قصة: حكاوي النظرات المبهرة........................... (14)

قصة: حكاوي النظرات المبهرة........................... (14)


01-26-2017, 01:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1485432960&rn=2


Post: #1
Title: قصة: حكاوي النظرات المبهرة........................... (14)
Author: حمد إبراهيم محمد
Date: 01-26-2017, 01:16 PM
Parent: #0

12:16 PM January, 26 2017

سودانيز اون لاين
حمد إبراهيم محمد-جدة- المملكة العربية السعودية
مكتبتى
رابط مختصر


قصة: حكاوي النظرات المبهرة.
******
الشيخة جارة التجانية تبدأ صباحها بترديد ورد صلاة الفاتح لما أغلق، "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، الفاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ والخاتِمِ لِمَا سَبَقَ، نَاصِرِ الحَقِّ بَالحَقَّ والهَادِي إلى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ،
وعَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ ومِقْدَارِهِ العَظِيمِ"،
تهدهد طفلها الرضيع أحمدو وتدعو له بالصلاح صباحا ومساء، تراء لها وجه شيخها الرجل الصالح الشيخ محمد ولد أحمد، وحرمه ماريا، تخطف رجلها زائرة مؤملة بركة شيخها،
تتقرب من ماريا متوسلة، الله يرضي عليك اخذيه للشيخ ليدعو له بالخير والتبريك، الطفل يستجم في حجر ماريا، أنسابت نظراته ملحاحة كماسح ضوئي على وجهها الندي،
أستقرت متوسدة مقلتي غزالة أنعشها رذاذ غشقة مطر وسط حقول بكر، كشعاع ليزر تعانقت نظراتهما المتناجية، الرعشة تسري في قوامها الغض المتناسق، أشرع خافقها بيارق الألحان المدهشة،
حملت ماريا، الرضيع وأعادته إلى والدته الشيخة جارة قبل أن يرتشف إكسير الرضى والصلاح من الشيخ، هي ثقافة وإرث جمعي يتكئ على ذاكرة الأيام والأزمان.
-الشيخ وجعان يا جارة.
- كررت الرجاء والتوسل.
- نظراته المبهرة تلقح صبي عيني تأخذني إلى حلم الصبايا.
- إنه رضيع يا ماريا.
- هو إحساس يهمس أفقه البعيد.
احتضنت جارة رضيعها مشوشة الذهن مكسورة الخاطر يرن في أذنها حديث ماريا، طاف بخاطرها حكاوي النظرات المبهرة التي ليس منها فكاك، لكنها تمتمت مغالبة ظنها، ايه ايييييه،
الرجل الصالح تزوجها كعادة أهلنا صغيرة السن، لا ادري لما ارجعته، إنه رضيع رضيع رضيع يا ماريا.
فرقت الأيام وتطاولت بين المرأتين بعد وفاة الرجل الصالح، وإرتحال ماريا إلى ديار خير وتعبد، أحمدو هكذا أسمته والدته الشيخة جارة صار رجلا يتباهى بقامته الفارعة في مجتمعه،
يعتني بإبله في البادية، تتربص به نظرات الصبايا إينما حل.
- نفسي أفرح بيك، فرحني يا أحمدو.
- الله هو المدبر.
من رأءها في هذا الوقت لم يكف عن وصف محاسنها، مياسة عودها، ونضارة طلعتها واشعاع مقلتيها وبريق فاطرها، وإنسياب همسها وطلاوته كما نسائم دعاش تتهادى حبلى تزف
الزعفران والصندل والشاف والقرنفل والمحلب والضفرة وعشب الخزامى، حزمة من عطور الطبيعة، هي ماريا الشنقيطية أمس واليوم وغدا، تتوالى محاسنها، تزداد دلالا ونضارة؛
كأن أكسير الحياة استودعها اسرار مكنونه.
عشيت الأمطار عن أرضهم، كشرت شقاق الارض انيابها المتخشبة، تتابع تخلخل الوديان موسم إثر موسم، أرتحلت الفئران ودواب الأرض بلا هدى، فقد أحمدو النوق،
حبه لوالدته ومآل الحال يزيد من رهقه، الهجرة طيف حلم يتوسد الجهات الست.
- عافية منك يا وليدي مكان ما تولي.
- حجكي للبيت العتيق عهد قطعته.
في دار الخير، راجع أحمدو المصحف وشيخ المسجد، انبثق ضؤ الفجر مبشرا وسنابل حبلى تلوح، توكأ أحمدو على ذراع أخضر، عرق يتتالى ورزق يصدق،
فجأة في ساحة المسجد العتيق حاصرته تلك النظرات المبهرة المدهشة، كما أرجعت السيدة ماريا إلى أيام خلت، تدبو هاتفة.
- إبن الشيخة جارة.
- نعم نتذكرك صباحات يومنا وعشيات ليلنا، وصورتك الوضيئة تنير قناديل ظلامات القرية.
لم تمضي كثيرا من الأيام حتى تعانقت الشيخة جارة وماريا، في حضرة المأذون وأهل الخير.
يقول الرواة أنهم عادوا إلى باديتهم في أرض شنقيط بعد طول غياب، تزفهم زخات مطر وسنابل ذرة ندية. أضحى الحداءؤون في الوديان خلف إبلهم يتداولون الحكاية،
تزوجت ماريا رضيعا وأنجبت رضيعا، يتكئون على ثراء تراثهم وحجية النظرات المبهرة, منهم من يعلمها وكذا من يجهلها.
(حمد إبراهيم دفع الله)

*******

Post: #2
Title: Re: قصة: حكاوي النظرات المبهرة..........................
Author: حمد إبراهيم محمد
Date: 01-26-2017, 01:16 PM
Parent: #1


.