ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا ؟؟؟

ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا ؟؟؟


02-21-2017, 02:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1487682178&rn=0


Post: #1
Title: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا ؟؟؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-21-2017, 02:02 PM

01:02 PM February, 21 2017

سودانيز اون لاين
Yasir Elsharif-Germany
مكتبتى
رابط مختصر

((فإن الوجود دا أصله ما فيه غير الله وأسماؤه ، وصفاته ، وأفعاله .. وما نحن إلا نتيجة لأفعال الله .. نحن إرادة الله مجسدة .. العارفين قالوا ما في الكون إلا الله .. بالمعنى دا هنا الوجود هو الله .. لكن هل الله هو الوجود ؟؟ دي هي النقطة الفايتة في موضوع الفلسفة .. يدركها التصوف ، ولا تدركها الفلسفة .. الله موش الوجود ، لكن الوجود هو الله .. وهناك قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح إبن مريم) .. في هذا الأمر لطيفة من رقائق ، ودقائق اللطائف العرفانية وتلك هي أن الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا .. هذه هي الحقائق الكبرى في الدين .. الله أرفع من الوجود كله ، والوجود مظهره في تنزلاته ليعرف ..))
الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "الماركسية في الميزان" وهو منقول باللغة الدارجة من محاضرة بنفس الإسم.

Post: #2
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: عبدالعزيز الفاضلابى
Date: 02-21-2017, 06:01 PM
Parent: #1

ده كلام شنو ياياسر ,, تمام الآية يدل على أن المقصود منها كفرهم والا لما قال الله بعدها مخاطباً رسوله:
(قل فمن يملك من الله شيئاً ان أراد ان يُهلك المسيح بن مريمَ وامه ,, ومن فى الارض جميعاً ,, ولله مُلك السموات والارض وما بينهما يخلق
ما يشاء والله على كل شيئ قدير.}
فكأن الله يقول لهم إذا انتم تقولون ان الله هو المسيح فماذا تملكون له منى إن انا اهلكته وامه وهذا يدل دلالة واضحة أنهم ارادوا المعنى من قولهم.
ورد الله عليهم ليقول لهم هو ليس الله بدليل اننى ان اردت ان اهلكه وامه لن تستطيعوا دفع الهلك عنه ولا عن امه مما يعنى انهم قصدوا المعنى ومن هنا جاء كفرهم .
وقبل ذلك تصدير الآية بـ "لقد" وقد تفيد التحقيق ثم ذِكر أن لله ملك السموات والارض ,, ويخلق ما يشاء تفيد تمايز الخالق عن المخلوق
ولا تفيد وحدة الوجود بما يعنى أن الله متحِّد مع خلقه والا لصح ان نطلق
على آدم والانبياء على كل واحد منهم هو الله ,, تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.
اذن لو كان المقصود عدم كفرهم لما جاءت الاية بالسياغ الذى مر.

Post: #3
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: عبدالعزيز الفاضلابى
Date: 02-21-2017, 09:08 PM
Parent: #2

Quote: ((فإن الوجود دا أصله ما فيه غير الله وأسماؤه ، وصفاته ، وأفعاله .. وما نحن إلا نتيجة لأفعال الله .. نحن إرادة الله مجسدة .بالمعنى دا هنا الوجود هو الله

الوجود فيه غير الله ,, وهى مخلوقاته ,,
لله صفات واسماء لايشاركه فيها أحد من خلقه ,, وله صفات عدَّاها لخلقه وذكرها هوَ ,, فعلى سبيل المثال:
الله خالق ,, وغيره خالق ,, "فتبارك الله أحسن الخالقين" ولكن هل غيره يحمل صفة الخلق بذاته وعلى وجه الكمال المُثبَت لله سبحانه؟ لا ,, الله يخلق من عدم وغيره يخلق
من موجود اوجده الخالق ,, لذلك لما قال الله: "الحمد لله فاطر السموات والأرض" فالمعنى انه خلقها واوجدها على غير مثال سبق ,,
وهكذا نفهم ان الله واجد وموجود وانا موجود وخلقنى الله لكن وجودى ليس كوجود الله إذن صفات الله وإن تعدّى بعضها الى بعض من خلقِه يجب أن نفهمها فى إطار : "ليس كمثله شيئ".
وكوننا وغيرنا من المخلوقات جئنا لهذا الكون نتيجة لأفعال الله وإرادته كما يقول الاستاذ "رحِمَه الله" فهذا لايجعلنا متحدين مع الله لا اسماً ولا صفة ,,
رغم ما أثبته لنا الله من صفات أطلقها على نفسه وهى بالنسبة له تعنى الكمال والتفَرُّد وبالنسبة لخلق تعنى التكريم ولا تكون ذاتية بينما هى فى حق الله صفات ذات.
ولما كان المخلوق إبن اغيار ويدركه الموت ينتفى معه ذاتية تلك الصفات ,, فعندما تقول فلان هذا غنى فغداً ربما اصبح محتاجاً
وعندما تقول فلان كريم فربما افتقر ولم يعد لديه ما يتكرَّم به.

Post: #4
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: زهير عثمان حمد
Date: 02-21-2017, 10:22 PM
Parent: #3


قال الشيخ الشعراوي: "إنَّ النصارى لمْ يخرُجوا عنْ نطاقِ "الواحديّةِ" بقولِهم عنِ اللهِ بأنّهُ "ثالثُ ثلاثةٍ"،
وإنَّما هم عندَ هذا الشيخ قدْ خرجوا عنْ نطاقِ "الأحديّةِ" --
[محمد متولي الشعراوي، "المنتخب من تفسير القرآنِ الكريمِ"، دار العودة، بيروت، طبعة أولى، جزء 3، صفحة

Post: #5
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: عبدالعزيز الفاضلابى
Date: 02-21-2017, 10:59 PM
Parent: #4

Quote: ال الشيخ الشعراوي: "إنَّ النصارى لمْ يخرُجوا عنْ نطاقِ "الواحديّةِ" بقولِهم عنِ اللهِ بأنّهُ "ثالثُ ثلاثةٍ"، وإنَّما هم عندَ هذا الشيخ قدْ خرجوا عنْ نطاقِ "الأحديّةِ"

سلام يا ابو الزوز
مزيداً من التوضيح لما تفضَلت به:
الواحد غير الأحد ,, فالواحد يمكن ان يكون له نظيره او يكون له ثانى.
أما الأحد فهو القائم بذاته لانظير له ولامثيل ولا ثانى ,, فمثلاً عندما
تقول هذا الاصبع واحد ,, فهو واحد مركب من اجزاء (عُقَل او مفاصل) وتقول كرسى واحد فهو مُركب من خشب ومسامير وخيزران الخ.
ولكن لاتقول هذا أصبع احد او كرسى أحد ,, هذا لا يصح الا فى حق الله ..
وإذا كان من أسماء الله الواحد فهذا الاسم ينصرف الى وحدانيته كإله لايشاركه اله غيره بنفس صفات الالوهية التى
ثبتت له ولم ولن يوجد له منازع ,, وبما ان صفات خلقه لاتُماثل
صفاته لايصح ان نقول إن الوجود هو الله للإلتفاف على قول
من قالوا إن الله هو المسيح لننزع عنهم صفة الكُفرية التى اثبتها الله
عليهم ,, بأقوال فلسفية أو صوفية أو اياً كان الغطاء الذى استترت خلفه.
محمود محمد طه رحِمه الله بشر رأيه واقواله ليست وحياً لنفتتن بها ونأخذها كانه: "وماينطق عن الهوى"

Post: #6
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: زهير عثمان حمد
Date: 02-21-2017, 11:08 PM
Parent: #5


أجلْ، لقدِ اعتبرَ "إمامُ الدعاةِ" أنَّ النصارى كانوا على "صحّةٍ" حينما قالوا عنْ أنَّ الثلاثةَ: "الأبَ والابنَ والروحَ القدُسَ" هم "واحد"، ووافقَهم على ذلكَ بكلِّ صراحةٍ.. وكلُّ ما في الأمرِ حسبَ رأيِه أنَّهم قدْ خرجوا عنْ نطاقِ "الأحديّةِ" ولمْ يخرجوا عنْ نطاقِ "الواحديّة"!..


لا ريْبَ، ولا جَرَمَ، فإنَّ كلامَ "شيخ شعراوي" لَممّا تكادُ الجبالُ تخـرُّ منهُ هدّاً؛ فلقدْ قالَ قولاً إدّاً.

أجلْ، لقدْ سألَ "الشيخ الشعراوي" سؤالاً يقولُ: "لماذا قالَ الحقُّ سبحانَهُ: "قلْ هوَ اللهُ أحدٌ "، ولم يقلْ مكانَها: (قلْ هوَ اللهُ واحدٌ)؟"..
ويجيبُ "الشيخ الشعراوي" سؤألَهُ بنفسِهِ فيقولُ: "أعطانا الحقُّ سبحانَهُ وتعالى في هذهِ السورةِ الردودَ على النحلِ والمذاهبِ التي بعضُها يقول: الأب والابن والروح القدس – هؤلاء ثلاثة – إلهٌ واحدٌ.. يبقى "الله" ما مدلولُه؟.. هوَ الله واحد: صحيح. لكن مكونٌ كيفَ؟.. من أقانيم. ما الأقانيم؟.. الأب والابن والروح القدس. يبقى تجمّعت هذهِ وأصبحت "الله". إذن فهو منْ ناحيةِ ذلكَ "واحد". هم قالوا: "واحد". نقول: نعم، لكن ليسَ " أحد".. لماذا؟.. لأنّهُ ما دامَ الأب والابن والــروح القدس أُجمِعوا وعُمِلوا لنا "معجنة"، وطلعوا لنا "الله"، يبقى ليس "أحد". يبقى إذنْ وقعوا تلكَ الوقعة.. لماذا؟.. لأنهم خرجوا عنْ نطاقِ الأحديّةِ، وإنْ لم يخرجوا عنْ نطاقِ "الواحديّةِ" -----[محمد متولي الشعراوي، "المنتخب من تفسير القرآنِ الكريمِ"، دار العودة، بيروت، طبعة أولى، جزء 3، صفحة 183].

صدقاً، إنَّهُ لمنْ أغربِ الغريبِ وأعجب العجيبِ أنْ يمرِّرَ "الشيخ الشعراوي" هذهِ الأضاليلَ الأباطيلَ، الخبابيصَ اللبابيصَ، على المسلمينَ لعشراتِ السنينَ، معَ أنَّهُ كانَ منَ المفروضِ في الذينَ سمعوا منهُ هذا الكلامَ أولَ مرّةٍ أنْ لا يغادروا مكانَ الدرسِ إلاّ وقد استتابوه.
ولا أعرفُ كيفَ أنْ "الأزهرَ" لمْ يعرِّفِ الشعراويَّ أنَّ "الألوهيةَ" أوِ "الإلاهيةَ" غيرُ كائنةٍ إلّا في واحدٍ، واحدٍ لا غيرِ، وليسَ في اثنينِ مجمَّعَيْنِ في واحدٍ، ولا في ثلاثةٍ مركَّبينَ مجمّعينَ في واحدٍ.. وليسَ في أربعةٍ مركبينَ في واحدٍ، وليسَ في.. وليسَ في..الخ، فالذي لهُ الألوهيةُ هوَ "اللهُ" وحدَهُ، فسبحانَهُ وتعالى عمّا يشركونَ.

