خاتمة: حنّا ارِند

خاتمة: حنّا ارِند


05-18-2016, 10:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1463605657&rn=75


Post: #1
Title: خاتمة: حنّا ارِند
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-18-2016, 10:07 PM
Parent: #0

10:07 PM May, 19 2016 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-الدوحة
مكتبتى
رابط مختصر إن حنّا أو حَنّة أو هانا هي بالحق نموذج فريد في حياتنا المعاصرة.

Post: #2
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-19-2016, 05:33 AM
Parent: #1


Post: #3
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-19-2016, 05:38 AM
Parent: #2

حنا ارندت في شبابها

Post: #4
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-19-2016, 07:18 AM
Parent: #3

و كأنه إحساس ممض بالذنب مني بدأت أتتبع سيرتها لأتعرف عليها. و منذ تلك اللحظة ‏و أنا اتتبع سيرتها فازداد بها إعجاباً و شغفاً و دهشة. أول ما لفت انتباهي في سيرتها ‏أنها هي عاشت أغرب قصة حب تعيشها إمرأة تقريبا حيث سأرد تفاصيل ذلك لاحقاً.
و ‏ثانيا أنها تعرضت لظروف قاسية من المعاناة و التشريد لكونها يهودية فهربت من ألمانيا ‏لتستقر في أمريكا. ثم تعود لاحقاً لألمانيا. و حتى لا تختلط حياة هذه الفيلسوفة ( هي ‏ترفض نعتها بالفيلسوفة) و تعتبر نفسها ناشطة او مفكرة سياسيةعلى أساس أن الفلسفة ‏تتعاطى مع "الإنسان في صيغة المفرد.
بالرغم من كل ما قاسته من تشريد بسبب كونها ‏يهودية إلا أنها انتقدت دولة اسرائيل و كان لها موقف إنساني تجاه إيخمان الذي اتهم ‏بالمساعدة النازيين في قتل آلاف اليهود و حضرت إلى إسرائيل لتشهد محاكته ليس تشفياً ‏و لكن لتنظر عن قرب كيف يكون من اتهم بقتل الآلاف و لتنظر إلى ملامح الجاني ‏المجرم و تتعرف عن قرب على إجاباته و مبراراته.
و لكنها وجدت فيه كما قالت ليس ‏ذلك المجرم (الذي كانت تتوقعه)و لكنه إنساناُ عادياً.‏
و قد شغلت حنا نفسها تاثرا بماضيها الذي تعرضت فيه للتنكيل و التشريد و السجن ‏وجدت نفسها لا تفكر في الانتقام ممن عذب اليهود و قتلهم و شردهم و لكن ارتفعت إلى ‏مراقي إنسانية اعلى فكرست دراساتها و ابحاثها و كتاباتها عن أسباب العنف و عن ‏أسباب استبداد الدولة( علماً أن الكواكبي قد سبقها في هذا المنحى).‏

Post: #5
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: الأمين عبد الرحمن عيسى
Date: 05-19-2016, 05:49 PM
Parent: #4

محمد عبدالله الحسين إختياراتك في القراءة دائما رفيعة ...
متابعون ..
وفي انتظار باقي السرد..
ولك التحية

Post: #6
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-19-2016, 10:21 PM
Parent: #5

الأستاذ الأمين شكرً على الإشادة
هذا الموضوع كتبته منذ مدة و لم أكتبه بشكل كامل و ذلك على امل ان اكتبه في ‏الراكوبة و بعض المواقع الأخرى. لكني مع المشغوليات لم أكمل كتابة الموضوع بشكل ‏يرضيني. لكن فبالأمس فقط قررت أن انزله في المنبر حتى يشاركني القراء في الغعجاب ‏بهذه الناشطة و المفكرة السياسية التي ضريت مثلاً في المثالية و يقظة الضمير.‏
إن تعليقك هذا اعتبره حافزاً لي لكي اقبِل بمزاج على توضيح الجوانب المشرقة في حياة هذه ‏المرأة. التي أعجبت بها إعجاباً يفوق الحد و تعاطفت معها كثيرا في قصة حبها الغريبة ‏و التي سأوضحها بالتفصيل.‏
أكرر شكري و تقديري و أنت الأستاذ الكبير الذي نتعلم منه صيد الدرر و اللاآليْ.‏

Post: #7
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 05:39 AM
Parent: #6

ملحوظة : يجب التنويه بأنه يدفعني لكتابة هذه السيرة رغبة قوية لتعريف اكبر عدد من ‏قرائنا الأعزاء لذلك سأحاول تغيير محتوى العنوان من حين لآخر ليجد الموضوع التشويق ‏الملائم لجذب انتباه اكبر عدد من المتابعين، ليس لمصلحة ذاتية و لكن لإلقاء الضوء على ‏مثل هذه الرموز النادرة .........................................
.....................علّنا نستلهم الدروس و العبر و المواقف و يقظة الضمير.فليعذرني ‏القراء إذن.
و لكن هناك ملاحظة اود الإشارة إليها قبل أن استمر في سرد قصة حياتها و ‏مواقفها القوية.
و هو أن الجانب السياسي و الظلم و السجن و الإضهاد الذي تعرضت له ‏حنا و الجانب العاطفي لها و المتمثل في عشقها للفيلسوف هيدجر -معلمها و كذلك موقفها من ‏دولة اسرائيل رغم كونها يهودية.
فإن كل هذه الجوانب مرتبطة مع بعضها و يصعب الفصل بينها ‏و لكن لفائدة القاريء ساحاول الفصل بينهما أولاً ثم الربط بينهما في الختام.
و لا أكتمكم ‏سراً لو قلت لكم أنني اعاني في سرد هذه القصة من التشوّش بسبب حيرتي على أي ‏الجوانب يجب أن أركّز في سردي لأنها جميعها مرتبطة مع بعضها. ‏

Post: #8
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 06:58 AM
Parent: #7

