...... بين فوزين ... وسهرة مع الخليل في دارِ فوز !!

07:52 PM July, 28 2016

سودانيز اون لاين
محمد فضل الله المكى-قطر
مكتبتى
رابط مختصر

.
لقد شاب شخصية ( فوز ) غموض لازَمَ سيرتها حتى اصبحت عصية على كل من حاول
سبر اغوارها مسترجعاً احداث فترة هامة من فترات النضال الوطني في وقت كان المستعمر
يجثم على صدر الوطن ويطبق على حلاقيم أهله ... لقد بلغت حمى البحث والتحقق عن تلك
الشخصية مبلغا جعل البعض يجنح إلى أن ( فوز ) شخصية وهمية .. !! وكأن آذانهم لم تتشنف
برائعة الخليل ( ما هو عارف قدمو المفارق ) ، فهي على أقل تقدير باعِثة للشك إن لم تكن
داعِمة للحقيقة .
هناك من خلط بين فوزين ... مبروكة والشول بِت حِلوة ، ولم يُجهِد نفسة لتمييل كفة احداهما
على الأخرى حتى يوقف لهث الباحثين عن الحقيقة .. والأكثر غرابة ومدعاة للدهشة أن
بعضهم قد زعم بأن ( فوز ) ما هو إلا رجل ! ولا أخالها إلا شطحة من شطحات أصحاب
الخيال الواسع ... فقد ذهب صاحب ذلك الزعم إلى أن الإسم يرجع لإسماعيل فوزي صاحب
مجلة ( الكشكول ) المصرية ، وأن بعضاً من الرواد كانو يطلقون اسم المجلة على الدار حيث
الملتقى كإســم حركي لإخفاء مكــان التقائهــم .... أليس رواد تلك الدار جميعهــم من
رجال الحركة الوطنية ؟ .. ويقول من قال ان صاحبة الدار استنكرت ان يُطلق على دارها
اسم المجلة ، فاستُعيض عنه بالإسم الثاني لصاحبها بتصرف ( فوزي / فوز ) .
ربما زال الشك أو ازداد فقد أورد الأ ستاذ عبد الهادي الصديق في نقوشِهِ على قبر الخليل
بعض أبيات من إحدى روائع الخليل ، جديرة بالوقوف عندها لإيجاد مخرج من الشك ،
ومدخل للحقيقة ، في محاولة لإسقاط ( رجولة ) فوز :
.
السلام الحالي المُـذابْ
في الثنايا الغُر العِذاب
يطفي نار الشوق والعَذاب
فوز قولي آمين قلبي ذاب
مدَّت ايده وقالت حباب
يا حباب اخوان الشباب
.
.
........................................... نلتقي

.

Quote: السلام الحالي المُـذابْ في الثنايا الغُر العِذاب يطفي نار الشوق والعَذاب فوز قولي آمين قلبي ذاب مدَّت ايده وقالت حباب يا حباب اخوان الشباب

ياسلام ود العم دائما بتجيب المدكن
واصل ياخ

.
يا هلا بالأخ الحبيب باسط
الغريق لي قِدام
تابعونا
.
محبتي

متابعين للجمال يا سعادتك ...

تحياتي لك و لحبيبنا باسط ...

.
لا داعي للعجلة ... فمثل هكذا أمور تستوجب التأني ، وتتطلب التقصي والتدقيق
لجلاء غموضها وصولاً للحقيقة التي لا تقبل الشك .... دعونا نستريح مع الخليل
في جلسة محضورة في دارِ فوز ، لنعيش مع أروع ما سكب الخليل من
أحاسيس ... إنها ملحمة في عشق الناس والأماكن والوطن .. وقطعاً لا تغيب
عنها ام درمان .. وربما كانت مرثية للذات !!
.
ماهو عارِف قدمو المِفارِق
يا محط آمالي السلام
.
في سموم الصيف لاح لِي بارِق
لم يزَلْ يرتاد المشارِق
كان مع الأحباب نجمو غارِق
مالو والأفلاك في الظلام .
.
يا دَهَر أهوالك تَســارِق
منها كم شابَت مَفارِق
ما علينا الفات كُلو فارِق
رُقنـا ولاَّ نعيد الملام
.
من حُطامك أناغُصني وارِق
فيَّ شِن أبقيت للطوارِق
غير قليباً في همومه غارِق
ولِساناً بَردو الكلام
.
ويْحَ قلبي الما انفكَّ خافِق
فارق ام درمان باكي شافِق
يا ام قبايل ما فيك مُنافِق
سقى أرضِك صوب الغمام
.
يا بِلادي كم فيكِ حاذِق
غير إلاهِك ما أمَّ رازِق
من شِعاره دخول المآزق
يتفانى وشرفِك تمــــام
.
مسرح الغزلان في الحدايق
والشوارْعَ الغُر و المضـايق
قولِ لِي كيف امسيت دُمتَ رايق
دام بهـاك مشـمول النظــان
.
مجلِس اللَّذات في النمارِق
والتَّرف لا زال وصفو خارِق
ضاري حِسَّك فاح جانا مارِق
ولاّ قاطعو الريح ما هو لام
.
في يمين النيل حيثُ سابِق
كُنا فوق أعراف السوابِق
الضريح الفاح طيبو عابِق
السلام يا المهدي الإمام
.
أين مني الودَّعتو شــاهِق
باكي ناهِد لِسَّه ومراهِق
عيني ما بِتشوف إلاّ شاهِق
أين وجه البدر التمام
.
أين مِني الفي زهْوُ باسِق
في شبابو نقي من مفاسِق
بين ثيابو البِيض المناسِق
حولك اشبه رِتل الحمام
.
يا بريد الجو فوقي حالِق
مِيل على الروح ليها خالِق
عُدتَ سالِم قول وانْتَ عالِق
مقرن النيلين كيلو كــــــام
.
الحبايب لفتو الخلايق
بيني وبينُم قطعوا العلايق
إن دلال إن تِيه كُلُّو لايق
نِحن ما مجينا الخِصــام.
.
يا جميل يا نور الشقايق
أملا كاسك واصبر دقايق
مجلِسك مفهوم شوفو رايق
عِدو ناقص زول ولا تـام.
.
من فِتيح للخور للمغالِق
من علايل ابروف للمزالِق
قدله يا مولاي حافي حالِق
بالطريق الشــاقَّي التُرام
.
ما يِئسنا الخير عُودو سايق
الحي يعود إن أتى دونو عايق
إلى يوم اللُّقا وانت رايق
السلام يا وطني الســــلام
.
مُعلقة غنائية................................ ونلتقي

.
ود قباني ياحبيب
أنا مجرد تلميذ مبتديء في مدرسة أنت مديرها
أي والله.......
كل التقدير لك

.
المتابع لمثل هذه السِّير لابد له من إجهاد نفسِهِ في البحث
وأن لا يركن للتخمين والتنظير ، وأن يتبع المنطق ويستبعد
كل الغرضيات التي مالت للخيال وحادت عن الواقع ،
فأمامنا امرأتين كل منهما ( متهمة ) بأنها ( فوز) صاحبة
الحكاية والرواية !!
.
أما المتهمة الأولى فهي ( مبروكة ) صاحبة القصر، في
وقتٍ عزَّت فيه القصور ، ولا ثاني لقصرها إلا قصر
الحاكم العام ... مبروكة التي يشمخ قصرها في شارع
الموردة شاهداً على زمانٍ أحلى قد ولّى ! .. وتقع بالقرب
من ذلك القصر المنيف محطة ( شوقي ) ، أشهر محطات
الترام حتى أوائل ستينات القرن الماضي .. ومحطة شوقي
هذه قد تدعم رأي من ذهبوا إلى أن فوز المعنية هي مبروكة،
مستندهم في ذلك قصيدة للخليل سنأتي على ذكرها.
.
أما ( المتهمة ) الأخرى فهي ( الشول بِت حلوة ) .. ساكِنة حي
المسالمة ، والتي رجحها الدكتور حسن الجزولي في كتابه
( نور الشقايق ـ هجعة في صفاتها ودارها وزمانها ) ..
ولكن نجد من يحلف بأغلظ الإيمان بأن مبروكة هي فوز
المعنية ، خاصة الذين سكنوا بالقرب منها في ذلك الحي
الشهير العريق .. فيصبح المتابع في شكٍ مستمر ... ولكن
حتماً سنصل للحقيقة .
.
......................................................................... حتماً سنلتقي

ود فضل الله .. سلام بنكهة الشوق ,,,

يشهد الله يا ود فضل الله قبال فترة بحضر لي
في مسدار معنوناهو بي اسمك ههههه بأسم
( بلد الزهور والحسان الحور ود فضل خوي بالاخرة شن بدور ؟)
وبديت فيهو ومنتظرة الوقت المناسب وكمان بالصور
للحسان والزهور هههههههه قلنا نجدع شوية .

عمومآ متابعين من الصافرة ...
ويبدو عليهو الكلام مجيه زي سيدو .