والداهيةُ الدهياءُ أنَّ "الشيخ الشعراوي" قد كرّرَ مثلَ قولِهِ السابقِ على ملايينِ المسلمينَ، وأنَّ "الشيوخَ" قدْ كرّروهُ منْ بعدِهِ.. فها هوَ يقولُ قولاً بابويّاً: "وقدِ وقعَ البشرُ في ورطةِ المذاهبِ التي تقولُ: إنَّ اللهَ هو الأب والابن والروح شيءٌ واحد. قالوا: الله واحـد لكنَّهُ مكوَّنٌ من أقانيم هيَ: الأب والابن والروح القدس، وهذه الثلاثةُ شيءٌ واحد هوَ الله. وهم منْ هذهِ الوجهةِ قالوا: "واحـد"، نقـول: "نعم واحد"، ولكن ليسَ "أحداً" لأنّهُ مركَّبٌ منْ ثلاثةٍ".... [محمد متولي الشعراوي، معجزة القرآن، الطبعة الثالثة، دار كتاب اليوم، القاهرة، جزء 3، صفحة 364].

وهنا لا بدَّ من بعضِ الملاحظاتِ:
1- رد الله تعالى عقيدة التثليث بقولِهِ: "لقد كفر الذين قالوا إنَّ الله ثالث ثلاثةٍ وما من إله إلاّ إله واحدٌ" (المائدة: 73). وكذلك بقولِه سبحانه: "ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنَّما اللهُ إله واحد" (النساء: 171).. فلو كان "الواحد" يقبل التركيب لَما جاء في مورد الرد على التثليث.

فكيف جعلَ الشيخُ الشعراوي أنَّ اسمَ اللهِ تعالى "الواحد" لا ينفي عنهُ شبهةَ التركيبِ والتجميعِ منْ ثلاثةٍ؟.. فالشيخ نفسه هو القائلُ: "فالشيء الواحدُ ممكن أنْ يكونَ له شبيه، والشيءُ الواحد ممـكن أن يكـونَ من مجمـوعِ الأشيـاءِ "... فيا للَهولِ منْ هذا القولِ!..

2- نسيَ "الشيخ الشعراوي" أنَّ "الواحدَ" هوَ منْ أسماءِ اللهِ الحسنى، ونسيَ أنّ أيَّ اسمٍ منها يحملُ التنزيهَ المطلقَ.

3- ويقول الله تعالى: "وقال الله تعالى لا تتخذوا إلهيْن اثنيْن إنما هو إله واحد" (النحل: 51).. ويقول سبحانه: "وما أمروا إلاّ ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلاّ هو" (التوبة: 31).

4- ولوْ كانَ "الواحدُ" يحملُ شبهةَ التركيبِ والتجميـعِ لَما قالَ يوسُفُ لصاحبيْهِ في السجنِ: "ءَأربابٌ متفرِّقونَ خيرٌ أمِ اللهُ الواحدُ القهّارُ؟".. فهلِ اللهُ الواحدُ "آلهةٌ متجمِّعةٌ غيرُ متفرِّقةٍ"؟.. سبحانَ اللهِ وتعالى عمّا يصفونَ ويشركونَ ويجمِّعونَ، وعمّاَ يوافقُهم عليهِ الشيوخُ الضالونَ!..


وهنا لا بدَّ من هذه الأسئلة:
فهل توافقُ الشيخ الشعراوي على أن التثليث لا يخالف الواحدية، أيْ هلْ توافقُ أنَّ النصارى بالتثليثِ لمْ يخرجوا عنِ الواحديّةِ؟
ما حكمُ الإسلامِ في الذي يقولُ بهما؟
ما حكمُ الإسلامِ في الذي يؤمنُ بهما؟
هلْ قالَ بمثلِهما أحدٌ منْ علماءِ المسلمينَ؟
هلْ نقبلُ أنْ تستمرَّ مثلُ هذه الأقوالِ في كتبِ المسلمينَ؟
أليسَ السكوتُ عنهما إثماً كبيراً وخطئاً عظيماً؟
أليسَ منْ واجبِ كلِّ مسلمٍ أنْ يتبرّأَ من هذه الأقوالِ؟
كيفَ نفسّرُ سكوتَ المجامعِ والجوامعِ والكلّيّاتِ والمعاهدِ والمراكزِ المتخصّصةِ في الدراساتِ الإسلاميّةِ عنْ هذه الأقوالِ لعشراتِ السنينَ؟
كيفَ نفسِّرُ تناقلَ وسائلِ الإعلامِ الإسلاميّةِ لها وطباعتَها في كتبِ قائلِها لعشراتِ السنينَ دونَ أنْ يعترضَها الدُّعاةُ وهمْ – مَنْ سمعَها أوْ قرأها - كُثْرٌ، أوْ قُلْ: وهم كثيرٌ؟
فإلى متى يسكت المسلمون عن هذه الأقوال التي تنصرهم وهم لا يشعرون؟!..(منقول)

Post: #7
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-22-2017, 01:15 AM
Parent: #2

سلام يا عزيزي الفاضلابي
هناك فرق بين عبارة "الله هو المسيح" وعبارة "المسيح هو الله"..

وبين عبارة "الله هو الوجود" وعبارة "الوجود هو الله"
لتوضيح هذا الأمر الدقيق لا بد من فهم معنى كلمة "الله" في الحالتين.

مهما كتبت لك فلن أتمكن من توضيح هذا الموضوع بأحسن مما كتبه الأستاذ محمود، في تقديري، في مقدمة الطبعة الثانية من كتاب "لا إله إلا الله" فأرجو أن تطلع عليه بتأمل وتركيز. ربنا لم يخلق الوجود من العدم وإنما خلقه من ذاته. ليس هناك شيء إسمه عدم.
ــــــــــــ

لا إله إلا الله

بسم الله الرحمن الرحيم
(وذا النون اذ ذهب مغاضـــــباً ، فظن ان لن نقدر عليه ، فنادى في الظلمات: ان لا إله إلا أنت ، ســـــبحانك ، انى كنت من الظالمين ) .
صدق الله العظيم

مقدمة الطبعة الثانية

هذه مقدمة الطبعة الثانية من كتاب ( لا إله إلا الله ) ، وهو كتاب قد صدر بلغة (الكلام) ، في 25 مايو 1969 ..وصادف من التوفيق ما استوجب اعادة طبعه الآن .. ثم ان هذا الكتاب ، لما كان باللغة "الدارجية" فقد أصبح ذيوعه محدوداً بين السودانيين ، من أجل ذلك فقد اتجهت النية الى اخراج طبعته الثانية ، بمقدمة طويلة ، عن (لا إله إلا الله) باللغة الفصيحة ، لعل ذلك يعطى الكتاب حظا من القدرة على الوصول الى القراء العرب من غير السودانيين ..

لا إله إلا الله

أول ما تجب الإشارة اليه هو أن (لا إله إلا الله) ليست أعظم ما في القرآن ، وانما هي خير ما في القرآن ، وذلك لقيمتها "التسليكية" وانما أعظم ما في القرآن "الله" .. ولكن الله ليس اليه من سبيل ، إلا سبيل (لا إله إلا الله) .. وهذا ما عنيناه بقولنا "لقيمتها التسليكية" .. وقول الله تعالى: (قل الله ، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) أعظم من (لا إله إلا الله) .. و "قل" هنا معناها "كن" ..
فهو قد قال "كن الله" وليس لله ، تبارك ، وتعالى ، صورة ، فيكونها ، ولا غاية ، فيبلغها ، وانما حظ العبد من ذلك ان يكون مستمر التكوين ، وذلك بتجديد حياة فكره ، وحياة شعوره ، تخلقا بأخلاق الله ، تبارك ، وتعالى .. ويحكيها ، في هذا الباب ، قوله: "كل يوم هو في شأن" ، ثم هو لا يشغله شأن عن شأن .. ثم ان العبد يظل هذا شأنه سرمديا .. هو جديد في كل لحظة .. جديد في فكره ، جديد في شعوره ، جديد في حياته ، يرتقي درجات الكمال ، سمتاً فوق سمت .. وبهذا أمر الله ، تبارك ، وتعالى ، حين قال: (كونوا ربانيين ، بما كنتم تعلمون الكتاب ، وبما كنتم تدرسون) وأمر المعصوم ، حين قال: (تخلقوا بأخلاق الله ، ان ربى على سراط مستقيم) .. وقوله ، تبارك ، وتعالى (قل الله ، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) انما هو أمر واضح ، عند العارفين ، التخلق بأخلاق الله .. وليست بالقول ، عند الله ، كرامة ، ان لم يصبح "فعلا" .. فهو ، تبارك ، وتعالى ، يقول: (يأيها الذين آمنوا !! لم تقولون مالا تفعلون ؟ * كبر ، مقتا ، عند الله ، ان تقولوا مالا تفعلون) .. ثم انه مما لا يحتمل الشك عندنا ان "التوحيد" بلا إله إلا الله انما هو صفة الموحد (بكسر الحاء) ، وليس صفة الموحد ، وذلك لمكان استغناء الموحد (الله) عن التوحيد .. فهو قد علم نفسه ، وقد وحد نفسه ، وقد شهد لها بذلك ، فقال ، تعالى من قائل: (شهد الله انه لا إله إلا هو) فلم يبق إلا ان المحتاج للتوحيد هو العبد ، وليس الرب ..