مختصر لتاريخ حياتها
ولدت حنة آرنت عام 1906من عائلة يهودية من أصل ألماني. عام و توفيت عام 1975‏
بدأت ارنت لدراسة الفلسفة‎ ‎مع مارتن هايدغر الفيلسوف الوجودي الذي كان في بداية ‏صعوده الفلسفي و الفكري، والذي دخلت معه و هي فتاة يافعة لم تتجوز الثامنة عشر في ‏علاقة رومانسية وعاصفة مع هيدجر ،
و استمرت هذه العلاقة بين الطالبة و الاستاذ في ‏تطورها لعدة سنوات و لكن جاء ظهور النازية الهتلرية ليضع حدا لتلك العلاقة.
حيث أُتّهِم ‏هيدجر بدعم الحزب النازي من خلال منصبه كعميد لجامعة فرايبورغ.
و قد شكل عام 1933 ‏نقطة تحول مركزية في حياة آرندت دفعها إلى الابتعاد عن الفلسفة بمفهومها النظري البحت ‏والتوجه إلى العمل السياسي بشكل عملي.
و هكذا ذهبت حنا إلى أمريكا مبتعدة عن ‏عشيقها الذي ظل متماهياً معالنازية للحد البعيد .حيث شارك كما يقال في تظيف هيئة التدريس ‏في الجامعة من اليهود تمشيّاً مع التوجه النازي في تلك الايام.و قد انكر ذلك لحنة. و لكنها ‏تعرضت للإعتقال و السجن.
وفي صيف عام ‏‎1933 ‎اعتقلت المخابرات النازية حنة أرندت، ‏ثم أطلقت سراحها فيما بعد. ثم نجحت بعد ذلك في الهروب من براثن النازية إلى باريس ثم ‏إلى نيويورك، و انقطعت صلتها بهيدجر لفترة تصل إلى 25 عاماً( لاحظ طول الفترة).
و ‏لكن الغريب أن جذوة الحب لم تمت طيلة تلك الفترة الطويلة حيث نرى أن العلاقة ‏الرومانسية بينهما ستبدأ من جديد بعد إندحار النازية و عودة إلى مارتن هيدجر من جديد.‏

Post: #9
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 07:54 AM
Parent: #8

و في المنفى في امريكا وضعت أرنت كل طاقتها وموهبتها في خدمة المنظمات اليهودية ‏العاملة في نيويورك،
التي أخذت على عاتقها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من يهود أوروبا والعمل ‏على إقامة وطن لليهود على أرض فلسطين التاريخية.
لكنها انفصلت عن هذه المنظمات ‏لاحقاً، و بالرغم من كل ما قاسته من تشريد بسبب كونها يهودية إلا أنها انتقدت في النهاية ‏دولة اسرائيل...خاصة بعد محاكمتها الألماني إيخمان بتهمة المشاركة في سجن و قتل ‏اليهود خلال فترة النازية.
و كان لها موقف مشرّف في التعليق على محاكمته بما رأته ‏إسرائيل ضد توجهات الدولة الصهيونية.
و إن شاء الله سأورد في بوست منفصل موضوع ‏محاكمة إيخمان التي جذبت انظار العالم إبتداء من محاولة إختفائة لمدة تربو على العشرين ‏عاما في الأرجنتين و حتى اكتشاف مخبئه بواسطة الموساد الإسرائيلي و خطفه الذي أساء ‏للعلاقات الإسرائيلية الأرجنتيتية.‏
‏ و كذلك خطبته الختامية الشهيرة التي كال فيها الشتائم و الانتقاد لليهود من خلال ‏المحكمة و التي خدع فيها الإسرائيليين و قال خطبته الشهيرة التي سمعها كل العالم. ‏

Post: #10
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 05-20-2016, 10:57 AM
Parent: #9