Quote: . السلام الحالي المُـذابْ في الثنايا الغُر العِذاب يطفي نار الشوق والعَذاب فوز قولي آمين قلبي ذاب مدَّت ايده وقالت حباب يا حباب اخوان الشباب .

وحتمآ حنلتقي ..

.
حباب وألف مرحب بالكنداكة الماجدة منى بت ابوي ودعمسيب
.. ..قناعتي بأن تواجدك في أيِّ مساحة يزيد الموضوع ألقاً
ويجعل له قيمة ،
أكاد أرى أخونا العبيد الذي طالت غيبته ، يقوم بالتسخين لفتح
باب المسادير الذي طال إغلاقه !!
خاصةً وأن منصور المفتاح انشغل بالسياسة ، وود شيقوق ما
زال يمارس هروبه عن الساحة .. وآخرين .. وآخرين
.
معزتي وتقديري لكِ منى

.
أيِّ دارٍ من الدارين تلك التي ضمت الصالون الذي؟ نقصد ذلك الصالون
الذي كان يجمع أناسا من الصفوة ؟ ....فمبروكة صاحبة القصر المنيف
كانت تجمع بين المركزين المالي والإجتماعي ، وكانت أياديها البيضاء
تمتد حتى لسكان حيها ، فقد حُكِيَ أنها اشتهرت بالكرم .
.
كانت والدة مبروكة إمرأة مهابة ، ذات شخصية قوية ، فقد صفعت
أحد الإنجليز عندما جاء لتفتيش بيتها ، وذهبت للمحكمة شامخة لدفع
الغرامة ... فالشخصيات التي تجتمع في صالون قصرهم ذات وزن
اجتماعي ومراكز مالية .... كان هناك احمد عباس رحمة الله بن عمدة
ام درمان ، وكان هناك خالد احمد المصطفى وعبداللطيف الضو و
غيرهم من علية القوم من رجال المجتمع الأمدرماني .
.
بلبل زمانِهِ .. ابراهيم عبدالجليل ، دشن أروع أغانيهِ في صالون
مبروكة .... مبروكة كانت متعلمة ، شغوفة بقراءة الكتب ، ما يعني
أنها كانت على درجة من الثقافة والوعي .
.
أما صالون الشول بت حلوة ، فقد ضم رجالاً لا يقلون مكانة عن
أولئك الذين ضمهم صالون مبروكة ... فقد كان هناك الأمين علي
مدني وابراهيم بدري وخلف الله الحاج خالد وعبيد حاج الأمين
وصالح عبدالقادر وسليمان كشة ومكاوي يعقوب وآخرين ، وقطعاً
كان هناك الخليل ...عبقري القصيد واللحن والغناء !!
.
كانت الشول عوادة ماهرة ، وكثيراً ما كانت ترافق الخليل بالعزف
عندما يصدح بتلك الروائع الخالدات .. وذلك أيضاً يدل عى ثقافة
ووعي سبقت به زمانها.
.
.................................................................... وإلى الملتقى

. معليش ..
غلطة كانت .........
.
.................. إلى أن نلتقي

.
الدكتور حسن الجزولي .. أبرز الذين أضناهم البحث عن الحقيقة .. حقيقةَ
فوزٍ اللغز !! ففي خضمِّ بحثه ولهثِه يقول :
.
بينما كان الأديب والسياسي محي الدين جمال أبوسيف يتجول في سوق
ام درمان ذات مساء من عشرينات القرن الماضي ( وهو من أبرز قادة
جمعية الإتحاد السوداني التي تأسست في 1921/ 1922 ) ..... إلتقى
أبوسيف صدفة بامرأة وبرفقتها صبية ، وهي ذات علاقة بأسرة بيومي
المصري ، وهو من أصدقاء والده بالمسالمة ... حلوة وإبنتها الوحيدة الشول !!
.
أثناء السلام والسؤال عن الحال أخبرته حلوة بأنها استأجرت منزلاً قريباً
من السوق تسكن في جزء منه وهو واسع ، وبه صالون له حوش
وباب منفصل وهم لا يستعملونه .. فاتفق معها على إيجار الصالون ليكون
داراً سرية لجمعية الإتحاد السوداني وقد تم ذلك .
.
الخليل كان هناك .. وشهدت الدار تلحين معظم أغانيه ... ماهو عارف قدمو
المفارق ، وعازه في هواك ، وغيرهما من الروائع ...
.
وقد شهدت الدار تأبين الخليل ....

.
الأم ـ الأخت ـ الحبيبة ـ الأرض أنثى ....عند الخليل الحبيبة
هي عزة وعزة هي الوطن .. ما جادت سِيَر العِشق بمثلما
برح بالخليل ..في محراب ذلك العشق النادر فلنتأمل خاشعين :
.
عزه في هواك عزه نحن الجبال
وللبخوض صفاك عزه نحن النبال
.
عزه ما بنوم الليــل محــال
وبحسب النجوم فوق الرِّحال
خلقه الزاد كِمِل وانا حالي حال
متين اعود اشوف ظبياتنا الكِحال
.
عزة ما سليـت وطن الجمــال
ولا ابتغيت بديل غير الكمــال
وقلبي لي سِواك ما شُفتو مــال
خُذيني باليمين وانا راقِد شمال
.
عزه ما نسيت جنَّــة بـلال
وملعب الشباب تِحت الظلال
ونحن كالزهور فوق التلال
نتشابى للنجوم وانا ضافرالهلال
.
عزه جسمي صار زي الخلال
وحظي في الرِّكاب صابو الكلال
وقلبي لسَّه ما عِرف المــلال
أظِنُّو ود قَبِيل وكريم الخِصال
.
عزه ما اشتهيت نوم الحِجــال
ولا السوار بكى في يمينه جـال
وعزه في الفريق لي ضيق مجال
قبيلة بِت قبيل ملأ الكون رِجال
.
عزه شُفتِ كيف نهض العِيــال
جـددوا القديــم تركــوا الخيــال
روحِك ام سماح سرى كالسيال
شَجْوَ الفؤاد حيو محسور الليال
.
عزة في الفؤاد سِحرك حـلال
ونار هواك شِفا وتِيــهِك دلال
ودمعي في هواك حلو كالزلال
تزيدي كل يوم عظمه ازداد جلال
.
عزه في حِذا الخرطــوم قبال
وعزه من جنان شمبات حِبال
وعـزه لي ربـوع ام در جِبــال
وعزه في الفؤاد دوا يشفي الوبال

.دعونا نتعرف على ذلك المنزل من خلال جولة نصحب فيها د. حسن الجزولي ، فهو لا يقل عن المرحوم علي المك عشقاً لامدرمان ومعرفة بها.. يقع منزل حلوة وبنتها الشول في شارع كرري بحي المسالمة شمال متجر العدني بسوق ام درمان قريباً منخلوة الشيخ حسن البصري ، يمين مدرسة ست فلة ، أشهرالمدارس النسائية التي يتم فيها تدريس اللغة العربية وتعليمالخياطة منذ ثلاثينات القرن الماضي قبالة الخور الكبير الذييفصل حي المسالمة عن حي العمدة ..المساحة الشمالية التي كانت تواجه المنزل عبارة عن فضاء ممتد حتى جبال كرري وفيها غابة كثيفة تكثر فيها أشجارالسدر واللالوب ، ومقابر كانت تسمى مقابر التجاني نسبةًللشيخ علي التجاني ، الذي كان بيانه موجوداً في تلك المنطقة ،وقد ضمت المقبرة بعضاً من شهداء كرري..على الجانب الأيمن من المنزل وعند نهاية الشارع كان يوجدسوق صغير بالقرب من بئر الخرصاني يباع فيه لحم الصيدوالويكة واللوبة وحطب الوقود والتُمام والسمن البلدي والبرسيم والروب والبيض وبعض الخضر وغير ذلك ، كماأن ( البدوانية ) كانوا يطوفون الحي يحملون قرب المياه يبيعونها في السوق والأحياء ..كانت تلك صورة الحياة في المنطقة التي يقع فيها المنزل ،إنها ام درمان ذلك الزمن الرائع .

