محطة الحجر

محطة الحجر


06-05-2016, 09:59 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1465117196&rn=4


Post: #1
Title: محطة الحجر
Author: درديري كباشي
Date: 06-05-2016, 09:59 AM
Parent: #0

08:59 AM June, 05 2016

سودانيز اون لاين
درديري كباشي-
مكتبتى
رابط مختصر

محطة الحجر
شاء الله أن تكون هذه البقعة من الأرض في مدينتنا كسلا أن تكون محطة مجازية وكذلك هي محطة حقيقية .
هي محطة في عمرنا قضينا بها عدة مراحل .. فكانت شاهدا على براءة الطفولة ومرتع الصبا وحلم الشباب ..
وكذلك لها طبيعة ( بانورامية فريدة ) لأنها تشكل تقاطعا يجمع ثلاثة أحياء في كسلا هم حي الترعة وحي الثورة وحي المربعات . بها مجمعات للمدارس بمختلف المراحل للجنسين بنات وأولاد .. لذلك تبدأ المحطة تتلون بألوان الزي المدرسي من الصباح وبعد الظهر .. بين زي الطالبات وكذلك زي الطلاب .
التقاطع يتكون من شارع الأسفلت الذي يأتي الى السوق من الغرب الى الشرق ثم يتفرع تجاه الشمال الى حي المربعات وجنوبا ليلاقي طريق حي الختمية
بها عدة مطاعم ومقاهي . أضافت لهذا التنوع فئات أخرى من فئات المجتمع .
تنوعت المواصلات مع تطور الزمن . في البداية كانت البصات الكبيرة .. وهي ( اللواري ) المحورة محليا للتحول الى بصات مثل ما هو معهود في كل مدن السودان ..
أصحاب هذه البصات أطلقوا عليها أسماء . مثل الأصيل .. والغروب .. كما أشتهرت بعض هذه البصات بأسماء سائقيها .. مثل ورية الصومالي ( عليه الرحمة ) وقدي الأثيوبي .. وفاروق ...
في مرحلة الطفولة تقاسمنا نحن تشجيع هذه البصات مثل تشجيع فرق كرة القدم .. وكانت هذه البصات تتسابق فيما بينها لا أردي هل هي كانت مقصودة من السائقين .ام نحن ما توهمنا ذلك . هل هم تجاوبوا معنا فعلا ( لا يستبعد ) لأن فعلا أصحاب هذه البصات كانوا في سباق دائم .. أعتقد نظامهم كان أن من يصل الموقف العام أولا يحظى بدور العودة سابقا للآخرين .. أي ليس لهم جدول ثابت .. كنا بعد عدم الشغلة والملل من لعب الأطفال المعهود .. من عربات الحديدة والتراتارات وغيرها .. نصطف في ظل الشجرة ونظل نصفق لسائقي البصات ونشجعهم في السباقات. وكان بعض البصات بها بوري ذو نغمات الجميلة .. كثيرا ما يحينا وبها ويزيدنا طربا ولهوا .
ثم جاءت ظاهرة البكاسي التي أصابت لهونا في مقتل .. وهي ناقلات صغيرة أيضا تم تحويلها الى وسائل المواصلات وعرفت بالبرينسات .. وهذه البرينسات سحبت البساط من البصات بالتدريج ..لأنها تعبأ بأقل عدد من الناس وتصل السوق أسرع .. رغم أن تعريفتها في البداية كانت أعلى إلا ان الركاب فضلوها هي ..وبدأت البصات بالانسحاب وتحولت الى القرى . إلا بصات قليلة آثرت الصمود .. ناصبنا تلك البرينسات العداء في البداية لأنها أذت حبائبنا البصات . وبدأت تختفي .. من البصات التي صمدت .. هو بص الأصيل ..
كان سائق هذا البص تعامل بعداء ظاهر جدا مع البرينسات ..أذ أنه كان يلف وجهه بشال ويلبس نظارة سوداء مثل أفراد العصابات .. ويجري بالبص خلف البيرنسة التي تكون أمامه .. بصورة مقاربه ومرعبة جدا .. تخيل البيرنسة جارية بأقصى سرعتها ويفصلها عن البص لا أكثر من متر أو مترين ..بمعنى لو وقفت فجأة لعجنها البص مع ركابها عجنا .. تجد الركاب تركوا مقاعدهم وتكوموا كلهم حول الكمساي في مقعدة الذي يلاصق كابينة القيادة وتاركين باقي البرينسة فاضي .
أما نحن بما أن كل باصتنا غادرتنا أجمعنا وأجتمعنا على تشجيع بص الأصيل الوحيد ضد البرينسات ( فشانا في البيرنسات ) كنا نتلم في ظل شجرة النيم أمام بيتنا .. ونحن نصفق ونشجع سائق الأصيل القاتل في مطارادته المرعبة ونضحك بمتعة .ونحن نشاهد ركاب البرينسة المرعوبين يتكومون حول الكمساري .
لحكمة لا يعلمها الأ الله أطلق أصحاب هذه البرينسات أسماء نسائية على سياراتهم .. فكانت أسماء البرينسات أشراقة , سوسن ,عبير بهجة وهكذا .
كان مثلا بص الأصيل يكون واقف في المحطة يرفع ركاب تأتي أشراقة من داخل حي المربعات متجه ناحية السوق ونبدأ نحن في الصياح ( الأصيل الحق أشراقة جات الحق أشراقة يا الأصيل ) وفعلا يبدأ سائق البص في التحرك ويزيد سرعته تحت تصفيقنا وصراخنا وضحكنا البرئ .. ربما القاتل . لو كان الأصيل فعلا يستجيب .. ونحسبه كذلك ..
أخيرا استسلم بص الأصيل وترك المضمار لاحقا بسلفه من البصات وخلى الجو للبرينسات تماما .. وكذلك نحن استسلمنا وشرعنا في تشجيع البرينسات وتقاسمنا اشراقة وعبير وسحر مثل مكان نفعل مع البصات على مضض .. ثم كبرنا على هذا النوع من اللهو ليرثه الجيل الذي أعقبنا .
وجدنا أنفسنا في مرحلة أكثر عمقا وعملية في عالم البيرنسات إذ أن جارنا الزناتي عليه الرحمة كانت له ثلاثة بيرنسات رفد بها الخط . ونحن كذلك لحقنا ( المولد ) ببرينسة ساقها قريب لنا لم تعمر طويلا ولم تترك أثرا ..
كثيرا من المواقف والأحداث جرت في تلك المحطة المدهشة سأتوالى في سردها متى ما أسعفتني الذاكرة فيها بل حوادث وصلت لدرجة القتل ..
يتبع