أسمح لي يا محمد عبد الله من فضلك بجلب كتابات طاهر عمر عن حنا ارنت..
التحيات لك و لضيوفك الكرام مع هذه المرأة الإنسانية
Quote: حنا أرنت: جاذبية الشيوعية والنازية والإنقاذ تكمن في أيدولوجيتها الشمولية البغيضة... بقلم: طاهر عمر
أجمل ما في فكر حنا أرنت هو مقدرتها في تتبع البربرية، وتمظهرها على المسرح الإنساني. فمهما تخفت البربرية في خطاباتها البراقة، فحنا أرنت قادرة على كشفها وتوضحيها. في عملها الجبار، أصل النظم الشمولية، تغوص حنا أرنت عميقا لتعرف جذور الشمولية البغيضة في الفكر الماركسي. فالماركسية في سبيل تحقيق فكرة إنسجام التاريخ، يصبح الإنسان وسيلة، ويمكن التضحية به في سبيل إنتهاء الصراع الطبقي!
لذلك لم تتردد حنا أرنت في وصف النازية، والشيوعية بأنها نظم شمولية كانت تمثل سياسة الشر، ولا تشبه فلسفة منتسكيو. فالشيوعية والنازية كنظم شمولية، تحمل في أعشاءها الرعب والدمار الأبدي. فما الشيوعية والنازية كنظم شمولية إلا تمظهر الظلم، والقهر الذي ينام في تاريخ الإنسان منذ فجر الحياة، وقد تبدى في صورة الشيوعية، والنازية كنظم شمولية تستخدم العنف والرعب من أجل البقاء وإستلام السلطة. ففي نظر حنا أرنت، إن الرعب والعنف ليس وسيلة بقدرما إنه روح، وجوهر النظم الشمولية كالشيوعية، والنازية.
عند حنا أرنت أن جاذبية النظم الشمولية تكمن في أيدولوجياتها. كما تصور الماركسية أن الصراع عبر التاريخ صراع طبقي. أو كما تصور النازية أن الصراع عبر التاريخ صراع بين الأعراق. أنظر نظام الإنقاذ في إستخدامه لخطاب ديني منغلق قد أصبح نظام شمولي يقوم على فكرة الفرز المقدس، وفكرة الهوية بجناحيها العرق والدين. ألم تلتق الإنقاذ مع النازية في فكرة صراع الأعراق، في جعل الناس في السودان مشغولة بفكرة الهوية؟
نعم! فإنشغال أهل السودان بفكرة الهوية بدلا من الإنشغال بفكرة الحرية في زمان قد أصبحت فيه الحداثة ماضي روحي للإنسانية الحالية أمر عجيب. وأن العقل البشري قد أصبح اليوم واحدا. فالإنسانية اليوم تشغل كاهلها الحرية، وليست الهوية. و على التحقيق فإن نظام الإنقاذ لا يختلف عن النازية والشيوعية كنظام شمولي ضد الحرية الإنسانية.
وللنظم الشمولية صفات تشترك فيها. ومن أبرز صفاتها كما توضح حنا أرنت, نظام المعسكرات من أجل الإبادة مثلما مارست النازية القتل و التعذيب في معسكرات جمعت فيها اليهود، والغجر، والمعاقين. فالنظم الشمولية كأنها تمارس قانون الطبيعة، المتمثل في الحروب التي تؤدي الى قتل البشر، كما فعلت الشيوعية في أرخبيل الغولاق، والنازية في معسكرات ومخيمات التعذيب للأبرياء. أما الإنقاذ فإشتراكها مع النازية، والفاشية في معسكرات القتل، ومخيمات التعذيب، يتضح في مخيمات لا تذكر الإنسانية إلا بمخيمات النازية، والشيوعية. فحالة مخيمات أهل دار فور، وحالة أهل جبال النوبة، وقد أرجعتهم حكومة الإنقاذ الى الحياة في الكهوف. ولا يختلف الحال ومستوى معيشة أهل النيل الأزرق عن حياة المعسكرات في شئ.
حنا أرنت تؤكد أن ماركس لم يك صديق للحرية الأنسانية. وأن أفكار ماركس تلغي كل المتعارف عليه في إن الحوار يكون بين المختلفين المتساوين. لذلك إن النازية والشيوعية نابعة من عمق التاريخ الأوروبي، وهي تعكس تحول البربرية في صورها المختلفة عبر التاريخ. وإن جذور الفكر الشمولي في الشيوعية والنازية ينحدر من التاريخ الأوروبي البعيد، منذ أيام إفلاطون وكرهه لمشاركة الشعب المتباين لقيم الديمقراطية، فكان إفلاطون يكره الحوار بين المتباينين المختلفين.لذلك يعتبر إفلاطون الأب الشرعي للنظم الشمولية النابعة من التاريخ الأوروبي البعيد كتحولات عبر التاريخ للبربرية في صورها المختلفة، وفي عصرنا الحالي قد تجسدت في الشيوعية والنازية.
ربما تكون حنا أرنت تأثرت بأفكار عشيقها الفيلسوف مارتن هيدغر في نقده لفلسفة إفلاطون، وإنحرافها في محاربة فكرة الحرية في التاريخ الأوروبي، وبالتالي إنعكست في محاربة أوروبا للحرية عبر بربرية الشيوعية والنازية. فكما فكر مارتن هيدغر في إعادة إنحراف الفلسفة منذ أيام إفلاطون، ومحاولته إعادتها لمسارها الصحيح، كذلك تري حنا أرنت أن السياسة قد إنحرفت منذ أيام أفكار إفلاطون، كما تعتبر أفكار إفلاطون معادية للحرية الإنسانية. لذلك يعتبر فكر إفلاطون منبع الفكر للنظم الشمولية كالنازية والشيوعية. يمكن القول كذلك إن تجذر الفكر الشمولي في أفكار ماركس، منحدر من تاريخ الفلسفة الأوروبية منذ أزمان سحيقة.
الغريب أن عالم الإجتماع العراقي علي الوردي، في العالم العربي، يرجح معاداة العقل العربي والإسلامي للحرية نابع من سيطرة أفكار أرسطو، وإفلاطون على العقل العربي والإسلامي. لذلك كان تاريخ العالم العربي، والإسلامي ملئ بالنظم الإستبدادية. فعلي الوردي قد خاصمه الشيوعيون والقوميون والإسلاميون حينما دعا لنظام ليبرالي يحترم الحريات.إن علي الوردي قد حاول محاربة عقل وعاظ السلاطين في العالم العربي. وقد نسب عقل وعاظ السلاطين الى سيطرة الفكر الأرسطوإفلاطوني على العقل العربي والإسلامي. وإذا نظرنا في خارطة الفكر السوداني، نجد أن الفكر الأرسطوإفلاطوني، فكر وعاظ السلاطين، مسيطر على الساحة في فكر الإمام الصادق المهدي، وحسن الترابي، والدكتور عبد الله الطيب وتلاميذه. لا يخرج من هذه المنظومة إلا الأستاذ محمود محمد طه بمنهجه الإستقرائي.
حنا أرنت في محاربة بربرية النظم الشمولية، من شيوعية، ونازية، ترى أن الإجتماع والسياسة يجب تنمية صناعتها في محاربة كل ماهو طبيعي تدميري، يظهر بربرية النظم الشمولية. فاضمحلال الدولة الوطنية، أدى لظهور النظم الشمولية التي تقوم بدور التدمير التي تقوم به عوامل الطبيعة. لذلك في نظر حنا أرنت، تري أن السياسة، والإجتماع، يجب أن تصنع صناعة من قبل المجتمع ضد كل النظم الشمولية، وضد كل فكرلم يتصالح مع فكرة الحرية الإنسانية.
كراهية كل من إفلاطون وماركس في أن يتمتع الجماهير بالحرية، هو سبب إنبلاج النظم الشمولية. لذلك إن عداء ماركس للحرية، ينبع من الفكر الإفلاطوني. إفلاطون هو الأب الشرعي للنازية والشيوعية. فمثلا في النازية هنالك فكرة الإشتراكية الوطنية. وفي إشتراكية ماركس فكرة إنتهاء الصراع الطبقي. في الشيوعية والنازية تتضح مقولة تتمحور حولها الشيوعية، وهي أن العنف قابلة التاريخ! أو قل أن العنف داية التاريخ. لذلك كانت معسكرات النازية، ومخيمات الشيوعية، في تجسيد التعذيب، والقتل، قد مثلت أقبح، وأبشع وجه لفكر النظم الشمولية.
أما الإنقاذ وإيمانها بأن العنف هو داية التاريخ، فقد تجسد في بيوت الأشباح، ومعسكرات القتل، والتعذيب لأهل دار فور، وإرجاع النوبة في الجبال لحياة الكهوف.،كما جعلت الحياة جحيم لأهل النيل الأزرق. وحتى لأتباع الإنقاذ، فقد جعلت من الإنسان وسيلة، لا غاية, في تشجيع أتباعها على الموت في فكرة عرس الشهيد. فالإنقاذ لا تختلف عن الشيوعية، والنازية، في أن الإنسان عندها وسيلة وليس بغاية. وعندها أن العن هو داية التاريخ كما كانت تعتقد الشيوعية وتجعل من الإنسان وسيلة لا غاية.

Post: #101
Title: Re: حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و الت�
Author: Sinnary
Date: 07-05-2016, 05:48 AM
Parent: #2

.

Post: #11
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 05-20-2016, 03:45 PM
Parent: #1



تحياتي لمحمد والذين معه ..
قد تكون هذه المقدمة لمترجم ارخبيل غولاغ ذات صلة بالموضوع ..
اتمنى ان انجح في تحميلها..

21.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


Post: #12
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 05-20-2016, 04:06 PM
Parent: #11



12-12.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



13-13.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



23.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


24.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


25.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


26.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


Post: #13
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 05-20-2016, 04:10 PM
Parent: #1



موقع لتحميل الكتاب/الرواية
http://ketab4pdf.blogspot.qa/2014/11/PDF-BOOK-GulagArchipelago-Alexander-books.htmlhttp://ketab4pdf.blogspot.qa/2014/11/PDF-BOOK-GulagArchipelago-Alexander-books.html

واقتبس عنه ..