.
المسالمة .... نموذج لآحياء ام در في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي ،
حيث البساطة سِمة كل شي ، بساطة الحياة وبساطة الناس وجمال دواخلهم ،
وطيب معشرهم .... وبعد تلك الجولة في حي المسالمة وجواره القريب
وحتى نلتقط انفاسنا ونستعد لجولة اخرى فلنختلس لحظات في انجمامة
مع الخليل ....
.
نِحنَ ونِحنَ الشرف الباذخ
دابي الكر شباب النيل
.
قوم قوم حداك يا نايم
شوف شوف هَداك يا لايم
مجدك ولّى وشرفك ضَلَّ
إمتى تزيد زيادة النيل
.
نِحن نطارد العنزة الفاردة
نحن نزود مشارع النيل
نحن برانا نحمي حِمانا
نحن نموت ويحيا النيل
.
ما بنِنْدَس وما بنتوصى
نحن نكيل برانا نشيل
نحن الطينة ومطر العِينه
نحن الوادي برقو يشيل
.
يا حًكامنا جيبو البينه
ولا انقرعوا جيبوا الشينه
دا ود عمي ودا ضريب دمي
إنت شنو طفيلي دخيل
.
يا نُزلانا أمُرقوا الذِّمة
كيف ينطاق هوان الأُمة
شالوا حقوقنا وزردوا حلوقنا
ديل عايزين دِمانا تسيل
.
من تبينا قُمنا ربينا
ما اتفاسلنا قط في قليل
مافيش تاني (جنوبي) سوداني
نحن الكل ولاد النيل

.
................... سِياحة في حي المسالمة .....................
.
كان حي المسالمة في ذلك الومان الذي نسترجعه في هذه
المساحة ، يضم أجمل جميلات ام درمان، وبنات المسالمة
كُنَّ ملهمات لمعظم شعراء الحقيبة ، وقيلت فيهِن أروع
وأجمل الأغاني .
.
( عـزيـزة ) جميلة جميلات حي المسالمة ، وقد عُرِفت بين
أهل الحي ب ( ظبية المسالمة ) .. وعزيزة من بنات اليهود
من آل منديل .. تلك الأسرة التي قامت بطباعة راتب المهدي
وذلك ما يؤكد جمال العلاقة بين مجتمعات أهل السودان حيث
لا حواجز دينية أو عرقية أو جهوية في ذلك الزمان الأجمل ..
( عـزيزة ) زوجة ( س . ي . أ ) يقولون إنها كانت أجمل من
جميلات هوليود بل و تفوق ملكات الجمال اللائي يشاركن
في المسابقات العالمية ، وهي ملهمة عبيد عبدالرحمن والعديد
من شعراء الحقيبة الآخرين.
.
في يوم زواج عزيزة ( يوم الإكليل ) كان عبدالرحمن الريح
وسيد عبدالعزيز من معازيم ذلك الحفل ,,, فألهمت عبيد في
تلك الليلة قصيدته المشهورة ( أفكر فيهُ واتأمل ) ... كما قال
فيها سيد عبد العزيز ( يا مداعب الغصن الرطيب ) في يوم
شم النسيم .. وقد صحح الأستاذ الباحث شوقي بدري الكثير
من الأخطاء الشائعة في نسبة بعض قصائد اغنيات الحقيبة
لشعراء غير شعرائها ... فقد قيلت قصائد في بعض حسان
المسالمة الأخريات ونُسبت لعزيزة ... إذ يقول شوقي إن
قصيدة ( لي في المسالمة غزال ) لعبيد عبدالرحمن
و ( لي نية في قمر السما ) لسيد عبدالعزيز ليست لها علاقة
بعزيزة ، وقيلت في اخريات من بنات المسالمة ، فقد كانت
المسالمة تعج بالجميلات الملهمات للشعراء ,

.

.
يقولل بعضهم ان الخليل اعتاد مساء كل يوم خميس على ركوب
المعدية من بحري حيث يسكن إلى ابروف ، ثم يتوجه راجلاً إلى
حي المسالمة حيث دار فوز.
.
بينما يقول البعض ان الخليل عندما ينزل في مشرع ابروف ، كان
يتوجه الى محطة الترام ويستقله الى حي الموردة متوجها إلى دار
فوز الأخرى بالقرب من محطة شوقي .
.
كلا الدارين كانتا معمورتين برجال المجتمع والمثقفين والفنانيين ،
فلا مانع من ان يغشى الخليل دار مبروكة بعض أحيان ؟ ......
الفنان بطبعه لا يحصر نفسه في دائرة محدودة ، بل يعمل على
توسيع دائرة معجبيه .... وفي تقديريري ان الخليل كان اكثر ارتباطاً
بالمسالمة حيث رجال الحركة الوطنية ، ويغشى الموردة حيث يتواجد
وجهاء المجتمع الأمدرماني ، يؤكد ذلك قول الخليل :
.
في محطة ( شوقي ) العِتاب
قِف قليـلاً نطـوي الكِتـاب
داكْ رسولِن هَدا جـانا تاب
ربـي هَــوِّن ليــنا المتـاب
.
الأبيات السابقة تؤكد أن مبروكة ( الموردة ) قد عاتبت الخليل ، إذن
لابد من وقفة ( قِف قليلاً ) لطي تلك الصفحة التي أدت للعتاب .

.
............. صالونات ومنتديات اخرى
.
في الخرطوم كان هناك صالون يؤمه الشعراء وكبار المغنيين ،
كان هناك عمر البنا ومصطفى بطران والعبادي وعبيد عبدالرحمن
وود الرضي وغيرهم .. أما صاحبتة فقد كانت احدى سيدات المجتمع
المخملي ، وفضلاً عن حسن ترتيبها لصالونها وفخامة الأثاث فيه ،
كانت هي في منتهى الأناقة والإستنارة والثقافة ‘ فقد كانت تقرض
الشعر ، وتنتقده وتبدي رأيها في استبدال بعض الكلمات الضعيفة
أو الغير معبِّرة ، وكانت تجيد التغني بروائع الغناء .
.
صاحبة الصالون كانت رائعة الجمال من ام يونانية وأب سوداني
تزوجت من موظف يعمل مع الحكومة البريطانية مقر عمله في جنوب
السودان . يقولون ان اسرتها ذات المركز المرموق رتبت تلك الزيجة
لقطع صلتها بالصالون ولكن العالمون ببواطن الأمور يرون إن ذلك غير
صحيح لأن صاحبة الصالون بدرجة من الوعي تجعلها هي التي تُقرِّر
ولا يُقَرر لها .
.
ويوم أن غادرت الباخرة التي تحمل العروس وزوجها الأسكلا
بالخرطوم في طريقها للجنوب قال ود الرضي في وداعها :
.
من الأسكلا وحلاّ
قام من البلد ولّى
دمعي لي الثياب بَلَّ
.
ذلك ما أورده الدكتور حسن الجزولي وأضاف ان بعضهم
ذكر أن ود الرضي قال تلك القصيدة في إحدى ظباء المسالمة
اسمها ( ملِّيم ) وكانت آية في الجمال ، وهي عمة سفير سابق
شهير كما يقول د. الجزولي ، وأهلها واحفادها موجودون
ومعروفون للمجتمع الأمدرماني .. وقد تغزل فيها اكثر من شاعر
سيد عبد العزيز قال فيها ( لي في المسالمة غزال ) و ( نافر بغني
عليهو ).. وآخرين نظموا فيها روائع القصيد .
.
ولكن لم يرد في أي رواية أن ( مليم ) سافرت للجنوب ، أو لأي
مكان آخر عن طريق الأسكلا !! ما يدعم القول ان قصيدة
ود الرضي قيلت في صاحبة صالون الخرطوم ..

....استاذ محمد
مساكم الخالق العظيم برضاه..
علتنا كسودانين هى ضعف التوثيق وعدم القدره على الرصد واغفالنا الرموز التى تحتضن المعلومات حتى يرحلوا لعالم اكثر رحابه ..انا مهتم بالخليل وتاثيره المباشر المجتمع الكبير ..والامدرمانى خاصة ..وهو الذى اتى رطانيا..وبز عتاة شعراء الجقيبه فى الوصف والتجسيدوتفعيلات اللغه وقوة التعبير وفصاحة النطق بها.. وذلك التمكن الوصفى والتشكيل الابداعى والرسم الابداعى الجمالى للطبيعه وللحياه البريه وهو يمزج تلك المشاهد بعميق حبه للوطن ..وولاء مطلق له....وهو ذلك الكنار الذى تغنى للوطن وهو ينضم لجمعية اللواء الابيض فى شراكة نضال مؤسس ..وهو يؤمن بوحدة وادى النيل....وفى افاضات احاديث للفنان حيدربى وهو صديق وشخصيه مقربه من الخليل..اشار الى دار فوز وانها اسم حركى..وموقع الدار وهى مجاوره لسوق امدرمان الكبير..يزيد من احتمالات ان المقصوده بفوز هى ..السيده( الشول بت حلوه)ونفس هذه التاكيد ذكره الاستاذ سليمان كشه..والسفير الراحل عبد المجيد حاج الامين..الاخ الاصغر لعبيد حاج الامين..\كشف عن مكان الدار وموقعها..وهو اقرب الى احتمالات االسيده (الشول بت حلوه) التى كانت تسكن نفس المكان..وهنالك تفسير اقرب وهو جل اعضاء جمعية اللواء الابيض كانوا من امدرمان...ويمنكهم التسلل الى الدار بخفه وتخفى..الخليل..ترك بصمات قويه على الفن السودانى وهو يتفوق بالمقدمه الموسيقيه..وهو الذى اشهر الة العود وكان يجيد العزف عليها...ثم مقدرته الفنيه والشعريه فى الصياغه وفى التلحين وروعة الاداء..ونتواصل استاذ محمد..بببببب

