما أقول. وقد وصل بىَ الأمرُ أن كنتُ أتطبب من هذه الحال (Home sickness). لقد كنتُ أتحدث إلى الأحياء والأموات، أزرع القمحَ وأحصده، وأُعَلِّق النوريق لفصل حبوبه عن قندوله. كنتُ أحضر طار المسيد كلَّ خميس؛ وباختصار كنت آكل وأشرب وأمشى فى الأسواقِ والأفراحِ والأتراح.

شكراً على هذه القراءة الدقيقة لهذه الحال.

Post: #84
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-27-2017, 11:01 AM
Parent: #83

... زلَّتْ قدمى وأنا أصعدُ إلى البص؛ فالدمع قد أوجدَ فى العينِ غياية، فلم أُقَدِّر لرجلى قبل الخطوِ موضعها. وشكراً لمن حال بينى وبين السقوط. وبعد دقيقتين نزلنا من البص ودخلنا المطار، كان المطار عندى أوسم مطارات الأرض على الإطلاق، وكلُّ مَنْ خلفه أهلى وأحبابى اللَّدنيُّون.

وصلتُ رجل شرطة المطار الذى أمامى فى ممر الأجانب وأنا حالى حال. قدمتُ جوازى البريطانى وأنا فى غاية الخجل من هذا التجنُّس الرَّغيم. طالبنى بالإستمارة التى تُملأ بواسطة الأجانب على متن الطائرة فقلتُ: لم أعْطاها. أعطانى واحدة من عنده لأملأها، تنحيتُ لأملأها فنادانى رجلُ وامرأة قائلين: أنتَ فى وضع لا يسمح لك بذلك؛ فقط أرفدنا بِبَياناتِك ونحن سنملأها لك. شكرتهم وأعطيتهم بياناتى ففعلا. ناولتها لرجل الشرطة أخذها وختم على جوازى واشار إلىَّ من أىِّ الأبواب أدخل، فدخلت إلى مكان السير الذى يحمل عفش الطائرة الأثيوبية. ... كلَّ هذه الإجرآءات تمَّت فى أقل من خمسِ دقائق.

يُتبع ...

Post: #85
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-27-2017, 10:45 PM
Parent: #84

... سمحوا لأحد أخوانى بالدخول إلى مكان سير الأثيوبية لمساعدتى لأنِّى كنتُ فى غاية الإعياء/الإنهيار. وأنا فى انتظار أخى، أقدم نحوى رجلٌ فى عقده السابع يدفع ترولِّى فعرض علىَّ خدماته نظير أن أدفع له ما بين 10 إلى 20 جنيه فقبلت. فى هذا الأثناء وصلنى أخى فانتحبنا حد الإغماء. دفع أخى بالترولِّى للرجل ودفع له خمسة أضعاف ما سأل فرحاً بعودتى. فدعى الرجل لنا دعاءاً عريضاً ما سمعته لعقودٍ عديدة.

المهم، أنِّى فى غضون 15 دقيقة أخذت عفشى والتحمتُ بأحبابى وأهلى وعشيرتى الذين ينتظروننى بالخارج معزياً ومسلماً إلتحام النيل الأزرق بالنيل الأبيض، ثم سال نهر العشيرة فى وادى أولى لك فأولى حيث استوقفتُ مستقبلىَّ لأقف على قبرِ أمِّى بمقابر الصحافة قبل أن أذهب للبيت. ... أُمِّى التى قلتُ فيها ذات زيارة مماثلة:

على قبرِ أُمِّى عليها السلام
________________

المكان حديقة الآخرة،
والزمان انتعالُ النَّخيلِ للظِّلِّ،
حالُ الحياةِ لسانٌ يُؤدِّى صلاةَ المطر.
________

على قبرِ أُمِّى عليها السلامُ،
قرأتُ بسورةِ الفُلِّ والفاكهة.

نَضَحْتُ على قبرِها نَتْحَ وَجْدِىَ بِكراً، فَسَحَّ الغمامُ،
وخَرَّتْ جميعُ الجوارحِ فى سجدةٍ والِهة.

على قبرِ أُمَّى الحمامُ،
ومِسْكٌ وندٌّ وأُتْرُجَتان.

وَعِشٌّ لطيرِ الفراديسِ،
عينانِ نضَّاختان.

أُسجِّى على قبرِها بالغِناءِ .. فقالتْ هديلاً:
حبيبى وَزَيْنى، وقُرةُ عيْنى، وسرُّ التواصُلِ بيْنى وبيْنى،
سلاماً ربيعاً، فَبَرْزَخُنا أُقْحُوان.

رِياضٌ من الرَّوْحِ فى سُنْدُسٍ،
بُطِّنَتْ أرائكُها الرَّفْرَفَ الخُضْرَ، والعَبْقَرِىَّ الحِسان.

بِتوْقِيتِنا البَرْزَخِىِّ،
أنا الآنَ أصغرُ مِنْ ذى زمان.

وتكْبُرُنى يا حبيبى بخمسةِ عَشْرِ ثوان.

فللهِ دَرُّ الغناءِ على آخرِ اللَّيلِ،
فالْزَمْ كمنجاتِهِ العَشْرَ حتى تَرَان.
___________________

يُنبع ...


Post: #86
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-28-2017, 05:23 AM
Parent: #85

اللَّهُمَّ ارحم والدىَّ كما ربَّيانى صغيرا، واجعل فردوسك الأعلى مُقامهما ومستقرّهما مع النَّبيين والصِّديقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أُؤلئك رفيقا؛ اللَّهُمَّ آمين.

Post: #87
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 09-28-2017, 05:50 AM
Parent: #86

بكلٍ تداوينا فلم يشف ما بنا

رحم الله والديكم وأمواتنا جميعا

we are staying tuned

Post: #88
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 09-28-2017, 06:49 AM
Parent: #87

Quote: على قبرِ أُمِّى عليها السلام________________المكان حديقة الآخرة،والزمان انتعالُ النَّخيلِ للظِّلِّ،حالُ الحياةِ لسانٌ يُؤدِّى صلاةَ المطر.________على قبرِ أُمِّى عليها السلامُ،قرأتُ بسورةِ الفُلِّ والفاكهة.نَضَحْتُ على قبرِها نَتْحَ وَجْدِىَ بِكراً، فَسَحَّ الغمامُ،وخَرَّتْ جميعُ الجوارحِ فى سجدةٍ والِهة.على قبرِ أُمَّى الحمامُ،ومِسْكٌ وندٌّ وأُتْرُجَتان.وَعِشٌّ لطيرِ الفراديسِ، عينانِ نضَّاختان.أُسجِّى على قبرِها بالغِناءِ .. فقالتْ هديلاً:حبيبى وَزَيْنى، وقُرةُ عيْنى، وسرُّ التواصُلِ بيْنى وبيْنى،سلاماً ربيعاً، فَبَرْزَخُنا أُقْحُوان.رِياضٌ من الرَّوْحِ فى سُنْدُسٍ، بُطِّنَتْ أرائكُها الرَّفْرَفَ الخُضْرَ، والعَبْقَرِىَّ الحِسان.بِتوْقِيتِنا البَرْزَخِىِّ، أنا الآنَ أصغرُ مِنْ ذى زمان.وتكْبُرُنى يا حبيبى بخمسةِ عَشْرِ ثوان.فللهِ دَرُّ الغناءِ على آخرِ اللَّيلِ،فالْزَمْ كمنجاتِهِ العَشْرَ حتى تَرَان.
فاق حد الروعة والإندهاش....لا بد أنه قد تمّ تعميدك بوادي عبقر عند منحنى النيل. شعر مدهش غاية في الجمال والصولجان يا دفعة... رحم الله الوالدة رحمة واسعة...**قدر ما حاولت اردد اسمك في سري أبت ذاكرتي الخربة أن تستفيق؛ فلربما تتداعى الخواطر بيني وبينك ونعود نتذكر....

Post: #90
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-28-2017, 09:14 PM
Parent: #88

فاق حد الروعة والإندهاش....لا بد أنه قد تمّ تعميدك بوادي عبقر عند منحنى النيل. شعر مدهش غاية في الجمال والصولجان يا دفعة... رحم الله الوالدة رحمة واسعة...**قدر ما حاولت اردد اسمك في سري أبت ذاكرتي الخربة أن تستفيق؛ فلربما تتداعى الخواطر بيني وبينك ونعود نتذكر....


شكراً أستاذنا وشاعرنا عبد الإله زمراوى على الإطراء والتشجيع، وأرجو أن أكون بما يوازى هذه الأشواق والتطلعات. والرحمة والمغفرة لمن سلف من أبائنا وأُمهاتنا أجمعين يا عزيزى.

وفيما يتعلق بدفعة 78 - 79، فقد كنا دائماً حبيسى القاعات نقرأ ونذاكر. فلسنا من مشاهير السلة وكرة القدم كعماد قنتِّى، ولسنا أثرياء كإبن عمنا غريب مُجلد القوى المُفتَّل، ولسنا مشاغبين كأعضاء لجنة الطعام وعلى رأسهم سيكا. ولكن ربما وجدتنا مع أستاذ تركمان عبد القادر تركمان نلعب الكتشينة. وكدى أسأل أبو بكر زمراوى (الفتيحاب) فلربما جسَّر عليك الشُّقَّة.

ممنون.

Post: #89
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-28-2017, 08:40 PM
Parent: #87

بكلٍ تداوينا فلم يشف ما بنا

رحم الله والديكم وأمواتنا جميعا

we are staying tuned


أستاذنا عبد الله عثمان تحياتى،
ولعلَّ من تهواهُ باقٍ على العهدِ.

الرحمة والمغفرة لمن سلف من آباء وأمهات الجميع هنا، ولمن سلف من الإنسانية جمعاء، ونسأل الله أن يرحمنا إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.
ليس ثمة ما يُخزى يا عزيزى، وستحين لحظة الإفاقة من مواجيد الحنين هذى. Let us give things their sequence.

ممنون.


Post: #91
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-28-2017, 10:58 PM
Parent: #89

... غادرنا الوالدة رحمها الله بحديقة الآخرة بالصحافة، ودلفنا إلى شقتنا التى نستأجر بـ "أبو آدم" بين ظهرانيْ ثِقل الأهل والعشيرة هناك؛ والتى سبقتنى إليها أسرتى الصغيرة قبل شهرٍ من وصولى.

كانت الشمسُ فى احتضار، مالت بمقدار 85 درجة من جِلستها العمودية، وضعت رأسها على خط الأفق، ثمَّ توارت بالحجاب. وقتها قال لى إبن خالتى: "أها جيت للبلد الوسخانة أم أكياس نايلون طايرة دى؛ الله يكون فى عونك". قلتُ له: "واللهِ أكياس النايلون حقتا دى هناك، أشوفا عناقيد عنب - عناقيد عنب".

ولما كان الشئُ بالشئِ يُذكر، فقد حكى لى ما دار بين المرحوم والده وعمنا المرحوم بخيت منصور قرافى زوج عمتى رحمهما الله حين عاد من مصر بعد 25 سنة غربة، فحينها قال له الناس: "أها هسع تخلى مصر بى حالة تجى راجع لى ساقة قرافى الملانى حلافى دى". فقال قولته المشهورة المحفورة فى ذاكرة المنحى الجماعية هناك والتى أسمعها لأول مرة من ابن خالتى: "واللهِ حلافيها دى هناك أشوفو منقة شايلى". وذلك لعمرى ليس تجاوزاً لِأخطاء القائمين على الأمر، ولكنَّه تجسيد الحنين كما حدثتكم عنه فى بوست سابق.

وصلنا الشَّقَّة، سلمتُ على حبيبتى ورفيقة دربى، التى سبقها إلىَّ بنتاى، اللتان سبقهما مستقبلاً لى بالمطار مع أعمامه وأخواله إبنى محمد. ثم سلمتُ على حبيبتى ونسيبتى التى أبطأتها السنون عن مجاراة ابنتها وأحفادها. ... والآن أشعرُ بفيضٍ غامرٍ بالدفئِ والمحبةِ والحنان.

استأذنتُ أهلَ بيتى بعد أنْ صلينا مغرباً هالكاً أنَّنى لن أضع ظهرى على مِخدع، قبل أنْ اُسلِّمَ على خالتى. فخرجنا ميممين بيتها، وصلناها فاستقبلتنى بالدمعِ والزغاريدِ والشعرِ والنضديد؛ وتلك قصة أخرى. قبلتُ رأسها وقدميها وقفلتُ راجعاً إلى بيتنا المؤقت.

وهنا هالنى ما لاحظت للوهلة الأُولى، وهو نحول زوجتى وأطفالى بشكلٍ مُلفتٍ للنظر، وهُمُ بعد لم يتجاوز مُكوثُهُم بالبلد ثلاثين يوما.

يُتبع ...

Post: #92
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 09-30-2017, 01:51 AM
Parent: #91

... ثلاثون يوماً كادت أن تهلِك أسرتى، فكيف بشعبٍ يرزح ثلاثين عاماً تحت ظلم الإنقاذ! لكم الله يا أحباب، لكم الله.

أرسلتْ لى بنتى الصُغرى رسالة نصِّية قبل أن أتحرك من بريطانيا: "يا بابا جيب لَىْ معاك فول". أخذنى العجب مأخذاً جعلنى أدرج عبارة بنتى فى عِداد دَلَع البنت الحِتالة. فقلتُ لها: "حااااااااااااضر يا سِت ابوها". قلتُ ما قلت، وأنا فى قمة السخرية مِمَّن يطلب الفول فى بلاد الفول؛ وعلى فِكرة عشقى الأبدى هو الفول والكسرة بالطماطم والتَّقلية (القاف اليمنية لو سمحت/ى). ولكن "حاااااضر" الواقفة ألِفا مِتِل عيدان السِّلِك دى أجبرتنى أن أشترى بضعة عِلَب فول أُطّيِّب بها خاطر بنتى.

فتَّاح يا عليم، رزَّاق يا كريم؛ صباح فاطنى على أبوها، مرَقتا (القاف اليمنية برضو) ثانى يوم وصولى وأنا أُمَنِّى النَّفسَ بطعم آخر فول أكلته قبل خَمِسْطاشر سنة. وفى ذهنى طعم لفول أكلتُهُ فى دكان أوف شارع على عبد اللطيف، فى صفحة السفارة الأمريكية من الناحية الجنوبية؛ وفول ذلك المطعم الذى كنَّا نحُجُّ إليه من وزارة المالية ويقع إلى الشمال من سِنجر وغربى هابى هوم؛ وفول أستاذ الخرطوم؛ وأماكن لا حصر لها ولا عدَّ تبيعُ فول السليم، وفول العَقَبَات.

فَضْلَة خيركم؛ طُفتُ كلَّ قدور الدكاكين بأبى آدم: من شارع إبراهيم شمس الدين إلى جهة منزل المرحومة أديبة (عليها شآبيب الرحمة والمغفرة)، ورجعتُ بِخُفَىْ "حُسَيْن".

فتحنا أربعَ علب فول الخلطة السعودية بالكُشنة (وتمنيتُ لو أحضرتُ طَنَّاً من عينته)، وضربنا فولنا الما يغَبانا. غير أنَّ نسيبتى قالت: "الفول السَّمِح دا لقيتو وين يا ولدى؛ عشرة سنة ما ضُقتا الطعم دا؟ قلتُ لها: "دا فول لندن يا حاجة".

وَبَّخنى رأسماليان حديثا عهد بالنعمة قائلين: "لو داير فول سمِح تمشى لذيذ فى الرياض، أو وين كدى ما تعرف فى أمدرمان". مِن أبو آدم أمشى الرياض أو أُمدرمان عشان أجيب الفول السمِح!!! قلتُ فى نفسى - أنا الضيف الذى لم يمضِ على مجيئه نصفُ يوم: "مَن ذا الذى يحتكر فول السليم وفول العقبات ليبيعه للناسِ فى موقعين اثنين فقط بالعاصمة القومية؟"

يُتبع ...

Post: #93
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-01-2017, 02:39 AM
Parent: #92

... ذُبِحتْ الذبائح وبدأنا فى استقبال الضيوف.

