حبيبنا أبوبكر عباس .. سؤالك عن التدين في حلفا ودنقلا .. هذه صورة واقعية زمان ..

07:45 AM August, 29 2016

سودانيز اون لاين
علي عبدالوهاب عثمان-جدة
مكتبتى
رابط مختصر

مودتي الحبيب أبوبكر .. دائماً ما تثير مواضيع فيها عمق وبحث .. في بوست سابق لي
سألت عن من هم أكثر تديناً أهلنا في حلفا أو دنقلا .. ربما أجبت عليك هناك بإحتصار
وبصراحة جنوب دنقلا تجد التدين كان أوسع وأرحب من شمال دنقلا إلا بعض القرى
التي فيها المشايخ والخلاوي .. ( زورات ، كالمسيد ، حامد نارتي ، تبو ... إلخ) ربما
لأن المسجد الاول في السودان كان في دنقلا العجوز ( القدار ) حالياً حنوب دنقلا

وبدلاً أن ندخل في فذلكات .. يمكنك القراءة من خلال هذه الحكاوي

حبيبنا أبوبكر سوف أنقل لك صورة من قريتي وهي جزيرة معزولة وسط النيل شمال دنقلا
إسمها ( ارتقاشا ) وهذه الجزر تعتبر مخزون إستراتيجي للتراث النوبي ..
هذه الصورة قبل أكثر من نصف قرن من الزمان ..

مودتي الحبيب أبوبكر .. هاك الصورة ..

التدين عند النوبة فطري .. وقد جبل انسان على التمسك بمكارم الاخلاق وهي لب الديانات .. وكل العبادات التي يقوم بها الانسان هي للوصول الى مرتبة الأخلاق العالية والسلوك القويم . . وكان اظهار التدين بإطلاق اللحية او حمل السبحة خارج المسجد نوع من السلوك المستهجن .. والاكثر استهجاناً كان اطلاق اللحية حيث كانوا يعتبرونه نوع من عدم الاعتناء بالمظهر العام بدليل انهم كانوا لا يذهبون الى صلاة الجمعة إلا بعد تنظيف الوجه من اللحية ..
وكنا نشاهد ونحن في مقتبل العمر أن المساجد المنتشرة داخل القرى ( في كل ساقية مسجد صغير.. او المسيد ) .. لم يكن الناس يصلون الاوقات في المسجد ولم يكن هناك اذان للاوقات الخمسة .. فقط كنا نسمع الاذان مرة في الاسبوع لصلاة الجمعة في المسجد الكبير بالقرب من دائرة الادريسي في منتصف جزيرة ارتقاشا وفي الرمضان لاعلان الفطور وصلاة الفجر .. حتى اننا عندما نريد ان نتخبيء لأي سبب كنا نتجه الى المسجد ونعتبره منطقة معزولة .. أما باقي ايام السنة فكان المسجد يستخدم لاغراض الاستراحه والنوم اثناء النهار لأن بيوت الجزر احياناً تكون ضيقة لعامل الورثة والتكدس في ارض ساقية واحدة ولا امتدادات طبيعية مثل الشرق والغرب .. فكان الرجال غالباً ما يتركون المنزل للحريم ويتمددون داخل المساجد خاصة وان التصميم الهندسي للمسجد يساعد على التهوية والراحة .. كنت اذكر ان خالي احمدون واخوه النور كانوا يقضون معظم وقتهم ( القيلولة) في سقيفة المسجد وهي عبارة عن مظلة ) كري) طويلة معروشة بجريد النخل ( كورسيه ) وبداخلها بعض ازيار المياه ..كان خالي رحمه الله يأتي ( بالعشميق ) وطشت الماء لابقاء العشميق داخله .. ويقوم بفتل الحبال للبهائم ثم يغفو قليلاً ويذهب بعد ذلك الى ) عصر تتي tati ( وهي فترة العمل المسائي ( Night shift ) .. أما خالي النور فكان دوماً يقض مضجع اخيه الخال احمدون بإيقاعات مضربه الخشبي لتليين ( الحلفا او همبرتيه كما في الدنقلاوية ) لأن النور كان عقله تجاري بحت يمليء وقت فراغه بالانتاج وها هو يقوم بصناعة الحبال من ( من الحلفا أو الهمبرتيه ) لغرض زيادة الدخل .. كان حال المسجد في ذلك الزمان بهذه الصورة النمطية ورغم طيبة وشهامة واصالة هؤلاء إلا ان الوعي الديني لم يكن بالصورة التي نشاهدها اليوم .. ولم نكن نشاهد احداً يصلي في المسجد خلال الايام العادية إلا بعض اخواننا من الباعة المتجولين وهؤلاء القوم كانوا بائعي خردوات متجولين في القرى وكانوا غرباء عن المنطقة يتحدثون العربية التي لم يكن يفهمها الكثير من أهلنا خاصة اذا كانت لغة سريعة الايقاع وبها مفردات عميقة .. والمسجد كان يمثل لهم بمثابة استراحة أونزل للقيلولة او المبيت وكنا نلاحظ عليهم الحرص الدائم على اقامة الصلوات والتعبد بصورة مثالية ووعي وإدراك وحتى هؤلاء كانوا من الندرة في تلك المناطق المعزولة مثل جزيرة (أرتقاشا) التي كان لا يدخلها الغريب إلا بعد أن يتأكد ريس المركب منه ( تماماً مثل التأشيرات بمصطلح اليوم ) .. وبالنسبة لوضع المسجد كان أي تحرك غير هذا الروتين المتبع يومياً يبعث على الشك وخاصة لدى امهاتنا .. فإذا وجد ان احداً ينظف المسجد ويعتني به بدون مناسبة فمعناه ان هناك تلغراف او خبر ( وفاة ) من مصر او الخرطوم ويدور الهمس وسط النساء في القرية وتستعد كل واحدة بإطعام اولادها وتجهيز ( التوب على حبل الغسيل ) والاستعداد للانطلاق مع اول نداء من الــ ( كوبدر ) .. ليس هذا السرد ترفاً ولكنه يمثل عمق تجذر الفضائل في المجتمع دون وجود دعاة حيث كانت الفضيلة سمة وغريزة لدى انسان المنطقة ولا تحتاج الى دعوة او تذكير .. فقط كان هناك بعض القصور والتفريط في اقامة العبادات الجسدية كالصلاة في اوقاتها .. والاذان كان فقط حصرياً لصلاة الجمعة .. وكان احد اعمامنا قد قدم مصر وصار يؤذن للصلاة في اوقاتها بالقرب من ساقيته واتهمه الناس بالجنون وذهبوا السيد الحسن الادريسي يخبرونه بمرض الرجل ( او جنونه ) كما وصفوه .. ( بأنه مثل الديك كلما صعد ارضاً مرتفعاً .. اطلق عنان صوته بالاذان ) وراقبه الشيخ ووجد ان الرجل في كامل عقله ومواقيته صحيحة ولا خلاف عليه ..