..
استاذي الفاضل عصمت
.
اشاركك الإهتمام بالخليل وسيرة الخليل وفي تقديري أن ما كُتب
عنه لا يوفيه حقه .. فهو يحتاج لمزيد من الدراسة والتقييم .... ذلك
النوبي الذي قرض الشعر بالعامية والفصحى .. والعامية في شعره
تفوق بها على أهل العامية أنفسهم من الشعراء الآخرين .. وقد
وظفها الخليل في شعره بدقة جعلت الوصف والتعبير يسمع ويٌشاهد
في آن واحد .
.
هذه هي المرة الثانية التي اقتفي فيها اثر الخليل ، ذلك من فرط
تأثُّري به وبشعره وغنائه وقبل ذلك وطنيته .. فقد علمنا معنى ان
نعشق الوطن في ( عزَّة ) ، وعلمنا معنى ان نشمخ عزةً وكرامة
في ( نحن ونحن الشرف الباذخ ).
.
إن ما أوردته استاذ عصمت من ان الشول بت حلوة هي فوز
المعنية يتوافق تماما مع البحث المضني القيم الذي قام به
الدكتور حسن الجزولي ، ووثق له في كتابه االقيم ( نور
الشقايق ـ هجعة في صفاتها ودارها وزمانها ) وهو جدير بأن
يُقرأ ويُغتنى .
.
تقديري لك استاذي ود العالم
فمداخلتك قد أكسبت الموضوع ثراءً وقيمة ، وأثق في انك قادر
على تسليط الضوء على زوايا أخرى في حياة الخليل ، ونطمع
في مزيد من المساهمة .
.
كل المحبة

..استاذ محمد..
وانت سيد العارفين.
.الخليل كان يكن الحب لاصدقائه..ويحفظ لهم الكثر من الود مشاعر الصداقه..والالفه..ولعل ما كتبه عن احد هؤلاء الاصدقاء عندما اقعده المرض عن عدم اشتراكه فى رحلة الجيلى..تغنى بهذه الابيات ..والتى اتحف بها الفنان الكبير دكتور عبد الكريم الكابلى,,اسناع الناس وشنف اذانهم بها.
.قلبى باكى وحاس
من قالوا لنا شاكى وحاس حبيبى...
بقول يا الجيلى ابو العباسبدور العافيه ليه لباس..حبيبى..
انت ما بتتقاس..الوحيد فى الدنيا..شاغل الناس.حبيبى........................
واختلف الكثيرون..حول من هى تلك الشخصيه التى هتكت احساس الخليل .وتسببت فى فضح ما يعتلج فيه. واعتتبروها ملهمة عبقرية الخليل الفنيه.وقال اخرونا نه صديق مشترك اتاهم من مدنى فاصابته الملا ريا واقعدته عن مشاركتهم متعة الرحله....لكن الشاهد فى كل ذلك بيان مفرادت الشعروسلاسة اللحن وذلك الحضور الفنى الذى الهم الخليل
.اعتذر عن افتحامى هذه البوست البديع.مرتيين فى تتابع ..عفوا استا ذ محمد..بببببااااا

.
نعم ود العالم ....
إن كان السمك يستطيع العيش خارج الماء فالخليل لا يستطيع العيش
خارج دائرة اصدقائه .. ومن الأماكن الحبيبة إلى نفسه التي كان يلتقي
فيها بأصدقائه ( مقهى الشيخ امين بالخرطوم ).. ففي يوم الخميس
من كل اسبوع كان يتوجه إلى هناك حيث يلتقي بأصدقائه فالجلسة
جميلة في مقهى امين بحديقته الجميلة ... ومقهى الشيخ امين كان يقوم
في المكان الذي بنيت فيه عمارة ( مرهج ) .
.
كان المقهى ملتقى للشعراء والأدباء الشباب ، يتبادلون فيه قراءة
روائع ما نظموا من رصين القصائد ويسمعون اخبار الأدب والأدباء .
وكان بالمقهى جرسون اغريقي اسمه ( يني ) كان شجي الصوت
جميله ، فقد قال فيه الخليل :
.
يا يني يا بلبل أمين
انت حامينا النوم يمين
عقِّب نشيدك يا أمين
باللهِ قلت حبيبنا مين ؟
.
ثم يغادر جلسة الأصدقاء في مقهى امين ويستقل الترام لامدرمان ..ثم
إلى دار فوز بالمسالمة ليلتقي بأصدقائه من رجال الحركة الوطنية
حيث يطيب له الجلوس فتمتد سهرتهم إلى الساعات الأولى من
الصباح ..
.
استاذنا ود العالم المساحة مفتوحة لك ولكل محبي الخليل ،
واسهاماتك تضيف الكثير الذي تعرفه عن سيرة ذلك الهرم النوبي .
.
كل المحبة

..استاذنا ود المكى...
الخليل كان يعشق الوطن ويدمن هذه العشق الكبير وهو يحمله فى سويداء قلبه الذى يخفق وينبض...
ولعلى اذكر .وهو فى مصر طريح الفراش يعانى من داء الصدر اللعين...كتب وقتها .قصيدته الشهيره
ما هو عارف قدمو المفارق...
وهو يستعيد معالم وطرق واحياء امدرمان التى عشقها وتغزل فيها..وهو يعلم انهم فى اللواء الابيض هم من
ابتدع فكرة العمل السرى ..وهو يدرك انه مطارد من الاستعما ر

وكثيرا ما استدعى ليعطى التفسير عنما كتبه من قصائد
وطنبه تثير الناس وتحرض على الثوره وكراهية الاستعمار...الشاهد فى هذه الحديث وهو يرقد المستشفى يعانى من داء الصدر
.كتب هذه القصيده مستعرضا فيها كل شىء فىى ارتباط جد عميق ومتاصل....وهنالك تفسيرات قيلت فى هذه الفصيده..
منها .المقدع الذى يقول ..
من علايل ابروف للمزالق.ز
من فتيح للخور للمغالق..
قداه يا مولاى حافى حالق..
بالطريق الشاقيه الترام..ز.
قيل ان هذه الابيات وهى تف مشهد الخليل وهو مسجى يحمل نعشه مشيعيه لمسواه الاخير...
واختلفت تفاسير الباحثين فى ذلك..
وهنالك تفاصيل اخرى عن الخليل فى ديوانه خليل عزه...اتمنى ان استطيع عرضها بمشاركتكم ..استاذنا ود المكى..ببببااااا

.
......................... منتديات وصالونات اخرى ..................
.
هنالك الكثير المثير في سيرة ومسيرة الخليل ... واصِل يا ود العالم
.
كانت هنالك منتديات وصوالين اخرى في ام درمان والخرطوم ، يغشاها الشعراء
والأدباء والفنانين ورجال المجتمع .. وقد شهدت هذه المنتديات مولد العديد من
الأشعار والألحان الخالدة ، فقد كانت الفترة الممتدة من عشرينات القرن الماضي
وحتى الإستقلال ، ذاخرة بالحراك الوطني ، ولما كانت مخابرات المستعمر
ترصد تجمعات الناس في الأماكن المعروفة ، فقد لجأ الكثيرون إلى مثل هذه
الصوالين لتناول هموم الوطن بحرية أكبر ، كما كانت مسرحاً لمناقشة قضايا
الفن والأدب .
.
في عشرينات القرن الماضي في حي العباسية بام درمان ، بل في جزء منه
حي يسمى حي الزهور ، فقد كان به صالوناً بمثابة ملتقى لعدد من الشعراء
والأدباء والمثقفين .. وقيل ان صاحبة الصالون شاعرة مجيدة ولكن لم تجد
من يوثق لها ، فلم يصل من شعرها شيء .
.
يذكر الطبيب الأديب الدكتور عبد الحليم بأنهم كانوا يختلفون إلى دار مدام
باري حيث بها صالوناً عامراً ، وكان رواده يتناقشون في الأدب والفن
بضروبه المختلفة ... وقد ذكر دكتور حليم ذلك في كتابه ( موت دنيا ) .

.
................................ آخــر المنتديــات .........................
.
في أواخر عام 1961 أقامت الأديبة والمربية ، الموجهة التربوية بوزارة التربية فاطمة
مدني ، منتدىً للشعراء والأدباء والتشكيليين ، وفتحت دارها يومي الإثنين والخميس
من كل اسبوع لاستقبال هذه الكوكبة من المبدعين ، كان يؤم المنتدى من الرواد :
الأستاذ التربوي الدكتور شيخ ادريس ابوهالة ، والمربي الأديب حسن نجيلة ،
والأستاذ التشكيلي العالمي ابراهيم الصلحي ، والأستاذ علي المك ، وصلاح المليك
وصلاح احمد ابراهيم وعلي العتباني ... ومن الشعراء كان هناك ودالرضي والعبادي
وعبدالرحمن الريح وعتيق وعلي محمود التنقاري وعبيدعبدالرحمن وسيد عبدالعزيز
وعمر البنا .
.
كانت صاحبة الصالون تدير المنتدى ، وقدمت العديد من المحاضرات عن شعراء ،
العهد الذهبي ، والذين وان غابوا عن الحياة فقد كانوا حاضرين بشعرهم وأغانيهم
الخالدة ، وجعلت شعر البطانة حاضراً في المنتدى ، كما طافت بشاعرات الحماسة ،
بنونة بت المك وبت مسيمس ورغية بت الإمام وغيرهن ، وكانت تقوم بعمل مقارنات
بين الشعر العربي الفصيح وشعر العامية في السودان وذلك يؤكد ثقافتها واطلاعها .
.
تناول المنتدى الصوفية في شعر مصطفى بطران ( عزة وصالك ـ أطرد الأحلام ياجميل
واصحى ـ دمعة الشوق ـ زهر الربيع حلا ) وغيرها ، ودُعي الإعلامي محمد سليمان
للحديث عن بطران لما عرف عنه من اهتمام بشعر بطران .. كما تناول المنتدى
الرمزية في شعر الخليل ومساجلاته ( في الضواحي وطرف المداين )
.
لقد تميزت الأستاذة فاطمة مدني بالكرم فقد كان كرمها يغمر ضيوفها مهما كان
عددهم .. ولقد وثقت الأستاذة للمنتدي في كتاب بعنوان ( لمحات من الأدب الغنائي
الشعبي ) ... والأستاذة فاطمة مدني لمن لا يعرفونها هي زوجة أحد أهل السيف
والقلم ـ الصاغ محمود ابوبكر ( صه يا كنار ـ الزاهي في خِدره ) وله ديوان شعر
مطبوع .