ما يدفعه المرءُ لقضاء الحاجيات المصاحبة لهذه الذبائح، وما يُجلَبُ منها مقابل ما يُدفع، يُنْبِتُ داخلك للوهلة الأولى بذرةَ إحساسٍ بالإبتزازِ، يُغالبُها كرمُ الإحتفاءِ بكَ وسعادةُ النَّاسِ بعودتك وملاقاتك. بل ويتبدَّد ذلك الإحساس الخافت بالإبتزاز كليةً حينما تذهب للسوق لوحدك وتكتشف أنَّ للحاجيات شكلٌ مختلف، وطعمٌ مختلف، وجودةٌ مختلفةٌ عن سابقِ عهدنا بها. ويبدو أنَّ قانون الإرذال السنوى قد فعل فعلته فى كلِّ شئ خلال الـ 15 سنة الفائتة. غيرَ أنَّ النَّاسَ هناك يضحكون ويسمرون فى سخريةٍ غامضةٍ من الحياة ومسلماتها التى لم تتوقف من أجل أحد.

يُتبع ...

Post: #94
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-01-2017, 09:42 PM
Parent: #93

كلُّ ما يؤكلُ أو يُشرَبُ فى السودان ممسوخ؛ فإن لَّم يكن محوَّراً وِراثياً فهو محوَّراً أخلاقياً بواسطة رأسمالية إسلاطفيلية لا تَرْقُبُ فى ما سواها إلاَّ ولا ذِمَّة.

Post: #95
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-01-2017, 10:36 PM
Parent: #94

... ذهبت إلى سوق لفة القبة، فأدركتُ لماذا يعجُّ المستشفى التركى بمرضى الكوليرا، ذهبتُ إلى السوق المركزى فلم يكن الحال بأحسن مما سواه؛ فهو يغذى تلك الأسواق الفرعية التى تمدُّ المستشفيات بالمرضى من شتى صنوف الأمراض. ذهبتُ إلى المدعوَّة عفراء؛ فخضارها لا يُجلب من السماء.

وليكن معلوماً لدى القارئ الكريم فأنا لآ أقارن الخضروات هنا بخضروات بريطانيا، ولكن بالتى كنا نزرعُ فى حقولنا؛ وأنا فلاحٌ وابن فلاح. لم تكن تعنينا خضرواتُ وفاكهةُ الشتاء، فقد تركناها خلفنا، ولكن كنا نبحث عن كل ما هو مدارى: كسرة الفيتريتة والرجلة والبامية والجرجير والطماطم البلدية والمانقو والبرتقال والقريب فروت والرطب؛ ولكنَّ لُعابَنا لم يَسِلْ.

يُتبع ...

Post: #96
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-01-2017, 10:56 PM
Parent: #95

شكراً لمنتجات مصانع أسامة داوود، فجودتها بمواصفات عالمية بلا منازع.

شكراً لمنتجات حلويات سعد، فطحنيتكم هى هى طحنيتكم، بل إنها تَبُذُّ كلَّ طحنيةٍ أكلناها فى الغربة.

عطفة:

لقد خزلنى مشروبى المفضل البزيانوس، فأبدلته بما ينتج مستر داوود عليه السلام.

يُتبع ...

Post: #97
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-02-2017, 00:13 AM
Parent: #96

... أجمل المبانى هى مبانى القوات النظامية: الأمن والجيش والشرطة والدفاع الشعبى؛ ولا ادرى أين يتمركز حميدتى.

وأجمل العربات هى عربات النافِذين المظلَّلة (عليكم بقراءة قصة الزجاج لِلُطفية الدُّلَيْمى فى مجموعتها القصصية: "إذا كنتَ تحب" لتتعرفوا على ماهية من هم خلف الزجاج المظلَّل)، التى تدلُّكَ عليهم ألوانُ سايريناتها الزرقاء وأصواتُ هورناتها المبحوحة التى تستخدم ليفتح لهم النَّاسُ - الراجل منهم والراكب - الطريق. ويُضاف إلى ذلك عند المشاكسة، إنزالُ السائق لزجاج السيارة المظلَّل، وإحداجةٌ من فوق النظارة كما يفعل مدراء المدارس، ونحنحةُ إكمال الشخصية.

يُتبع ...

Post: #98
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-02-2017, 01:05 AM
Parent: #97

دليلُك للتفريق بين الأخوانوى والإنسان العادى فى المكاتب الحكومية:

1- ليست اللحية والتحليق والجزاكَ - اللهْ - خير؛ فهى معلومة من الإخوانوية بالضرورة، بل هى ميكانيزمات مواكبة قد يلجأ إليها من هو ليس بإخوانوى لتحقيق مأرب ما.

2- بل خصوصية الفارق بين الإخوانوى والإنسان العادى تكمن فى التعامل الدَّلَمى. كأنْ تسلِّم على أحدهم ولا يردَّ السلام عليك، ويتظاهر بالإنشغال عنك ولا يُعيرك أىَّ اهتمام، وإذا قصصتَ عليه مشكلتك لا يعبأ بك.

حكى لنا رباطابى عام 2001 جمعتنا به رحلة أمجاد من أمدرمان إلى الخرطوم، بأنَّ له قطعة أرض بها مشكلة وبقدرة قادر حصل على مواعيد مع د. شرف الدين بانقا. فذهب لمدير مكتبِهِ وسلَّم عليه ولم يرد، قال له يا أخى أنا عندى مواعيد مع الدكتور ولم يرد، سأله هل دكتور شرف الدين موجود فلم يرد. قال: قلتُ يا ربى أنا فى المكتب الخطأ! قال ثم أخذتُ بعضى واتجهتُ إلى باب الخروج. ولما وصلتُ الباب قال لى: ياخينا مالك مشيت؟ قال قلتُ له: نان أسويلك شنو! سلمتَ عليك ما رديت، سألتك ما رديت، حكيت لك قصة حياتى ما رفعت راسك عاينتَ لَىْ! أها أسويلك شنو شان تعبرنى! أصليلك استثقا.

فضحكنا ضحكةً مُجلجلة، جعلت من الأمجادِ مِنطاداً عظيماً طار بنا وهبطَ فى ميدان الأمم المتحدة.

يُتبع ...

Post: #99
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-02-2017, 06:49 PM
Parent: #98

... واللهِ العظيم لو لم يَزِد حبيبنا رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فى رسالته كلِّها على معنى المقولة ذات الكلمتين: "الدِّين المعاملة"، لَشَهِدتُ أنَّه رسولُ اللهِ حقَّاً، بلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحً الأُمَّة، وجاهد فى اللهِ حقَّ جهاده.

اللَّهُمَّ صلِّ وسلم وبارك عليك يا حبيبى يا سيدى رسول الله.

يُتبع ...

Post: #100
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-02-2017, 11:06 PM
Parent: #99

حسنُ المعاملة أوثق دليل على أنَّ للبشرِ فاكهة.

يُتبع ...

Post: #101
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-03-2017, 06:52 AM
Parent: #100

المسلم الذى يَتديَّن بطريقةٍ لا تُكسِبُهُ حُسنَ المعاملةِ مع الآخرين مُنحرفٌ عن الدِّين، مُتنطِّعٌ به.

Post: #102
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-03-2017, 12:34 PM
Parent: #101

عزيزى صديق مهدى على تحياتى من ثانِ،

الشعبُ موجود، غير أنَّه ذاهلٌ عن موجبات التغيير على أرضِ الواقع، وذلك لسببين اثنين:

الأول، هو أنَّ سياسات التجويع والإفقار المنظمة تجعله يدور فى فلك متنفذين أخوانويين أشبه بنظام الكفيل الاستعبادى الاستبدادى فى الدول الخليجية، ولا يستطيع أن يعيش للأسف إلاَّ من خلاله.

الثانى، هو غياب 10 مليون من الإنتلجنسيا السودانية عن البلد دون إجراء سلس لعمليات تسليم وتسلُّم مقتضيات النضال الثورى للأجيال اللاحقة، أوجد فجوة سياسية مقدرة وفجوة تغيير، جعلت الشعب السودانى "معلم الشعوب" واقعاً ضمن دائرة الحدس السلبى السائدة إقليمياً، والتى يتهندس الرأى العام فيها بالإشاعة والإعلام الموجه وفى أعلى السقف بالضربات الأمنية الباطشة.

أما الحكومة كخدمات إجتماعية مقابل ما تأخذه من ضرائب وزكوات وأتاوات فهى غير موجودة. وربما "تبيَّنتْ" فى مبانى القوات النظامية الجميلة ومبانى المؤسسات الجبائية الفخمة (الضرائب والزكاة) وعربات النافذين الأنيقة. وذلك يعكس، فيما يعكس، تضاريس العقل الريعى/الخراجى للقائمين على أمر البلد. فالإسلاطفيليات نمط لرأسماليات تسرق وتهدم، ولا تبنى ولا تستثمر. وتستهلك ولا تنتج.

وبالنسبة للمعارضة أخى الكريم، فتوجد فقط فى العالم الإفتراضى، وإذا تنزَّلتْ لتتعفر، تجدها "متبيِّنة" أيضاً فى صحيفةِ هنا وصحيفةٍ هناك. أمَّا المعارضة كفِعِل جماعى مادى متَّسق وملتحم على أرض الواقع، فهى غَيَبْ. ولذلك يُسَخِّر جهاز أمن الدولة أناساً متعوباً عليهم من شعبة الجهاد الالكترونى لإخصاء المعارضة حتى فى عالمها الإفتراضى، كما حدث للعديد من المنابر، وكما يحدث لسودانيز اونلاين الآن (Nowish)، واللهُ وحده المستعان.

وحتى النيل قد مَسُّوهُ بالأذى، فصارَ ملوَّثاً. وإنِّى لأتساءل: هل من يلوِّث سليل الفراديس من الممكن أن يكون مؤتمناً فى الجنَّة.

يُتبع ...

Post: #103
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-03-2017, 10:22 PM
Parent: #102

عزيزى aosman تحياتى من جديد،

فى الحقيقة الأمر لا يخلو من تكهُّف فيما يتعلَّق بمن رحل عن الفانية (أكثر من 257 شخص فى قرية تنتمى إلى رجلٍ واحد)، وفيما يتعلَّق بمن خلفوهم (وهم ما شاء الله تبارك الله كُثر). فتجدنى أسأل فى كلِّ وقتٍ وحين عيال أخوانى وأخواتى عن أسمائهم وعن علائقهم وأنسابهم؛ دعْ عنكَ أبناء بنى العمومة والخؤولة.

أمَّا التمدد فحادثٌ ومتوقع من العقليات الخراجية والإسلاطفيليات التى غيَّبتْ كلَّ الميادين والفسحات، واستشرت شمالاً حتى أصبحت قهوة التمتام (بعد قوز ابو ضلوع وخور جبرا) جدعة حجر من عمران العاصمة المثلثة. وريا والصِّفية والصباغ فى البطانة كادت أن تكون من قرى شرق النيل. وربما نشبتْ حربٌ حدودية من الناحية الجنوبية بين د. محمد طاهر إيلا والمهندس عبد الرحيم محمد حسين لتحديد الفاصل بين الولايتين (Line of demarcation) لتمييز العاصمة القذرة من قُرى ود مدنى النظيفة. وقد رأينا كيف أنَّ طلاب دارفور المغلوب على أمرهم (نسأل اللهَ أن ينصرهم) قد خرجوا من الدويم ميممين الخرطوم مشياً على الأقدام حتى وصلوا كريم الخِصال، سيدى ياقوت العرش والفرش، الذى آوى ونصر. وما كان ليتم ذلك إلاَّ بتشابك القُرى بين الولايتين.

هل تعلم عزيزى aosman أنَّ أكبر مالك للعقارات بالعاصمة القوميةِ كلِّها هى شركة التأمين الإسلامية (راجع ديوان الضرائب).

يُتبع ...

Post: #104
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-04-2017, 10:11 PM
Parent: #103

العزيز محمد الحسن حمدنا الله تحياتى ثانيةً،

لم تختلف صورة السودان فى ذهنى عن الواقع الذى وجدت، وذلك بحكم المتابعة اللَّصيقة لما يجرى هناك.

ففى أزمنة العقول الريعية (وتُقرأ الرعوية عند أستاذنا النور حمد) التى تجسدها مقولة الزبير محمد الحسن "أينما أمطرت سحابة فسوف يأتى للحركة الإسلامية خراجها"، المُتماهية مع عقلية الجلاَّبى سيد الحيشان التلاتة، والشركات التلاتة، والنُّسوان التلاتة، والعربات التلاتة، وفى رواية كل ذلك رُباع؛ فإنَّ التغيير حتماً سيكون لصالح فئة كليبتوقراط الإسلام السياسى وليس لصالح كل شركاء العملية الإنتاجية (عمال، رجال أعمال، رواد أعمال، موظفون، وغيرهم). ولعلَّ ذلك تُجسِّدُهُ سياسات المُغالبة المتعمَّدة (Crowding out) لإخراج أقدام رأسمالية راسخة ورواد أعمال مرموقين من حلبة السوق واستبدالها بأُخرى من هذه الفئة التى تتغذَّى على السرقات الجارية.

وفى ظل هكذا واقع فإنَّ العديد من القطاعات التنموية الجديدة (وهذى بعضُ فروق) التى أُلحِقت بمصفوفة قطاعات الإقتصاد السودانى (كالبترول والذهب والتعدين والطاقة والصناعات التجميعية وغيرها) صارتْ تُدار خارج الموازنة العامة ولصالح ذات كليبتوقراط الإسلام السياسى كما جاء بعاليه. وهذا بالقطع سوف يُحدث تغييراً مرصوداً من جانبنا؛ غير أنَّه للأسوأ إذا كان المعنيون به هم كلَّ شركاء العملية الإنتاجية.

والغريبة المال الذى بين أيديهم لم يلفِتْ أحداً هناك، لأنَّه ليس المال الصالح عند الرجل الصالح. وبالتالى لم ينعكسْ عليهم نعمةً، وراحةَ بالٍ وطمأنينة، بل إذا نظرتَ إلى أىٍّ منهم تجده ترهَقُهُ قترة.

المحبة التى تعلم.

يُتبع ...

Post: #105
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-05-2017, 09:13 AM
Parent: #104

... حينما سافرت من السودان قبل 15 سنة كان آخر ما اشتريت بطيخة روسمان ودعتُ بها السودان، وحينما غادرت بريطانيا قادماً إليه قبل شهر وعشرين يوم كان آخر ما اشتريت أيضاً بطيخة روسمان. وهذا ليس أمراً مقصوداً لذاته عند السفر، ولكن أنا و أفراد أسرتى نعشق البطيخ لدرجة أنَّنا ما مررنا بِبَطيخ إلاَّ واشتريناه، أيَّاً كانت الظروف.

وفى أثناء الخمسة عشر يوماً التى قضيتها فى السودان، قدر ما نظرتُ وبحلقتُ وحدَّقتُ وبصرتُ لتقع عينى على البطيخ الروسمان ذى الخطوط الكفافية لم أجده. وبالمقابل يُوجد بطيخ أغبش أشبه بقرعية الحنظل، يُفقدك المتعة البصرية التى تتأتَّاك حينما تنظر إلى البطيخ الروسمان، وسرعان ما تنصرف عنه. كلُّ شئ صار ممسوخاً مع الإسلاطفيليات فى السودان يا أصدقائى، كلُّ شئ، كلُّ شئ.

يُتبع ...

Post: #106
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-05-2017, 09:21 PM
Parent: #105

... ما سرُّ الصهاريج ذات اللون الأزرق الموجودة على أسطح معظم البنايات الشاهقة فى العاصمة القومية؟ كأنَّها فرضُ عيْن على كلِّ "أخ - مسلم".

يُتبع ...

Post: #107
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-05-2017, 10:14 PM
Parent: #106

... سبعةُ أيامٍ من السَّاساق بين المكاتب الشرطية لفك حظر أحد أسمائنا لتطابق الأسماء، ولاستخراج شهادة من الشئون العلمية بجامعة الخرطوم؛ سلَّتْ روحنا ولم تنسلَّ بعد من تلك الجهة إلى يومِ النَّاسِ هذا، والآن يقوم على أمرها من بعدى شقيقى. وفى ظل عراقيل هذه السبعة أيام لم أذهب بعد لأُعزى أسرتى فى وفاة والدى إمام الفلاحين بحى البساتين بالجابرية الكبرى الشيخ أحمد حسين طيَّبَ اللهُ ثراه الذى توفِّىَ عام 2006م.

عزمتُ على السفر بعد يومين. وخلالهما حاولت زوجتى أن تخرجنى من جوِّ رفعِ الفواتِح والمواجيد بالذهاب لتدشين ديوان الشاعر الشفيف محمد احمد الحِبيِّب "على شاطئ الهوى" والاستماع للفنان محمد النصرى وآخرين. لقد ذهبنا إلى هناك، وكان الحبيِّب يبكى عابرته كِنين، وزادَ طينتَنا بِلَّة. وقد أعجبنى جداً حضور الشيخ الذى يتلقى على يديه الحِبيِّبُ التربية الصوفية لحفل التدشين.



