Post: #1
Title: حــوار .. مـفـاوضـات .. خـارطــة الطـريــق وجهة نظر
Author: ASHRAF TAHA
Date: 08-13-2016, 07:52 PM
07:52 PM August, 13 2016 سودانيز اون لاين ASHRAF TAHA- مكتبتى رابط مختصر الكاتب: مصطفى عبدالعزيز بحيري .. اولاً حول ضبط المصطلح : حـوار .. Dialogue مـفـاوضـات .. Negotiations الفرق بينهما ..أن الحوار قد يكون فكرياً ، فلسفياً أو حتى سياسياً . و قد تنتج عنه توصيات ، مخرجات إلخ .. لكن لا تنتج عنه قرارات ملزمة . بينما المفاوضات تنتج عنها إتفاقية Agreement تتم إجازتها لاحقاً بواسطة السطة التشريعية أو الدولة و تصبح من ثم ملزمة بقوة القانون الوطني أو الدولي او كليهما . كما أن هناك فرق بين الوساطة ، الرقابة و الرعاية و ما توفره كل منها من ضمانات . الحكومة السودانية تخوض الآن كل من الحوار والمفاوضات معاً . المتحدثون الكُثر بإسم الحكومةيخلطون بين الحوار و المفاوضات، عمداً و جهالة . بينما يخلط بينهما الكثيرون من هواة الصخب و الضجيج ، و من هواة الديماغوجية و الغوغائية غفلة ًو صبيانية . .. أمثلة من التاريخ : هوشي منه _ نيكسون : بينما جلس الوفدان الفيتنامي و الامريكي حول طاولة المفاوضات في باريس العام ١٩٧٤. كانت طائرات الفانتوم الاحدث حينها ، تصّعد إلى الذروة الأقصى من قصفها على سايغون و كل الاراضي الفيتنامية بقنابل النابالم الاكثر فتكاً حينها . .. مانديلا _ دوكليرك : ظل مانديلا يغادر زنزانته المنفردة في جزيرة روبن في عرض المحيط و يعود إليها . تتعثر و تفشل المفاوضات ثم تُستأنف ، دون أن يضع مانديلا حينها شرط إطلاق سراحه هو و رفاقه في المؤتمر الافريقي و لا سراح حلفائه في الحزب الشيوعي. كذلك فعل غاندي في مفاوضته الامبراطورية البريطانية العظمى . فهل ثمة من هو أصلب من هؤلاء المناضلين عوداً ، أقوى منهم شكيمة ، أو بأخبر منهم بمنعرجات الدروب ممن عجمتهم الحياة ؟! دعونا الآن من السيد الأمام الصادق المهدي ، نعود إليه لاحقاً . مَن يُشكك في وطنية و صلابة عرمان ، الحلو ، ميناوي و د. جبريل ؟! طوبى لـ .. عرمان الذي طوى المسافة بين الفكر و الفعل . ميناوي الذي ركل كرسي نائب الرئيس الوثير و جبريل الذي غادر المنصب غير آسف و عادا يقاتلان رفعاً للمظالم عن رقاب أهليهما . أليس هو الحلو نفسه الذي قُوبلت رسالته إلى مؤتمر الحزب السادس بالحمد و الاستحسان ؟!! .. إتفاقية نيفاشا ، رغم كل الملاحظات المحقة و تحفظ الحزب و إعتراضه على العديد من نصوصها .. فقد عدلت موازين القوى و فرضت معادلة و واقع سياسي جديد خرج بموجبه و تحت ظله الحزب و السكرتير العام من السرية و الاختفاء إلى العلن . و شارك الحزب بموجبها بالتعيين لا بالأنتخاب في المجلس الوطني ، عقد المؤتمر الخامس بحضور نافع علي نافع جلسة الختام . ثم أقام المؤتمر السادس في زفة من السيارات و رفرفة من الاعلام الحمراء الصارخة !!! .. أليس هذا هو فن الممكن ، و تلته و لا كتلته التي يستهزئ البعض الآن بها و يعرّضون ؟! .. يردد البعض الآن خيار الثورة و الانتفاضة . حسناً .. ثورة اكتوبر توفر لها شرط الاجماع السياسي و المطلبي بين الاحزاب ، النقابات ، المنظمات الشعبية و الديمقراطية في المركز و في مدن مثلث الوسط الكبرى . في أوساط الجيش ، كما في الهامش . و كانت مسألة الجنوب أحد محركاتها الاساس . ثم تطور الاحداث الدراماتيكي في جامعة