مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تشاد وأفريقيا الوسطي ثم السودان فيها الكثير المثير الخطر

مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تشاد وأفريقيا الوسطي ثم السودان فيها الكثير المثير الخطر


08-07-2016, 07:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1470593026&rn=46


Post: #1
Title: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تشاد وأفريقيا الوسطي ثم السودان فيها الكثير المثير الخطر
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-07-2016, 07:03 PM
Parent: #0

07:03 PM August, 07 2016 سودانيز اون لاين
محمد الحسن حمدنالله-برستول بريطانيا
مكتبتى
رابط مختصرتقاعدت من الشرطة بالإستقالة في سبتمبر من العام ١٩٩٦ وحصلت علي رخصة المحاماة في نفس الشهر وكان التفكير هو أن أذهب إلي مسقط رأسي مدينة نيالا وأفتتح مكتب لممارسة مهنة المحاماة لكن قبل ذلك كان لدي حلم قديم بزيارة مدينتي أنجمينا عاصمة تشاد وبانقي عاصمة أفريقيا لأن المدينتين حفرتا إسميهما عميقاً في ذاكرة سكان جنوب دارفور ومنذ زمانٍ بعيد فمن تشاد كانت ترد إلي دارفور العطور وصابون الحمام بمختلف أنواعه والسجائر ومستحضرات التجميل وغيرها من البضائع التي مصدرها فرنسا والغرب وغرب أفريقيا كانت البضائع تأتي إلي تشاد عبوراً بالكميرون ونيجيريا وبنين والسنغال وغيرها من دول غرب أفريقيا كما إرتبطنا بإنجمينا في دارفور عبر إذاعتها اللطيفة التي إستمعنا إليها ونحن أطفال باللغة العربية التشادية المحببة وهي لغة دارجية قريبة من اللغة العربية في دارفور مع هجين من الكلمات الفرنسية ولعل أجمل البرامج التي كانت تقدمها إذاعة تشاد كان برنامج ما يطلبه المستمعون ومعظم الأغنيات التي يطلبها المستمعون كانت أغاني سودانية إلي جانب ذلك نشرة الأخبار التي تحفل بالكثير من الطرائف أما بانقي عاصمة أفريقيا الوسطي فكان يرد منها إلي السودان البن والخشب وبضائع أخري ويصدِّر لها السودان الزيت والفول السوداني والمحصولات النقدية عموماً والأواني المنزلية والسكر والمواد الغذائية والتجارة بين البلدين خلقت قطاع عريض من التجار وظّفوا الكثير من العاملين في النشاط المصاحب وساهموا بقدر وافر في خزينة الدولة من خلال الجمارك والضرائب والرسوم المختلفة مما كان له الأثر الإيجابي الكبير علي مجمل الإقتصاد السوداني

Post: #2
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: باسط المكي
Date: 08-07-2016, 07:14 PM
Parent: #1

بوست اريحي جدا قريته بمزاج واصل متابعين

Post: #3
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-07-2016, 09:16 PM
Parent: #2

العزيز باسط المكي التحية والإحترام سعيد بمرورك الباهي ولأن الرحلة إستمرت لأربعة أشهر لذلك أحاول ما إستطعت أن أكتب كل يوم شيئاً ولو يسيرا بإذن الله حتي لا ينقطع حبل المتابعة ممنون لمتابعتك وباقي القراء آمل أن تجدون بين ثنايا القصة ما يفيد مودتي وتقديري

Post: #4
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-07-2016, 09:44 PM
Parent: #3

غرض الرحلة كان سياحي وتجاري لذلك كان لابد لي لي من زيارة خاطفة لإنجمينا بالطائرة من الخرطوم لمعرفة إحتياجات السوق هناك ثم العودة إلي الخرطوم لشحن البضاعة جواً إلي نيالا ومنها براً إلي إنجمينا وقد كان أن غادرت الخرطوم في نهاية العام ١٩٩٦ متجهاً إلي إنجمينا علي متن الخطوط الجوية السودانية التي كانت لا تزال تنبض بالحياة وفي رحلة إستغرقت حوالي الساعتين والنصف حطت بنا الطائرة في مطار إنجمينا الذي كان مطاراً صغيراً مقارنة بمطار الخرطوم ولكنه بسيط وجميل وجدت شباب سودانيين غاية في اللطف كانوا يستقبلون الطائرة السودانية كعادتهم لمعرفة أخبار السودان والحصول علي الصحف اليومية عرّفتهم بنفسي ومقصدي وهو منزل أخي وصديقي علي يوسف من آل الشعراني بزالنجي ومقيم بتشاد حيث يقيم بعض أفراد الأسرة هناك أخطرت الشباب بالعنوان وهو شارع تلاتين بي قِدرو😀 يعني شارع الثلاثين بالزلط والظاهر قِدرو يعني زلط بالفرنساوي عموماً أخدنا تاكسي يرافقني إثنان من الشباب السودانيين أول ما لفت نظري عندالخروج من المطار أمران أولهما لوحات إعلانات كبيرة تحذِّر من مرض السيدا! وعند سؤالي لمرافقيّ أخبروني أن السيدا هو إسم مرض الإيدز باللغة الفرنسية الأمر الثاني الذي لفت نظري هو قيادة المرأة التشادية وهي ترتدي ثوب شبيه للثوب السوداني للدراجة النارية! الأمر الذي أصبح من المناظر المألوفة بالنسبة لي في باقي فترة الزيارة وصلنا البيت ووجدنا الأخ علي يوسف الذي إستقبلنا هاشاً باشاً كعادته أكرمني والمرافقين الذان أمضيا معنا بعض الوقت ومن ثم ذهبا إلي حيث يسكنان لكن علاقتي بهما إستمرت طيلة هذه الرحلة والرحلة القادمة بالبر وكانا خير معين بالنسبة لي إلي جانب مضيفي في تسويق بضائعي وتسهيل إجراءاتي الهجرية ومن بعد سفري لأفريقيا الوسطي ونواصل بإذن الله

Post: #5
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 08:15 AM
Parent: #4

تحادثنا مع مضيفي طويلاً حيث لم نر بعض منذ ما يزيد عن العشر سنوات وأخبرته بالغرض من زيارتي وشجّعني علي ما أنا مقدم عليه ورّحب بإستضافتي ووعد بمساعدتي لمعرفة إحتياجات السوق التشادي من البضائع السودانية في أثناء حديثنا رأيت ناموسية منصوبة والوقت كان شتاءً وليس خريفاً حتي يتم الإحتياط للباعوض! أفادني المضيف بأن الباعوض هنا علي مدار العام ولن تستطيع النوم بدون ناموسية! ككل الناس لا أحب الباعوض ولكن كمنتج مصاحب وعرض جانبي للرحلة فلا بأس عموماً أمضيت ليلة هادئة في نومٍ عميق إلا من بعض طنين الباعوض وفي الصباح تناولنا طعام الإفطار الخفيف مع الشاي علي غير العادة في السودان فالإفطار هنا عبارة عن شاي أخضر وشاي سادة ولبن مع الفنقاسو😀 وهي عبارة عن لقيمات صغيرة الحجم وشهية للغاية يمكنك أن تزدرد منها أكبر عدد دون أن تحس بالشبعد وجبة منتصف النهار هنا أو الميدي تكون في المنزل فقط للنساء ربات البيوت والأطفال أما الرجال فيتناولونها في مكان عملهم سواء في المكاتب إن كانوا موظفين أو في السوق إن كانوا يعملون في التجارة أو الأعمال الحرة وهي عادةً ما تكون لحمة مشوية وما أدراك ما اللحمة المشوية في تشاد😋 سأعود إلي وصف كيف تشوي اللحمة في تشاد لاحقاً في هذا البوست بإذن الله

Post: #6
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: Abdalla Hussein
Date: 08-08-2016, 08:25 AM
Parent: #5

حبيبنا محمد الحسن حمدنا الله
تحياتى واحترامى
بوستاتك اضافة نوعية لانها تتناول مجالات غائبة ومغيبة عن الكثير من الناس
مثلا جارتنا تشاد هى منفذ مهم جدا للسودان وللسودانيين من حيث فرص التجارة
والمعيشة ومن حيث توفر الحب والاحترام للسودانيين ومن حيث سهولة السفر
الى هناك .
واصل ولك الود

Post: #7
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 09:27 AM
Parent: #6

العزيز Abdalla Hussein التحية والإحترام مرورك أسعدني وتقريظك أشجاني تسلم تشاد كأنها جزء من السودان ولم أحس طيلة فترة وجودي فيها بأني غادرت دارفور شبرا عجبتني في تشاد بساطة الحياة وبساطة وطيبة الناس لا عجب إن وجدت السودانيين هناك ذهبوا لزيارة أقارب فبقوا هناك عشرات السنين علي المستوي الشخصي فكّرت في الإستقرار في تشاد لولا إلتزاماتي الأسرية في السودان للأسف هذا البلد يجهله الكثير من السودانيين وهو أولي بالمعرفة من غيره ولعل التعريف بتشاد وأفريقيا الوسطي هما الغرضان الأساسيان لهذا البوست تقديري

Post: #8
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 11:54 AM
Parent: #7

خرجت وصاحبي علي يوسف صباحاً متجهين إلي السوق من المنزل إتجهنا غرباً حيث شارع الأسفلت الرئيسي الذي يربط هذا الجزء الشمالي من المدينة بالسوق الذي يقع في وسط المدينة والمسافة بين المنزل والظلط لا تتجاوز المائة متر بقي أن نعرف أن شارع الأسفلت هذا إسمه شارع نميري مسمي علي الرئيس الراحل جعفر نميري وهو من الشوارع المشهورة في إنجمينا مجرد وصولنا إلي الظلط وقفت عربة تاكسي لتقلنا إلي السوق الذي يبعد حوالي عشر دقائق لفت نظري كثرة عدد عربات التاكسي التي تعمل كمواصلات عامة بنظام الطرحة حيث لم يكن وقتها وجود لحافلات أو بصات التاكسي لونه أصفر كتاكسي الخرطوم لكن الفرق هنا أن معظم العربات جديدة والأجرة رخيصة جداً كأجرة الحافلات في الخرطوم

Post: #9
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: عمر عثمان
Date: 08-08-2016, 12:08 PM
Parent: #8

هذا محيطنا
المجهول لنا


واصل بارك

الله فيك

Post: #10
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 01:21 PM
Parent: #9

العزيز عمر عثمان التحية والإحترام شاكر مرورك وتشجيعك آمل أن أتمكن من نقل صورة قلمية مرضية بالنسبة لك وللقراء الكرام توضح الكثير المخفي عن تشاد وأفريقيا الوسطي تقديري

Post: #11
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: nour tawir
Date: 08-08-2016, 01:47 PM
Parent: #10



الآخ الفاضل محمد الحسن حمدنا الله..

مثل هذا البوست يعتمد على الصور..
بمعنى صورة واحدة تغنيك عن عشرة صفحات..
ولاهمية البوست..
نرجوا أن تغذيه بالصور..

Post: #12
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 02:24 PM
Parent: #11

العزيزة نور تاور التحية والإحترام أنا سعيد بمرورك هذا وتعليقك ومنذ سنوات وأنا أطالع بوستاتك في سودانيز أون لاين أتساءل هل الأستاذة نور تاور دي شقيقة كمنداني سعادة الفريق دكتور جلال تاور كافي مديري في شرطة ولاية ج دارفور سابقاً ولا مجرد تشابه أسماء عموماً في الحالتين أنا سعيد بمداخلتك ونصيحتك الغالية نعم كانت الصور ستقرِّب الصورة للقارئ أكثر لكن للأسف إجمالي عدد الصور التي أحتفظ بها عن رحلتي إلي تشاد وأفريقيا الوسطي لا يتجاوز ٤ صور أحدها في موقف العربات في إنجمينا وأخري في سوق إنجمينا وثالثة في صلاة عيد الأضحي في بانقي وكلها مساعدتها في التوثيق ضعيفة ومع ذلك سأحاول رفعها لاحقاً طبعاً الوقت داك مافي موبايلات كما هو الحال اليوم ليتم التوثيق بالصور والڤيديو لكن ربما في الزيارة الجاية إن شاء الله تسلمي مودتي وتقديري

Post: #14
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 02:47 PM
Parent: #12

وصلنا سوق إنجمينا القديم الذي تم تكسيره وإعادة بناءه في نهاية التسعينيات حسبما علمت لاحقاً يقع السوق مباشرة جنوب شارع بومبيدو الرئيسي الذي يشق وسط المدينة من الشرق إلي الغرب ويفصل بين السوق والجامع الكبير السوق عبارة عن أكشاك من الزنك ودكاكين مبنية من المواد الثابتة وزنك كبير للحوم والخضر والفاكهة والسوق إجمالاً يشبه سوق أم دفسو في نيالا أو سوق أبوجهل في الأبيض أو سوق ٦ في الحاج يوسف أو أياً من الأسواق الشعبية في السودان وعندما تضيف إلي ذلك الغناء المنبعث من مسجلات المحلات التجارية تتأكد أنك تتجول في أحد أسواق السودان سيما وأن النساء حولك يتجولن بالثياب التشادية أو السودانية لا فرق والرجال يلبسون الجلاليب السودانية التشادية وقلة يلبسون الجلاليب الأفريقية القرمبوبو تجولنا ورفيقي وأنا غاية في السعادة بما أسمع وما أري ربما إستغرقت الجولة نحو من ساعتين ختمناها بدكان سوداني يفتح علي شارع ديجول والمسجد صاحب المتجر إسمه إسماعيل أصبح فيما بعد صديقاً ومستشاراً تجارياً😀 إسماعيل هذا حدثني أنه من حلة ود هاشم ريفي سنار التي ينحدر منها معظم التجار السودانيين العاملين في إنجمينا وقتها وهم تقريباً أسرة واحدة دكان إسماعيل رغم صغر حجمه كان يحتوي علي كل شئ من المواد الغذائية إلي العطور ومستحضرات التجميل والسجائر والخردوات والأدوات المكتبية وكل البضاعة تقريباً واردة من دوالا في الكمرون ماعدا التفاح كان وارد السعودية أما الملبوسات فترد من دبي التي تملأ بضائعها سوق إنجمينا وهناك رحلات جوية منتظمة إلي دبي حيث يسافر رجال الأعمال وسيدات الأعمال لجلب البضائع

Post: #13
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: الحاج حمد الحاج
Date: 08-08-2016, 02:25 PM
Parent: #11

الأخ محمد الحسن حمدنالله
بوست جميل..كما ذكرت الاخت nour tawir الصور ستزيد من روعة البوست

Post: #15
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 05:21 PM
Parent: #13

العزيز. الحاج حمد الحاج التحية والإحترام سعيد كعادتي بمرورك وتعليقك نعم قلت الحق الصور في مثل هذا البوست مهمة شديد وإن لم تتوفر الصور الملائمة لهذا البوست أعدك والقراء في بوست قادم بعنوان تجربتي كمدير إداري للفريق القومي السوداني لكرة القدم بكمية من الصور مع مشاهير لاعبي الفريق والدول التي زرناها مودتي وتقديري

Post: #17
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي البرية من السودان إلي ت�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 08:26 PM
Parent: #15

أثناء تجوالنا في سوق إنجمينا دعاني مضيفي إلي وجبة منتصف النهار في المطاعم المنتشرة في الأكشاك والرواكيب وهي عبارة عن شية علي الطريقة التشادية أعجبتني الشيّة وأعجبتني أكثر طريقة الإعداد حيث يتم إحضار ما يشبه تربيزة الحديد لكن مفتوحة من الأعلي ومغطاة بشواية كبيرة يتم إشعال النار في الحطب أسفل التربيزة أو السرير أو ما شابه ذلك ويتم فرش ورق أشبه بورق الجِلاد الأصفر الذي كنا نستخدمه في تجليد الكراسات زمان بعد أن يتم دهنه بالزيت علي الجانبين حتي لا تشتعل فيه النار الموقدة من الأسفل يتم وضع اللحمة في شكل شرائح بعد تدبيلها فينضج اللحم بالبخار وهي تقريباً نفس فكرة المنصاص في دارفور لكن هذه أطعم ويتم خدمة الزبائن مباشرة الذين لا ينقطعون ليلاً أو نهاراً فالتشاديون محبون لأكل اللحمة ربما أكثر من السودانيين يتم تقديم طبق الشيّة مع السلطة الحمراء والخضراء سيما وأن خضار الخص متوفر بكثرة في تشاد وصوص المايونيز متوفر بكثرة في المطاعم والمنازل بعد الوجبة الخيارات مفتوحة للشاي الأخضر الذي يحبه كذلك التشاديون كثيراً أو الشاي الأحمر أما العصير فهناك خياران مفضلان إما عصير المالتينا وهو شعير مصنوع بعصير قصب السكر ومستورد من نيجيريا عصير حلو المذاق ويساعد علي الهضم أما الخيار الآخر فهو عصير فواكه مُشكَّلة طازج يسمي جي دو فِروي بالفرنسية يتم خلطه بحضور الزبون وغالباً ما يكون من الموز والمانجو والأناناس والبرتقال والجوافة مع إضافة معتبرة من السكر ويقدّم في كباية ضخمة عادةً لا يستطيع الشخص أن يشرب عصير الفواكه المشكّل بعد تناول وجبة لأنه هو نفسه عبارة عن وجبة كاملة لا تستطيع بعدها تناول أي طعام لساعات

Post: #16
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: نزار عبد الوهاب
Date: 08-08-2016, 07:58 PM
Parent: #1

سلام وتحايا يا كمندان محمد الحسن حمدنا الله ...
سرد جميل وشيق وحري بنا أن نعرف العالم المحيط بنا شمالا وشرقاً وغرباً وجنوباً ...
شكراً جميلاً ...


Post: #18
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: Siddig Elghali
Date: 08-08-2016, 10:32 PM
Parent: #16

سلام يا محمد الحسن حمدنا لله

هل أنت من عائلة حمدنالله بكتيلا لأن لي أصحاب دراسة ناس أبوطالب المحامي ورأس التور ، على العموم درست الأميرية نيالا ومن سكان حي الوادي شرق ، سردك ذكرني بنيالا الجميلة وعطور تشاد وأم دافوق من أفريقيا الوسطى


Post: #19
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 11:46 PM
Parent: #18

العزيز الدكتور صديق الغالي التحية والإحترام سعيد بمرورك وتعليقك ليس لي شرف العلاقة بأسرة آل حمدلله بكتيلا وإن كنت أعرف بعض أفراد الأسرة حيث عملت في كتيلا إبان مشكلة القِمِر والفلاتة وتعرفت عن قرب علي القِمِر وهم قوم كرام يستحقون المعرفة حي الوادي شرق حي عريق في نيالا وأهله معروف عنهم كرمهم و قوة صلاتهم الإجتماعية وكان لي شرف الزواج من هذا الحي من إسرة المرحوم محمد أحمد القوني تقديري

Post: #20
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-08-2016, 11:52 PM
Parent: #16

العزيز نزار عبدالوهاب التحية والإحترام سعيد بمرورك وتعليقك وتشجيعك أوافقك الرأي بأن معرفة الدول المجاورة لنا ضرورة تقتضيها مصالحنا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ولعل العلاقات بين الشعوب دائماً ما تسبق العلاقات بين الحكومات وهي الأبقي والأرسخ

Post: #21
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 00:00 AM
Parent: #20

بعد جولتنا في سوق إنجمينا لليوم الأول عدنا إلي المنزل و رغم وقت الذروة كانت التكاسي الطرحة متوفرة بكثيرة بعد الإستجمام كان طعام الغذاء جاهز وكانت العصيدة حاضرة وهي من وجباتي المفضّلة علي أن التشاديين يأكلونها بطريقة تختلف عن الطريقة السودانية فبينما عندنا في السودان تقدم العصيدة والملاح في صحن واحد في تشاد يتم تقديم العصيدة في صحن والملاح في صحن آخر تقطع من العصيدة وتغمّس في الملاح😀 والبدخل في الحشا كلو عشا بإذن الله نواصل غداً برنامج المساء والسهرة

Post: #22
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: Siddig Elghali
Date: 08-09-2016, 00:54 AM
Parent: #21


لك التحية طالت بنا الغربة وقد جددت أشجاننا وأرحتنا اليوم لك التحية على هذا السرد

محمد أحمد القوني بتاع الشؤون الصحية وأصولهم من كبم أم غيرهم

Post: #23
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 10:03 AM
Parent: #22

نعم أخي صديق الغالي محمد أحمد القوني بتاع الشؤون الصحية الذي عمل بكبم الخضراء صيفاً وخريفاً حيث تناقل عسل النحل الأصلي تسلم علي المرور

Post: #24
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 10:30 AM
Parent: #23

سألت مضيفي عن مكان لقضاء المساء فنصحني بالنادي السوداني الذي يقع غرب شارع نميري بالقرب من الدي شاتو يعني الصهريجين بالفرنسية رحبت بالفكرة علي الفور وخرجنا قبل الغروب مشياً علي الأقدام نطلب النادي السوداني الذي لا يبعد عن المنزل بأكثر من نصف كيلومتر ونحن نسير بمحاذاة شارع نميري من الناحية الغربية ألمح شخص يرتدي جلابية سودانية وطاقية ويجلس أمام متجر في منزل كبير ومميّز وعندما إقتربنا من الشخص كانت المفاجأة إنه الأخ إبراهيم سالم من نيالا ومن نفس الحي الذي أقيم فيه حي الخرطوم بالليل كانت المفاجئة لكلينا ولمضيفي بعد سلام طويل أكرمنا إبراهيم بمشروب المالتينا من الدكان المجاور حكي لنا قصته وهي أنه جاء إلي إنجمينا منذ حوالي العامين حيث يقيم صهره والد زوجته وهو رجل أعمال معروف علي ما أذكر أن إسمه ينتهي بنصُر وهو صاحب المنزل الذي يقيم فيه مع زوجته وأولاده وأن الرئيس إدريس دبي متزوج من أحد بناته وأن زوجته تعمل في معلمة المدرسة السودانية وهو كذلك يعمل مع المدرسة بعقد محلي إصطحبنا إبراهيم إلي النادي السوداني وهو من رواده المواظبين النادي بسيط جداً يفتح شمالاً وبه غرفه أو إثنان في أقصي الناحية الجنوبية الشرقية وفسحة كبيرة فيها جهاز تلفزيون وترابيز للعلب الورق والضمنة والشطرنج.. الخ شاهدت الدكتور عبدالله حمدنالله وزملاءه في النادي ولم تكن بيني وبين الرجل معرفة لكن علمت من إبراهيم أنهم معارون للعمل بالجامعة هنا وهم يسكنون بالإيجار في جزء من منزل صهر إبراهيم المشار إليه إكتفيت بمشاهدة التلفزيون وهو ما درجت علي فعله هذه المرة وعند حضوري المرة القادمة بالبر حيث مكثت في تشاد لمدة شهرين كما كنت أقابل الشباب الذين قابلتهم في المطار في النادي والسوق والمطعم السوداني بصورة راتبة للأسف علمت في نهاية التسعينيات بوفاة الأخ إبراهيم سالم ألا رحمه الله رحمةً واسعة وجعله من أصحاب اليمين

Post: #25
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 03:24 PM
Parent: #24

في اليوم الثاني ازيارتي لإنجمينا الأولي التي دامت أسبوعاً أخذني مضيفي معه رديفاً في الموبليت (موتر صغير) الخاص به في جولة حول المدينة وهي مدينة صغيرة جداً وقتها شملت الجولة الأطراف أعجبني فيها إمتداد شارع ديقول الممتد بمحاذاة النهر حيث تظلل الأشجار الباسقة الطريق ومررنا كذلك علي الجسر الذي يفصل تشاد والكميرون حيث مدينة كُسري الكمرونية إنجمينا نفسها تقع في الحدود مع الكمرون باقي الأسبوع أمضيته بصورة مماثلة لليوم الأول أذهب للتجوال في السوق صباحاً والجلوس إلي إسماعيل السوداني صاحب المتجر بغرض الونسة وجمع المعلومات عن البضائع المطلوبة من السودان وقد نصحني بالتين والزبيب والقمر دين خاصة وأن رمضان علي الأبواب كما نصحني الشباب السودانيين بإستجلاب متطلبات أعمال النجارة وحبوب صناعة الجبنة وأدوية بيطرية وأشرطة كاسيت أعود إلي المنزل عند الظهيرة لآخذ قسطاً من الراحة ثم الغذاء والخروج لتمضية فترة العصرية مع المرحوم إبراهيم سالم أمام منزله مواجهين شارع نميري غالباً ما تدركني صلاة المغرب في النادي السوداني أحياناً أذهب للعشاء في المطعم السوداني الذي يفتح هو الآخر علي شارع نميري وإسمه مطعم أفريقيا يقدم وجبات سودانية مختلفة لكنه يصنع الفول والسمك الوارد من بحيرة تشاد ونهر شاري بصورة ممتازة أثناء تجوالي لفت نظري أمران وهما بيع البنزين أعتقد يسمونه الإيسانس في قارعة الطريق كما يحدث في دارفور علي أن الجديد هنا هو بيعة في زجاجات سعة لتر أو نصف لتر حيث معظم الإستهلاك يكون للدرجات النارية بينما في دارفور يتم بيعه في باغات بلاستيكية عبوة جالون و صفيحة أمر آخر وهو أن هناك نوع من قصب السكر كان موجود في السودان زمان لونه أحمر غامق قريب من اللون الأسود حجمه كبير إختفي هذا النوع من السودان تماماً وحل محله قصب السكر العادي ذو اللون الأخضر المائل للبياض المفاجأة إني وجدت هذا القصب المنقرض في تشاد متوفر بكثرة كما وجدته من قبل في يوغندا عند زيارتي لها مع الفريق القومي السوداني لكرة القدم كمدير إداري في العام ١٩٩٥ عدت إلي الخرطوم مروراً عبر مدينة كانوا في نيجريا ترانزيت وكان إنطباعي عن الزيارة وإنجمينا ممتاز

Post: #26
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: عبدالعزيز الفاضلابى
Date: 08-09-2016, 08:53 PM
Parent: #25

تشكر يازميل المهنة على هذا السرد الجميل
من زمان ماقريت بوست من اوله لآخره

Post: #27
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد عثمان الحاج
Date: 08-09-2016, 09:42 PM
Parent: #26

العزيز جنابو محمد الحسن، أتابع بوستك الرائع هذا، وقد أدهشني تداخل الأخ صديق الغالي فيه فلابد أنك تمثل بالنسبة له معضلة حقيقية في وجه حملته المضادة للجعليين التي ظهرت بوستاتها في المنبر في الأيام الأخيرة، فأنت من أب جعلي جلابي وأم تعيشية!أتمنى من صديق أن يراجع نفسه ليرى بوضوح أن أهل السودان جميعا كيان تربطه المحبة والتداخل رغم ما أثاره المجرمون من أحقاد عرقية فيه في العقود الأخيرة وهي بلاشك سحابة وستزول!

Post: #29
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: muntasir
Date: 08-09-2016, 10:03 PM
Parent: #27

سلام محمد الحسن أعدت لي ذكريات من الطفولة حيث كان بيتنا في شارع نميري ودرست حتى سنة خامسة تاريخ الحرب بين جوكوني عويدي وحسين هبري ودرست بمدرسة الصداقة السودانية التشادية او كما تعرف بمدرسة نميري التي كان الوالد والوالدة اول من أسسوها بابتعاث من حكومة السودان الشعب التشادي من أطيب الشعوب وأكثرهم محبة للسودان

Post: #80
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-19-2016, 12:37 PM
Parent: #29

العزيز Muntasir التحية والإحترام شاكر مرورك تعليقك وتشجيعك وأرجو أن تجد لي العذر فلم ألحظ مداخلتك إلا الآن عند مراجعة البوست فلك العتبي حتي ترضي ومثل متابعتك تمنحي الدافع لمواصلة الرحلة مودتي وتقديري

Post: #31
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 10:51 PM
Parent: #27

الحبيب إبن خالتي محمد عثمان الحاج والله مشتاقين وينك يا راجل سعيد بمرورك وتشجيعك الأخ صديق الغالي يجمعني معه رحم مدينة نيالا الودود الولود لكني أختلف معه وبصورة مبدئية في رؤيته التي تقضي بأن الجلابة شر محض وأن كل بلاوي السودان من تدبيرهم لا بل أعتقد أن تقسيم السودانيين علي أساس جلابة وغرّابة وعرب وزُرقة وعرب ورطّانة لن يخدم السودانيين بحال ولكنه يخدم المستبدين في كل مكان وزمان حيث يوفر لهم الذخيرة اللازمة للمارسة سياستهم المفضلة فرّق تسد إستدراك آخر علي رؤية الأخ صديق الغالي الغالي وهو إنطلاقة من فرضية خاطئة تماماً وهي إفتراضه أن غرب السودان أو دارفور كتلة واحدة والشاهد علي ذلك أن الحرب في دارفور الدائرة منذ أكثر من عشر سنوات طابعها عرقي بين القبائل العربية وغير العربية والحرب التي دارت في السنوات الخمس الأخيرة بين القبائل العربية نفسها وإن زَكَّاهَا المركز لذلك إستدعاء القبيلة أو العرق أو الجهة لمخاطبة مشاكل السودان المعقدة لن ينجح بل يزيد الأمر تعقيداً حل مشكلة السودان تكمن في الإعتراف بالآخر أياً كان وأن يتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو اللغة وأي كلام بخلاف هذا لن يقود إلا إلي الحرب أذكر أني أشرت في بوست سابق عن دارفور إلي خلفيتي كسوداني جلابي غرّابي مثلك تماماً أخي محمد ونحن فخورون بذلك لأن دماء السودان شماله وغربه تجري في عروقنا ونزعم وبإطمئنان أننا نفهم تعقيدات المشكلة الإثنية السودانية بصورة أفضل مودتي وتقديري

Post: #28
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 09:59 PM
Parent: #26

الزميل عبدالعزيز الفاضلابي التحية والإحترام يشرفني مرورك وزمالتك وإطراءك وأبشِّرك أن المثير في هذه الرحلة لم يبدأ بعد نحن يادوب في المناظر😀 أبقوا قراب مودتي وتقديري

Post: #30
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: nour tawir
Date: 08-09-2016, 10:13 PM
Parent: #28



الآخ الفاضل محمد الحسن حمدنا الله...

أتساءل هل الأستاذة نور تاور دي شقيقة كمنداني سعادة الفريق دكتور جلال تاور كافي مديري في شرطة ولاية ج دارفور سابقاً ولا مجرد تشابه أسماء
...

نعم انه شقيقى..
بخصوص الصور..
لا يهم ان تكون عن الرحلة ولكن يمكن أن تأتى بصور للمناطق التى زرتها من أى مصدر..
وهى سوف تعطى البوست رونقا وجمالا...

Post: #32
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-09-2016, 11:43 PM
Parent: #30

العزيزة نور تاور التحية والإحترام أنا غاية في السعادة لمعرفتي أنك شقيقة قائدي وصديقي سعادة الفريق دكتور جلال تاور كافي فقد أمضينا أطيب الأيام تحت قيادته في شرطة ولاية جنوب دارفور نيالا وله يعود الفضل في بث برنامجي الشرطة في تلفزيون وإذاعة نيالا بصورة أسبوعية ولأول مرة في تاريخ شرطة الولاية وقد أوكل هذه المهمة مشكوراً لشخصي إلي جانب عملي كمدير للمباحث أرجو شاكراً تبليغه تحياتي الحارة وإمتناني وعرفاني أما بخصوص نصيحتك بخصوص الصور علي العين والراس طبعاً زمان نصيحة ساي لكن الآن أصبحت تعليمات😀 لأنو عندنا أخت الكمندان برضو كمندانة😀 تسلمي أستاذه نور أسعدني مرورك ومعرفتك مودتي وتقديري

Post: #33
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: munswor almophtah
Date: 08-10-2016, 00:56 AM
Parent: #32

بوست تعريفى تنويرى عابر للأقطار ومقارب لأحوال الناس وتشابههم لدرجة التطابق فى كل شئ إلا الألسن المكتسبه والتى غرسها
الإستعمار الأوربى فشاد حكمها رابح فضل الله ومات فيها ومن أجلها كما بسط دولته لإقليم البرنو وكى لا يشملها مصيرها أى مصير تشاد
حارب السلطان تاج الدين الهبوب سلطان المساليت حروباَ ضروسا كسر شوكة الفرنسيين وحمى الحدود الغربيه فيا عزيزى نحن نؤثر
فى الإقليم غرباً شرقا تأثيراَ يبلغ أثره غينيا بيساو وغينيا كوناكرى ولكن صرنا ننكر بعضنا بعضاً، كلام ينضح بعلم إجتماع شفاهى وفى
البراح الطلق شكرا ونتابع معك سردك ذلك وتجربتك الحياتيه فى تلك المناحى ولك السلام.