حبينا علي

أظن ان التدين بهذه المنطقة اصيل وفطري وعميق وقديم...وقد ساعدهم على ذلك احتفاظ المنطقة بلغتها الاصلية وعاداتهم الموروثة كابر عن كابر

عصي على تاثيرات التشويه الخارجي...

للاسف هذه المنطقة تاثرت مؤخرا بالافاكار الوافدة والتي لا تشبه انسان المنطقة بسبب الاغتراب

شكرا صديقنا الباحث النوبي الاخ على عبد الوهاب

حبينا علي

أظن ان التدين بهذه المنطقة اصيل وفطري وعميق وقديم...وقد ساعدهم على ذلك احتفاظ المنطقة بلغتها الاصلية وعاداتهم الموروثة كابر عن كابر

عصي على تاثيرات التشويه الخارجي...

للاسف هذه المنطقة تاثرت مؤخرا بالافاكار الوافدة والتي لا تشبه انسان المنطقة بسبب الاغتراب
=======================================================
الحبيب حاتم .. مودتي ..
الإغتراب موجود في المنطقة من قبل قرن ونصف .. منذ ايام الحكم التركي في مصر ..
جدي من أبي رحمه الله كان يسافر إلى مصر قبل حوالي (150) عام .. وهناك من درسوا في الازهر الشريف
ولكنهم بقوا على نهجهم ..
اخي حاتم ..
حتى الطرق الصوفية لم تؤثر في أهلنا ولم تجد لها رواج أو تابعين بصورة ملفتة للنظر
لأن المجتمع الزراعي أميل إلى إعمال العقل .. وكان لأهلنا عمق وموروث عقدي
منذ ديانة سيدنا إدريس ثم اليهودية ثم المسيحية التي آثارها كانت باقية لعهد قريب
وخاصة في بعض المناسبات ..
مودتي حاتم .. وشكراً على المرور

شكرا صديقنا الباحث النوبي الاخ على عبد الوهاب

=========================
دكتور أمبس .. إرسي يا أخي .. مشاوي مس
شكراً يا زول يا أصيل ..