فى إنتظار سيدا



يُتبع ...

Post: #108
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-05-2017, 10:58 PM
Parent: #107

جناً فيِّ ما بينطبة



يُتبع ...

Post: #109
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-06-2017, 00:17 AM
Parent: #108

... ظنَّ الحبيِّب أنَّ تلك الجنية العاشقة التى تلبَّسته وجعلته يتغنى لمحبوبته أمانى أو العابرة أو كنين لمدة ثلاثين سنة، لن يستطيع أحد أن يُطِبَّها، خاصةً بعد موت ولى الله ود سعد. ولكن بعد أنْ سلك طريق العارفين أخرجوها منه، الأمر الذى جعله يمدح مشائخه بالأُغنية التالية. والغريب فى الأمر أنَّه لم ينسَ أمانيه؛ فدعا اللهَ أن يلتقيها من ثانِ ولكن فى سلك العارفين هذه المرَّة.

إنَّ أمر الحبيِّب وصبابته لأمانى لعجيب:



يُتبع ...

Post: #110
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-06-2017, 09:42 PM
Parent: #109

إنْ كان يا صاحى لفى الشرقِ المُحَلَّق ... ففى شمالِ الوادى لو تدرى الحِبَيِّب

Post: #111
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-06-2017, 10:36 PM
Parent: #110

... أصبحَ الصبحُ، فذهبتُ فى بعض الفواتح حتى العاشرة مساءاً والتى من بينها العزاء فى وفاة خالتى الكبرى وخالى الوحيد - الضو، رحمهما الله. وفى طريق العودة هاتفتنى زوجتى قائلة نحن فى المستوصف مع البنات لأنَّ درجة حرارتهما عالية شوية. ومن هناك إلى المستوصف حتى الواحدة صباحاً.

وفى المستوصف بعد أن تدفع لتقابل الطبيب، لازم تدفع لتفحص كلَّ شئ: الدم والبول والرجيع وعمل أشعة تشخيصية. وذلك لا للوصول لحقيقة المرض، ولكن لاستحلاب أكبر قدر من الفلوس؛ ومن ثمَّ تذهب للإجزخانة لتقبر ما تبقى لك من فلوسٍ هناك. أخذوا منا 1600 ألف جنيه فى تلك الليلة لنعرف ماذا تعانى البنتان. كانت نتيجة التشخيص غريبة شوية. فإنهم لا يقولون لك النتيجة نظيفة لتذهب للبيت، ولكنهم يقولون لك يوجد إرتفاع حاد فى كرويات الدم البيضاء وذلك لأن الجسم يدافع عن مرض لم يظهر لنا فى نتيجة التشخيص، وللإحتياط لازم تذهب للإجزخانة لأخذ مضاد حيوى عالى التركيز (500 إم سى جى) وحقنة فى الوريد.

قلت للدكتور، أطفالى هؤلاء عند أهلم لم يأخذوا مضاد حيوى إلى اليوم؛ فكيف تعطيهم مضاد حيوى عالى التركيز (500 إم سى جى). ضحكَ بركنِ فمه ضحكة صغيرة مصعِّرة لخده الأيسر على عبارة "عند أهلم" وناولنى الروشتة. نقلتُ ذات الإحتجاج للصيدلانية القائمة على أمر الإجزخانة. تفهمت المرأة احتجاجى وقالت: للاحتياط خليهم ياخدو كبسولة كل 12 ساعة لحدى ما ترجعوا لبلدكم، ولكن لازم ياخدو حقنة فى الوريد. فعلنا ما قالت وغادرنا المستوصف ووصلنا البيت عند الواحدة والنصف صباحاً.

يُتبع ...

Post: #112
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-07-2017, 11:38 AM
Parent: #111

... لقد أصبح صبحُ يوم السفر إلى الولاية الشمالية - الجابرية الكبرى - وحى البساتين، ولكن ليس قبل الإطمئنان على كبيدات الحشا. جسستُ الحمى فوجدتها خفيضة والحمد لله، ولكن لا أحد يعرف ما سببها إلى أنْ وصلنا إلى بريطانيا. كلُّ شئٍ صار غامضاً ومُبهماً فى هذا البلد؛ لا أحد يعرف كيف نُحكم، وكيف نعيش، وكيف مات جادات.

ركبنا العربة من أمام البيت: أنا وأخواى ونسيبتى. بعد دعاء السفر والصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، نقر سائقنا استارتره. كنتُ أمنِّى النفسَ أن نذهب بمحازاة النيل؛ الموردة وبانت والمحطة الوسطى بإمدرمان، وننزل هناك ونركب لورى الخواجة لمعى لبيب أندراوس الذى يسوقه ابزيد على دارة، فيتسابق مع طوكراوى فى منطقة النقعة بعد خور جبرا، لا يفوت أحدهما الآخر، حتى تصبح مِرآتا الزدوايين كالملاَّحة. غير أنَّ السائق انتحى بنا غرباً مُشاقِقَاً بكبرى أمدرمان الجديد عبر المهندسين، حمد النيل، ود البشير، سوق ليبيا حتى استوينا على شريان الشمال.

قلت للسائق فى غمرة غرقى فى تفاصيل أمدرمان التى زودنا بها بروفسير على المك على عهد فتوة العقل: إذا تعذر أن نمشى بمحازاة النيل فرجاءاً شغل لينا: مرة يا نُسيم السحر .. هِبْ لىَّ من شاطى البحر .. طوف الخِبا و جيب لى من .. امدر عبير ذات النحر. قلتُ ما قلت، ونسيت نسيبتى التى معنا فى العربة. وانتبهت لوجودها بعد أن عدتُ من سرحتى حين قالت: ذات النحر مو يديك الخليتا فى البيت، ولاَّ عندك ذات نحر تانى ونحن ما عارفين!

قلتُ لها نعم: نِعْمَ ذات النحر التى بالبيت والتى لا تشبهها إمرأة فى الدنيا، ومن غيرها يحتلُّ منى القلب والخاطر. غير أنَّى يا سيدتى أستطرد بيتاً فى القصيدة يربطنى بـ "أهلْ اللهْ" آبائى الشيخ قريب الله والشيخ الطيب ود البشير رضى الله عنهم، والذى يقول: نامو الخلوق والليل حكر .. ما صِحا فيهو إلاَّ من ذكر.

الله يجازيك يا ود الرضى؛ تفلِقْ وتداوى، وتورطنا وتفك ورطتنا.

يُتبع ...

Post: #113
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-07-2017, 11:43 AM
Parent: #112


مرَّة يا نُسيم السحر


Post: #114
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: جعفر محي الدين
Date: 10-07-2017, 07:11 PM
Parent: #100

أستاذنا حسين
لله درك وما أبدع قلمك
أبكيتنا ببكاءك
وصدق مشاعرك وبديع نظمك

يا رب أمنن على السودان وشعبه برئيس مثل حسين أحمد حسين

Post: #115
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-07-2017, 11:08 PM
Parent: #114

Quote: أستاذنا حسين
لله درك وما أبدع قلمك
أبكيتنا ببكاءك
وصدق مشاعرك وبديع نظمك

يا رب أمنن على السودان وشعبه برئيس مثل حسين أحمد حسين


أهلاً بأستاذنا الجليل جعفر محى الدين،

مُمتن لك جداً على القراءة والتشجيع وعلى نبل مشاعرك والمشاطرة. ونسأل الله صادقين أن يممن اللهُ على أهل هذه البلد برئيس أبرك وأعدل وأقوم من البشير والعبد الفقير إلى الله حسين أحمد حسين.

وما للحسين وللدنيا؛ "يا دنيا غرِّى غيرى قد طلقتك ثلاثاً" كما يقول الإمام على كرم الله وجهه.

ممنون سيدى.

Post: #116
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-07-2017, 11:46 PM
Parent: #115

جاء عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنَّها قالت: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أردتِ اللَّحوقَ بي، فليكفِكِ من الدنيا كزاد الراكب، وإيَّاكِ ومجالسةِ الأغنياء، ولا تستخلِقي ثوباً حتى ترقعيه".

رواه التِرْمِذى.

Post: #117
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-08-2017, 12:00 PM
Parent: #116

... كنا فى السابق حين نترك أمدرمان، أم العلما والعمال، وراءنا لا نرى أمامنا غير بيوتٍ من اللَّبِن أو الشعر متناثرة هنا وهناك، ولا تربط بينها شبكة كهرباء ولا شبكة مياه. ولكن تربط بينها ألسنةُ السموم وصفيرُ الريح، وشُجيرات السَّلم والسيَّال القابضة على الرمضاء، وشئٌ من نبتة الغريرا ونالٌ عجيف. ثمَّ تولول البدفورد (السفنجة) ويئن التّيمِس، ويزأر النسيان فى نحو خمسة فراسخ لنصل تفتيش وادى سيدنا، والذى بعده نترك كلَّ تقاليد المدينة والمدنية، ونَحُسُّ أنَّنا أحرارٌ على نحوٍ ما.

وفجأة يقذفنى ود الرضى بالكوبليه الأخير فى الأُغنية أعلاه القائل: "يا دنيا عنوانك سدر .. معلوم سرورك ما ندر، نِعمَ العبد طوع القدر .. فراقة يا دار الكدر" إلى مقابر ود أبريش حيث يرقد والدى رحمه الله، والذى كان يقول لأخوتى عند احتضاره: "حسين ما وصل". ولكن الحسين قد أحضرته المقادير بعد أحد عشرة سنة من وفاته. ... نعم، نِعم العبد طوع القدر سيدى ود الرضى.

كنتُ أتشغال عن هذه الحال بالبنايات والمشاريع الجديدة التى انتظمت هذا الجزء من الصحراء، وبدأت أسأل نفسى: أين سالم ومَسَّلم، والفِهيد وتمَّ - الريد فى هذه المعمعة العمرانية والرأسمالية التى أوصلتنا قهوة التمتام ولم تختفِ؟ كم من نفرٍ مات تائهاً أو ظامئاً فى هذى التيه وذاك العتمور، قبل أن يجترح السيد حسن التمتام (شفاه اللهُ من التمتمة) زراعة البرسيم فى الصحراء الكبرى! وأين السيدة أم الحسن عليها السلام؟ وأين قبر المؤيد حسن الجعلى لنترحم عليه. اللهم ارحمه بالرحمة الواسعة.

التمتام



يُتبع ...

Post: #118
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-08-2017, 12:35 PM
Parent: #117

أم الحسن



Post: #119
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-08-2017, 02:28 PM
Parent: #118

طربق أمدرمان دنقلا قبل الزلط


Post: #120
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-09-2017, 10:55 AM
Parent: #119

... بكل المعايير القديمة والحديثة فإنَّ أم الحسن هى أول سيدة أعمال سودانية بلا منازع، حيث ابتدرت قهوتها (وتُقرأ كافاتيريتها) فى أربعينات القرن الفائت. وما شجعها على فتح تلك القهوة هى مغامرة السيد الدنقلاوى على محمد ساتى الذى امتلك عربة فورد عام 1934، وقام بأول رحلة سفرية من أمدرمان إلى دنقلا فى ذلك العام بعد حصوله على إذن من المستعمر البريطانى وبتحمله المسئولية كاملة لما يمكن أن يحدث له، ثم تحصل على بوصلة وجير أبيض ليدله على طريق العودة.

وقد قام السيد السائق سيد أحمد عبد المجيد بمغامرة أخرى عام 1947، صحبه فيها شقيقه ميرغنى عبد المجيد، ومساعد العربة عبد الله طلب، ودليل الطريق الهوارى المعروف بأب جِبَّة، ومالك العربة رجل الأعمال المعروف السيد عمر عبد السلام الكوارتى (منقول بتصرف من سراج النعيم).

هاتان المغامرتان مهدتا الطريق وجعلتاه سالكاً لعربات أخرى، واقتدحتا فى عقل أم الحسن الطموحة فكرة القهوة/الكافاتيريا، فشيدتها بمعاونة زوجها وأولادها. وقد كانت أمرأة صاعقة الحسن، محترمة ومرهوبة الجانب، ويهابها كلُّ شئ فى تلك البقعة التى لا ترحم صحراؤها. وكلُّ السائقين يتعاونون معها، يجلبون لها السكر والشاى والبن من البندر، وأنواع مختلفة من التمور من ربوع الولاية الشمالية.


يُتبع ...

Post: #121
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 10-09-2017, 12:02 PM
Parent: #120

Quote: أها هسع تخلى مصر بى حالة تجى راجع لى ساقة قرافى الملانى حلافى دى". فقال قولته المشهورة المحفورة فى ذاكرة
المنحى الجماعية هناك والتى أسمعها لأول مرة من ابن خالتى: "واللهِ حلافيها دى هناك أشوفو منقة شايلى".


هذا موضع سجدة
يقول الأستاذ محمود محمد طه "حب السودان، من حب الله"


Post: #122
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: دفع الله ود الأصيل
Date: 10-09-2017, 04:13 PM
Parent: #121

سلام ي حبوب، موثولا لأهلگ الگرام.
شگلگ مطول النجعة و هسي جاي ظابط
الرجعة مع (الرفع) من (رگوع) العقوبات
عمومن حالنا من بعضه؛ و إليگ
مني (همــــسٌ حزيــــــنٌ)
(النسيان فن تصالح مع الذات ،
و احترام لشروط الأمر الواقع)
******(((((+++)))))*******
هكذا نحن ، نظل نغدو و نراوح مكاننا ســـراً،
كظلٍ أعوجَ فارق عوده ، فما يلبث أن يعود كهبوب ريحٍ يغشى جلمود صخرٍ. فما من شعورٍ أفتك بقلب غريبٍ عائدٍ لتوه إلى حطام كوخٍ كان يضم ذات يومٍ، حفنةً من يباب عمره. و أنا أزرع فناء الدار جيئةً و ذهاباً، إذا بالحنين يلفني من كل حدَبٍ صوبٍ.تغرورق عيناي بدموع فرحةٍ منقوصةٍ لم و سوف لن تتم أبداً, فلا حياة هنا لمن أناجي. جئت أسترق النظر من ثقوب أبواب الذكريات. ، تسلل كما اللصوص من نافذةٍ مشرعةٍ لصفيرهوج الرياح ، كما النواح . فلا أجد سوى بقاياأطيافٍ باردةٍ ، كصقيع إحساسي المتجمد.و هنا إذاببضع حُصيَّاتٍ وجدها ملقاةٍ فوق كثيب رملٍ مهيلٍ. لقد هممت بالتقاطهن لأرجم بهن مارداً وقف يذكرني بأن عقارب ساعتي سوف لن تعود القهقرى.و أن أقسىوطأة إحساسٍ على قلب عاشقٍ لوطنه ، هوأن يأتيه عائداً ليتحسسه، فلم يجد منه شيئاً ، كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه
الظمآن ماءً، أو كباسط كفيه إلى فقاقيع رغوة يلاحقها ليبلغ
بها فاه و ما هو ببالغه.
******(((((+++)))))*******
و هذه دياري الحزينة التي كنت أرتادها في مراتع الصبا، إذ غدت مدنأشباحٍ تجوبها أسرابٌ من دواب الأرض تأكل منسأة عشق في رفاة إنسان كان يعيش هنا ثم صار أثراً بعد عينٍ و حذفت أقراص ذاكرته مرةً و إلى الأبد من كل الملفات، لعطلبذهني كان بليغاً. و في سويعاتيالسوداوية تلك، رحت أطرق الأبواببإلحاحٍ شديد ، رُغم زهدي في أن يلقي أحد بالا لوجودي فيفتح لي مصراع نافذة . فربما تملكني شعورٌ لا إراديباللاجدوى من أي شيء! ثم وقعت عيني على فحمةٍ ملقاة، فخطفتها و رحت أرسم بها خطوطا كفافية على جدار هذا الزمان هنا، تشي بأن كل ما جنيته من عناء عودتي هو أني: حضرت إلى هنا ، ربما متأخراً جداً، فلم أظفر بلقيا كائنٍ من كان من أهلي!!. لذا، أيقنت بأن نعمة الصبر و السلوان بحد ذاتها فن راق تقتضي إجادته تصالحا تاما مع الذات، مع تمرس يومي على احترام شروط الأمر الواقع.