Post: #34
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 08:59 AM
Parent: #33

العزيز Munswor Almophtah التحية والإحترام سعيد بمداخلتك الثرّة المشبعة بالتاريخ والجغرافيا والإجتماع والسياسة لازلنا نجهل الكثير عن تاريخ ممالك المساليت والودّاي والبرنو والكانم والفولاني رغم أثرها المباشر علي ماضي وحاضر ومستقبل السودان ليتك وآخرين متمكنين في هذا المجال مواصلة التوثيق في هذا الشأن أتابع منذ سنوات وبإعجاب تناولك لشأن المنطقة وإن لم أكن وقتها عضواً بسودانيز أون لاين مودتي وتقديري

Post: #35
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 11:42 AM
Parent: #34

وصلت الخرطوم وشرعت علي الفور في شراء البضائع المطلوبة للسوق في أنجمينا لكن للأمانة كانت ميزانيتي متواضعة وهي في حدود سبعة ملايين من الجنيهات عبارة عن فوائد مابعد الخدمة التي تقاضيتها من الشرطة ربما تضاعف المبلغ الآن عشرات المرات لكن القيمة الفعلية للنقود هي نفسها تقريباً طبعاً من يتقاعد بالإستقالة يتقاضي مالاً أقل من المال المحال للصالح العام وهو أمر مفهوم بالنسبة لي وأنا راضي بذلك عموماً حصلت من البضائع ما تسمح به ميزانيتي وشحنت البضاعة براً آلي نيالا التي وصلتها جواً قبل البضاعة عند وصول المشتروات كان رمضان قد بدأ ولذلك عليّ الإستعجال إلي السفر للحاق بالسوق هناك ومن محاسن الصدف أن صديقي سيسي فضل سيسي إبن المرحوم زعيم قبيلة الفور في زالنجي الديمنقاوي فضل سيسي وإبن شقيق الدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الإنتقالية في دارفور الحالي كان قد ترك الخدمة في مؤسسة الطرق والكباري نيالا وإشتري لوري نيسان يعمل به في نقل الركاب والبضائع بين نيالا والجنينة ونحن نسكن في نيالا في حي واحد زرت صديقي سيسي في المنزل بعد عودته من الجنينة وأخبرته برغبتي في السفر معه رحب بي ترحيباً حاراً بل شجعني علي السفر الذي كان يراه الكثير من الأهل والأقارب والأصدقاء مغامرة لا معني لها في نفس ذلك الأسبوع تقريباً وبعد صلاة التراويح توجهت ومن يرافقني من الأخوة والأصدقاء إلي موقف الجنينة الجديد الذي يقع غرب المدينة ومنه تنطلق الرحلات البرية إلي كاس جبل مرة زالنجي الجنينة تشاد وماهي إلا لحظات حتي تم شحن البضائع والعربة بدأت في الرحلة نحو الجنينة كنت أجلس لوحدي في المقعد الأمامي جوار السائق صاحب العربة سيسي إكراماً لي وكان يمكن أن يسع المقعد الأمامي لثلاثة أشخاص لكنه أصر علي ذلك حتي تحلو الونسة وبيننا الكثير من الذكريات المشتركة ولم نلتق من زمانٍ بعيد

Post: #36
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 03:45 PM
Parent: #35

طريق الأسفلت الذي يقودنا إلي مدينة زالنجي وطوله حوالي ٢٠٠ كيلومتر هو طريق نيالا كاس زالنجي الشهير الذي شيّدته الشركة الألمانية العملاقة هيلد آند فرانكي بمنحه من حكومة ولاية سكسونيا السفلي في ألمانيا بجهد مُقدَّر من حاكم دارفور السابق أحمد إبراهيم دريج تم إفتتاح الطريق في بداية الثمانينيّات بواسطة الرئيس نميري وكان من المفترض صيانة الطريق بصورة كاملة بعد مضي عشر سنوات لكن حالت الإمكانيات دون صيانته بل إكتفي القائمين علي أمر الطريق بالترقيع فصار الشارع عند سفرنا ملئ بالحفر والمطبات وكثيراً ما تنزل العربات من الزلط وتستخدم الطريق الترابي عموماً كانت محطتنا الأولي هي بُلبُل أبوجازو التي تبعد عن نيالا بنحو ٤٠ كيلومتر وهي مشهورة بالبركيب وهو اللبن الرائب والمناصيص وهي لحم الضأن أو الغنم المشوي علي بخار اللهب الذي يجاورة نزلنا للإستراحة وتناول وجبة العشاء ثم مضينا في إتجاه كاس التي تبعد حوالي ٨٦ كلم من نيالا مررنا عليها دون توقف وكذلك مررنا علي قرية ناماعلي بعد حوالي ١٢٠ كلم وهي المعسكر الرئيسي لشركة هيلد آند فرانكي خارج نيالا عند تشييد الطريق كانت ناما عند وجود الخواجات قرية ضاجَة بالحياة كهرباء ٢٤ ساعة ماء نقي مهبط للطائرات وحوض للسباحة ترك الألمان القرية كما هي للسودان واليوم هي مهبط للغربان ينعق فيها البوم يا إلهي! لدينا مقدرة عجيبة علي التدمير يقابلها عجز مقيم في التعمير! عموماً واصلنا المسير وفي حلق صديقي سيسي غُصّة فالرجل عمل في الطرق والكباري في عصرها الذهبي وعاصر تشييد الطريق ويعلم كل صغيرة وكبيرة عن هذا الطريق ويعلم كيف كان الأمر وكيف إنتهي وصلنا قرية أو مدينة طور حيث مطاعم الطريق التي تقدم الوجبات للمسافرين وحيث تباع فاكهة جبل مرة فالمنطقة تحفها الجنائن وهي قريبة جداً من شلال قلول المعروف الذي غالباً ما يظهر في القنوات الفضائية عند ذكر جبل مرة لم نتوقف في طور ولا نيرتتي الجميلة التي تبعد عنها بضعة كيلومترات والمشهورة كذلك بجنائن المانجو والبرتقال والفواكه الأخري تجاوزنا نيرتتي لنصل محل مبيتنا وهي منطقة خور رملة حيث كان يوجد مشروع زراعي شهير إنتهي إلي ما إنتهي إليه مشروع جبل مرة نفسه ومشروع هيئة تنمية غرب الساڤنا ولكل من تلك المشاريع قصة يجب أن تُروي ربما عدت لها مستقبلاً في بوستات منفصلة بإذن الله هنا توجد قوة من الجيش كنقطة تفتيش وتمنع العربات من المرور عبرها بعد منتصف الليل فرشنا نمرنا والنمرة هي الفرش والبطانية والمخدة وإتخذنا من الرواكيب الصغيرة مهجعاً لتمضية الليلة وكانت ليلة ولا كل الليالي كيف لا ونحن في حضرة جبل مرة!

Post: #37
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: الزنجي
Date: 08-10-2016, 05:41 PM
Parent: #36

العزيز محمد الحسن حمدنالله اخذتنا في سياحة مجانية في رحلتك الجميلة
واصل سردك ونحن فى متابعه وتشوق لتلك الديار

Post: #38
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: ود الباوقة
Date: 08-10-2016, 05:58 PM
Parent: #37

يا سلام على روعة السرد

واصل ونحن لك من المتابعين

مودتي

Post: #39
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 07:01 PM
Parent: #38

الحبيب ود الباوقة التحية والإحترام يشرفني ويسعدني مرورك وتقريظك آمل أن أكون عند حسن ظن القراء الكرام من داخل وخارج المنبر شاكر التشجيع مودتي وتقديري

Post: #40
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: احمد حمودى
Date: 08-10-2016, 07:12 PM
Parent: #39

كما ذكر قبلى الفاضلابى لم اترك كلمة واحدة فى هذا البوست لم اقرها يديك العافية واصل ومتابعين

Post: #41
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد نور عودو
Date: 08-10-2016, 09:25 PM
Parent: #40

Quote: فهو عصير فواكه مُشكَّلة طازج يسمي جي دو فِروي بالفرنسية يتم خلطه بحضور الزبون وغالباً ما يكون من الموز والمانجو والأناناس والبرتقال والجوافة مع إضافة معتبرة من السكر ويقدّم في كباية ضخمة عادةً لا يستطيع الشخص أن يشرب عصير الفواكه المشكّل بعد تناول وجبة لأنه هو نفسه عبارة عن وجبة كاملة لا تستطيع بعدها تناول أي طعام لساعات


سلامات
الاخ الفاضل
محمد الحسن حمدنالله
مرحب بيك وعبرك تحياتي لاهلنا في البحير غرب الجبيل
اوعي تكون السوداني القالوا شرب ليهو كباية جي مركز في انجمينا وسأل الجماعة المعاوه قال ليهم الشي دا بكم؟ الجماعة قالوا ليهو بعشرين ريال.
زولك قام علي حيلو وقال حرم خسرانة يعني سيد الجي دا شغال بالخسارة.
تحياتي

Post: #44
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 10:43 PM
Parent: #41

العزيز محمد نور عودو التحية والإحترام شاكر مرورك وإضافتك إنت عارف عصير الجي دا لو الزول بشربوا بصورة مستمرة قطع شك حايصاب بالسكري مالم يكن هناك جهد بدني كبير يستهلك هذا الكم الهائل من السعرات الحرارية وبالمناسبة نفس العصير وبنفس الكباية الضخمة وجدته أمامي في بانقي وهو بلا شك وجبة كاملة لا تحتاج إلي أي إضافة تقديري ومودتي

Post: #42
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 09:33 PM
Parent: #40

العزيز أحمد حمودي التحية والإحترام مرورك من هنا شرف كبير بالنسبة لي ثناءك علي ما أكتب أثلج صدري أتمني أن أرتفع علي مستوي التوقعات كتّر خيركم كبّرتو لي راسي😀 مودتي وتقديري

Post: #43
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-10-2016, 10:30 PM
Parent: #37

العزيز الزنجي التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك وهو حافز قوي بالنسبة لي في مواصلة الرحلة آمل أن نعود إلي تلك الديار الطيبة وهي في أحسن حال مودتي وتقديري

Post: #45
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: بريمة محمد
Date: 08-11-2016, 04:13 AM
Parent: #43


يا سلام عليك يا أخى محمد الحسن

أهلنا البقارة قالوا شق الديار علم .. أستمتعت بسردك الهادئ .. والرصين ..
وقفت عند مداخلة حبيبنا محمد عثمان ..
Quote: أنت من أب جعلي جلابي وأم تعيشية!
وأنت أضفت بأن محمد عثمان أبن خالتك .. مما يعنى أنت ومحمد أبناء أخواتنا .. وهذا مكسب أخر فوق البوست الجميل.

لدي سؤال عن أسفارك التي ذكرت أنها بدأت عام 1996م تقريباً .. لاحظت حينها أنكم تتحركون ليلاً في الأسفار .. هل يستطع سكان دارفور الأسفار ليلاً بعد قيام التمرد؟ وما أثر التمرد علي ما ذكرت من أسفار؟
سؤالي الأخر معروف عن الزغاوة قبيلة ذات نفوذ تجاري كبير بين تشاد وأفريقيا الوسطي .. حدثنا عن دور هذه القبيلة العريقة ودورها التجاري في دفع أقتصاد السودان لعل أبناء الشعب السودانى الذين لا يعرفون عن هذه القبيلة شيئاً يدركون أهميتها في تنشط التجارة بين السودان والغرب عموماً ..

ولك خالص تحياتى
بريمة


Post: #46
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-11-2016, 11:30 AM
Parent: #45

الحبيب بريمة محمد التحية والإحترام سعادتي غامرة بزيارتك ومعرفتك وقرابتك نعم أنا جلابي بقاري وإن شئت بقاري جلابي حيث نشأت نشأة البقارة بين أخوالي التعايشة في مدينة نيالا وزيارة الفرقان بإنتظام خريفاً حين حضور البقارة بإنتظام إلي ضواحي نيالا فتشرّبت بثقافة البقارة وانتقلت إلي الخرطوم في العام ١٩٧٥ لأعيش مع أهلي الجلابة وزيارتهم بإنتظام في موطنهم في محلية المتمة ريفي شندي ولك أن تتخيّل توجّس أهلي في ريفي المتمة عندما رأوني وإخواني أول مرة ووالدتنا من قبيلة التعايشة التي ينحدر منها محمود ود أحمد الذي هاجم المتمة وحدثت المقتلة العظيمة حكي لي الكبار أن سبب نجاة القري الواقعة قبل المتمة هو أن جدي محمدزين محمد خير الملقب بتمساح الفقرا كان من قادة المهدية وهذا وحده كان سبب أن تتجاوز قوات المهدية هذه القري دون أن تمسها بسوء عموماً إتصالي وإخوتي بأهلي الجلابة بدد الصورة النمطية في أذهان العامة هناك وهي أن التعايشة والغرّابة عموماً برابرة ووحوش كاسرة لا إنسانية لهم كنتيجة حتمية لما حدث في المتمة ومنذ ذلك الوقت أدركت أن المشكلة الأساسية بين مكونات السودان العرقية والسياسية هي عدم التواصل والحوار والخضوع لمفاهيم وإنطباعاتك مسبّقة وقديمة ينبغي أخذها في إطار ظرفها التاريخي المعيّن والظروف والملابسات التي كانت تحيط بها معذرة لهذا الإستطراد الذي جاء عفو الخاطر علي أية حال أنا سعيد بإنتمائي لهؤلاء وأولئك وإخواني وصداقاتي مع القبائل العربية وغير العربية في دارفور وكردفان الغرّة أم خيراً جوه وبرّا والسودان عموماً بلا حدود فمرحباً بك أخاً وصديقاً بالمناسبة محمد عثمان الحاج إبن خالتي لزم وليس من باب المجاز بخصوص إسهام قبيلة الزغاوة في النشاط الإقتصادي لعلي قد تطرقت إلي ذلك بصورة عارضة في بوست سابق بعنوان دارفور الحقيقة الغائبة لكن لأنك غالي والطلب رخيص بإذن الله سأعرض لذلك في هذا البوست سيما وأن قبيلة الزغاوة مؤثرة إقتصادياً في السودان وتشاد وسأتناول كذلك بإذن الله أثر نشاط الحركات المسلحة والمليشيات الموالية للحكومة علي النشاط الإقتصادي في دارفور والذين يعملون في بعض المناطق بتنسيق تام بينهما لإبتزاز ركاب العربات الذ

خاصة في الشارع الذي يربط جبل مرة وكبكابية مودتي وتقديري

Post: #47
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-11-2016, 01:36 PM

غادرنا خور رملة صباحاً متجهين صوب زالنجي أو زعلان جي ( جاء الزعلان) كما تقول المثلوجيا المحلية وصلنا زالنجي في حوالي الساعتين زالنجي المدينة الجميلة والوحيدة مبلغ علمي في السودان التي ليس فيها غبار! لأنها محاطة بالجبال والأشجار فضلاً عن شجر الإنجل والدبكر فهي مدينة مخضرّة طوال العام زرت زالنجي ثلاث مرات أحدها وأنا في العاشرة من عمري في إجازتي المدرسية حيث أمضيت الإجازة مع أبناء عمي أحمد المكي بحي المحافظين جوار طاحونة بحر الدين وكان ذلك في العام ١٩٧٠ المرة الثانية في زواج الباشمهندس إسحق آدم سليم الذي تزوج من آل الشعراني أسرة مضيفي في إنجمينا علي يوسف والمرة الثالثة في بداية التسعينيات لزيارة صديقي وإبن مدينتي نيالا وسنيري في كلية الشرطة السيد المقدم شرطة وقتها مدير شرطة زالنجي صديق محمد إسماعيل النور ( الفريق صديق محمد إسماعيل نائب رئيس حزب الأمة) وبغض النظر عن إنتمائه السياسي فالرجل ضكران وأخو أخوان وهو رجل أُمّة نذر وقته وجهده منذ أن كان في الشرطة لخدمة أهله وأصدقاءه ومعارفه والناس جميعاً لذلك أعتقدأن السيد صديق أوسع نشاطاً من أن يحتويه حزب أو قبيلة أو جهة بل هو رجل لعامة الناس دخلنا زالنجي تلفحنا أنسام وادي أريبو والجنائن التي تحيط به من كل مكان لكن ما كان لدينا من فضول وقت لنستمتع بهذه الطبيعة الأخّاذة وماهي إلا ساعات معدودات حتي غادرنا زالنجي في إتجاه مدينة الجنينة الحدودية مع تشاد والمسافة بين زالنجي والجنينة تزيد قليلاً عن المائتي كلم لكن المشكلة أن الطريق غير معبّد وتتخلله الوديان التي رغم جفافها فهي كثيفة الرمال والصخور حيث طبيعة الأرض في بعض مواقع الطريق جبلية وما أن غادرنا جبل عصيدة الذي يقع غرب المدينة حيث توجد نقطة تفتيش عسكرية إلا وتبدت لنا خصوبة وخضرة هذه البلاد رغم أن الوقت شتاء فتجد الوديان محفوفة بالخضرة ومزارع الخضروات تنتشر في كل مكان حتي وصلنا قرية دليج الجميلة هنا ولأول مرة أكتشف مهارات صديقي سيسي في قيادة اللواري أنا أعلم أنه ماهر في قيادة العربات الصغيرة اللاندروفرات واللانكروزرات عندما كان موظفاً في الطرق والكباري وكثيراً ما يسافر الموظفون للمأموريات وهم يقودون سياراتهم بأنفسهم لكن أن تبلغ مهارته في قيادة اللواري هذه الدرجة التي شاهدتها والتي لا تِقل عن مهارة سائقي اللواري المحترفين كان مثار دهشتي وصلنا مدينة مورني مع العصر وهي مدينة صغيرة ولظروف أحداث النهب المسلح التي تقع في الطريق بين مورني والجنينة كان رأي حرس الطوف الذي يحرس اللواري المسافرة والمكوّن من الجيش والشرطة المبيت والقيام صباحاً وقد كان واصلنا سيرنا صباح اليوم التالي بأمان ولله الحمد ووصلنا الجنينة ظهراً ودعت صديقي سيسي وشكرته علي حسن صنيعه وكرمة وحفاوته ورفقته المأمونة ذهبت إلي ميس الشرطة مباشرةً للإستحمام وتغيير الملابس وتكملة إجراءات السفر وكان أن قابلت زميلي وصديقي المقدم شرطة إبراهيم محمد أحمد مسؤول الجوازات في الجنينة والصديق الزميلالنقيب شرطة سامي نوري حامد مسؤول الشرطة الأمنية الذان ساعداني في إنهاء إجراءاتي سريعاً واللحاق بالعربات المتجهة إلي أدَري التشادية عصراً كانت العربات عبارة عن لانكروزرات بك أب الموديل القديم ( الثعلب) عثرت علي مقعد أمامي تم شحن البضاعة علي نفس العربة لكن عدد الركاب في الخلف كبير ربما عشرين شخصاً أو يزيد ونوع القيادة يا ساتر دراويش لاقوا مُدّاح😀 المسافة بين الجنينة وأدَري حوالي ٣٥ كلم والطريق سهل منبسط تتخلله أودية صغيرة وخيران وكثبان رملية وشجيرات الساڤنا الفقيرة والحدود بين البلدين عبارة عن وادي صغير عموماً وصلنا أدري في الوقت المناسب قبل إفطار رمضان ومرة أخري كانت الرواكيب الصغيرة😀 ملاذاً ومضجعاً لليلتنا تلك

Post: #48
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: حماد الطاهر عبدالله
Date: 08-11-2016, 02:43 PM
Parent: #47

Quote: أنا جلابي بقاري وإن شئت بقاري جلابي حيث نشأت نشأة البقارة بين أخوالي التعايشة في مدينة نيالا

تحياتي جنابو محمد الحسن حمدنا الله.
ما شاء الله عليك أنت حكاي تقول هداي. طبعا الخلطة عاليه ( مدنكلة) شديد وشئ طبيعي تكون أنت بهذا المستوى الراقي من المعرفة.
بقدرما عشت بدارفور سنوات الصغر فقد أتيحت لي فرصة العيش سنوات ولم تزل بين أهلك في ( البواليد) و ( الجابراب) تحديدا.
متابع لبوستاتك وأجد فيها الكثير من المعلومات عن دارفور والدول المجاورة مما يعتبر إثراء لموقع سودانيزاونلاين فشكرا لك.


Post: #49
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-11-2016, 03:50 PM
Parent: #48

الحبيب حمّاد الطاهر عبدالله التحية والإحترام سعادتي لا توصف بوجودك هنا ثناءك وتشجيعك دافع لي لأن أكتب طالما أن مثلك من الأخيار يتابع ويقرأ ما أكتب طبعاً أخوك مزنّكل😀 بقاري جلابي المزنّكل للإخوة الناطقين بغير لغة دارفور يعني الشئ غير الخالص أو غير الأصلي يعني لامن تقول عسل النحل دا مزنّكل يعني ما أصلي مضاف إليه شئ آخر ربما ماء أو خلافه أما الجابراب فهم أهلي مباشرة ينتشرون في مناطق الثورة كبوتا حلة الوالد عليه الرحمة حجر الطير، الكُمُر، ديم الجابراب، سلَوة ،'الجزيرة نسري، بعضهم هاجر وإستقرّ في أم سُنط جوار مدني وأم دقرسي في الجزيرة وبارا في شمال كردفان أجدادهم أولاد جابر الأربعة المعروفين الوارد ذكرهم في كتاب طبقات ود ضيف الله والمدحة الشهيرة وهم أبناء عمومة الركابية ويتلقون في جدهم غلام الله بن عائد والراجح أنهم والجعليون والشايقية من جد واحد ميزة هذا السودان هو هذا الإختلاط فعندما هاجرت القبائل العربية إلي السودان تزاوجوا مع السكان المحليين من القبائل غير العربية فكان الناتج هم السودانيون اليوم فالواقع يقول معظمنا من أصول عربية وأفريقية وهذا يفترض أن يكون عامل قوة وليس عامل ضعف وفرقة وشتات وإحتراب مودتي وتقديري

Post: #50
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: Aamer Hussin
Date: 08-11-2016, 05:19 PM
Parent: #49

سرد جميل ورائع نقلنا بين الدهشة والمتعة وكاننا قد رافقناك فى رحلتك الرائعة قد احببنا برنامجك فى اذاعة نيالا (برنامج الشرطة اعداد وتقديم الرائد محمد حسن حمدنا الله ) ونحن فى المرحلة المتوسطة بنيالا
متابعة لهذا السرد الجميل ومرحب باطلالتك عبر الكلمات الساحرة

Post: #51
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: Aamer Hussin
Date: 08-11-2016, 05:19 PM
Parent: #49

سرد جميل ورائع نقلنا بين الدهشة والمتعة وكاننا قد رافقناك فى رحلتك الرائعة قد احببنا برنامجك فى اذاعة نيالا (برنامج الشرطة اعداد وتقديم الرائد محمد حسن حمدنا الله ) ونحن فى المرحلة المتوسطة بنيالا
متابعة لهذا السرد الجميل ومرحب باطلالتك عبر الكلمات الساحرة

Post: #52
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-11-2016, 05:31 PM
Parent: #51

العزيز Aamer Hussin التحية والإحترام سعيد بزيارتك وسعيد بأنك كنت أحد متابعي برنامج الشرطة الذي كنت أقدمه من إذاعة وتلفزيون نيالا وهذا مبعث شرف بالنسبة لي وأنا ممنون وشاكر لك هذا التواصل الحميم الذي آمل أن يتصل وآمل أن أقدم هنا ما يرضيك والقراء الكرام مودتي وتقديري

Post: #53
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-12-2016, 11:41 AM
Parent: #52

ليس من عادتي المفاصلة عند شراء شئ أو طلب خدمة إنما أدفع ما يطلبه البائع أو مقدم الخدمة وأذهب إلي حال سبيلي وذلك ليس من غني ولكني لا أحب المطاولات وأحب أن أقضي غرضي سريعا وأمضي لكني في مدينة أدَري التشادية خرجت عن هذا المألوف وليتني ما خرجت! عند الصباح وأنا في طريقي إلي مكتب الجوازات وهو عبارة عن غرفتين في العراء وعلي مرمي حجر من السوق الذي نزلنا فيه نصحني رفقاء السفر وبينهم سودانيين وتشاديين أن رسوم ختم الدخول في الجواز ٢٠٠ ريال لكن الموظف سيطلب منك ٤٠٠ ريال وإذا رجوته لتخفيض المبلغ إلي ٢٠٠ ريال فسيوافق والمسألة تقديرية متروكة له هنا قبل أن أصل موظف الهجرة التشادي يجدر بي الحديث قليلاً عن العملة التشادية العملة هي الفرنك الأفريقي تمييزاً له عن الفرنك الفرنسي عندما كانت تستخدم فرنسا الفرنك قبل إستخدام اليورو ويسمي الفرنك الأفريقي الفرنك سيڤا أيضاً وهو عملة سارية وقتها ولا تزال في ست دول أفريقية ناطقة بالفرنسية يجمع بينها بنك مركزي واحد وهذه الدول إلي جانب تشادعلي ما أذكر هي الكاميرون والسنغال والقابون وأفريقيا الوسطي والكنغو برازافيل حيث يتم تداول العملة كعملة وطنية وهي تجد الغطاء المالي من فرنسا لذلك تجد أن أسعار صرف الفرنك الأفريقي مستقرة إلي حدٍ ما رغم تدهور إقتصاديات بعض الدول التي تتعامل بها أما تسمية الريال فهي تسمية محلية في تشاد وأفريقيا الوسطي يتداولها الناطقين بالعربية نرجع لموضوعنا ذهبت إلي موظف الجوازات التشادي ووجدته وحيدا يلبس الجلابية التشادية فليس هناك لبس موحّد لموظفي الحكومة في تشاد بادرته بالتحية فرد قائلاً آفي يعني عافية وبالمناسبة الإخوة التشاديين إستقبالهم بارد جداً ليس عن قصد لكن هذه طبيعة الغالبية وليس تجاه السودانيين لكني لا حظته حتي داخل الأسرة الواحدة فقد يغيب الفرد من الأسرة شهوراً ويعود فيسلم عليه أحدأفراد الأسرة الآخرين وهو جالس ويكتفي بمد يدة مردداً أنتي آفي! لذلك لم أقف عندالتحية كثيراً بل دخلت في الموضوع طوالي ومددت له جوازي ليختم عليه فطلب ٤٠٠ ريال قلت له ياخ السودان وتشاد الحالة واحدة أرجو تخفيض المبلغ إلي ٢٠٠ ريال قال لي بجلافة لا تخطئها العين السودان حوش هناو ( بتاعو) براو ( براهو ) وتشاد حوش هناو براو تكفِّي ( تدفع ) ٤٠٠ ريال كان ما عجبك داكو ( ياهو داك) السودان قريب! أحسست بالندم لطلبي التخفيض في الأساس مع إني كنت علي إستعداد لدفع كامل المبلغ لولا النصيحة المهببة😀 فدفعت ال ٤٠٠ ريال عن يدٍ وأنا صاغر😌 عدت إلي مكان العربة وأنا أجرجر أذيال الخيبة أتأمّل في هذه البداية غير المشجِّعة لكن عزائي في أن موظف الهجرة كان يجهل ما يقول والعتب ليس عليه إنما علي الذي وضعه في هذا الموقع بقي أن أقول أن المبلغ المدفوع إن كان ٢٠٠ ريال أو ٤٠٠ ريال فليس هناك من إيصال بإستلام المبلغ والراجح أن المبلغ سيذهب إلي موظف الهجرة ومن عيّنه وليس للحكومة التشادية وهذة الممارسة ليس قاصرة علي أدَري وحدها ولكنها قاعدة عامة في تشاد ومعظم الدول الأفريقية ويبدو أن الجبايات والأتاوات التي ظهرت في السودان مع الإنقاذ كانت جرياً وراء ما يحدث في أفريقيا وهو بئس التقليد ركبنا اللانكروزر الثعلب في طريقنا إلي أبّشي عاصمة محافظة ودّاي التي تتبع لها أدَري ودّاي كانت سلطنة عظيمة في زمانٍ غابر والودّاي في تشاد هم قبيلة البرقو المعروفة في السودان المتواجدة في الجنينة ونيالا والخرطوم والقضارف والجزيرة أبا والجزيرة ومعروف إسهامها في النشاط الإقتصادي والسياسي والإجتماعي وهي بالتالي قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد وليس قبيلة البرقو وحدها القبيلة المشتركة بين البلدين بل هناك حسبما علمت ٣٥ قبيلة مشتركة بين دارفور وتشاد وهناك من يقول أن كل قبائل دارفور موجودة في تشاد ماعدا قبيلة الفور تحرّكت بنا العربة صوب أبشي حوالي العاشرة صباحاً المسافة تزيد عن ال ٣٠٠ كلم لكن جزء كبير من الشارع ردمية مما سهّل المهمة كثيراً طبيعة الأرض في هذه المنطقة تتراوح بين شبه صحراوية ومناطق ساڤنا فقيرة وصلنا أبشي بعد الغروب بقليل

Post: #54
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-12-2016, 08:07 PM
Parent: #53

مدينة أبّشي وإن كانت أكبر من مدينة أدري إلا أنها في واقع الأمر مدينة صغيرة بمقاييس المدن في السودان نزلنا في السوق وهو كأي سوق شعبي في السودان مبني من متاجر مشيدة بالطوب وأخري بالزنك ورواكيب مع فسحة كبيرة تبيع فيها النساء مختلف أنواع المأكولات العصيدة اللحمة الفواكه الخضروات قصب السكر الفول السوداني التسالي ومشروبات رمضان كالعجينة والمديدة والحلبة .. الخ إفطرنا فطور رمضان ونحن جلوس علي البروش المتوفرة بكمية تجاورها العناقريب الجو كان عليلاً القمر أظنه في ليلة تمامه رغم وجود إضاءة في السوق إستمعت من راديو مجاور من إذاعة الحركة الشعبية إلي خبر سقوط الكرمك علي يد قوات الحركة الشعبية إرسال هذه الإذاعة هنا أكثر وضوحاً من السودان أمضيت ليلتي تلك وثلاث ليالٍ أُخر في هذا الفندق المفتوح فليس هناك من فنادق أو إستراحات للإقامة وكل هذا مفهوم لدي تماماً لكن غياب المرافق الصحية ولو كانت بلدية لم يكن أمراً مفهوماً سيما وأن عدد المسافرين العابرين أبشي في طريقهم إلي إنجمينا أو إلي السودان في اليوم الواحد يقدّر بالمئات فيضطر معظم المسافرين لقضاء حاجتهم في الخلاء والحمام البلدي العام الوحيد المتاح ملحق بغرفة كبيرة يتكدس فيها المسافرون دخلته مرة أو إثنتين والآن كل ما أتذكّره أشعر أن محتويات معدتي وصلت إلي حلقي في الصباح ذهبت إلي مكتب القمسيون لحجز مقعد لي إلي إنجمينا حيث إنتهت رحلة العربة التي أقلتنا من الجنينة هنا في أبشي كانت المفاجأة أنه ليس هناك مقعد إلي إنجمينا قبل مرور ثلاثة أيام أو يمكن السفر الآن إن كنت أرغب في الركوب في الخلف لم يكن أمامي من خيار سوي الإنتظار لأن المسافة إلي إنجمينا حوالي ٨٠٠ كلم تقطعها العربة في حوالي ٢٤ ساعة بسبب التوقف في الطريق ولأن الأسفلت يغطي حوالي نصف المسافة فقط وركوب اللانكروزرات البك أب في الخلف متعب فوق أنه مغامرة غير مضمونة العواقب فبقيت في أبشي ثلاثة أيام أغالب الملل

Post: #55
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-12-2016, 11:44 PM
Parent: #54

من نافذة الفيس بوك أطل علينا إخوة كرام وهم Khali Khalil, Mohamed Hassan, Adam Mohajer, Mohamed Jamal, Ali Ahmed, Riyadd Saaad لهم التحية والإحترام أثنوا علي البوست وصوّبوا وإنتقدوا وأنا سعيد بمرورهم جميعاً ناقدين ومادحين فوجودهم هذا محفِّز للكتابة فأن يقرأ الناس ما تكتب لهو غاية كل من يكتب آمل أن أكون عند حسن ظنهم وأقدم مادة تفيد الجميع علي الأقل في مجال المعلومات عن هذا الجزء الهام والمهمل من عمقنا الأفريقي لهم مودتي وتقديري