Quote: إن السؤال الذي يطرح نفسه، إنما يتصل بحجم وتوقيت الحملة التعبوية على الثورة الروسية تحت عباءة "الغولاغ" والدكتاتورية "الستالينية" في ظل الظروف الصعبة والمأساوية التي كانت تعيشها البلاد. إن المنحى العام الذي سارت فيه الأمور، يبتسم بطابع الحقد والتجني على التجربة السوفييتية، ووصمها تاريخياً، وهي بالتالي انتصار للرأسمالية، ودعاية مجانية لفكر العولمة، وانتصار لا أخلاقي لأحلام الإمبراطورية الأمريكية غير المتوجة، والتي تمارس أبشع الجرائم الإنسانية على مر العصور، وصورتها في العراق وأفغانستان وفلسطين.. وغيرها ماثلة أمامنا الآن، معززو بجرائم سجون غونتنامو وأبو غريب، وفضائح السجون السرية. كل هذا لا يجري في مطلع ومنتصف القرن العشرين، كأحداث ما ورد في الكتاب، بل في مطلع القرن الواحد والعشرين، وبعد إطلاق شرعة حقوق الإنسان.

Post: #14
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 07:52 PM
Parent: #13

الشكر موصول للأخ عمر عبدالله و كذلك للأخ محمد حيدر المشرف لإضافاتهم القيّمة.
و نواصل

Post: #15
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 05-20-2016, 08:53 PM
Parent: #1



معليش يا محمد .. مسألة ارخبيل غولاغ دي جات عرضا وكان لابد من الاشارة نحوها .. عذري أن للموضوع صلة - ولو بعيدة بعض الشيء- بسيرة حنا أرندت يا صديقي ..

Post: #16
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 09:05 PM
Parent: #15

الأخ محمد ما مشكلة لأنه البوست بوست تعريفي و تثقيفي و الموضوع لع علاقة بالشمولية و الديكتاتورية .
و كما يقال الشيء بالشيء يذكر.
و لك الشكر على المبادرة و المشاركة و ذكرك الله فيمن عنده إن شاء الله.

Post: #17
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-20-2016, 10:13 PM
Parent: #16

العلاقة العاطفية لحنة ارندت و هيدجر:‏
هي ليست علاقة عاطفية عادية و إلا لما وجدت كل هذا الإهتمام.و لكنها أولاً بين شابة ‏صغيرة أو فتاة عمرها 18 عام مع أستاذها اللامع الذي يربو عمره على الخامسة و ‏الثلاثين. ‏
كما ان هذه العلاقة ظلت مستمرة بالرغم من تماهيه مع النازية التي كانت موجهة سهامها ‏ضد اليهود التي تنتمي إليهم.‏
‏ و لكن ذلك لم يجعلها تبتعد عنه نهائياً. ‏
و من ثم تم سجنها و هاجرت إلى امريكا,‏
‏ و ظلت هناك لمدة 17 عام و لم لكنها تنسى حبيبها . ‏
و بعد زوال النازية تعود العلاقة من جديد غلى زخمها. و تظل كذلك إلى ان تحفل به بعيد ‏ميلاده الثمانين مؤكدة تاثيره فيها. و ظلت مقيمة على حبه إلى أن توفاها القدر قبله عام ‏‏1975، بعد علاقة عمرها نصف قرن لم يساوم خلالها على التخلي عن زوجته لحساب ‏حبيبته.كما لم تتخلى هي عن عشقها لهيدجر بالرغم من زواجها هي و بالرغم من كراهية ‏زوجة هيدجر لها و غيرتها منها.‏

Post: #18
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-21-2016, 05:16 AM
Parent: #17

[موجز تعريفي عن مارتن هيدجر:‏
مارتن هايدجر ، مفكر ألماني مشهور،كما كان استاذا جامعيا و فيلسوفاً‎. ‎وجه اهتمامه ‏الفلسفي إلى مشكلات الوجود والتقنية والحرية والحقيقة وغيرها من المسائل.‏من أبرز مؤلفاته‎: ‎ا
لوجود والزمان( و هو من أهم مؤلفاته) ‏‎ ‎؛ دروب مُوصَدة‎ ‎؛ ما الذي ‏يُسَمَّى فكراً‎ ‎؛ المفاهيم الأساسية في الميتافيزيقا؛ نداء الحقيقة؛ في ماهية الحرية ‏الإنسانية‎ ‎؛ و كتابه عن نيتشه‎.
‎تميز هايدغر بتأثيره الكبير على المدارس الفلسفية في القرن العشرين ومن أهمها ‏الوجودية، التأويليات، ‏‎,‎التفكيكية، ما بعد الحداثة‎. ‎من أهم إنجازاته كما يقال: أنه أبعد الفلسفة الغربية بعيداً عن الأسئلة الميتافيزيقية ‏واللاهوتية والأسئلة المتعلقة بالمعرفة، ليطرح عوضاً عنها أسئلة نظرية الوجود.‏‎ ‎

Post: #19
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-21-2016, 05:30 AM
Parent: #18