أكاد أرى أخونا العبيد الذي طالت غيبته



يا زول خالي العبيد لقيتو ليك طب وبعد شوية بجيك متلب

.
سعادة المستشار الطيب
الشهير بشيقا وفي رواية اخرى المزنوح
اختفيت وتركت الساحة لخبثاء المنبر يروجون في الشمار والكسبرة
والتوم وهلمجرا......على سبيل المثال لا الحصر قال احدهم وإسمه
يبدأ بحرف ال ( ـ ) إن شيقا قد تزوج من عشرينية وذلك سبب وجيه
لاختفائه .
أما أنا فقد نفيت عنك هذه التهمة المنكرة جملةً وتفصيلا .. وقلت في
معرض دفاعي إن الرجل رافع الراية البيضا ... فضلاً عن ساطور
طوله نصف متر موضوع له أسفل السرير... وهذه الطريقة المرعبة
أصبحت تسلكها ( المحاربات ) القدامى لتأمين الحاضر والمستقبل .
.
لا ... كمان واحد منهم اتهمني بأنني من جماعة الراية البضا لدفاعي
المستميت عنك .... وسأرد عليه لاحقا.
.
ياخ افتح ليك بوست عزا في جعفر نميري ... خلينا نخش نترحم عليه
وبعدين خالك وين ؟ ....... أبقوا مارقين .

حبيبنا محمد فضل الله .. مودتي ..
لدي محزون كبير من الكتبابات عن خليل وحميد وتأثير النوبي ..
موضوع طويل جداً ولكني فضلت أن أنتهز هذه الفرصة وحضوركم الأنيق
لانزال هذا الجزء فقط
معليش الموضوع طويل جداً والزمن لم ايام القراءات المطولة ..
مودتي ,أسمح لي بهذا
لأن كنت في غمار هذا البوست وراجعت معلوماتي عن ( فوز) وتغيرت صورتها في مخيلتي
شكراً كثير .. ولاحقاً سوف آتي بقراءاتي لفوز

مودتي مرة أخرى
================================================================

ما بين خليل فرح وحميد ( عزة .. نورة .. قيزان الرمال) ووحدة الرموز

بقراءة عميقة لشعر حميد نجد أنه أتى بصور جميلة تكاد تكون متكررة على امتداد ضفاف النيل من حلفا حتى تخوم العاصمة الخرطوم ، وهذه الصورة هي لحاضنة طبيعية كانت تجتمع فيها الناس تلقائياً وخاصة في ليالي الصيف المقمرة وتجدها حاضرة في معظم قصائد شعراء الشمال لأنها كانت تعتبر المتنفس اللامحدود للشباب والشابات ويستحضرها هؤلاء الشعراء كرمز للحرية والانطلاق عندما تضيق عليهم دائرة التسلط ونائبات الدهر ، يلهبون ذاكرتهم بتلك الايام التي كانوا يجتمعون فيها بكل براءة ونقاء وتحدها فقط محاذير ومسافات وحدود قيمية لا يمكن تعديها ،
ويتطرقون اليها عفوياً لأنها مستقرة في بؤرة ما في شعورهم الداخلي كرمز للانطلاقة وبعض التحرر ، والمقصود بالحاضنة هنا ( قيزان الرمال ) التي تحاذي القرى وخاصة في الضفة الشرقية من النيل وكذلك في الجزر كترسبات من بقايا الفيضانات ، فالشاعر الحقيقي عندما يطلق العنان لمفردة لا يقصد بها النطاق الضيق او المعني المباشر لهذه المفردة ومثال لذلك مفردة (قوز) لدى حميد و( التلال) لدى خليل فرح .. وآخر يتغنى بـ ( رمال حلتنا ) .. وقصد الشاعر المجال الواسع لرمزية المكان الذي يفتح للقاريء المتأمل فضاء ارحب وخيال واسع لا حدود له ، وحميد يقول :
كنا غلابة وليل وربابة
متلمين فوق قوز ونغني
قلنا : الصحراء تبتق غابة
حلم قريب ما هو تمني
تنسف فجأة القوز دبابة
وفينا غنانا يصن فد صني
اتجمعت سحابة سحابة
وهذه الخاصية جمعت بين العملاقين خليل فرح وحميد وكلاهما من بيئة متشابهة حيث النيل والرواويس والنخيل والسواقي والليالي المقمرة ويقول خليل :
عزة ما نسيت جنــة بلال
وملعب الشباب تحت الظلال
ونحن كالزهور فوق التلال
نتشابي للنجوم وانا ضافر الهلال
وهنا يصف الخليل قريته في صاي ( بيرم إكي ) حيث جنائن النخيل ( جنة بلال) وملعب الشباب تحت ظلالها ، وليلاً الى حيث القمر والرمال ( فوق التلال) وهي تلال تحاذي قريته في صاي ، حيث النجوم والهلال وهنا تشابه المكان ومفرداته لدى خليل وحميد ( متلمين فوق قوز ونغني ) وايضاً نفس الليالي المقمرة في ( نوري ) كما في ( صاي ) ونوري منطقة ظليلة جداً وكثيفة الجنائن مشابه لوصف خليل (جنة بلال) في صاي ، ونوري ايضاً بها قيزان الرمال عندما تتجه نحو منطقة الغويبة في تجاه اهرامات الكرو، حيث تجد كثبان الرمال واشجار الدوم ، ومرتع الصبا لكلاهما هنا متشابه وهي لوحة مكررة على طول شاطيء النيل ، فقد تناول خليل العمق التاريخي للموروث النوبي بطريقة تدل على ثراء الرمزية في شعره ، فالهلال يدل على الاسلام والنجمة تدل على القيم المسيحية ومن هنا يكون التعبير عند الخليل ذو عمق تاريخي ، ورغم اختلاف الزمان والحدث لدى كل من خليل وحميد فهما متشابهان في بعض المحطات ، فخليل الذي شب عن الطوق في مرحلة تكاد تكون اكثر حساسية في تاريخ السودان عند نهاية المهدية وبداية الحكم الثنائي وكأن صافرات بواخر كتشنر التي اختزنها في ذاكرته منذ الطفولة كانت كامنه فيه كرمزية للظلم والقهر بالاضافة الى المجتمع الليبرالي والانطلاق وعدم التقيد المطلق إلا بالثوابت الاخلاقية وكانت حلفا مرتع صباه الاول وتأثير مصر ليس ببعيد ، على عكس حميد الذي نشأ في بيئة تغلب عليها الصوفية امتداداً من جمال اللفظ واللحن في قصائد اولاد الماحي انتهاءاً بطنابير الرواويس، ومع تشابه البيئة فإن انتقال خليل الى امدرمان والثراء المادي والنخبوية وتبنيه لغة الوسط للتعبير عن مكنونه الحضاري جعل منه اقرب الى القومية مع أن العربية تعتبر لغة مكتسبة لدى خليل حتى لو أجادها اكثر من الناطقين بها، على عكس حميد الذي فكر وعبر من خلال بيئته المحلية التي تسمح له بإستخدام مفردات وادوات اكثر ، أما عن رمزية خليل فكانت في تضاد مع المستعمر وقد عايشه في حياته اليومية من خلال مديره الانجليزي في مكان العمل ، ورمزية حميد التضاد مع الحكم ثيوقراطي الذي يحد نوعاً ما من انطلاق بعض افكاره الى مساحات أوسع ولكن الكبت وعدم الحرية كانت مساحتها اكبر لدى خليل ، لذا فإن الرمزية عند خليل اعمق كما في ( عزة ) وليست بذلك العمق والمدلول في قصيدة حميد ( نورة ) واحسب ان حميد عندما كتب تلك الرمزية (نورة) كان قد تقمص خليل عزة ، فكلاهما يشبه الوطن برمزية والحالة الذكورية لا يمكن التغزل فيها وتعداد محاسنها أما بالنسبة للأنثى فالقوة الطبيعية كامنة في الاناث لا حدود لها فتجد اسماء الرياح والاعاصير كلها تحمل اسماء انثوية ( كاترينا وايرين وساندي) ربما لأن الانثى عندما تنتقم تكون عظة وعبرة وقد ذكر الخالق عز وجل ( إن كيدهن عظيم) ثم في الجانب الآخر ( ازواجاً لتسكنوا إليها ) ، وعندما تتزين وتتجمل فهي تأسر القلوب ( انت يا الكبرتوك .. البنات فاتوك) وهي رمزية تعطي الشاعر مجال واسع للمناورة وحتى إذا أراد الشاعر أن يجد عذراً او مخرجاًَ لتبرير الهزيمة فذلك أهون في قاموس الاناث كما قل خليل ( أخجلوك يا أمير .. ولا نمت نهار ) ، ومرة اخرى شبه الوطن بالمرأة المكبرته لا تتعجل الخطى ولا تثير النقع بل تمشي على اطراف ارجلها (البنات فاتوك في القطار الطار) ومن حبه للوطن وابناء الوطن يسوق لهم الاعذار ولا يريد أن يزرع اليأس فيهم ، ولكن ربما جبروت الحكم الوطني اخف وطأة في حالة حميد من ذلك المستعمر الذي لا تجد له أي عذر او مخرج مقنع فكان الخليل عميق الرمزية ، فأمنيات خليل كانت ذات مدلول معنوي وتميل الى القيم الاخلاقية الغير ملموسة ( نشابي للنجوم وانا ضافر الهلال ) وهو السعي الى كمال القيم فبعد أن استدل بالهلال كرمز الى الاسلام أراد ان يأتي بالمكارم والقيم الموروثه حتى اذا كانت بعيده المنال وفي مستوى النجوم وهي منتهى خط الرؤيا للبشر بالعين المجردة من خلال هذا الكون المحسوس اللامتناهي ، وللنجوم ايضاً رمزية في القيم المسيحية فهي دليل كل تائه في الظلمات وقد قصد خليل بهذه الرموز الموروث الانساني في كل الديانات ، وفي المقابل فإن القراءة في أحلام حميد تكاد تكون مشابهة في وصف المكان ( القوز ) او تلال الرمال التي تتوسد القرى على ضفاف النيل :
متلمين فوق قوز ونغني
قلنا : الصحراء تبتق غابة
حلم قريب ما هو تمني
تنسف فجأة القوز دبابة
حميد هنا واقعي اكثر ويمكن أن يتحقيق مراده (الصحراء تبتق غابة ) و( تبتق) كلمة نوبية (بودي ) بمعنى نمو البراعم (يفرهد) ومن المفترض ان تكون الكلمة ( تبديق) حسب تصريف أهلنا الشايقية للكلمات النوبية ، وحميد إلتقطها سماعياً كمصطلح زراعي فلا ضير في ذلك بين التاء والدال ، فهو يريد ان يحول صحراء حياته الى انطلاق وحرية ورمزيتها هنا الغابة الخضراء ، وأحسب ان هذه الامنية في المتناول وأقرب الى التحقيق اذا ما تمت مقارنتها بأمنيات خليل ذات المضمون الواسع فكل منهم حسب زمانه ومكانه او ما يسمى بمصطلح (الزمكانية ) ورغم هذا الفرق الزماني ، نجد ان امنية خليل مفتوحه حتى نهاية الكون ولا حدود لها وهي امنية انسانية تمتد في فضاء البشر عموماً لخلق مجتمع فاضل مأطر بالقيم ولا مكان لليأس في تحقيقه فالزمن عند خليل غير محدد ، ولأن واقع حميد وزمانه مختلف تماماً فهو في حالة يأس من هذا الزمان الذي اصبح منزوع الجمال والقيم بفعل التسلط والكبت وهرباً من هذا القبح لجأ حميد كما الخليل الى (قيزان الرمال ) مرتع الحرية والانطلاق والتحرر ايام الليالي المقمرة ليعيش لحظات مختلسة من غياهب الظلم والظلمات ، ولكنها لحظات سوف تمضي كنزوة فحتماً فذلك القبح آت في لحظة ليقضي على تلك الومضة قبل أن تتشكل الى حلم ، ورمز اليها حميد بدبابة وهي ترمز الى القوة القاهرة بكل قبحها شكلاً ومضموناً لتسدل الستار على هذه الومضة بنهاية غير سعيدة ، والملفت في الأمر أن السحاب والمطر بالنسبة لأهلنا في الشمال يعتبر كارثة وليس فأل حسن وقد ذكرها حميد (اتجمعت سحابة سحابة ) ووضعها في مصاف الدبابة فالقصد هنا ان العاقبة ليست خيراً فالأمطار ايضاً تذهب بجمال المنازل وتقضي على النخيل رمز الحياة والخير ، هكذا توقع حميد نهاية حلمه بفعل التجارب المتراكمة التي عايشها الوطن ما بين الشواهد الناصعة في الحقب الديمقراطية ونهايتها الحزينة التي تأتي من على ظهور الدبابات .. ولكن يبقى حلم خليل الى ان تقوم الساعة كحلم انساني غير مأطر بزمن او مكان .