Post: #56
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-13-2016, 02:50 PM
Parent: #55

في صباح اليوم التالي ذهبت إلي مكتب القمسيون وهو دكان عادي في وسط السوق للإستفسار إن كانت هناك أي إمكانية لوجود مقعد قبل اليوم المحدد بعد يومين للسفر إلي إنجمينا لكن للأسف كانت الإجابة لا جلست حيث إنتهي بي المجلس مستمعاً إلي القمسيون وهو شاب في حوالي الثلاثين من العمر زاده الله بسطة في الجسم لكن في العلم الله أعلم! حيث كان يحدِّث مستمعيه الذين ينصتون إليه بإهتمام بالغ ويزيد عددهم عن العشرة بقليل كان الرجل يتحدث عن شؤون السودان وإحتلال قوات الحركة الشعبية للكرمك ويهرف بما لا يعرف فقال الرجل أن قرنق إحتل الكرمك والآن هو في طريق الخرطوم والتي سقوطها مسألة وقت لا أكثر وأن هناك خمسة مليون تشادي يعيشون في السودان سيساعدون قرنق علي إحتلال الخرطوم! وختم قائلاً السودانيين تلّفوا( خرّبوا ) بلدنا الله يتلِّف بلدهم! والراجح عندي أن الرجل يعلم أني سوداني وليس في المجلس سوداني آخر طبعاً لا إعتراض لدي في أن يتناول الإخوة التشاديين الشأن السوداني فهذا حقهم مثل ما يتداول السودانيون الشأن التشادي وغيره ولا شأن لي بالكرمك وغيرها من المدن السودانية إن ذهبت للحركة الشعبية أو إستعادتها القوات الحكومية في هذه الحروب الأهلية العبثية التي لم يجن منها السودان والسودانيون سوي هلاك الحرث والنسل والدمار والتخلُّف علي أن وجه إعتراضي علي كلام القمسيون ينصب فقط علي أمنيته بخراب السودان وزعمه بأن السودانيين خرّبوا تشاد! رغم إعتراضي علي ما قال لم أتدخل في الحوار خشية الإتهام بالتطفّل ولم أغادر مقعدي بسبب خليط من الدهشة مما سمعت ومن حسن الأدب أن تستمع لمن يتحدث في المجلس ولو كان حديثه من باب اللغو وعند إنتهاء محدثنا من قصته الخالية خرجت متسللاً وعلمت حينها أن من وصفك بالجهل فما ترك لك من صفات السوء شيئا

Post: #57
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-13-2016, 11:43 PM
Parent: #56

في نهار اليوم الأخير في أبّشي وبينما أنا أتجوّل في السوق إذا بمنادي ينادي من خلفي يا حسن حمدنالله وحسن هو إسمي المعروف لدي الأسرة والأهل والأصدقاء قبل أن أستدير لأري مصدر الصوت قلت لنفسي من يعرفني في هذه الأصقاع النائية؟ فالتفت فإذا بي أري الأخ الصديق محمد علي الشعراني وهو من آل الشعراني بزالنجي الذين سبقت الإشارة إليهم من قبل وهو عم مضيفي في إنجمينا علي يوسف بعد السلام الحار وإخباره بوجهتي طلب مني علي الفور أن آخذ أغراضي وأذهب للإقامة معه حيث يقيم مع أصهاره وهو في زيارة لمدة أسبوع إعتذرت له بلطف وشكرته علي عرضه الطيب وذلك لأن سفريتي لأنجمينا تبقت لها ساعتان فقط حمّلت الرجل تحياتي لأهل زالنجي ونيالا حيث يقيم واتجهت لمحل القمسيون حيث تجري ترتيبات الشحن إستعداد للإنطلاق عربتنا هذه المرة لانكروزر إستيشن موديل الجمعية التأسيسية كما هي معروفة في السودان جاء الموعد وتحركنا إلي إنجمينا والسعادة تغمرني وكأنني متجه إلي السودان مرة أخري الطريق قاحل حيث يمر بمنطقة شبه صحراوية مع شجيرات صغيرة متفرّقة هنا وهناك تتخللها أرض صخرية في بعض الأحيان أذكر أننا أفطرنا والعربة متحركة إلي أن وصلنا منطقة أم حجر حيث تناولنا طعام العشاء وواصلنا السير القري التي مررنا بها متناثرة وأحيانا تصطف علي طول الطريق وأغلبها مبني من الطين في اليوم الثاني وبعد موعد إفطار رمضان وصلنا منطقة مساقط وهي إن شئت الميناء البري لأنجمينا من الناحية الشرقية أفطرنا هناك وتوجهت بعربة تاكسي كُورس يعني طلب إلي مكان إقامتي في حي تلاتين بي قِدرو يعني شارع الثلاثين بالزلط حيث إستقبلني صديقي علي يوسف أحسن إستقبال وقتها لم يبق من رمضان سوي عشرة أيام وأنا في سباق مع الزمن لبيع المواد الغذائية المخصصة لرمضان من تين وزبيب وقمردين

Post: #58
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: حامد عبدالله
Date: 08-14-2016, 10:29 AM
Parent: #57


Post: #59
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-14-2016, 10:45 AM
Parent: #57

غداة وصولي إلي إنجمينا حملت المواد الغذائية من البضاعة إلي الأخ إسماعيل التاجر السوداني بسوق إنجمينا الذي إشتراها جميعاً وبسعر أكثر من مجزي 😀 ليس ذلك فحسب بل إشتري مجموعة من حبوب الجبنة ووعد بإيجاد زبائن للمتبقي منها ومن باقي البضاعة وهاهي السفرية المجازفة بدأت توتي أُكلها عدت إلي المنزل وأنا سعيد بما حققت من نصف نجاح تجاري لآخذ قسطاً من الراحة تمهيداً لإفطار رمضان. التشاديون كأهل دارفور وكثير من مدن وقري السودان يفطرون في رمضان كمجموعات من الجيران خارج المنازل فيما يُعرف بالضرا المائدة الرمضانية في تشاد شبيهة بالمائدة الدارفورية مع إختلافات طفيفة منها مثلاً أن الشوربة الساخنة التي يشربها الصائمون بعد تناول البلح هي عبارة عن ماء عيش الدُخن المغلي في النار وربما أضيف إليها شئ من البُهارات كالزنجبيل ونحوه الأمر الآخر هو أكل اللقيمات صغيرة الحجم ( الفنقاسو ) بدون سكر مع شوربة اللحمة وهي طعام طيب المذاق😋 إستمتعت بهذا الإفطار بشدة لأنه أول إفطار لي في مائدة رمضانية منذ أن غادرت نيالا ويبدو أن ثمار الصبر بدأت تساقط رطباً جنيا

Post: #60
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: سيف اليزل سعد عمر
Date: 08-14-2016, 11:35 AM
Parent: #59

Quote: لم يكن أمامي من خيار سوي الإنتظار لأن المسافة إلي إنجمينا حوالي ٨٠٠ كلم تقطعها العربة في حوالي ٢٤ ساعة بسبب التوقف في الطريق ولأن الأسفلت يغطي حوالي نصف المسافة فقط وركوب اللانكروزرات البك أب في الخلف متعب فوق أنه مغامرة غير مضمونة العواقب فبقيت في أبشي ثلاثة أيام أغالب الملل


الاخ محمد الحسن
شكرا علي البوست الجميل.
حاليا يمكن قطع المسافة بين أبيشي وإنجمينا في حوالي 10 ساعات ببصات سفرية مريحة.
أسمح لي أشارك معاك بصورة أخذتها حديثا توضع بعضا من مشاهد الطريق...

أتمنى إنه ما تفتل ليك البوست

موقف البصات في مدينة مونقو
http://www12.0zz0.com/2016/08/14/13/624729332.jpghttp://www12.0zz0.com/2016/08/14/13/624729332.jpg


قرية مبروكة بين مدينة أم حجر ومونقو
http://www4.0zz0.com/2016/08/14/13/103546733.jpghttp://www4.0zz0.com/2016/08/14/13/103546733.jpg


http://www13.0zz0.com/2016/08/14/13/896854204.jpghttp://www13.0zz0.com/2016/08/14/13/896854204.jpg


http://www13.0zz0.com/2016/08/14/13/689492336.jpghttp://www13.0zz0.com/2016/08/14/13/689492336.jpg

Post: #61
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: سيف اليزل سعد عمر
Date: 08-14-2016, 11:42 AM
Parent: #60

موقف البصات في مدينة مونقو


قرية مبروكة بين مدينة أم حجر ومونقو








Post: #62
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-14-2016, 12:46 PM
Parent: #61

العزيز الأديب الأريب سيف اليزل سعد عمر التحية والإحترام أنا سعيد بمرورك من هنا وأنت من عُرف عنك التوثيق الرصين في سودانيز أون لاين وقد تابعت بوستك عن سلطان الداجو كاسافروك بشغف بالغ وعلّقت علي البوست في حينه أحد الأصدقاء المتداخلين عبر نافذة الفيس بوك في أسفل الصفحة شبّه هذا البوست ببوستات سيف اليزل سعد عمر من حيث الرصانة وكان ذلك مصدر شعور بالفخر لي أما الصور التي أضفتها للبوست فقد حققت غرضين أولهما أنها كانت شريان حياة لهذا البوست حيث طالب بعض المتداخلين بالصور وللأسف لم تكن لدي الصور الملائمة للبوست الغرض الثاني ما أثارته هذه الصور من نوستالجا كامنه في النفس من ذكريات جميلة في تشاد وهذا الطريق الذي كم أنا سعيد أن أراه في هذه الحُلّة الزاهية وأن السفر فيه أصبح ميسوراً بفضل هذه البصات المريحة والمسافة الزمنية الوجيزة بقي أن أقول أن بعض الأصدقاء الذين يقيمون معنا هنا يعملون في التجارة بين أوربا وتشاد عبر ميناء كوتونو الحر في جمهورية بنين وقد ذكروا لي أن تشاد وإنجمينا علي وجه الخصوص شهدت نهضة عمرانية وفي مجال البني التحتية بصورة تفوق الوصف ولقد أسعدني ذلك كيف لا وأنا وأنا لازلت أعتبر أعتبر تشاد والسودان حاجة واحدة رغم إعتراض موظف الجوازات في أدَري😀 أُذكِّر نفسي والقراء الكرام أن هذا البوست يسجِّل وقائع رحلة حدثت في العام ١٩٩٧ لذلك عليهم مراعاة فروق الوقت😀

Post: #63
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: nour tawir
Date: 08-14-2016, 02:04 PM
Parent: #62



حضور ومتابعة..
وسعادة بكل هذا المعلومات الغالية ...
التى تجعلك تسافر وتجوب الديار وانت امام الكيبى بورد..
والصور عملت شغل السحر فاكتملت الرؤية..
متابعين جنابو..

Post: #64
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-14-2016, 02:29 PM
Parent: #63

العزيزة Nour Tawir التحية والإحترام بي زيارتك بيتنا نوّر😀 سعيد بمتابعتك ومداخلاتك وهذا مصدر فخر لي ملاحظتك ونصيحتك بخصوص الصور مية المية فقد أعطت الصور البوست حضور ونكهة خاصة تسلمي وأرجو أن لا تحرمينا من ملاحظاتك الذكية في هذا البوست وغيره أتمني صادقاً أن تسمح ظروفك والقراء الكرام لمصاحبتنا في هذه الرحلة حتي أفريقيا الوسطي والسودان فلا يزال هنا الكثير الذي يُروي

Post: #65
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-14-2016, 10:23 PM
Parent: #64

في اليوم التالي عدت لبرنامجي الروتيني في رحلتي الماضية وهو الذهاب إلي السوق صباحاً والعودة إلي البيت ظهراً والذهاب إلي النادي السوداني بعد صلاة التراويح عند ذهابي اليوم التالي لمتجر الأخ إسماعيل وجدت بعض الشباب الذين قابلتهم في مطار إنجمينا المرة الماضية أذكر إسم أحدهم وهو عبدالرحمن يسكن الخرطوم نمرة ٣ غرب حديقة القرشي جاء في مأمورية للإشراف علي عقارات والده من منازل ومتاجر في سوق إنجمينا وآخر لم تسعفني الذاكرة بذكر إسمه جاء لغرض مماثل لكن الفرق هو أن الأخير عقاراتهم في مدينة سار في أقصي جنوب تشاد في الحدود مع أفريقيا الوسطي هذان الشابان قدما لي خدمات جليلة دون مقابل حيث ساعداني في تسويق بضاعتي خاصة أشرطة الكاسيت خاصة بالفنانين السودانيين وحبوب الجبنة التي تجاوزت أرباحها ال ٢٠٠٪‏😀إلي جانب جهود الأخ إسماعيل كان من نصائحهم بخصوص تسويق معدات النجارة هو عرضها علي أصحاب المغالق في السوق ومنهم سودانيين وبالفعل إشتروا منها جزءاً مقدراً ودلني أصحاب المغالق إلي زبون محتمل وهو سفير تشادي سابق في ليبيا إسمه خليل معرض الموبليا التابع له والورشة الملحقة به يقعان في منزله غرب سوق إنجمينا ذهبت للرجل ووجدته جالس في محله وهو في كامل أناقته بجلباب أبيض تشادي والطاقية التشادية المعروفة أحسن الرجل إستقبالي وأجلسني إلي جواره وسألني عن طلبي فعرضت عليه بضاعتي إعتذر الرجل بلطف حيث قال أن مخزونه من المعدات المعروضة يزيد عن حاجة المحل في الوقت الراهن وإقترح علي زبائن محتملين أخبرني الرجل أنه درس في السودان في المعهد الأفريقي الإسلامي ( جامعة أفريقيا الحالية ) وأنه عمل سفيراً لبلاده في ليبيا في فترة حكم حسين هبري شجعني كلام الرجل علي أن أحكي له ما حدث لي مع موظف الهجرة في أدَري ومع القمسيون في أبّشي تأثّر الرجل كثيراً بما سمع وإعتذر بشدة وقال لي أرجو أن لا يثنيكم مثل هذا الكلام الذي يصدر عن قلة لا تعبِّر عن التشاديين وحبهم للسودان والسودانيين قال لي تعلّم قطاع مُقدَّر من التشاديين في السودان وهناك المدرسة السودانية في إنجمينا منذ عهد الرئيس نميري خرّجت أجيالاً هم عماد الخدمة في تشاد اليوم والآن ترسل الحكومة السودانية أساتذة للجامعة لتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية السودانيون لهم فضل نشر التجارة والفن والمطاعم وغير ذلك كثير في هذا البلد ووجودكم هنا مهم كان كلام الرجل بلسماً شافياً أنساني ما سمعت من قبل وإنشرح صدري من جديد لتشاد والتشاديين ودعت الرجل بحرارة وطلب مني زيارته وقتما أشاء عدت المنزل هذه المرة فرحاً رغم عدم تسويق بضاعتي لهذا اليوم لكني إطمأنيت علي صورة السودان في عيون التشاديين وياله من ربحٍ عظيم

Post: #66
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-15-2016, 10:43 AM
Parent: #65

أحب القراءة والإطلاع لذلك طلبت من مضيفي أن يرشدني إلي مكان أمضي فيه النهار مطلعاً فأخذني إلي المركز الثقافي الليبي في شارع ديقول ليس بعيداً من السوق المبني مكوّن من طابقين علي ما أذكر هناك قاعة للإطلاع وكتب ومجلات عربية طبعاً الكتاب الأخضر حاضر وبشدة😀 منذ يومي ذاك أصبحت أمضي النهار بين السوق والمركز الثقافي حيث أطلع علي مجلات الحوادث والعربي وغيرها في المركز وأستلف كتابين أو ثلاثة للقراءة في المنزل عندما لا أخرج من المنزل وعند الفراغ من الكتب أعيدها لآخذ كتب أخري وهكذا أذكر من الكتب التي قرأتها في تلك الفترة تاريخ الدولة الأموية والدولة العباسية وكتاب يتحدث عن الفتنة الكبري للكاتب اللبناني المعروف جرجي زيدان وأنا أتردد علي السوق علمت أن الأخ الصديق فنان نيالا المعروف آدم حمودة حضر منذ فترة للإقامة في إنجمينا في حي مرجان دفّق😀 وهو مكان إقامة السودانيين المفضّل خاصةً الفرق الغنائية وكانت وقتها في أنجمينا خمس فرق غنائية سودانية وهذا دليل آخر علي محبة التشاديين للغناء السوداني وكان من أساسيات حفلات الأعراس في تشاد هو وجود فرقة غنائية سودانية حفلات الأعراس التشادية مشابهة لنظيراتها السودانية مع فرق طفيف وهو ظاهرة الشكيت التي ربما عرفها السودان في السابق وربما هي موجودة في بعض القري والمدن حتي اليوم وهي أن ينثر الحضور أوراق النقد علي المغني أو المغنية والتشاديون يبالغون في ذلك ويصرفون بسخاء أقرب إلي التبذير خاصة إذا كان الفنان أو الفنانة من الفنانين السودانيين المشهورين الذين يزورون تشاد بإنتظام ووقتها كانت فنانة الشباك الأولي في تشاد هي الفنانة حنان بلوبلو زرت الصديق آدم حمودة الذي تفاجأ بوجودي في إنجمينا ورحب بي ترحيباً حاراً وعرض علي السكن معه ووافقت علي الفور لقرب الحي من السوق والمركز الثقافي ولوجود عدد من السودانيين في الحي فقط طلبت منه الإنتظار حتي قضاء العيد مع مضيفي الذي أكرمني وتطيب خاطره وإقناعه بضرورة سكني بالقرب من السوق فالرجل قد أكرمني وأستحي أن أفارقه فجأة ودون مقدمات وإفق الصديق آدم حمودة علي ذلك

Post: #67
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-15-2016, 05:10 PM
Parent: #66

إنجمينا وقتها تعاني من ندرة كبيرة في الجبنة البيضاء رغم توفُّر الحليب وسعرها إن وُجدت فهي غالية جداً حكي لي إسماعيل التاجر أن شخصين فقط في إمرأة ورجل في أنجمينا يصنِّعان الجبنة بكميات محدودة جداً ويبيعانها للمتاجر في السوق وبأسعار خرافية الأخ عبدالرحمن من الخرطوم ٣ قال أن لديه خبرة في صناعة الجبنة ولدينا حبوب الجبنة فطلبت منه محاولة عمل جبنة لإستهلاك مجموعتنا هذه الأُسري وقد كان حيث حضر لنا عبدالرحمن في المنزل وجهّز الأخ علي يوسف باغة لبن سعة ٤ جالون أفرغ عبدالرحمن اللبن في جردل بلاستيك جديد وأضاف إليه ملح طعام وحبتين ثلاثة من حبوب الجبنة وترك المحتويات لحوالي الساعة تم سكب المحتويات في جردل آخر مستخدمين قماش دمورية جديد لتصفية المحتويات يذهب ماء الملح في الجردل في الأسفل وتبقي الجبنة غير متماسكة في القماش يتم ربط القماش ووضعه في قالب من الخشب علي شكل مستطيل نصف ساعة أخري أصبحت لدينا جبنة كاملة الدسم تم تقطيعها بالسكين ووضعها علي محلول الملح كمادة حافظة وكل واحد منا أخذ نصيبه لبيتهم وكانت أحلي جبنة بيضة أتذوّقها😋 قلنا الكلام دا لييه لأنه دي كانت واحدة من أوجه الإستثمار المحتملة في تشاد مصنع كامل للجبنة ينتج عشرات الكيلوجرامات في اليوم برأسمال يكاد لا يذكر

Post: #68
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-15-2016, 10:17 PM
Parent: #67

أول عيد يمر علي وأنا خارج السودان عيد الفطر ١٩٩٧ مرة أخري العيد في تشاد كالعيد في السودان ودارفور علي وجه التحديد أمضيت أيام العيد مع الصديق علي يوسف وشرحت له دواعي تبديل مقر إقامتي تفهّم الرجل الأمر وسمح لي بذلك كان العزاء أن التواصل بيننا لم ينقطع إطلاقاً يزورني وأزوره إلي أن غادرت تشاد حللت في داري الجديدة مع الصديق الفنان آدم حمودة فالرجل قبل أن يكون صديقاً أنا معجب بطريقة أداءه لغناء التراث الدارفوري وخاصة تراث البقارة وهو صاحب صوت جميل وعازف ماهر علي الكي بورد ( الأورغن ) فالرجل أصلاً من الضعين ولكنه يقيم في نيالا لذلك فتراث البقارة يجري في دمه ومن أغاني التراث التي إشتهر بها في نيالا في الثمانينيّات أغنية القمر بضوِّي شن بلاني بالنجوم وأغاني أُخر أتاح لي السكن مع الأخ آدم حمودة التعرّف علي الفرق الغنائية الموجودة في إنجمينا وعلي رأسها فرقة النجوم ولعل أبرز فنانينها وقتها إسمه عزيز من كردفان كما إلتقيت الفنان سراج العروبة وهو إبن حلتي في نيالا وهو اليوم من أشهر فناني تشاد علي الإطلاق وإلتقيت الفنان الشعبي المعروف الذي إشتهر إلي جانب أبوعبيدة حسن لأنه صاحب نفس اللونية الغنائية وإختفي فجأة وهو الفنان عبدالوهاب التازي كما تعرفت علي فنان التراث الكردفاني الأصيل عباس عبده خريج كلية الفنون الجميلة معهد الكليات التكنولوجية جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا اليوم في السبعينات وهو فنان ماهر في الرسم وعزف العمود وعلمت أنه من أوائل الذين أشهروا أعنية التراث الكردفاني الشهيرة الجنزير التقيل عندما كان في فرقة فنون كردفان أهداني الرجل شريط كاسيت بأغاني سجلها في حضوري ومن فرط سذاجتي عندما جئت إلي لندن أعرت الشريط إلي صديق فأضاعه ولكم تألمت لذلك وتأكدت حينها أنه غبيٌ من يعير شريطاً وغبيٌ من يردشريطاً وليس كتاباً فقط علي أن المؤسي ليس ضياع الشريط بقدر ماهو علمي بوفاة الفنان عباس عبده منذ أشهر قلائل بعد عودته إلي الأبيض ألا رحمه الله رحمة واسعة وجعله من أصحاب اليمين هؤلاء الفنانين وغيرهم كثير ما عدا آدم حمودة جاءوا إلي تشاد من ليبيا بعد قرار طرد الأجانب التي إتخذته السلطات الليبية في التسعينات كان هؤلاء الفنانين يزوروننا في المنزل بغرض الونسة ولعب الكوتشينة وكنا نزورهم في منازلهم لنفس الغرض ورغم إقامتي في هذا الوسط الفني وحفلاتهم تقريباً بصورة يومية لم أحضر طوال إقامتي التي إمتدت لأكثر من شهر سوي حفلتان أحدهما في عيد الفطر في النادي السوداني شاركت فيها كل الفرق الغنائية والثانية حفلة خاصة أحياها الصديق آدم حمودة والسبب هو أني لا أحب السهر والحفلات في أنجمينا عادةً ما تبدأ منتصف الليل ووقتها أكون في سابع حلمة😀

Post: #69
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-16-2016, 11:39 AM
Parent: #68

من نافذة الفيس بوك أحيي الأصدقاء Ali Saeed, Caf Laibo, Abazer Deshabille الذين غمروني بفيض محبتهم وإعجابهم وثناءهم وتفرييظهم لما كتبت وتشجيعهم لي بنشر القصة في كتاب😳 تطالعون ردودي في الأسفل في نافذة الفيس بوك حيث أفدت الأصدقاء الكرام إنو دا شعر ما عندي ليهو رقبة😀أنا زول ساي أكتب كهاوي وليس محترف وللكتابة والقصة والرواية أدواتها ولا أملك منها شروي نقير😀 هذه حقيقة وليس تواضع مصطنع أنا شاكر حسن ظن الأحباب بي وأرجو أن يكون ما تبقي من قصة أكثر إمتاع ومؤانسة ومخاطرة من ذي قبل خاصة عندما دوّرت الذخيرة في سوق الغنم في بانقي ونحن جوه الجك😳لكن الله ستر

Post: #70
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-16-2016, 12:50 PM
Parent: #69

وتتواصل المفاجآت السعيدة في أنجمينا فقد علمت أن الصديق الأستاذ محمد عبدالله محمدين المحامي والناشط الحقوقي حاضر البديهة والطرفة إبن نيالا موجود في أنجمينا ذهبت لزيارته حيث يقيم مع الوزير السابق السوداني التشادي محمد عبدالقادر منصور إبن المرحوم أبو منصور القطب الإتحادي المعروف في مدينة كاس كان الأستاذ محمدين سعيد بلقائي كسعادتي بلقائه حيث علمت منه أن يعمل بصورة مؤقتة في المدرسة السودانية ريثما تكتمل إجراءاته للسفر إلي الخارج أصبحنا نلتقي بصورة شبة يومية إما في السوق أو في مقار إقامتينا في مرة من المرات دعاني لزيارة صديقة سوداني قطب حزب أمة معروف يقيم مع أسرته في إنجمينا في منزل مجاور للسوق من الناحية الغربية ولدية متجر متواضع في شكل فرّاشة كان الرجل يرتدي جلابية علي الله وطاقية حزب الأمة المعروفة أحسن الرجل إستقبالنا وإكرامنا وطوّف بنا من خلال حديثه وهو حديث العارف بالشأن السياسي السوداني والتشادي حيث أقام هنا فترة ونحن جلوس جوار بضاعته المفروشة في تربيزة علي الشارع مرّ من أمامنا شخص يلبس الجلابية التشادية لونها بني علي ما أذكر وطاقية تشادية وشبسب بلاستيك ( شحّاطة ) ويحمل في يده اليمني كيس بلاستيك أسود أظنه ملئ باللحمة والخضار ألقي الرجل علينا السلام ومضي لحاله سألنا مضيفنا إن كنا قد تعرّفنا علي الشخص الذي مرّ فأجبنا بالنفي فقال لنا أن الرجل هو وزير خارجية تشاد في عهد الرئيس السابق حسين هبري فارتفعت حواجبنا من الدهشة! هذه البساطة التي جعلتني أفكِّر جاداً في البقاء في تشاد كما فعل معظم السودانيين ولكن زي ما بقولوا البقارة أنا زول ضهري شايل شوك😀 يعني وراي في السودان أسرة ومسؤوليات وما كان عندي خيار غير العودة إلي السودان لكن ذلك المشهد علي بساطته أعطاني فكرة موجزة عن التواضع والبساطة التي يتميّز بها الشعب التشادي فالناس حاجة واحدة دون حواجز من مناصب أو ثراء ودعنا قطب حزب الأمة وكانت المفاجأة أن دعاني الصديق محمدين إلي وجبة عشاء خاصة ذهبنا إلي المطعم الشعبي الذي يقع في حي السارا جنوب إنجمينا والسارا هي قبيلة تمبلباي أول رئيس تشادي وإن كان البعض يقول أن أول رئيس تشادي هو غلام عبدالرحمن الذي يزعم البعض أنه من أصول سودانية علي أية حال السارا هي من القبائل الأفريقية الأصلية في تشاد وهي من أكثر القبائل تعليماً وكان يقوم عليها جهاز الخدمة العامة عموماً في تشاد وصلنا مطعم الحاجة تنتينا زمزم المشهور في أنجمينا وهو عبارة عن بيت من الطين توجد راكوبة بالداخل وفسحة خارج المنزل مفروشتان بالبروش والبنابر للرواد جلست وصديقي في البنابر في الخارج وطلب محمدين السمك الذي تم شواؤه في حضورنا في شواية موضوعة علي كانون وت
مع تغطية السمك بصحن فنضج السمك بنار الفحم والبخار معاً في هذه الأثناء تم تجهيز صحن سلطة كبير ملئ بالخص والطماطم والبصل عندما نضج السمك ووضع أمامنا وبدأنا في الأكل أصدقكم القول أني لم أذق طعماً لسمك في حياتي مثل هذا رغم كثرة أسفاري فرغنا من طعامنا وحبسنا بشراب المالتينا وهي شعير مصنوع بعصير قصب السكر وعنده رغوة عجيبة يعني بيرة مسلمين😀فكانت ليلة ولا كل الليالي

Post: #71
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-16-2016, 07:31 PM
Parent: #70

مضي علي ما يقرب من الشهرين في أنجمينا وعندها ولله الحمد بعت كل بضاعتي عدا صندوق وحيد لمعدات النجارة عندها لملمت أطرافي وعزمت علي مواصلة رحلتي إلي بانقي عاصمة أفريقيا الوسطي لتحقيق غرضين أولهما سياحي لمعرفة البلد وزيارة بعض الأهل الذين يعملون في التجارة هناك والغرض الثاني تجاري وهو شراء البن وشحنه باللواري إلي السودان فبالإضافة إلي عائد بيع بضاعتي أرسل لي شقيقي محمدزين حمدنالله المقيم في بريطانيا وقتها مبلغ خمسة ألف دولار دعماً لمشروعي هذا حيث إستلمت المبلغ وحولته إلي أفريقيا الوسطي لشراء البن قبل سفري إلي تشاد لكني قبل أن أغادر تشاد أسجل هنا بعض الملاحظات علها تكون ذات فائدة للقارئ الكريم عند زيارتي إلي تشاد في العام ١٩٩٧ كانت صحة البيئة متردية للغاية حيث الكوَش في كل مكان ومصارف المياه والصرف الصحي مفتوحة أمام المنازل هذا كان سبباً في تكاثر الذباب والباعوض والأمراض الناتجة عنهما من إسهالات وملاريا أعتقد أن إسمها بالفرنسية باليه وكان لهذه الأمراض الأثر الكبير في تعطيل الأيدي العاملة عن الإنتاج وحتي لا أظلم تشاد فإن تدهور صحة البيئة هو القاسم المشترك الأعظم بين الدول الأفريقية بما فيها السودان ولا يجد هذا الأمر الحيوي الهام الإهتمام اللائق من الحكومات ملاحظة أخري في تشاد وهي أنها بلد علماني وبالتالي الخمور متاحة في المتاجر في الأسواق وهناك ملاهي ليلية كما علمت لكن برغم ذلك تجد خلاوي تحفيظ القرآن الكريم أو المسيد موجود في كل حي بل أكثر من واحد في الحي الواحد كما تجد الوُعّاظ الذين يخلطون الوعظ بالفكاهة ينشطون في الأسواق والمساجد وساحات الأحياء بعد صلاة العشاء مستخدمين المايكروفونات وهو نموذج الفكي ركركة المعروف في دارفور الشاهد في الأمر أن الإسلام لا يحتاج فرضه علي الناس بالقوة بل الأفضل ترك الناس علي سجيتهم فيسود الإسلام عن رغبة وليس رهبة التي تشيع في الناس النفاق أمر آخر لفت نظري هو الإسم الذي يُطلق علي المثليين من الرجال في تشاد فالواحد يسمي شمروخة والجمع يسمي شماريخ والذي يذهب من السودان عليه أن يدقق في الألفاظ فقد يكون لها معانٍ ومدلولات مختلفة في تشاد مثلاً في السودان يقال للمرأة المطلقة عزباء لكن في تشاد عزباء يعني مومس! معظم التشاديين بما فيهم الأميين يتحدثون الفرنسية لذلك تجد الكثير من الكلمات الفرنسية مدمجة في لغتهم العربية الدارجة مثلاً الماسورة تيو والشباك فنيتر والمكيّف كلماتيزير والعلاقة العاطفية أو البزنس أفير وهكذا تمنيت لو كنت أتحدث الفرنسية في تشاد وأفريقيا الوسطي فهي لغة ذات جرس محبب إلي نفسي وإن كنت لا أعرف للكلمات معني والتشاديون محبون لكرة القدم يتابعون الدوري الفرنسي أيام السبت والأحد من علي راديو فرنسا الدولي وهم جلوس أمام منا لهم في الطرقات حيث لم تكن هناك قنوات فضائية منتشرة في إنجمينا في ذلك الزمان دخلت أستاد إنجمينا لمشاهدة مباراة في كرة القدم بين فريق القطن التشادي وفريق كمروني عجبتني المباراة لكن الأستاد عجبني أكثر من حيث المباني والإضاءة والنجيلة المراهنات كانت متاحة حيث يراهن من يرغب علي الدوري الفرنسي والخيول التي تجري في فرنسا

