البروفسور عبدالماجد بوب متواضع، سهل التعامل، مستمع جيد، قليل الكلام، خفيض الصوت، دائم البسمة، في عينية اعتبار للآخر مع حنية ومودة وتعاطف وصدق... عرفته هنا في كاليفورنيا، وعرفته محبا للأستاذ محمود وللجمهوريين.. كان يشاركنا ويأتي من بيته على بعد ساعتين ونصف بالسيارة لكل مناسباتنا في الاحتفال بذكرى الأستاذ محمود ودائما يشاركنا كمتحدث في الندوات.. وجاء أيضا في يوم السودان بمونتري كاليفورنيا..
ولعل الجميع يعرفون أنه قد أهدى كتابه الذي يحبه ويفخر به "جنوب الســــودان جدل الوحدة والانفصال" والذي ألقى عنه العديد من المحاضرات ... الجميع يعرفون أنه جعل إهداءه للأستاذ محمود وجوزيف قرنق وجون قرنق..
في إحدى مشاركاته معنا في مرة أهداني وثيقة عزيزة عليه كان يحتفظ بها في مكتبته الخاصة وهي الصحيفة التي ورد فيها خبر تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود وأيضا نسخة الجريدة التي جاء فيها خبر الاستتابة للأربعة أخوان الذين حوكموا مع الأستاذ... وكنت أعرف معزة تلك الوثيقة عنده بدليل احتفاظه بها كل هذه السنين وسفره وتنقله بها عبر البلاد... أصر أن يهديني هذه الهدية القيمة، والتي أحتفظ بها ككنز ثمين...
آخر مرة التقيته فيها كان قبل حوالي خمسة شهور أو نحوها في في مناسبة عزاء انتقال والدة الأخ عصام شكور بمدينة سان هوزي، وفوجئت بمفعول المرض عليه، أي عبدالماجد بوب، حيث كان هزيلا ونحيفا وعليه الإعياء.. ورغما عن ذلك كعادته لا يتوانى في مواصلة الناس ومؤازرتهم والاهتمام بحالهم...
وحينها سألني عن كتاب عبدالله البشير عن "صاحب الفهم الجديد للإسلام، محمود محمد طه والمثقفون" وسألني كيف يحصل على الكتاب... فما كان مني إلا أن التزمت له، وطلبه "على العين والرأس" بأن يصله الكتاب من مؤلفه شخصيا... وفعلا اتصلت بعبدالله البشير ورجوته أن يرسل نسخة من الكتاب... وأذكر كانت لعلها نسخة أخيرة عند عبدالله ولكن كان ينتظر المزيد وكتب له إهداءا شخصيا وكان عبدالله في غاية السرور بهذا الطلب وذكر لي أنه اكتشف أنه قد ذكر اسم عبدالماجد بوب في موضعين من الكتاب.. وفعلا أرسله لي عبدالله وأرسلته له وكان مسرورا جدا بالكتاب وطلب رقم وايميل عبدالله لييتحدث معه ويشكره... والتي لم تحدث في حياتنا الدنيا هذه، ولكن عبدالله البشير في غاية السرور أن قد وصله الكتاب...
أيضا أرسلت له نسخة من كتابي "النظرية الروحية للبيئة والتنميه: مأخوذة عن فهم مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه"... وأذكر حين اتصلت به كان يسوق سيارته وهذا كان قبل حوالي ثلاثة أو أربع اسابيع وكان معه الأخ العزيز هاشم محمد صالح.. تحدثت معهما وضحكنا ووعدت هاشم أن أرسل له ايضا نسخة من الكتاب...
ثم سمعت بالوفاة... وبينما أنا مشغول عن كيف أشارك في التشييع والدفن وصلتني رسالة مفاجئة حوالي الساعة الثانية ظهرا بعنوان المقبرة وأن الدفن سيكون في الثالثة.. والطريق يأخذ حوال الساعتين ونصف وأنا لم أذهب إلى ذلك المكان قبلا ولا أعرفه.. وتوكلت على الله ولبست سريعا وخرجت للطريق وليس عندي جي بي إس ولم يعمل تلفوني واعتمدت فقط على ارشادات الطريق بالإنترنت...