شكراً كثير أخي محمد .. لأنني متيم بحب الخليل ..

.
استاذي الحبيب علي عبدالوهاب
.
في حب الخليل نلتقي ويلتقي معنا الكثيرون ..
سعدت كثيراً بالبعد الذي أعطيته للموضوع والخليل هو موضوعنا ، ففي مرة
سابقة قلت إن الخليل لم يجد الدراسة والتناول الذي يوفيه حقه ،
وها أنت تأتينا بالمفقود الذي أكسب الموضوع قيمة مضافة . أنحني إجلالاً لك
أخي لهذه المقاربة المبدعة بين الخليل وحميد في استخدامهم لمفردات البيئة
في التعبير والرمزية ، كلٍ بدلالة مختلفة إن جاز لي الفهم .....
.
أخي علي أستطيع القول بأنك قد اعطيت الموضوع بعداً علميا بالنقد المؤسس
مما جعل الموضوع أكثر قيمةً ، يعلو بها على طريقتي التي اعتمد فيها
على السيرة والخبر ...فلا ملكة لي غير ذلك..
.
أقول إن قصيدة ( الشرف الباذخ ) عندما بدأ صيتها يذيع بين الناس استدعاه
صمويل عطية مدير قلم المخابرات وطلب منه أن يسمعه القصيدة .. فقال
له الخليل إن القصيدة غنائية ولا يمكن أداءها إلا باللحن ، فوافق عطية على
أن تؤدى باللحن .. إلا أن الخليل اعترض مرة اخرى بأنه لا يغني في مكتب
رسمي ، وإنه يمكن أن يسمعها لعطية في بيته ان قبل دعوته ، كما يمكنه أداءها
في بيت عطية إن أراد .. فما كان من صمويل عطية إلا أن وجه له الدعوة
للعشاء في منزله .. فبدأ الخليل الغناء وكأنه يخاطب صمويل عطية :
.
نحن ونحن الشرف الباذخ
دابي الكر شبـاب النيــل
من تبينا قمــنا ربيـنــا
ما اتفاسلنا قط في قليل
.
مافيش تاني
مصري سوداني
نحن الكُل ولاد النيل
.
يا حُكامنا أمُرقوا البينة
ولا انقرعوا كفوا الشينه
نحن الصولة ونحن الدولة
ونحن كنانة اسماعيل
.
لا شك ان ( مافيش تاني ..مصري سوداني .. ونحن الكل ولاد النيل )
و ( نحن الصولة ونحن الدولة .. ونحن كنانة اسماعيل ) .. هذه تبين
أن الخليل قد لعب على الجانب ( النفسي ) لصمويل عطية ، ولعمري
فإن ذلك يؤكد أن الخليل بذكائه استطاع ان يفتح صفحة جديدة مع
مدير قلم المخابرات ربما خففت الرقابة عليه وعلى رفاقه في الحركة
الوطنية وعلى مكان التقائهم .... دار فوز..
.
استاذي علي عبد الوهاب ... واصِل في حب الخليل ,إنا على الجمر
منتظرون مع كامل الإحترام والتقدير .

مودتي يا جميل حبيبنا محمد ..
لدي مخزون من الكتابات عن خليل .. ولأنني من البيئة التي كونت خليل
ولكن حقاً أمدرمان هي المنطلق الذي شكل وجدان الخليل ولأنني من بيئة بعيدة عن أمدرمان
وثقافتي فيها محدودة جداً .. فبدأت بقراءاتي للخليل وكأنني أغوص في اللاشعور الجمالي
الذي تكون في حلفا وصاي ودنقلا وعبر الصحراء إلى أمدرمان ..
فكانت إجتهادتي تنطلق من المقاربة ما بين حميد وخليل ..

