قديس الرغبة المثلية للفرنسي غي أوكنغم

قديس الرغبة المثلية للفرنسي غي أوكنغم


03-05-2017, 01:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1488672038&rn=0


Post: #1
Title: قديس الرغبة المثلية للفرنسي غي أوكنغم
Author: زهير عثمان حمد
Date: 03-05-2017, 01:00 AM

00:00 AM March, 05 2017

سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
مكتبتى
رابط مختصر

قديس الرغبة المثلية
روجيه عوطة | الجمعة 03/03/2017
قديس الرغبة المثلية
لم يكتف أوكنغم بكتابة نظرياته حول المثلية، بل حولها إلى روايات أيضاً
صدر في فرنسا كتابان عن الروائي والصحافي والناشط والمنظر غي أوكنغم. الأول، كتبه السوسيولوجي أنطوان إيدييه بعنوان "حيوات غي أوكنغم، سياسة، وجنسانية، وثقافة"، وهو بمثابة سيرة بيوغرافية، والثاني، بعنوان "مذكرات حلم"، ويضم مجموعة من المقالات التي كتبها أوكنغم في "ليبراسيون" و"أكتويل" وغيرهما من الجرائد والمجلات. على أن هذين الكتابين، أو بالأحرى مناسبة نشرهما على وجه الدقة، تدفع قارئهما إلى إلقاء نظرة، ولو كانت وجيزة، على حياة أوكنغم، التي امتدت من ولادته عام 1946 في فيبولون-بيانكور إلى موته عام 1988 في باريس، إذ انعقدت على أحداث وتحولات مختلفة، شارك صاحبها فيها، أو تأثر بها، وجعلته متمسكاً بثورته، وعصيانه الدائم.

في كانون الثاني من العام 1970، نشر غي أوكنغم مقالاً في "نوفال أوبسرفاتور"، صرح فيه بكونه مثلي الجنس، وذلك، قبل أن ترد والدته عليه في الجريدة ذاتها. لكنه، لم يكتب هذا المقال فجأةً، فقبله، كان قد انخرط في انتفاضة أيار 1968، وفي إحتلال جامعة السوربون تحديداً، إلى جانب ثلة من رفاقه الماويين في مجموعة "تحيا الثورة"، وبالتوازي مع ذلك، عاش علاقة حبية سرية مع الفيلسوف رينيه شيرر، الذي درسه في الـ"إيكول نورمال سوبريور". لاحقاً، إنضم إلى "الجبهة المثلية للعمل الثوري"، التي رفضت كل مؤسسات التعيير الإجتماعي، كالعائلة والكنيسة والعيادة والقضاء، ودعت إلى حرية جنسية لا تفضي، أسوةً بالحرية كما تمارسها البرجوازية الصغيرة، إلى إعادة إنتاج القمع.

في العام 1972، علم الفلسفة في جامعة "فانسين" التجريبية، وخلال هذه الفترة، نشر كتابه، الذي لا يزال هاماً حتى اليوم، "الرغبة المثلية"، بحيث طرح فيه مقاربة مغايرة لصلة المجتمع بالمثلية: "إن القهر الأنتي-مثلي هو بذاته تعبير موارب عن الرغبة المثلية. فسلوك المتفق على تسميته "المجتمع" هو بارانوياكي: يعاني من ذهان التأويل الذي يودي به إلى القبض على علامات الدسيسة المثلية ضد اشتغاله الجيد في كل نواحيه". فتلك الرغبة ليست مجرد نزوع جنسي، بل إنها مشيئة تقاوم الإشتغال المجتمعي، الذي تحاول سلطاته الإنتهاء منها. على هذا النحو، لم يتوقف أوكنغم عن دعوة المثليين إلى عدم الوقوع في الفخ الذي نصبه لهم النظام الإجتماعي، أي إستدخالهم إليه من باب الإستهلاك والعمل.