الله

هذا هو الاسم الذي به قامت الأسماء ، والصفات والافعال .. وهو علم على الذات ، وليس معنى هذا انه اسم لها ، وانما معناه انه إشارة اليها .. ذلك بأن الذات الساذج ، الصرفة ، في حقيقتها أكبر من أن تسمى ، وأن توصف ، وتقصر عن شأوها حتى الإشارة ، وان كان شأن الإشارة معها أعظم من شأن الاسم ، وشأن الصفة .. ثم ان الله ، تبارك وتعالى ، تأذن ان يعرفه خلقه ، فقيد ذاته ، بمحض الفضل ، فكان الاسم ، وكانت الصفة .. ولولا أنه قيد ذاته في مرتبة الاسم بالاسم ، وفى مرتبة الصفة بالصفة ، وفى مرتبة الفعل بالحركة ، لما عرف .. ولقد جاء الاسم (الله( في مرتبة أول القيد .. ثم جاء يتلوه القيد في مرتبة الصفة ، فكانت (الأحدية) من صفة (الأحد) .. ثم جاء يتلوها القيد في مرتبة الفعل فكانت (الواحدية) ، من صفة (الواحد) .. والثالوث المشهور في ذلك ليس: (الله الأحد الواحد) وانما هو (الله الرحمن الرحيم) وهذه ، وتلك ، معناها قريب من قريب .. و القيمة العرفانية في الثالوثين هي تقيد الذات الساذج في مراتب ، الاسم ، و الصفة ، و الفعل .. وتقيد الذات في هذه المراتب انما هو تنزلات .. فقد تنزلت الذات ، من صرافتها ، الى مرتبة الاسم ، فسميت ( الله ) ، والى مرتبة الصفة ، فوصفت (بالرحمن) ، والى مرتبة الفعل فوصفت (بالرحيم) .. وفى مرتبة الفعل برزت المخلوقات من الذات .. ولقد برزت المخلوقات في ثلاثة عوالم ، هي مراتب تنزلات الذات .. العالم الأول عالم الملكوت ، وهو عالم الارواح .. والعالم الثاني عالم البرزخ ، وهو عالم العقول .. والعالم الثالث هو عالم الملك ، وهو عالم الاجساد .. ولقد خلق الله ، تبارك ، وتعالى ، الخلق ، في العوالم الثلاثة ، بثلاثة ثواليث .. أعنى بثلاث تشكيلات أسمائية ، كل تشكيلة مكونة من أسماء ثلاثة .. فأما في عالم الملكوت ، فقد جرى الخلق بالثالوث الأعلى ، وهو (الله الرحمن الرحيم) .. وأما في عالم البرزخ ، فقد جرى الخلق بالثالوث الاوسط ، وهو (العالم المريد القادر) ..وأما في عالم الملك ، فقد تم الخلق بالثالوث الادنى ، وهو (الخالق البارئ المصور) .. ومعنى الاسم (الخالق) الذي أحاط علما بمخلوقاته .. ومعنى (البارئ) الذي أعطى الصورة الأولى .. ومعنى (المصور) الذي قلب مخلوقاته في الصور المتتالية ، صعدا في سلم الترقي ، ابتداء من الصور البدائية الاولى ، والى ما لا نهاية من كمالات الاطوار في سلك التطور ..
وهذه العوالم الثلاثة ، في نفسها ، تشكل ثالوثا ، من أعلاه عالم الملكوت ـــ عالم الملائكة ـــ (عالم الارواح النورانية) ومن اسفله عالم الملك ـــ عالم الابالسة ـــ (عالم الارواح الظلمانية) وبينهما ، وعند نقطة التقائهما ، عالم البرزخ ـــ عالم العقول التي ركبت على الاجساد ، وكلفت بسياستها ــــ وذلك هو عالم الانسان .. ولقد ورد التفصيل عن هذه العوالم في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا "رسالة الصلاة" فليراجع في موضعه ، فأن فيه لبيانا فيه للمقتصد كفاية ، وللمجتهد بداية ..
ولقد قلنا ان الاسم (الله) هو علم على الذات ، وبه قامت الأسماء .. ولسنا نعنى الأسماء التسعة والتسعين وحدها ، فأسماء الله لا حصر لها ، ولا عدد ، ولا يحصيها إلا الله ، لأنه (لا يعرف الله إلا الله) .. وبالأسماء معارج السالكين الى الله .. وكل الخلائق سالك الى الله ، ومالهم من ذلك بد .. قال تعالى: (يأيها الانسان ، إنك كادح الى ربك كدحا ، فملاقيه) .. أردت ، أو لم ترد ، فأنه ما من الله بد .. ولا تكون ملاقاة الله في المكان ولا في الزمان .. وانما تكون بتقريب صفات العبد من صفات الرب .. وهذه هي قيمة الأسماء ، والصفات ، التي وصف الله ، تبارك ، وتعالى ، بها نفسه وجعل لنا فيها مشاركة .. فلولا انه وصف نفسه لما عرفناه ، ولولا انه ، إذ وصف نفسه ، جعل لنا في هذه الصفات ، معه مشاركة لما عرفناه .. فله الحمد في الآخرة والأولى ..
قال تعالى في ذلك: (يسأله من في السموات والارض ، كل يوم هو في شأن) .. قوله (يسأله) يعنى يطلبه بالحاجة اليه .. قوله (من في السموات والارض) يعنى العقلاء ، وغير العقلاء ، بما في ذلك مادة السموات ، والارض .. فأما العقلاء ، فيسألونه ، تعالى ، بلسان المقال ، وبلسان الحال ، معا .. واما غير العقلاء فيسألونه بلسان الحال ، وحده .. وإنما كان الأمر كذلك لأنه لا غنى لشيء عنه ، اذ به قيومية كل مخلوق .. فلولا هذه القيومية لما وجد مخلوق ، في المكان الأول ، ولما تماسك له كيان ، في المكان الثاني .. وفى هذا المعنى جاء قوله ، تعالى ، في موضع آخر (تسبح له السموات السبع ، والارض ، ومن فيهن .. وان من شيء إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم .. انه كان حليما غفورا) ..
قوله تعالى: (كل يوم هو في شأن) يعنى ، بهذا الشأن ، ابداء ذاته لمخلوقاته في مستوى حاجتهم اليه ، فإنه ، تبارك ، وتعالى ، أودع الحاجة اليه في النفوس فكان السؤال ، وتبعت السؤال الاستجابة .. فهذه ، وتلك ، هي الشأن .. وليس اليوم هو أربعا وعشرين ساعة ، كما هو المألوف ، وانما هو "زمنية" ابداء الذات للمخلوقات وهي "زمنية" تتناهى في الصغر حتى تخرج عن ان تكون زمانا .. قال تعالى في أمر حاجتنا اليه: (يأيها الناس أنتم الفقراء الى الله ، والله هو الغنى الحميد) وفى الشعور بالحاجة اليه معرفة ، وفى الغفلة عن هذا الشعور جهل .. ولقد ذم الله ذلك منا ، فقال ، تبارك من قائل: (كلا !! ان الانسان ليطغى * ان رآه استغنى) .. "يطغى" يعنى يجهل قدر نفسه فيتعدى حده ، ويتورط في الهلكة .. والانسان لا يمكنه ان يستغني عن الله ، ولكن الغفلة توهمه ، وتسوقه الى ان يظن بنفسه الاستغناء ، ومن أجل هذا جاءت العبارة عنه بقوله تعالى: (ان رآه استغنى) .. وقد جعل الله حاجة عبيده الذين يحبهم حاضرة ، دائما ، وماثلة بين اعينهم ، ومن ذلك انه لم يمد لهم في الغنى ، وانما جعل "درشتهم" ، في كل يوم ، من مخزنه هو ، لا من مخازنهم هم .. ومن أجل ذلك أوصى نبيه ، وحبيبه: (ويسألونك ماذا ينفقون ؟ قل العفو !!) .. وقد كانت هذه شريعته في خاصة نفسه ، وقد فهم "العفو" على انه ما زاد عن قوت اليوم ، فهو ، بذلك ، لم يكن ينتظر قوت غده من مخزونه هو ، وانما كان ينتظره من خزائن ربه .. وكان يقول: (اللهم اجعل قوت آل محمد الكفاف) .. وقد كان ذلك منه طلبا للحاجة ، الى الله ، الدائمة ، التي تحارب الغفلة عنه ، فلا يتوهم الاستغناء بالمخزون عنده عن المخزون في خزائن ربه .. ولقد تحدثنا ، في متن هذا الكتاب ، عن التوحيد ، وامر التوحيد فليراجع في موضعه .

الله والأسماء

الذي يهمنا في هذا المقام ان الاسم (الله) هو متعلق أسماء الله ، وأسماء الله لا يحصيها إلا الله ، لفرط كثرتها .. وتلك كثرة مطلقة .. وهي ، من الناحية العملية ، وفى البداهة المعاشة ، تمثل حاجة كل محتاج ، وعلى حسب مستوى ذلك المحتاج ، وفى كل لحظة من لحظات نومه ، أو يقظته ، في انفاسه الصاعدة ، والهابطة .. وقد لا نكون نحن شاعرين بهذه الحاجة إلا شعورا ضعيفا .. وحتى هذا الشعور الضعيف ، انما يكون منا في أحسن حالاتنا الفكرية ولكنه ، بمحض فضله ، يسلط علينا من المصائب ما يعجز حيلتنا ، ويشعرنا بالحاجة اليه بصورة ملحة ، وملجئة ، نلجأ اليه كل حين ، ونلتصق به حيث أمكن ، ونسأله ، بلسان حالنا وبلسان مقالنا ــــ نسأله بِكُلِّيَتِنا وعندها يستجيب لدعائنا ، وتقع منا المعرفة به .. وما من صاحب حاجة ، إلا ويدعو الله من حيث حاجته .. فالغريق ، إذا قال يا الله ! فكأنما قال: يا منقذ ، لأن حاجته انما هي الى الانقاذ ، ويجيبه الله من حيث اسمه المنقذ .. والمريض ، إذا قال: يا الله ! فكأنما قال: يا شافي ، لأن حاجته انما هي الى الشفاء ، ويجيبه الله من حيث اسمه الشافي .. والجائع ، إذا قال: يا الله ! فكأنما قال يا مطعم ، لان حاجته انما هي الى الطعام ، ويجيبه الله من حيث اسمه المطعم .. والمهزوم ، إذا قال: يا الله ! فكأنما قال: يا ناصر ، لان حاجته انما هي للنصرة ، ويجيبه الله من حيث اسمه الناصر .. وهكذا الى مالا نهاية له ، لان حاجات الحي لا تتناهى واسم الله الذي يهمه هو ما يقضى حاجته المباشرة ، ومن تلك الحاجة ينبع ، واليها يعود .. وبهذا المعنى يكون الاسم (الله) متعلق الأسماء كلها ، وتكون الأسماء غير متناهية ، على الاطلاق .. ذلك بأنها على قدر حاجات النفوس الى الله ، وتلك حاجات تقع على مراتب أربع: حاجات المعدات ، وحاجات الاجساد ، وحاجات العقول ، وحاجات القلوب .. وكل مرتبة ، من هذه المراتب الاربع ، تتوجه بسؤالها الى حضرة من الحضرات الإلهية .. فحاجات المعدات ، وهي أول ، وأبسط حاجات الاحياء ، تتوجه بسؤالها الى حضرة الفعل الإلهي ، وذلك لان حضرة الفعل الإلهي أدنى تنزلات الذات الإلهية من المخلوقات .. وحاجات الاجساد تتوجه بسؤالها الى حضرة الصفة الإلهية .. وحاجات العقول تتوجه بسؤالها الى حضرة الاسم الإلهي .. وحاجات القلوب تتوجه بسؤالها الى حضرة الذات الإلهية .. وحضرة الذات الإلهية حضرة إطلاق .. وكذلك حاجات القلوب ، فهي لا تحصى ، ولا تتناهى ، ومن أجل ذلك توجهت الى الاطلاق ، فهو يسعها وهي تسعه .. قال تعالى في ذلك: (ما وسعني أرضي ، ولا سمائي ، وانما وسعني قلب عبدي المؤمن) ..