لست اكاديمياً أو باحثاً علمياً .. ولكن إجتهاد ومحبة وعشق لخليل ومن سار في درب خليل

=========================================
كيف جمع حميد وخليل الاضداد في حب الوطن .. ووحدوا الكنسية والجوامع ( حميد )
ولدى خليل ( فوز ) والمهدي

هذا جزء مستقطع من قراءة طويلة ( حميد وخليل )
لنبدأ بشعر حميد

في كلام الناس بفتش .. بين عوينات المدارس
في صدى آذان المساجد .. ورنة أجراس الكنائس
في إندهاشات العذارى .. في إرتعاشات الموامس
في بحر فرحان يبشر .. موجو لي جية النوارس
الرواويس طمبروك .. وهز بيك في الدارة فارس


في هذه القصيدة ( مناقيش العدالة ) تألق حميد بعفويته المميزة واستخدم كل فنون القصيدة والنظم الجميل .. ففي هذه الابيات التي اخترتها من القصيدة لم يترك حميد اي شريحة من مكونات المجتمع وإلا وتطرق اليها .. وهكذا يكون حب الوطن بدون وقف التنفيذ وبدون حدود أو سقف او اعتبار ديني او حتى سلوكي فالحب الاول للوطن وبعد ان يبقى الوطن نبحث بعد ذلك عن الكمال والسلوك وندمل الجروح ونداوي اثار القروح .. فوطن حميد جمع كل التناقضات مع بعضها وعلى قدم المواساة ومن مبدأ الاولوية للوطن ثم بعد .... فقد اورد ( المدارس والمساجد والكنائس والعذارى والموامس والموج والنوارس والرواويس والفارس ) وتطرق اليها بطريقة التوشيح التي تزين صدر القصيدة .. فهنا يستحضرني وجه الشبه بين حميد والرائع خليل فرح .. فكلاهما تشبع من حاضنة فيها قيم التسامح والفضيلة ورقة المعاملة بين البشر في اعماق الشمال مهد الحضارات .. فالرائع خليل فرح يقول في قصيدته عن الوطن (امدرمان ( :

يا جميل يا نور الشقائق
أملأ كاسك واصبر دقائق


ثم يسترسل في القصيدة الى ان يأتي الى القداسات الدينية .. وكأنه يقول ان الوطن للجميع ولكل دوره في الحياة .. فيأتي بضريح المهدي :

الضريح الفاح طبيه عابق
السلام يا المهدي الامام ..


وهنا جمع خليل بين تلك الخلاسية ( فوز ) والتي فتحت بيتها لهؤلاء الثوار رغم خطورة العاقبة اذا عرف المستعمر بذلك .. حيث كانوا يختبئون فيه تحت ستار تناول المشروب الذي كان يسمح به المستعمر .. ثم جاء بضريح المهدي كإلهام معنوي وقدوة ومثل للنضال وكحافز ورمز .. ولكن القيمة النهائية لدى خليل كما لدى شاعرنا حميد هو الهدف ( الوطن ( ..
وهؤلاء من امثال خليل وحميد الوطن عندهم مختلف لا يضيق بأحد إلا من خانه وتعاطف مع المستعمر فأما غير ذلك ففي كل ممارسة مهما كانت فيها عنوان ودليل على حب الوطن والانتماء ( فوز .. والمهدي ) وعند حميد ) المسجد والكنيسة ، العذارى والموامس، والرواويس والفرسان ، والامواج النوارس ) وعند البسطاء والترابلة ( الرواويس والفرسان ) وجمعهما حميد كمتناقضين .. وهذا يدل على ان حميد تعمق في المجتمع حوله وربما كان يسمع الى حكاوي الكبار ونظرتهم للرواويس وقد كانوا يصنفونهم بأنهم غير جادين في الحياة نسبة لعدم اجادتهم للزراعة والاعمال الشاقة وانهم متفرغون للهو والغناء والعزف والتشبب بالنساء .. لأنها كانت مهنة من لا يجيد الزراعة .. على عكس الفارس وهو رمز لاخو البنات ليس في القتال والفتك كما يتخيله البعض ولكن بمفهوم اهلنا في الشمال هو الرجل الذي يقوم بمهام الرعاية للاسرة ويكفيها اقتصادياً ويحفظها من الانحراف وسوء السلوك ..

هذه قراءة متواضعة من شخص مجتهد ومترع بحب الخليل ..

مودتي .. الحبيب محمد وشكراً على الاثراء لأنني أتلهف لخليل امدرمان .

.
..................... بين عَـزّ’ الحبيبة ، وعَـزَّة الوطـن ................
.
عَـزَّ الشيء بمعنى قلَّ وندر .... والعِـِزَّة بكسر العين وتشديد الزاي المفتوحة
بمعنى الكرامة .. وعَـزَّة بفتح العين وتشديد الزاي المفتوحة هكذا نسمي بناتنا
في وقتنا المعاصر ، وأما في زمان الخليل فهي ( عازة أو العازَّة ) .... وفي
ظني أن مد حرف العين تقتضيه أيضاً ضرورات اللحن والغناء للإنتقال
بالمفردة من حالة ( الرِّقة ) والتحليق بها في فضاء ارحب أكثر قوة ،
.
أما (عِزَّه ) فنادراً أن تجدها إسماً .. أعرف رجل دين في نواحي شرق كردفان
اسمه الشيخ ( أبو عِـزَّه ) .. تسعيني خفيف الجسم ، فيه حيوية إبن عشرين ، يزرع
قوته بنفسه وهو في هذه السن ، وله مدرسة قرآنية ( خلوة ) تُخرِّج مئات الحفظة
سنوياً .. أما الإسم (عزَّت ) فأمره معروف ..
.
الوطن عند الخليل ( عَزَّة ) .. أرضه وما عليها .. من أقصي شرقِهِ لأقصى غربه
ومن أقصى جنوبه لأقصى شماله ، فهو يعنيه بقوله :
عزه في هواك
عزه نحن الجبال
للبخوض صفاك
عزه نحن النبال
.
لقد استخدم الخليل نفس المفردة التي عنى بها الوطن في خطابه لبنت الوطن ،
فهي الأم والأخت والحبيبة ، فجعل المفردة ( عَزَّة ) حمالة وجهين :
عزه قومي كفاك نومك
وكفانا دلال يومِك
إنتِ يا الكبرتوك
البنات فاتوك
في القطار الطار
فإن كان في ذلك رمزية فالخليل كثيراً ما مال للرمزية في شعره ، وفيها
يدعوالوطن للنهوض ليلحق بركب البلاد المتحضرة والمتقدمة ، وقطعاً
فإن أبنائه هم المعنيين بالنهوض بوطنهم والسير به للأمام ..... وإن
كان يعني الأنثى فهو يدعوها للتسلح بالعلم والمعرفة للحاق بركب المرأة
المتعلمة في البلاد المتقدمة ... الخليل كان رجلاً ذكياً يعرف كيف يستخدم
ادواته للتعبير عن ما يجيش بصدره نحو الوطن وأهله .

.
يتفق احمد الطريفي الزبير باشا وبشرى أمين على ذكاء خليل فرح ، فهو
عندما حضر للخرطوم كانت عنده لكنة خفيفة متأثراً ببيئته .. ولكن لم تمض
عليه سنة بالخرطوم إلا واختفت .
.
كان خليل فرح يحفظ معظم غناء أهل منطقته ، فعندما حضر للخرطوم
كان يغني لأبناء منطقته ، و أثناء ليالي السمر أيام الطلبة بالكلية ..ولم يمض
عليه زمن طويل بالخرطوم إلا وأصبح يقرض الشعر بالعامية والفصحى ،
وقد صقل الفصحى عنده بالقراءة ، فقد قرأ الأغاني والأمالي وغيرها ، ومن
قرأ شعر البحتري الذي كان يحبه ، وحفظ ديوان أبو نواس ، فخمريات
الخليل لا تقل عن شعر ابو نواس .
.
كان محمد عثمان على بدري إبن عم الخليل أحد فرسان الأغنية الحديثة ،
وكان شاعر دوبيت مجيد ، ويرجح بعضهم ان الأغنية الحديثة هي امتداد
وتطور من الدوبيت ... دعونا نستريح قليلاً مع احدى روائع الخليل :
.
في الضواحي وطرف المداين
يلا ننظر شفق الصباح
.
شوفوا عِز الصيد في العساين
قوموا خلوا الضيق في الجناين
يله نقنص نطرُد نعاين
النهار ان حر الكماين
كلبي يا جمجوم اصله خاين
شوفوا كيفن يبرا الملايين ... هبَّ شاله وكشح المُراح
.
للقنيص الخيل خفَّ راسِن
نحن ما بنخاف من مراسِن
المكارم غرقنا ساسِن
والمجاهِل مين غيرنا ساسِن
ان عِطشنا نعز مُر وآسِن
وان عِشقنا بنعشِق محاسِن ... في المحاسِن كفى يومنا راح
.
يا ام لِساناً لِسَّع معجَّن
كلمة كلمة وحروفه ضجَّن
ديل خدودك غير داعي وجَّن
ديل عيونك غير سِبَّه لجَّن
ديل دموعك من نظرة شجَّن
ده دلال إيه ده دلال معجَّن ... محن الأُمات يا رداح
.
في الخميلة انجلت المحاسن
عيني حايرة ومشى قلبي جاسِن
بعض حُسنِك هيَ يا محاسِن
الحرير حين قدميكِ داسِن
والزهور حين شفتيكِ باسِن
والغصون من لدنِك مياسِن ... والنسيم فاح بكر الملاح
.
يا الطبيعة الواديكي ساكِن
ما في مِثلِك قط في الأماكِن
يا جمال النال في تراكِن
يا حلاة البرعن أراكِن
في قفاهِن تور قرنه ماكِن
لا غِشن لا شافن مساكِن ... في الخزام والشيح والبراح
.
شوف صباح الوادي وجمالو
وشوف خدارو وصيدو ورِمالو
شوف يمينو وعاين شِمالو
شوف نسيم الليل صاحي مالو
شوف فريع الشاو مين أمالو
القمر خجلان من كمالو ... والصباح لاح بهل الوِشاح
.
مال نسيم الليل بي برودك
نامت الأزهار فوق خدودك
غرد العصفور فوقَ عودك
النفوس ما اتعدت حدودك
ما عرفنا عدوك من ودودك
بس أنا المقسوم لي صدودك ... يا حياتي وأملي اللي راح