Post: #72
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: Muhamed Hassan Abdalla
Date: 08-16-2016, 09:00 PM
Parent: #71

بوست شكلو سمين يا بوحميد وتشكر عليهو

بس لو تكرمت عشان تسهل علينا

المطالعة حاول ماتسرح في السطر

ونحن عشان الكلام حلو ومفيد نقعد

نجرجر الصفحة للاخر عشان

نكمل السطر والكبر حاصل

اعذرنا

Post: #73
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-16-2016, 11:30 PM
Parent: #72

العزيز Muhamed Hassan Abdalla التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك وإشادتك بخصوص جر السطر حاولت أضع النص في المنتصف آمل أن تكون المشكلة قد إنتهت وظهر معك النص بصورة معقولة وغير مجرورة أنا أكتب من التلفون وليس من Desktop أو Laptop لذلك أجد صعوبة في الضبط وحتي تحميل الموقع بطئ جداً لذلك المعذرة إن ظهرت بعض المشاكل التقنية تسلم مودتي وتقديري

Post: #74
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-17-2016, 12:45 PM
Parent: #73

كان في وداعي بموقف العربات بسوق إنجمينا لفيف من الأصدقاء وأنا متجه إلي مدينة مندو التشادية في أقصي جنوب تشاد علي الحدود مع أفريقيا الوسطي كانت وسيلة السفر هذه المرة عربة لانكروزر بك أب القديمة المعروفة بالثعلب ظفرت بمقعد أمامي بين السائق وصاحب العربة غادرنا أنجمينا عصراً الطريق معظمه ردمية أعتقد أنه يمر ليس بعيداً عن حقول النفط التشادية أو خط الأنابيب الناقلة للخام التشادي إلي الكمرون حيث مررنا بمعسكرات تابعة للشركات العاملة في مجال التنقيب وقتها مرة أخري التشاديون يقودون بسرعة خطرة وتتسابق العربات للوصول إلي مقصدها باكراً وتنعدم الرؤية بسبب الغبار الكثيف الذي تثيره العربات في المقدمة ولا يري السائق أمامه شئ إلا أنوار الفرامل للعربة التي أمامه عندما تهدئ السرعة فيقف علي بعد أمتار قليلة منها😳 أمضينا الليلة قرب نهر صغير وفي الصباح عبرت العربات النهر علي ظهر معدية تسمي في تشاد الباك من هناك بدأ شارع الأسفلت ووصلنا مندو حوالي العاشرة صباحاً المدينة أكثر إزدهاراً من أبشي وسوقها عامر ربما لوجودها علي الحدود مع أفريقيا الوسطي وليس بعيداً عن الحدود مع الكمرون لحسن الطالع وجدنا عربة لوري متجه إلي قرية بيتوقي داخل حدود أفريقيا الوسطي وحظيت مرة أخري بمقعد أمامي غادرنا تشاد ومع حلول العصر وصلنا القرية بعد المرور علي الحاجز الحدودي ودفع الأتاوات المقررة وصلنا بعد إنفضاض سوق القرية وهو عبارة عن هياكل رواكيب وعددها محدود والقرية نفسها تتكوّن من عدد محدود من القطاطي السوق في القري هنا وفي تشاد ودارفور وكردفان وبعض مناطق السودان ينعقد مرة في الأسبوع حيث يمر علي قري أخري في أيام الأسبوع الأخري عليه فقد غادرت آخر العربات المتجه إلي داخل أفريقيا الوسطي والعربة التي أقلتنا إلي هنا وجهتها أخري وليست بانقي التي أقصدها لذلك علينا الإنتظار أسبوعاً حتي السوق القادم أو أن تأتي عربة مصادفة حملت أغراضي ومعي رفيق سفري شاب تشادي من قبيلة السلامات وهي قبيلة عربية مشتركة بين السودان وتشاد ولها محافظة تحمل إسمها في تشاد توجهنا تجاه هياكل الرواكيب ولا أقول رواكيب لندبِّر أمرنا ونبقي لمدة أسبوع في إنتظار السوق القادم وقدوم العربات العزاء أن الجو كان معتدلاً ويمكن النوم في العراء دون سقف أعددنا المتكئ تمهيداً لقضاء الليلة وكان في البال الذهاب إلي متجر مبني من الزنك يقف في منتصف السوق إلي جانب أكشاك أخري مغلقة لكن قبل أن نتحرك من موقعنا خطوة لا حظنا وصول عربة لانكروزر بكب الثعلب إلي السوق تحمل في مؤخرتها مجموعة من النساء وجاءنا من يبشرنا بأن العربة ذاهبة إلي مدينة بسانقوا وعلينا التحرّك سريعاً للحاق بالعربة😀 لم تسعني وصديقي الفرحة بسماع الخبر فهرولنا تجاه العربة حاملين متاعنا لا نلوي علي شئ وصلنا العربة المنقذة طبعاً بكون ترف ونكران نعمة لو سألت السائق عن وجود مقعد أمامي😀 بل تسلّقت ورفقي لنأخذ مقعدنا وسط النساء وهن في عمر أمهاتنا ليس ذلك فحسب بل إتضح أن النسوة أنفسهن من قبيلة السلامات جئن من سوق قرية مجاور بعد أن بعن بضاعتهن ويتحدثن بنفس لهجة البقارة في السودان فأحسست بطمأنينة عجيبة وكأنني أجلس بين أهلي وعشيرتي وصلت العربة قبل الغروب بقليل إلي مدينة صغيرة لا أذكر إسمها الآن نزلنا فيها أنا ورفيقي التشادي والنسوة واصلن سيرهن بالعربة إلي مدينة بسانقوا وهي ليست في طريقنا إلي بانقي رفيقي دعاني إلي تمضية الليلة معه في منزله لآخذ الحافلة الصباح إلي مدينة بوسنتلي المدينة التالية في الطريق إلي بانقي إعتذرت للشاب بلطف وأخبرته أني أُفضِّل قضاء الليلة في أحد المقاهي الموجودة علي الشارع الرئيسي لأتحرّك مع أول عربة متاحة لم يتركني الرجل وحدي بل أخذني إلي أحد أقاربه وإسمه حسن في الثلاثينيات من العمر تبدو عليه علامات السكينة والوقار ورقة الحال وهو من قبيلة السلامات من السودان وموطنه سنار لكنه يقيم في تشاد منذ مدة ولدية مطعم ومسكن غاية في التواضع وهو عبارة عن غرفة من الطين وكل الأثاث الموجود فيها عبارة عن برش وفرش وكانون للطبخ وبرّاد شاي وبعض أواني الطبخ والشاي أوصي رفيقي حسن بي خيراً وودعنا وانصرف جلست علي البرش وتجاذبنا أطراف الحديث مع حسن الذي كان من حيائه لا ينظر إليّ وهو يتكلّم سألته عن أحواله قال أنه مبسوط وعلي إتصال بإهله ويخطط للعودة إلي السودان رغم رقة حال حسن فقد كان رجلاً عفيفاً مقتنع بما يملك من حطام هذه الدنيا أعد لنا حسن الطعام وتعشينا معاً وشربنا الشاي ونمنا علي فراشنا المتاح وهو البرش كلما أذكر هذا الموقف تدمع عيناي ولا أجد للدنيا طعماً فمثل حسن كثير لكنا عنهم لاهون بإنشغالنا بأنفسنا وأهلونا ودعني حسن الصباح حيث أخذني إلي حافلة رغم أنها قديمة متهالكة ولكنها خطوة متقدمة من الثعلب وغادرنا إلي بوسنتلي

Post: #75
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-18-2016, 00:03 AM
Parent: #74

,وصلت إلي مدينة بوسنتلي في نفس اليوم مع مواعيد صلاة الجمعة حيث كان الإمام يخطب في المسجد المجاور للشارع الرئيسي الممان الذي يوجد فيه السوق ما يجدر ملاحظته في أفريقيا الوسطي كما في مناطق كثيره في أفريقيا هو أن القري والمدن الصغيرة تبني علي جانبي الطريق وقد تمتد عدد من الكيلومترات المسجد كان عبارة عن كُرنُك وللذين لا يعرفون الكُرنُك فهو عبارة عن جملون مبني من القش والحطب تركت متاعي مع أقرب صاحب متجر يبيع الملابس الشعبية والقماش حييته وطلبت منه ترك أغراضي معه لأ داء الصلاة قم العودة لأخذها وافق الرجل دون تردد فرغت من الصلاة وعدت فإذا بالرجل ينتظرني بطعام الغذاء أذكر أنه كان عصيدة بملاح شرموط أبيض وهو عندي من الطعام المفضّل وكانت الوجبة في الزمن المناسب حيث بدأ مؤدِّن بطني في الصياح😋ونحن نتناول الطعام سألني الرجل يبدو أنك سوداني فمن أين أتيت وإلي أين تذهب قلت له نعم أنا سوداني من نيالا قادم من أنجمينا وفي طريقي لبانقي لزيارة أقاربي وشراء بُن سألني من أقاربك في بانقي قلت له أقاربي أمين الزبير حاج الطاهر دخيري فاروق عبدالكريم عاصم عبدالقادر تجاني محمد تجاني وآخرين فضحك الرجل وقال لي أقاربك ديل أهلي😀أنا من رهيد البردي ومتزوّج من نيالا إبنة محمد إبراهيم البشر قلت له محمد إبراهيم البشر دا ذاتو قريبي وسكنا في بيته أكثر من عام عندما كان في الجيش ويعمل في الجنوب! فأعدنا السلام مرة أخري لأنه طلعنا قرايب كنت عارف السودان ضيّق لكن أكتشفت إنو تشاد وأفريقيا الوسطي برضو ضيقات حيثما ذهبت تجد من تعرف أو يمت إليك بصلة القرابة أصرّ الرجل علي أن يستضيفني في منزله ويكرمني لكني ألحيت علي المغادرة لأصل بانقي بأسرع ما يمكن فوافق الرجل علي مضض الحافلات واللواري المتجهة إلي بوسمبلي المدينة التالية في الطريق إلي بانقي جاهزة أعطاني قريبي خارطة طريق إلي بانقي ونصحني بالمبيت في يالوكي التي سنصلها عند الغروب مع قريبي وصديقي علي حسين دخيري الذي لم أراه سنين عددا ودعت الرجل الذي سعدت بمعرفته وقرابته وركبت الحافلة في طريقي إلي بوسنتلي الطريق منذ دخولي أفريقيا الوسطي تحفه الخضرة علي مد البصر أشجار الساڤنا الغنية في كل مكان القري متناثرة في الطريق مبنية في الغالب من الطين الشارع ردمية بحالة جيّدة لذلك تقطع العربات المسافة في زمن معقول هناك شركة يابانية تعمل في سفلتة الطريق أظن إسمها كاجيما وشارع الأسفلت وصل مدينة بوسمبلي التي وصلناها عصراً وقفنا فقط لنزول بعض الركاب وصعود آخرين لنصل مدينة يالوكي قبيل الغروب بقليل نزلت في السوق الذي يشقه الشارع إلي نصفين سألت صاحب أول دكان عن علي حسين وهو معروف في المنطقة لأنه المصوراتي الوحيد بعث صاحب الدكان من ينادي علي حسين وماهي إلا دقائق إلا وحضر علي خلته نساني لطول المدة ولكنه عرفني من أول نظرة تبادلنا سلام السودانيين المعروف بحرارته ترك متاعي في الدكان وأخذني إلي برندة بار قريب😳 قلت ليهو يازول دا شنو؟ قال لي ضاحكاً أصبرشوية بعد قليل جاء لنا بقارورة كوكاكولا حجم عائلي وكأسان حجم عائلي أيضاً طبعاً في هذه المنطقة النائية تقديم مشروب الكولا كرم لا يدانيه كرم وهو مشروب غير متوفِّر في المتاجر العادية لكنه موجود في البارات! شربنا ما تيسر من الكولا وذهبنا لأخذ متاعي ثم إلي منزل علي حسين الذي يبعد حوالي عشرة أمتار من الزلط المنزل الذي يقيم فيه علي هو منزل قريبه محمد أحمد الذي كان مسافراً لكن أسرته موجودة التي بالغت في إكرامي بعد الإستحمام تعشينا وتسامرنا إلي وقت متأخِّر من الليل عندما أخطرت علي برغبتي في السفر إلي بانقي صباح اليوم التالي طلب مني البقاء يوم غدٍ لأسافر بالحافلة المملوكة لمحمد أحمد بعد غدٍ حيث يملك محمد أحمد حافلتان يعملان بالتناوب بين يالوكي وبانقي إحداهما غادرت صباح اليوم إلي بانقي لم أوافق علي إقتراح علي وأصررت علي السفر صباح اليوم التالي في الصباح رافقني علي إلي الشارع في إنتظار العربات ولسوء الطالع جاءت لواري فقط في طريقها إلي بانقي وليس فيها مكان لركاب فاضطررت إلي المبيت ليلة أخري في يالوكي لأغادر صباح اليوم التالي بحافلة المنزل التي يقودها الأخ إبراهيم محمد أحمد والذي رفض أن أدفع قيمة الأجرة

Post: #76
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-18-2016, 01:08 PM
Parent: #75

الطريق من يالوكي إلي بانقي كان رائعاً مزدان بالخضرة والغابات زاد من متعة السفر أن الحافلة كانت شبه جديدة مع ونسة إبراهيم لم نشعر إلا ونحن علي بوابة بانقي التي وصلناها ظهراً أخذني إبراهيم مباشرةً إلي المنزل الذي يستأجره الخال أمين الزبير الحسين في حي مسكين الذي يقع في طرف المدينة الشمالي وهو حي راقي المنزل نفسه منزل جميل مكوّن من ثلاث غرف وصالون وصالة ومطبخ وحمام داخلي وخارجي وفسحة كبيرة ومساحته لا تقل عن ٦٠٠ متر مربع ويقع علي الشارع الرئيسي الذي يربط الحي بوسط المدينة إستقبلني الأخوال المرحوم محمد الزبير وحبيب الزبير إستقبالاً حاراً ورحبا بي في بانقي الخال أمين لم يكن موجودا وقتها ببانقي بل كان في مدينة أم بايكي التي تبعد نحو ساعتين من بانقي حيث يعمل هناك وكيلاً للتاجر اللبناني المعروف في بانقي علي سكيكي الذي يعمل في الإستيراد وتصدير البن والخشب إلي أوربا أم بايكي من المدن الجميلة التي تقع في أحضان الغابات المشهورة بإنتاج البن وقد زرتها فيما بعد كما سيرد ذكره لاحقاً بعد الحمّام والإستجمام عاد إلي المنزل بعض الضيوف وهم من التجار القادمين من السودان بعد أن أمضوا سحابة نهارهم في السوق بائعين ومشترين لبضائعهم التي جاؤوا بها من السودان وفي الغالب هي أبقار أو أواني منزلية والزيت والصابون والسكر والبصل وغيرها أما الصمغ السلعة الأغلي والأكثر طلباً هنا فتأتي عن طريق التهريب والسبب أن السلطات السودانية تفرض علي المنتجين وقتها بيع الصمغ لشركة الصمغ العربي بأسعار زهيدة لتكسب الشركة من وراء عرق المنتجين ملايين الدولارات عن تصديره إلي الخارج! بينما الشركة الإسرائيلية التي تشري الصمغ في بانقي تدفع عشرات أضعاف السعر الذي تدفعه شركة الصمغ العربي! التجار في طريق عودتهم من بانقي إلي السودان يشترون البن والخشب والكُمبا وهو نوع من البهار يستخدم في القهوة والطبخ وسلع أخري تناولنا طعام الغداء ونحن مجموعة وطيلة فترة وجودي التي قاربت الشهرين لم يخلو بيت الخال أمين من الضيوف قط فالرجل مشهور بالكرم وأنه رجل متلاف للمال يحصل علي الملايين ويصرفها في زمنٍ وجيز ولا يعرف قيمة للمال لذلك أحبه الناس وكان علماً يقصده الناس أينما ذهب في السودان وفي أفريقيا الوسطي في الصباح وبرفقة الخال حبيب أخذنا عربة تاكسي من أمام المنزل تعمل كمواصلات عامة بنظام الطرحة بالضبط كما هو الحال في أنجمينا عربات التاكسي جديدة ومتوفرة طوال الوقت عشر دقائق فقط وصلنا إلي السوق في وسط المدينة أو سان كيلو كيلو خمسة بالفرنسية أو سوق الماتلا سوق المراتب بالفرنسية وهو مكان تواجد السودانيين سواء أصحاب المتاجر المقيمين ببانقي أو التجار السودانيين الذين جاؤوا لبيع بضائعهم وشراء البن والخشب أذكر من تجار السوق وقتها العم علي حسن رئيس النادي السوداني وقتها والعم إدريس والعم سليم صاحب حوش سليم المشهور وعلمت أنه كان صف ضابط في الجيش السوداني فرّ من السودان عقب فشل إنقلاب هاشم العطا الذي كان مشاركاً فيه حوش سليم عبارة عن مخازن يتم فيها إفراغ حمولة العربات القادمة من السودان وتعقد فيه صفقات البيع والشراء نظير أجر معلوم ومن التجار كذلك علم تاجر البن الشهير وميرغني وآخرين النادي السوداني لا يبعد عن سوق المراتب سوي مائة متر غرب الظلط وهو عبارة عن مساحة ضيقة بها تلفزيون فيه القناة السودانية وقنوات عربية فيه ترابيز للكتشينة والضمنة الذين يتفرجون في التلفزيون يجلسون علي بساط أو بروش مفروشة علي الأرض علي أن الباعوض في بانقي وخاصة سان كيلو وبالذات النادي السوداني مصدر إزعاج حقيقي وسبب إصابة السودانيين المتكرر بالملاريا صحة البيئة في سان كيلو متردية جداً فالكوَش منتشرة ومجاري الصرف الصحي مفتوحة والذباب بكميات خرافية وفي المساء يحرق الأهالي الكوَش فتزيد الطين بِلة

Post: #77
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-18-2016, 07:02 PM
Parent: #76

قدمني الخال حبيب الزبير إلي تجار السوق المقيمين والزائرين وكانوا كعادة السودانيين مرحبين بأي ضيف ذهبنا إلي حوش سليم الذي كان عبارة عن خلية نحل في النشاط وذلك لمقابلة وتحية إبن خالتي عاصم عبدالقادر الذي يذهب إلي بانقي في الموسم لشراء البضائع الواردة من السودان بالإجمالي وبيعها إلي تجار التجزئة فيجني من ذلك أرباح طائلة ولكنه كالخال أمين كريم وشهم لا تستقر الأموال في جيبه مطلقاً يكسب الملايين ويصرف الملايين يستأجر منزلاً ملاصق للنادي السوداني ولا يقل سكان المنزل بحال عن العشرة طوال أيام الموسم ( أنا نفسي كنت ضيفاً علي عاصم في هذا المنزل عندما حضرت العام التالي من السودان ومكثت زهاء الشهرين ) ضيوف عاصم كذلك تجار جلبوا بضائع لبانقي ليشتروا بُن ويعودوا إلي السودان إلتقينا عاصم المشغول الذي رحّب بي وأخذنا إلي المطعم السوداني المجاور لسوق المراتب لتناول طعام الإفطار كان يشرف علي المطعم السوداني رجل إسمه مصطفي جيش وإن كان لا علاقة له بالجيش إنما ذلك لقب فقط لفت نظري في المائدة الأفروسطية الموز الأخضر كبير الحجم الذي يتم تقطيعه في شكل شرائح ويُقلي في الزيت كالبطاطس وطعمه شهي للغاية إسمه فندو أظن أنه ذات الموز الذي يستخدمه سكان جامايكا والكاريبي طعام آخر أول مرة أتذوّقه وهو ثمرة الأڤوكاتو خضراء شكلها أقرب إلي التِبِش أو الفقوس يتم تقشيرها وتقطيع الثمرة في السلطة أو مع الفول فتصبح كالزبدة وهي طيبة المذاق عندهم كذلك شية شبيهة من حيث طريقة الصناعة بشية تشاد لكن هنا تؤكل مع خبز إسمه مبيلي وهو عبارة عن عصيدة ملفوفة في ورق الموز وهو مصنوع من دقيق القوزو الشبيه بدقيق البافرا فقط القوزو مُر المذاق عند إستخراج الجذور من الأرض يتم غمرها في المياه لفترة ليتزول المرارة ثم يتم تجفيفه وطحنه وطبخه كالعصيدة وهو طعام طيب يقوم مقام الرغيف والكسرة والعصيدة علي أن الرغيف في تشاد وأفريقيا الوسطي كلامو تاني😀فهو يسمي المپّة أظنه بالفرنسية وهو العيش الباقيت الفرنسي المعروف لكنه يُصنع بصورة مميّزة في بانقي ويُعرض في كل مكان في المتاجر طاولات الباعة والعجلات المتحركة لا أعتقد أن شخص بمفرده يستطيع الإجهاز علي رغيفة كاملة فالرغيف ضخم الحجم الناس عادة في الصباح يتناولون رغيفة من هذا النوع مع كباية شاي باللبن كبيرة تاني فطور مافي😀 إلي جانب عصير الفواكه الطازجة المشكّل المعروف بالجِي المفارقة أنه مع تردي صحة البيئة وقتها في تشاد وأفريقيا الوسطي لكن عندهم عضّة نضيفة😋

Post: #78
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: Dahab Telbo
Date: 08-18-2016, 11:05 PM
Parent: #77


بعد السلام والتحية عمنا حمدنا الله

شكرا على إهداءنا كل هذه التفاصيل البهية



مودتي
تلبو

Post: #79
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-18-2016, 11:29 PM
Parent: #78

العزيز Dahab Telbo التحية والإحترام شاكر مرورك وإشادتك متابعتك والقراء الكرام هي الزاد لإكمال الرحلة وأنا مدين لكم بذلك وأتمني أن أكون بقدر التوقعات مودتي وتقديري

Post: #81
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-19-2016, 06:52 PM
Parent: #79

جاء الخال أمين الزبير من مدينة أم بايكي وأمضي معنا أياماً في بانقي كما يفعل بين حين وآخر نظراً لطبيعة عمله أخذني معه في جوله حول مدينة بانقي خاصةً منطقة الڤيل أو المدينة التي تقع جنوب سان كيلو حيث يوجد القصر الرئاسي والوزارات والسفارات والمصالح الحكومية والشركات والفنادق والسوق الأفرنجي تحس وأنت في هذا الجزء من المدينة أنك في بانقي مختلفة جداً عن سان كيلو كل شئ مرتب ونظيف ليس هناك باعوض أو ذباب العربات شكلها مختلف معظم الناس هنا إما أجانب أو المواطنين من التجار وكبار الموظفين زرنا شركة علي سكيكي التاجر اللبناني المعروف التي يعمل بها الخال أمين وكيلاً واضح أنها شركة ذات إمكانيات ضخمة وذلك من حيث المباني والشاحنات التي تقف علي بوابات المخازن للشحن أو التفريغ التي تذهب إلي ميناء دوالا في الكمرون بالصادرات وتعود محمّلة بالواردات من المواد الغذائيةفيها عدد من اللبنانيين العاملين إلي جانب مواطنيين وكذلك تجار سودانيين يراجعون مكاتب الشركة لشراء البن زرنا علي سكيكي في مكتبه وهو رجل علي ثرائه في غاية التواضع وسهل الوصول إليه والتواصل معه يبدو أنه يثق كثيراً في السودانيين الذين يعملون معه أو الذين يشترون منه البن والخشب بدليل أنه يأمنهم ويتعامل معهم بملايين الفرنكات بدعوة من الخال أمين تناولنا طعام الإفطار في مطعم راقي في الڤيل أذكر أن الوجبة كانت بيتزا التحلية جاتوه مع العصير الطازج😋 في طريق عودتنا إلي المنزل لاحظت وجود كثيف لقوات الميساب وهي قوات أفريقية تم إحضارها بواسطة الإتحاد الأفريقي للفصل بين القوات الحكومية الموالية للرئيس المدني الحاكم وقتها فيليكس أنجي باتاسيه وقوات المتمردين التي تتمركز جنوب المدينة والموالية للرئيس العسكري السابق الذي خسر الإنتخابات أندرية كوليمبا إنتشار قوات الميساب الكثيف كان في الڤيل وبجوار القصر الرئاسي وفي المنطقة الفاصلة بين المتمردين والقوات الحكومية علمت من الخال أمين أن المتمردين حاولوا الهجوم علي القصر الرئاسي في اليومين الماضيين لكن تصدت لهم القوات الحكومية بمساعدة قوات الميساب ولكن التوتر بين الجهتين علي أشده مررنا علي سان كيلو حسب الروتين اليومي وعدنا إلي المنزل اليوم التالي الذخيرة ورّت وشّها في سان كيلو ونحن في قلب المعمعة😳إنتظرونا

Post: #82
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-20-2016, 00:08 AM
Parent: #81

إنصافاً للإخوة الكرام المتداخلين عبر نافذة الفيس بوك سأرد عليهم في الفيس بوك وأحاول إيراد موجز لمداخلاتهم هنا حتي تعم الفائدة وذلك لأَني لاحظت أن كثير من القراء الكرام وحتي شخصي لا ننتبه إلي مداخلات الفيس بوك أو ننتبه إليها بعد مضي فترة من وجودها مما قد يقدح في ذهن المتداخل أن المداخلة قد تم تجاهلها وحاشا لله فالمداخلات عبر الفيس بوك لا تِقل قيمة عن مداخلات الإخوة الأعضاء بل قد تتفوّق عليها لذلك إشهار محتوياتها أمر مهم ومفيد للبوست والقراء معاً فإلي آخر مداخلتين عبر الفيس الأولي للعزيز Adam Mohajer الذي يتساءل فيها عن الوضع الأمني في تشاد وأفريقيا الوسطي زمان والآن الإجابة في تشاد الأمن مستقر ويمكن وصفه بأنه جيّد فلم يكن النهب المسلح وغيره من المهددات الأمنيه هاجس بالنسبة لنا عندما سافرنا وليس هناك ما يزعج أمنياً الآن فقد حكي لي صديق زار تشاد مؤخّراً ومن باب المبالغة أنك إذا تركت عربة مشحونة ذهباً في أي منطقة خلاء في تشاد وعدت إليها بعد مدة ستجدها كما هي وعلمت من صديق آخر أنه تمت إزالة كافة الحواجز الأمنية Barriers بين كافة المدن التشادية التي كانت تُجبي فيها الأتاوات أما بالنسبة للوضع الأمني في أفريقيا الوسطي كان جيّداً عند قيام الرحلة لكنه تدهور بعد إستيلاء سيليكا علي السلطة وقيام عصابات الأنتي بلاكا بهجماتها المروِّعة ضد المسلمين لكن الوضع الأمني آخذ في الإستقرار والعودة إلي حالته الطبيعية المداخلة الثانية من العزيز Ali Saeed أثار فيها نقطتين وهما إستنتاج طيبة وسماحة الإنسان الأفريقي من خلال ما ورد في البوست وأوافقه تماماً علي ذلك والنقطة الثانية تأثير مهنة الشرطة علي الكتابة وأجد نفسي متفقاً معه مرة أخري فالذين يعملون أو عملوا في الشرطة يستطيعون أن يُعبروا عن أنفسهم بصورة معقولة ولا أقول بصورة أفضل من الآخرين وذلك مرده إلي كتابة التقارير الجنائية والإدارية ووصف محل الحادث ورسمه وما إلي ذلك مودتي وتقديري لهما ولكل الأصدقاء عبر نافذة الفيس بوك

Post: #83
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-20-2016, 12:16 PM
Parent: #82

في صباح اليوم التالي ذهبت والخال حبيب الزبير كالعادة إلي سان كيلو حيث سوق المراتب وسوق السودانيين وفي إطار التعرّف علي أسواق المدينة زرنا سوق الغنم المجاور لسان كيلو وهو بالمناسبة لا علاقة له بالغنم من بعيد أو قريب ربما كان ذلك في الماضي أما الآن فهو سوق شعبي صغير تباع فيه كافة أنواع البضائع من ملبوسات أحذية أواني منزلية مواد غذائية خردوات .. الخ كان المشهد في المنطقة كالعادة هادئ في أثناء تجوالنا في سوق الغنم ونحن أمام إمرأة تشادية من قبيلة السلامات ( أرجو ملاحظة أن معظم التجار المقيمين في مدن وقري أفريقيا الوسطي هم تشاديون رجالاً ونساءً ومعظمهم من قبيلة السلامات) وبدون أي مقدمات حدث إطلاق نار كثيف في شارع سان كيلو الرئيسي الذي لا يبعد أكثر من ٢٠٠ متر من سوق الغنم كنا نسمع بوضوح أصوات الذخيرة وهي تعبر فوق رؤوسنا وبعضها يصيب المباني المجاورة لنا هنا إستيقظت غريزة حب البقاء وهرولت والخال حبيب بحثاً عن مأوي يعصمنا من هذا الرصاص الأعمي فأشارت إلينا المرأة التشادية إلي الدخول إلي مخزنها الذي تفرش أمامه أوانيها المنزلية للبيع وهي جالسة في غاية السكون علي بنبر وكأنها لم تسمع أصوات الرصاص وكأن فرار الناس من حولها لا يعنيها في شئ! يا إلهي أي شجاعة هذه ومن إمرأة؟ هذه المرأة أهدت لنا درس نادر في الثبات ونحن رجال🙈 جاء أحد الرجال مهرولاً تجاه المرأة ويبدو أنه قريبها حيث خاطبها قائلاً حليمة إنتي ما بتسمعي صوت الجبخانة ( الرصاص ) أجابت قائلة بسمع لكن أسوي شنو الموت يوما واحد كِن (لو) جريت وكِن (أو) قَعَد! قال لها الرجل أنينا (نحن) ما بنخافوا من الموت أنينا نخافوا قولة ناس فلان أكلوا حقّهم ( نهبوا ممتلكاتهم ) زاد عجبي وزاد إعجابي بالرجل وبالمرأة معاً والذخيرة لا تزال تواصل الرطين قامت المرأة إرضاءً لقريبها كمن هو مجبور علي فعل شئ تلملم متاعها بمهل شديد وتدخله إلي المخزن حيث أنا والخال حبيب وآخرين نتحصّن لكنا لا نقوي علي رؤية هذه المرأة الرجل وهي لم تزل في الأربعينيات من العمر أي لم تبلغ أرذل العمر حتي نقول أنها قنعت من الحياة لذلك تستوي عندها الحياة والموت بعد نصف ساعة تقريباً خفتت أصوات الذخيرة واتجهت جنوباً تسللت والخال حبيب من مخبأنا في مخزن حليمة الشجاعة دون أن نقول كلمة وداع أو شكر والسبب معروف نحن الآن ليس أمامنا خيار سوي الذهاب أو الهروب لا فرق إلي المنزل والأسرع هو الذهاب غرباً مباشرةً لأخذ تاكسي إلي المنزل ولكن لأن هذا المكان هو مصدر الذخيرة كان علينا السير شمالاً داخل الأحياء للإبتعاد عن منطقة الخطر ثم الإتجاه غرباً إلي الظلط لأخذ التاكسي وقد كان وصلنا البيت وحمدنا الله علي أن عدنا سالمين في إنتظار باقي سكان المنزل من مقيمين وضيوف في المساء إكتمل العقد ولله الحمد بدون خسائر لكنهم رأوا أهوال عند إشتباكات بين المتمردين وقوات الميساب في سان كيلو والڤيل حيث سقط قتلي وجرحي من الطرفين معظمهم من المتمردين وقد أبلت القوات التشادية بلاءً حسناً في الدفاع عن الحكومة الشرعية القائمة وقتها وفي الدفاع عن الجالية التشادية كبيرة العدد المقيمة في بانقي ومعظمهم يعمل في التجارة وذلك بحمايتهم وحماية ممتلكاتهم عندما حاول المتمردون نهب متاجرهم أعود لحادث سوق الغنم فأقول ربما كنت سأتصرف بصورة مختلفة لو حدث ذلك عند أداء واجبي كشرطي في السودان لكني الآن في رحلة تجارية سياحية فمالي أعرّض نفسي للمتاعب؟ فتذكرت حينها الحكمة الصادرة من الذئب عندما رفسه الحمار وحطَّم أسنانه رداً علي حيلة الذئب الذي إدّعي أنه طبيباً جاء يضمِّد جراح الحمار وذلك بنِّية أكله فقال الذئب بعد أن وقع الفأس في الرأس إنني قصّابٌ ( جزّار ) فمالي أدّعي طب الحمير😀 وغداً يُصاب إبن خالتي عاصم بطلق ناري😌 أبقوا قُراب