الله والانسان الكامل

لقد أشرنا آنفا الى أن ذات الله أكبر من ان تسمى ، وان توصف ، وان تعرف .. ولولا أنها تقيدت لما عرفت ، وهي ، اذ تقيدت ، انما تقيدت بمدارك عقولنا نحن .. ومن ههنا قامت قرينة الشبه بيننا وبينه ، فنحن نشبهه ، ولولا هذا الشبه لما عرفناه .. قال المعصوم (ان الله خلق آدم على صورته) .. والمهم هنا ليس الصورة الحسية ، وانما المقصود ان الله حي ، وعالم ، ومريد ، وقادر ، وسميع ، وبصير ، ومتكلم .. وكذلك خلق آدم حيا ، وعالما ، ومريدا ، وقادرا ، وسميعا ، وبصيرا ، ومتكلما .. فصفاتنا صفاته ، غير أن صفاته في مطلق الكمال ، وصفاتنا في طرف النقص .. وانما شرعت الشرائع ، وفرضت الفرائض ، لتكون لنا منهاجا للسير اليه ، والقرب منه ، ولملاقاته .. وليس سيرنا الى الله بقطع المسافات ، وانما هو بتقريب الصفات من الصفات .. هذا هو معنى قول المعصوم: (تخلقوا بأخلاق الله ، ان ربي على سراط مستقيم) ..
لقد كانت الذات في الاطلاق ، ولم يكن لها من سبيل .. فلما ارادت ان تعرف تقيدت ، وانما كان أدنى منازل تقيدها من منزلة الاطلاق مرتبة الاسم (الله) ، كما سلفت الى ذلك الإشارة .. ومعنى تقيدها في مرتبة الاسم ظهور أول قابل لتجلي المطلق .. وهذا هو (الحقيقة المحمدية) .. والحقيقة المحمدية هي مرتبة (الولاية الاحمدية) .. وهذه فوق مرتبة (النبوة الاحمدية) .. فالولاية (الاحمدية) مرتبة الذات الحديثة ، في مقابلة الذات القديمة .. وهي مقام (الوسيلة) الذي يقوم بين الذات الساذج ، وبين جميع المخلوقات ، وليس بينه وبين الذات أحد وهذا انما هو الانسان الكامل ، وجميع أسماء الله الحسنى ، وصفاته ، في حقه هو ، بالمكان الاول ، وهي لا تكون في حق الذات الساذج إلا بمقام الإشارة ، وذلك بعد أن تنقطع العبارة ، وتنبهم المعاني ، وبعد أن يقع عجز العقول عن الادراك ..
ومقام (الولاية الاحمدية) هو المقام الذي منه استمدت جميع الرسالات ، والولايات ، أنوارها .. وهذا المقام لا يزال يقرب من الأرض ، كلما تهيأت الأرض له ، بفضل أنوار الرسالات ، وأنوار الولايات ، التي أشعل الله سرجها في قلوب الذين أوتوا العلم ليعدوا الأرض لتلتحق بأسباب السماء .. وسيستقر مقام الولاية الاحمدية في الارض بمجيء المسيح ، الذي هو موعود الله بملئها عدلا ، كما ملئت ظلماً ، وجوراً ..

الإله

قولك (الله) ليس كقولك (الإله) .. فالله واحد لكن (الإله) ليس واحدا ، وانما الآلهة كثر ، وهذا ما جعل بعض العلماء يقولون في معنى (لا إله إلا الله): (لا معبود بحق إلا الله) وهذا القول يحوي في عبارته معنى ان هناك آلهة كثيرة تعبد من دون الله ، ومع الله ، ولكن عبادتها باطلة ، وليس هناك معبود بحق غير (الله) .. ولدى الدقة في النظر الى القيمة (السلوكية) في الكلمة: (لا إله إلا الله) فان هذا المعنى المألوف ، المتداول بين علماء الدين ، لا قيمة له ..
فما هو المعنى الذي يكفل تمام القيمة (السلوكية) ، اذن ؟؟ اسمعوا !! (الإله) هو تنزل (الله) الى مرتبة (الفعل) وهي المرتبة (الثالثة) من الثالوث الأسمائي .. ولقد سلفت الإشارة الى ذلك في هذه المقدمة .. فاذا كان الثالوث الأسمائي المعتبر هو (الله ، الرحمن ، الرحيم) فأن (الإله) في مرتبة (الرحيم) .. وإذا كان الثالوث الأسمائي هو (العالم ، المريد ، القادر) فإن (الإله) في مرتبة (القادر) .. وإذا كان الثالوث الأسمائي هو (الخالق ، البارئ ، المصور) فإن (الإله) في مرتبة (المصور) ..هذا في الوقت الذي لا يكون فيه (الله) إلا في المرتبة (الأولى) من أي من ثلاث التشكيلات اعتبرت .. ومرتبة (الفعل) هذه تقع على مستويين: مستوى الافعال الكبيرة التي لا يستطيع أي مخلوق ادعاء أي مشاركة فيها ، كخلق السموات والارض ، مثلا .. ومستوى الافعال الصغيرة التي يخيل للمخلوق ان له فيها مشاركة ، بل قد يخيل اليه انه مستقل بها ، مثل كسب الرزق من التجارة ، والزراعة ، مثلا .. فأما الافعال الكبيرة ، والحالة كما ذكرنا ، فإن الله غير منازع فيها ، وكل العقلاء يسلمون له بها .. وهذا المستوى من (الفعل) هو ايضا مرتبة (الله) .. وهناك مستوى الافعال الصغيرة ، وهذه الله منازع فيها ، وأكثر العقلاء .. لا يسلمون له بها ، وهذا المستوى من مستويات (الفعل) هو مرتبة (الإله) .. أو قل: مرتبة (الله) متنزلا الى مرتبة (الفعل) كما أسلفنا القول ، قبل قليل .. فكأن (الله) غير منازع ، لكن (الإله) منازع .. ومن ههنا جاء تعدد الإلهة . والى هذه اللطيفة ، من لطائف العلم ، أشار ، تبارك ، وتعالى ، حين قال: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها ، الله يرزقها وإياكم ، وهو السميع العليم * ولئن سألتهم من خلق السموات ، والارض ، وسخر الشمس ، والقمر ، ليقولن: الله ، فأنى يؤفكون ؟؟ * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ، ويقدر له ، ان الله بكل شيء عليم) .. هذه ثلاث آيات ، بدأها بالرزق ، وختمها بالرزق ، ودس بينهما آية تتحدث عن خلق السموات ، والأرض .. فكأنه قال: إذا سئلتم عمن خلق السموات ، والارض ، فإنكم تجيبون: (الله) .. وليس معنى هذا انكم موحدون وإنما معناه أنكم تشعرون باستحالة نسبة هذا الفعل الكبير الى أي مخلوق من أنفسكم ، أو ممن تعلمون .. ولكن إذا سئلتم: من يرزقكم ؟؟ تجيبون ، بلسان الحال ، وربما بلسان المقال أيضا: (كدنا ، واجتهادنا !!) وذلك لأنه يقوم في وهمكم ، لطول الألفة في الأخذ بالأسباب ، ان هذه الافعال الصغيرة لا يفعلها الله ، وانما يفعلها المخلوق مثلكم ، وذلك لصغر شأنها ، في نظركم ، إذا ما قورنت بخلق السموات ، والارض .. وهذا هو عين الشرك .. فمن أراد التوحيد فعليه ان يعلم ان فاعل الأشياء الكبيرة هو عينه فاعل الأشياء الصغيرة: (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ، ويقدر له ، ان الله بكل شيء عليم) .. هذا هو التوحيد .. ومن أجل هذا فإن (لا إله إلا الله) ليس معناها: (لا معبود بحق إلا الله) وإنما معناها: (فاعل الاشياء الصغيرة هو بعينه فاعل الاشياء الكبيرة) قال تعالى في ذلك: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه ، فتشابه الخلق عليهم؟؟ قل الله خالق كل شيء ، وهو الواحد القهار !!) وهذه درجة من أعظم درجات التوحيد ــــ درجة (وحدة الفاعل) ــــ وهي روح التوحيد ، وجوهره ، وأصله .. وهي معنى (لا إله إلا الله) ..
وما دمنا بصدد الافعال الصغيرة ، والافعال الكبيرة ، فإن ايراد الآية التي حكت قصة ابراهيم الخليل مع النمرود له فائدة عظمى .. قال تعالى في قصتهما (ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ، أن آتاه الله الملك ، اذ قال ابراهيم: ربى الذي يحيي ، ويميت .. قال: أنا أحيي ، وأميت .. قال ابراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب .. فبهت الذي كفر .. والله لا يهدي القوم الظالمين) ذلك بان هذه الآية شديدة الدلالة على ما ذهبنا اليه من دعوى المشاركة في الافعال الصغيرة ، مع انقطاع هذه الدعوى عند الافعال الكبيرة .. والآيات التي تسوق الحجج في هذا الصدد لتقرر ان الفاعل واحد كثيرة ، وهي أصل القرآن ، ذلك بأن القرآن انما هو موظف لتجويد (لا إله إلا الله) وهو بذلك كتاب (تسليك) من متاهات البعد ، الى سرادقات القدس .. ومن أمثال تلك الآيات قوله تعالى: (أم خلقوا من غير شيء ؟؟ أم هم الخالقون ؟؟* أم خلقوا السموات والأرض ؟؟ بل لا يوقنون* أم عندهم خزائن ربك ؟؟ أم هم المسيطرون ؟؟) يعنى (المسيطرون) على الأرزاق .. ثم يمضي السياق من سورة (الطور) الى أن يقول: (أم لهم إله غير الله ؟؟ سبحان الله عما يشركون !!) وهذه شديدة الدلالة على أن وهم نسبة الافعال الصغيرة لغير الله وهم شائع ، وهو وهم شديد الضرر بالعقول ، وبالأخلاق .. والموحد يوقن أن (إلهه) هو (الله) .. وذلك لا يتم إلا بتجويد (وحدة الفاعل) ..
خلاصة القول: أن الناس لم ينكروا (الله) وإنما أنكروا (الإله) .. والموحدون ، المجودون للكلمة: (لا إله إلا الله) لا يزال لهم (إله) غير (الله) ولن ينفك ، ذلك بأن تجويد (لا إله إلا الله) هو مضمار السلوك السرمدي ، ولا يستطيع ان يحققها ، حق تحقيقها ، غير الله ، وذلك في مقام شهادته لنفسه بها: (شهد الله أنه لا إله إلا هو .. ) ..