ليسمح لي القراء و المتابعون بأن أنزل ملخص وجدته يقدم إحاطة شاملة عن الجانب العاطفي لحنة ارندت/ ارنت يتضمن سرد لتاريخها و للكتاب الذي يتضمن الرسائل المتواترة بينها و بين هيدجر:
فإلى المقال بقلم شاكر نوري:
حنا ارندت: نموذج إنساني فريد في الحب و التضحية و الإنسانية و نكران الذات:‏
تعرفت على هذه الشخصية العظيمة المفكرة و الفيلسوفة و العاشقة و الإنسانة حنا ‏ارندت ‏Hana Arnedt‏ صدفة من خلال تصفحي للنت فطالعت عيناي عنوان أحد ‏المواقع ليصفها ب: فيلسوفة الحب و الحق و هي الصفات التي قل أن تجتمع في شخص ‏واحد حسب خبرتنا الحياتية و الإنسانية. كما ان سماعي لها لاول مرة كان بالنسبة لي ‏مفاجأة لأني كنت أظن نفسي أعرف أو على الاقل سمعت بمعظم المفكرين و الفلاسفة ‏فكيف تسربت حنا او حنة او هانا كما تكتب بأي و بكل من هذه الأساليب. ‏
و كأنه إحساس ممض بالذنب مني بدأت أتتبع سيرتها لأتعرف عليها. و منذ تلك اللحظة ‏و أنا اتتبع سيرتها فازداد بها إعجاباً و شغفاً و دهشة. أول ما لفت انتباهي في سيرتها ‏أنها هي عاشت أغرب قصة حب تعيشها إمرأة تقريبا حيث سأرد تفاصيل ذلك لاحقاً. ‏
ملحوظة : يجب التنويه بأنه يدفعني لكتابة هذه السيرة رغبة قوية لتعريف اكبر عدد من ‏قرائنا الأعزاء لذلك سأحاول تغيير محتوى العنوان من حين لآخر ليجد الموضوع التشويق ‏الملائم لجذب انتباه اكبر عدد من المتابعين، ليس لمصلحة ذاتية و لكن لإلقاء الضوء ‏على مثل هذه الرموز النادرة علّنا نستلهم الدروس و العبر و المواقف و يقظة ‏الضمير.فليعذرني القراء. و لكن هناك ملاحظة اود الإشارة إليها قبل أن استمر في سرد ‏قصة حياتها و مواقفها القوية. و هي أن الجانب السياسي و الظلم و السجن و الإضهاد ‏الذي تعرضت له حنا و الجانب العاطفي المتمثل في عشقها للفيلسوف هيدجر معلمها و ‏كذلك موقفها من دولة اسرائيل رغم كونها يهودية كل هذه الجوانب مرتبطة مع بعضها و ‏يصعب الفصل بينها و لكن لفائدة القاريء ساحاول الفصل بينهما أولاً ثم الربط بينهما ‏في الختام. و لا أكتمكم سراً لو قلت لكم أنني اعاني في سرد هذه القصة من التشوّش ‏بسبب حيرتي على أي الجوانب يجب أن أركّز في سردي لأنها جميعها مرتبطة مع ‏بعضها. ‏
مختصر لتاريخ حياتها
ولدت حنة آرنت عام 1906من عائلة يهودية من أصل ألماني. عام و توفيت عام ‏‏1975‏
بدأت ارنت لدراسة الفلسفة‎ ‎مع مارتن هايدغر الفيلسوف الوجودي الذي كان في بداية ‏صعوده الفلسفي و الفكري، والذي دخلت معه و هي فتاة يافعة لم تتجوز الثامنة عشر ‏في علاقة رومانسية وعاصفة مع هيدجر ، و استمرت هذه العلاقة بين الطالبة و الاستاذ ‏في تطورها لعدة سنوات و لكن جاء ظهور النازية الهتلرية ليضع حدا لتلك العلاقة. أتهم ‏هيدجر بدعم الحزب النازي من خلال منصبه كعميد لجامعة فرايبورغ شكل عام 1933 ‏نقطة تحول مركزية في حياة آرندت دفعها إلى الابتعاد عن الفلسفة بمفهومها النظري ‏البحت والتوجه إلى العمل السياسي بشكل عملي. و هكذا ذهبت حنا إلى أمريكا مبتعدة ‏عن عشيقها الذي ظل متمكاهياً مه النازية للحد البعيد فشارك كما يقال في تظيف هيئة ‏التدريس في الجامعة من اليهود تمشيّاً مع التوجه النازي في تلك الايام.و قد انكر ذلك ‏لحنة. و لكنها تعرضت للغعتقال و السجن. وفي صيف عام ‏‎1933 ‎اعتقلت المخابرات ‏النازية حنة أرندت، ثم أطلقت سراحها فيما بعد. ثم نجحت بعد ذلك في الهروب من براثن ‏النازية إلى باريس ثم إلى نيويورك، و انقطعت صلتها بهيدجر لفترة تصل إلى 25 عاماً( ‏لاحظ طول الفترة) و لكن الغريب أن جذوة الحب لم تمت طيلة تلك الفترة الطويلة حيث ‏نرى أن العلاقة الرومانسية بينهما ستبدأ من جديد بعد إندحار النازية و عودة إلى مارتن ‏هيدجر من جديد.‏
و في المنفى في امريكا وضعت أرنت كل طاقتها وموهبتها في خدمة المنظمات اليهودية ‏العاملة في نيويورك، التي أخذت على عاتقها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من يهود أوروبا ‏والعمل على إقامة وطن لليهود على أرض فلسطين التاريخية. لكنها انفصلت عن هذه ‏المنظمات لاحقاً، و بالرغم من كل ما قاسته من تشريد بسبب كونها يهودية إلا أنها ‏انتقدت في النهاية دولة اسرائيل...خاصة بعد محاكمتها الألماني إيخمان بتهمة المشاركة ‏في سجن و قتل اليهود خلال فترة النازية. و كان لها موقف مشرّف في التعليق على ‏محاكمته بما رأته إسرائيل ضد توجهات الدولة الصهيونية.و إن شاء الله سأورد في ‏بوست منفصل موضوع محاكمة إيخمان التي جذبت انظار العالم إبتداء من محاولة ‏إختفائة لمدة تربو على العشرين عاما في الأرجنتين و حتى اكتشاف مخبئه بواسطة ‏الموساد الإسرائيلي و خطفه الذي أساء للعلاقات الإسرائيلية الأرجنتيتية.‏
‏ و كذلك خطبته الختامية الشهيرة التي كال فيها الشتائم و الانتقاد لليهود من خلال ‏المحكمة و التي خدع فيها الإسرائيليين و قال خطبته الشهيرة التي سمعها كل العالم. ‏