Post: #123
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-09-2017, 10:22 PM
Parent: #122

Quote: هذا موضع سجدة
يقول الأستاذ محمود محمد طه "حب السودان، من حب الله"


الأستاذ عبد الله عثمان تحياتى،

هذا أرفع ما قرأت فى حب الوطن، ولا غروَ فإنَّه من الأستاذ محمود محمد طه.

ممنون.

Post: #124
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-10-2017, 01:41 AM
Parent: #123

Quote: سلام ي حبوب، موثولا لأهلگ الگرام.
شگلگ مطول النجعة و هسي جاي ظابط
الرجعة مع (الرفع) من (رگوع) العقوبات
عمومن حالنا من بعضه؛ و إليگ
مني (همــــسٌ حزيــــــنٌ)
(النسيان فن تصالح مع الذات ،
و احترام لشروط الأمر الواقع)
******(((((+++)))))*******
هكذا نحن ، نظل نغدو و نراوح مكاننا ســـراً،
كظلٍ أعوجَ فارق عوده ، فما يلبث أن يعود كهبوب ريحٍ يغشى جلمود صخرٍ. فما من شعورٍ أفتك بقلب غريبٍ عائدٍ لتوه إلى حطام كوخٍ كان يضم ذات يومٍ، حفنةً من يباب عمره. و أنا أزرع فناء الدار جيئةً و ذهاباً، إذا بالحنين يلفني من كل حدَبٍ صوبٍ.تغرورق عيناي بدموع فرحةٍ منقوصةٍ لم و سوف لن تتم أبداً, فلا حياة هنا لمن أناجي. جئت أسترق النظر من ثقوب أبواب الذكريات. ، تسلل كما اللصوص من نافذةٍ مشرعةٍ لصفيرهوج الرياح ، كما النواح . فلا أجد سوى بقاياأطيافٍ باردةٍ ، كصقيع إحساسي المتجمد.و هنا إذاببضع حُصيَّاتٍ وجدها ملقاةٍ فوق كثيب رملٍ مهيلٍ. لقد هممت بالتقاطهن لأرجم بهن مارداً وقف يذكرني بأن عقارب ساعتي سوف لن تعود القهقرى.و أن أقسىوطأة إحساسٍ على قلب عاشقٍ لوطنه ، هوأن يأتيه عائداً ليتحسسه، فلم يجد منه شيئاً ، كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه
الظمآن ماءً، أو كباسط كفيه إلى فقاقيع رغوة يلاحقها ليبلغ
بها فاه و ما هو ببالغه.
******(((((+++)))))*******
و هذه دياري الحزينة التي كنت أرتادها في مراتع الصبا، إذ غدت مدنأشباحٍ تجوبها أسرابٌ من دواب الأرض تأكل منسأة عشق في رفاة إنسان كان يعيش هنا ثم صار أثراً بعد عينٍ و حذفت أقراص ذاكرته مرةً و إلى الأبد من كل الملفات، لعطلبذهني كان بليغاً. و في سويعاتيالسوداوية تلك، رحت أطرق الأبواببإلحاحٍ شديد ، رُغم زهدي في أن يلقي أحد بالا لوجودي فيفتح لي مصراع نافذة . فربما تملكني شعورٌ لا إراديباللاجدوى من أي شيء! ثم وقعت عيني على فحمةٍ ملقاة، فخطفتها و رحت أرسم بها خطوطا كفافية على جدار هذا الزمان هنا، تشي بأن كل ما جنيته من عناء عودتي هو أني: حضرت إلى هنا ، ربما متأخراً جداً، فلم أظفر بلقيا كائنٍ من كان من أهلي!!. لذا، أيقنت بأن نعمة الصبر و السلوان بحد ذاتها فن راق تقتضي إجادته تصالحا تاما مع الذات، مع تمرس يومي على احترام شروط الأمر الواقع.


الأخ الكريم دفع الله ود الأصيل،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

حيَّاك اللهُ وحيا أهلكَ الميامين فى هذا الوطن المغلوب على أمره. وشكراً للمشاطرة والمؤآزرة بهذه القطعة النثرية الجميلة على ما بها من تراجيديا وحزنٍ يُقطِّعان نياط الصخرة الصماء. وهى أقدارنا يا عزيزى هجعةٌ ورجعةٌ ووجعة، والزمان استدار ولا شئَ يستديرُ هنا، ولنا ولبلادِنا الله.

ممنون لك على الإطلالة.

Post: #125
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: دفع الله ود الأصيل
Date: 10-10-2017, 10:58 AM
Parent: #124

# لعمري يا صاحب السجن
و ا،ت تُفَتِّقُ جراحاً غائرةً في بطين و أذين قلبي
حيث حللتَ أهلاًو نزلتَ ساحتي سهلاً لتجالسنا القرفصاء
و نبوح.هذا بخلاف صديقي اللدود المشاگس/ Abdelazim ،
حين زجرني و قال لي: مافي سبب يخليك تحـزن ياخ.
أعمنو يعني إيدو في الموية و عايش في الطراوة.

® و لگنني قلت له: عارف حركاتك جيداً يا عظمة ،
أنك ربما أعمق مني حزناً و لكنك تريد فقط استفزازي
لأفضفض لك و أبوح بالمزيد. و لم لا؟! فما أشبه حالي
بحالك و ما أشبه ليلة كلينا ببارحة الشاعر /
نائل الحريري حين يرثي نفسه ويقول:
:*****(((((+)))))*****
إذاً ، تعالوا ، دثروني .. زملونيإنَّ
في صوتي حريقاً يأكل الأخضر و اليابسَ حزناً
فتعالوا أشعلوه!إن نصف الموت أن تحيا طريداً
ونصف العقل أن نهوى الجنونْزّملوـني.. غلّقوا الأبوابَ والأستارَ..
و أجفانَ العيونْبعدَ حينٍ سوفَ ألقي عامداً كلَّ ثيابي وسأشدو راقصاً حتَّى أقعْ .
و ستمحو الشمس مني كبريائيو عذابي و سأبقى بعضَ روحٍ ...نصفَ قلبٍ و أشلاء...
*****(((((+)))))*****
زّملوني ملءَ كفَّين.. ثم صلِّوا كي أموتْ ..إنَّهمْ ...قد غلّقوا كلَّ الحكايا..
والبيوتْ أوصدوا بالشَّمعةِ الحمراءِ بابَ فميو غاريِ غطَّاهُ الحمامْ..
و على البابِ ..تجلَّى فوقَ عرشي العنكبوتْ...زّمليوـني...لم يعد في العمر
ما أبكي عليهْ ليلةٌ أخرى ...و سوف يلقي قاتلي عنّي يدَيهْزّمليـوني..إنّ روحي
ضدًّ قلبي ثائرةْ وجراحي غائراتٌ في حنايا الخاصرةْطعنوني...زرعوا في
الظهر سكيناًوفي القلب الظلامْ تركوني نازفاَ في اللّيل موسيقا وحزناًَ لا ينامْ
*****(((((+)))))*****
تركوني تحتَ قاعِ البئرِ أبكي سلبوني صدرَ أمِّي
و قميصي خبَّؤوهْ.. ألصقوا بالذئبِ و الموتِ الجريمهْ..
أحضَروا الذئبَ أمامي ...مزَّقوهْ ثمَّ باسمِ الرَّبِّ..
ثُم قاموا جعلوا الذئبَ وليمةْ..
آهِ يا كلَّ المواويلِ القديمةْ..
ألفُ آهٍ ...كلَّما مزَّقتُ من عريي ثيابي..
ألفُ آهٍ...كلَّما فصَّلتُ أحلامي على ذاكَ الجسدْأ
لفُ آهٍ! حينما ترفض مني كلُّ أوطانيَ أوراقَ انتسابي
ألفُ آهٍ ...كلَّما أدركتُ أنِّي لا أحدْألفُ آهٍ .. وأنا في عتمتي
خلفَ الزوايا وأنا المسؤولُ عن كلِّ الخطايا
وأنا طعمُ المرارةْ..
وأنا الأبكمُ ..إمَّا صِحتُ
قاموا رجموني بالحجارة
و أنا عشرونَ نصفاً، ميِّتٌ يبكي وحيٌّ لا يُفيقْ
و أنا (روما) و(روما) ضمَّها عشرونَ نيروناً
وأطفاها الحريقْ ..
و يندلق الرحيق
****(((((+)))))*****

Post: #126
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-11-2017, 11:15 PM
Parent: #125

Quote:
# لعمري يا صاحب السجن
و ا،ت تُفَتِّقُ جراحاً غائرةً في بطين و أذين قلبي
حيث حللتَ أهلاًو نزلتَ ساحتي سهلاً لتجالسنا القرفصاء
و نبوح.هذا بخلاف صديقي اللدود المشاگس/ Abdelazim ،
حين زجرني و قال لي: مافي سبب يخليك تحـزن ياخ.
أعمنو يعني إيدو في الموية و عايش في الطراوة.

® و لگنني قلت له: عارف حركاتك جيداً يا عظمة ،
أنك ربما أعمق مني حزناً و لكنك تريد فقط استفزازي
لأفضفض لك و أبوح بالمزيد. و لم لا؟! فما أشبه حالي
بحالك و ما أشبه ليلة كلينا ببارحة الشاعر /
نائل الحريري حين يرثي نفسه ويقول:
:*****(((((+)))))*****
إذاً ، تعالوا ، دثروني .. زملونيإنَّ
في صوتي حريقاً يأكل الأخضر و اليابسَ حزناً
فتعالوا أشعلوه!إن نصف الموت أن تحيا طريداً
ونصف العقل أن نهوى الجنونْزّملوـني.. غلّقوا الأبوابَ والأستارَ..
و أجفانَ العيونْبعدَ حينٍ سوفَ ألقي عامداً كلَّ ثيابي وسأشدو راقصاً حتَّى أقعْ .
و ستمحو الشمس مني كبريائيو عذابي و سأبقى بعضَ روحٍ ...نصفَ قلبٍ و أشلاء...
*****(((((+)))))*****
زّملوني ملءَ كفَّين.. ثم صلِّوا كي أموتْ ..إنَّهمْ ...قد غلّقوا كلَّ الحكايا..
والبيوتْ أوصدوا بالشَّمعةِ الحمراءِ بابَ فميو غاريِ غطَّاهُ الحمامْ..
و على البابِ ..تجلَّى فوقَ عرشي العنكبوتْ...زّمليوـني...لم يعد في العمر
ما أبكي عليهْ ليلةٌ أخرى ...و سوف يلقي قاتلي عنّي يدَيهْزّمليـوني..إنّ روحي
ضدًّ قلبي ثائرةْ وجراحي غائراتٌ في حنايا الخاصرةْطعنوني...زرعوا في
الظهر سكيناًوفي القلب الظلامْ تركوني نازفاَ في اللّيل موسيقا وحزناًَ لا ينامْ
*****(((((+)))))*****
تركوني تحتَ قاعِ البئرِ أبكي سلبوني صدرَ أمِّي
و قميصي خبَّؤوهْ.. ألصقوا بالذئبِ و الموتِ الجريمهْ..
أحضَروا الذئبَ أمامي ...مزَّقوهْ ثمَّ باسمِ الرَّبِّ..
ثُم قاموا جعلوا الذئبَ وليمةْ..
آهِ يا كلَّ المواويلِ القديمةْ..
ألفُ آهٍ ...كلَّما مزَّقتُ من عريي ثيابي..
ألفُ آهٍ...كلَّما فصَّلتُ أحلامي على ذاكَ الجسدْأ
لفُ آهٍ! حينما ترفض مني كلُّ أوطانيَ أوراقَ انتسابي
ألفُ آهٍ ...كلَّما أدركتُ أنِّي لا أحدْألفُ آهٍ .. وأنا في عتمتي
خلفَ الزوايا وأنا المسؤولُ عن كلِّ الخطايا
وأنا طعمُ المرارةْ..
وأنا الأبكمُ ..إمَّا صِحتُ
قاموا رجموني بالحجارة
و أنا عشرونَ نصفاً، ميِّتٌ يبكي وحيٌّ لا يُفيقْ
و أنا (روما) و(روما) ضمَّها عشرونَ نيروناً
وأطفاها الحريقْ ..
و يندلق الرحيق
****(((((+)))))*****


مرحبا بالأخ الكريم دفع الله ود الأصيل،

شكراً كثيراً على إطلالتك من ثان، وما أروع البوح للوطن وقضاياه، وللحبيبة ولوطنها، وذاك البوح الذى يغسل النوستالجيا ويسوق الواحد منَّا رغماً عن أنفه وعن أنفِ جلاَّديه إلى موطن الأيام الغضة، وأبجديات التكوين ولثغها. ... وهل إلى مردٍّ من سبيل.

كل الود.

Post: #127
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-12-2017, 03:18 AM
Parent: #126

... كانت لأمِّ الحسن فراسة أقرب للكشف منها لقراءة لغة الجسد. وكانت خبيرةً بأثر أقدام الكائنات على الأرض: كالنَّاسِ والهوامِ والزواحف والجرابيع والطير والدواب والكواسر ونقر الغزال، وتعرف حتى أثر إطارات العربات وأبواغ السيارات وصوت الأبانص والتعاشيق. فهى إذاً، تعرفُ من مرَّ بقهوتها من درب اللَّسْتِك، وتعرفُ المقبل عليها من صوت الأبانص أو التعشيقة أو البورى. تحدثك عن ود ابزيد، وابزيد على دارة، ولَمْعى، وكمال إبراهيم وخِتُوم إبراهيم، وطوكراوى، وحاج ورقة، وعبد الله النُعمان ومحمد النُعمان، وصابر جِرا، وغيرهم؛ من أصوات سياراتهم أو أثرها على الأرض.

وبعد اكتشاف طريق النص (قبل الزلط الحالى، ومكانه) والطريق الفوق قلَّ عدد زائريها، اللَّهُمَّ إلاَّ من تناكر المحروقات (من بنزين وغاز وجازولين) والشاحنات الثقيلة التى تحتاج إلى زمن أطول على الطريق والتى دائماً ما تقيلُ عندها وتفضل السير ليلاً سالكةً على إثر ذلك الطريق التِّحِتْ (الدبة القبولاب أم الحسن، قهوة حسن التمتام، ثمَّ أمدرمان).

رحم اللهُ أمَّ الحسن وأحسن إليها؛ فهى جذوةٌ لا تموتُ فى المكان والزمان والذاكرة. ولا أذكرُ متى آخر مرة جئتُ بقهوتها منذ أنِ اكتشفَ كمال إبراهيم طريق النُّص بأوَّل زدواى يُرخَّص فى السودان ويعبر صحراء بيوضة، غيرَ أنَّنى لم أنسَها قط. وحسبها أنَّها تُطعِم وتَسقى فى جوف الصحراء قاسية الفصول.

يُتبع ...

Post: #128
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 10-12-2017, 06:16 AM
Parent: #127



متابعون يا شيخنا ود شيخنا
اليوم تابعت في خيط منّور آخر عن قنتي وعن الشيخ مصطفى سيد أحمد بابوش فمن الأسماء عرفت
أنكم حفيد لهذا الشيخ لذا "فالشيء من معدنه لا يستغرب"
أنا أقول "النوار دي جاي من شقيش؟!
حبابنا بأولاد بابوش
أحنا في الضفة الأخرى لكم من النيل يسموننا أولاد يابو وكان أجدادنا، مثل أجدادكم، حملة قرآن
يا رب بهم وبآلهم
مسهلا يا مسهلا

Post: #129
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-14-2017, 05:37 AM
Parent: #128

Quote: متابعون يا شيخنا ود شيخنا
اليوم تابعت في خيط منّور آخر عن قنتي وعن الشيخ مصطفى سيد أحمد بابوش
فمن الأسماء عرفتأنكم حفيد لهذا الشيخ لذا "فالشيء من معدنه لا يستغرب"
أنا أقول "النوار دي جاي من شقيش؟
!حبابنا بأولاد بابوشأحنا في الضفة الأخرى لكم من النيل يسموننا أولاد يابو
وكان أجدادنا، مثل أجدادكم، حملة قرآنيا
رب بهم وبآلهم مسهلا يا مسهلا


مرحب بالحبيب عبد الله عثمان،

لا أستبعد يا عزيزى أن تكون بيننا وبين هؤلاء الأماجد من المشائخ وشيجة. فأصل أهلنا الحسيناب بدأ فى منطقة تنقسى الجزيرة حيث كانوا ملوكاً هناك. ثم جاؤا إلى غرب النيل واستوطنوا قرية الحسيناب، وقنتى، والعفاض حيث أسسوا مملكة الدفَّار. وكثيرٌ من أهلنا حفظ القرآن فى خلاوى مورة على فكرة، ومنهم والدى، وإبن عمى ونسيبى. ثمَّ أنَّه توجد حسيناب أُخرى فى منطقة أبوحراز هم من هذه السلالة أيضاً.