وهذا، ما عاد وشدد عليه في العام 1974، وتوسع في الحديث عنه، عبر نشره لكتاب مميز آخر بعنوان "L'Après-mai des faunes : volutions"، الذي كتب الفيلسوف جيل دولوز توطئته، ملاحظاً أن أوكنغم لا يرى في المثلية ثورة أو تقدما، بل عدد من الأطوار المتشابكة التي تشكل منظوراً لولبياً لا يكف بمستوياته عن الحركة والتبدل. طور الرغبة المثلية ضد التحليل النفسي وتأويله، طور الرغبة المثلية كإنتاج وكتكوين للمقولات، وطور الرغبة المثلية لمواجهة لغتها المتداولة (كلما كانت المثلية مجرد كلمة، تكف عن كونها حالة)، طور الرغبة المثلية بوصفها معملا لأجناس مختلفة، ليست محصورة بالرجل والمرأة: "بعيداً عن الإنغلاق على هوية الجنس، الأحادية والثنائية، تنفتح المثلية على فقدان هذه الهوية بعينها، على نظام الوصلات غير الحصرية للرغبة المتعددة". كما أن "المثلي لا يطالب بالإعتراف به، ولا يطرح نفسه كمسلوب الحقوق. فلا بد للمثلي الجديد أن يعترض على تصويره بهذه الطريقة، ليقول في النهاية: لا أحد مثلي الجنس، المثلية الجنسية غير موجودة. تعاملوننا كمثليين، حسناً، إلا أننا في مكان آخر سلفاً".

لم يكتف أوكنغم بكتابة نظرياته حول المثلية، بل حولها إلى روايات أيضاً. إذ كتب عدد من الروايات، وربما، أبرزها L'Amour en relief (1982)، وEve (1987)، مشدداً فيهما على نقد الجنسانية الحديثة، وعلى نقد صورها، وسلوكياتها. إلى جانب ذلك، واظب أوكنغم على كتابة المقالات، التي تعلقت بشؤون السياسة، لا سيما اليسارية منها، وقد اتسم أسلوبه بالجمع بين حدة النظر والسخرية: "الأسلوب سياسة".

وهذا ما جعل الكثير من رفاقه اليساريين يجدون فيه معارضاً لهم، خصوصاً بعد نشره لرسالته المشهورة التي حملت عنوان "رسالة مفتوحة إلى هؤلاء الذين انتقلوا من ياقة ماو إلى روتاري" (1986)، والتي تناول فيها مسارات عدد من الماركسيين والماويين، الذين سعوا إلى نفي واقعة أيار 1968. وحتى رفاقه في "الجبهة المثلية للعمل الثوري"، التي كان أوكنغم الأقرب إليها مقارنةً بباقي المجموعات السياسية، فقد رأوا فيه مشوهاً لقضيتهم. إذ اعتقد، وبعد وقت طويل من العمل معهم، بأنهم لا يفتشون عن إنتاج علاقات إجتماعية جديدة بقدر ما يرفعون من شأن الجنس والحب فقط لا غير.

لقد كان أوكنغم، وكما رسمه براد لابان، قديس الرغبة المثلية، هو الذي ألف كتاباً عن القديس يوحنا، مثلما كان، وعلى قول الفيلسوف دانيال بن سعيد، غريباً، و"غرابته تبعث على الجمال والإختلاف"، وبعبارة أخرى، تبعث على أسلوبه، على "تمرينه المنعزل"، الذي "لا يعد بإيجاد الجنة المفقودة، بل بالإمكان الفعلي لتحرر غير منجز باستمرار". في آب 1988، وبعد أن نشر روايته الأخيرة "رحلات ومغامرات الأخ أنجلو"، أصيب غي أوكنغم بالسيدا، ومات، أما، رماده، رماد كل هذه التجربة، فقد احتفظ به في مقبرة Pere-Lachaise: "وفي حال بحثتم عن موضع يليق بطولكم، سيكون الموت مناسباً لكم كقفاز".