http://www.al-mowaten.com/news/2964‎‏http://www.al-mowaten.com/news/2964‎‏ مارتن هيدجر
ا تعرضت حَنّة/حنّا أنها تعرضت لظروف قاسية من المعاناة و التشريد لكونها يهودية ‏فهربت من ألمانيا لتستقر في أمريكا. ثم تعود لاحقاً لألمانيا. و حتى لا تختلط حياة هذه ‏الفيلسوفة ( هي ترفض نعتها بالفيلسوفة) و تعتبر نفسها ناشطة او مفكرة سياسيةعلى أساس ‏أن الفلسفة تتعاطى مع "الإنسان في صيغة المفرد. كان لها موقف إنساني تجاه إيخمان ‏الذي اتهم بالمساعدة النازيين في قتل آلاف اليهود و حضرت إلى إسرائيل لتشهد محاكته ‏ليس تشفياً و لكن لتنظر عن قرب كيف يكون من اتهم بقتل الآلاف و لتنظر إلى ملامح ‏الجاني المجرم و تتعرف عن قرب على إجاباته و مبراراته.و لكنها وجدت فيه كما قالت ‏ليس ذلك المجرم و لكنه إنساناُ عادياً.‏
و قد شغلت حنا نفسها تاثرا بماضيها الذي تعرضت فيه للتنكيل و التشريد و السجن وجدت ‏نفسها لا تفكر في الانتقام ممن عذب اليهود و قتلهم و شردهم و لكن ارتفعت إلى مراقي ‏إنسانية اعلى فكرست دراساتها و ابحاثها و كتاباتها عن أسباب العنف و عن أسباب ‏استبداد الدولة( علماً أن الكواكبي قد سبقها في هذا المنحى).‏
الجانب الإنساني و العاطفي الآخر و الغريب في حياتها و الذي وجد كثير من اهتمام ‏القراء و المعلقين و المتابعين لربما مثله مثل الاهتمام بحياتها الفكرية. هي علاقتها الغريبة ‏مع الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر. فحين تعرفت على هيدجر كان عمرها سنة و ‏عمره هو سنة. و تعلقت به و هو المتزوج.و كان حبهما سرا إلى انكشف لزوجته التي ‏بادلتها العداء أولا ثم تفهمت الوضع. من ناحية اخرى كان مارتن هيدجر على علاقات ‏متعددة مع أكثر من فتاة. لكنه لم يساوم على ترك زوجته.و استمرت هذه العلاقة إلى أن ‏ظهرت النازية بوجها الكئيب لتسلم زمام السلطة في ألمانيا و يشارك الحبيب(مارتن هيدجر) ‏الجنون النازي في معادة و تشريد اليهود و فصلهم من الجامعة. فلم يكن أما حنا ارندت بد ‏من الهروب فهربت و تركت ألمانيا و تركت الحبيب الذي لم يساوم للمرة الثانية على ‏توجهاته النازية لمعادة اليهود.و الغريب أنهما التقيا مرة أخرى بعد مرور عاما في عام ‏بعد عودتها لأمانيا بعد هزيمة النازية و استمرت في إعجابها و ميلها لمارتن هيدجر حتى ‏بعد ان تزوجت و استمر إعجابها غلى انها احتفلت بعيد ميلاده الثمانين.و لسوء الحظ ‏توفيت هي قبله في عام 1975.‏
فهذه الشخصية تتراوح رد فعل من يقرأ سيرتها من الدهشة لهذا الميل العاطفي الغريب و ‏الذي استمر سنوات عديدة برغم عدم تضحية الحبيب العاشق في مقابل التضحيات الكبيرة ‏التي قدمتها هي. فيتراوح رد الفعل جاهها بمزيج من العطف و الرثاء و التقدير لتضحياتها ‏و لإخلاصها . أما من الناحية السياسية و الفكرية فمواقفها الفكرية و الإنسانية تدعو ‏للإعجاب و التقدير حيث وظفت ما تعرضت له و شاهدته من احداث مؤسفة تجاه بني ‏جلدتها من اليهود من سجن و قتل و تهجير إلى النظر إلى مكامن القسوة و بواعث ‏التعذيب و التسلط في منظوره الجمعي المتمثل في السلطة و ليس في مستواه الفردي و ‏ترفعت على احزانها و تضحياتها و معاناته الشخصية و على الأحقاد لتضرب المثل مرة ‏اخرى في نكران الذات و التضحية.فهي بذلك تمثّل نموذجاً بشريأ فريداً من حيث الإلتزام ‏الإنساني و نبذ العنف و التسلط و الاستبداد دون ان يجرها ذلك للأحقاد و التشفي. عام ‏‏1933 اعتقلت المخابرات النازية حنة أرندت، ثم أطلقت سراحها فيما بعد
أصول الشمولية‎"‎
كتاب «أيخمان في القدس» وكان أدولف أيخمان هو المسؤول عن ترحيل وإعدام اليهود في ‏ألمانيا النازية وكان العنوان الفرعي للكتاب«تقرير عن عادية الشر» هو الذي جلب عليها ‏طوفاناً من النقد والهجوم والحملات الصهيونية حيث أبرز إيخمان موظفاً بورجوازياً تافها، ‏وليس سادياً أوشاذاً كما حاول الادعاء الإسرائيلي أن يصوره، بل شخصاً عادياً تماماً، ‏ومرعباً في عاديته‎. ‎لم تر أرنت في أيخمان تجسيداً للشر، بل أدركت أن الكارثة تكمن في ‏قدرة النظم الشمولية على تحويل البشر إلى محض «منفذين» و«تروس» في الآلة الإدارية ‏‏– أي تجريدهم من إنسانيتهم‎.‎
العلاقة العاطفية لحنة ارندت و هيدجر:‏
هي ليست علاقة عاطفية عادية و إلا لما وجدت كل هذا الإهتمام.و لكنها أولاً بين شابة ‏صغيرة أو فتاة عمرها 18 عام مع أستاذها اللامع الذي يربو عمره على الخامسة و ‏الثلاثين. ‏
كما ان هذه العلاقة ظلت مستمرة بالرغم من تماهيه مع النازية التي كانت موجهة ‏سهامها ضد اليهود التي تنتمي إليهم.‏
‏ و لكن ذلك لم يجعلها تبتعد عنه نهائياً. ‏
و من ثم تم سجنها و هاجرت إلى امريكا,‏
‏ و ظلت هناك لمدة 17 عام و لم لكنها تنسى حبيبها . ‏
