بعد ثلاثة أعوام في الدوحة، ذكريات اليوم الأول...

10:40 AM March, 07 2017

سودانيز اون لاين
الطيب بشير-الـدوحــــــة
مكتبتى
رابط مختصر

كنت أحبها طول عمري..أحترمها...و أبذل لأجلها الغالي و النفيس..ما كنت أتوقع أن تتحول عني حين فقدتُ وظيفتي و ساء حالي...صارت تتودّد لذي اللحية البغيض...و أنا حين غلبني الأمر إتجهتُ لجارتها..وجدتـُـها خير بديل..دوحة ظليلة..و تبقى التي هجرتني و إن جارت عليّ عزيزة..
اليوم يمر العام الأول على البعد القسري و المنفى الإختياري...في مارس طائر من الخرطوم للدوحة
حافيـاً راضياً كنتُ أسير في دروبها..ألحظ سخط الكمساري حين أنقده الفكــّــة خالية من دسم الباقي ..و لا يدري أنني كنت أذهب لبنك السودان قصداً لأحصل على الخردة..و يسميها الشوام (الفــُـراطة)... و يسليني كثيراً السير في شارع النيل من وزارة الداخلية للتلفزيون..كنت أرقب المارة...سيارات الدولة تنهب الطريق و ركابها ينهبون الدولة..المتشردون ينامون كيفما اتفق و أينما داهمهم النعاس المحلــّــى بأبخرة المزاج الرخيص....
في الشجرة نصف الظليلة قبالة الإذاعة .. تجد أنصاف المشاهير و بعض النجوم الآفلة أو الذين خانهم الأصدقاء فلم يشتهروا...يشربون الشاي بإحساس الخمر فتنداح الخواطر و الأشعار..و تبدا رحلة تقييد الحساب في كراسات صاحبات الشاي...فكل نجم إذا هوى يقع في حجر واحدة من ستات الشاي تسعد بتسجيل عدد كبايات قهوته و شاي ضيوفه لحين صدور كشف حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة أو ظهور مسابقة يشترك فيها (المبدع) فتدرّ عليه ما يسد رمق الدين أو بعضه...
أجاءني مخاض الحظ إلى جذع (الدوحة)...و تركتُ ورائي أهلي في جرف (الشجرة)!!
لا أدري...البعض يراها الشجرة الملعونة في القرآن...التي نهى عنها الرحمن...و البعض يهزها فتساقط عليها صفقات و ميزانيات و أبنية شاهقة ..البعض يجد وقتاً ليجمع ثمرها في بضع سنين حتى تعييه الأصفار على اليمين...و السواد الأعظم محروم حتى من ظلها أو شميم عرف زهورها..
في الغربة ..تسابق لخدمتي فور وصولي الفنان عادل التجاني و الصحفي فيصل حضرة، و آخرون من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم، و لا شكر لحبيب على واجب...لكن فضل (الدوحة) على (الشجرة) أرّقني...كيف تجهلني بلاد أعلمها و تكرم وفادتي بلاد أجهلها؟؟..لماذا يعاملني الناس هنا باحترام و مودّة و هم ليسوا أقربائي..بينما لا يزيد نصيبي عن إبتسامة صفراء شديدة اللزوجة من أقربائي و زملائي المستظلين بالشجرة الأباها المهدي؟؟!!
تمضي معاينات العمل هنا جادة، باللغتين، يسألوننا عن صناعة الأخبار و فضل الميديا الحديثة على القديمة..لا أحد يسالنا عن بدر الكبرى و سنن الوضوء هنا!!..كيف فات على أهل الشجرة أن حفظ النصوص لا يعني سوى اللصوص؟؟..و كيف تسنــّــى لأهل الدوحة أن يدركوا أهمية التكامل الوظيفي فجعلوا أفئدة من الناس تهوي إليهم...و منحوهم الإحترام قبل المال و بسطوا الودّ الشامل...كيف استجلب أهل الدوحة إثنيات متباينة و احترموها...و أهمل أهل الشجرة إثنيات (ست بلد) و ملؤوها غبائن بجهلهم عن أهمية التمازج و دوره في إثراء كل منتج..حتى إذا امتلأت الصدور بالغضب قصفوا بعضهم بالأنتينوف و قتلوا البعض الآخر بالتفاوض!!

اخ الطيب
متعك الله بالصحة والعافية
ونزلت منزلا كريما
يكفي الدوحة ان مدحها الطيب صالح
إبان عمله بها

تشبيهاتك بليغة يا سعادتك
اتمنى لك النجاح و السعادة أينما حللت سواء هنا أو عند العودة لأرض الشجرة

.
باشمهندس محمد البشرى
أشكرك ياخ...و أنا سعيد أن كتابتي أعجبتك
نتمنى لبلاد الشجرة كامل الإنعتاق
لك تقديري
.

.
لك التحيات الطيبات عزيزي صادق ميرغني
و حقيقي الدوحة مكان طيب
و فيها عدد ممتاز من المهاجرين من سودان العز
و بالتالي فرصة لقاء الأرواح المتوافقة يبقى أكبر
.