.
مناسبات الأعراس في ذلك الزمان بل وحتى ألآن تجمع الحسان الغيد ،
وهي مناسبة للشباب والفنانيين والشعراء كلٍ ليفعل ذائقته الإبداعية ،
كان هنالك حفل عرس وكان الخليل حاضراً هناك .., كل الحاضرات
جمالهن يأخذ بالألباب ، ولكن واحدة منهن سكنت لب الخليل فهي من
اللائي عناهن الشاعر بقوله :
.
يصرعْنَ ذا اللُّبِ حتى لا حَراكَ له .. وهُنَّ أضعَفُ خلق اللهِ إنسانا
.
أوحت تلك الفاتنة للخليل إحدى روائعة التي شهدت دار فوز ميلادها
كأغنية من أروع ما أبدع الخليل :
.
جنَّ ليلي وهاجت اعراضي
سَحَّ دمعي وجاشت أغراضي
هذا بعض البي عدا امراضي
وإنت داري وغاضِّي ماك راضي
.
بالي جسمي ومن زمان قاضي
هاهو حبك بين أنقاضي
هدَّ روعك أوعى لا تقاضي
وما بشارعَك ما بكوس قاضي
.
لسه تايه في الدلال ماضي
هل تناسيت حبنا الماضي
فوق صحيفة قلبي كم ماضي
ماضي خاتم لحظك الماضي
.
المضلل رشدي يا هادي
والمكتر في الهوى سهادي
الجبين الفي الضلام هادي
والقوام السيدو متهــادي
.
يا حبيبي فيما تعذيبك
طول عذابي وهجري ما بفيدك
روحي في إيدك قول وحاة ريدك
إمتى ضاعت؟ يا سلامة ايدك

.
حياناً يمعِن الإنسان في اللغة الدارجة ليقرِّب
الأغنية من مزاج الناس ، وفي كثير من الأحيان
إذا حصل خطأ في التشكيل أوفي أيِّ كلمة فهي
لن تفوت على المتابعين .. لأنهم ذوِّيقة .. والأغنية
بتكون سمعوها كتير:
.
هَدِّي روعك .. أوعى لا تقاضي
وما بشارعك .. ما بكوس قاضي
.
وسلامتكم

.
في كل الأحوال فإن من ترجموا للخليل وأصدقائه المقربين ذهب بعضهم إلى
أن ميلاده بجزيرة صاي كان عام 1895، والبعض الآخر رجح أن ميلاد
الخليل كان عام 1898 ... أما شهادتي ميلاده اللتين حواهما ملفه الوظيفي
المحفوظ في دار الوثائق المركزية فقد جاء في احداهما ان ميلاده كان عام
1892 ، أما الأخرى فلم تحدد تاريخاً بل اكدت ان اسمه لم يوجد في سجل
المواليد بين عامي 85 ـــ 1891 ما يؤكد أنه ولد بعد عام 91 .
.
على العموم فإن خليل فرح رحل عن دنيانا ولم يكمل الأربعين من عمره !
فقد عاش حياة قصيرة كان خلالها وكأنه يسابق الزمن ليترك لنا إبداعاً
يكتب له الخلود ويظل هو حاضراً بيننا وإن توالت الأيام وتعاقبت الدهور .
.
لنترك المجال لعمنا حسن نجيلة غشيت قبره شآبيب الرحمة ليصف لنا
إحدى جلسات ذلك العقد النضيد كما رويت له :
ها نحن داخل الدار التي نُسِّقت بيد فنان صنّاع ، وأيِّ يد أبرع من يد فوز
في التجميل والتنسيق ... وهذه فوز تطالعنا بوجهها الضاحك وفتنتها
الطاغية تملأ الجو مرحاً وأنساً .
دعني أعرفك ببعض الجالسين ... ألا ترى هذا الأسمر الفارِه المنطلق
الأسارير ؟ إنه فنان الجيل الملهم .. خليل فرح .. وهذين الذين بجانبه
يعابثانه : توفيق صالح جبريل و محي الدين جمال ابو سيف ، أما ذلك
الفتى الذي يبدو كالحالم وفي يده اوراق يمعن النظر فيها فهو الشاعر
مكاوي يعقوب ، لعله يراجع قصيدة سيدفع بها للنشر ، وسنقرأ هذا
الشعر الذي جعله يحترق ويذوي في ديوانِهِ ( آمال وأحلام ) .
هناك آخرون ولنقل عنهم انهم الغاوون الذين لابد من وجودهم حيثما
وجد الشعراء والفنانون .
.
فوز تتوق إلى صوت الخليل فتتوسل إليه بعينيها الساحرتين أن يقول
شيئاً .. إنها لا تتحدث ولكن عينيها تفصحان عن رغبتها ويفهم عنها
الخليل ما تريد فيمسك بالعود ويعبث بأوتاره في رِقة وعُذوبة فيصيح
به محي الدين ..انشدنا ما لحنته من شعر عمر بن أبي ربيعة .. والخليل
أول فنان سوداني يلحن الشعر العربي ويغنيه فيضيف بذلك ثروة جديدة
للغناء السوداني ، وينطلق صوت الخليل صافياً عذباً مع نغمات العود
ليغني مقطوعة ابن ابي ؤبيعة :
.
أعبدَةَ ما ينسى مودَّتكِ القلبُ ... ولا هو يسليه رخاءً ولا كربُ
ولا قول واشٍ كاشِحٍ ذى عداوةٍ .. ولا بُعد دارٍنأيَتْ ولا قُربُ
وما ذاك من نُعمى لديكِ أصابها .. ولكن حُبـاً لا يُقارِبـهُ حُبُّ

.
يقول الأستاذ معاوية حسن يسن ، ( وهو في تقديري أفضل من وثق لمسيرة الغناء
في السودان ) إن ( عزَّة ) هي عنوان الوجدان السوداني ، سِرَّها كامِنٌ فيها ، وإن
حلاوة لحنها وعذوبته وبساطته خلدته في النفوس.. يطرب له السودانيون جيلا
بعد جيل.
.
الأستاذ العلم اسماعيل عبدالمعين وهو من معاصري الخليل يقول : إن خلود
عزَّة هو أن لحنها جمع بين لحنين شعبيين ، الأول عبارة عن مارش عسكري
دونه الرقيب اول فضل المولى فرح ، وقد نُظِم بكلمات بسيطة :
.
ود الشـريف رايـو كِمِــل
جيبوا ليْ شلايتـو من دار قِمِـر
.
ويقال ان اللحن قيل في نهاية القرن التاسع عشر عندما هرب ود الشريف
من موقعة دار قِمِر في دارفور , وهنالك روايات اخرى تخالف هذه
الرواية إلا أن هذه ربما تكون ارجحها بالرغم من انها محتاجة لتوضيح
اكثر عن اطراف النزاع وسببه .
.
أما اللحن الثاني ( الفنجري دَقُّو ) ويسمى أحيانا ( عمتي حوة )
فقد كان شائعاً في ام درمان والخرطوم في مستهل القرن العشرين
كما يقول الأستاذ عبدالمعين ، ( ومن مفرداته يوحي بأن مصدره
دار فور أيضاً ) وهو يقول :
.
يا إيَّه راعِيْ ليَّ .... عشان هوان داك والله
نموت بلا دُربه .... الكركدى ما بقوم غلَّه
حِلوني من جقود .... حِلوني يا رجال الله
.
وقد رُويَ ان الخليل عندما كان يستشفى بالقاهرة ، سمع فرقة الكشافة
النوبية وهي تمر بالقرب من المستشفى وهي تعزف اللحن المعروف
( ود الشريف رايو كِمِل ) فأعجب الخليل باللحن واقتبسه كما يفيد الأستاذ
علي المك الذي حقق ديوان الخليل.. واستخدم الخليل لحن ود الشريف
كمقدمة لتلك الأغنية الخالدة .. وسجل اللحن في اسطوانة بالقاهرة عند
( ميشان ) ولذلك قصة .