لا إله إلا الله

قلنا ان (لا إله إلا الله) تعنى لا فاعل ، لكبير الاشياء ، ولا صغيرها ، غير الله .. تعني ان الذي خلق السموات ، والأرض ، هو ، نفسه ، الذي يرزق عباده في السموات ، والأرض ، ويرزقهم بغير أسباب ، إذا جودوا التخلق بلا إله إلا الله .. قال تعالى في ذلك: (وأمر أهلك بالصلاة ، واصطبر عليها ، لا نسألك رزقا ، نحن نرزقك ، والعاقبة للتقوى) .. ففي المقامات الصغيرة سبب الرزق الزراعة ، أو التجارة ، أو الصناعة .. لكن في مقامات القرب الكبيرة فإن سبب الرزق هو معرفة الله ، وعبر عنها بالتقوى .. و(لا إله إلا الله) هي كلمة التقوى التي أشار اليها في قوله تعالى: (اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ، حمية الجاهلية ، فأنزل الله سكينته على رسوله ، وعلى المؤمنين ، وألزمهم كلمة التقوى ، وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما) ..
و(لا إله إلا الله) هي الكلم الطيب ، الذي يصعد الى الله ، ولا يحجبه حجاب .. وهي المقصودة من قوله تعالى: (اليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه) وأصلح العمل الصالح هو الانسان الكامل .. ومن أجل ذلك فإن (لا إله إلا الله) هي كلمة (الله) .. والانسان الكامل هو كلمة (الله) ..
وكلمة: (لا إله إلا الله) هي الشجرة الطيبة ، الواردة في القرآن ، وذلك حيث يقول : (ألم تر كيف ضرب الله مثلا ، كلمة طيبة كشجرة طيبة ، أصلها ثابت ، وفرعها في السماء * تؤتى أكلها ، كل حين ، بإذن ربها ؟؟ ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)..
ومعنى قوله (أصلها ثابت) ان جميع ذرات عناصر الأرض تنادي بها ، بصوت يسمعه أرباب القلوب ، وهذا النداء هو معنى تسبيحها في قوله تبارك وتعالى: (تسبح له السموات السبع ، والأرض ، ومن فيهن .. وان من شيء إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم .. انه كان حليما غفورا ) وهذا التسبيح هو توحيد العناصر بلسان حالها ، لافتقارها الى الله ، اذ به تعالى قيوميتها ، بدون أدنى لبس ، وبدون أدنى ريب ..
ومن معنى قوله: (أصلها ثابت) أنها قيلت في الأرض ، منذ بدء الرسالات ، السماويات ، الى الأرض .. ولقد قال المعصوم عن ذلك: (خير ما جئت به انا ، والنبيون من قبلي "لا إله إلا الله") وكان قوله هذا أخذاً من قوله تعالى: (ولله ما في السموات ، وما في الأرض ، ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، واياكم ، أن اتقوا الله ، وإن تكفروا فإن لله ما في السموات ، وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا) .. والذي وصى به انما هو: (ان اتقوا الله) وهذه معناها قولوا: (لا إله إلا الله) وافعلوا معني بمقتضاها في حالكم .. ومن معنى قوله: (أصلها ثابت) ، شهادة (محمد رسول الله) مقرونة مع شهادة (لا إله إلا الله) في شهادة الملة .. فانه (بمحمد) حصل التثبيت في الأرض ..
وأما معنى قوله: (وفرعها في السماء) فهو انه لانهاية لها ، فتبلغ .. وقد علم أرباب القلوب أن سير العوالم كلها الى الله انما هو بكلمة (لا إله إلا الله) .. به يسير إلى الله أهل النار ، في النار .. وبها يسير أهل الجنة ، في الجنة ، ونهايتها عند الله ، في اطلاقه ، والسير في معارجها ، اذن ، انما هو سير سرمدي .. ويكفي في هذا قوله ، تبارك ، وتعالى ، عنها: (شهد الله ان لا إله إلا هو ، والملائكة ، وأولو العلم ، قائما بالقسط ، لا إله إلا هو ، العزيز الحكيم) .. وبين شهادتنا له بالتوحيد في الأرض ، وهو قولنا (لا إله إلا الله) ، وبين شهادته لنفسه بالتوحيد من فوق سبع سموات ، وهو قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو) يقع سير الموحدين ، وسلوك السالكين .. والثمرة عنده هو ، دائما ، وانما تلتمس بالإخلاص .. وهذا معنى قوله تعالى: (وفرعها في السماء ، تؤتى أكلها ، كل حين ، بأذن ربها) .

أربع صيغ للتوحيد

وهناك أربع صيغ وردت في القرآن ، وهي: (لا إله إلا الله) وذلك من قوله تعالى: (فاعلم انه لا إله إلا الله ، واستغفر لذنبك ، وللمؤمنين ، والمؤمنات ، والله يعلم متقلبكم ، ومثواكم .. ) .. ثم (لا إله إلا أنت) وذلك من قوله تعالى ، عن لسان يونس بن متى: (وذا النون ، إذ ذهب مغاضبا ، فظن ان لن نقدر عليه ، فنادى في الظلمات: ان لا إله إلا أنت ، سبحانك ، إني كنت من الظالمين) .. ثم: (لا إله إلا أنا) .. وذلك من قوله تعالى: (إنني انا الله ، لا إله إلا أنا .. فاعبدني ، وأقم الصلاة لذكري) .. ثم: (لا إله إلا هو) وذلك أخذاً من قوله تعالى: (شهد الله انه لا إله إلا هو ، والملائكة ، وأولو العلم ، قائما بالقسط ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم) فأما (لا إله إلا الله) فإنها الصيغة الاساسية ، والشائعة .. وهي أعم ، وأشمل ، وفيها سعة لمن يقولها بلسانه ، وهو غافل ، ولمن يقولها بلسانه ، وهو حاضر .. وذاكرها مأجور ، وان كان غافلا حين ذكرها ، ما دام مؤمنا بها .. ويرجى له أن يحضر في ذكرها ببركتها ..
واما (لا إله إلا انت) فهي صيغة خاصة ، ومجرد لفظها يشعر قائلها بأنه أمام مخاطب حاضر .. وهذا يوجب عليه ذكرها بحضور ، واقبال .. ولقد قيلت في حالة خلوة ليس فيها سعة للغفلة .. وهي ، إذا قيلت في حالة ضيق تشبه حالة صاحبها حين قالها ، أو قيلت في حالة معرفة بالله توجب الحضور معه ، وتحارب الغفلة عنه ، فإنها اسم الله (الأعظم) .. وتحقيق العبودية بها أقرب من تحقيقها بأي من الصيغ الأربع ، التي وردت الإشارة اليها ..
واما (لا إله إلا انا) فهي صيغة أشد خصوصية من جميع الصيغ ، وهي قد وردت عن لسان الحق ، ومن يذكرها يجب ان يستشعر العظمة الساحقة ، الماحقة ، التي عنها صدرت ، لأنه إنما يسمعها عن لسان الحق ، ولتوها .. فإن كان ، عند ذكرها ، أو سماعها ، غافلا ، فليعلم انه من المطرودين عن الحضرة القدسية ..
واما (لا إله إلا هو) فهي أرحب الصيغ ، وأوسعها ، لأنها مفتوحة على الاطلاق .. وهي ، من ثم ، أكثر ورودا في القرآن من جميع الصيغ .. وقد وردت فيها الهاء نائبة عن الاسم (الله) .. وهذه الهاء هو الحرف الأخير من الحروف الاربعة التي تكون الاسم العظيم (الله) ..فإنه وارد أنك إذا حذفت من هذا الاسم الحرف الاول بقي (لله) ، وإذا حذفت الحرف الثاني بقي (له) ، وإذا حذفت الحرف الثالث بقي (هو) .. و إنما جاء الواو في (هو) من إشباع (حركة) الضمة التي كانت في الأصل حركة الهاء في الاسم ذي أربع الأحرف (الله) .. و إنما اشبعت حركة الضمة لتصير واواً ليكون النطق بالهاء ، وحدها ، ممكنا ، وميسورا .. ومن الخطأ الشائع ظن الناس ان (هو) انما هو ضمير الغائب ، المذكر ، المفرد .. وهذا الخطأ يحرم من البركات ، الزائدات ، التي تترتب على الذكر عن معرفة بحقيقة الأمر ، وهو ان (هو) انما هو الحرف الرابع من الحروف المكونة للاسم العظيم (الله) ، وهي ، لكونها حرفاً ، فإن معناها في غيرها ، وقد اصبحت ، لذلك ، أدخل في باب الإشارة منها في باب العبارة .. والإشارة أبلغ ، في الدلالة على الاطلاق ، من العبارة .. وهذا هو السر في أن القرآن تناهى الى الإشارة ، بعد أن ضاقت عنه العبارة ، فجاءت أحرف الهجاء في اوائل تسع وعشرين سورة من سوره .. وهي إنما جاءت لتقول إن حقيقة القرآن فوق العبارة ، وهي أيضا فوق الإشارة .. لأن الإشارة إنما معناها في غيرها ..

خاتمة

أما بعد فهذا حديث يطول ، وليس له ههنا مجال ، أكثر مما جرى ، واتفق ، لأن هذه مقدمة لكتاب قديم .. وستكون لنا ، الى الكتابة عن (لا إله إلا الله) ، عودة ، عما قريب ، ان شاء الله .. والله ولى التوفيق ، ورائد السداد ، وعليه التكلان ..

Post: #8
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-23-2017, 11:17 AM
Parent: #7