كما أنَّه قد أتت إلى شركتنا اليوم إمرأة جديدة: أنا وإياها الأفريقيان الوحيدان بالشركة. قلتُ لها أحسُّ أنَّكِ منِّى من دمِّى، فمن أين أنتِ؟ فقالت أنا من جنوب السودان. قلتُ لها أنا من كلِّ السودان، فتعانقنا وبكينا حد النشيج لِما فعله الأخوانويون بنا.

ويقذفنى المشهد عنوةً إلى مدرسة الدبة الثانوية العليا والعام 1978 حيث قُبل معنا فى تلك الدفعة 18 من الأخوة الجنوبيين. وقد كانوا مشحونين (ومعهم ألف حق) بكلِّ ما ألقت به السياسة ضد أحبابنا الجنوبيين منذ استقلال السودان. وكانوا لا ينامون كلُّهم بالليل؛ فقد قسموا أنفسهم إلى ثلاثِ مجموعات: ستة ينامون، وستة مدججون بالأسلحة البيضاء يحرسون النائمين وستةٌ كانوا عيونهم بالخارج لأغراض الإنذار المبكر.

قلتُ لصديق عمرى السيد المرضى القاسم فضل الحاج: "هذا الأمر لا يستقيم، ولابد من غسلِ أدمغة هؤلاء الأخوان مما لحق بها من خزعبلات السياسيين، فنحن أبناء بلد واحد ولابد من طمأنة الشباب بأنَّ الأمر ليس كما صُوِّرَ لهم"، فوافقنى الرأى. فذهبنا إليهم، وقد ساعدنا فى الوصول السريع إلى ذواتهم إتقاننا الحديث باللغة الأنجليزية على تلك الأيام. وقلنا لهم لن تحتاجوا إلى مطوة أو سكين فى هذا الجزء من العالم على الإطلاق، ثم من بعد ذلك تقاسمناهم خميس وجمعة بمنازلنا إلى نهاية العام الدراسى.

وقد قمنا بمبادرة قُرب إنتهاء العام الدراسى كانت مسار حديث النَّاس لأجيال متعاقبة، والتى أشركنا فيها أعيان البلد: عيسى طه (ولده سيد عيسى صاحب المسرة للأقمشة المشهورة بالسوق الأفرنجى، وأخوهُ يحى صاحب هبى هوم بالسوق الأفرنجى أيضاً)، محى الدين مكى، إبن عمنا محمد محمد خير، شادول، لمعىى لبيب أندراوس؛ باختصار كل تجار الدبة؛ وعلى رأس هذه القائمة ناظر مدرسة الدبة الثانوية العليا أستاذنا الجليل الباشا عُكاشة، عليهم رحمة الله أجمعين.

بيَّضَ هؤلاء الأعيان وجوهنا (وكذلك يفعلون) بجمع ما يُقارب الـ 400 شوَّال بلح، واستأجروا صندلاً كاملاً فى الباخرة كربكان حملهم وبلحهم فى رحلة مدفوعة الأجر إلى جنوب السودان فى أروع ملحمة وُدِّعَ فيها بشرٌ فى الذاكرة الحيَّة لمدينة الدبة. ... وما زلنا فى غاية الحميمية والتواصل إلى يومِ النَّاس هذا.

"ويا حلات الريدة وِكْتين تبقى صِحصِحْ ... ويا حلات العُشْرة وِكْتين تصفا تفرِح".

يُتبع ...

Post: #130
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-14-2017, 10:11 PM
Parent: #129

... تحركنا من القُصاد الذى يزعمُ مرافقىَّ أنَّه أم الحسن، ووصلنا ما يُعرف بالملتقى (وهو فى الحقيقة للنازل البلد مُفترق، وللمُيَمِّم العاصمة مُلتقى)، وهو موضع يقع غرب منطقة القبولاب القديمة بِبضعِ كيلومترات. وآخر مرة زُرتُ فيها القبولاب القديمة زيارةً بوجبتها وسوائلها (من شاىٍ وبُن) كان عام 1973، حيث استطعمنا فى راكوبة السيد عبد السخى وزوجته بخيتة. وقد توحَّدَ هذان الرفيقان عِشقاً يجعلك تسمع صوت عبد السخى وكأنَّه صادرٌ من فمِ محبوبته البخيتة. وفى مثل هذا التوحُّد يقول الشاعر محمد محمد خير:

توحَّدتُ فيكِ وصرتُكِ أنتِ
فحينَ مشيتِ مشيتُ على مقدمِكْ
وحين أكلتُ لَمسْتُ فمكْ
وحين مرضتُ فحصتُ دمك.

بعد ذلك زرتُ القبولاب عابراً على تنكر جاز رفضَ أن يتوقفَ بها وكان ذلك عام 1994. ويا حزنى على بخيتة وعبد السخى اللذان علمتُ أنهما قد تُوفيا، رحمهما اللهُ بالرحمة الواسعة. ركبتُ ذلك التنكر والدنيا قبايل عيد، إذْ توقفتْ كلُّ المواصلات لمناسبة العيد، ولا أحد ذاهب من الشمالية باتجاه البندر إلاَّ هذا الولد المُشاكس العنيد الذى كَسَرَ خاطر والده ولىِّ اللهِ الشيخ أحمد حسين رحمه الله الذى أصر وألحَّ عليه ليحضر العيد فى الشمالية، وهو قد أصرَّ وألحَّ أن يُعيِّد بالخرطوم. وحلاًّ لهذا العِناد ختم مولانا حديثه معى قائلاً: ودعناك الله، لكن ساكت تتعب وتخسِّر قروشك وإنتَ معيِّد معانا.

يقول سيدى إبن العربى: "ما عُبِدَ اللهُ بشئٍ أحسن من جبرِ الخواطر". ... القصة أدناه.

يُتبع ...

Post: #131
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-14-2017, 10:56 PM
Parent: #130

... وصلتُ العاصمة فجر اليوم التالى، وأنا أحملُ فى أحد جنبىَّ عنادى وفى الجنب الآخر شوقى الشديد إلى ذكر العصرى بمسجد الشيخ قريب الله. ذهبتُ للبيت وغسلتُ ما علِقَ بى من غبار الطريق وأبدلتُ الملابس وعزمتُ على الذهاب إلى عصرى الشيخ قريب الله رضى الله عنه وأرضاه.

لقد خلتْ العاصمة من معظم المواصلات، وتعذر الإنتقال إلاَّ بقليلٍ من التسوُّل (يا عم). رفعتُ يدى فوقف أحد الأكارم وأخذنى معه فى عربته البوكسى وتحركنا، وبعد أقل من إثنين كيلومتر أشَّرَ شخصان لصاحب العربة فوقف وأخذهما معى فى ضهرية البوكسى.

وفى لحظةٍ كأنَّها خارج الزمان والمكان (وتُقرأ الزمكان) قال أحدُهما للآخر: "هُوْ الزول مَزَعِّل أبوهو، ذِكِرْ شنو كمان البيمشيلو". وحينما التفتُّ لأنظر إلى وجهيهما بإمعان، لم يكن من أحدٍ سواى بالعربة.دقَّيت لصاحب البوكسى لأنزل. فتوقف، فشكرته ويمَّمَتُ صوب السوق الشعبى أمدرمان عساىَ أجد عربة تقلنى إلى الولاية الشمالية - إلى الجابرية الكبرى - إلى حى البساتين/الحسيناب.

وهناك وجدتُ صديقى جمال لمعى (وهو من الإقباط الذين يسكنون مدينة الدبة منذ عهودٍ سحقية) يسوق عربة بوكسى وذاهب إلى مدينة الدبة، فذهبتُ معه، والرجل مشكوراً أوصلنى إلى عند الباب. دخلت البيت، سلمتُ على والدى وقبلتُ رأسه وقدميه واستعفيتُه فعفى عنِّى رحمه الله بالرحمة الواسعة، وطيب اللهُ ثراه.

يُتبع ...

Post: #132
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 00:40 AM
Parent: #131

... هذا الطريق الذى كانت تُلَكْلِكُ العربات على رمله ورمضائه يوماً ونصف أو يومين، عبرناه فى ثلاثٍ من الساعات. وعلى كلِّ شبرٍ على هذا الطريق لنا ذكرياتٌ وحنين، ووجدٌ ومواجيد.

وفجأة انتبهت لِلافتة مكتوبٌ عليها : "كرمكول قرية الأديب الطيب صالح". وهى أيضاً قرية العمدة سعيد ميرغنى الذى له ربعٌ فى معظم سواقينا، وهى قرية صديقى العزيز محمد الفاتح أبنعوف الذى أعدتْ شقيقته لنا شاياً ذات زيارةٍ إلى كرمكول لم أشربْ مثله قط - قبل وبعد تلك اللحظة - حتى كتابة هذه السطور. ثم عبرنا على مدرسة "اللَّاوريه" - مدرسة الدبة الثانوية العليا، التى لنا بها ذكرياتٌ عظيمة وحميمة وقد كنا على وشك أن نحكيها لكم لو لا موعد الأرشفة الوشيك.

فقط لنشرح لكم معنى كلمة اللاَّوريه. وهى المكان المعزول المسكون؛ وفيه بُنيت مدرسة الدبة الثانوية العليا، ليكون سكان داخلياتها بعيدين عن الأهالى وأُسرهم. وهى تقع فى منتصف العقبة التى تفصل بين الدبة وكرمكول؛ شرقها البحر، وغربها الصحراء. أما اليوم فمدرسة الدبة لا تستطيع أن تتبينها من على طريق شريان الشمال، وذلك لكثرة المساكن والبيوت والمشرايع الزراعية التى تُحيط بها.

وصلنا سوق الدبة التى غاب عن ملجةِ بلحها وسوق جُملة طماطمها إمام الفلاحين والدى الشيخ أحمد حسين رحمه الله. فجاشت الشجون وأجهش القلبُ بالبكاء، وتجمَّلتِ العينُ قسراً للمحمدلين السلامة على العودةِ والشوفةِ قبل الغليل (الموت) مِمَّن وُجِد بالسوقِ من الأهلِ والعشيرة. ولم نلبثُ هناك طويلاً، فخرجنا دالفين إلى الكرد والشيخاب ودبنيه والمطراب وإلى حى البساتين - الحسيناب؛ والتى بينها وبين المطراب قبرٌ لرجل مجهول أتى بجثَّتِهِ النيل فدفن وسط نبات الحَلْفَى هناك وسُمِّىَ بِعَلِى الحَلْفِى؛ له الرحمة والمغفرة والشهادة.

فى البدء (وكما بعدة كلِّ عودة) ذهبتُ إلى مقابر ود ابريش حيث يُسجَّى والدى منذ عام 2006 لِأزوره وأُسلِّم عليه وأضعُ عن نفسى وِزرَ أحدَ عشرَ عاماً من التأخير. ... سلامٌ عليكم دارَ قومٍ مؤمنين.

يُتبع ...

Post: #133
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 02:10 AM
Parent: #132

... الآن أنا فى طريقى إلى حى البساتين - الحسيناب. وقبل أن ندلف معاً إلى بيتنا الكبير، دونكم ما سطر إبن عمى محمد عبد الباقى حسين عن قرية الحسيناب وعن أهلها كمِفتاح لما نحن مقبلين عليه، والعز أهل والعيد أهل:



يُتبع ...


Post: #134
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 03:56 AM
Parent: #133

محمد عبد الباقى حسين/الدرويش
(بتصرف من قصيدة طويلة)

ساعة العصارى الضل يمد فوق الجروف
يكسى التبيسات بالطرح.

وعين الشمس تنزل خِجيلانى
وتكوِّع بين شديرات البلح.

والغيم ينقط من دموعو على الصِّفيقات السبح
وأمونة تمسح من خديداتا وتلون قوس قزح.

يا نور عيوناً ما بتشوف غيرك سماح يا امونة،
إنتِ سمحنا بَشَّالنا وفتح.

يا عز وجوهاً ضاحكى فى عز الصباح
تلقانا بالرضا والفرح.

يا بت رجالاً من جريُدن ومن وَريدُن
يلفوا ضيفن بالقدح.

إنتِ المهيرة الفى ضراهم
ويا ضراهم قِبلة الجاع والنزح.

إنتِ عيدن وضى مسيدن وكفة ايدن
ويا ندى اللِّيد النضح.

أنا شان بريدن من قصيدن أقول وازيدن
أكيل عيون الكون غُــنا.

أمونة إنتِ وحات عيونك طلة الخير والُمنى.

ساعة يجوا الغايبين عيون الفال تسالمنا وتشيلنا تضمنا
ويا امونة تتفتح مشاعرنا ونقش عرق الدروب المزمنة.

ونغنى يا فرحة عيونك تلهم الناس الفرح
وا غُربة الماحج فى فرحة عيونك وانجرح.

وكتين يدوب غناينا فى نقريش سلوكو يرطنة
أمونة فى فرح البلد عقبال وفال وكلام هنا.

رنة جبيرى وخيت حريرى ونور هلال فوق الجنا
أمونه حق أم العريس مكمود ضريرى مخزنة.

أمونه إنتِ وحات عيونك
طلة الخير والمنى.

Post: #135
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالله عثمان
Date: 10-15-2017, 06:13 AM
Parent: #134

Quote: أروع ملحمة

هي كذلك
tuned

Post: #137
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 10-15-2017, 07:46 AM
Parent: #135

قبل عام واحد؛ وكان يسوقنا أبن أخي بسيارته؛ توقفنا قُبالة مدرسة الدبة الثانوية فوجدتها حزينة تبكي. كانت الدبة تمثل لي نقلة كبيرة في حياتي. فلأول مرة افارق كرمة وكنت متعلقا بثوب أمي. وهناك تعلمنا حتى اللغة الدارجية لسكان وسط السودان...

يا ليت لنا عودة لنقرأ عن ذكريات الدبة بهذه اللغة السلسة الرائعة...

Post: #141
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 11:52 PM
Parent: #137

Quote: قبل عام واحد؛ وكان يسوقنا أبن أخي بسيارته؛ توقفنا قُبالة مدرسة الدبة الثانوية فوجدتها حزينة تبكي. كانت الدبة تمثل لي نقلة كبيرة في حياتي. فلأول مرة افارق كرمة وكنت متعلقا بثوب أمي. وهناك تعلمنا حتى اللغة الدارجية لسكان وسط السودان...

يا ليت لنا عودة لنقرأ عن ذكريات الدبة بهذه اللغة السلسة الرائعة...


شاعرنا النحرير عبد الإله زمرازى تحياتى،

كما تعلم عزيزى زمراوى أنَّ معظم المرافق الخدمية فى ولايتنا الشمالية قد قامت بالعون الذاتى، ومنها مدرسة الدبة الثانوية العليا (المبانى من الأهالى، والمعلمون من الحكومة). وفى زمنٍ قد رفعت فيه الحكومة يدها عن الخدمات الإجتماعية كالتعليم والصحة وغيرها (بل سرقتها لمآرب تخصها)، فقد كان من الطبيعى أن تجد مدرسة الدبة الثانوية العليا باكيةً حزينة.

والدبة كما تعلم شاعرنا الكريم زمراوى، هى النقطة الفاصلة بين النوبة الأقحاح والنوبة المستعربة كما يحلو لصديقى د. محمد جلال هاشم أن يُسميها. وهنا عند هذه التخوم ضاعت منا لغتنا النوبية إلاَّ النذر اليسير الذى نجده فى أدوات الزراعة وأجزاء الساقية. غير أنَّ تلاحم أبناء النوبة الأصليين والمستعربين فى مدرسة الدبة على تلك الأيام، قد فتح أعيننا على جمال اللغة النوبية وجِرْسِها والحنين المتجذِّر فيها، وقد حفظنا من أغانيها الكثير: كرائعة الشاعر مكى على إدريس عديلة، وأُخريات كحنينة، وغيرها.

إذاً، فالمنفعة متبادلة يا عزيزى، بل إنَّ صداقاتى الأوثق عُروىً والأكثر استدامةً الآن، هى التى طرفها الآخر من النوبة أهل الجِلِد والراس.

مع الشكر.