Post: #84
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-21-2016, 12:24 PM
Parent: #83

في اليوم التالي كان الرأي أن نبقي في المنزل في حي مسكين الذي يقع شمال المدينة بعيداً عن سان كيلو مسرح الأحداث ريثما تهدأ الأمور ليس هناك من برنامج سوي الونسة والكوتشينة لتسجية أوقات الفراغ وبينما نحن علي ذلك الحال إذا بطارق من السودانيين الذين يقيمون في سان كيلو ينهي إلي مسامعنا خبر إصابة إبن خالتي عاصم عبدالقادر بطلق ناري عشوائي أثناء تبادل إطلاق النار بين المتمردين وقوات الميساب لحفظ السلام بينما كان هو وآخرين يقفون علي شارع الزلط الرئيسي يشاهدون دورية قوات الميساب وهي تسرع في الشارع الرئيسي وقع علينا الخبر كالصاعقة من هول المفاجئة وظللنا علي حالنا ذلك واجمين للحظات وكأن علي رؤوسنا الطير حتي قال قائل هيا بنا إلي المستشفي فأخذنا تاكسي من الشارع الرئيسي الذي يطل عليه المنزل وأتجهنا إلي المستشفي العسكري أظن أن إسمه بالفرنسية لوبيتال ميليتير حيث أُخذ إليه عاصم حسب إفادة شاهد العيان المستشفي المذكور قريباً من مكان إقامتنا ونحن في الطريق إلي المستشفي كان ذهني مشغولاً بشتي السيناريوهات فالإصابة بطلق ناري تعني الوفاة فكيف أتصرّف وأنا أقرب الموجودين ببانقي إلي عاصم بعد شقيقه الأصغر محمد الذي لم يبلغ العشرين بعد؟ رغم أن معظم الموجودين في بانقي هم أقارب وأهل عاصم وكيف أنقل خبر الوفاة لوالدته وهي خالتي التي عُرفت بحنان يفوق حد الوصف وهي تبكي في السلام العادي فكيف بخبر وفاة فلذة كبدها بينما كنت غارقاً في أفكاري توقّف التاكسي أمام المستشفي فقطع عليّ حبل أفكاري وحسناً فعل دخلنا المستشفي الذي وجدناه ضاجّاً بالمراجعين من المرضي وذويهم والزوار لحسن الحظ ونحن في طريقنا قسم الحوادث فإذا بعاصم علي نقّالة ذات عجلات خرج لتوه من غرفة الأشعة وفي طريقه إلي غرفة العمليات والدربات تحيط به من كل جانب وآثار النزيف تبدو واضحة حيث كانت الإصابة في أعلي الفخذ ناحية الظهر كان عاصم في كامل وعيه رابط الجأش متماسك يطمئن زواره أنه بخير أسرعوا به نحو العملية حيث ينتظره جرّاح فرنسي وطاقمه فالمستشفي يديره فرنسيون يقدم خدماته للقوات الفرنسية الموجودة في بانقي ولعامة المواطنيين والزوار بقينا في الإنتظار نحو ساعتين وتقريباً كل السودانيين الموجودين في بانقي كانوا في المستشفي وهو مشهد يبعث علي السرور رغم أن دافع التجمع كان مصيبة هذا خفّف عني كثيراً وأشعرني بأني ليس وحدي في مواجهة ما حدث فالمصاب يتمتع بعلاقات واسعة وممتازة مع السودانين وبيته مفتوح للجميع كما أسلفت خرج عاصم من العملية ولكن زيارته غير مسموح بها قبل الإفاقة من التخدير عند المساء لكن الذي قاله الأطباء أن المقذوف قد إستقر قرب السلسلة الفقرية ولكن لا خوف من وجوده وبالتالي تركه أفضل من إخراجه الحمدلله تنفسنا الصعداء أخي اً وكُتب لعاصم عمر جديد لكن سيبقي عاصم في المستشفي لأسبوع أو إثنين لمعالجة الجرح والمراقبة فرحنا بذلك كثيراً وأصبحنا نتردد علي عاصم صباح مساء في المستشفي حتي خرج إلي منزله في سان كيلو موصلاً غيار الجرح حيث مضي عليه شهر أو يزيد وهو علي ذلك الحال حتي تعافي تماماً ولله الحمدالآن وقد إطمأنيت علي عاصم وإشتريت البُن حزمت متاعي للعودة إلي السودان ضمن مجموعة من اللواري السودانية لا تِقل عن عشر لواري كلها محمّلة بالبن ولكن لأننا تأخرنا في الخروج من بانقي وموسم الخريف هنا يبدأ باكراً في مارس أو أبريل ونحن في نهاية مايو الآن علينا الإستعداد لسفرية طويلة ليس بحساب المسافة التي لا تتجاوز الألف كيلومتر إلي السودان لكن بحساب الوحل والطين الذي قد يحوِّل الزمن المستغرق لإكمال الرحلة من حوالي ثلاثة أيام في الصيف إلي شهراً كاملاً أو يزيد في بداية الخريف ولا أقول في الخريف لأن الشارع يكون مقفولاً في الخريف من شهر يوليو وحتي نوفمبر

Post: #85
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-21-2016, 10:45 PM
Parent: #84

قبل مغادرتي بانقي يجدر بي إيراد بعض الملاحظات الموجزة عن أفريقيا الوسطي من حيث التاريخ والجغرافيا والسكان والسياسة والإقتصاد والإجتماع كانت أفريقيا الوسطي مستعمرة فرنسية وإستغلت في العام ١٩٦٠ أول رئيس كان ديڤيد داكو خلفه جان ڤيدل بوكاسا وكلاهما كان ضابطاً في الجيش الفرنسي جاء بعدهما أندرية كوليمبا وهو ضابط في الجيش الأفروسطي خلفه أول رئيس مدني وهو إنجي فليكس بتاسية الذي إنقلب عليه الجنرال بوزيزيه الذي أطاحت به حركة سيليكا وبعدها دخلت البلاد في صراعات دموية كان نتيجتها أن غادر معظم المسلمين أفريقيا الوسطي بسبب الفظائع التي إرتكبتها عصابات الأنتي بلاكا بحقهم لكن للإنصاف تُسأل حركة سيليكا عن ما لحق بالمسلمين قبل الأنتي بلاكا فقد كان المسلمون وعددهم في أحسن الأحوال لا يتجاوز ال١٥٪‏ من جملة عدد السكان وبعض الإحصائيات تقدر عددهم ب٥٪‏ فقط كان المسلمون علي قلة عددهم يسيطرون علي النشاط الإقتصادي في البلد من تجارة وتعدين في مجال الذهب والماس واليورانيوم وكانت معظم ثروات البلد بإيديهم ولأن الفساد مستشري في أفريقيا الوسطي كان المسلمون بأموالهم يحققون كل طموحاتهم برشوة السلطات إلي أن ظهرت سيليكا وهي تجمع حركات معارضة تنسب إلي المسلمين بالإطاحة بالرئيس المسيحي بوزيزيه الأمر الذي أيقظ المارد من ثباته العميق فدفع المسلمون ثمناً باهظاً لتهوُّر سيليكا من حيث الجغرافيا أفريقيا الوسطي دولة قارية مغلقة لا تطل علي بحار أو محيطات وهي تقع بين نهر أوبانقي الذي يفصلها عن جمهورية الكنغو الديمقراطية ويصب في نهر الكنغو ونهر شاري الذي يصب في بحيرة تشاد السكان في أفريقيا الوسطي حوالي ٤.٥ مليون نسمة يتوزعون علي ٨٠ مجموعة عرقية أشهرها قبائل البايا الباندا الماندجيا الميوم الميكا الباكوما والفولا يتكلمون عدة لغات أشهرها السنقو ١٥٪‏ من السكان مسلمين ٢٥٪‏ من السكان كاثوليك ٢٥٪‏ بروتستانت ٣٥٪‏ من السكان يدينون بديانات محلية أفريقية وحتي المسيحيين يخلطون المسيحية بالديانات المحلية الإقتصاد يعتمد حوالي ٦٥٪‏ من السكان علي الزراعة لكن المساحة المزروعة لا تتجاوز ال٢٪‏ من الأراضي الصالحة للزراعة! النشاط الإقتصادي يشمل أيضاً تعدين الذهب والماس واليورانيوم وتجارة البن والخشب والمطاط وزيت النخيل لكن لتفشي الرشوة فإن ما يذهب إلي جيوب الموظفين هو أضعاف ما يذهب إلي خزينة الدولة تنتشر في كل طرق أفريقيا الوسطي التي تربط بين المدن ال Barriers وهي نقاط تفتيش تنصبها السلطات المختلفة من شرطة وجندرمات وغابات وجمارك لجباية الأموال من المسافرين الأجانب ومعظم هذه الأموال يذهب لجيوب هؤلاء الموظفين وبسبب الفساد اليوم أفريقيا الوسطي من أفقر عشر دول في العالم في فترة وجودي في بانقي يهرب السودانيون وأنا معهم عندما نري الجندرمات أو الشرطة القضائية وهو نظام فرنسي ليس له نظير في السودان فهؤلاء الجندرمات عندما يلتقونك يسألونك عن المستندات الخاصة بك وهي إما جواز سفر عليه تأشيرة دخول إلي أفريقيا الوسطي أو لاسيه باسيه وهو تصريح مرور تصدره السلطات الحدودية في البلدين السودان وأفريقيا الوسطي للمواطنين المقيمين في الحدود لزيارة البلدين لمدة أسبوعين يتم تجديدها لأسبوعين آخرين لكن عندما تلتقي الجندرمات ولو كانت إجراءاتك الهجرية سليمة من ناحية قانونية يجب عليك دفع ٢٠٠ أو ٤٠٠ ريال هنا كذلك العملة المستخدمة الفرنك الأفريقي كما هو الحال في تشاد إذا لم تدفع للجندرمات فسيلقون القبض عليك وينتهي بك الأمر في السجن وسيتضاعف مبلغ الغرامة وربما تبقي في السجن أياماً أمر أخير تجدر ملاحظته في بانقي هو إنتشار البارات الشعبية في كل مكان في الشوارع الرئيسية في الأحياء والأسواق تعمل علي مدار الأسبوع لكن نشاطها يزداد في عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد تميّزها الموسيقي الصاخبة الصادرة منها وكذلك توجد الخمور البلدية في الأحياء وبكثرة لفت إنتباهي حفلات الرقص والشراب التي تقام عند حدوث الوفاة

Post: #86
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: singawi
Date: 08-22-2016, 09:03 AM
Parent: #84

العزيز محمد الحسن

سلام وكلااااام

سعدت بمتابعة ما كتبت وقرأته دفعة واحدة تقريباً .. أجهل الكثير عن جوارنا الإفريقي عدا قراءات سابقة وروايات سماعية
عن اريتريا واثيوبيا واندهشت لبساطة الاندماج والتعامل في تشاد وافريقيا الوسطى وقرب ملامح المجتمع لملامحنا
شاكر لك تنويرنا ومشاركتنا تجربتك .. تمنيت إفادتنا عن الجدوى التجارية للتجربة ونصائحك في هذا المجال .. سأواصل المتابعة مع أطيب أمنياتي

Post: #87
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-22-2016, 12:35 PM
Parent: #86

العزيز Singawi التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك وإشادتك وتشجيعك آمل أن أكون بقدر التوقعات في متابعتك والقراء الكرام أجد زاد رحلتي اللازم لإكمال المشوار مودتي وتقديري

Post: #88
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-22-2016, 02:18 PM
Parent: #87

العزيز الباشمهندس بكري أبوبكر التحية والإحترام أنا ممنون وشاكر لك رفع البوست وهذا تشجيع وحافز للكتابة مستقبلاً و شاكر لك مرة أخري أن منحتني شرف الإنضمام إلي هذا الموقع المرموق لأطل عبره علي العالم فلك المودة والتقدير ولن أبرح مكاني هذا قبل أن أجزل آيات الشكر العرفان لصديقي الوجيه سعادة المستشار Hafiz Issue الذي جعل أمر وجودي في هذا المنبر ممكناً وشجّعني وآذرني فأنا مدين له بالكثير فله مني واجب التقدير والإحترام

Post: #89
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: hafiz Issue
Date: 08-22-2016, 09:21 PM
Parent: #88

اخي وصديقي العزيزمحمد الحسن حمدنالله
تابعت الحكي الاليف ولغة السرد لرائعة وتلك المشاهد والتفاصيل المدهشة واضح مهنية الشرطي النابه في دقة الوصف والتفاصيل ورصد الوقائع الموثرة بعقل اخر لرجل القانون ...
حكي بمثابة بث مباشر لوقايع ومشاهدات توثيقية للسودان الفرنسي او جزء منه ،،
جغرافية وتاريخ وانثروبلوجي وجيوبلتيكا لدولة شاد الشقيقة وافريقيا الوسطي الحبيبة عرفنا من خلالها الكثير عن هذه الديار،،،ادهشتني طريقة وتكنيك السرد بجعل
الوقائع الهامشية تبرز فجاة وتفرض نفسها لتكون محور اساسي في الحكي’"شخصية حليمة كانت ضمن نساء السوق وفجات تحولت لبطلة بعد اندلاع معركة سوق الغنم
واحتل حوارها مع قريبها اثناء الرصاص الي الواجهة وهي تشير لكم بالدخول والاختباء في المخزن وهي جالسة لا تكترث لي لعلعة الرصاص حولها وتقول ان الموت واحد ويومو واحد
يالها من رائعة وشجاعة تلك الحليمة ,
والله نورت البورد يا سعادتك بهذه الحكاوي الجميلة ،،،فاليستمر الحكي ونحن نتابع
حافظ ايشو

Post: #90
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-22-2016, 10:51 PM
Parent: #89

الصديق المحترم سعادة المستشار حافظ إيشو التحايا والأشواق أعلم أنك ضنين بالتعليقات في المنبر العام ليس زهداً في المنبر ولكن لظروف عملك الضاغطة فأن تبرّني بهذه الزيارة وتقتطع من زمنك الغالي لتقرأ القصة وفوق هذا وذلك تساعدني علي الحصول علي عضوية سودانيز أون لاين فذلك حقاً أمر يستحق الإحتفاء فلك مني الود الذي تعرف والعرفان بهذه الجمائل إطراءك وتقريظك للقصة موضع فخري وإعتزازي فكل نجاح أصيبه هنا لك فيه نصيب الأسد تعلمت منك حب التنمية الريفية وحماية البيئة وحقوق الإنسان ولعمري فإنها إهتمامات العالم اليوم وأنا علي يقين بأنك أسهمت ولا تزال في هذه المجالات في السودان الذي نحب وليس عندي من شك أن ثمار غرسك في هذه المجالات سيؤتي أكله قريباً وليس بعيد أتمني لك التوفيق في عملك القانوني وإهتماماتك الإنسانية الأخري التي تنشط فيها مودتي وتقديري

Post: #91
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: mohmed khalail
Date: 08-23-2016, 00:36 AM
Parent: #90

هذا سفر..قشيب يا ود الخالة..

بوست ولا أروع...

متابعين..بإستمتاع..

Post: #92
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-23-2016, 09:31 AM
Parent: #91

ود الخالة Mohamed Khalil التحية والإحترام سعيد بوجودك هنا وسعيد بمتابعتك وإشادتك وتشجيعك كلماتك الطيبات والقراء الكرام هي زادي في هذه الرحلة الطويلة تعطيني القوة والصبر للمواصلة دمت بخير مودتي وتقديري

Post: #93
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: ود الباوقة
Date: 08-23-2016, 09:50 AM
Parent: #92

يا سلام على روعة السرد

واصل

اخي محمد الحسن

مودتي

Post: #94
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-23-2016, 10:33 AM
Parent: #93

الحبيب ود الباوقة اللذيذ تفاحا التحية والإحترام سعيد كعادتي بمرورك وثناءك كيف لا وأنت من المؤسسين لسودانيز أون لاين وبالتالي رأيك فيما يكتبه الأعضاء الجدد يكتسب قيمة مضافة فأنا مسرور بقلادة الشرف هذه وأتمني أن أكون بقدر الطموحات تسلم مودتي وتقديري

Post: #95
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: مصعب عوض الكريم علي
Date: 08-23-2016, 10:52 AM
Parent: #94

ماشاء الله تبارك الله سرد ممتع وجميل .

Post: #96
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-23-2016, 11:37 AM
Parent: #95

العزيز مصعب عوض الكريم علي التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك وإشادتك وهذا مبعث سروري أتمني أن أكون بقدر حسن الظن لك المودة الباقية

Post: #97
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: nour tawir
Date: 08-23-2016, 03:53 PM
Parent: #96




سلام جنابو...

الصور وين ؟
تشاد عبارة عن وجه اخر للسودان..
ونحن نشترك فى معظم الثقافات..
هذا لاننا وقبل ترسيم الحدود الدولية بعد الحرب العالمية الثانيه كنا دولة واحدة..
كانت تشاد هى السودان الفرنسى..
ولكن فصل المستعمر تشاد بحجة ان السودان اكبر من الحجم الطبيعى..
وأنه لو لم تفصل تشاد..
سوف يكون السودان قوة تهدد العالم أجمع..
لهذه الاسباب اتحدث عن الصور لتعزيز ذلك التشابه الثقافى...

Post: #98
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-23-2016, 05:39 PM
Parent: #97

العزيزة Nour Tawir التحية والإحترام شاكر زياتك وتعليقك وهذا البوست مدين لك بإشهاره وإعطائه قيمة مضافة ليس لأنك من قامات سودانيز أون لاين المؤسسين فحسب بل بمداخلاتك الغنيّة ونصائحك القيِّمة بخصوص الصور سؤالك جاء في الوقت المناسب أنا إستخدم الموبايل في الكتابة وقد حاولت تحميل الصور لكن غلبتني عديل كده😀 طبعاً لو بكتب من ديسك توب أو لابتوب ما بكون في مشكلة لأنه الصور بتكون موجودة في الهارد ديسك وتحميل الصور بكون عادي أهه قمت بتخزين الصور في موقع postimage.org بعدين حاولت رفعها في الموبايل برضو المحاولة نجحت نص إستوي😀 ولسه بحاول أرحب بالمساعدات الفنية من الإخوة الأعضاء والقراء الكرام

Post: #99
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-23-2016, 09:02 PM
Parent: #98

معذرة فاتني وأنا أغادر تشاد أن أقدم نبذة مختصرة عن هذا البلد وهائنذا أفعل فأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي من حيث التاريخ القريب إستقلت تشاد في العام ١٩٦٠ وتولي الرئاسة تمبلباي وهو من إثنية السارا التي تقطن الجنوب وهي أكثر فئة متعلِّمة وهي عماد الخدمة العامة في تشاد والسارا في الغالب مسيحيون أو يعتنقون ديانات أفريقية لديهم لغتهم الخاصة ويتحدثون الفرنسية سكان تشاد عموماً يتحدثون العربية والفرنسية بالإضافة للغات القبلية في العام ١٩٦٢ تم تكوين جبهة الفرولينا ومعظم قادتها من شمال تشاد لمناهضة إستئثار السارا بالسلطة إغتيل تمبلباي في إنقلاب عسكري في العام ١٩٧٥ وتولي الحكم فيليكس مالوم وهو من السارا أيضاً تم تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمت المعارضة في العام ١٩٧٨ أصبح بموجبها جكوني عويدي رئيساً للوزراء وحسين هبري وزيراً للدفاع في العام ١٩٧٩ هرب الرئيس فليكس مالوم وتولي السلطة جكوني عويدي الذي هزم الجيش بقيادة هبري جكوني كانت تدعمه ليبيا وهبري تدعمه فرنسا تولت قوات منظمة الوحدة الأفريقية عملية حفظ الأمن في العاصمة بدلاً عن القوات الليبية التي طلب منها جكوني المغادرة عاد حسين هبري في العام ١٩٨٢ ليحتل العاصمة تشاد ويستولي علي الحكم إلي أن أقصاه الرئيس الحالي إدريس ديبي الرئيس الحالي في العام ١٩٩٠ بعد معارك طاحنة أحالت العاصمة إنجمينا إلي ساحة حرب حقيقية وحتي عند زيارتي إلي إنجمينا تجد آثار الدمار والذخيرة في كل مكان إحتلت ليبيا شريط أوزر الحدودي بين البلدين الغني بالثروات الطبيعية ودارت معارك شرسة بين الطرفين إلي أن قضت محكمة العدل الدولية بأيلولة المنطقة المتنازع عليها إلي تشاد وسلمت ليبيا الإقليم إلي تشاد في العام ١٩٩٤ الجغرافيا تشاد مثل أفريقيا الوسطي دولة قارية أو مغلقة لا تطل علي بحار أو محيطات لذلك فإن معظم وارداتها وصادراتها تتم عبر ميناء دوالا في الكاميرون أو لاغوس في نيجيريا أو كوتونو في بنين يجاور تشاد ست دول هي السودان وليبيا والنيجر والكاميرون ونيجيريا وأفريقيا الوسطي المناخ صحراوي في الشمال قاحل في الوسط ساڤنا فقيرة وغنية في الجنوب يعتمد الإقتصاد التشادي علي البترول الذي بدأ تصديره في العام ٢٠٠٣ إلي جانب زراعة القطن والأرز والذرة والفول السوداني والصمغ بالإضافة إلي تصدير الأبقار والأغنام لدول الجوار الأفريقي السكان يتجاوز عددهم العشرة ملايين نسمة في الجنوب يوجد السارا كما أسلفنا وفي الشمال توجد قبائل الودّاي أو البرقو كما يعرفون في السودان بالإضافة إلي القبائل العربية التعايشة ويعرفون في تشاد بالحيماد بخلاف معني كلمة الحيماد في السودان التي تُطلق علي أحد فرعي قبائل البقارة الرئيسيين في غرب السودان حسب تصنيفات المقولة الشهيرة السائر عليه والمقيم حيماد والدخن البتلتل داك راشد الولّاد العطارة هم قبائل الرزيقات والمسيرية وغيرهم والحياد هم قبائل التعايشة والهبانية وغيرهم ويقيم الحيماد في تشاد في محافظة أم التيمان والسلامات في محافظة سلامات ومن القبائل العربية والعريقات والجلول والماهرية وهم رزيقات وكذلك المسيرية والخزام وغيرهم
الزغاوة يقيمون في المنطقة الحدودية بين السودان وتشاد منطقة الطينة ومناطق أخري الرئيس دبي نفسه من قبيلة الزغاوة فرع البديات بالإضافة إلي القبائل القديمة في تشاد كقبيلة الباقرمي والكانم والبرنو والبلالة والفولاني والهوسا وقبائل أخري وسبق أن ذكرت أن هناك ٣٥ قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد بقي أن نعرف أن إنجمينا أنشأها القائد الفرنسي أميل جونيه في العام ١٩٠٠ وسماها فورت لامي تخليداً لذكري القائد الفرنسي أميدييه فرانسوا لامي الذي قُتِل في معركة كُسَري المدينة الكمرونية التي يفصلها عن إنجمينا نهر شاري عدّل الإسم في العام ١٩٧٣ الرئيس التشادي تمبلباي من فورتلامي إلي إنجمينا وتعني باللغة الدارجية في تشاد والسودان إسترحنا

Post: #100
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: سامى عبد الوهاب مكى
Date: 08-24-2016, 10:33 AM
Parent: #99

يا جنابو محمد الحسن بلا مبالغة دا واحد من أقيم البوستات التي قرأتها في سودانيزاونلاين منذ إشتراكي...ما ميزه مقدرتك العالية في السرد وربط الأحداث مستنداً على ما أظن على ذاكرة خارقة أو أنك تدون أحداث تمر بك في شكل نقاط ساعدتك على التذكر..في كل الأحوال هذا البوست هو (سياحة ونقل معرفة وتقريب وبعيد غير مفهوم وهذا البعيد القريب جار ورحم)

لم تفتني كلمة مما كتبت.

شكرا لك.

Post: #101
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-24-2016, 12:24 PM
Parent: #100

العزيز سامي عبدالوهاب مكي التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك وهذا التقريظ والثناء وإني لفخور بذلك مثل كلماتك الطيبات هذه هي وقودي ومحركي لبلوغ غايتي في الرحلة أطمئنك أنا ولله الحمد أكتب من الذاكرة ولم أسجِّل شئ عن الرحلة قط بلا شك سيكون فات
علي إيراد بعض الوقائع فلا يمكن للذاكرة أن تحيط بكل الأحداث التي وقعت قبل ما يقارب العشرين عاما لكني إستعنت بالموسوعة الحرة في جمع بعض المعلومات العلمية عن تشاد وأفريقيا وكما تلاحظ فإني أقفز فوق المراحل حتي لا يصاب القارئ الكريم بالملل لكن لو أردت أن أحكي كل مشاهداتي عن الرحلة لإستمر هذا البوست أعواماً إشادتك ألقت علي حمل ثقيل من المسؤولية في البوستات التي أزمع كتابتها مستقبلاً بإذن الله لك مودتي الباقية

Post: #102
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: ولياب
Date: 08-24-2016, 02:58 PM
Parent: #100

شكراً يا جنابو محمد الحسن ، حقيقة سعدت بقراءة هذا البوست الجميل والذي أعتبره واحة في صحراء هذه الفترة القاحلة من البوستات التي تريح الأنفس .

وكثيراً ما أدير وجهي لتلك البوستات التي تحمل الشتائم والاساءات وما يحزنك أنهم بلغوا من الكبر عتياً .

شكراً للسياحة الجميلة ونحن ننتقل في أرجاء بلاد حبيبة إلى أنفسنا ونحن جلوساً خلف شاشاتنا .

Post: #103
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-24-2016, 03:15 PM
Parent: #102

العزيز ولياب التحية والإحترام أسعدني مرورك ومتابعتك وتشجيعك أضم صوتي إلي صوتك أن يكف الإخوة الأعضاء الكرام عن الخصام والتناحر وتبادل الإساءات فلو أن كل واحد منا أسهم بما يفيد الآخرين لعاد هذا الموقع إلي ألقه ورونقه وروعته التي عُرف بها علي مر السنوات نحن هنا لنتعّلم من بعضنا البعض وننقل خبراتنا وتجاربنا إلي بعضنا البعض وللقراء الكرام من بعد يقيني أن هناك عدد كبير من الأعضاء الكرام يقدم ما يفيد الآن وآمل أن يلحق بهم ما تبقي من الأعضاء المحترمين لك الود والتقدير

Post: #104
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-24-2016, 07:20 PM
Parent: #103

الآن نحن في الدوز أو الكيلو ١٢ بالفرنسية وهو الميناء البري للعربات المتجهة إلي السودان يقع في الطرف الشمالي لمدينة بانقي وهو سوق شعبي عامر وهو كذلك سوق الماشية الرئيسي في بانقي توجد في الدوز سلطات الجمارك والغابات أو الأوفريه بالفرنسية وهي الجهة المختصة بإصدار رخص تصدير البن كما توجد سلطات الصيد والجندرماري وغيرها معظم اللواري التي تعمل علي خط بانقي نيالا كانت ماركة نيسان وهي عربات قوية وفعَّالة أثبتت وجودها في هذا الطريق وغيره وهي حمولة ١٠ طن أحياناً يمسح لها بزيادة طن أو إثنين من البن وكذلك باقي العربات يتم التأكد في الدوز من حمولة العربة بوقوفها علي ميزان أرضي فيوضِّح حمولتها بالضبط بالإضافة إلي اللواري النيسان العادية هناك النيسان 6 حمولة ١٥ طن وإن كان بأعداد أقل كثيراً من النيسان العادي وهناك لواري ال ZY حمولة ٢٥ طن وهي رغم حمولتها الكبيرة والمرغوبة إلا أن عددها قليل جداً لأن حجمها كبير ومعظم الكباري المبنية علي الأودية والخيران مبنية من الحطب بالأيدي بواسطة الأهالي ولا تتحمّل الشحنات الكبيرة إذ أنها كثيراً ما إنهارت أو سقطت منها العربات ذات الحمولة العادية لذلك الطريق الأفضل للعربات ذات الشحنات الكبيرة هو طريق بانقي تشاد الذي لا توجد فيه مثل هذه الكباري و من الغرائب رغم كثرة الباعوض في بانقي لا يوجد باعوض في الدوز ويبدو أن السبب هو عدم وجود المجاري معظم الرعاة السودانيين الذين يجلبون الماشية للتجار من السودان وقد تستغرق الرحلة حوالي شهرين يسكنون الدوز قريباً من مواشيهم وقريباً من السوق أثناء طوافي علي سوق الدوز لفت نظري لحم القرود المعروض للبيع حيث تجد القرد كاملاً مسلوخ ومعلّق للعرض وأغلبها تنبعث منه روائح منفِّرة حيث مضي علي معظمها أيام وليالي منذ إصطيادها! علمت أن البعض من سكان أفريقيا الوسطي من غير المسلمين يأكلون القرود أعتقد أن المأكولات مثل الثقافة مثل الفن وهو ما يعتاد عليه الإنسان منذ الصغر فما يراه شخص طعام مستساغ قد يراه غيره بخلاف ذلك علي أية حال قبيل الغروب بقليل تحرك كنڤوي لوارينا تاركاً بانقي خلف ظهره ميمماً شطر السودان الطريق حتي سبيت حوالي ١٢٠ كلم أسفلت مررنا بقرية ضمرا في منتصف السكة وبتنا ليلتنا تلك في مدينة سبيت وهنا المدن عبارة عن قري كبيرة غداً نواصل الرحلة بإذن الله

Post: #105
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-24-2016, 11:37 PM
Parent: #104

من نافذة الفيس بوك العزيز Ali Ahmed التحية والإحترام سعيد بمتابعتك وأنا مثلك محب لأدب الرحلات فقط أوصيك بربط الحزام😀 فالأمطار بدأت تتساقط وأمامنا وحل شديد مودتي وتقديري

Post: #106
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-24-2016, 11:39 PM
Parent: #104

الطريق الذي نسلكه الآن هو الطريق الذي يُسمي بالدوغري أو المباشر إلي أم دافوق السودانية وذلك تمييزاً له عن الطريق الآخر وهو شارع الحجر نسبةً لطبيعة المنطقة الصخرية أو شارع ودعة لأنه يمر بمدينة ودعة الشارع الدوغري ذو طبيعة طينية لذلك فهو كثير الوحل في بداية الخريف ونهايته لذلك يفضِّل المسافرون طريق الحجر أحياناً يصبح طريق الحجر هو الخيار الوحيد إذا كانت اللواري متجهة إلي مدينة بمبري الشهيرة بإنتاج البن الباترو هو التاجر الكبير أو صاحب المقام الرفيع في أفريقيا الوسطي فإذا كنت صاحب البضاعة المشحونة في اللوري أو صاحب اللوري فأنت باترو إذن أنا باترو😀 وبالتالي تستحق معاملة خمسة نجوم أثناء السفر وكذلك يستحق المعاملة سائق اللوري فبمجرد أن يقف اللوري إلي المقيل أو المبيت يهرع مساعدو اللوري إلي إنزال الأسرّة السفرية وإعدادها وإحضار الأباريق والمصلايات ثم ينصروفون إلي إعداد الطعام ولنا عودة إلي الطعام في السفر بينما ينخرط الباتروهات في الونسة لكن عند تناول الطعام فالجميع سواء وعندما يغوص اللوري في الوحل فالجميع يعمل لإخراج اللوري دون تمييز لذلك هذه الأسفار خلقت أُسرة وقبيلة مترابطة بغض النظر عن قبائل المسافرين وألسنتهم وألوانهم ومناطقهم ولذلك شكّلت حركة السفر هذه مُمسك من مُمسكات الوحدة الوطنية كما فعلت السكة حديد تماماً

Post: #107
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: وليد زمبركس
Date: 08-25-2016, 09:39 AM
Parent: #100


العزيز محمد الحسن حمدنا الله لك التحايا و شكرًا جميلًا علي هذا البوست الرائع الذي صببت فيه جل مواهبك في الكتابة و السرد و خبرات حياتية أضافت لقراء المنبر الكثير من المشاهدات التي تسهم بلا شك في رفع الوعي بعلاقة السودان بدول الجوار الغرب افريقي .
مدينة نيالا اسميها ( دبي السودان ) و ذلك الاسم ليس انحيازًا لأجل حبها الذي يسري في القلب و لكنها بكل مقاييس الجغرافيا و التاريخ و الاقتصاد تستحق أن تنال تلك المنزلة السامية التي لا تنافسها فيها مدينة سودانية أخري ، فهي ميناء برّي يمكنه أن يقدّم للسودان ما تعجز عن تقديمه الموانئ البحرية في دول أخري ، فالعديد من دول غرب افريقيا تنقصها منافذ علي المحيطات و البحار و لنيالا امتياز خاص في مدّ تلك الدول بالبضائع و السلع التي لا تتوفّر الا باسواق الدول التي لها موانئ و شواطئ بحرية تربط الجغرافيا بالاقتصاد ، و رغم ابتعاد مدينة نيالا عن الموانئ البحرية بالسودان الاّ أنّها تمسك بمفاتيح تصدير الكثير من المنتجات السودانية الي خارج الوطن و اولها الملح و الذي كما تعلم فإن لكثرته بالسودان يّضرب به المثل عند الحديث عن انخفاض قيمة الشئ فيقال ( لاقيها ملح ) و رغم رخص الملح بالسودان الا أنّه سلعة في غاية الاهمية ببعض دول غرب افريقيا و منها تشاد ، و هنا تحضرني قصّة حكاها لي أحد اخوتي و قد كان يعمل في شركة هندسية سودانية كان لها فرع بدولة تشاد تم انتدابه اليه لبعض الوقت ، و قد حكي له المهندس المشرف علي المشروع السوداني بتشاد أنّه قد واجه مشاكل لا تشابه مشاكل المدراء الآخرين . إذ أنّه كان موكل بتأسيس مكتب الشركة و قد كان اول المبعوثين من الشركة الي دولة تشاد ، و عندما كان يؤدّي دوره المهني كمدير مشروع سوداني بتشاد - كان عليه أن يقوم بالكثير من الاعباء بما فيها تعيين العمال و الموظفين و تحديد موقع مكاتب الشركة و تحديد ملامح المكتب و شراء المواد اللازمة لبنائه و المتابعة مع المقاولين و البنّائين لضمان اكمال العمل ثم الاشراف علي عمليات الطلاء و مد المياه و الكهرباء و كل عمليات التأسيس بجانب عمله التقني كمهندس بترول ، و عند بدايات المشروع قد قام بشراء ( الخرسانة ) لاستخدامها في عمليات رصف الارض و صب الخرسانات و البناء - و في اليوم الاول لشرائها و عند الليل و عندما كان نائمًا ايقظه صرير عالي الصوت و عندما خرج من مسكنه ليترصّد مكان الصرير ، لَفَت نظره عدد كبير جدًا من الحمير البريّة و التي قدّر عددها بمائة حمار و جميعها كان موجّهًا رأسه نحو الارض ، و حينها لم يفهم مدير المشروع العلاقة بين هذا العدد الهائل من الحمير و بين صوت الصرير العالي الذي ايقظه من النوم ، و عندما اقترب اكثر وجد أنّ الحمير المائة ٠ (بحسب تقديره ) قد اندفعت جميعها لقضم ( الخرسانة ) التي جلبها للبناء بالنهار ، و حينها احسّ برعب كبير لأنّه لم ير مثل هذا المشهد من قبل ( حمير تأكل الحجارة ) و عندما اصبح الصباح سأل بعض السودانيين القدامي فساعدوه في حل اللغز الذي حيّره و ظل يفكر به طوال الليل و قالوا له إنّ الحمير بهذه البلاد تحتاج الي الملح و لم تجده في مكان آخر سوي هذه الحجارة و لذلك فإنّها تأكل الحجار ، و حينها قرّر أن يشتري جوالات ( خيش ) ليغطّي بها الحجارة و قد قال لأخي إنّه خاف أن تقضي الحمير البريّة علي الحجارة قضمًا بالفم و سيعجز حينها أن يقنع مدير الشركة بأنّه قد اشتري ( الخرسانة ) و لكن اكلتها الحمير . و هذه القصة باعتقادي أنّها وحدها تكفي للوقوف علي حجم الخسائر الاقتصادية التي يتعرّض لها وطننا جرّاء ضعف مقدرات حكوماته التي لا يجمع بينها جامع سوي التقصير في حق اقتصاد و مواطن هذا الوطن الجميل.
لك الشكر عزيزي محمد الحسن ، علي فتح هذه النافذة المضيئة التي تشرح الي ايّ مدي تقف دارفور علي هامش التجاهل و التهميش رغم امكانياتها الاقتصادية التي تعجز عن اللحاق بها حتي عاصمة السودان . كما أنّ البوست يوضح ملامح التشابه بين دول غرب افريقيا و بين السودان ( كما اشارت الي ذلك الاستاذة نور تاور ) ، فحتي القبائل هي نفسها و ان اختلف الاسم او اختلفت اللهجة او اللغة او الملامح و السحنات ، فالسودان لا يمكن فصله عن محيطه الافريقي بأي حال و حينما يتم ذلك الفصل قهرًا فستكون النتيجة الطبيعية خصمًا كبيرًا علي اقتصاد و مكانة و هوية انسان السودان كما يؤكد ذلك واقع الحال المّعاش .

