قبسات من ثقافات الفولان هارم " هارو هارو " الاحتفاء بعاشوراء ... بقلم سالم العالم

08:19 PM October, 11 2016

سودانيز اون لاين
احمد حامد صالح- بماكو مالى
مكتبتى
رابط مختصر

الفولان في اريافهم يحتفلون بيوم عاشوراء بطريقتهم الخاصة ، وبالرغم من انها سنة نبوية ، الا انهم يضفون عليها جوا احتفائيا له بعده الثقافي في حياتهم الاجتماعية ...

كلمة (هارم ) هي تحريف وتعجيم للكلمة العربية (محرم ) وهو شهر محرم ، ويعتبر عندهم رمز ليوم عاشوراء والذي يوافق العاشر من محرم ... فمن يقول لك ( هاندي هارم ) فهذا يعني ان اليوم يوم عاشوراء ....

اما كلمة (هارو هارو ) فمعناها بالعربية (الشبع) ، وربما تم التكرار للتأكيد ( الشبع الشبع ) ... وهي دلالة علي التوسع في الأكل في هذا اليوم ، وقد روي حديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم انه قال : ( من وسع علي اهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر عامه ) ، وقد قال بعض العلماء بضعيف هذا الحديث ، وآخرون يرون صحته ...

وبالرغم من قول البعض بضعف الحديث الا ان اهلنا لا يبالون بهذا القول و يقومون بالتوسعة علي اسرهم وعيالهم في هذا اليوم ، ويجعلون هذه التوسعة مظهرا من مظاهر كثيرة ترتبط باحتفاءهم به ....
وهذه التوسعة غالبا ما تكون وجبة اضافية وغالبا تكون بالليل او بعد مغيب الشمس وتتكون اما من لحم الجداد بالارز ، او لحم الضأن بالارز ايضا ... وبعض الاسر تقوم بتربية هذا الجداد وتسمينه الي ان يحين يوم (هارو هارو )
والكثيرين يشترونه من السوق ، ويجتمع الاطفال علي وجبة العشاء هذه في جو احتفائي مفعم بالسعادة والحبور ...

وتحديد يوم ل (هاروا هاروا ) او الشبع ربما قد وافق هوى والتقاءا في ثقافتهم وارثهم ... لأن ثقافتهم تحض علي عدم الشبع عند الأكل ، فإن كنت فولانيا اصيلا (اصيلا اعني بها ان ثقافتك لم تتجاوز بيئتك أي لم تختلط بثقافة الآخرين ) فان كنت كذلك من العيب بل من العار ان تأكل بنهم او ان تأكل حتي تشبع ، فيكفيك ان تأكل لقيمات قليلة وترفع يدك قبل الشبع ... والفولان لديهم ثقافات و قيم متوارثة منذ ما قبل الميلاد ، وهي تتطابق مع الكثير مما جاء به الاسلام في السنة النبوية و ( سنفرد لها مقالا منفصلا ) ...

الاحتفال ب (هارم ) او عاشوراء له وقع خاص عند الاطفال لارتباطه بصلة الرحم والزيارات التي يقوم بها الاطفال والشباب لابناء خيلانهم و عماتهم ، و يعملون علي (هبوكي) لأبناء العمة ، وهبوكي معناها الحرفي بالعربية هو (الربط ) ولم اعرف لها معنا لفظيا في اللغة العربية ، ربما لجهلي ، او ربما لعدم وجودها في الثقافة العربية ... ومعناها اللفظي ( هو الخدعة والاستدلال علي اختيار الشخص المربوط لدفع فدية من المال لاطلاق سراحه ، نتيجة لوقوعه ضحية لخدعة الرابط ) ....

