السودان ومصر.. أزمة اقتصادية جذورها سياسية! ... محجوب محمد صالح

السودان ومصر.. أزمة اقتصادية جذورها سياسية! ... محجوب محمد صالح


11-13-2016, 01:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1479038556&rn=0


Post: #1
Title: السودان ومصر.. أزمة اقتصادية جذورها سياسية! ... محجوب محمد صالح
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-13-2016, 01:02 PM

12:02 PM November, 13 2016

سودانيز اون لاين
Yasir Elsharif-Germany
مكتبتى
رابط مختصر

السودان ومصر.. أزمة اقتصادية جذورها سياسية!



11-13-2016 08:06 AM
محجوب محمد صالح

لم يكن من قبيل الصدفة أن أعلنت الحكومتان المصرية والسودانية في وقت واحد تخفيض عملتهما الوطنية في مواجهة العملات الأجنبية؛ فقد كان البلدان يعانيان من أزمة اقتصادية حادة وإن تنوعت الأسباب وكلاهما كان يواجه ضغطاً من صندوق النقد الدولي لإدخال إصلاحات هيكلية في اقتصاده حجر الزاوية فيها هو تخفيض العملة الوطنية وتحرير سعرها وترك أمر تحديد قيمة العملة لعوامل العرض والطلب وهي وصفة مجربة ما قادت في أي بلد طبقت فيه إلا لمزيد من المآسي التي تلحق بالفقراء وتقضي على الطبقة الوسطى وتزيد الفوارق الطبقية حدة، وتجعل الحياة مستحيلة في أقطار العالم الثالث وتقود بالضرورة للهجرات التي ما فتئ العالم الأول يشكو منها!
وجه الشبه بين الأزمتين المصرية والسودانية أن كلاهما يعبر عن أزمة سياسية خانقة لها تجلياتها الاقتصادية – صحيح أن السبب المباشر في أزمة السودان هو انفصال الجنوب وفقدان السودان لعائدات نفطه، ولكن انفصال الجنوب نفسه تعبير عن خلل سياسي واستمرار الحروب الأهلية مظهر من مظاهر الأزمة السياسية والحكم الشمولي مظهر من مظاهر الخلل السياسي؛ ولذلك لن تنجح أي معالجات اقتصادية بحتة لا تأخذ الأساس السياسي في اعتبارها – فهي أزمة اقتصادية ذات جذور سياسية والاقتصاد يدار على أساس أنه اقتصاد حرب وللحرب فيه أسبقية في الصرف - لقد تماشى السودان كثيرا مع صندوق النقد الدولي وقبل الكثير من نصائحه ووفق الكثير من أوضاعه حتى نجح في تحقيق كل المطلوبات الفنية التي تؤهله للاستفادة من مبادرات إعفاء الديون ولكنه لم يحصل على أي إعفاء لأنه لم يكن مستعداً لكي يدفع الثمن السياسي ولذلك ظلت الأزمة تراوح مكانها.
وبدلاً من أن يتخذ النظام السوداني القرارات الصعبة التي تحدث تحولاً سياسياً حقيقياً من شأنه أن ينقذ الوطن من وهدته يواصل النظام المناورة والحلول الجزئية والمعالجات الشكلية التي يدفع ثمنها المواطنون بمزيد من المعاناة، وستفشل في نهاية المطاف في معالجة جذور الأزمة لأنها تتجاهل الجانب السياسي وتنضم إلى قائمة طويلة من المبادرات الفاشلة التي قصرت عن أن تطال الأسباب الجذرية واكتفت بمعالجة بعض الظواهر، والمعالجات الأخيرة التي تعترف الحكومة نفسها بأنها قاسية ومؤلمة هي معالجات لا تتوفر لها فرصة النجاح ولا تتهيأ لها مقومات النجاح حتى الشكلية منها، فالكل يعترف بأن مثل هذا التحرير الكاسح في قيمة العملة وتعويمها –كلياً أو جزئياً– هو مشروع يحتاج أول ما يحتاج لـ (وسادة) يتكئ عليها في بداياته لتدعم قدرة العملة الوطنية على الصمود وذلك بحصول الحكومة على قرض مالي كبير يمكنها من ضخ العملات الأجنبية في المصارف العاملة حتى تلبي كل طلبات المستوردين، وقد أدركت مصر أهمية هذا العون المؤقت وأصرت على الحصول عليه من صندوق النقد الدولي وحصلت على موافقته قبل أن تعلن عن التخفيض فهي على الأقل قد تحسبت لتحديات المرحلة المقبلة وضمنت الدعم المالي للمشروع – أما السودان فقد أعلن مشروعه وهو مثقل بالديون المتعثرة وبالمقاطعة الأميركية وبضعف الإنتاجية وبالتالي ضعف قدرة منتجاته على المنافسة والقيود على تحويل الأرصدة عبر النظام المصرفي العالمي– ولذلك دخل مرحلة تنفيذ السياسة الجديدة دون دعم مادي من الأصدقاء أو منظمات التمويل العالمية، وهذا يعني أن يتحمل العبء بكامله المواطن الفقير المنهك التي ستصل معاناته درجة من الصعوبة غير مسبوقة. قبل تطبيق السياسات الجديدة وصلت نسبة العطالة خاصة وسط الشباب ذروتها ووصلت محاولات الهجرة الشرعية وغير الشرعية أرقاماً فلكية وبعد أن تظهر نتائج تطبيق السياسات الجديدة ستصبح الحياة مستحيلة بالنسبة للمواطن ولا يستطيع أحد أن يتكهن بمسارات الأمور بعد ذلك!!;

العرب