ترانيم المعبد .. " قصة "

ترانيم المعبد .. " قصة "


02-26-2017, 07:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1488091571&rn=1


Post: #1
Title: ترانيم المعبد .. " قصة "
Author: الطاهر الطاهر
Date: 02-26-2017, 07:46 AM
Parent: #0

06:46 AM February, 26 2017

سودانيز اون لاين
الطاهر الطاهر-متنقل بين (السعودية- السودان-مصر-المغرب-السويد)
مكتبتى
رابط مختصر

في عالمنا هذا تتعدد الأشياء التي يبحث عنها الناس و قد تختلف من شخصٍ لآخر، وتظل الكلمة الأولى والآخرة لما تسطره لنا الأقدار، إن القصة الخيالية يجب أن تحاكي الواقع بنسبة ما .!
على أي حال فان وجد أي تشابه بين الشخصيات الواردة في هذه القصة وأي شخصية على أرض الواقع هو محض صدفه!
*ترانيم المعبد *
اخرج " ستيفاني " ما تبقى من حقائب عائلة " آل بوربون " ثم قام بوضعها داخل عربة السيد " جان دي لافالي" التي كانت واقفة أمام البوابة الخارجية .
في غرفة في الطابق العلوي انشغلت السيدة " فيونيكا " بترتيب حقيبتها الصغيرة بمساعدة ابنتها " ميلاندا " .
في هذه الأثناء كان السيد "جان دي لافالي" منهمكا في إعادة ترتيب أوراق داخل ظرف يبدو انه يحوي الأوراق الخاصة بانتدابه إلى إحدى الدول الإفريقية .
ولما كان السيد "جان دي لافالي " من القلائل الذين تمتعوا بخبرة واسعة في مجال عمله كان لابد للشركة التي يعمل بها من أن تقوم بانتدابه مرارا ٌوتكراراٌ .
غير أن وجهته هذه المرة ستكون إلى عالم أفريقيا المجهول ..!
لم يسبق للسيد "جان " من قبل أن زار هذه القارة السمراء . ولكن بعض الكتب التي قرأها كانت كافية لترسم في مخيلته صورة لا بأس بها عن واقع تلك الدولة التي ينوي المكوث بها برفقة أسرته المكونة من زوجته " فيونكا " وابنته ذات الستة عشر عاما " ميلاندا " .
سبعة أشهر هي فترة انتدابه ..! أو هكذا ما اخبروه في مقر عمله ..!
في الطابق السفلي كان السائق " ستيفاني " يقف بانتظارهم بعد أن أنهى وضع الحقائب داخل العربة .
مرت بضع دقائق حتى سمع صوت خطوات السيد "جان دي لافالي" بصحبة زوجته وهم ينزلون من الطابق العلوي عبر الدرج ، ثم تلتهم "ميلاندا " وقد اعتادت أن تنزل الأدراج بسرعة ، كانت نضرة ومعطرة مفعمة حيوية ونشاط , أشواقها تسابق خطواتها ، حيث أنها المرة الأولى التي تسافر فيها بصحبة والديها .
يبدوا أن ساعة المغادرة إلى المطار قد آنت .!
أسرع " ستيفاني" في التوجه نحو ألسيده " فيونكا" ثم قام بتناول حقيبتها وبينما كان يهم بالتقاط حقيبة السيد "جان دي "
جاءه أمر منه بان لا داعي ..!
فقد اعتاد السيد "جان " بان يحمل حقيبته الشخصية بنفسه في جميع رحلاته وخلال أوقات عمله وإثناء اجتماعاته .!
أسرع السائق بوضع حقيبة السيدة "فيونكا " بجانب الحقائب داخل ألعربه . وقفت السيدة "فيونيكا" برهة من الوقت ترمق المنزل وتتفحصه بنظرات أخيرة قبل مغادرته .
أدار "ستيفاني" محرك العربه ثم انطلق متوجها بهم ناحية شارع " افينو فوتش " .
كان الوقت مبكرا جدا حيث لم تكن قد آنت ساعة الذروة وازدحام العربات ، مما أعطى "ستيفاني" مزيداُ من الحرية في أن يزيد من سرعة محرك العربة وما هي إلا بضع دقائق حتى أوصلهم إلى مطار "شارل ديغول " .