Post: #2
Title: Re: محطة الحجر
Author: درديري كباشي
Date: 06-05-2016, 10:16 AM
Parent: #1

ن وحي محطة الحجر (1)
من جخانين الذاكرة
عمنا وأبونا الزناتي عليه رحمة الله
جارنا حيطة بالحيطة كما هو معلوم لأهل كسلا . كانت بيوتنا تمثل النواصي التي تطل على المحطة الأشهر في كسلا .أمام بيتهم تقبع شجرة الدوم الخالدة واحدة من مميزات ذاك المكان .
عمنا الزناتي تميز بالصرامة والصعوبة وعدم التهاون في الأحوال المائلة وله نهرة تهز الجبال.. رغما عن ذلك كان له جانب لين ولطيف .. فهو كان بارعا في لعبة الشطرنج والكيرم وتعلمناها على يديه .. بل لعبة الكيرم هذه نقلتها أسرة الزناتي من بورتسودان الى كسلا . فهي من لعبات السواحل التي يلعبها البحارة وسكان المدن الساحلية .. برع فيها جميع أبنائه .. وتفاوتوا في إتقانها تعلمناها منهم نحن أبناء الحي ولعبناها واستمتعنا بها .. أعقتد أن هذه اللعبة لم تتجاوز محطة الحجر وتنتشر في باقي المدينة حتى غادرناها .
كان عادة العصر وخاصة في أيام الخريف حيث تبتل الميادين وتتحول الى ترع فتصعب ممارسة كرة القدم . فلا يبقى من الألعاب المتاحة الا هاتين اللعبتين الشطرنج أو الكيرم .. كنا تجدنا جلوسا محيطين باللعبة بصحبة عمنا الزناتي وأبنائه ..أربعة في الملعب والآخرين ينتظرون دورهم .. أيام ممتعة مع الصراخ واللعبات البارعة .. فالكيرم تحتاج لمهارة مبتكرة أحيانا من اللاعب مثل كرة القدم ..
يوم ما ونحن مندمجون في متابعة اللعبة .. وقفت سيارة فارهة . نزل منها رجل بدين يبدو عليه أثر الثراء والنعمة كما أنه ليس من الوجوه المعروفة في المدينة .. ربما ضيف عابر سبيل أو رجل أعمال من مدينة أخرى .. سلم علينا واستأذن عم الزناتي في أنه يريد أن يستخدم الحمام .بكل رحابة صدر أستقبله عم الزناتي وأنتخب أحد الصغار ليدله .. و واصلنا في لعبنا .. بعد فترة ليست بالقصيرة . خرج الضيف يمسح العرق من جبينه بالمنديل شكر عم الزناتي .. وانطلق بسيارته . نحن عدنا الى اللعب .أو بالأدق لم ننشغل به كثيرا .. وفي اليوم التالي في نفس المواعيد عاد نفس الرجل أستأذن في دخول الحمام .. وكذلك أذن له هذه المرة بدون دليل فهو أصبح يعرف طريقه .. وكذلك في اليوم الثالث حضر .. ودخل .. ومثله في اليوم الرابع .. بل أصبح هذا الشخص يأتيه بصورة راتبة مثل بائع اللبن .وبخطوات مسرعة كأنه لاحق طائرة قبل الإقلاع . في الأيام الأخيرة أصبح يكتفي برفع يده محييا ربما بكلمة واحدة أو حتى بدونها وهو داخل ناحية البيت ثم يخرج شاكرا قائدا عربيته ومنطلقا في طريقه ..
نحن تقريبا تعودنا عليه أو انشغالنا باللعب أفقدنا التركيز عن هويته وسره .. بعدها تغيبت انا يومين أو ثلاثة لا أذكر السبب .. لكن بعد ما عدت سألت بعد ما شاهدت مواعيده قد عدت ولم يأتي .( انتو وين عمنا بتاع الحمام ؟)
ضحك الجميع ونظروا ناحية عم الزناتي وعادوا للعب دون أن يشرحوا لي شيئا ..
عرفت أن عم الزناتي قد حسمه .. لكن ظل الفضول يقتلني لأعرف .. كيف حسمه وما سر ذاك الرجل؟ .. وظل هذا اللغز يحيرني حتى اليوم ..
رحم الله عمنا الزناتي ..
وسأظل مدينا للأصحاب الذين حضروا ذاك الموقف بهذا السر ليتهم يذكرونه .
وأبنائه بالذات الأخ زهير
أنا لا زلت يقتلني ذاك ( الشمار ) المعتق حتى اليوم .