عديلة



Post: #140
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 10:28 PM
Parent: #135

Quote:
Quote: أروع ملحمة

هي كذلك
tuned


تشكر أستاذنا الشفيف عبد الله عثمان على الإطراء والتشجيع.

ممنون.

Post: #136
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-15-2017, 07:42 AM
Parent: #134

موال أمونة - القصيدة كاملة
(محمد عبد الباقى حسين/الدرويش)
_____________________

ساعة العصارى الضل يمد فوق الجروف يكسى التبيسات بالطرح
وعين الشمس تنزل خِجيلانى وتكوِّع بين شديرات البلح
والغيم ينقط من دموعه على الصفيقات السبح
وأمونه تمسح من خديداتة وتلوِّن قوس قُزَح.

عاشق أنا وغنّاى أوشوش للزمن نغمات غُناى مدونة
حاضن حكاوى الريد سنين يا امونة عاشت فى ضلوعى ملحنة
مقطوعة لى حُسنِك براك، والكون بلاك غُربة وفنا.

أمونة إنتِ وحاتك عيونك طلة الخير والمُنى. ...

أمونة فى ليل البلد ريحة الدُعاش رضَّع مشاويرنا الفرحْ
اترشَّ فوق وش النجيمات إنتشن والقمرة ماتت بالفرحْ
أمونة نسّام الصباح لافِح بخور العيد سَرَحْ
أمونة فى هيبة خطيب العيد وفى شوق المَدَحْ.

ساعة الصباح لملم خطيواتو الضلام دلق السنا
يتفتَّح النُوار يصلِّى على خدودا ويحضُنا
شارى القميريَّات مع الهبَّاب يرقِّص فى السنابل دندنة
يتبع خطيواتنا ويناجيها ويدغدغ فى عويناتا الغنا.

أمونة فى عيد البلد طعم المُباركة فى لهيجات الأهل
القابلة عرسان، انتشت أعماقنا زغرد فى أماسينا الأمل
أمونة ضحكات الصَغَيْرين فوق ضَرَاعات المَهَل.

وكلُّ همسة وكلُّ لمسة امونة فيها مضمنة
أمونة انتى وحات عيونك طلة الخير والمُنى.

أمونة يوم دعوات أهلنا تقادِم الجنيات مسافرين فوق دريبات القدر
تسرح عيونا على الفريق طلة ووداع، إن شا الله مو آخر سفر
ترسم طموحاتُن وجيه أمونة زى حلماً يَلُوُح مَدَّ البصر
ساعة يشابوا المشتهنِّك لى طريداً جايبو لى خبراً حلو، يلقوكِ فى طعم الخبر
وانتِ تبقى حِريف زوادة يشيل يشِمُّوا الماحضر.

أنا من عيونن ومن شجونن أشيل واشدِّق لِكْ حكاوى الريد غُـنا
أمونة إنتِ وحات عيونك طلة الخير والمُنى.

وكتين يدوب غناينا فى نقريش سلوكو يرطنة
أمونة فى فرح البلد عقبال وفال وكلام هنـا
رنة جبيرى وخيت حريرى ونور هلال فوق الجنا
أمونة حُق أم العريس مكمود ضريرى مخزنة.

أمونة إنتِ وحات عيونك طلة الخير والمُنى.

ساعة يجوا الغايبين عيون الفال تسالمنا وتشيلنا تضمنا
ويا امونة تتفتَّح مشاعرنا ونَقُشْ عرق الدروب المزمنة
ونقرا النغيمات فى عيون أمونة ساكنى مدونة.

ونغنى يا فرحة عيونك تلهم الناس الفرح
وياغربة الماحجّ فى حضرة عيونك وانجرح
يا نور عيوناً مابتشوف غير سماحك يا امونة إنتِ سمحنا بَشَّالنا وفتح
ياعز وجوهاً ضاحكى فى عِزّ الصباح تلقانا بالرضا والمرح
يابت رجالاً من جريدن ومن وريدن يلفوا ضيفن بالقدح
إنتِ المهيرة الفى ضراهم، ياضراهم قِبلة الجاع والنزح
إنتِ الزهيرة الفى نداهن شابِّى فى خيراً طـمح
إنتِ عيدُن، وضىْ مِسيدُن، وكفة ايدُن، ياندى اللَّيد النضح.

وأنا شان بريدُن، من قصيدن، أقول وأزيدُن، أكيل عيون الكون غُنـا
أمونة إنتِ وحات عيونك طلة الخير والمنى.
___________________________

Post: #138
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Mohammed Abdullah
Date: 10-15-2017, 02:09 PM
Parent: #136

والله مندمج في الحكي ده لمن شعر جسمي قام
وما كنت عاوز اقطع الحكي المن القلب وللقلب


بدون مقاطعه وااصل وقلوبنا تهفهف

Post: #139
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Mohammed Alhasan Mohammed
Date: 10-15-2017, 05:41 PM
Parent: #138

Quote: "هُوْ الزول مَزَعِّل أبوهو، ذِكِرْ شنو كمان البيمشيلو". 



كنت صادقا فى محبتك لمن قصدته .......ولمن عاندته ... والزيارة هنا قد قبلت وقيد اسمك فى سجل الحاضرين للعصرى رغم عودتك .....وايضا فى الجانب الاخر هنالك رضا وعفو عظيم ....

..

Post: #142
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-16-2017, 00:29 AM
Parent: #138

Quote: والله مندمج في الحكي ده لمن شعر جسمي قام
وما كنت عاوز اقطع الحكي المن القلب وللقلب


بدون مقاطعه وااصل وقلوبنا تهفهف


أهلاً بالأخ الكريم محمد عبد الله،

ياخى مرحب بيك مقاطعاً ومتداخلاً وكاتباً للنص ذات نفسه؛ فأنت شريك أصيل فيما يُكتب يا عزيزى.

كل الود.

Post: #143
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-16-2017, 01:45 AM
Parent: #142

Quote:
كنت صادقا فى محبتك لمن قصدته .......ولمن عاندته ... والزيارة هنا قد قبلت وقيد اسمك فى سجل الحاضرين للعصرى رغم عودتك .....وايضا فى الجانب الاخر هنالك رضا وعفو عظيم ....


العزيز محمد الحسن محمد تحياتى،
وشكراً على هذه اللَّطيفة.

يا سلام يا أبو حميد، فى تلك اللحظة كان علىَّ أنْ ألتقط الإشارة دون الإكتراث لكونها أىَّ شئ غير أنَّها خطاب إلهى لتصحيح ما جرى. والعارفون يقولون: "إنَّ اللهَ قد يُسمعك مراده إذا غفلتَ بألسُنِ الحاضرين (نقيض الغافلين)". ووالدى الذى أُحب رحمه الله عندما قال لى "ودعناك الله" كان وقتها يضحك لقدر السفر النافذ ولقدر رجعتى للعيد معه النافذة أيضاً؛ وإلاَّ لمجرد الإشارة إلىَّ بالمكوث قد كان كافياً، فنحن نطيعه طاعة عمياء. ... كان درسَ عصرٍ حال بينى وبين العصرى على أيةِ حال.

أمَّا ذلك العصرى الذى افتقدته كثيراً فى بلاد الشتات يا عزيزى فقد كتبتُ فيه قصيدة طويلة (دونك جزءٌ منها) باللغة الدارجة بعد ثلاثِ ساعات فقط من وصولى لبريطانيا فى مطلع هذه الألفية (اللَّهمَّ اجعلنا من خُدَّام الألفية):

يا حليلن اخوان الطريق
______________

يا خلى هاك من ظرفهم ... الديمة خافض طرفهم.
فى الحضرة فايح عرفهم ... ومن المكارم غرفهم.

يا حليلن اخوان الطريق

العينة ساهرة مدمعة ... للحقِ ينصت مسمعة.
الذكر قوتة ومرتعة ... وجافت جُنوبُن مضجعة.

يا حليلن اخوان الطريق

يا صحبة الخير والرضا ... يا اهل المكارم والجِدى
ديل البِدِلوك للهُدى ... والصاحبُن ما ضاع سدى

يا حليلن اخوان الطريق

الشيخ مُأدِبة بالمُثول ... لى سنةِ الله والرسول
مضبوط مسارن بالأُصول ... وراجين من الله الوصول

يا حليلن اخوان الطريق

الصمتِ والعزلة ام كُجَر ... رابطين على البطن الحجر
مَحِّصْ مَسارك بالسَّهر ... فَرْق الرِّجال وِرْد السَّحَر

يا حليلن اخوان الطريق

يا حليلن ابيض زيَّهم ... قول لىَّ مين الزَّيهم
فى الله ميِّت حَيَّهم ... يا ربى ارجع حَيَّهم

يا حليلن اخوان الطريق

يا حليلو عصريك يا الجُمَع ... والحضرة والنور اللَّمَع
لى درسو أرهفنا السمع ... والشيخ يفنِّد فى اللُّمَع

يا حليلن اخوان الطريق

يا حليلن اخوان الطريق ... وين لىّ مِنَّهُم آ رفيق
انْ شا الله فى الصف العتيق ... الكاسو مُترعة بالرحيق

يا حليلن اخوان الطريق

فايت حدودك احذرُن ... الشِّبلِ فى الحق أزأرُن
ديل العدوهن شكرُن ... يا حليل حديثُن سُكَّرُن

يا حليلن اخوان الطريق

يا اهل الطريق أهل العِلِم ... والرحمة والسَّعَة والحِلِم
المنفى فى بلد العِجِم ... ندمان وفيكم كم عِشِم

يا حليلن اخوان الطريق

أطرونا فى وقت الدُعا ... وقت الحضور والشعشعة
نترك دروب الإدِّعا... وخير المقالات نتبعة

يا حليلن اخوان الطريق

للحبو جالب من كنو ... آلاف صَلات يتركّنو
فى الدِّين عبيدك مكنو ... وتصبح مدينتك مسكنو

يا حليلن اخوان الطريق

يُغفر لو زنبو المزمنو ... ويعشق لِماكَ ويدمنو
الجاك وقيعك طمنو ... وقول يا حبيبى انا بضمنو

يا حليلن اخوان الطريق
ــــــــــــــــــــــــــ



ممنون.

Post: #144
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-16-2017, 04:10 AM
Parent: #143

... أنزلتُ نسيبتى عند ابنتها؛ فحفيدتها عروس رابع أيام العيد. وقد أقبلتْ علينا امرأة لم أستطع التعرُّف عليها فى قائلة النَّهار، ولعلها امرأة من الحلة جاءت لتقول "المبدى متموم" وقفلت راجعة. وإلى أنْ وصلتنى ورفعت معىَ الفاتحة لم أتعرف عليها، ولكنِّى أدركتُ سوءة الزمان والمحن التى حلَّت بهذا البلد ذات إنقاذ.

وفيما حُكىَ لى أنَّ هذه المرأة كانت حسناءَ صاعقة الحسنِ، غنيةَ العناصر، مُترفةً فى بيتِ أبيها وفى بيتِ زوجها رحمهما الله. ويبدو لى علىَّ أن أضيف 19 سنة لعمرِ أىِّ شخصٍ من أهلى يُصادفنى غيرِ منتمٍ للإنقاذ، حتى ولو وُلِدَ اليوم. ... يا للخُلعة!

ونسألُكَ يا الله يا رحمن الدنيا والآخرة، أن ترحمنا فقراءاً وأغنياء، وأنْ ترحم ضعفنا. فالنَّاسُ هنا هلكى، والضرعُ يبوس، والحكام فاسدون، والأرضُ سَبِخةٌ جَدِبة، وأعوادُ النَّخيل العجوز تنتظرُ حريقاً ليخلو مِلْكُنا الحر لوجهِ الشيخة موزة ورساميل عبد الرحمن الراجحى. ... من يُصدِّق أنَّ حىَّ البساتينِ يباب!

يُتبع ...

Post: #145
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-16-2017, 10:40 PM
Parent: #144

... كان أخى الخليل عند الباب حين أوقفنا السيارة جيئةً من مقابر ود أبريش، فاضت العيون بالدموع، وعلا نشيج الصدور، وأَخَواتى السبع - ومعهنَّ نساءٌ كثر - يزغردن تارةً، ويبكين تارةً أُخرى، كأنَّ والدنا رحمه الله قد انتقل الساعة؛ ومنهنَّ من أُغمىَ عليها بين ذراعىَّ من كثرة الانتحاب (الله يجازى الكان السبب).

كانت الزغاريدُ آذاناً وإيذاناً للناسِ ليجتمعوا عندنا فى البيت الكبير؛ فجاء كلُّ من لَّم يكن فى سوقٍ أو ساقية؛ وفى الأصل كان الخليل قد دعاهم لتناول وجبة الغداء "كرامة - وسلامة" لعودة المسافر العاق، الذى خرج من البساتين قبل 19 سنة ومن السودان قبل 15 سنة فى رحلة آحادية الإتجاه، ولم يعد إلاَّ اللحظة. والآنَ أحسُّ فى صدرى فراغاً عظيماً، يبذُّ فراغَ فؤادِ أُمِّ موسى، لعدم وجود أبى بالبيت. أبى الذى كان كلَّ شئ، قد جعلنى منه الخليفة، وأنا فى بلادِ ليزا وكنداليزا عَبِدْ راسمال.

(الله يجازى الكان السبب).

يُتبع ...

Post: #146
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-17-2017, 10:47 AM
Parent: #145

... وأنا فى انتظارِ أنْ تهدأ الخواطر، تُغرقنى الذاكرةُ فى تفاصيلَ ممعنةٍ فى الإلحاح. نعم أعرفُ رملَكِ وحصباءَكِ يا بساتين، شجرَكِ ومدرَكِ، جَرْفَكِ وضهراتِك، وأعرفُ نخْلاتِك الباسِقاتِ الموقوفاتِ للدَّناعِ والطيرِ والسابلة: دَقَنْ ود عُمر، كُرشة الطيب، اللَّكميدة، والمسيخة، تمُرة السبيل، كُريقة أحمد عبدو، تِبشة بت ياسين، تمرة مدينى، كُريقة حاج سيد أحمد، والكضَّابة.

وعلى كثبانِكِ يا بساتين لَعِبنا الطُّورَ والسيجة وصفرجت، حرينا والفات - فات، وشليل وشَدَّتْ، ومَنْ - عدَّاك - يا دِوعِير، الهِيّوب، وحبينا ودبينا لفاطنى بنت نبينا، وفى النيل لعبنا عرفة النَّرَفَة، وفى البَرِّ أخذتنا جِمالُ الطينِ بِخطوِها الوئيد، براريد - براريد، من هنا للصعيد.

كلُّ شئٍ بدأ هنا ولا أحد يعرف أين تكون النهاية؛ فقد أخذتنا شِعابُ الدروب إلى عوالمَ شَتَّى. وودتُ لو أدوفُ هذا الحزنَ بِفَرحٍ مؤقتٍ أو فرحةٍ بائتة؛ فقدت تعبَ القلبُ المُهلهلُ من الحزن. فهل يليقُ أنْ أستدعى الحبيبة فى مثل هذه الظروف؛ الفكرة تبدو نشاز. ولكن ألَمْ يذكُر جِدى عنترة بن شداد الكوشى محبوبته فى أصعب الأوقات؟ ألم يقل:

ولَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ مِنّي ... وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمى.

يُتبع ...

Post: #147
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-17-2017, 09:51 PM
Parent: #146

... ينقطع استرسال غرقى فى لُجَةِ الذاكرة تلك بصوت زوج أختى عبدو (وأنا عمُّهُ إبن عمِّ أبيه) مسلِّما: "السلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته يا عم" بصوته الجهير الرخيم الذى يوحى لك حينما تسمعه أنَّه صادرٌ من فتىً فارعِ الطولِ فارِس، سليمِ البناءِ، مفتَّلِ العضلاتِ، وأنَّ يديه تُقاتلان وراء الحجَّاز؛ وقد كان بالفعلِ كلَّ ذلك ويزيد قبل خمسة عشر عاماً.

وحينما التفتُّ رادَّاً للتحيةِ بأحسنِ منها، وباحثاً عن صاحب الصوت المعتاد بالهيئة التى أعرف فلم أجده. وواللهِ الذى لا إله إلاَّ هو، لو لا أنَّه قال لى: "أنا هنا يا عم، طبعاً ما عرفتنى"، والصوتُ ذات الصوت؛ لما تعرفتُ عليه لعشرٍ من المرَّات لو أوقفوه لى فى طابور تفتيش وقالوا لى إخرج عبدو من بين الحضور؛ فقد سلبه داء السكر كلَّ لحمِهِ وترك له الجلد ملتصقاً بهيكله العظمى. ... يا ألطاف الله، فحين وقعَ بصرى عليه أحسستُ أنَّ جزءاً من جذوةِ تكوينى قد إنطفأ.