Post: #108
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-25-2016, 11:22 AM
Parent: #107

الحبيب إبن مدينتي الفاضلة وليد زمبركس التحية والإحترام زيارتك لهذا البوست قيمة مضافة ولا شك كيف لا وقد عُرف وليد هنا بأنه فارس قلم أينما يوجهه يأتي بخير كان ذلك في مجال السياسة أو الإقتصاد أو الجغرافيا أو التاريخ أو الأدب فأنا متابع جيّد لما تكتب هنا منذ سنوات ولم أكن وقتها عضواً بسودانيز أون لاين أنا ممنون وشاكر لوجودك هنا ولإضافتك ذات القيمة الكبيرة لموضوع البوست وأوافقك تماماً في أن مدينة نيالا إذا ما وجدت بعض ما تستحق من إهتمام لأسهمت في الإقتصاد السوداني ببلايين الدولارات ولأحالة نفسها ودارفور والسودا لمناطق جذب للسكان والمهاجرين بدلاً أن تكون منطقة طاردة كما هو الحال اليوم حيث هاجر معظم سكان نيالا إلي الخرطوم يلتمسون الأمن والعلاج والخدمات والدراسة لأطفالهم وذلك بفعل بؤس السياسات الإقتصادية التي أدت إلي هجرة الريف في كل السودان والإتجاه إلي الخرطوم لتتعطّل الأيدي المنتجة ويتواصل الإقتصاد في التقهقر علي ذكر الملح فهو كذلك من السلع الأكثر طلباً في أفريقيا الوسطي وكل الدول الأفريقية المغلقة البعيدة عن البحار والمحيطات وبالتالي فهو تجارة مربحة ولو أنه تم ربط بورتسودان نيالا عدالفرسان رهيد البردي أم دافوق بانقي بشارع أسفلت ومثله لأنجمينا في تشاد لإعتمد السودان في ميزانيته علي الملح فقط دع عنك باقي السلع الصادرة والواردة ولكن غياب الرؤية لن يجعل إلي ذلك الحلم سبيلا لك مودتي الباقية

Post: #109
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-25-2016, 07:36 PM
Parent: #108

يُولي المسافرون علي هذا الخط أمر الطعام المحمول معهم إهتماماً كبيراً خاصة عند حلول فصل الخريف فيما يُعرف بكرتونة الزُوادة وهذه الكرتونة تُماثل جراب الحاوي تماماً فهي تحتوي علي كل المتوفِّر من الأطعمة في الأسواق من اللحوم الطازجة إلي اللحوم المجفّفة( الشرموط) إلي الويكة والبصل والبهارات والفواكه والخضروات والمعلّبات مثل الساردين والتونة والمربة والطحنية والدقيق بأنواعه لصناعة العصيدة وربما الرغيف وغير ذلك من المواد الغذائية كثير وعادةً ما تكون الكمية المحمولة كبيرة تحسباً لأن تأخذ الرحلة فوق الأسبوع وأحياناً قد تصل مدة الرحلة إلي شهر أو يزيد ورغم هذا التحوّط كثيراً ما ينقطع الزاد أو بعض الأصناف الضرورية رغم أن مجموعة العربات المسافرة معاً يستعينون ببعض عندما يحدث نقص في صنفٍ ما أو ينفد الزاد لدي البعض أذكر في سفريتنا هذه والتي إستمرت لحوالي الأسبوعين إنقطع الشرموط فكانت الخبرات المتراكمة حاضرة حيث تم إستخدام الساردين كشرموط وتحميره بالبصلة كالشرموط تماماً وتقديمة كملاح سارين مع العصيدة وهي أول مرة أتذوّق فيها مثل هذا الملاح اللذيذ😀حكي لي أحد الأصدقاء الذين يعملون في هذا الخط أنه ذات مرة في الخريف إنقطع عنهم الزاد تماماً مما إضطراهم إلي إستخدام خيش الشوالات كشرموط وليس تلك هي المرة الوحيدة بل فعلوا ذلك مرات عديدة! أخذت كلام صديقي بحذر وإن كان البعض عضّض روايته! غادرنا مدينة سبيت وشارع الأسفلت صباحاً مررنا علي قرية دِكوة ثم مدينة كاكا بندرو حيث أمضينا النهار وحتي هنا الشارع مبتل ولكن لوجود الردمية في بعض أجزائه كان سالكاً غادرنا كاكا بندرو عصرا للوقوف حوالي الساعة عشرة ليلاً في منتصف الخلاء للمبيت تحلّقنا في الأسرّة بعد صلاة العشاء في إنتظار تناول وجبة العشاء والشاي وبعدها تسامرنا علي ضوء القمر إلي أن إستسلمنا لسلطان النوم في جو منعش وعليل لكن كان موعدنا الصبح مع الكلاب الوحشية😳 أليس الصبح بقريب؟ نشوفكم بإذن الله

Post: #110
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-26-2016, 11:23 AM
Parent: #109

بعد صلاة الفجر وشراب الشاي بدأت محركات اللواري في الدوران للتسخين تمهيداً لمواصلة الرحلة بينما إنهمك المساعدون في رفع الأسرّة ومعدات الطعام إلي اللواري شاهدنا حيوانات في حجم الكلاب وهي رابضة علي بعد نحو مائة متر في شارع العربات الرئيس قال المسافرون أن هذه الحيوانات سُمُوعة والمفرد سِمِع كما يسميها البقارة في دارفور وهي الكلاب البرية أو الكلاب المتوحِّشة وللدِقّة فهي من حيث الشكل أقرب إلي الذئب أو المرفعين كما هو معروف في دارفور فهذه الكلاب البرية ذات آذان كبيرة ولون جلدها مائل للصُفرة عليه نقاط كبيرة سوداء وليست كالنقاط الصغيرة السوداء الموجودة علي جلد الفهد والشيتا ولا أقول علي جلد النمر كما نعتقد خطأً في السودان فمبلغ علمي أنه لا وجود للنمر في أفريقيا إنما الموجود هو الفهد والشيتا والأحذية التي ينتعلها السودانيون المشهورة بمراكيب النمر هي في الواقع مراكيب فهد وليس نمر فالنمور موجودة في آسيا ولون جلدها مائل للصُفرة أو الحُمرة مع خطوط سوداء وليس نقاط الذي أعمله أن النمر المنقّط الوحيد هو الجاغوار الموجود في أمريكا هذه مجرد معلومات عامة فأنا لست متخصصاً في علم الحيوان ولا الحياة البرية ولا حماية البيئة لذلك أرحب بالتصويب أو الإضافة لما ذكرت معذرة لهذا الإستطراد الذي جاء عفو الخاطر نرجع لموضوعنا إقترح بعض رفقاء الرحلة أن نحمل بعض أغصان الشوك الملقاة قريباً علي الطريق ونذهب في إتجاه الكلاب البرية لطردها من الطريق ولقد عملنا بالنصيحة وذهبنا في إتجاه الوحوش ونحن نصرخ جر جر😀 لكن يبدو أن صراخنا وقع في آذان صمّاء وعندما صارت المسافة بيننا والكلاب حوالي ٥٠ متراً فقط هتف هاتف من بيننا أن إرجعوا فهذه الكلاب خطرة وقد تهاجمكم😳 شلنا شوكنا رجعنا بيهو😀 أو كما قال الفنان مجذوب أونسة بتصرُّف تحرّكت اللواري في إتجاه الكلاب البرية وعندما إقتربت اللواري بنحو عشرة أمتار فقط من الشارع تحرّكت الكلاب متثاقلة إلي طرف الشارع غير عابئة بأزيز محركات السيارات التي تئن تحت وطأة حمولتها الثقيلة ولا بصراخ المسافرين من علي اللواري هذه الحيوانات حسبما سمعت مراراً أنها شرسة وسريعة جداً حيث تتفوّق علي الغزلان في السرعة وأنها أثناء مطاردتها لفريستها من الغزلان تّمزِّق بطن الغزال وتأكل أحشاءها وهي جارية😳 لذلك معنا كل الحق إن تراجعنا عن طردها من الشارع ولمن أراد الإستزادة من القراء الكرام في موضوع الكلاب البرية فعليه باليوتيوب فقد قدمت ناشيونال جوغرافيك أبوظبي فيلماً وثائقياً مميزاً عن الكلاب الوحشية تمنياتي بمتابعة ممتعة

Post: #111
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-26-2016, 07:40 PM
Parent: #110

وصلنا مدينة أمبري وهي شبه مدينة كبيرة توقفنا لبعض الوقت وواصلنا المسير هناك وحل لكن لا يتجاوز الساعة ساعتين لذلك لن نقف عنده كثيراً مررنا علي قرية بنقورا ثم مدينة أنديلي وهي مدينة كبيرة تقضي فيها اللواري القادمة من السودان أياماً لبيع ما تحمل من بضائع فيها سوق مزدهرة خاصة أيام الصيف بعض اللواري تبيع كامل شحنتها هنا وتذهب إلي بانقي فارغة بغرض شحن البن فقط لكن معظم العربات يصل بانقي ولا تزال مليئة بالبضائع بتنا ليلة بأنديلي ثم توجهنا إلي منطقة كبري الصيد التي سُميت بهذا الإسم لتكاثر الصيد حواليها خاصة الجاموس وأبوعُرف كما توجد أفيال في المنطقة شاهدنا الجاموس وأبوعُرف والكاتمبورو لكنا لم نحظ بمشاهدة الأفيال لكن عثرنا علي روثها وهو حديث مما يعني أنها مرت من هذا الطريق منذ لحظات وليس بعيداً من هنا توجد محميات الصيد التي تشرف عليها شركات فرنسية وهي منطقة ممنوع دخول العربات أو الأفراد إليها ماعدا السيياح وبأذونات خاصة وتوجد فنادق ريفية لإستضافة الزوار وعربات مكشوفة لنتقّلهم داخل المحمية لمشاهدة الحيوانات البرية النادرة هذا المنطقة يمسيها البقارة السودانيون بالممنوع لأنهم محظور عليهم دخولها لكنهم يدخلونها رغم ذلك لإصطياد الفيل والزراف وغيرها ولأن المنطقة شاسعة جداً نادراً مايتم القبض عليهم لكن من يتم القبض عليه فالعقوبات صارمة تشمل السجن والغرامة الباهظة لذلك يقاوم الرعاة القبض ولأنهم يحملون أسلحة نارية كثيراً ما تسببوا في مقتل وجرح العديد من حرس الصيد الأفارقة الأمر الذي سبب الكثير من المضايقات للبقارة الذين يصطافون في أفريقيا الوسطي بل دفع بعضهم حياته ثمناً لذلك المنطقة التي نتجه إليها الآن وهي كبري الصيد وبعدها منطقة فكاكا ثم منطقة قوردين وأنديفا حتي ترنقولو ومامون وإنجليس وبيراو وهي المدينة الحدودية مع السودان كل هذه المنطقة منطقة وحل وهي عبارة عن بُوطة وهي الأرض الطينية وفيها شجر وتمسك الماء كمستنقع وليس هناك طريق بديل لتسلكه العربات لأن الطريق قائم وسط الغابة ولأن سيناريو الوحل متكرر في عبورنا لهذه المناطق ولأننا قد نقضي اليوم واليومين والثلاثة ولم نقطع كيلومتر واحد لذلك سأجمل فيما يلي عمليات الوحل التي تعرضنا لها وكيفية الخروج منها في مداخلة واحدة تعطي القارئ الكريم فكرة عما يحدث وبالتالي يستطيع تخيّل حدوث ذلك مرة بعد مرة حتي بلوغنا أم دافوق الأفريقية

Post: #112
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-27-2016, 11:29 AM
Parent: #111

عدد اللواري في الكنڤوي حوالي عشرة عندما نأتي إلي مكان الوحَل الذي قد يمتد إلي مائة متر أو خمسمائة متر أو كيلومتر أو أكثر أو أقل أو بين ذلك فالطريق في الغالب يكون مغمور بالمياه ولا يُري الطريق بالضبط أو قد تكون كمية المياه بسيطة لكن الطين كثيف مما يجعل مرور العربات عليه أمراً عسيراً ينزل ركاب اللواري جميعاً من العربات وعددهم في حالتنا هذه حوالي المائة شخص ويتركون السائقين وحدهم في اللواري وتعبر اللواري الواحد تلو الآخر حسب ترتيب وصول العربات إلي مكان الوحل ومعظم السائقين في هذا الخط ذوي خبرة كبيرة في التعامل مع هذه الظروف لكثرة سفرهم في هذا الطريق وتعرّضهم لظروف مماثلة إن كان هناك إمكانية يتراجع اللوري الذي سيبدأ المغامرة إلي الخلف لأطول مسافة ممكنه هنا ينتشر المساعدون والركاب علي طول منطقة الوحل وهم يحملون الصاجات وهي قطع حديدية مستطيلة بطول مترين وثلاثة أمتار وربما أربعة أمتار بعرض لستك اللوري تُقدف أمام اللوري لتسير عليها العجلات حتي لا تغوص في الطين مع إشارة البدأ يبدأ السائق الأول في دفع اللوري بأقصي ما يستطيع من سرعة وسط تشجيع الركاب وصراخهم وتصفيقهم فيقذف السائق اللوري وسط الطريق الموحلة وتري اللوري يهبط ويرتفع بسقوطه في الحفر والخروج منها وهنا المساعدون والركاب يستخدمون مهاراتهم في قذف الصاجات أمام اللوري ونزعها من الوحل سريعاً بمجرد مرور اللوري عليها لإعادة قدفها أمامه مجدداً علماً بأن صاجات كل اللواري تُسخّر للوري الذي عليه العبور وهكذا يقاوم السائق واللوري الوحل فإذا أفلح اللوري في عبور منطقة الوحل تنفس الناس الصعداء وقابلوا ذلك بالتصفيق والإبتهاج أما إذا ما غاص اللوري في الوحَل فهنا تبدأ الخطة ب وذلك بنزح الماء إن كان هناك ماء مكان الوحل مستخدمين الجرادل والأواني المتاحة ثم إزالة الطين من مكان لساتك اللوري الغاطسة في الوحل ومن أمام ( الدفرنش ) محور العجلات الخلفي ثم ردم الحطب علي مجري اللوري وإذا لم يكن هناك حطب متساقط في الغابة يتم قطع أفرع الأشجار لإستخدامها في ردم طريق العربات وهو عمل ضار بالبيئة ولا شك لكن للضرورة أحكام ثم يتم إستجلاب تراب جاف ما أمكن ذلك وردمة فوق الحطب ثم يبدأ السائق في مرازاة اللوري بتحريكه إلي الأمام والخلف بُغية الخروج من الوحَل أحياناً ونتيجة لتلك الحركة يقطع اللوري عمود جنب أو عمود طوالي وغالباً ما يكون هذا الأسبير موجود في اللوري الذي حدث فيه العطل أو اللوري الأخري فيتم إصلاح العطل أما إذا لم يكن الإسبير موجوداً فيبقي السائق والمساعد وربما بعض الركاب إلي حين إحضار الإسبير من نيالا أو بانقي أيهما أقرب وأيهما أيسر في الوصول إليه إذا نجح السائق في إخراج اللوري فذلك هو المطلوب وإذا فشل يلجأ الناس إلي الخطة ج وهي المهمة المستحيلة وهي تفريغ حمولة العربة وهي عبارة عن عشرة أطنان من البن أو تزيد حيث يزن جوال البن الواحد مائة كيلو جرام ويتم حمل هذه الشحنة بواسطة الحمّالين الموجودين علي اللواري والركاب إلي أقرب منطقة يابسة قرب شارع العربات في الأمام لإعادة تحميل اللوري عند خروجه هذا الإجراء يأخذ ساعات وربما يوماً بأكمله وهكذا يتكرر هذا السيناريو مرة تلو الأخري حتي وصلنا أم دافوق الأفريقية أحياناً يبتل البن بفعل كثرة الوحل والأمطار فيضطر المسافرون إلي نشر البن في بروش ليتعرّض لأشعة الشمس حتي يجِف البُن في حافة البِرشِ😀

Post: #116
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: عصام دهب
Date: 08-28-2016, 12:24 PM
Parent: #100

سلام يا جنابو و عساك بخير .. عدت لسودانيز بعد غيبة و من محاسن هذه العودة أن جمعتني بكم و عرفتني على هذا الإبداع في السرد
من ذاكرة متقدة بسلاسة مدهشة ..
الكلام دة يا سعادة لازم يتوثق في كتاب لأنه من أدب الرحلات الرفيع ..

الله يسعدك .. و سلامي عبركم لأبو النيز ..

Post: #117
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-28-2016, 02:21 PM
Parent: #116

سعادة المستشار عصام دهب التحية والإحترام سعيد بمرورك وسعيد بإشادتك وأنت من المخضرمين في سودانيز أون لاين لك فيها صولات وجولات مشهودة لذلك لشهادتك معني لكن ياوجيه إختفيت من سودانيز أون لاين والفيس بوك فترة طويلة آخر أخبارك من الفيس إجازتك في الأبيض أب قبّة فحل الديوم والشمطة مع بتاع الحركة في الخرطوم😀 موضوع الكتاب دا أخوك من الهواة وليس من المحترفين عشان كده ما باكل عيش مع الفطاحلة😀 تبلغ تحياتك للأخ نزار الفاروق مع تحياتي لسعادة اللواء شرطة أزهري دهب وأرجو أن تقنعه بكتابة مذاكراته فللرجل كنز من الذكريات والمشاهدات والخبرات التي تستحق أن تُروي لا أن تبقي حبيسة الصدور مودتي وتقديري

Post: #113
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: نزار عبد الوهاب
Date: 08-27-2016, 01:10 PM
Parent: #1

سلام وتحايا الأستاذ محمد ...
متابعين هذه الرحلة الجميلة ...

مقطع للكـــلاب البرية ...




Post: #114
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-27-2016, 03:06 PM
Parent: #113

العزيز نزار عبدالوهاب التحية والإحترام شاكر مرورك ومتابعتك ورفدك البوست بڤيديو الكلاب البرية سيما وأن لدي مشكلة فنية في رفع الصور والڤيديوهات كما أسلفت لأَني أكتب من التلفون أنا شخصياً شاهدت الڤيديو المرفق وعجبني نقاء الصورة المبالغ فيه مودتي وتقديري

Post: #115
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-28-2016, 11:10 AM
Parent: #114

وسط هذا الوحل والمعاناة مررنا علي قري فكاكا وقوردين وأنديفا وأخيراً وصلنا وصلنا ترنقولو بجاز الفلاتر زي ما بقولوا السواقين يعني قرّبنا نقطع من ناحية لياقة بدنية ومواد غذائية المسافة من كبري الصيد إلي ترنقولو في الظروف العادية ننراوح بين يوم ويومين أما هذه المرة فقد إستغرقت الرحلة ثمانية أيامٍ حسوما ترنقولو تعني لنا كمسافرين الشئ الكثير فهي قرية صغيرة ولكن بها تُردة ( بُحيرة صغيرة ) مليئة بالسمك وبذلك مسألة الطعام حُلّت تلقائياً وإن كانت البُهارات معدومة والملح ذاتو في تلتلة ولو وُجد فهو غير مسحون بل في شكل حبيبات كبيرة أما الليمون أنسي😀 علي المستوي الشخصي ترنقولو وصويحباتها من المناطق القادمة مامون وإنجليس وبيراو أو دابا كما يُطلق عليها البقارة السودانيون تعني عندي الكثير لا بل جزء أساسي من ذكرياتي في طفولتي الباكرة فعندما يأتي أهلنا البقارة بفرقانهم إلي حوالي مدينة نيالا ويقضون معنا أياماً بالمنزل لبيع منتجاتهم من اللبن والروب والسمن وحطب الدخان وخلافة ويشترون حاجاتهم من السوق من شاي وسكر ورغيف وبلح وأواني منزلية وملابس وقماش خاصةً توب الزراق بالنسبة للنساء كانوا عندما يحكون عن رحلتهم الصيفية داخل أراضي أفريقيا لا تخلو حكاياتهم من ذكر هذه المناطق فهي مناطق مصائفهم بالإضافة إلي إستخدام كلمة نصراني ويُقصد بها الفرنسي وكلمة لوفو ويقصد بها الضرائب ولعلي أول مرة أسمع منهم كلمة جندرمة عموماً كنت غاية السعادة لخلط هذه النوستالجا بسمك ترنقولوا الذي البعد بينه وبين سمك الحاجة تنتينا زمزم في أنجمينا لهو ذات البعد بين بانقي ونيالا😀 لكنه علي أية حال مُشبع وهل يطمع المسافر في مثل حالنا هذه أكثر من الشبع؟ بعد تناول الطعام والشاي إسترحنا وبتنا ليلتنا تلك غير بعيدين من التُردة التي إلي جانب السمك يوجد بتُردة ترنقولو عدد من حيوانات فرس البحر ( القرنتية ) وهي حيوانات ضخمة برمائية تقضي يومها في الماء وتخرج ليلاً لتقتات من الأعشاب وهي مسالمة بصورة عامة مالم تُهاجم فهي شرسة فالناس لا يتركونها في حالها بل يصطادونها وبعضهم يأكل لحمها علي أن جلدها الثخين مشهور بعمل السوط المشهور بسوط جلدالقرنتي هناك حوداث متفرقة للقرنتية في تُردة أم دافوق حيث كانت تعيش واحدة منهن ماتت منذ زمن بعيد يحكي أنها هاجمت مواطنين ليلاً وسببت لهم أذي وربما قتلت بعضهم سبب آخر للفرحة هو أن معدل الأمطار من هنا وحتي الحدود السودانية ليس غزيراً كما تركناه خلفنا والخريف لا يزال في بداياته وهذا معناه وحل أقل وسرعة أكبر في إتجاه هدفنا التالي وهو مدينة بيراو( دابا )

Post: #118
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: فضل الصادق
Date: 08-29-2016, 05:18 AM
Parent: #115

الكتابة باتعة جداً ، متانة السرد وقوته مع ذاكرة حافظة أمر يستوجب الشكر .

Post: #119
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-29-2016, 10:02 AM
Parent: #118

العزيز فضل الصادق التحية والإحترام ممنون شاكر متابعتك وتقريظك كلماتك الطيبات هذه والآخرين هي زادي الغير قابل للنفاد أتمني أن أكون بقدر العشم مودتي وتقديري

Post: #120
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-29-2016, 11:16 AM
Parent: #119

علي أن زائرتي ليس بها حياء كزائرة المتنبئ التي تزور في الظلام فقد زارتني نهاراً وأرتني نجوم القايلة ( النهار ) إنها الملاريا الحمي المنتشرة في أفريقيا الوسطي ومعظم المسافرين يصابون بالملاريا في مرحلةٍ ما من السفرية إما في الذهاب أو الإياب وربما أكثر من مرة ومنهم من إستوطنت الملاريا في جسده فلا يكاد يشفي منها حتي تعود إليه مجدداً الملاريا في أفريقيا الوسطي من النوع القوي لذلك لا تستجيب لأدوية الملاريا التقليدية العاملة عندنا في السودان وقتها من كلوركوين حبوب وحقن لكن هنا يستخدمون حقن الفانسيدار والمستخدمة في السودان أيضاً ودربِّات حقن الكينين وحبوب الكينين لفاعليتها في العلاج لذلك يُنصح المسافرون إلي أفريقيا الوسطي وتشاد ودول أفريقيا الموبوءة بالملاريا بتناول حبوب الوقاية من الملاريا بواقع حبتين في الأسبوع وإلي حد كبير تنجح هذه الحبوب في منع الإصابة بالملاريا لكن مع الإرهاق والوحَل الله أعلم بدأت علي الفور في تعاطي حقن الملاريا ونحن في الطريق إلي مدينة بيراو فلحسن الحظ لا يخلو صندوق الإسعافات الأولية في أي لوري من حقن الملاريا وإبر الحقن وتقريباً معظم الركاب لديها خبرة في حقن المصابين بالملاريا مررنا في الطريق بمناطق مامون وإنجليس وهي مضارب البقارة السودانيين كما أسلفنا وهم عندما يذكرون أسماء هذه المناطق لا يعنون القري عيناً إنما المراعي التي تجاور هذه القري وموارد المياه وهي مناطق شاسعة جداً وأخيراً وصلنا بيراو (دابا) المدينة التي أحببت حيث تصطف أشجار اللبخ والمانجو وسط المدينة جوار السوق نزلنا في الفسحة المجاورة للسوق وهو سوق صغير لكن عبارة متاجر مبنية من المواد الثابتة بصورة منظمّة وصلنا بيراو عصراً وكان الرأي أن نبيت الليلة فيها بغية راحة المرضي والإستجمام وقد كان

Post: #121
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-30-2016, 09:51 AM
Parent: #120

مدينة بيراوو هي عاصمة محافظة فكاكا المحافظة الواقعة علي الحدود السودانية وتبعد حوالي ٧٠ كيلومتراً من أم دافوق السودانية وهي بهذا الوصف مجاورة لدائرة إختصاصي عندما كنت رئيساً لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية التي رئاستها في مدينة عدالغنم سابقاً عدالفرسان حالياً بين عامي ١٩٨٤ و١٩٨٦وكنت برتبة الملازم أول وتشمل المنطقة الجنوبية الغربية اليوم محليات عدالفرسان ورهيد البردي وأم دافوق و كبُم و كتيلا لذلك فمدينة بيراوو ليست غريبة علي فقد زرتها في العام ١٩٨٤ ضمن وفد لجنة أمن المنطقة الجنوبية الغربية لبحث مشاكل الحدود بين الرعاة السودانيين وسلطات المحافظة تم ذلك بموافقة محافظ محافظة جنوب دارفور نيالا التي تتبع لها المنطقة الجنوبية الغربية وبعلم وزارة الخارجية والسفارة السودانية ببانقي كان موضوع المحادثات هو شكوي المواطنين السودانيين في أم دافوق من الضرائب الباهظة التي تفرضها السلطات الأفريقية علي الآبار التي يحفرها المواطنون صيفاً في تُردة( بُحيرة) أم دافوق بغرض شُرب البشر والماشية يقول المواطنون هنا أن التُردة بكاملها كانت في زمانٍ مضي كانت تقع ضمن الحدود السودانية لكن إهمال الحكومات السودانية المتعاقبة لأمر الحدود مع أفريقيا الوسطي جعل السلطات الأفريقية تُحوِّل كامل التُردة إلي داخل حدود أفريقيا الوسطي! الشكوي الثانية من الرعاة هي أن السلطات الأفريقية تُعاملهم بقسوة بالعة نتج عنها مقتل رعاة سودانيين في زمانٍ قريب في المقابل تشكو السلطات الأفريقية من دخول الرعاة السودانيين منطقة محميات الصيد الممنوع عليهم دخولها وممارسة الصيد الجائر بإصطياد مختلف الحيوانات المهددة بالإنقراض وإستخدام الأسلحة النارية وفي بعض الأحيان إغتيال أفراد من الجندرمات وحرس الصيد عموماً كانت المحادثات مفيدة وأزالت الكثير من سوء الفهم وعالجت بعض المشاكل التي تليها كسلطات محلية ورفعت ما يتجاوز صلاحيتها للسلطات الأعلي في هذه الزيارة والتي إستمرت لمدة يومين إستضافنا في منزله العامر رجل الأعمال السوداني المرحوم محمد الأُسطي وشقيقه علي الأُسطي هذ الشاب النشط الشهم الكريم المجيد للغة الفرنسية ولغة السنقو اللغة المحلية في أفريقيا الوسطي الذي كان مترجمنا في الإجتماع الرسمي مع السلطات الأفريقية في مكتب المحافظ حيث جري إستقبالنا بصورة مراسمية خارج مكتب المحافظ بواسطة نائب المحافظ وه سوبروفير بالفرنسية وأعضاء حكومته المحلية حيث لم يكن المحافظ وقتها موجوداً بالغ مضيفونا السودانيين في إكرامنا كعادتهم مع كل الوفود الزائرة ولا أنسي أُسرة آل قرْبة وهم أسرة معروفة في التجارة في بيراوو وبانقي والسودان فقد شاركوا في إستقبالنا والإحتفاء بنا كانت تلك هي علاقتي ببراوو لذلك أنا سعيد بأن أعود إليها هذه المرة برغم أثقال الملاريا قبل أن نبرح بيراوو في إتجاه أم دافوق شهدت منظر لابد لي من روايته لأنه لا يزال عالقاً بذاكرتي وكأنه حدث بالأمس وهو وأثناء وجودنا عصراً في الساحة المجاورة للسوق كان هناك أطفال دون سن العاشرة يلعبون كرة القدم جاءت سيدة في حوالي الثلاثين من عمرها وهي تعبر ميدان الكرة مجرد أن لاحظ الأطفال وجود السيدة توقف جميعهم عن اللعب في وضع إنتباه ورؤوسهم محنية إلي الأرض وبقوا كذلك وسط صمت تام إلي أن عبرت السيدة الميدان! هالني ما رأيت فسألت مرافقيّ من الركاب ومعظمهم عالم بأفريقيا الوسطي وعاداتها وتقاليدها فأجابوا بأن هذه المرأة معلِّمة الأطفال في المدرسة وكل المعلمين يعاملون هكذا يا إلهي! ومن أخبر هؤلاء الأطفال بيت شعر أمير الشعراء شوقي قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً؟ هذا الدرس كان علاجاً للملاريا فقد أسعدني ما رأيت غاية السعادة وعاد بي إلي أيام المدارس حيث كان إحترامنا لأساتذتنا الأجلاء لا يقل بحال عن ما شاهدت تحركت اللواري في إتجاه أم دافوق وأنا راضي عن بيراوو وأطفال بيراوو