متى قال الله: يا عيسى ابن مريم!! أأنت قلت للناس؟؟

الجبلين في 23/ 7/ 1962
حضرة الأخ الكريم الشيخ عبدالرحيم
تحية طيبة، مباركة، زاكية..
أما بعد، فقد ظللت دائم التفكير في سؤالك الممتع من الآيات الكريمات:
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم: أأنت قلت للناس اتخذوني، وأمي، إلهين من دون الله؟؟ قال: سبحانك!! ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق.. إن كنت قلته فقد علمته.. تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك.. إنك أنت علام الغيوب.. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به: أن اعبدوا الله، ربي، وربكم.. وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم، فإنهم عبادك.. وإن تغفر لهم، فإنك أنت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم.. لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، رضي الله عنهم، ورضوا عنه.. ذلك الفوز العظيم.. لله ملك السموات، والأرض، وما فيهن، وهو على كل شيء قدير)..
فقد سألت أنت في أحد مجالسنا الليلية بمدني: (وإذ قال الله: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين..) إلخ الآية.. سألت: متى قال الله ذلك؟؟ وقد أجاب بعض الأخوان الحاضرين: إنه يقول ذلك يوم القيامة، وإنما عبر عنه بالماضى لتحتم وقوعه.. وهذا هو التفسير الذى يطالعك به المفسرون.. وقد علمت أنك لا تسأل عن هذا، لأنه غير كاف.. وقلت لك لا يحضرنى الآن فيها شىء، وسأخبرك فيما بعد.. وقد ظللت مشغول الخاطر بهذا السؤال الطريف طوال هذه المدة الطويلة..
واضح لكل من يعرف التوحيد انه لا يمكن أن يقال أن الله سيقول يوم القيامة، لأن الله قائل في الأزل، وفي الأبد، وفيما بين ذلك، وفي كل لحظة: (كل يوم هو في شأن) من غير أن يطرأ عليه الحدثان.. ولو أن الله ليس بقائل، أبدا، وسرمدا، ثم قال يوم القيامة لقامت به الحوادث.. وهذا خطأ في أوليات التوحيد.. لم يبق إلا أن الله قال ذلك، وهو لم يزل قائلا، تبارك، وتعالى، ولن ينفك.. ولقد قلنا، نحن الجمهوريين، في كتيبنا (الإسلام): (نحن نسمع الناس يقولون: إن القرآن كلام الله، فما معنى هذا؟؟ إن الله ليس كأحدنا، وليس كلامه ككلامنا بأصوات تنسل من الحناجر، فتقرع الاذان.. إن كلام الله خلق فالشمس تطلع، فترسل الضوء، والحرارة، فتبخر الحرارة الماء، وتثير الرياح، وتحرك الهواء، فتحمل الرياح بخار الماء، في سحب كثيفة، إلى بلد بعيد، فينزل المطر، فيروي الأرض، ويحييها بعد موتها، فينبت الزرع، وتدب الحياة بمختلف صورها، وشكولها.. هذه صورة موجزة قاصرة، مفككة الحلقات، لكلام الله.. فالقرآن هو صورة هذا الكلام، أو قل هذا العلم، مفرغا في قوالب التعبير العربية)..
ولقد قلنا، في مواضع أخرى من هذا الكتاب،: إن القرآن يسوق معانيه مثاني.. معنى قريبا، ومعنى بعيدا.. فمن فهم المعنى القريب، وغاب عنه المعنى البعيد، فما فهم القرآن.. ومن فهم المعنى البعيد، وغاب عنه المعنى القريب، فما فهم القرآن، وإنما يفهم القرآن من يرى المعنيين في اللحظة الواحدة.. وهذا يحتاج إلى قوة في نور البصيرة يفلق الشعرة.. والسبب في سوق المعنيين، المعنى القريب، والمعنى البعيد، ان اسم الله، تبارك، وتعالى، يطلق على معنيين أيضا: معنى بعيد، وهو ذات الله الصرفة – في صرافتها – وهي امر فوق الإدراك، وفوق الأسماء، وفوق الإشارات، ولولا أنها تنزلت ما عرفت.. ومعنى قريب وهو مرتبة البشر الكامل الذي أقامه الله خليفة عنه في جميع العوالم، وأسبغ عليه صفاته، وأسماءه، - حتى إسم الجلالة – فكلمة الله حيث قيلت، تشير إلى هذين المعنيين، وفي نفس الوقت.. هي تشير إلى (صرافة الذات) وتشير إلى (التعين الأول) الذي ليس بينه وبين صرافة الذات أحد من الخلق، وإنما هو بين جميع الخلق وبين الذات.. وإنما تقوم جميع الأسماء، والصفات، بالتعين الأول أولا، ثم هي تشير، إشارة مبهمة، قاصرة، إلى الذات الصرفة التي هي فوق أن تسمى، أو توصف، أو تعرف..
فمعنى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم!! أأنت قلت للناس: اتخذوني، وأمي، إلهين، من دون الله؟؟) أن الله خلق في عيسى القوى التي تدعي الربوبية، والتي هي مودعة في كل فرد من أفراد البشر، وهي التي بها تمت لهم خلافة الله في الأرض.. وهى هى المعبر عنها بالأمانة في قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات، والأرض، والجبال فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان.. إنه كان ظلوما جهولا..).. ولقد عبر بالإستفهام: (أأنت قلت؟؟) ولم يقل بالجزم: (أنت قلت) إشارة إلى أنه تعالى قد خلق فيه (القوى العقلية)التي تحد من اندفاع إرادة النفس إدعاء الربوبية، وتردها إلى ما ينبغي لها من العبودية.. فإن فرعون، حين لم يخلق الله له قوى كافية تستطيع رد إرادة إدعاء الربوبية، ادعاها ولم يتردد في ذلك.. فأخبر الله تعالى عنه، فقال، جل من قائل، مخاطبا نبيه، ورسوله، موسى: (اذهب إلى فرعون إنه طغى).. أي فات حد العبودية إلى ادعاء الربوبية.. وهو أمر كان من الممكن أن يحصل من المسيح لولا أن الله نصره، واجتباه.. ثم قال، تبارك، وتعالى، عن فرعون، في نفس السياق: (فكذب وعصى – ثم أدبر يسعى * فحشر، فنادى * فقال: أنا ربكم الأعلى * فأخذه الله نكال الآخرة والأولى * إن في ذلك لعبرة لمن يخشى)..
ولقد قال أحد السادة الصوفية.. في نفس كل منا أن يقول ما قال فرعون: (أنا ربكم الأعلى)، غير أن فرعون استفز قومه، فأطاعوه فقالها.. يعني أن اجتماع الناس عليه، وطاعتهم إياه، غرته عن نفسه وقوت فيه إرادة ادعاء الربوبية، حتى ضعفت القوى العقلية عن مقاومتها، فانطلقت تدعي، وتفتري.. وإنما من أجل ذلك يحذر مشايخة الصوفية المريدين، وبخاصة صغار المريدين، من اجتماع الناس عليهم. وشيء آخر!! فإن الاستفهام في: (أأنت قلت) بدلا من الجزم: (أنت قلت)، حين أفاد أن الله قد خلق في المسيح قوة العقل الكافية لصد إرادة ادعاء الربوبية، أفاد أيضا أن المسيح قد قال، بلسان حاله، ولكنه لم يقل بلسان مقاله، وحاشاه أن يقول!! ولقد عفا الله عما يجول في الصدر ما لم يجر على اللسان، فكيف بما أدق من ذلك..
ثم قال: (اتخذونى، وأمي: إلهين، من دون الله)، ولم يقل: (اتخذوني إلها، من دون الله)، كما قال فرعون، مثلا، بوحدانيته، وحده.. وذلك يفيد أن الله قد جعل فيه الثنائية بارزة، قوية فهو، بالطبع، لم يكن في وحدانية الغفلة التي كان عليها فرعون.. وهو بالطبع، لم يبلغ وحدانية الحضرة، والكمال، التي يكون عليها الله – (بالمعنى القريب).. (قال سبحانك!! ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق.. إن كنت قلته، فقد علمته..).. إشارة صريحة إلى خلق الله، تبارك، وتعالى، في المسيح القوى العرفانية التي بها يعرف ما هو حق (لله)، وهو (الربوبية)، وما هو حق له وهو (العبودية) وبفضل هذه القوى العرفانية انتصر على إرادة ادعاء الربوبية، كما سبق القول.. ثم قال: (تعلم ما في نفسى، ولا أعلم ما في نفسك.. إنك أنت علام الغيوب).. ولم يقل: (تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسى)، وهو ما قد يتبادر إلى ذهن الإنسان المنكر التائب، المتنازل، عن أي ادعاء.. ولكنه قال بالصيغة أعلاه للدلالة على أن النفس واحدة، وهي نفسه تعالى: (يا أيها الناس!! اتقوا ربكم، الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا، ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا).. فالمعنى القريب هو: أن هذه النفس الواحدة هي نفس آدم. والمعنى البعيد هو: أن هذه النفس الواحدة هي نفس الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه.. وإلى الله المصير).. وهكذا إلى آخر الآيات الكريمات، مما لا يتسع لتفصيله زمنى الحاضر.. ولكن، قبل أن أترك هذا السياق، أحب أن ألفت نظرك إلى الآية: (إن تعذبهم، فإنهم عبادك.. وإن تغفر لهم، فإنك أنت العزيز الحكيم..).. فإنه جاء في الفاصلة بصفتى (العزيز الحكيم) ليثبت (الجبر)، ولينفي (الاختيار)، عن المسيح، وعن الناس.. المراد في السياق: فإنهم عباد مربوبون.. ولم يقل، كما قد يتبادر إلى ذهن السامع: (وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم).. المراد في السياق: فإن اتخذوا المسيح وأمه، إلهين، من دون الله، فإنما ذلك لحكمة قاهرة أرادها الله بهم، ولم يجدوا عنها (مندوحة).
وقد ختم تلك الآيات بما لا يدع مجالا للشك في هذا المعنى المراد.. اسمع قوله، تبارك، وتعالى: (لله ملك السموات، والأرض، وما فيهن.. وهو على كل شيء قدير..).. هذا الذي شرحنا هو القول الأزلي (لله) ، (بالمعنى البعيد) .. وستقول : فهل يقال هذا القول قولا مستأنفا يوم القيامة؟؟ والجواب: نعم!! سيقال، في عرض الحساب ولكن يقوله (الله)، (بالمعنى القريب).. يقوله (الله) الذي هو الإنسان الكامل.. الإنسان الذي ليس بينه وبين ذات الله المطلقة أحد وهو بين الذات وبين سائر الخلق.. وهو الذي يتولى حسابهم، نيابة عن الله، وهذا الإنسان الكامل المسمى: (الله) هو المعني، في المكان الأول، بقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم (الله)، في ظلل من الغمام، والملائكة، وقضي الأمر، وإلى الله ترجع الأمور؟؟) وهذا القول المستأنف يوم القيامة هو أيضا قديم، ولكنه متطور في كل لحظة..
كل ذرة من ذرات الوجود، المنظور لنا، وغير المنظور، غازاته، وسوائله، وجماداته، ونباتاته، وحيواناته، وحشراته، وإنسه، وجنه، وملائكته، وأنواره، وظلماته، كل ذرة من ذرات هذه الأجساد، كلمة من كلمات الله.. وكل حركة تتحركها هذه الذرات كلمة من كلمات الله .. والله متكلم بكل هذه الألسن.. (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي، ولو جئنا بمثله مددا).
ما أحب أن أطيل اكثر من هذا، ولو أن مجال القول ذو سعة واسعة.. ولكني إنما أختلس هذه السويعات من زمن العمل اختلاسا، وقد أصبح العمل في أخرياته، ولا بد من بذل مجهود كبير لينتهي.. وسيكون لدينا فراغ طويل نصرفه عندكم، إن شاء الله.. وسيكون المجال، يومئذ، مجال تطويل، واستقصاء.. فإن وجدت أن أمرا من أمور هذا الكتاب تستحق استقصاء فستجدني عندما تحب، إن شاء الله هذا وعليك، وعلى الأخوان جميعا، التحيات، المباركات، الناميات، الزاكيات..

محمود محمد طه

ـــــــــــ
المصدر: كتاب "رسائل ومقالات الكتاب الثاني"

Post: #10
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-23-2017, 12:09 PM
Parent: #8

...

Post: #11
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: MOHAMMED ELSHEIKH
Date: 02-23-2017, 01:04 PM
Parent: #10

Quote: ليس كمثله شيئ".


تأمل الآية جيدا


ليس كمثله شيء تعني : ليس مثل مثله شيء

ولو لم تكن كذلك لكانت "ليس مثله شيء" ولاداعي لوجود الكاف
وهناك احاديث قدسية تعضد المعني المقصود
مثل " ان الله خلق ادم على صورته"
و" ان الله خلق ادم على صورة الرحمن"

اذن ادم مثل الرحمن والتشابه لايعني التساوي فكما يقول الأستاذ محمود" الرحمن في ذاته قمة الأطلاق"
وادم في طرف القيد .او كما قال

وبعد ذلك تم الباقي

Post: #12
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: Yasir Elsharif
Date: 03-09-2017, 11:06 PM
Parent: #11

سلام للجميع
قال تعالى في سورة المائدة:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
صدق الله العظيم
وتابعنا قول الأستاذ التالي:
((في هذا الأمر لطيفة من رقائق ، ودقائق اللطائف العرفانية وتلك هي أن الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا .. ))
قرأت مقالا لكاتب مسيحي عنوانه "هل يعبد المسيحيون ثلاثة آلهة ؟" أريد أن أضعه في هذا البوست، ورابط المقال هو:




Quote: س: هل يعبد المسيحيون ثلاثة آلهة ؟
ج: هذا زعم باطل تماماً وليس فيه شئ من الصحة، فنحن المسيحيين نعبد إلهاً واحداً وكتابنا المقدس في عهديهِ يؤكد هذا. أنتخب من الكتاب بعض الآيات التي تؤكد هذه الحقيقة.