استاذي الفاضل علي سلام

يا حليل زمنكم الطيب السمح تعال شوف

الليلة التطرف علي اصولو علي نهج عم

صالح شبر

الليلة يا استاذ في ناس مفرغين عديل

للدعوة الوهابية الارهابية وتغبيش

افكار الشباب

مع تحياتي والاستاذ محمدعثمان ابن

جزيرتكم

حبيبنا محمد حسن .. مودتي ..
يا سلام حتى صالح شبر كانت مقبولة منو ..
لأن كان يعتبره أهلنا في بدين أنه خارج السياق ..
المشكلة في نوعية من الشباب ظهروا في منتصف السبعينات
من ا لقرن الماضي لم يكن لهم من العلم الكثير فكان التشدد
والخروج عن السلوك المجتمعي فجأة وبدون مقدمات
فحدث نوع من الشرخ بين مشايخ زمان الازهريين
وهؤلاء الشباب ..
بمناسبة صالح شبر كان أخوه أحمد إدريس دفعتي في مدرسة البرقيق
الاميرية الوسطى ..

مودتي الحبيب محمد ..

شكرا يا علي، على البوست
بجي أشاغب النوبيين وأشوف قصتم مع دين أبي السرح دا وصلت وين؟

في انتظارك يا صاحب ود الزبير

الحبيب محمد حسن ..
التحية كمان لود الزبير ..

مودتي

استاذ علي ازيك يا محترم ..
النوبة عموما محس دناقلة كنوز من اجمل البشر خلقا واخلاقا ونبلا ..مليانين اخلاق جميلة متوارثة ..بنوا حضارات لا زالت شاهدة عمق تاريخهم ..
لكن في الاونة الاخيرة اجتاحتهم موجة الفكر الوهابي وبصراحة انا خايف عليهم ..اتمنى يرجعوا لي اصلهم المتصالح الخلاق المتعايش الجميل ...
تحياتي ليك وللمستنير ولزوار البوست ..

شكراً حبيبنا أبوبكر على المرور ..
في الانتظار ..

استاذ علي ازيك يا محترم ..
النوبة عموما محس دناقلة كنوز من اجمل البشر خلقا واخلاقا ونبلا ..مليانين اخلاق جميلة متوارثة ..بنوا حضارات لا زالت شاهدة عمق تاريخهم ..
لكن في الاونة الاخيرة اجتاحتهم موجة الفكر الوهابي وبصراحة انا خايف عليهم ..اتمنى يرجعوا لي اصلهم المتصالح الخلاق المتعايش الجميل ...
تحياتي ليك وللمستنير ولزوار البوست ..
=========================================
مودتي الحبيب علي ..
شكراً على هذا الشعور النبيل ..
الوضع إختلف عن السابق كثير جداً أولاً المنطقة أصبحت شبه خالية من السكان
نتيجة للتهميش وضيق المعايش وإرتفاع تكاليف المدخلات الزراعية .. والجيل القديم تقاعد عن الخدمة
ولأن ممارسة النشاط الزراعي والانهماك اليومي في الساقية للمزارع والاسرة عموماً ذكور وإناث
كانت هذه الطبيعة تسمح بمزيد من التسامح والنظرة إلى المنتج والريع والكسب الاقتصادي في المقام
الأول ولكن تبدلت الحالة .. وتقلص النشاط الزراعي وأصبح الاعتماد على حوالات المغتربين ..
والتطرف الايدولجي في غالبه يأتي من الفقر المقدع أو الغنى الفاحش ..

مودتي الحبيب علي .. وشكراً على الكلام الطيب تجاه أهلنا ..

حبيبنا الاخ علي عبدالوهاب عثمان
مشكوووور
استمتعنا كثير بالمتابعة..
واصل