اللَّهُمَّ أشفِ عبدو شفاءاً لا يُغادر سقماً، واشفِ كلَّ سقيم يا ودود.

يُتبع ...

Post: #148
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-17-2017, 10:49 PM
Parent: #147

... بُسِطَتِ الموائد، وتحلقنا حولها، وامتلأت القلوبُ بالمحبة والحنان قبل البطون. كم أفتقدُ جمهرتكم هذى يا أحبابى وقد ملأتنى الغربةُ بفرديةٍ ماحقة. أنا الآن لستُ وحيداً يا صاحبةَ الجلالة، لستُ تُرْساً فى عجلةِ رأسمالِكِ أيَّتُها الملكةُ الكريمة المِفضالة، أنا بين أهلى عزيزاً مُكرماً، ولم يَضُنَّ علىَّ منهم أحد، وقد ملؤونى بما افتقدتُه هناك. ... فلهم ولكِ الثناءُ والمحبةُ.

يُتبع ...

Post: #149
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-18-2017, 00:37 AM
Parent: #148

... ذات الدفئ، ذات النكهة، ذات الدم الخفيف، وذات السخرية، وكلُّ شئٍ فى تمام الحضور إلاَّىَ أنا الذى بينهم ومستغرقاً فى التفكيرِ فيهم. كنتُ شروداً كثيرَ الصمتِ، أسمعُ فأتزوَّد وأبخلُ بالردودِ فوق "الكلمة وغُتايتها" مخافة نقصان الزاد؛ ولعمرك فاقد الشئ لا يُعطيه.

أُذِّنَ للعصرِ فطلبنا المسجد، قالدنا هناك من لم يستطع الحضور وقالدونا. ورويداً رويداً تبددت حمَّارةُ ذلك النَّهار، فقلتُ لأخى أُريد أن أزور بعض البيوت، فركبنا العربة عند الرابعة والنصف بعد الظهر وعدنا إلى البيت بعد الحادية عشر ليلاً. ثمَّ أكملنا بقية البيوت المنتخبة للزيارة بعد صلاةِ الفجر. والسبب فى زيارة النَّاس فى غيرِ موعد الزيارة هو أنَّنى علىَّ أنْ أرجع إلى الخرطوم باكراً بسبب تدهور الحالة الصحية لإحدى بناتى. وكلُّ من زرناه فى هذه الأوقات المنهيةِ الزيارةُ فيها ظنَّ أنَّنا نحملُ له خبر موت باستثناء أهل ودِّ أمِّى. فكلُّ مِنْ أيقظناها لنُسلِّمَ عليها قالت: أهلاً بى حِبيبينى ولاد حبيبتى.

عند شروقِ الشمس جِئ بالشاى والقهوة أمام منزل إبن عمنا الشاعر محمد عبد الباقى حسين (الدرويش) فتقهوجنا بين ظهرانيه محبةً وإعزازاً؛ فالدرويش إنسانٌ من طِرازٍ فريد قلَّ أن يُصادفَك فى مكان ما. وإذا مدَّ اللهُ فى الآجال سأكتبُ هنا عن طيِّبِ النَّشر الدرويش رغمَ أنَّ الرجل لا يُحبُّ الأضواء.

دلفنا إلى داخل البيت مودعين لأخواننا وأخواتنا ولمن كان بيننا من الأهل والعشيرة والأصهار، ثم ختمنا زيارتنا لأرضِ البساتين بوداع الدرويش عليه السلام.

يُتبع ...

Post: #150
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-18-2017, 02:05 AM
Parent: #149

... فى آخر 82 كليومتر قبل دخولنا العاصمة (وهى منطقة أبو ضلوع على وجه التحديد) هَبَّتْ علينا ريحٌ صرصرٌ عاتية، انعدمت معها الرؤيا لأكثر من نصف كيلومتر. ويبدو أنَّ السيِّد أبو ضلوع مصرٌ على أخذ حقِّهِ فى تأخير العربات رغم أنفِ شريان الشمال. وعلى العموم وصلنا بعد لأىٍ وجُهد، وتم إسعاف البنت الصغرى والحمد لله.

جاء العيد فكانت أيامُهُ الأحلى منذ عقود؛ والعيد أهل، والعز أهل يا صاحبة الجلالة. وكلُّ شئٍ كان على ما يُرام إلاَّ من إصابة إبنى بالحمَّى يوم الوقفة حتى موعد إسعافه، وإنعدام البنزين أيام العيد، والحالة الهيستيرية التى دخلت فيها ابنتى الصغرى حينما نظرت للكيفية التى تُذبح بها الخِراف. فصرخت وتشنجت واندسَّتْ فى ركنٍ قصىٍّ من البيت، وأقسمت أنها ستُكلِّم لنا الملكة. قلتُ لها جاء ذبح الخِراف فداءاً لذبح الأبناء فما رأيك؟ فقالت: Both are not nice.

غادرتُ العاصمة الخرطوم على متن الإثيوبية من ثانِ فى الساعات الأولى من خامس أيام العيد. وأنا فى طريقى إلى المطار تمنيتُ أنْ أجد لافتة مكتوبٌ عليها: "يُوجد تمويل لأىِّ مشروع صناعى" كما وجدتُ ذلك فى أثيوبيا من قبل. ولكن كيف يحدث ذلك وأموال السودان المسروقة تُستثمر كفنادق فى كينيا، وأثيوبيا وقطر والأمرات وماليزيا وبوينس ايرس ودلهى (هل سمعتم بحقول قمح المتعافى بالهند والسند)، وجلُّ موازنته تُصرف على الأمن. أليس المسروقون أولى بالمعروف يا أيها الأخوانويون؟

لقد كان هناك أمرٌ لافِتٌ من المضيفات الأثيوبيات صاحبات الذوق الرفيع أن يجعلن أُغنية "عازة فى هواك" الخلفية الموسيقية عقب كلِّ الإعلانات والتنويهات طِوال الرحلة من الخرطوم إلى لندن. ولا أدرى بالطبع إن كان ذلك بمحض الصدفة أمْ أنَّه امرٌ درجت عليه الخطوط الإثيوبية حين مغادرتها الخرطوم.

ومن الأمورِ اللافتة أيضاً أنَّنى حسبت عدد الطائرات الرابضة على مطار أديس أبابا فوجدتها أكثر من 57 طائرة، نهايك عن المتواجدة فى تلك اللحظة فى مطارات أخرى من العالم، أو تلك المُحلِّقة بين السماوات والأرض. وبالمقابل حين تنظر إلى الطائرات فى مطار الخرطوم فلا تجد من بينها طائرات الخطوط السودانية.

يُتبع بالخُلاصة ...


Post: #151
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-18-2017, 05:08 PM
Parent: #150

اللهم إنَّا نستودعك فقراء وطن عازة وأغنياءهم، فاجمعهم ربى على سواءِ الحرية والديمقراطية وحكم القانون والفصل بين السلطات والتداول السلمى للسلطة، واقتصَّ يا ربى للمظلومين من الظالمين فى الحياة الدنيا والآخرة، عاجلاً غير آجلاً. ... اللهمَّ آمين.


Post: #152
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: عمر دهب
Date: 10-19-2017, 10:14 AM
Parent: #151

سلام ياحسين تابعت هذا الخيط الممتع من البدايه حتى ارجعتك الى مهجرك
دفعه واحده. كانك كنت تحكى عنى بفارق واحد اننى ماكنت اغيب مثل هذا الغياب الطويل يبدو اننا دفعنا اكثر ممايجب الله الذى يجازى الكان السبب

Post: #153
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 10:24 AM
Parent: #152

سلام ياحسين تابعت هذا الخيط الممتع من البدايه حتى ارجعتك الى مهجركدفعه واحده. كانك كنت تحكى عنى بفارق واحد اننى ماكنت اغيب مثل هذا الغياب الطويل يبدو اننا دفعنا اكثر ممايجب الله الذى يجازى الكان السبب

وعليكم السلام والرحمة والبركات الأستاذ عمر دهب،
شكراً كثيراً يا عزيزى على القراءة والمتابعة.

وبالفعل قد دفعنا أكثر مما يجب، ولكن بغيابنا دفع الوطن والمواطن ضعف ما دفعنا، وحسبنا من الإثم كإنتلجنسيا أننا خلفنا أجيالاً من اليتامى فى كلِّ شئ: يتامى تنمية ونضال وتغيير وهلمجرا. كما أنَّنى آسف على التأخير؛ فقد حسبتُ أنا هذا البوست ستتم أرشفته ولا يمكن أن أضيف له أى شئ، ولذلك افترعت خاتمة له فى مكان آخر. وأخشى أن أكون قد إرتكبت خطاءاً ما لأنَّنى أبحث عن بوست آخر ولم أجده (أمريكا، كليبتوقراط الإسلام السياسى، ورفع العقوبات؛ ماذا وراء الأكمة).

مع خالص شكرى.

Post: #154
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 10:49 AM
Parent: #153

المحصلة

فى العموميات:

1- الأخوانوية فكرة لقيط، وفسادٌ مطلق، ورجسٌ من عمل الأخوان لا ينبتُ إلاَّ فى واقع إنعدام الحرية والديموقراطية وتداخل السلطات أفقياً ورأسياً. وبالتالى من ينتظر منها بسط الحريات والديموقراطية والفصل بين السلطات والتداول السلمى للسلطة فهو واهمٌ يتسلَّى بقبضِ الريح.

2- الأخوانوية كفكرةٍ مرجوسةٍ منبتَّة، تتغذى وتتعبَّد بالأيديولوجيا الدينية أكثر منها بجوهر الدين. وبالتالى تموت بالتدين الصحيح الذى يعرفه أهل السودان من سحيق الأزمان (يعرفه أهل السودان حتى قبل الأديان الثلاثة المعروفة: اليهودية، المسيحية والإسلام)، وتموت بالديموقراطية إرثِ الإنسانية العظيم.

3- إذاً، فجوهر الدين والديموقراطية الحقَّة عدوَّان لدودان بالنسبة للأخوانوية وفى حالة جدل معها. وبالتالى كل أهل السودان من أصحاب التدين الفطرى السليم، ودعاة الديموقراطية والسلوك المدنى الرفيع يمثلون أعداء الخط الأول لهذه الجماعة الشاذَّة.


يُتبع ...

Post: #155
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:18 PM
Parent: #154


آثار عامة لحكم الأخوانوية على السودان لمدة ثلاثة عقود

4 - القفذ من أيديولوجيا إلى أُخرى (أيديولوجيا الحرب المُقدسة فى الجنوب، الأيديولوجيا الإقتصادية وإلهاء النَّاس بالمنجزات الإقتصادية من كبارى وطرق وسدود إلى أن إكتشف الشعب أنها قد أُنجِزت بالإستدانة من العالم الخارجى، وأخيراً فزَّاعة العقوبات الأمريكية على السودان) بغرض التسويف السياسى ومنع الشعب استحقاقه من الحرية والديموقراطية والتداول السلمى للسلطة والتوزيع العادل للثروة.

5- التمييز الإقتصادى لصالح الأخوانويين فى كلِّ شئ، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الثروة (كعائدات البترول والمعادن النفيسة التى تُدار خارج الموازنة العامة) وبفرص الاستثمار وبتوزيع الأراضى، وباحتكار التوظيف والتدريب والبعثات الخارجية، وبالأعفاءات من جميع الضرائب ورسوم الخدمات والأتاوات والزكوات وغيرها، وبمضاعفة المرتبات والبدلات، وبالعلاج والتعليم بالخارج لهم ولذويهم، وبإطلاق أياديهم فى سرقة الناس والدولة بفرض رسوم وضرائب على المواطنين من غير أورنيك 15 حتى فاقت الـ 173000 رسماً ضريبياً، وبتجنيب عائدات الوحدات الإيرادية بعيداً عن وزارة المالية والسلطات الرقابية الآخرى.

6- استمراء السير على خط سياسات التحرير الإقتصادى الحمدوية (التى كانت فوق ما يطمع النظام الرأسمالى ومؤسساته الدولية) برفع الحكومة يدها كليةً عن إنتاج السلع والخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والإسكان وإصحاح البيئة والمياه النظيفة والإمداد الكهربائى المتصل وتركها لقطاع خاص لا يرقب فى اللا - أخوانويين إلاَّ ولا ذِمَّة، خاصةً مع سكوت الشعب السودانى على أخذ 50% من مخصصات التعليم والصحة لصالح استخراج البترول فى السابق.

والمحصلة هى إفقار وتجويع وإعلال منتظم للشعب بجلب السلع التافهة والمنتهية الصلاحية، والتحكم فيه بجعله يدور فى فلك هذا القطاع الخاص من المتنفذين الأخوانويين الذى هو أشبه بنظام الكفيل الاستعبادى الاستبدادى فى الدول الخليجية، ولا يستطيع أن يعيش للأسف إلاَّ من خلاله. وبالتالى صار الشعب فى الداخل ذاهلاً عن موجبات التغيير على أرض الواقع رُغم المعاناة الفادحة، خاصةً مع غياب 10 مليون من الإنتلجنسيا السودانية عن البلد دون إجراء سلس لعمليات تسليم وتسلُّم مقتضيات التغيير للأجيال اللاحقة. الأمر الذى أوجد فجوة سياسية مقدرة وفجوة تغيير، جعلت الشعب السودانى "معلم الشعوب" واقعاً ضمن دائرة الحدس السلبى السائدة إقليمياً، والتى يتهندس فيها الرأى العام بالإشاعة والإعلام الموجه وفى أعلى السقف بالضربات الأمنية الباطشة.

وعليه صارت موجبات التغيير موجودة فقط فى العالم الإفتراضى، وإذا تنزَّلتْ لتتعفر، تجدها "متبيِّنة" فى صحيفةِ هنا وصحيفةٍ هناك، وفى بعض الأنشطة الطلابية المحروسة بالأمن. أمَّا موجبات التغيير كفِعِل جماعى مادى متَّسق وملتحم على أرض الواقع، فهى غير موجودة. ولذلك يُسَخِّر جهاز أمن الدولة أناساً متعوباً عليهم من شعبة الجهاد الالكترونى لإخصاء موجبات التغيير حتى على مستوى العالم الإفتراضى، واللهُ وحده المستعان.

7- استطياب الكسب الحرام السهل عبر سرقات الإنقاذ الجارية جعلتْ من العقل الريعى مسيطراً على كليبتوقراط الإسلام السياسى فى السودان، وبالتالى غابت عن البلد الرأسمالية الخلاَّقة التى تنفق على البنيات الأساسية وتستثمر فى الصناعة مما يزيد من عُرى الترابط الأمامى والخلفى للإقتصاد القومى وفتح أفاق واسعة للتشغيل.

ولكن على العكس من ذلك، فإنَّ كليبتوقراط الإسلام السياسى المُهجَّسين بحدوث تغيير فى أىِّ وقت رغم بقائهم الأطول فى السلطة فى السودان، فإنَّهم يفضلون تنمية بلدان أُخرى على تنمية بلدهم (المسروقون أولى بالمعروف). وبالتالى تجدهم أصحاب استثمارات واسعة فى أثيوبيا، ماليزيا، الأمارات العربية، قطر، كينيا، يوغندا، موزنبيق، موريتانيا، جزر القمر، الهند، الصين، وحتى فى أمريكا اللاتينية.

هذا الواقع جعل من الإنقاذ دولة جباية قاصمة لظهر المواطن المغلوب على أمره، وفى أحسن الأحوال تركته تحت رحمة قطاع خاص غير مسئول وعديم الأخلاق لما عجزت عن شراء الواردات التى تلبى حاجة الشعب والدولة بسبب تآكل الإحتياطى النقدى للدولة، بل سرقته.


يُتبع ...