ففي العهد القديم نقرأ "أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهةٌ أخرى أمامي." وفي تثنية "اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا ربٌ واحد." وفي سفر الملوك الأول "ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر." وفي سفر اشعياء "أنا الأول وأنا الآخر ولا إلهَ غيري." وأيضاً "أنا الرب وليس آخر. لا إلهَ سواي. أنا الرب وليس آخر." وفي اشعياء أيضاً "أني أنا هو. قبلي لم يُصوَّر إلهٌ وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب وليس غيري مخلص."

وفي العهد الجديد نقرأ في إنجيل مرقس أنه حين سأل واحد من الكتبة الرب يسوع "أيَّة وصية هي أوَّل الكلِّ" أن يسوع أجابه "إن أوَّل كلّ الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الربُّ إلهنا ربٌّ واحدٌ." "فقال له الكاتب جيداً يا معلم. بالحق قلت لأنه الله واحدٌ وليس آخر سواهُ. فلما رآهُ يسوع أنهُ أجاب بعقلٍ قال له لستَ بعيداً عن ملكوت الله." وفي الرسالة الأولى إلى كورنثوس يقول "فمن جهة أكل ما ذُبح للأوثان نعلم أن ليس وثنٌ في العالم وأن ليس إلهٌ آخر إلاّ واحداً" وفي الرسالة إلى أفسس نقرأ القول "إلهٌ وآبٌ واحدٌ للكلّ الذي على الكلّ وبالكلّ وفي كلّكم." ويعقوب يكتب في رسالته "أنت تؤمن أن الله واحد. حسناً تفعل."

لكن هذه الوحدانية ليست وحدانية مُجرّدة مُطلقة، لكنها وحدانية جامعة، بمعنى أنه إله واحد، جوهر واحد، ذات واحدة، لاهوت واحد، لكنه أقانيم متحدون بغير امتزاج، ومتميزون بغير انفصال، وكلمة أقنوم هي كلمة سريانية تدل على التمَيّز بغير انفصال.

والأدلة كثيرة على أن وحدانية الله جامعة وليست مطلقة، فأسماء الله قد وردت في العهد القديم بصيغة الجمع أكثر من ثلاثة آلاف مرة. أول آية في الكتاب المقدس في سفر التكوين تقول "في البدءِ خلق (بصيغة المفرد) الله (ألوهيم بصيغة الجمع) السموات والأرض." "نعمل (بصيغة الجمع) الإنسان على صورتنا كشبهنا." (بصيغة الجمع) "هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منّا" "هلمَّ ننزل ونبلبل هناك لسانهم" وفي سفر اشعياء "ثم سمعت صوت السيد قائلاً مَن أُرسِل (بالمفرد) ومَن يذهب من أجلنا (بالجمع)." ولا يمكن أن نقول أن هذه صيغة تعظيم، فصيغة التعظيم لا وجود لها في اللغة العبرانية لكنها مُستحدثة في اللغة العربية، وحتى هذه الصيغة المُستحدثة لا تنطبق على قولهِ "هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منّا" وهذه الوحدانية الجامعة غير المُجرَّدة لازمة وضرورية لتفسير طبيعة الله قبل خلق هذه الخليقة، فنحن نعرف أنه بعد أن خلق الله الخليقة قد أحبّنا وصار يسمع صلواتنا ويتكلم إلينا في الأنبياء.

والسؤال هو تُرى ماذا كان يفعل الله قبل هذه الخليقة؟ هل كان يتكلم؟ هل كان يسمع؟ هل كان يُحب؟ لكن مع من وإلى من كان يسمع ومن كان يحب؟ هل كان قبل الخليقة صنماً لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب ثم صار بعد الخليقة إلهاً حياً، حاشا!

إن الله لا يتغير ولا يمكن أن يُضاف إليه شئ، فالله كان يحب ويتكلم ويسمع خلال أقانيمه الثلاثة.

لكن المشكلة هي كيف ندرك بعقولنا البشرية هذه الوحدة المتعددة الأقانيم، وأود أن أقول إن الإله الذي ندركه إدراكاً كاملاً بعقولنا ليس هو الإله الذي خلقنا، بل هو إله خلقناه نحن لأنفسنا لأن الله الحقيقي أكبر من عقولنا وهو فوق إدراكنا ولا يمكن أن ندركه إدراكاً كاملاً بعقولنا وإلاّ كان أصغر من عقولنا. الفيلسوف Louis CS الذي كان إلى فترة طويلة ملحداً ثم آمن بالمسيح، قال إن في هذا العالم ثلاثة أبعاد الطول والعرض والارتفاع، (وقد أضاف أينشتين بعداً رابعاً هو الزمن) هذه الأبعاد الثلاثة تحدد الحركة في ثلاثة اتجاهات رئيسية، حركة من اليمين إلى اليسار ومن الخلف إلى الأمام ومن فوق إلى أسفل، لكن لو أننا عشنا في عالم له بُعد واحد فإننا لا يمكن أن نتصور إلاّ خطوطاً متوازية لا يمكن أن تتحد لتكوِّن شكلاً واحداً، ولو قال لنا أحدهم إن هناك خطوطاً تتقابل معاً لتكون شكلاً واحداً لقلنا له إن هذا مستحيل واتهمناه بالهذيان، لكن حين يرتقي الإنسان إلى عالم له بُعدان يكتشف أن ما كان مستحيلاً أصبح حقيقة واقعة، فأربعة خطوط تتلاقى لتكوّن شكلاً واحداً هو المربع، ثم لو قلت لهذا الإنسان الذي يعيش في عالم له بُعدان أن ستة مربعات يمكن أن تتحد معاً لتكون شكلاً واحداً فإنه يظنك تهذي أيضاً، لكن إذا ارتقى لعالم كعالمنا له ثلاثة أبعاد فإنه يعرف بسهولة أن ستة مربعات تتحد لتكون شكلاً واحداً هو المُكعب، الحقيقة إذن أننا كلّما ارتقينا لوجدنا أنه ما كان مستحيلاً أصبح ممكناً وواقعاً ولا شك أن الله أعلى منّا بكثير جداً وما لا نستطيع أن ندركه بعقولنا لا يعني أنه ليس واقعاً حقيقياً عند الله.

والسؤال إذن هو كم عدد هؤلاء الأقانيم؟ ومن هم؟

في سفر اشعياء نسمع نداء السرافيم قدوس قدوس قدوس ثلاث مرات الآب قدوس في يوحنا الابن قدوس في سفر الرؤيا وإنجيل لوقا. والروح القدس قدوس في رسالتي أفسس وتسالونيكي الأولى، فكأن السرافيم كانوا ينادون الله الآب والابن والروح القدس. في سفر العدد نقرأ بركة هرون للشعب "يباركك الرب ويحرسك. يضئُ الربُّ بوجههِ عليك ويرحمك. يرفع الربُّ وجههُ عليك ويمنحك سلاماً. فيجعلون اسمي على بني اسرائيل وأنا أباركهم."وفي سفر اشعياء يقول على لسان المسيح "منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحُهُ"

وفي العهد الجديد في إنجيل متى في وقت معمودية المسيح سمعنا الله الآب يتكلم قائلاً "هذا هو ابني الحبيب الذي بهِ سُرِرت" ورأينا الروح القدس ينزل في هيئة حمامة على الابن ورأينا الابن يعمد. وعن المعمودية، يقول المسيح "عمدوهم باسم (بصيغة المفرد) الآب والابن والروح القدس." وفي رسالة كورنثوس الثانية نقرأ هذه البركة "نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبَّة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم. آمين"

ثلاثة أقانيم، لكل أقنوم اسمه الشخصي، الآب والابن والروح القدس وعمله الشخصي، وكل أقنوم هو يهوه.

هذا هو إلهنا الواحد القدوس المُحب الذي يبحث عنك ويريد أن يخلصّك. ليتك تأتي إليه الآن حالاً وتلتجئ إلى المسيح المصلوب وتحتمي في كَفَّارتهِ فتنال خلاصاً كاملاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توضيحات:
رسالة كورنثوس الأولى هي رسالة القديس بولس.
ــــــــ
قول الكاتب المسيحي التالي:
((لكن هذه الوحدانية ليست وحدانية مُجرّدة مُطلقة، لكنها وحدانية جامعة، بمعنى أنه إله واحد، جوهر واحد، ذات واحدة، لاهوت واحد، لكنه أقانيم متحدون بغير امتزاج، ومتميزون بغير انفصال)) يذكِّر بقول الشيخ النابلسي: "ولما كنت منه بغير فصل ولا وصل شهدت الكل مني". وبقوله الآخر الذي ذكره الأستاذ في كتبه: "إن تكن بالله قائم لم تكن بل أنت هو.. أنت ظل الغيب من أسمائه والشمس هو"
ــــــــــ
قول الكاتب المسيحي التالي:
((والسؤال هو تُرى ماذا كان يفعل الله قبل هذه الخليقة؟ هل كان يتكلم؟ هل كان يسمع؟ هل كان يُحب؟ لكن مع من وإلى من كان يسمع ومن كان يحب؟ هل كان قبل الخليقة صنماً لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب ثم صار بعد الخليقة إلهاً حياً، حاشا! ))
يذكِّر بهذه الفقرة من كتابة الأستاذ:
ولقد جاءت (لا إله إلا الله) بهذه الصياغة عل أتم صورة، فهي ، من طرف، نفي، (لا) وهي، من الطرف الآخر، إثبات، (إلا) .. وليس الحق في طرف النفي وحده، ولا هو في طرف الإثبات وحده، وإنما الحق برزخ بين ملتقى بحري النفي والإثبات .. قال تعالى: (مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ، لا يبغيان) .. والبرزخ ههنا هو كلمة (الله) فكأنه قال (لا إله، إلا إلها هو "الله") وإنما (الله) برزخ بين المطلق في إطلاقه، وبين جميع الخلائق .. وهذا يعني أن أول تنزلات المطلق إلى القيد كان تنزله إلى مرتبة الاسم، وهو (الله) .. ولولا أن أن المطلق تقيد في مراتب الإسم، والصفة، والفعل، ما عرف .. وهذا معنى قوله، تبارك، وتعالى: (كنت كنزا مخفيا، فأردت أن أعرف، فخلقت الخلق، فتعرفت إليهم، فبي عرفوني) (فبي) يعني بتنزلي من الإطلاق إلى القيد .. وأول مراتب القيد مرتبة الاسم، وأول الأسماء (الله) وهذه هي مرتبة (الذات المحمدية)، التي هي أول قابل للتجليات الإلهية .. ولذلك فكثيرا ما يقال وبحق: عن (فبي) أنها تعني (محمدا) فلكأنه قال (فبمحمد عرفوني) .. وفي لغة الأرقام مجموع حروف اسم (محمد) كمجموع حروف (فبي) .. كلاهما اثنان وتسعون، كما هو معروف .. ومقام (الذات المحمدية) هو مقام الإنسان الكامل .. ويجب أن يكون معروفا فإن أسماء الله الحسنى هي في حق الإنسان الكامل في المكان الأول، وهي لا تكون في حق الذات الصرفة، المطلقة، إلا عند التناهي، عندما تعجز العبارة، وتكاد تنقطع الإشارة، ذلك بأن الذات المطلقة فوق الاسم، وفوق الصفة، وأعظم أسماء المطلق الإنسان الكامل، وأعظم صفات المطلق الإنسان الكامل – إسم الله الأعظم هو الإنسان الكامل – ومقامه مقام (ما زاغ البصر وما طغى).
وهناك حقيقة يجب تقريرها، وتلك هي أن التوحيد صفة الموحد (بكسر الحاء)، وليس صفة الموحد (بفتح الحاء) .. فإن الموحد غني عن توحيد الموحدين، بعد أن وحد نفسه: (شهد الله أنه لا إله إلا هو) فإذا استيقنا هذه الحقيقة فقد وجب علينا السير في تحقيق التوحيد في بنيتنا، وذلك بإتقان العبادة حتى تفضي بنا إلى العبودية .. والعبادة المفضية إلى العبودية ليست قياما في المحاريب فقط، وإنما هي، إلى ذلك، حسن معاملة للناس في الطرقات، والأسواق، وفي كل منزلة تنزلها، أو مقام تقومه ..