Post: #122
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: hafiz Issue
Date: 08-30-2016, 01:49 PM
Parent: #121

ومن أخبر هؤلاء الأطفال بيت شعر أمير الشعراء شوقي قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً؟ هذا الدرس كان علاجاً للملاريا فقد أسعدني ما رأيت غاية السعادة وعاد بي إلي أيام المدارس حيث كان إحترامنا لأساتذتنا الأجلاء لا يقل بحال عن ما شاهدت تحركت اللواري في إتجاه أم دافوق وأنا راضي عن بيراوو وأطفال بيراوو

شكرا للفتة النابهة والتحية لاطفال بيراو اينما كانوا

Post: #123
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-30-2016, 02:12 PM
Parent: #122

سعادة المستشار الصديق Hafiz Issue التحية والإحترام ما قام به أطفال بيراوو علّمني أن القِيَم الإنسانية النبيلة مركوزة في بني البشر بغض النظر عن أعراقهم وألوانهم وألسنتهم ودياناتهم مرورك وإشادتك صديقي لا تقل عن ما فعله معي أطفال بيراوو فقد صنعت يومي مودتي وتقديري

Post: #124
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: على جويلى
Date: 08-31-2016, 00:13 AM
Parent: #123

الحبيب محمد الحسن حمدنا الله
نسبة لانقطاعنا عن الأسافير فترة طويلة
بعد العودة وجدنا أنفسنا امام هذا البوست
الدسم وهذا الأسلوب الأخاذ وهذه العبارات ذات المضامين
المستنيرة التي لم تكن غريبة علينا
واصل يادفعة فنحن متابعين متابعة لصيقة

Post: #125
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-31-2016, 10:48 AM
Parent: #124

الحبيب الدفعة علي جويلي التحية والإحترام سعادتي لا توصف بوجودك هنا إشادتك بالبوست معنويات إضافية لإكمال الرحلة التحايا لأسرتك الكريمة ومن معك من الزملاء في قرين سبورو مودتي وتقديري

Post: #126
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-31-2016, 12:44 PM
Parent: #125

في طريقنا إلي أم دافوق الأفريقية مررنا علي قرية كفر قدح التي تتوسّط المسافة بين بيراوو وأم دافوق لكن قديماً قيل من قصد البحر إستقلّ السواقيا وقال المغنِّي القمر بضوِّي شن بلاني بالنجوم وبحرنا وقمرنا يجتمعان في أم دافوق السودانية فما توقفنا في كفر قدح فقد هبّت رياح السودان وما من أحد يستطيع مقاومة قوة الجذب فاندفعت اللواري بما تستطيع من سرعة صوب أم دافوق الأفريقية التي وصلناها عصراً أم دافوق هذه قرية صغيرة لكن بها سوق عامر في أيام الموسم حيث يشهد عمليات بيع وشراء كبيرة للبن بعض اللواري تبيع كامل شحناتها في أم دافوق الأفريقية للتجار السودانيين الذين يستقبلون العربات هنا قبل دخولها حظيرة الجمارك السودانية لتعود اللواري إلي بانقي أو بمبري لشراء البن والعودة مجدداً وذلك كسباً للوقت وعمل أكبر عدد ممكن من الرحلات خلال الموسم في أشهر الصيف لكن معظم التجار يجمركون بضائعهم ويذهبون بها إلي نيالا إما لبيعها فوراً إذا كان السعر مغري أو الذهاب بالبضاعة إلي الأُبيِّض أو أم درمان إذا كان السعر هناك أكثر إغراءً البعض إذا لم يجد السعر معقول في نيالا يقوم بتخزين البن لبيعة في موسم الخريف حيث يتوقّف الوارد من أفريقيا الوسطي وترتفع أسعاره ويعود لإحضار شحنات إضافية من البن أم دافوق السودانية تقف شامخة علي الضفّة الأخري من التُردة( بُحيرة صغيرة) تزيدها أشجار الدليب بهاءً وتضارة والمسافة حوالي ٢ كيلومتر تركنا العربات خلفنا لإكمال الإجراءات المتعلِّقة بالسلطات الأفريقية حيث توجد مكاتب للجمارك والجندرمة والغابات .. الخ وذهبنا راجلين إلي أم دافوق السودانية بعد الغروب بقليل كان سروري عظيماً بالعودة إلي السودان بعد رحلة دامت حوالي أربعة أشهر كان سوق أم دافوق خاصة الجزء الذي توجد به المطاعم يضج بالحركة وهو مضاء بالمولدات الخاصة بتجار السوق المتاجر مبنية من المواد الثابتة والزنك والقش والعناقريب والبروش والأباريق منتشرة في كل مكان جاهزة لإستقبال الضيوف بالنسبة لي أم دافوق ليست غريبة فقد زرتها خمس مرات عندما كنت رئيساً لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية وكانت ضمن دائرة إختصاصي وزرتها مرة سادسة أخري ولم أكن علي عجل😀 حيث قضيت فيها أسبوعاً في مأمورية من رئاسة مباحث محافظة جنوب دارفور نيالا حيث كنت أعمل وكانت المأمورية متعلقة بمكافحة تهريب الصمغ العربي إلي أفريقيا الوسطي وبالتالي فإن معظم أفراد الشرطة الذين يعملون هنا وفي كل المدن والقري في الطريق من هنا إلي نيالا هم من الأفراد الذين عملوا معي وأعرفهم ويعرفوني وكذلك الكثير من المواطنين في هذه المناطق ليس بصفتي الرسمية السابقة فحسب ولكن لأن هذه المنطقة من أم دافوق وحتي الحدود مع عد الفرسان هي منطقة أهلي التعايشة فلذلك عندي أكثر من سبب للشعور بالسعادة والإطمئنان وكأنما وصلت إلي منزلي في نيالا الحمدلله إنتهي الجزء الأصعب من الرحلة وبقي الجزء الأسهل ملاحظة لابد من تدوينها وهي أن تجار البن كانوا يشكون من الجمارك الباهظة في جمارك أم دافوق لذلك كانوا يتفادون أم دافوق والذهاب إلي مدينة أم دُخن علي الحدود التشادية لأن الجمارك هناك معقولة! وهو أمر مثير للإستغراب كيف تكون الجمارك مختلفة ولسلعة واحدة في الجمارك السودانية؟ الواضح أن الأمر خاضع للمزاجات أكثر منه قانون ولوائح وسلطة تقديرية بقي أن نعرف أن منطقة أم دافوق وما حولها تقع في منطقة قوز ( منطقة رملية ) دنقو وهي من أكبر مناطق إنتاج الدخن والذرة والفول السوداني والصمغ وغيرها من المحصولات النقدية

Post: #127
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: hafiz Issue
Date: 09-01-2016, 08:22 AM
Parent: #126

متابعين

Post: #128
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-01-2016, 09:57 AM
Parent: #127

الوجيه الزميل المحترم Hafiz Issue شاكر مرورك ورفع البوست التحايا لأسرتك الكريمة

Post: #129
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: hafiz Issue
Date: 09-01-2016, 10:43 AM
Parent: #128

جنابو حمدنالله ، منتظرين تفاصيل عن منطقة ام دافوق ( دبي دارفور) كمنظقة ترانزيت تجاري ضخمة في ذلك الوقت وملامح من سوقها العامر واثر تجارة الترانزيت اقتصاديا واجتماعيا علي المنطقة
كما هناك جانب اخر يتعلق بالتمية لقطاع الرحل كون المنطقة مصيف لعدد ضخم من الماشية ،، وهنا اشيرلمشروع وحيد هو توسعة سد ام دافوق الذي انشا خلال العام 98 في التقليل من نزاعات الرحل (بادية : التعايشة والسلامات والفلاتة) اتوقع تسليط الضوء علي هذا الجانب الهام في المنطقة .

Post: #132
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-02-2016, 09:34 AM
Parent: #129

الوجيه Hafiz Issue بخصوص الحديث عن مدينة أم دافوق وأهميتها الإقتصادية والجغرافية سأعود للحديث عن كل ذلك في بوست منفصل في المستقبل بإذن الله بعنوان كنت رئيساً لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية عدالغنم وفيه بإذن الله سأستعرض مدن وقري المنطقة والسكان والجغرافيا والإقتصاد والذكريات تسلم علي المرور والتشجيع

Post: #130
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-01-2016, 12:02 PM
Parent: #128

آثرت قضاء الليلة مع رفقاء السفر والإستمتاع بالنوم علي العناقريب في الهواء الطلق مع السمر حتي منتصف الليل وإستغرقنا من بعد في النوم وكأننا لم ننم من قبل في الصباح وبعد الإفطار وريثما تكتمل إجراءات الجمارك ذهبت إلي قسم الشرطة بغرض التحية والمجاملة ولم أجد الضابط الذي غادر مع بعض القوة في مأمورية ووجدت بعض الصف والجنود منهم القدامي الذين أعرفهم ومنهم الجُدد وقد أحسنوا إستقبالي جلست معهم تحت شجرة العرديبة الشهيرة أمام القسم والمطلِّة علي التُردة وعلي أم دافوق الأفريقية تناولنا العام والخاص وتناولت معهم طعام الغذاء وبعدها جاءت اللواري إلي القسم لتسجيل خروجها ودعت رجال الشرطة وبدأت اللواري في رحلتها نحو نيالا أظن أن اليوم كان يوم السبت وهو يوم سوق أم ادفوق والأحد يوم سوق قرية السنيطة في الطريق والإثنين سوق مدينة طوال في الطريق إلي الرهيد والخميس سوق الرهيد وعدالفرسان أيام الأسواق تشهد المدن والقري نشاطاً تجارياً محموماً حيث يفد إليها الباعة والمشترون من المدن والقري المجاورة بالعربات والدواب وبالأرجل رحلة العربات بين الأسواق الأسبوعية في دارفور تُسمي أم دوَر ور يعني حايمة بإستمرار أول قرية أمامنا كانت قرية أم روق وهي مكان سد أم دافوق الحالي الغرض من بناء السد هو حجز المياه المُهدرة خريفاً ليُستفاد منها في شُرب الإنسان والحيوان صيفاً والإسهام في إستقرار الرعاة السودانيين داخل الحدود السودانية في فترة الصيف الفكرة ممتازة لكن تنفيذ السد تم بصورة بائسة ويبدو أن الغرض من ورائه كان سياسياً أكثر منه إقتصادياً فلم تمض علي بنائه سوي بضع سنوات حتي بدأ جسم السد في التصدّع! علي أية حال وفّر السد كمية مقدّرة من الأسماك لأهل أم دافوق وزوارهم وتلك من حسنات السد بعد أم روق جئنا إلي قرية المسيج أو المسيد كما هو معروف في باقي أجزاء السودان وهو مكان تحفيظ القرآن وهي القرية التي تحرّك منها الخليفة عبدالله التعايشي كما هو وارد في بعض كتب التاريخ مررنا بتُردة (بُحيرة) مرمندي ذات المنظر الأخّاذ وطيور الأوز والحباري وهي منطقة يقصدها الصيادون من رهيد البردي ونيالا وإن لم أكن من أنصار الصيد من ناحية الحفاظ علي البيئة ومن ناحية خطورة عمليات الصيد التي كثيراً ما تنتهي بمآسي وصلنا السنيطة في وقت متأخر من الليل حيث بتنا فيها وقضينا نهار اليوم التالي كذلك لنشهد السوق ونستمتع بالمناصيص ( اللحم المشوي بالبخار) السنيطة هذه مشهورة بإنتاج الدخن والفول السوداني ومحاصيل نقدية أخري تحركنا من السنيطة عصراً ومررنا بالدونكي أم قِدَر الدونكي يعني صهريج المياه ثم وصلنا طوال وهي قرية كبيرة الآن أصبحت مدينة مشهورة بإنتاج الطماطم والصلصة في الموسم بالإضافة إلي الدخن والفول السوداني والويكة وخلافة من المواد الغذائية أدركنا سوق طوال يوم الإثنين وتحركنا صوب رهيد البردي التي وصلناها ليلا ورهيد البردي التي غني لها الفنان صلاح بن البادية من رهيد البردي لوحة هي مدينة جميلة وادعة ترقد بين أحضان الوادي والجنائن رغم أنها عاصمة أهلي التعايشة فلم يتسن لي زيارتها إلا في العام ١٩٨٤ عندما توليت مهامي كرئيس لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية حيث تقع رهيد البري في نطاق المنطقة سأمر عليها الآن وعلي باقي المدن والقري في الطريق إلي نيالا مرور الكرام عسي أن أعود إليهم جميعاً في بوست منفصل في المستقبل متناولاً مدن وقري هذه المنطقة والسكان والجغرافيا والمشاكل الأمنية والذكريات لم نتوقف في رهيد البردي حيث كانت محطتنا التالية هي عدالفرسان

Post: #131
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: أنور أدم
Date: 09-02-2016, 00:24 AM
Parent: #130

ابوحميد عساك بخير و عافية, امتعتنا في هذا البوست السردي الرائع الجميل. زيارة تشاد كان عندي فيها اضافات تاريخية بحكم زيارتي ليها و ارتباطي الثقافي و الاجتماعي باهلها. عموما سندلوا بدولنا متي ما سنتحت الفرصة

Post: #133
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-02-2016, 09:45 AM
Parent: #131

العزيز أنور آدم التحية والإحترام سعيد بمرورك من هنا كنت أحتاجك بشدة في هذه الرحلة فأنت رجل تتقن اللغة الفرنسية وهي إكسير الحياة في تشاد وأفريقيا الوسطي والدول الفرانكفونية عموماً وجودك في فرنسا لفترة لا شك أعطاك فكرة وافية عن المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا والتقيت بعدد من رعايا هذه الدول ومنها تشاد وأفريقيا الوسطي أتمني أن يسمح زمنك المزحوم بالقراية والشغل علي إطلاعنا علي تجربتك هنا أو في بوست منفصل حسب الظروف مودتي وتقديري

Post: #134
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-02-2016, 05:52 PM
Parent: #133

عدالغنم سابقاً أو عد الفرسان حالياً هي حاضرة قبيلة البني هلبة تم تعديل إسمها بعد تصدي فرسان البني هلبة وبقية القبائل لهجوم الحركة الشعبية علي جنوب دارفور في العام ١٩٩١ بقيادة المرحوم داؤود يحي بولاد وعبدالعزيز الحلو عدالفرسان تتوسط المسافة بين نيالا ورهيد البردي أمضيت فيها عامين من أخصب سنوات العمر كان أهلها عوناً لي في آداء مهامي وكانوا كأسرتي تماماً ولم أحس وسطهم بغربة إطلاقاً ربما أتحدث مفصّلاً عن عدالفرسان وغيرها من المدن والقري في بوست منفصل مستقبلاً أما هذه المرة فقد جئناها في وقت متأخر من الليل فلزمنا قهوتي عمر عبدالماجد ودُقل المشهورتان بالنسبة للمسافرين علي هذا الخط حيث اللحمة المشوية علي الصاج والحليب في كبايات الشُب الكبيرة😋 بعد العضّة إستسلمنا للنوم العميق في عنقريب أو برش كيفما أتفق وفي الصباح كنا في طريقنا إلي نيالا مررنا بقرية أم جناح ذات الجنائن الغناء ومنها إلي بُلبُل تمبسكو وهنا يجدر بي أن أُميِّز بين البلابل الثلاث😀 فبالإضافة إلي بُلبُل تمبسكو هذه التي تقع علي طريق نيالا عدالفرسان رهيد البردي هناك بُلبُل أبو جازو التي تقع علي طريق نيالا كاس زالنجي وهناك بُلبُل دلال العنقرة حيث جرت أحداث مسلسل الدهباية وهي تقع في طريق نيالا كبم السكان في البلابل الثلاث خليط من قبيلتي الترجم والفور بلبل تمبسكو تشتهر بواديها الضخم الذي يحجز العربات أيام وليالي في الخريف كما تشتهر بكثرة الجنائن وهي من أكثر مناطق جنوب دارفور إنتاجاً للمانجو وفي الموسم المانجو هنا لا قيمة لها بسبب كثرتها كذلك قهاوي بلبل تمبسكو مشهورة بالمناصيص واللحوم عموماً وكانت حتي لحوم الطيور البرية متوفرة هنا فطرنا في تمبسكو وغادرنا إلي نيالا التي لا تبعد أكثر من ساعة مررنا في الطريق علي مضارب البقارة فيما مضي في الخريف وهي مناطق دقريس وكسّارة البُرام والتومات وسكلي لكن ما عاد البقارة يحضرون إلي هنا بسبب زرائب الهوي ( زرائب من الشوك تعترض سبيل الماشية للإيقاع بها وأخذها لزريبة الهوامل بدعوي أنها أتلفت الزراعة الغير موجودة أصلاً وذلك بغرض تغريم أصحاب الماشية مقابل إطلاق سراحها) بالإضافة لأسباب أخري منها الجفاف وإتساع مدينة نيالا لتصبح بعض مواقع الفرقان قديما جزء من المدينة لذلك إكتفي البقارة بالبقاء في نواحي رهيد البردي في فترة الخريف أخيراً وصلنا عروس المدائن نيالا بعد غربة وشوق نغالب في ويغالبنا لكن الرحلة لم تنته بعد😁 فقد زرت أفريقيا في العام التالي ١٩٩٨ ثلاث مرات مرتان بالبر إحداهما بالطريق الدوغري بيراوو أنديلي أمبري بانقي وثانيتهما بطريق الحجر بيراوو ودعة جالي بيريا بمبري بانقي والرحلة الثالثة كان جواً من الخرطوم إلي بانقي ثم جواً مع شقيقي محمد زين من بانقي إلي أنجمينا ثم براً من أنجمينا إلي نيالا حيث إنتهت بي الرحلة من اللوري إلي غرفة العمليات بمستشفي نيالا😳 نيالا وحتي لا يمل القاري وحتي أتفادى التكرار سأحاول تغطية الرحلات الثلاث بواقع مداخلة أو إثنتين لكل رحلة مع ذكر فقط الأحداث التي لم ترد من قبل يعني إطمئنوا عيد الضحية تبقت له عشرة أيام ستعودون إلي السودان برفقتنا قبل العيد بإذن الله لقضاء العيد مع من تحبون وغداً نلتقي بإذن الله

Post: #135
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-03-2016, 11:13 AM
Parent: #134

وجدنا أسعار البن في نيالا مشجِّعة فبعت بضاعتي علي الفور ومسحت الأرباح المالية تعب السفر بالأضافة إلي الأرباح السياحية والمعرفية هذه الأمور مجتمعة أغرتني علي إعادة المغامرة والمقامرة مرة أخري أقول مقامرة لأن تجارة البن غير مضمونة فقد يكون السعر اليوم بلغ عنان السماء وغداً تصل باخرة محمّلة بالبن من البرازيل فيصبح سعر البن في نيالا في الأرض طبعاً ليس هناك من سبيل إلي السفر إلي أفريقيا الوسطي إلا بعد إنتهاء فصل الخريف هناك يعني الطريق البري لن يصبح سالكاً قبل ديسمبر أو يناير لذلك أمضيت هذه الفترة مستمتعاً بالخريف في نيالا بين الأسرة والأهل والأصحاب قبل أن أغادر في رحلتي الثانية أري أنه من الأفضل التعرّض لظاهرة لازمت تجارة البن في تلك الفترة وهي ظاهرة الكسر أو المعكوس وذلك لعدم وجود سيولة لدي الكثير من تجار أفريقيا الوسطي فيلجأون إلي هذه الطريقة المدمِّرة والتي أفضت بالكثير منهم إلي السجن والكسر هو أن يذهب تاجر البن إلي تاجر إجمالي معروف في سوق نيالا كما يوجد غيره وذلك لشراء بضاعة من هذا التاجر في الغالب سكر نفترض أن هذه البضاعة قيمتها ١٠٠ مليون جنيه بالقديم يقوم المشتري بكتابة شيك بهذا المبلغ لتاجر الإجمالي علي أن يتم تقديم الشيك بعد شهرين من هذا التاريخ يقوم التاجر الذي كتب الشيك وفي نفس الجلسة ببيع البضاعة مرة أخري لتاجر الإجمالي الذي لم تُغادر البضاعة متجره أو مخازنه لكن هذه المرة بسعر أقل من الذي باع به للتاجر فلنقل ٨٠ مليون جنيه بالقديم ويقوم بتسليم التاجر ال ٨٠ مليون جنيه كاش حيث يقوم الأخير بشراء ما يرغب من أصناف لرحلته إلي أفريقيا الوسطي سواء كان سكر أو غيره من المواد الغذائية أو الأواني المنزليه أو خلافه في هذه الحالة يغادر التاجر نيالا وهي خسران ٢٠ مليون جنيه! وعندما يذهب إلي أفريقيا الوسطي ويعود إلي نيالا محمّلاً بالبن فالمسألة مرتبطة بأسعار البن إذا كانت الأسعار ممتازة يستطيع التجار تسديد فرق السعر وربما تحقيق بعض الربح وهذه حالات قليلة أما الغالبية فيعجزون عن السداد وبعضهم يذهب إلي السجن مباشرة عند حلول أجل الشيك وبعضهم يأخذ بضاعة أخري بنفس الكيفية فيتضاعف عليه الدين ويعجز عن السداد عند العودة إلي نيالا فيذهب إلي السجن وبعضهم يُفضِّل البقاء في أفريقيا الوسطي تفاديا للعودة إلي السودان فالذهاب إلي السجن وأعرف بعض من هؤلاء التجار الذي بقي في أفريقيا الوسطي إلي يومنا هذا وهنا تحضرني طُرفة تُلخِّص أزمة هؤلاء التجار لابد من إيرادها وهي أن أحد تجار بانقي كما يعرفون في نيالا رهيد للبردي جاء من بانقي محمّلاً بالبن وبالديون معاً فوجود أسعار البن منهارة وعلم أن لا مهرب من المصير المحتوم وهو السجن فقال بلغة البقارة والله يوما دا كِن(لو) بعرف بُكان (محل) الصور قاعد أمشي أسّع دا أنفُخا قال ليك خلي القيامة تقوم😀

Post: #136
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-04-2016, 12:17 PM
Parent: #135

المصادفة وحدها هي التي قضت بأن تكون رحلتي الثانية إلي أفريقيا الوسطي في رمضان العام ١٩٩٨مثلما كانت رحلتي الأولي إلي تشاد في رمضان ١٩٩٧ وإن إختلفت الرِفقة هذه المرة والدابة رفيقي في هذه الرحلة أخي وصديقي جادين جودالله دقّاش الضابط الإداري وقتها والمدير الإداري لمجلس ريفي أم دافوق جادين من الضعين إلتقينا أول مرة في عدالفرسان عام ١٩٨٤ حيث عملنا معاً وسكنا معاً في بيت ضابط الشرطة مع بعض الأخوة الضباط الإداريين وللأمانة لم يكن هناك بيت للشرطة بالمعني المفهوم فكانت هناك مجموعة بيوت للموظفين الضباط الأداريون الأطباء مهندس الأشغال الطبيب البيطري وكنا نعيش كأسرة نتناول الوجبات معاً في الميس ونتسامر ونشرب والشاي معاً تحت ظل شجرة اللالوب الواقعة بين مباني المجلس وبيوت الموظفين وعندما يحين وقت النوم ليلاً تنام أينما أدركك النعاس يالها من أيام! توثّقت صلتي بالعزيز جادين عندما نشبت المشكلة القبلية بين قبيلتي القِمِر والفلاتة فأقمنا معاً في منزل الضابط الإداري في كتيلا حاضرة القِمِر ووقتها كان جادين هو المدير الإداري لريفي كتيلا كانت زياراتي بإنتظام للأخ جادين عندما كان الضابط الإداري المسؤول عن مدينة كبم وفيما بعد مدينة رهيد البردي وكان يزورنا في عد الفرسان رئاسة المنطقة بإنتظام فيما بعد أقمت في الخارج وعدت إلي نيالا في إجازة كان وقتها الأخ جادين وزيراً في حكومة ولاية جنوب دارفور رغم مشغولياته زارني الأخ جادين أكثر من مرة إحداها مع أسرته وأهداني خروفاً بمناسبة قدومي في إحداها وكان لا يزال هو جادين الذي عرفته لم يتغيّر ولم يتبدّل علم جادين أني في نيالا فزارني في المنزل وأخبرني بأنه مسافر غداً إلي موقع عمله في أم دافوق فطلبت مرافقته لأسافر من هناك إلي بانقي فرحّب بالفكرة وأبدي سروره في الغد عصراً غادرنا نيالا بعربة مجلس ريفي أم دافوق لانكروزر بك أب تُعرف عند العامة ب تاتشر والسائق هو عبدالله المشهور ب دِلي وهو معرفة قديمة حيث عمل مع جادين منذ بداية خدمته بالمنطقة أدركنا الإفطار في بلبل تمبسكو فأفطرنا بما لذّ وطاب من لحوم وبركيب وفواكه وتوكلنا طالبين أم دافوق هذه المرة لم نسلك طريق عدالفرسان رهيد البردي بل سلكنا طريق الوسط المار بحرازة الشِخّار التي تقع في ديار القِمِر وهي شرق الوادي أما غرب الوادي فهناك حرازة العباس وحرازة أم بوردية وهذه تقع في دار التعايشة لم نتوقف إلا في قرية السنيطة المشهورة بإنتاج الدخن التي سبق الإشارة إليها ذهبنا إلي منزل المحاسب والمنازل هنا من القطاطي المبنية من قصب الدخن أخذنا المحاسب لإستراحة الضيوف وهي قطية جزء من أسفلها مفتوح ربما أكلته الغنم😀 كان البرد قارساً فالموسم شتاء أذكر أن المحاسب مشكوراً أكرمنا بسحور منصاص ورغم ما ينطوي علي السحور باللحوم من مخاطر العطش نهار اليوم التالي إلا أنه أفضل من الجوع في البرد زوّدنا مضيفنا ببطاطين نمر وهي نوع ممتاز يقي أمضينا الليلة وفي الصباح غادرنا إلي أم دافوق التي وصلناها عند منتصف النهار بعد الراحة والإفطار وصلاة التراويح ذهبنا لتحية الأخ الملازم أول شرطة وقتها محمدزين الشريف رئيس شرطة أم دافوق الذي إستضافني في رحلتي القادمة ولم يكن حينها الأخ جادين موجوداً ذهبنا السوق ليلاً لتحية بعض المعارف والسؤال إن كانت هناك عربات مغادرة إلي أفريقيا الوسطي علمنا من الناس في السوق أن الأخ عثمان شنتيري وهو تاجر من نيالا وأعرفه بصورة شخصية أنه مغادر إلي أفريقيا الوسطي ومعه عدد إثنين لوري مملوكة له عدنا إلي المنزل بعد العشاء والسمر خلدنا للنوم إستعداداً للغد في الصباح ذهبنا نبحث عن الأخ عثمان شنتيري فوجدناه في السوق فاستقبلنا ببسمته المطبوعة علي وجهه بإستمرار بعد السلام قال لنا أنه علم بالأمر وهناك أكثر من مقعد أمامي شاغر علي أن الشرط هو أن لا أدفع جنيهاً ثمناً لذلك أكبرت الأمر في الأخ عثمان الذي عُرف في نيالا وبين التجار في هذا الطريق بالكرم والشهامة في العصر ودعني الأخ جادين وغادرنا السودان صوب أم دافوق الأفريقية التي لم نمكث فيها طويلاً حيث غادرناها عصراً في إتجاه قرية كفر قدح التي وصلناها قبيل الإفطار جهزّ المساعدون الأسرّة كالعادة وإنهمكوا في إعداد طعام الإفطار وكان موسم إنتاج البطيخ فوجدناه بكمية تجارية هنا أخذنا منه حظاً في الإفطار وحملنا معنا في اللواري ما كان ممكنا وغادرنا ليلاً إلي بيراو الملاحظة هنا أن الجو دافئ وبتنا في العراء دون الشعور بالبرد بعكس أم دافوق السودانية التي كانت باردة للغاية والسبب يعود إلي الغطاء النباتي الكثيف في أفريقيا الوسطي وإنعدامه في السودان

Post: #137
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: أسامة على مساعد
Date: 09-05-2016, 11:38 AM
Parent: #136

الاخ محمد الحسن

سرد ممتع واسلوب رائع وذاكراة بانورامية حقيقة من اميز البوستات التي كنت محظوظا بمتباعتها اعجتني طريقتك في الكتابه والبعد عن اي انتماءات ضيقة واصل الامتاع اخي محمد

Post: #138
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي تش�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-05-2016, 12:26 PM
Parent: #136