و الهبوكي او الربط يتم بطريقة رمزية وهي وضع حجر صغير في (كورة بغطاء ) بها بعض الماء ، واحيانا وضع جريدة نخيل او جريدة سعف مربوطة بصورة معينة ووضعها في (كورة بها ماء ) علي ان تكون الكورة مغطية ، وذلك لانجاح الخدعة وزيادة التمويه .... ويقوم ابناء او بنات العمة (المربوطين ) ، الذين تم ربطهم من قبل ابناء الخيلان او الخالات ، يقومون بسداد بعض المال كفدية لاطلاق سراحهم ... ويمكن لعدة اطفال ان يقوموا ب (هبوكي ) او ربط شخص واحد ما دام هو ابن عمتهم جميعا ..... وهذا السيناريو غالبا ما يتم ما بعد صلاة العصر ويستمر حتي مغيب الشمس .... والفدية في ايام طفولتنا لم تتجاوز الريال والشلن ...( وهي خمسة قروش او عشرة قروش) ، ولا ادري كم بلغت اليوم ، ربما اصبح الصغار يطالبون دفعها بالدولار نسبة للتضخم وهبوط سعر الجنيه

وبعد المغرب مباشرة يتحرك الجميع ل ( لوتردي) او الاستحمام في النيل ... وهناك اعتقاد في اوساطهم بأن مياه النيل ترتبط في هذه الليلة مباشرة بمياه الكوثر او انها تتحول الي ماء زمزم فيغتسل الاطفال والصبيان ويشربون من النيل حد الارتواء ، ويحملون معهم الي البيوت لكبار السن الذين لا يستطيعون الذهاب الي النيل ، وخاصة النساء لاعتقادهن ان مياه النيل في هذه الليلة تعالج الكثير من الامراض المستعصية ، ويحتفظ بها البعض فترة طويلة كاحتفاظه بماء زمزم ....
بعد الاستحمام يرجع الجميع الي المنازل لتناول وجبة العشاء الدسمة والتي تم تجهيزها مسبقا ، ودسامتها تكون فوق العادة كما اسلفنا ، ويتم ذلك في جو من السعادة ، ويعقبه السمر في مجموعات ، كل مجموعة تشمل شريحة عمرية محددة ، والسمر لا يحلو الا ب (تالي فولبي ) معناها الحكاوي والقصص التلقينية بلغة الفلفلدي ، بعدها يخلد الجميع الي النوم بعد يوم سعيد تخلله الكثير من البرامج ...

والاغتسال عند الفولان في ذلك اليوم في بعض الدول يبدأ من الصباح الباكر ويكون لهم ولأبقارهم وحيواناتهم ايضا ... وهذه العادة متوارثة جيلا بعد جيل منذ ما قبل الاسلام ، مما يعضد دلائل بعض المؤرخين الذين يقولون ان اصل الفولان يرجع الي سبط اليهود الضائع في افريقيا ... وذلك لاحتفال اليهود بهذا اليوم ايضا بصورة اقرب لطريقة احتفال الفولان به ...

اليوم يوم (هارم )، ادعوا اهلنا الفولان لممارسة ثقافتهم بالتوسعة علي عيالهم واسرهم ، ومع تطور الحياة وارتباط الناس بالمدن ، قم بدعوة اسرتك للعشاء خارج البيت ان كان ذلك ممكنا و وسع لهم مما يشتهون ، فهو يوم لا يتكرر الا بعد عام .. ..

شكرا أخي أحمد على إطلاعنا هذا المقال القيم ..
للأخ علي عبد الوهاب أيضا بوست مشابه يتحدث فيه عن نفس العادة في بلاد النوبة ..
يتضح من المقالين أثر الثقافة الفاطمية .

الاخ احمد .. مودتي ..
كما قال مولانا الملك وطبعاً هو رجل هميم بالتراث وله معرفة وعمقل بالتأصيل ..
هناك تشابه بين الاحتفال بعاشوراء لدى الفلاني والنوبيين لاحظته من خلال مقالك . مثال زيارة النيل
والسعة في الطعام ..
نحن أمة واحدة ولا شك في ذلك ..
شكراً مولانا الملك على هذا الربط
شكراً احمد ..

في هذا اليوم ( يوم الرحمتات )
نشتري قبله القلل الفخارية الصغيرة و نبل فيها التمر ليوم الرحمتات
نلف في الحي لنأكل فتة الرز باللحم في كل بيت
أشهر من تعمل الرحمتات في حي السواراب بودنوباوي خالتنا التومة حمد عليها رحمة و مغفرة و رضوان رب العالمين

تحياتي لصاحب البوست و ضيوفك و ربنا يوسع عليكم جميعاً من فضله