ـــــــــ
كلام الكاتب المسيحي التالي:
((لكن المشكلة هي كيف ندرك بعقولنا البشرية هذه الوحدة المتعددة الأقانيم، وأود أن أقول إن الإله الذي ندركه إدراكاً كاملاً بعقولنا ليس هو الإله الذي خلقنا، بل هو إله خلقناه نحن لأنفسنا لأن الله الحقيقي أكبر من عقولنا وهو فوق إدراكنا ولا يمكن أن ندركه إدراكاً كاملاً بعقولنا وإلاّ كان أصغر من عقولنا.))

يقابله قول الأستاذ:
وأخلاق الله هي القرآن .. وهذا هو معنى قولنا (أن القرآن هو كلام الله) .. هذا مجمل الأمر .. ولكن أخلاق الله، لكي تفهم، ولكي تقلد، لا بد في أمرها من التفصيل، وكذلك كان التفصيل في القرآن .. فالله في ذاته الساذج لا يعرف، ولا يسمى، ولا يوصف، ولكنه بمحض فضله تنزل من صرافة ذاته، إلى منازل أسمائه، وصفاته، وأفعاله .. ثم أنزل القرآن ليحكي هذه التنزلات، لكي يعرفه عباده، فيسيروا إلى عتبة ذاته ..
ـــــــــــــــــــ
كلام الكاتب المسيحي التالي:
((الفيلسوف Louis CS الذي كان إلى فترة طويلة ملحداً ثم آمن بالمسيح، قال إن في هذا العالم ثلاثة أبعاد الطول والعرض والارتفاع، (وقد أضاف أينشتين بعداً رابعاً هو الزمن) هذه الأبعاد الثلاثة تحدد الحركة في ثلاثة اتجاهات رئيسية، حركة من اليمين إلى اليسار ومن الخلف إلى الأمام ومن فوق إلى أسفل، لكن لو أننا عشنا في عالم له بُعد واحد فإننا لا يمكن أن نتصور إلاّ خطوطاً متوازية لا يمكن أن تتحد لتكوِّن شكلاً واحداً، ولو قال لنا أحدهم إن هناك خطوطاً تتقابل معاً لتكون شكلاً واحداً لقلنا له إن هذا مستحيل واتهمناه بالهذيان، لكن حين يرتقي الإنسان إلى عالم له بُعدان يكتشف أن ما كان مستحيلاً أصبح حقيقة واقعة، فأربعة خطوط تتلاقى لتكوّن شكلاً واحداً هو المربع، ثم لو قلت لهذا الإنسان الذي يعيش في عالم له بُعدان أن ستة مربعات يمكن أن تتحد معاً لتكون شكلاً واحداً فإنه يظنك تهذي أيضاً، لكن إذا ارتقى لعالم كعالمنا له ثلاثة أبعاد فإنه يعرف بسهولة أن ستة مربعات تتحد لتكون شكلاً واحداً هو المُكعب، الحقيقة إذن أننا كلّما ارتقينا لوجدنا أنه ما كان مستحيلاً أصبح ممكناً وواقعاً ولا شك أن الله أعلى منّا بكثير جداً وما لا نستطيع أن ندركه بعقولنا لا يعني أنه ليس واقعاً حقيقياً عند الله. ))

يذكِّر بإجابة الأستاذ للسائل الذي سأل عن الجنة والنار هل هما في البعد الرابع:

والجنة والنار، ليستا البعد الرابع، لأنهما مكان، ولا يتسع المقام هنا للحديث عن البعد الرابع، ويكفي أن نقول أنه ليس الزمن، وإنما هو الله.
ـــــــــــــــ
كلام الكاتب المسيحي التالي:
((والسؤال إذن هو كم عدد هؤلاء الأقانيم؟ ومن هم؟

في سفر اشعياء نسمع نداء السرافيم قدوس قدوس قدوس ثلاث مرات الآب قدوس في يوحنا الابن قدوس في سفر الرؤيا وإنجيل لوقا. والروح القدس قدوس في رسالتي أفسس وتسالونيكي الأولى، فكأن السرافيم كانوا ينادون الله الآب والابن والروح القدس.))

يذكِّر بقول الأستاذ في كتاب "طريق محمد" عن التسبيح في صلاة الثلث الأخير من الليل المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((وبعد الوتر كان يقول: سبوح قدوس.. يرددها مرتين وفي الثالثة يرفع بها صوته، ويزيد: رب الملائكة والروح..))
ــــــــــــــــــــــ

كلام الكاتب المسيحي التالي:
((هذا هو إلهنا الواحد القدوس المُحب الذي يبحث عنك ويريد أن يخلصّك. ليتك تأتي إليه الآن حالاً وتلتجئ إلى المسيح المصلوب وتحتمي في كَفَّارتهِ فتنال خلاصاً كاملاً.))

يذكِّر بما جاء عندنا في كتاب "عودة المسيح":


البشارة بمجيء المسيح في الإنجيل
والإنجيل يفيض بالبشارات بمجيء المسيح الأخير.. حتى لا يكاد المسيح الأول يبشر بأمر غير هذا المجيء العظيم.. وصلاة المسيحيين الأساسية كما علمها إياهم المسيح، إنما هي دعاء من أجل هذا المجيء.. وفيها: (أبانا الذي في السموات: ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض) انتهى.. فإن مجيء ملكوت الرب إنما هو تمام الخلافة البشرية على الأرض، كما أن تطابق المشيئة الإلهية في السماء مع المشيئة الإلهية في الأرض إنما يعني دخول البشر في الأرض كافة في دين واحد يمثل المشيئة الإلهية الواحدة، كما يدخل أهل السماء في هذه المشيئة أو الدين..
وفي الإشارة إلى وراثة البشر في الأرض لملكوت السماء- وهي التخلق بالصفات الإلهية- جاء قول الإنجيل (متى الإصحاح الخامس والعشرون) هكذا: (ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة والقديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم) انتهى.. وعن مجيء المسيح المنتظر بعيد حالة الحيرة والاضطراب التي تسود العالم، والتي إنما نجد علاماتها في عالم اليوم، يقول الإنجيل: (لوقا الإصحاح الحادي والعشرون): (وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم.. وعلى الأرض كرب أمم بحيرة.. البحر والأمواج تضج، والناس تخشى من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لأن قوات السموات تتزعزع. وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا في سحابة بقوة ومجد كبير..) انتهى..
[/size]

Post: #13
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: محمد الزبير محمود
Date: 03-12-2017, 10:47 AM
Parent: #12

Quote: وتلك هي أن الذين قالوا إن المسيح إبن مريم هو الله ، ما كفروا

يعني ممكن اقول انا الله ولا اكفر ؟؟
واقول الله هو انا فأكفر ؟؟
ياسر لا اعتقد ان ما ذهبت اليه صحيح ، الله تعالى بائن من خلقه ، المسيح مخلوق يفنى ويموت وكذا كل البشر بل كل المخلوقات ، فكيف يكون المسيح هو الله ثم يموت ؟؟
هل يمكن ان نقول ان المسيح بن مريم هو الله ، وحسب فهم الأستاذ فإن المسيح قد قتل ، فهل يمكننا القول بأن اليهود قتلوا الله ؟؟
المقصود من الآية تنزيه الله تعالى من ان يشابه البشر ناهيك من ان يكون البشر هم الله !!!
تحياتي

Post: #14
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: Yasir Elsharif
Date: 03-12-2017, 11:29 AM
Parent: #13

وعليك السلام يا محمد الزبير

ليس لدي رغبة في النقاش معك..


Post: #15
Title: Re: ما معنى قول الأستاذ محمود: الذين قالوا إن �
Author: البرنس ود عطبرة
Date: 03-12-2017, 12:32 PM
Parent: #1

سلامات الحضور في البوست
اولا : قال الله تعالى في محكم تنزيله في سورة التوبة (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) جملة (ان الله هو يقبل التوبة) والتوبة يقبلها الله تعالى فقط سيان ؛ وقول الله تعالى (ان الله هو التواب الرحيم) التواب الريحم هو الله فقط سيان نستفيد منها (ان هكذا هو كذا) الخصوصية فهكذا تخص كذا وكذا تخص هكذا فلا احد يستطيع ان يقول غير (ان التواب الرحيم هو الله) او (ان الله هو التواب الرحيم) فنفس المعنى كذلك قوله تعالى في سورة القصص (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) وقوله تعالى في سورة يس (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) وسبحان الله نفس الايتان تحملان الرقم (20) في الاولي قال الله تعالى (جاء رجل من اقصى المدينة يسعى) وفي الثاني قال الله تعالى (وجاء من اقصي المدينة رجل يسعى) ؛ اي في الاولى قدم (رجل) وفي الثانية اخر(رجل) المفهوم واحد ولكن التغيير يفيد الله تعالى به ان (الشخصان مختلفان) فلو كانت الجملة واحده لكان من المفروض ان يكونا لاسم رجل واحد فالتغيير تبيه من الله عز وجل بان الرجان مختلفين وهما في عصرين مختلفين ولكن المفهوم واحد (جاء رجل من اقصى المدينة يسعى) . هنا المفهوم واحد (إن الله هو المسيح إبن مريم) او (إن المسيح عيسى بن مريم هو الله) والمسيح شخص واحد .

ثانيا : قال الله تعالى في سورة التوبة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) هنا تقديم عكس الاية التي اوردتها وهي (لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح إبن مريم) فقدم (عزير ابن الله) و (المسيح ابن الله) ووصفهم بالكفر ؛ الامر سيان في المفهوم وهو الكفر سواء في التقديم او التاخير اللغوي ؛ والله اعلم