Post: #3
Title: Re: محطة الحجر
Author: درديري كباشي
Date: 06-06-2016, 08:07 AM
Parent: #2

**

Post: #4
Title: Re: محطة الحجر
Author: درديري كباشي
Date: 06-06-2016, 09:53 PM
Parent: #3

الثلج في الحجر
في شهر رمضان تتحول محطة الحجر الى ما يشبه البورصة
حيث يتجمع باعة الثلج أمام مظلة المحطة .
كان مصدر الثلج في البداية هما مصنعين في كسلا
مصنع الراحل حسن الجاك
ومصنع الخواجة خريستو .
في فترىة مبكرة . وتقريبا من بعد تطبيق قوانين سبتمبر في عهد النميري قفل الخواجة مصنعه وغادر البلاد . لأنه إضافة لمصنع الثلج كان لها بارات لبيع الخمور الأفرنجية ..التي تم حظرها وابادتها كما هو معروف .
والثلج كان في صورته المعهودة الألواح الطويلة كما ينتجه المصنع..
لكن بعد تذبذب الكهرباء وبروز ما عرف بالبرمجة والقطوعات .. قل أنتاج المصنع الوحيد .بل أصبح نقريبا محجوزا للكافتريات ..
عليه أبتكر الأهالي طريقة أسهل لصناعة التلج في البيوت .وأصبح تجارة رائجة ودخل إضافي على الأقل يمكن أن تغطي تكلفة فاتورة الكهرباء
بوضع أواني الألمونيوم في الفريزة تحديدا الحلل .. ومن ثم تحول التلج الى الأشكال الدائرية أو الأسطوانات .
تضج المحطة بالباعة والمشترون بعد العصر وقبل المغرب .
وتجد الزحمة والصراخ ونداءات الكبار والأطفال .
قريب المغرب يبدأ باعة الثلج في جمع أوانيهم ومغادرة المحطة ..
ثم تعد بروش الأفطار من الجيران حول المحطة .
ويتجمع الجيران لحظة الإفطار ليحكوا عن سخانة هذا اليوم ..
وربنا يعظم الأجر .

Post: #5
Title: Re: محطة الحجر
Author: معاوية الزبير
Date: 06-06-2016, 10:49 PM

طبعا نوع كتاباتك دي يا درديري بتقعد في الأرشيف حتى يأتي زمن ينظر أهله إليها
كما ننظر نحن الآن إلى كتابات الرحالة الأجانب والمؤرخين عن الأحوال اليومية لمملكة سنار مثلا
الفرق هو أنك لست مؤرخا ولا أجنبي ولا تكتب بغرض خفي في نفسك
ومن هنا يجئ التميز
إلى الأمام يا صديق
ورمضان جميل

Post: #6
Title: Re: محطة الحجر
Author: درديري كباشي
Date: 06-07-2016, 07:31 AM
Parent: #5

Quote: طبعا نوع كتاباتك دي يا درديري بتقعد في الأرشيف حتى يأتي زمن ينظر أهله إليها
كما ننظر نحن الآن إلى كتابات الرحالة الأجانب والمؤرخين عن الأحوال اليومية لمملكة سنار مثلا
الفرق هو أنك لست مؤرخا ولا أجنبي ولا تكتب بغرض خفي في نفسك
ومن هنا يجئ التميز
إلى الأمام يا صديق
ورمضان جميل


شكرا يا صاحبي أيها الرجل الباسق

كل عام وأنتم بخير وتقبل الله


الغريبة يا معاوية أنا نفس نوع الكتابة دي بكتبها محرش مدفوعا من أقارب وأصحاب ..

وهذا لا يعني أنه ما عندي رغبة فيها لكن لأنها ترهق الذاكرة جدا