و بعد زوال النازية تعود العلاقة من جديد غلى زخمها. و تظل كذلك إلى ان تحفل به بعيد ‏ميلاده الثمانين مؤكدة تاثيره فيها. و ظلت مقيمة على حبه إلى أن توفاها القدر قبله عام ‏‏1975، بعد علاقة عمرها نصف قرن لم يساوم خلالها على التخلي عن زوجته لحساب ‏حبيبته.كما لم تتخلى هي عن عشقها لهيدجر بالرغم من زواجها هي و بالرغم من كراهية ‏زوجة هيدجر لها و غيرتها منها.‏
عند الاطلاع على أرشيف الفيلسوف الألماني الشهير مارتن هايدغر، على قوة العلاقات ‏العاطفية التي كانت تربطه بالفيلسوفة الألمانية حنا أرندت ما بين عام 1925 و1930. ‏ولعل أمر هذا الحب ظل غامضا بل ليس معروفا إلى حين تم نشر مراسلاتهما بين ‏الأعوام ورسائلهما المتبادلة للمرة الأولى في عام 1998‏‎.‎
وهي تمتد بين سنوات 1925 و1975. دار نشر غاليمار قامت بنشر نسخة من كتاب ‏المراسلات، مصحوبا بـ 170 وثيقة، من القصائد والنصوص وبطاقات التذاكر وغيرها مما ‏يخص العاشقين. ومراسلات حنا أرندت عديدة منها مع زوجها هاينيريش بلوشير، وكارل ‏غاسبار، وماري ماكارثي، وكورت بلومينفيلد، وهيرمان بروش إلا أن مراسلاتها مع مارتن ‏هايدغر تتميز بأنها تعكس أجواء التاريخ الثقافي للقرن العشرين. ظل الغموض يلف هذه ‏المراسلات حيث كانت أرندت تحتفظ بنسخة من هذه المراسلات في غالبيتها. والسؤال ‏المطروح هنا: هل عمدت إلى إخفاء رسائلها أو أضاعتها ؟ كانت مراسلات هايدغر تتميز ‏بالصبغة الإرشادية في تطور علاقتهما العاطفية في مدينة ماربورغ أولا، وثمة مسافة ‏مفروضة عليه كما يبدو بحيث كان يطلب من آردنت أن تبتعد وتذهب إلى مدينة ‏هايدلبيرغ من أجل الحفاظ على علاقتهما‎.‎
كانت الرسائل الأولى تتميز بالروح الحيادية لأنه كان يخاطبها بالشكل التالي: «عزيزتي ‏الآنسة أرندت». ولكن الرسالة كانت تحمل توقيع: مارتن هايدغر الذي لك ـ 10 شباط ‏‏(فبراير 1925. وسرعان ما تغّير إيقاع المخاطبة في الرسالة المؤرخة في 21 من ‏الشهر ذاته لتصبح‎: «‎عزيزتي حنا» و«مارتن الذي لك».وفي 27 من الشهر ذاته، كتب ‏لها قائلا ‏‎«‎الشيطان...... في داخلي»وتجيبه آردنت بنص عنوانه «ظلال»، وهو يتعلق ‏بسيرتها الذاتية، وتشرح له ضجرها ومخاوفها الطفولية. وكان كل واحد من العشيقين يبذل ‏جهودا من أجل التعبير عن تاريخ حياته. هايدغر متزوج أرندت تعيش في غرفة الخدم ‏أي غرفة «فوق السطوح» التي يعيش فيها الطلبة. وكانا يلتقيان في الحدائق والفنادق، ‏وتميز هذا الشغف بطبيعة فلسفية حيث تختلط أحاديث القلب بأحاديث الفلسفة ‏وبالحوارات الطويلة التي تربط بينهما ومشاغلها حول عملهما الفلسفي‎.‎
كتاب هايدغر الشهير «الوجود والزمن‎» ‎صدر في عام 1927 وآردنت تعيش مباشرة ‏الفلسفة التي تعلمتها من هايدغر. ففي ابريل من عام 1925، يتهّيج هايدغر ويتصل ‏بأرندت ويناديها ب«محبوبتي» ويتمنى لها ليلة هانئة ويوقع رسائله «مارتن الذي لك». ‏وفي 13 من شهر أيار يكتب لها قائلا «أشكرك على حبك». وفي 14 من شهر يونيو، ‏تستلم أرندت رسالة منه يقول فيها «لا شيء يفصل بيني وبينك». وفي تاريخ 26، يدشن ‏العاشقان طريقة جديدة من المراسلات ويبدأ بدعوتها إلى مواعيد محددة، قائلا لها «أطلب ‏منك المجيء لرؤيتي في 28 يونيو الأحد بعد الساعة التاسعة... ألف قبلة‎».‎
وهكذا في ال17 من يوليو كتب لها «هل تريدين المجيء لرؤيتي مساء هذا الأحد... 19 ‏يوليو... سأكون متمتعا للغاية في ساعات اللقاء هذه». وفي ال18أكتوبر يبعث إليها ‏برسالة عنوانها «قبلة الحب». وفي ال10 من ديسمبر يكتب لها قائلا «يا محبوبتي، ‏تعالي، أتوسل إليك، غدا الجمعة، نحو الساعة الثامنة والربع مساء للالتحاق بي على ‏مقعد حديقتنا... وسأكون سعيدا مسبقا». وعلى الرغم من الكيلومترات التي تفصل بينهما، ‏يكتب لها هايدغر بأنه «بأنني أعيش في حاضرك على الدوام». وفي إحدى الرسائل ‏النادرة التي تكتبها له آردنت في مراسلاتهما، تقول له «أقبل جبهتك وعينيك... حنا التي ‏لك‎».‎
وفي هذه المرحلة يعيش العاشقان أوج حبهما بل وأن آردنت كانت تعتقد بأنها امرأة ‏حياته، وهي كذلك. لكنها لم تطلب من الفيلسوف هايدغر أن يطلق زوجته الشرعية بل ‏كانت تحلم أن يأخذ المبادرة في هذا الشأن‎.‎
وهذا ما لم يتحقق. ولكن هناك عددا من أصدقاء أرندت دون أن يعرفوا علاقاتهما، ‏يحذرونها من مشاعر هايدغر المعادية للسامية لأن أرندت كانت تنتمي إلى الديانة ‏اليهودية‎. ‎علاقتهما استمرت حتى عام 1933، وهي ترى هايدغر ينتمي إلى الحزب ‏النازي‎. ‎وهذا ما أصابها بجرح روحي، نتيجة الكراهية التي تولدت في قلب الفيلسوف إلا ‏أنها ظلت متعلقة به‎.‎
من المؤكد أنها تبقى تلتقي بهايدغر في عام 1933 الذي ظل عضوا في الحزب النازي ‏حتى النهاية فيما تغادر هي ألمانيا وتعيش المنفى في باريس حيث تبقى حتى عام ‏‏1941 قبل أن ترحل إلى الولايات المتحدة‎. ‎ومما شك به، إنها تعرف جيدا «خطاب عمدة ‏الجامعة» حيث كان هايدغر يدرس في جامعة فريبورغ حيث يوضح فيه علاقته بالحزب ‏القومي الاشتراكي أي النازي‎. ‎وكانت على علم بأن هايدغر لن يحضر تشييع أستاذها ‏أدموند هوسريل الذي كان يهوديا‎.‎