Post: #156
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: Muhib
Date: 10-22-2017, 12:32 PM
Parent: #155

سرد ممتع وطويل

جدثنا عن اجراءات تسجيل الاجانب

الرسوم والكيفيه والخ

ماشيين السودان ونحن اجانب اخر الزمن

موقع وزاره الداخليه لا يعمل

وكان البلد تقول لسائح والزائر
لا تاتي

منتهي التخلف


Post: #157
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:38 PM
Parent: #155

حياة النَّاس فى السودان من وجهة نظر الإقتصاد البايوسياسى

8- مع استمرار سرقة أهل السودان بواسطة كليبتوقراط الإسلام السياسى، وبالتالى دخول البلد فى حالة إنكشاف على كل الأصعدة (أخطرها الإنكشاف الإقتصادى)، ومع رفع الحكومة ليدها عن توفير السلع والخدمات لمواطنيها، وترك الأمر برمته للقطاع الخاص المسيطر عليه بواسطة ذات كيبتوقراط الأسلام السياسى، فإنَّ السلع المجلوبة بواسطة هؤلاء القوم محورة وراثياً ومحورة أخلاقياً (الأقل جودة فى أسواق العالم/بخسة، مغشوشة، منتهية الصلاحية، مُعاد استخدامها، ولا تصلح للاستخدام الآدمى)، وفى نفس الوقت تباع بأسعار قريبة من أسعار الإتحاد الأوروبى لمواطن منهك بالضرائب والأتاوات غير القانونية.

ولا أُبالغ إذا قلتُ لكم أنَّ ثلاَّجات أهلنا الفقراء فى السودان هى فى الواقع عبارة عن حاويات أنيقة للقمامة موجودة بالمطابخ بدلاً عن وجودها أمام البيوت لأخذها بواسطة العربات المخصصة لذلك؛ فالكلُّ إذاً، يأكل من المذابل.

وعليه ما يتناوله الفرد من سعرات حرارية نتيجة السلعة المغشوشة والرديئة والتالفة أقل بكثير جداً من المستويات العالمية والإقليمية. بل هىَ عبارة عن كوكتيل سموم يستخدمه أعداء الشعب السودانى من إمبرياليىِّ النيوليبرالية ونظرائهم الكيبتوقراط الكومبرادوريين فى الداخل، فى أقذر حرب بيولوجية يشهدها العالم وتبتدرها هذه الكيانات فى السودان (فأر التجارب)، لتجعل كمية الغذاء المتوفر عالمياً يتفوَّق على عدد سكان العالم فى نهاية المطاف.

عطفة:

(فى 2007 وصل الرقم القياسى للأسعار العالمية للغذاء أعلى نقطةٍ له منذ عام 1845، وهناك تخوف كبير من ارتفاعه من جديد الآن اكتوبر 2017) (2).


يُتبع ...

Post: #158
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:45 PM
Parent: #157


9- يجهل الممتنُّون علينا بجلب "الهوت دوغ" بواسطة نظامهم الفاسد لأول مرة فى السودان، أنَّ "ثلثى سكان العالم فى 2030 سيعانون من البدانة وأمراضها "أمراض القلب، السكرى، ضغط الدم، وغيرها" بسبب هذا النوع من الأطعمة القاتلة. والأخطر من ذلك "أن مليارى فرد من الفقراء فى العالم يعانون الآن من نقص في مجموعة من الفيتامينات والمعادن في نظامهم الغذائي ضرورية للحفاظ على صحتهم. وبالتالى يؤدى ذلك إلى "زيادة في أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها من الأمراض ذات الصلة بالنظام الغذائي والتي تقوض الإنتاجية وتهدد بإرهاق الخدمات الصحية" (3).

وفى السودان تنحصر البدانة فقط فى الأخوانويين. أمَّ النقص الحاد فى مجموعة الفايتمينات والمعادن الضرورية فى النظام الغذائى ليبقى الفرد صحيحاً، فهى تنحصر فى اللا - أخوانويين؛ وذلك بسبب الأغذية الفاسدة التى تكلمنا عنها أعلاه. وتأكيداً على ذلك فقد أصبحت فى السودان ما يشبه الحلقة المُفرغة من: الفقر - الجوع - نقص الغذاء - المرض/الموت - الفقر من جديد. والذين يسرقون صحة المواطن (50% من الصحة والتعليم) لا يعلمون أنَّ "إنفاق دولار واحد على الغذاء الصحيح، يعود على الخزانة العامة بـ 16 دولار" (المرجع أعلاه).

سألت أحد الشباب وعمره 19 سنة وقد كان يكح كُحة مزعجة حد الربو، ما الذى أوصلك إلى هذا الحد؟ فقال بدأ الأمر بنزلة لم استطع علاجها، فتحولت إلى إلتهاب، لم استطع علاجه، فتحول إلى أزما. كما أنَّه فى أقل من عامين تمَّ لخمسٍ من أفراد أسرتى المقربين سبع عمليات قلب مفتوح، وأحدهم توفى رحمه الله، وآخر الآن فى القاهرة عمل عملية قلب مفتوح للمرةِ الثالثة. أمَّا عدد الأشخاص المصابين بالسكرى والذى طمس على ملامحهم، ومنهم بُتِرَتْ أعضاؤه، فلا يُحصى. ولو لا رجالٌ كُرماء من أهلنا وعشيرتنا من أمثال العصامى الدكتور الصديق عبد الباقى حسين ورصفائه من المحسنين من الأهل والعشيرة لما عُملت عملية واحدة من تلك العمليات.

وعلى فكرة واحدة من آليات التكيُّف (coping mechanisms) مع هكذا واقع من رفع الدولة يدها عن الخدمات الإجتماعية (التعليم، الصحة، وغيرها) كانت اجتراح محفظة مالية (Fund) يضخ فيها الميسورون من أهلنا اشتراكات شهرية لمقابلة الحالات التى لا يقدر الأهل على دفع تكاليفها، ولعل الأمر يسير على قدمٍ وساق.

يُتبع ...

Post: #159
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:54 PM
Parent: #158


10- إنَّ نقصَ الغذاء الناجم من استيراد السلع المضروبة (بما فيها الأدوية) بواسطة كليبتوقراط الإسلام السياسى معطوب الأخلاق كما جاء بعاليه، وبالتالى ضعف مناعة ومقاومة الأفراد للأمراض نتيجة لذلك، ونتيجة لكون الأمراض المستوطنة نفسها أصبحت مقاومة لمعظم العقاقير الطبية نفسها لأنَّها مغشوشة ومنتهية الصلاحية، فإنَّ المواطن ليس أمامه سوى المرض والموت.

ولما كنا قد قلنا فى مقالات سابقة أنَّ أمام الشعب السودانى خياران: "إما العصيان أو المسغبة"، فقد قالنا ما قلنا ليس من قبيل النزق السياسى، ولكنا كنا نعنى ما نقول. واليوم النذيرُ أفدح يا سادتى؛ فأمام الشعب السودانى خياران: "العصيان أو الموت؛ أو قل: الموتُ أو الموت".

فالبلد مُكدسة بالأوساخ والنفايات النووية والكيميائية، إصابات عالية بما لايخطر على بالِ أحد من شتى صنوف الأمراض (إختلال نشاط الغدة الدرقية، الكوليرا، أمراض القلب، السكرى، أمراض الكُلى، الملاريا - صديقة الكينا، السل)، إختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحى (30% من سكان العاصمة القومية مصابون بالبلهارسيا)، ولا مبالاة منقطعة النظير من قبل الحكومة بكلِّ ذلك. بل الحكومة فى حالة إنكار لكلِّ ذلك ؛ طالما لا يمسها ورساميلها منه شئ، ولا ترقبُ فيما سواها إلاَّ ولاذمة.

ولنحمد اللهَ ونشكره يا سادتى، فإنَّ الذى يجرى على أرضِ الواقعِ هناك، وبقاءَ النَّاس أحياءاً بالرغم من ذلك، لا يكمن استيعابه إلاَّ فى ظل العناية الإلهية المطلقة.

عطفة:

الزائر للسودان عليه بالتطعيم الباكر، وعليه باستخدمام الـ LifeStraw هو وأسرته للتعامل مع كلِّ المشروبات. وقد يسخر منك النَّاس وأنت تستخدم هذه الأدوات فلا تكترث. وإذا شعرت بأنَّك تفعل نشازاً وتريد أن تتحقَّق بعبارة "الموت مع الجماعة عِرِس"، فحين عودتك عليك بفحوصات - ما - بعد - الرحلة لكل أفراد الأسرة حتى يطمئن قلبك.

يُتبع ...

Post: #160
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:55 PM
Parent: #159


11- هناك تواطؤ نيوليبرالى مع كليبتوقراط الإسلام السياسى ذى العقلية الريعية لتدمير مشارعينا الزراعية المعنية بإنتاج الغذاء. وفى البدء حدث ذلك بفرض ضرائب عالية على الزراعة حتى أصبحت تكاليف إنتاج محاصيلنا الزراعية أعلى مما لو استوردنا ذات المحاصيل من الخارج. ثم تمظهر ذلك فى استخدام مبيدات وبتروكيماويات أثرت على خصوبة الأرض وأضرَّت بالإنسان (والحيوان) وحيويته وصحته (سرطانات لا أول لها ولا آخر) وانتاجيته. وأخيراً بالتأثير فى علاقات الإنتاج وبالتالى التأثير فى نظم حيازة الأرض ومن ثمَّ بيعها بما فوق الأرض وما تحت الأرض للشركات الأمريكية والبريطانية والصينية والماليزية والخليجية (مقابل ديون مستحقة) التى ستنتج الغذاء الذى يوائم شعوبها، أو تدلف إلى باطن الأرض لتنتفع ببترولها وذهبها والمعادن الأخرى؛ وعلى الشعب السودانى السلام.

والجدير بالذكر أنَّ بيع أراضى سودانية لا يمكن أن يتم إلاَّ فى ظل دخول السودان المسبق تحت نير إتفاقية التجارة الدولية ليصبح بذلك ملزماً لكل الأطراف. ويقينى أنَّ التوقيع من قبل الحكومة على الإتفاقية قد تم منذ فترة طويلة، وإلاَّ لما أقدمت أمريكا على رفع العقوبات لتتدافع شركاتها وشركات الغير للأستثمار فى السودان الذى مازال ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب. ولتغطى الحكومة على جُرم/حدث التوقيع وتمويهه، نجدها تعلن بين الفينة والفينة أنَّ السودان على وشك أن يُكمل الإجراءات للتوقيع على الإنتفاقية كما صرح بذلك وزير التعاون الدولى بالأمس القريب.

وأُكرِّر ما قلتُ من قبل، سيستيقظ السودانى ذات يومٍ (وشيكٍ للأسف)، خاصةً بعد التوقيع على إتفاقية التجارة الدولية، ليجد نفسه واقفاً على أرضٍ لا يملكها، وهو غريب الوجه واليد واللسان فى حضرة ملاَّكِها الجدد، الذين ربما لا يقبلون به عاملاً عليها لأنَّهم سيأتون بعمالتهم من بلدانهم أو سيأتون بآلات حديثة تستغنى عن العامل نفسه. ووقتها، أى حينما تُمعن النيوليبرالية فى التجذر بِبَلدنا - اللابلدنا، يكون السودانى (إن بقىَ وقتها على قيد الحياة) قد تحول من مالك - إلى عامل - إلى قُنٍّ من الأقنانِ يبيعُ قوةَ عمله لقاء سدِّ جوعته.


يُتبع ...

Post: #161
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:58 PM
Parent: #160

فى الختام نقول:

لم يكن الوطنُ (ولا المواطن) مُتَّسِخاً، ولا مريضاَ، ولا جاهلاً، ولا سارقاً، ولا راشياً مرتشياً كما قال صاحبُنا الهندى. ولكنَّ المُتَّسِخَ المريضَ الجاهلَ السارقَ الرشاىَ المرتشىَ هو الأخوانوىُّ بكلِّ المقاييس؛ والوطنُ والمواطنُ بُراء من كلِّ ذلك. ونقولُ لمن استفزونا وأجبرونا على أن نعيشَ فى الشتات ما قالَ أميرُ الشعراء أحمد شوقى:

كلُّ دارٍ أحقُّ بالأهلِ إلاَّ ... في خبيثٍ من المذاهبِ رِجْسِ

Post: #162
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 12:59 PM
Parent: #161

الدكتور محمد حير المشرف تحياتى،

يا سيدى أنا ممتن لك على تشجيعك المتصل، وعلى لفْت أنظار السادة القراء إلى ما أكتب على عِلاَّت مباشرته وبساطته وتواضعه. وأرجو أن يرتفع مستوى التجويد فى الكتابات اللاحقة إلى مستوى هذا العشم.

لك كامل الإحترام والمحبة والتقدير يا عزيزى.

Post: #163
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-22-2017, 01:29 PM
Parent: #162

سرد ممتع وطويل

جدثنا عن اجراءات تسجيل الاجانب

الرسوم والكيفيه والخ

ماشيين السودان ونحن اجانب اخر الزمن

موقع وزاره الداخليه لا يعمل

وكان البلد تقول لسائح والزائر
لا تاتي

منتهي التخلف


الأستاذ Muhib تحياتى،

عليك بالذهاب ثانى يوم وصولك لاستخراج بطاقة الأجانب من مكاتبهم التى غرب مركز سمير لتخلص وتستمتع بإجازتك بين الأهل والعشيرة. فأحياناً يكون أحد الأسماء محظوراً لتطابق الأسماء أو لأىِّ سبب آخر (كما حدث لى شخصياً) وقد تحتاج لبعض الوقت والوساطات لتزيل الأسم المعين من قوائم الحظر هذه. وهناك ستُعطى أورنيك لكلِّ جواز كى تملأه، وخلى عندك صورتين لكلِّ شخص، وكن صبوراً فقد تكون هناك ثمة صفوف (وإنْ كنتُ لا أتوقعها الآن بعد إجازة الصيف).

أما رسوم بطاقة الأجانب - ما لم يكن قد طرأ عليها أىُّ نوع من الزيادات - فقد كانت 512 جنيه للأطفال، و2120 جنيه للكبار.

مع الشكر.

Post: #164
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-25-2017, 10:54 PM
Parent: #163

وَيْحَ قلبي الما انفكَّ خافق *** فارَقْ أُم درمان باكي شافِق

يا أم قبايل ما فيك منافق *** سَقَّي أرضِكْ صوب الغمام




Post: #165
Title: Re: خمسة عشر يوماً بالسودان بعد خمسة عشر عاما�
Author: حسين أحمد حسين
Date: 10-31-2017, 00:18 AM
Parent: #164

ملحقات

للبساتين حكيم، إسمُهُ موسى عبيد حسين، ويُنادى اختصاراً هناك بموسى ود عبيد. كلُّ ما قال الرجل صار مثلاً بين ظهرانَىِّ النَّاس هناك. وقد كتبتُ عنه ذات حنين:

موسِى ود عبيد؛ حكيمٌ و فيلسوفٌ وتربالْ:

غشيفُ الطعامِ، قليلُ السَّقَمْ. يسيرُ الكلامِ، كثيرُ الحِكمْ. خفيفُ الجُرمِ، كأنَّه مخلوقٌ نباتى. يمشى على الأرض هوناً، وقيلُهُ للجاهلين السَّلَمْ.

يُعرِّى كتفاً، ويكسو الآخر، لكَوْنِهِ المحرمَ الأبدىَّ فى عوالمِ سِلْمِهِ الداخلى. أكوانُهُ عميقةٌ ودقيقة، ونَظَرُهُ إليها أطولُ من نَّظَرِهِ إلى ما سواها، ومنها نهل. فَصَارَ الحكيمَ الحشيم، والفيلسوفَ الفهيم، والحيىَّ الذى لا يفارقُ بصرُهُ الأديم، والمتَّزنَ بالتصالحِ مع الذات، وينبوعَ أمثالٍ تسوسُ الحياةَ بالحِلمِ والفَنْجَرَة، والرجلُ بعد تربال.

بِهِ حسرةٌ ودمعةٌ على أيام الصِّبا، تفضحان حنينَه وتوقَهُ إلى عوالمَ ذاتِ شجون، كلمَّا مرَّ على ثلةٍ من الأحداث، ثمَّ تسُدُّ حَلقَهُ العَبَرَاتُ وهو يردد: "يا حِلَيل زمن صِباك يا مُوسِى".

ذلكم الأُمَّة مُوسَى ود عبيد، حكيمُ وفيلسوفُ المنحنى والبساتين. فجئنى بضريبٍ له فى تِلْكُمُ القِيَمِ والأخلاق؛ لعمرى أنَّ ذاك عَدَم.

كان هذا الواقع الفريد أرضاً خِصبةً لنشوءِ فلسفةٍ ومنطقٍ تفرّدَ بها الرجل بين سائر الرجال هناك. ولا غروَ، فَسيدى بِشْر بن الحارث الحافى يقول: "الجُوعُ يُصفِّى الفؤادَ ويُورِثُ العِلْمَ الدقيق".