خواطر محامي تحت التمرين

خواطر محامي تحت التمرين


08-23-2016, 10:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1471945645&rn=0


Post: #1
Title: خواطر محامي تحت التمرين
Author: مصعب عوض الكريم علي
Date: 08-23-2016, 10:47 AM

10:47 AM August, 23 2016

سودانيز اون لاين
مصعب عوض الكريم علي-
مكتبتى
رابط مختصر

تخرجت من الجامعة تخصص قانون عام 2005م ، وجلست لامتحان المعادلة في اول دورة بعد التخرج ، وبحمد الله استطعت اجتياز الامتحان من المرة الأولى ، وكنت ارغب العمل في مجال المحاماة لأن هذه المهنة محببة الى نفسي ولا تحوجني ان أطرق الأبواب طلبا للوظيفة الحكومية او القطاع الخاص، لان عمل المحامي عمل حر ، ان شاء يفتح مكتبه من الصباح الباكر وان شاء يغلقه ولا أحد يستطيع ان يملئ عليه أوامر او تعليمات او تسجيل الحضور والانصراف بالبصمة وغيرها ، وكان الأستاذ المحامي / إبراهيم عبدالله الحسن – ابن المنطقة - له سمعة طيبة في هذا المجال مما كان له الأثر الكبير والقدوة لجميع الاخوة الزملاء المحامين الذين دخلوا مهنة المحاماة من أبناء القرية والقرى المجاورة حاليا في دول قطر يعمل مستشارا قانونياً في كبرى الشركات هناك ، وقبلها كان قاضياً ومحاميا بارعاً لا يشق له غبار . كان عليّ أن اتدرب في مكتب محاماة كمحامي تحت التمرين ، والتدريب لدى محامي ليس سهلاً ، لابد ان تذهب الى (المحامي الأستاذ) عن طريق معرفة او قرابة ، لأنك عندما تتدرب تحتاج الى مصاريف وراتب شهري بسيط يعينك على المهام اليومية التي توكل اليك ، لذلك لابد من أن يكون المحامي الذي تتدرب لديه قادر على توفير احتياجاتك وانت تعمل تحت التمرين ، مع ان هذا العبء وفقا القانون من المفترض ان يتقاسمه المحامي صاحب المكتب ولجنة قبول المحامين او الاتحاد وفقاً المادة (20) من قانون المحاماة لسنة 1983م. قبل فترة اطلعت مقال منشور في احدى الصحف الالكترونية عن الأستاذ / الطيب محمد الطيب المحامي ، حيث انني كنت من المحظوظين جداً بالتدريب في مكتب الأستاذ والمحامي الكبير مولانا/ الطيب محمد الطيب في بحري ، وهو من القانونيين البارعين في المهنة ، وكان المكتب يحوي عدد من الاخوة الزملاء المحامين، وتدرب على يديه وتحت ادارته ومسئوليته العديد من الاخوة المحامين .. وانا اتدرب في مكتبه سجلت لدراسة الماجستير وكنت اذهب من المكتب يومياً من الساعة الثانية بعد الظهر واتوجه الى الجامعة ، لان الماجستير بالكورسات ، وعنوان البحث التكميلي " الدعوى الدستورية في السودان " في مرة من المرات واثناء البحث عن موضوع البحث وجدت سابقة قضائية في مجلة الاحكام القضائية لسنة 1970م او 1971م عبارة عن دعوى دستورية قام بتقديمها للدائرة الدستورية بالمحكمة العليا حينها الأستاذ الطيب محمد الطيب نيابة عن موكله . وابتدر قضاة المحكمة العليا شرح الدعوى بعبارة ( تقدم الينا الأستاذ العالم الطيب محمد الطيب بعريضة ...) وعندما رجعت الى المكتب في اليوم التالي حكيت له القصة ، وقلت له انا ابحث في المكتبات عن موضوع بحثي ووجدت أنك كذا وكذا ... ابتسم ابتسامة استشفيت منها في معناه كان عليك ان تطلب مني المساعدة في هذا المجال حتى أمدك بالكتب والمراجع في مجال القانون الدستوري ..لاحظت ان بعض المحامين الكبار يستعينوا به في كتابة الدعاوى الدستورية التي تقدم للمحكمة الدستورية لما له من خبرة في هذا المجال ، الرجل محب جدا للعلم والتثقيف في مجال القانون ، ويشجع المتدربين في مكتبه والذين يعملون لديه على القراءة والاطلاع، ولديه أسلوب خاص في العمل يمتاز بالانضباط الشديد والمهنية العالية . ومن الطرائف .. كان من المتعارف عليه في مكتبه عندما يأخذ المحامي ملف القضية ويذهب به الى الجلسة في المحكمة ، عليه تدوين ما حدث في الجلسة في شكل تقرير مختصر من سطرين على صفحة الغلاف من الداخل ويكتب اسمه ممهورا بتوقيعه – حتى يكون معلوم من الشخص الذي حضر الجلسة السابقة - في احدى المرات اخذتُ ملف قضية وذهبت به الى المحكمة ، وعادة اترك التعليق المختصر في الملف الى حين عودتي الى المكتب ، وفي ذلك اليوم نسيت ان اكتب التقرير المختصر ، وعندما أراد احد الزملاء الذهاب بالملف في الجلسة الثانية لم يجد أي تقرير عن الجلسة السابقة ، أخذ الملف وذهب به الى مولانا الطيب محمد الطيب وقال له لم اجد في هذا الملف أي تقرير ! الرجل لديه ذكاء بارع .. قال له احضر لي الدفتر الذي يتم توزيع القضايا اليومية بموجبه ، وعندما احضروا له الدفتر المذكور راجع التاريخ السابق وجد اني قد قمت بالذهاب للجلسة السابقة ولم أكتب تقرير عنها ! ... فناداني بلهجة حادة .. وقال لي : لماذا لم تكتب تقرير عن الجلسة ؟.. قلت له نسيت ان اكتب ! .. قالي لي : " افترض أنك توفاك الله .. خلاص القضية تنتهي ؟!! " أوردت هذه القصة للتدليل على ان الرجل معلم ومربي ومهني في غاية من المسئولية تجاه الاعمال التي توكل اليه بنزاهة وتجرد ، كان يحكي لنا ويقول عندما يكون هنالك محامي متدرب في مكتبه يقوم بإعطائه ملفات القضايا ويتركه يذهب لوحده ، ومن ثم يذهب خلفه ويجلس في المقاعد الخلفية للحضور لينظر كيف يؤدي المحامي المتدرب عمله امام المحكمة . التدريب للمحامين الجدد مسئولية كبيرة بالنسبة للمحامي الأستاذ (صاحب المكتب) ، حيث ان الامر ليس مجرد التسجيل فقط ، في اعتقادي ان المحامي صاحب المكتب إذا لا يستطع ان يدرب المتدرب بمهنية ، يجب ان لا يتحمل هذه المسئولية لأنها مسئولية أخلاقية في المقام الأول قبل ان تكون مسئولية قانونية . نسأل الله ان يجزي مولانا الأستاذ / الطيب محمد الطيب المحامي ألف خير على ما قدمه لي من دفع معنوي وحب للمهنة وأن يحفظه ، مع اعتذاري .. لأني لم أوفيك حقك من الثناء .