Post: #2
Title: Re: ترانيم المعبد .. andquot; قصة andquot;
Author: الطاهر الطاهر
Date: 02-26-2017, 07:50 AM

في صالة القدوم بمطار " ليوبولد سيدار سنغور" وقف "ساديوماني" وقد اتخذ موقعا مناسبا يمكنه من رؤية الركاب القادمون عن كثب حاملاُ ورقة كتب عليها بخط اليد اسم " جان دي لافالي "
كان هذا الشهر الثاني منذ أن باشر "ساديو ماني" وظيفته كسائق في هذه الشركة الفرنسية .
يبدو أن إجادته للفرنسية بطلاقة هو السبب الرئيسي لمستر "براون " مدير الشركة بان يوكل إليه مهمة استقبال السيد جان وعائلته من المطار وأخذهم إلى مقر إقامتهم في تلك المدينة .
نظر" ساديو" إلى ساعته وقد أشارت عقاربها إلى تمام الرابعة عصراً، انه وقت وصول طائرة السيد جان
كان يعلم أن ستة ساعات تقريباً هو الوقت الذي تأخذه الرحلة من فرنسا إلى موطنه السنغال ، كان "ساديو " شاباً شغوفاً مولعاً بالقراءة والموسيقى ، فمنذ أن تخرج من الجامعة أصبح حلم السفر إلى أوروبا هاجساً يؤرق منامه غير أن ظروفه المادية والفقر المدقع الذي تعيشه عائلته ما اجبره للالتحاق بالعمل في هذه الشركة بوظيفة سائق .!
ازدحمت صالة القدوم في هذه اللحظات ، وبدأ بعض الركاب يخرجون من باب الصالة ، يبدو أنها الطائرة القادمة من باريس ، معظم الركاب من ذوي البشرة البيضاء طويلي القامة .! نعم هم الفرنسيون بلا شك ..!
بدأت الصالة ترتجف من تأثر الركاب القادمين ، وكانت مجادلات البعض منهم مع موظفي خدمات تسجيل الحقائب والتدقيق الجمركي والمفاوضات مع الحمالين تزيد الجو صخبا .
بدا "ساديو" بالتلويح بتلك الورقة التي يحملها ، تارة يرفعها عاليا وتارة يضعها بشكل مقلوب وسرعان ما يدرك ذلك فيعيدها لوضعها الصحيح .
مرَت نصف ساعة وبضع دقائق على هذه الحالة حتى بدأ الملل والقلق يسيطران عليه . غير أن الأجواء المحيطة به من مناظر قدوم المسافرين وهم يحملون حقائبهم ، وأصوات أزيز الطائرات جعله يسرح بخياله ..!
تذكر "ساديو " عندما كان طفلا صغيرا يلعب في حيه الشعبي ، كانت أمه تأدبه كثيرا ليبتعد من النفايات حيث كان ينقَب عن أغراض سخيفة : معلبات ، خيوط ، قطع بلاستيكيه ، يحولها خيال الطفل إلى العاب فريدة من نوعها ..
تذكر يوم أن مرض بالملاريا وكيف تحلقن حوله جاراته في الحي ، البعض منهن أتين بالطلاسم والأسفار كي تخلصه من أياد ساحرة خفيه .
تذكر حينها كيف كان يشعر بضربات في صدغه وبرجفة وهلوسة الحمى ، حينها كان يستمع بقلق إلى لائحة الوصفات وطرق استعمال الوصفات العلاجية المكونة من الأعشاب البرية . لم ينسى ابدآ كلمات خالته وهي تطمْن أمه :
" هذا الولد الشقي سيتعافى ، ويكبر، ويسافر بعيدا ،ويتزوج ، وينجب أطفال أشقياء مثله " .
وبينما كان "ساديو" مجتهدا في تبديد ذكريات الطفولة لم يشعر باقتراب السيد "جان ديلافالي" وأسرته حتى وضع يده في كتفه وخاطبة باللغة الانجليزية قائلا :
أنا السيد "جان ديلافالي " .!
ارتبك "ساديو" قليلا ولكن سرعان ما استدرك الموقف فرد عليه بلغة فرنسية واضحة :
" مرحبا بكم سيد جان وأهلاَ بك أنت وأسرتك الكريمة في بلدكم الثاني ".
شعر" جان " بارتياح كبير لسماعه هذه الكلمات باللغة الفرنسية وادر ك أن سائقهم الجديد يجيد لغتهم .!
" هذا جيد .. انك تتحدث الفرنسية .! " قال جان متحدثا بالفرنسية .
هز "ساديو" رأسه بشيْ من الحياء وأجابه قائلا :
" نعم سيدي .. لا تنسى أن " السنغال " كانت مستعمرة من مستعمراتكم .! "
قال كلماته هذه وهو يهم بتناول العربة المحملة بالحقائب من يدي السيد "جان دي" ولم ينسى أن يلقي التحية على السيدة " " فيونيكا "..