غادرنا كفر قدح صباحاً لنصل بيراوو عصراً تناولنا طعام الإفطار وبتنا بها وغادرناها صباحاً لنتناول طعام الإفطار اليوم التالي في ترانقولو والمبيت بها ومغادرتها صباحاً إلي إنديلي إذا كان الطريق موحلاً في هذه المنطقة في بداية الخريف فهو مملاً في فترة الصيف والسبب أن مناطق الوحل تتحول إلي طريق طيني غير مستوي فتسير العربة ببطء ربما لا تتجاوز سرعته الخمسة كيلومترات في الساعة والجو حار جداً أثناء ساعات النهار مع وجود ذبابة أم بوجني وهي كبيرة الحجم مثل النحلة ولسعتها مؤلمة وتتواجد في كابينة اللوري وفي الخلف بكميات كبيرة وتستمر منطقة تواجدها لأيام وتري الركاب كل واحد حاملاً غصناً إقتطعه من شجرة لطرد الذباب أمضينا في المدن في الطريق وهي إنديلي وكاكا بندرو وأمبري وسبيت يوماً في كل مدينة بغرض بيع البضائع التي تحملها اللواري وأخيراً وصلنا بانقي بعد عبور الدوز الميناء البري الذي سبقت الإشارة إليه هذه الرحلة خمسة نجوم من حيث المواد الغذائية التي شملت كل ما يشتهي المرء فقد وفّر الأخ عثمان شنتيري هذه الضيافة المجانية رافضاً أن أسهم بشئ فله مني وافر الثناء والتقدير هذه المرة نزلت في سان كيلو ضيفاً علي إبن خالتي عاصم عبدالقادر الذي أُصيب بطلق ناري في أحداث العام الماضي ولله الحمد فقد بلغ الصحة وباشر عمله في شراء وبيع البضائع القادمة من السودان في حوش سليم ولأن منزل عاصم مجاور للنادي السوداني فقد أصبحت عضواً منتظماً في النادي مساءً منذ صلاة المغرب وحتي الحادية عشر ليلاً مفترشاً البساط والبروش مستمتعاً بقناة الجزيزة والحليب بالنسكافية😋 ولا أعبأ كثيراً بطنين الباعوض أو لسعاته وهو هنا متوفِّر بكمية تجارية ليلاً أو نهاراً كالمرة الفائتة أُقضِّي سحابة نهاري مع السودانيين في سوق الماتالا ( المراتب) والذي لا يبعد أكثر من ٢٠٠ متر من مكان السكن وأصبحت حريفاً في الزوغان من الجندرمات عن حضورهم للسوق الدائم بغرض جمع الآتاوات في فترة وجودي هناك إلتقيت بالصديق عادل علي الشريف وهو من التجار أعيان مدينة نيالا كنا نقضي معظم أوقاتنا مع بعض في السوق أو في منزل أحدنا إتفقنا يوماً علي زيارة البحر الواقع بالقرب من الڤيل الجزء الراقي من المدينة وحيث توجد المؤسسات الحكومية عادل كان يرتدي اللباس الأفريقي الذي يسمي في السودان قرمبوبو الذي عادة ما يلبسه التجار هناك عادل كان يقول لي مازحاً أنا زول باترو😀يعني زول كبير نزلنا من التاكسي الذي أقلنا إلي الڤيل عبرنا الشارع إلي حيث كورنيش النهر وهو نهر أوبانقي الذي يفصل بين أفريقيا الوسطي والكنغو الديمقراطية سرنا بمحاذاة النهر مسافة في إتجاه الشرق لفت نظرنا أنه لا يوجد مارة في الطريق وبعد حين رأيت لافته مرور مكتوب عليها بالفرنسية INTERDIT أظن أن معناها ممنوع الدخول قلت لعادل يا زول أحسن نتخارج من الحتة دي عادل قال يا زول أرح ولا يهمك أنا زول باترو ما في زول بقدر بسألنا واصلنا السير بعد شوية ظهروا لينا جندرمات طبعاً بتكلموا فرنسي ونحن الإثنين لغة فرنسية مافي ماعدا بعض الكلمات لكن كلامهم كان واضح إنو الحتة دي ممنوع التواجد فيها للمدنيين ليه جيتوا هنا أنا حاولت أتكلم معاهم بإنجليزي العِلب بتاعي😀 والموضوع ما جاب نتيجة ساقونا قسم بتاع جندرمات قريب في الجانب الآخر من الشارع في الطريق بقينا نتشاور مع صحبي عادل وإتفقنا إنو الناس ديل دايرين وقروش والموضوع حايكون غرامة في حدود ميتين أو أربعمية ريال ندفعها ونتخارج أهه وصلنا القسم تاني نفس الأسئلة وأفادونا أن المرة دي الموضوع خطير😳عادل بقول لي ياخ قول للناس ديل نحنا نازلين مع ناس الزبير قربة وهم أصحابنا بالفعل آل الزبير قربة أصدقاء عادل وهي أسرة معروفة في مجال التجارة في بيراوو وبانقي ولهم علاقات ممتازة مع كبار المسؤولين في الدولة وهذا هو سبب إطمئنان عادل بعد أن أخطرتهم بذلك برضو مافي نتيجة هنا بدأت علامات الإضطراب علي عادل فالرجل معه حق فهو رجل أعمال وود راحات مالو مال السجن والتلتلة😀 في النهاية طلبوا منا غرامة سمينة وهذا هو مربط الفرس ٢٠٠٠ ريال لكل واحد منا😳 وهو مبلغ كبير عموماً بعد تحانيس شئ إنجليزي وكلمتين ثلاثة فرنساوي وافقوا علي أن يدفع كل منا ألف ريال دفعناها علي الفور ونحن في كامل الرضا ما صدقنا مرقنا من القسم أخدنا تاكسي وسان كيلو راس علي أني ضحكت علي عادل كأن لم أضحك من قبل وأقول ليهو ما قلت باترو😜

Post: #139
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-06-2016, 11:00 AM
Parent: #138

هذه المرة سافرت والأخ عاصم عبدالقادر إلي مدينة أم بايكي الجميلة التي ترقد في أحضان أشجار المهوقني والبن سافرنا إليها بحافلة عادية ميني بص الشارع مسفلت يشق الغابات المتشابكة في منظر رائع وبديع المسافة حوالي الساعتان أو ثلاث كان الطريق إلي أم بايكي في العام السابق يسيطر عليه المتمردون ويفرضون الأتاوات علي مستخدمي الطريق الآن المنطقة آمنة لكن دفع الأتاوات قائم علي أية حال سواء أكانت نقاط التفتيش يديرها المتمردون أو القوات الحكومية تدفع من سُكات الغرض من زيارتنا إلي أم بايكي هو زيارة الخال أمين الزبير حيث مقر عمله مندوباً لشركة علي سكيكي اللبناني في شراء البن من التجار المحليين والمزارعين وشحنه إلي بانقي حيث يباع جزء منه محلياً ويُصدّر معظمه إلي أوربا عبر ميناء دوالا في الكاميرون كذلك من أغراض الزيارة شراء البن وصلنا إلي سوق أم بايكي وسط النهار السوق صغير لكنه جميل وعامر ومعظم التجار كالعادة تشاديون سألنا عن منزل الخال أمين فدلونا عليه ذهبنا إلي المنزل ولم يكن الخال قد عاد بعد من العمل أحسن القائم علي أمر المنزل إستقبالنا إسترحنا علي الأسرّة في إنتظار الخال أمين علي أنغام الفنان أبوطالب الذي وجدنا الكاسيت الخاص به ضمن آخرين في تربيزة الخال أمين بجوار المسجل وكانت من ضمن أغاني الشريط أغنية الحقيبة ذائعة الصيت أقيس محاسنك بمن؟ سمع الخال إمين بوصولنا فجاءنا مسرعاً بعربته فرحب بنا بحرارة كعادته وتجاذبنا أطراف الحديث ثم تناولنا طعام الغذاء وأخذنا إلي منزل ومزرعة تجار أفروسطي في أطراف أم بايكي والمزرعة مزرعة بن ولأول مرة أشاهد شجيرات البن كنت أظن أنها أشجار ضخمة لكنها أشجار صغيرة كشجرة الليمون أو أصغر جلسنا مع التاجر الأفريقي وبعد تناول العصير الأفريقي ذو اللون الأخضر وطعمه كالنعناع وهناك عصير أخر لونه برتقالي طعمه كالبرتقال وكلاهما مستورد طلب منه الخال أمين شحنة بن لشخصي فوافق علي الفور ويبدو أن بينهما تعاملات تجارية كبيرة لصالح شركة سكيكي عدنا إلي المنزل فرحين بإنجاز الصفقة في هذا الزمن القياسي فبعض الناس ينتظرون شهرا أو يزيد في إنتظار شحنة البن فالطلب علي البن في الموسم كبير وعدد تجار البن المعروفيين في بانقي محدود مثال علي سكيكي اللبناني وعلم السوداني وميرغني السوداني وآل قَربة من أفريقيا الوسطي وإسحق التشادي وآخرين ليسوا بنفس الشهرة وكل التجار من السودان الذين يأتون إلي بانقي يشترون البن من هؤلاء الأشخاص لذلك يكون الضغط عليهم كبيراً ولا يستطيعون تلبية كل الطلبات في وقت وجيز بعض التجار السودانيين يعبر نهر أوبانقي للذهاب إلي زائير ( الكنغو الديمقراطية) لشراء البن من هناك وشحنه إلي السودان باللوري ترانزيت عبر أفريقيا الوسطي كما يذهب كثير من التجار السودانيين إلي مدينة بمبري المدينة المنافسة لبانقي في إنتاج البن لشراء البن من هناك بتنا ليلتنا في أم بايكي وغادرناها صباح اليوم التالي إلي بانقي بقيت في إنتظار البضاعة حوالي أسبوع في هذا الوقت بالإضافة إلي الروتين المعتاد وعندما لا أذهب إلي السوق أجلس في راكوبة مصنوعة من الخشب أمام المنزل ومطلّة علي الشارع العام مع أستاذي للغة الفرنسية وهو صبي في المدرسة الثانوية مسلم من أبناء الفلاتة ويحمل الجنسية الأفروسطية تعلمت منه كلمات وجمل وأنا ممنون له بذلك وصلت البضاعة وغادرت بانقي إلي نيالا والرحلة ذات الرحلة السابقة ناقص وحل وزائد ذباب أم بوجني ولا شئ يستحق الذكر حتي وصلنا نيالا سالمين ولله الحمد وكانت أسعار البن جيّدة بعت بضاعتي ووجدت من يغريني بالعودة إلي بانقي قبل موسم الأمطار ففعلت😀

Post: #140
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-07-2016, 10:56 AM
Parent: #139

في نيالا إلتقيت بأخي وصديقي تجاني محمد تجاني وهو من أعلام مدينة رهيد البردي وتاجر بانقي ويملك لوري نيسان يعمل بين السودان وأفريقيا الوسطي كان في طريقه إلي أفريقيا الوسطي بعد أسبوعين للحاق الرحلة الأخيرة قبل الخريف فعرض عليّ فكرة السفر معه فوافقت علي الفور وهنا لا داعي لتكرار التفاصيل الخاصة بالتجهيز للسفر وذكر المناطق حتي أم دافوق عند وصولنا إلي بيراوو نزلنا في منزل صديق تجاني إسمه أحمداي رجل فاضل إستقبلنا بحفاوة بالغة يبدو أنه وكيل تجاني في المدينة يوكل إليه قضاء حاجاته فيها ومنها إعداد كرتونة الزوادة الإضافية التي كانت عامرة بالدجاج المحمّر وكل أصناف الطعام المتوفِّرة في بيراو فكما كانت الرحلة مع الصديق عثمان شنتيري خمس نجوم فإن الرحلة مع تجاني تزيد ولا تنقص في بالغ الرجل في إكرامي وخدمتي فله التقدير والعرفان هذه المرة وجهتنا مدينة بمبري لذلك سنسلك الطريق الآخر طريق الحجر الذي يمر علي مناطق دامني، سرقبو، تالا، ونجا وهذه من مصائف رعاة السودان المشهورة ثم ديلي، ودعة جالي، سيليكة، ودعة، بالي، فكة، الباك، بيريا حيث قُتل سلطانها قبل أيام من حضورنا بطريقة بشعة في منزله بواسطة أفراد من قبيلة منافسة ثم أمبرجو، أيبي، تكبرا، أوجي، بمبري وللأمانة فقد إستعنت بالأخ عاصم عبدالقادر في تذكُّر هذه المناطق فمعظمها قد غادر الذاكرة مبكراً بمبري مدينة أصغر من بانقي لكنها جميلة ونظيفة وريفية الطابع المساكن مبنية من الطين والطوب والقش المساكن معظمها في شمال المدينة والسوق المشيد من الطوب والزنك يقع في جنوب المدينة يربط بينهما شارع ردمية طوله حوالي إثنين كيلو متر ضواحي المدينة مشهورة بإنتاج البن وأشهر تجار البن هنا هو حاج دخّرو وهو تشادي وكذلك معظم التجار في السوق هنا إلتقيت بإبن خالي فاروق عبدالكريم في بمبري وهو الآخر تاجر بانقي ويملك لوري نيسان يعمل في الخط وغالباً يعمل لحسابه إحتجت للسفر إلي بانقي فسافرت بالبص البصات هنا قديمة وهي عبارة عن لواري تم تعديلها لتصبح بصات كالتي كانت تعمل في السودان لفت نظري ركوب فردين من الجندرمة معنا داخل البص وهما يحملان بنادق كلاشنكوف وعندما سألت عن السبب قالوا أن هناك منطقة في وسط الطريق توجد في عصابات نهب مسلح يسمونهم هنا زرقينا (بعض المتهمين من الرعاة السودانيين وهذا أدي إلي تعسُّف السلطات الأفريقية في معاملة البقارة السودانيين أو الرعاة الذين يجلبون الأبقار لبيعها في أفريقيا الوسطي )وهولاء الجندرمات حرس للبص! طبعاً إستغربت جداً كيف يجلس الحرس مع الركاب! عموماً تحرك البص الطريق إلي بانقي معظمه ردمية وبعضة أسفلت والمسافة حوالي ساعتين إلي ثلاث ساعات كالعادة الطريق كانت تحيطه الأشجار العالية من كل جانب عندما إقتربنا من المكان الذي تعرضت فيه العربات من قبل إلي حوادث نهب وهو عبارة عن وادي تغطية الأشجار بدأ الجندرمات في إطلاق زخّات من الرصاص كلٌٌ من فتحات البص في الجانب الذي يجلس عليه إستمر هذا الحال حتي تجاوزنا منطقة الخطر ولله الحمد في بانقي بعد أن أنجزت مهمتي قابلت الأخ الصديق محمد إبراهيم علي مفضّل الملقّب بدقّلو وهو صديق لا تمل الجلوس إليه فهو حاضر البديهة والطُرفة سبق أن سكنا معاً في منزل الخال أمين في زيارتي الأولي لبانقي زرت معه منزل عمر قَربة والزبير قَربة هم أفروسطيون وسودانيون معظمهم درس في السودان وكانوا يملكون بيوتاً في السودان وهم مسلمون منزلهم في حي مسكين جوار منزل الخال أمين تناولنا معهم طعام العشاء وهو عشاء عادي كالعشاء في أي منزل في دارفور عصيدة وكسرة .. الخ ما لفت نظري هو تواضع آل قربة فالمائدة شهدها ما يزيد عن العشرين شخصاً فيهم التجار والسواقون ومساعدو اللواري والذين يعملون في خدمة المنزل آل قربة وأسرهم يتناولون نفس الطعام مع الضيوف يفعلون ذلك في كل وجبة ولا يتوارون خلف ستار ليأكلوا أطيب الطعام علمت فيما بعد أن هذا العدد هو أقل عدد تشهده الوجبة الواحدة فبيتهم. دائماً عامر بالضيوف كما هو حال بيتهم في بيراوو يالهم من رجالٍ كرماء عدت والأخ محمد إبراهيم والزبير قربة وسائقه بعربته اإلي بمبري ليلاً فكانت السرعة هائلة والعربة تطير في المزلقانات وهي الأرضية من الأسمنت التي تُصنع في الأودية حتي تسير عليها العربات ولو كانت هناك مياه في الوادي في فصل الخريف وصلنا إلي بمبري في الساعات الأولي من الصباح وبتنا في إستراحة وهي عبارة عن كُرنُك جملون طويل مبني من القش ولكن لم تكن معنا ناموسيات فسهرنا الليل وكمّلنا بين طنين ولسع الباعوض فكانت ليلة لا تُنسي تجاني كان خارج بمبري لشحن البن فأقمت ليلة في فندق صغير في بمبري حيث تقف اللواري في شمال المدينة وكانت ليلة تعويضية عن تلك التي سرقها الباعوض😀أنجزنا مهمتنا في بمبري وسابقنا الخريف إلي السودان ووصلنا سالمين ولله الحمد غداً بإذن الله الزيارة الأخيرة إلي بانقي جواً

Post: #141
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-08-2016, 10:43 AM
Parent: #140

بِجي الخريف واللواري بتقيف😀 وقد كان فلا سبيل إلي بانقي الآن إلا عن طريق الجو كان أخي محمدزين في طريقه إلي السودان في إجازة فاتفقنا أن تكون إجازته سياحة وإستثمار بالإضافة للغرض الأساسي من الإجازة وهو زيارة الأسرة والأهل وكان الإتفاق أن نلتقي في بانقي عن طريق الجو نشحن البن عن طريق تشاد الذي رغم صعوبات الخريف إلا أن هذا الطريق لا يتوقف لأن معظم الطريق ردميات وليس بوّاط( جمع بوطة) وهي المستنقعات الطينية ونعود إلي الخرطوم جواً ومنها إلي نيالا وبالفعل سافرت بالطائرة إلي الخرطوم وحصلت علي تأشيرة دخول أفريقيا الوسطي من السفارة في العمارات واستغليت الخطوط الجوية السودانية إلي بانقي حيث كانت رحلاتها منتظمة أسبوعياً وصلت بانقي حوالي منتصف الليل والوقت غير مناسب للذهاب إلي منزل الأخ عاصم عبدالقادر في سان كيلو فآثرت المبيت في فندق ليڤي ويبدو من الإسم أنه مملوك ليهودي😳 أقلني التاكسي إلي الفندق الذي يقع علي الشارع الرئيسي الرابط بين سان كيلو والڤيل( مركز المدينة) ويبعد حوالي كيلومتر أو نحو ذلك من سان كيلو الفندق صغير مكوّن من طابقين أو ثلاثة لكن الغرف نظيفة ومرتّبة ومزوّدة بحمامات داخلية علي أن الأهم هو عدم وجود الباعوض وإيجار الغرفة معقول جداً فقط ٤٠٠ ريال المبلغ الذي قد تدفعه في يوم واحد للجندرمات نظير عدم مضايقتك رغم أن إجراءاتك الهجرية سليمة أمضيت ليلة هادئة هانئة وفي الصباح ركبت تاكسي المواصلات (أحمل هاند باك فقط) إلي منزل عاصم في سان كيلو في نفس الأسبوع إستقبلت وعاصم أخي محمدزين مكثنا حوالي خمسة أيام أنجزنا فيها مهمتنا التجارية لكن الجديد في الأمر هو السفر بالطائرة إلي إنجمينا وليس الخرطوم كما كان مقرراً والسبب أن اللوري الذي يحمل البن عبر تشاد لن يصل السودان بل إنجمينا هي محطته الأخيرة إذن علينا الذهاب إلي إنجمينا قبل وصول اللوري لترتيب شحن البن من هناك إلي السودان وبالفعل غادرنا بانقي جواً إلي إنجمينا عبر الخطوط الأفريقية Air Afrique وهي خطوط مملوكة بالإشتراك لست دول أفريقية فرانكفونية والتي تشترك في بنك مركزي واحد وعملة واحدة هي الفرنك الأفريقي أو السيڤاوهذه الدول هي تشاد أفريقيا الوسطي الكاميرون السينغال الغابون والكنغو برازافيل علمت أن شركة الطيران هذه ما عاد لها وجود وصلنا إنجمينا في وقت متأخر من الليل ونزلنا في فندق بريمير جوار السوق وهو أكبر حجماً من الفندق في بانقي وهو كذلك نظيف وجميل ومزوّد بحمامات داخلية والأُجرة كذلك ٤٠٠ ريال ولا توجد باعوضة واحدة وهو سبب كافي للنوم بإستغراق في الصباح مررنا علي المعارف بغرض التحية والمجاملة وعلي السوق حيث وجدنا مجموعة من اللواري السودانية في إنتظار الشحن للسودان وتم الإتفاق علي نقل البن إلي السودان وأوكلها من يقوم بذلك ثم ذهبنا لعمل حجز علي الخطوط الجوية السودانية إلي الخرطوم التي كانت تصل إلي إنجمينا أسبوعياً وبإنتظام علمنا أن الطائرة قد غادرت اليوم والحجز القادم بعد أسبوع رأينا أنه من الأنسب السفر إلي السودان بالبر كسباً للوقت رغم تجربتي الغير مشجِّعة في المرة الماضية وبالفعل مساء نفس اليوم إستغلينا عربة لانكروزر إستيشن موديل الجمعية التأسيسية كما هي معروفة في السودان وهي شبيهة بالعربة التي أقلّتني من أبشي إلي إنجمينا عند زيارتي إلي تشاد أول مرة منذ نحو عام أو يزيد سافرنا طوال الليل ماعدا الوقوف للوجبات والصلاة اليوم التالي وصلنا أبشي وغداً نواصل بإذن الله

Post: #142
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-09-2016, 11:18 PM
Parent: #141

أخي محمدزين لم يكن موافق إبتداءً علي السفر بالبر لكني أقنعته بذلك أما وقد رأي من وعثاء السفر وكآبة المنظر في الرحلة من إنجمينا إلي أبشي فقد تأكدت له قناعته السابقة ولولا أقدميتي العُمرية لنالني من التقريع ما نالني علي أن أبشي نفسها لم تساعد علي تجميل الصورة فليس هناك فندق نأوي إليه لذلك كان مقرّنا طيلة يومين قضيناهما فيها جبراً غرفة قديمة وواسعة تكدسنا فيها وسط عشرات المسافرين إلي مناطق مختلفة مثل أدَري، باهاي، فيالارجو ومناطق إخري علي أن التحدي الحقيقي كان هو الذهاب إلي الحمام البلدي الملحق بالغرفة فهو عبارة عن فسحة محاطة بصريف من القش ومحتاج إلي شخص ذو معدة خاصة للدخول والخروج دون إفراغ محتويات معدته😷 سبب بقاءنا ليومين في أبشي هو عدم وجود مقاعد أمامية لشخصينا إلي الجنينة في العربات اللانكروزر المعروفة بالثعلب أخيراً نجحنا في الحصول علي المقاعد وغادرنا أبشي والبهجة تعلو أساريرنا لهذا الفتح المبين😀علي أن هذه الفرحة لم تدم طويلاً فبعد حوالي مائة كيلومتر تعطّلت العربة التي تقلنا وكان القرار أن تعود العربة إلي أبشي إلي الصيانة وأمام ركاب العربة المعطوبة خياران وهما العودة إلي أبشي أو أن يتوزعوا علي باقي العربات دون عشم في مقعد أمامي طبعاً ففضلنا الركوب في الخلف بدلاً عن الرجوع إلي أبشي جلست في الخلف علي جوال به حِلل صناعة محلية من الألمنيوم( تموت تخلِّي) شعرت بنتوء بارز من إحدي الحِلل يضغط علي مكان جلوسي ولكني لم أعره إهتماماً وصلنا أدَري في الساعات الأولي من الصباح بتنا هناك وأكملنا إجراءاتنا الهجرية وتوجهنا إلي الجنينة التي تبعد حوالي ٣٥ كلم وصلنا الجنينة عند الظهيرة وتوجهت إلي منزل المقدم شرطة إبراهيم محمد أحمد نور مسؤول الجوازات بالجنينة فالرجل صديقي وجونيري في كلية الشرطة ومرؤوسي عندما كنت رئيساً لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية عدالغنم حيث كان يعمل رئيساً لشرطة مركز رهيد البردي التابع للمنطقة وقتذاك علم إبراهيم بوصولنا فهبّ إلي إستقبالنا وإستضافتنا وإكرامنا والأهتمام بأمرنا طيلة الأيام الخمسة أيام التي قضيناها معه لإكمال كورس الملاريا شعرت بحمي خفيفة وحبة في أعلي الفخذ من الخلف ناحية الإلية وهو نفس مكان جلوسي علي النتوء البارز في العربة ذهبنا مساءً إلي عيادة الطبيب برفقة إبراهيم وبعد الفحص إتضح وجود ملاريا والحبة هي بداية خُرّاج Apsis ونحن في إنتظار الطبيب أُفاجأ بحضور مولانا محمد خير صالح محمدين أمين عام حكومة ولاية غرب دارفور الذي أعلم أنه يعمل هنا ولكني آثرت عدم إعلامه بحضوري لكثرة مشغولياته لكن يبدو أن الأخ إبراهيم أخطره بحضوري بعد السلام الحار حيث إفترقنا سنين عددا بقي معنا في العيادة حتي أنجزنا مهمتنا وأخذنا إلي منزله لتناول العشاء وتسامرنا طويلاً محمد خير صالح محمدين هو من أسرة ملك الزغاوة محمدين آدم صبي خريج جامعة الخرطوم كلية الإقتصاد وحامل ماجستير الدراسات البيئية من نفس الجامعة عملنا تحت إمرته أنا والأخ إبراهيم عندما كان المدير الإداري للمنطقة الجنوبية الغربية وهو الرئيس المباشر للصديق جادين جودالله دقاش الضابط الإداري الذي سافرت معه إلي أم دافوق كما سبق ذكره محمد خير كان هو رئيس الوفد الذي كنت عضواً فيه وزار بيراوو في أفريقيا الوسطي لمناقشة المسائل الأمنية ولكونه رئيس لجنة أمن المنطقة الجنوبية الغربية وشخصي بحكم المنصب مقرر اللجنة كانت معظم مأمورياتنا مشتركة سواء كانت إلي نيالا أو الأرياف التابعة للمنطقة وهي رهيد البردي التي تشمل أم دافوق وكبم وكتيلا محمد خير يكن تقديراً خاصاً للشرطة ولضباط الشرطة لكونه تلقي تدريباً لمدة ٤٥ يوماً بكلية الشرطة ضمن دفعته من الضباط الإداريين كما أخبرني بذلك كانت وقتها ميزانية الشرطة ضعيفة فوجدنا الدعم المالي بلا حدود من مولانا محمد خير ومرؤوسيه من الضباط الإداريين الذين فتحوا لنا قلوبهم وخزائنهم محمد خير من أميَز الضباط الإداريين هذه ليست شهادتي بل شهادة زملاؤه الضباط الإداريين وهو رجل إنسان بمعني الكلمة عالِم موسوعي في مجال الإدارة والحكم المحلي والإقتصاد إستفدت منه كثيراً زان كل ذلك بتواضعه الجم وأنا في بريطانيا علمت بمرضه إتصلت عليه للإطمئنان علي صحته جاءني صوته ضعيفاً وما هي إلا أيام حتي نعي الناعي مولانا محمد خير ولقد حزنت لوفاته فمثله يُفتقد ألا رحم الله مولانا محمد خير رحمة واسعة وجعله من أصحاب اليمين غداً نواصل بإذن الله

Post: #143
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-10-2016, 11:58 AM
Parent: #142

بعد إنقضاء خمسة أيام في الجنينة وإكمال الحُقن ذهبت الملاريا وتضخّم الخرّاج وجاء وقت السفر غادرنا الجنينة عصراً علي لوري نيسان المقاعد الأمامية مخصصة لثلاثة أشخاص لكن طلبنا أن تقتصر علي شخصينا مع دفع فرق الأجرة حتي أتمكّن من الإتكاءة لتفادي الضغط علي الخُرّاج وكانت السفرية أكثر راحة من ركوب العربات الصغيرة التي تتقافز كما الغزلان بينما اللوري أكثر ثباتاً بتنا ليلتنا تلك بمورني التي غادرناها صباحاً لنصل زالنجي مساءً حيث بتنا هنا إنفتحت فوهة الخُرّاج وبدأ يُخرج بعض الإفرازات خفّفت الحمي كثيراً مع مسكنات الألم غادرنا زالنجي صباحاً ووصلنا موقف الجنينة في نيالا عصراً والذي لا يبعد عن منزلنا سوي كيلومترين أخذنا عربة أجرة بوكس وذهبنا إلي المنزل بغرض تحية الأسرة حيث تركت محمدزين بالمنزل وغادرت بنفس العربة إلي عيادة الأخ الصديق الدكتور أبوبكر حسين أبوبكر أخصائي الجراحة العامة في عيادته في شارع شم النسيم جوار سينما نيالا دخلت علي الدكتور وبعد التحية شرحت له الحاصل وبعد الفحص السريري قال لي أن الخُرّاج يحتاج عملية جراحية لفتحه ونظافته والعملية ستكون بتخدير عام😳 ورغم أن مثل هذه العلمليات الصغيرة يجريها الأطباء العموميون إلا أنه مشكوراً رأي أن يقوم بها بنفسه أعطاني خطاب بذلك لدخول المستشفي وقال أنه سيلحق بي حال تجهيز العملية بعد حوالي ساعة ذهبت إلي عنبر الدرجة ورقدت علي السرير الأبيض وبعد إجراءات تحضير العملية دخلت غرفة العمليات ماشياً رقدت علي طاولة العملية وفني التخدير يتجاذب معي أطراف الحديث وهو يحقنني بالمخدِّر آخر كلام سمعته منه: طبعاً يا جنابو كنت شغّال في المخدرات... ولم أسمع شئ بعدها ولكأني راقد علي الطاولة دخلت في ماسورة ضخمة ممتدة إلي ما لا نهاية فيها حلزون من الداخل وطاولة العملية تسير داخل هذه الماسورة بسرعة لم أشعر بشئ بعدها إلا وأنا في الغرفة في الدرجة وحواليّ أفراد الأسرة الذين أخبروني بأني كنت أقول كلام خارم بارم عند الإفاقة من البنج🙈 خرجت اليوم التالي من المستشفي ولله الحمد وتولي أخي الطيب العناية بالجرح حتي إندمل طبعاً العملية كوم وغيار جرح الخُرّاج دا كوم براهو😳 خالص الشكر والتقدير للطبيب الإنسان النطّاس البارع الدكتور أبوبكر حسين أبوبكر الذي عندما علم بزيارتي الأخيرة إلي نيالا زارني في المنزل وقضينا وقتاً طيباً في إجترار ذكريات الماضي فله المودة الباقية وبذلك تنتهي هذه الرحلة الشاقّة الطويلة ربما أعود غداً لأختم البوست بإذن الله

Post: #144
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-11-2016, 09:47 AM
Parent: #143

هكذا إنتهت مغامراتي في أفريقيا السمراء رغم أني زرت قبل ذلك أثيوبيا ويوغندا ضمن بعثة الفريق القومي لكرة القدم ربما أعود للحكي عنهما في بوست قادم بإذن الله الآن أدركني الصباح وقبل أن أسكت عن الكلام المباح لدي بعض الحكاوي والذكريات ربما تصلح لأن تكون موضوعات لبوستات مستقبلاً لكن متي يحدث ذلك فالله وحده أعلم فأنا رجل كسلااان ومحب للراحة وتعب بانقي لسه ما راح😀 كما أن هذا البوست قد أخذ من وقتي ووقت القراء الكثير الذين طوّقوني بمتابعتهم التي فاقت تصوري طبعاً لا أتوقع البوستات القادمة أن تجد الإهتمام الذي لقيه هذا البوست لكن إذا قرأ ما أكتب هنا شخص واحد فهو مكسب كبير وأنا بذلك قانع وشاكر ولله الحمد من قبل ومن بعد هذه عناوين بعض مواضيع بوستات المستقبل فتحروا رؤيتها😀 تجربتي كمدير إداري للفريق القومي السوداني لكرة القدم في العام ١٩٩٥، قول ليهم شفنا جبل مرة، موقف لا يُنسي مع العقيد يوسف عبدالفتاح، كيف دخلت إلي الشرطة وكيف خرجت منها وفي الحالتين غير نادم، كنت رئيساً لشرطة المنطقة الجنوبية الغربية عدالغنم، إشتباك بين الجيش والشرطة علي مسرح سينما نيالا، ١٥ يوماً في معهد ود المقبول للمياه الريفية، الكاكي جميل لابسنُّو حمير لكن معليش لابسنُّو الديش😀 من أطلق النار علي عربة ضابط أمن الدولة في العام ١٩٨٢، مأمورية نهب مسلح والإقتراب من دائرة الخطر، حرامي الجاز في نيالا الذي يستخدم السلاح الناري ومواضيع أخري كثيرة. عندي أمل أعود في موسم الأمطار حقيقة لا مجاز فالخريف هنا يبدأ بعد نحو شهر حيث بدأ تساقط أوراق الشجر الآن وعلي المودة دوماً نلتقي مع أطيب التمنيات بحلول عيد الأضحي المبارك

Post: #145
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: Dahab Telbo
Date: 09-11-2016, 08:51 PM
Parent: #144

شكرا جنابو محمد الحسن

وكلنا ترقب لقادم العناوين الشيقة دي

كل عام وانت سالم وغانم


مودتي
تلبو

Post: #146
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-11-2016, 09:09 PM
Parent: #145

العزيزDahab Telbo التحية والإحترام العيد مبارك مع طيب الأماني لك ولأسرتك الكريمة مثل تشجيعك هذا هو زادي ووقودي الذي لا ينضب لمواصلة الكتابة أرجو أن نلتقي قريباً في بعض العناوين المقترحة كبوستات دُم بخير

Post: #147
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: احمد حمودى
Date: 09-12-2016, 07:05 PM
Parent: #146

كل سنة وانت طيب الاخ محمد الحسن حمدنالله مع اسرتك وعشيرتك حيث ما كنت

Post: #148
Title: Re: مشاهداتي في رحلتي بالبر من السودان إلي
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 09-12-2016, 09:05 PM
Parent: #147

العزيز أحمد حمودي التحية والإحترام العيدمبارك مع أطيب الأماني لك ولأسرتك الكريمة مستمتع ببوستك الجميل هل رأيت أثيوبيا بهذا الجمال حيث زرت أثيوبيا في العام ١٩٩٥ وهي بلد جميل يستحق التوثيق شكرًا علي هذه الإضافة النوعية إلي المنبر العام مودتي وتقديري