الخرطوم و ارتقاء الشهداء ( و ليس سقوطهم ) . إنتفاضة ١٩٨٥. توفر لها شئ من ذلك الاجماع أيضاً . بإستثناء الأخوان المسلمين حلفاء نميري و قوانينهما الاسلامية التي إنتفض الشعب عليها و خلعهما معاً . لكن الجيش و التوازن الاقليمي بخاصة ( مصر و السعودية ) و ابتعاد الحركة ا لشعبية/قرنق عنها حتى بعد انتصارها ، أضعف من إندفاعتها ، إتساعها و تجذرها . و جعل منها إنتفاضة و ليس ثورة . تورة اكتوبر نهشها اليمين ( حزب الامة/الصادق المهدي ) إثر حل الحزب الشيوعي و طرد نوابه المنتخبين من الجمعية التأسيسية و عدم الامتثال لقرار المحكمة الدستورية العليا ١٩٦٥ ، ثم إنقض عليها اليسار بإنقلاب مايو ١٩٦٩. بينما إنقض اليمين ( الاخوان المسلمين ) على الإنتفاضة بإنقلاب يونيو ١٩٨٩ .. و واحدة بواحدة . .. الآن .. ما هي الشروط المتوفرة لثورة أو إنتفاضة تطيح بالنظام الحاكم ؟ .. المعادلة السياسية الآن .. في تقديري ، هي كما يلي : .. النظام : في أضعف حالاته . فهو معزول داخلياً ، و يحكم بالقمع و بالقبضة الامنية لا برضى الجماهير ، و ليس أدل على ذلك من كثرة و تناسل المليشيات المسلحة التي تعكس حالة من الهلع و عدم الثقة في الجيش رغم غربلته و أدلجته لثلاثة عقود من الزمان . كما هو محاصر و معزول خارجياً ، حتى من حلفاءه في الخليج و السعودية المنشغلين عنه بما هو أدنى إلى تخومهم في اليمن ، العراق و سورية . إضافة للتدني المريع في أسعار النفط العالمية . .. المعارضة : ليست بأفضل حالاً من النظام . و لا تتوفر على الفعل السياسي التراكمي الذي يفضي إلى ثورة أو إنتفاضة . فالقوى الحزبية ، النقابية ، الشعبية و الديمقراطية ليست على إجماع الحد الوطني الأدنى . و كل منها على حدة منقسم على ذاته ( إتحادي ، امة ) و لنقل تخفيفاً ، في حالة الشيوعي ، أنه ليس على تراص ٍصلب يشد بعضه بعضاً . و كل منها شارك في النظام بدرجة أو بأخرى . و البعض لا يزال . .. الجيش لا يمكن الرهان على تحييده . دعك من إكتسابه ظهيراً لانتفاضة الشعب أو ثورته . هذا عدا عن مليشيات النظام المسلحة. .. الحركات المسلحة : حليفها القوي ، دولة جنوب السودان ، مددها بالتمويل و التسليح المباشر و غير المباشر و اللوجيستي و العمق الاستراتيجي ، قاب قوسين من الانهيار أو أدنى .. و في تولاته . و قد يوضع تحت الوصاية الدولية أو حتى الانتداب . .. أما السيد الصادق المهدي ، فإن دافعه الاقرب للتأويل السياسي ، فهو إنطلاقه من إعتبار دارفور و كردفان ، مركز النفوذ التاريخي والخزان البشري و الثقل السياسي لأنصار حزب الامة . .. و لا أدعي الاحاطة المانعة الجامعة . وفقاً لهذه المعطيات ، و ليس لمدي حب أو كراهية النظام الحاكم ، في تقديري ، فإن التفاوض بهدف إنتزاع الحق الأساس لإنسان دارفور جنوب كردفان و النيل الازرق في الحياة ، مجرد الحياة ، هو أمر أقرب لملامسة الواقع اليومي المعيشي ، الامني ، الانساني و السياسي لجماهير تلك المناطق . .. و يبقى أن الكلمة الحاسمة و الأخيرة ، هي للشعب و الشارع الذي قد يفاجئ الجميع و يسبق قيادات الأحزاب و القوى السياسية ، كما هو حال الثورات و الانتفاضات الشعبية دائماً و أبداً ، و لدى الشارع تجتمع كل الاسباب و الدوافع الماثلة في بؤس و تردي كافة مناحي حياته ، كما لديه وحده إرادة و طاقة التغيير و القدرة الهائلة التي لا تُصد و لا تُرد .
|
|