وبتوفيق ممدود وصلت المقابر في وقت مناسب وأول من استقبلني كان هاشم محمد صالح وتعانقنا وبكينا.. ثم حضرت كلمة الأخ د. عبدالرحيم عبدالحليم ولم أكن أتمالك دموعي كانت متواصلة وكنت مشحونا ... وبالمناسبة في تصوير التشييع كنت ذلك الشخص الذي يلبس القميص الأبيض واقفا بجوار عبدالرحيم عبدالحليم وهو يلقي كلمته..
وبعدها جلست بمفردي بجاني ضريحه وتحدثت معه ما شاء لي الحديث... ثم مباشرة ركبت سيارتي وقفلت راجعا..
رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما قدم للسودان وللسودانيين وأكثر.. وقبله أحسن القبول في الصالحين الطيبين الصادقين الخيرين.. فهو والله من أطيب من عرفت، ومن أنبل وأشرف السودانيين، وهو المفكر والكاتب والأكاديمي والمهتم بأحوال المساكين وبأحوال الكادحين في السودان.. والمهتم اهتماما خاصا بشأن جنوب السودان والموجوع على الانفصال الذي شاء الله أن يتم... إن كان لي أن أشهد على عبدالماجد بوب حسب معررفتي به فشهادتي له أنه من أولياء الله الصالحين...
أحسن الله عزاء أسرته وأهله وأصدقاءه .. وأحسن الله عزاء السودان في انتقال عظيم من عظمائه...
أحسن الله عزاءك وعزاء الجميع يا مصطفى. عرفتك في المقطع من الوهلة الأولى وازددت تأثراً على تأثر بسبب تأثرك الشديد. رحم الله الدكتور عبد الماجد وأحسن إليه مثلما أحسن به في وجه هذه الفانية.
أحسن الله عزاءكم أخي مصطفى الجيلي وجعل بركته فينا جميعا
Post: #9 Title: Re: بكيت، وفجعت في، أخي وصديقي بروف عبدالماجد Author: عبدالله عثمان Date: 02-15-2017, 06:16 AM Parent: #8
كتابة مؤثرة شديد يا الجيلي وصادرة من قلب حي مفعم بالحزن لرجل يستحق لتقيته لأول مرة في أحتفالكم في مونتري بالذكرى السنوية للأستاذ محمود محمد طه رجل لا تملك الا أن تحبه في عالي الجنان بأذن الله ممتنون يا جيلي يا
إنما هي عبارة صغيرة في حق هذا الرجل العظيم.. والفقد هو فقد السودان والسودانيين ...
شكرا الحبيب حيدر على العبارات المليئة.. وشكرا دكتور ياسر ومقطع القرآن عجيب، و مقطع التشييع يكمل الكلام.. وشكرا الأخ العزيز أحمد حمودي وشكرا أمير بوب، هل أنت هنا بأمريكا، بالمناسبة، بعبارة أخرى هل كنت في التشييع؟؟ وشكرا أخي العزيز عماد خليفة، والحمد لله اتشاوفنا ذلك اليوم.. وشكرا الدكتور العزيز الحبيب أحمد أمين.. وشكرا عبدالله عثمان فدخولك يكمل المشهد...
وشكر خاص للأخ الأستاذ بكري أبوبكر على تخصيص هذه المساحة للتعبير عن هذا الفقد للسودان والسودانيين.. وللأسف عرفت فقط متأخرا أن الأستاذ بكري أبوبكر قاء جاء شخصيا وحضر التشييع .. ولو قد عرفت هذا في وقته لسعيت إلى لقائه ولحرصت على لقائه ولكن لم أعرف هذه المعلومة إلا متأخرا... فأحسن الله عزاء الأستاذ بكري أبوبكر وعزاء سودانيزأونلاين إدارة ومجتمعا ....
سلام اخونا مصطفي الجيلي خالص التحايا و التقدير بكل أسف انا لست متواجداً بأميركا و لم احضر مراسم التشييع... .. دكتور ماجد بوب هو عمي شقيق والدي الأصغر ... و قد كان حادينا و دليلنا في كل ملمات الحياة و الأب الروحي لكل أفراد العائلة. الف رحمة و نور عليه ، و أحسن الله عزاءك و التعزية عبرك موصولة لكل أصدقاءه و تلاميذه و محبيه .. الدوام لله و انا لله وانا اليه راجعون