Post: #3
Title: Re: ترانيم المعبد .. andquot; قصة andquot;
Author: الطاهر الطاهر
Date: 02-26-2017, 07:51 AM

كانت "ميلاندا " كعادتها متباطئة في مشيتها تشع بهجة ً بثوبها الأزرق الذي يغطي بشرتها اللبنية اللون ، وشعرها الأشقر خلف قبعتها المقَوًرة ، وشفتيها المحمرتين ، وفي عينيها قطرة بحر البؤبؤ .!
كانت تجول بنظراتها صالة المطار والأجواء المحيطة بها ، وتتفحص جموع المسافرين وقد اكتست السمرة اغلب ملامحهم .
توجه الجميع نحو مخرج الصالة باتجاه المواقف حيث كان "ساديو " يركن سيارة من نوع "لاندرو فر" صممت للتعايش مع الطرق الوعرة ذات الطبيعة المطرية وكأن إطاراتها العريضة خصصت لخوض محيط من الأراضي الطينية الموحلة ..!
أدار " ساديو " محرك العربة بعد أن ركب الجميع بداخلها متوجها بهم في طريق يمتد دون اكتراث بالمسافرين كشريطين ضيقين على الجهتين ، الأراضي العارية تحدها في بعض الأمكنة أسيجة نحيلة وبضع قرى الضواحي وبعض من الأحياء السكنية .
كانت السيارة تهتز على الاسفلت المحدودب ، وتقفز بهم في بعض الأحيان اثر سوء الطريق وكان يبدو واضحاً أن الطريق المؤدي إلى المطار لم تتم صيانته منذ أمد بعيد .!
في طريقه ساديو كان يتحاشا ان يمر بالاحياء الفقيرة ذات البيوت المصنوعة من القش والصفائح ، حتى يعطي انطباعا جيدا ويعكس صورة جميلة لضيوفه ، ولكن حي " كولوباني " العريق يأبى الا ان يقف في طريقه سداً منيعاً يتحدى كل عوامل العولمة ،
حيث ان الطريق المؤدي الى منزل ضيافة عائلة السيد جان لابد ان يمر به ، ولما كانت العربة تشق طريقها وسط ذلك الحي الذي كانت تفوح منه روائح السمك المجفف ومناظر الباعة المتجولون يجوبون ازقته الضيقه ، توقف ساديو اثر اشارة من رجل شرطة كان يقف بجانب الطريق

Post: #4
Title: Re: ترانيم المعبد .. andquot; قصة andquot;
Author: الطاهر الطاهر
Date: 03-05-2017, 06:10 PM
Parent: #3

( * )