في سنوات 1936 و1937، كانت زوجة هايدغر، ألفريد، هي الأخرى تنتمي إلى حزب ‏هتلر لكنه أخذ يبتعد عن النازية ويكرس حياته للفلسفة. وعندما فك ارتباطه بالنازية، تم ‏حرمانه من التدريس في الجامعة طيلة خمسة أعوام‎. ‎وأثناء زيارة آردنت في عام 1950 ‏إلى ألمانيا، قامت بزيارته، ويصبحان صديقين من جديد كما تكشف مراسلاتهما ‏المنشورة‎.‎
وتعتقد أرندت ان هايدغر لم يكن نازيا أبدا، وهو كان يتظاهر بذلك إلى درجة أنها قامت ‏بالتوسط في نشر أعماله في الولايات المتحدة بل وأجهدت نفسها من أجل إزاحة هذه ‏‏«التهمة‎» ‎عنه. وتعترف بأن كتابها «وضع الإنسان الحديث» بأن الفضل في تأليفه يعود ‏إلى فكر هايدغر‎.‎
وفي عام 1974، أي قبل عام من وفاتها، كتبت له قائلة «لا أحد يستطيع أن يقوم ‏بتدريس محاضرة كما تقوم أنت به ولم يستطع ذلك أحد قبلك‎».‎
كان هايدغر، قبل كل شيء، أستاذها وصديقها قبل أن يتحول إلى عشيق لها بل كان ‏بمثابة الحامي لها. وأثناء لقائهما في مدينة ماربورغ في عام 1925 حيث كان يدرس ‏في جامعتها، وقف الجميع ضدهما‎.‎
كانت في الثامنة عشرة من عمرها، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره. كان يعتبر ‏الساحر الصغير في قريته الصغيرة. أنه كاثوليكي، وهي تنحدر من عائلة يهودية. هو ‏ألماني من الجنوب، وهي من مدينة كروغسبيرغ. كان هايدغر هادئا في حين كانت هي ‏مضطربة منذ وفاة أبيها عندما كانت في السابعة. وكانت ساذجة في الحب وهايدغر أول ‏عشيق لها، بل أنه يسحر جميع الطلبة. ولكن هذه العلاقة لم تخرج إلى العلن إلا في عام ‏‎1949 ‎عندما تحدثت آردنت عنها إلى كل من كارل غاسبار وماري ماكارثي‎.‎
وتكشف رسائلهما عن الخلفية التي كان يفكر بهما الفيلسوفان العاشقان في فترة من أشد ‏الفترات صعوبة وتعقيدا في التاريخ، سنوات حكم النازية: المنفى والنازية ومعاداة السامية ‏واليهودية وغيرها من مفاصل التاريخ التي فرضت نفسها آنذاك‎.‎
وكانت علاقتهما محاطة بسرية كاملة، لم يكشف عنها أي من الطرفين، وتفرض عليهما ‏أن يفكرا بجملة من المفاهيم حول العلاقات الإنسانية‎. ‎كانا طيلة صيف عام 1951 ‏يتناقشان حول «بهجة المعرفة» للفيلسوف نيتشه‎. ‎وكانت علاقتهما محاطة بنوع من ‏الابتعاد عن ذكر التفاصيل المتعلقة بالحياة الداخلية للعشيقين. وكما يعترف هايدغر أن ‏غالبية الوقت كانا يتحدثان ولم تنقطع رسائلها‎.‎
تقول الفيلسوفة حنا أرندت‎:‎
‎«‎إن فعل التفكير بحد ذاته عملية خطيرة، ولكن ألا تفكر هو أكثر خطورة». هكذا تشرح ‏الفيلسوفة في لقاء تلفزيوني قبل وفاتها في 4 ديسمبر من عام 1975 حياة بكاملها ‏قابلة للتقلب. وهذا ما يشرح اللقاء بين طالبة في الثامنة عشرة من عمرها وبين فيلسوف ‏مثل هايدغر. ولعل طفولتها تفسر كثيرا سّر هذه العلاقة. فقد ولدت في عام 1906 في ‏لينيندن، بالقرب من هانوفر في وسط فكري مثقف‎.‎
ولكن مرض أبيها النفسي والعقلي جعلها تهرب في عمر الثامنة نحو برلين أثناء الهجوم ‏الروسي في عام 1914. وتطورت المراهقة بسرعة كبيرة. فهي طالبة ذكية، اختارت أن ‏تدرس الفلسفة واللاهوت، وتواصل محاضرات هوسريل في جامعة فريبورغ ومحاضرات ‏غاسبار في هايدلبيرغ، ومن ثم نشرت أطروحتها حول مفهوم «الحب عند أوغستين» في ‏عام 1929‏‎.‎
وبعد ذلك بعام، نشرت مقالاتها في برلين مع غونتر شتيرن الذي تتزوج منه بعد فترة ‏قصيرة. ويظهر لها صديقان هما: هانز جواناس ووالتر بينجامين. مما لا شك فيه أن ‏استيلاء النازية على الحكم وتزايد صعود نعرة معاداة السامية في ألمانيا قلبت حياتها ‏رأسا على عقب بل جعلتها تلك الأحداث تتجه نحو الصهيونية وتدرسها دون الانتماء ‏إليها لكنها عملت في الجمعيات اليهودية التي تدافع عن حقوق الإنسان. وفي عام ‏‏1933، يتم توقيفها مع أمها ويتم استجوابهما. وبعد ذلك تغادر ألمانيا إلى براغ وجنيف ‏وباريس. ويلتحق بها زوجها‎.‎
وفي باريس تلتقي بكل من والتر بينجامين وجيرشوم شوليم وتتعرف على ريمون آرون. ‏وفي عام 1936، التقت بهانيريش بلوشير الذي أصبح زوجها الثاني في عام 1940 إلا ‏أن السلطات النازية أوقفتهما وأودعتهما في معسكرات فيرنيه وغارس. ولكنهما تمكنا من ‏الفرار إلى مرسيليا، والوصول إلى لشبونة وإلى الولايات المتحدة فيما بعد‎.‎
وفي هذه الأثناء، طرد بينجامين نحو الحدود الذي وضع حداً لحياته بالانتحار‎. ‎وبمساعدة ماكس برود، تجد وظيفة في عالم النشر حيث تقوم بنشر مذكرات كافكا ‏وشولوم وبيرنار لازار وغاسبار. وكانت في هذه الفترة تحضر لكتابها الكبير ‏‎«‎أصول ‏التوتاليتارية» الذي صدر في عام 1951 في الوقت الذي كان فيه هذا المصطلح ما يزال ‏جديدا. ومن ثم تتوالى كتبها في الصدور» وضع الإنسان الحديث ‏‎«1958 ‎و«أزمة ‏الثقافة «1961. وفي عام 1961 تعمل لصحيفة «نيو يوركر» محاكمة ايخمان في ‏القدس والكتاب الذي تؤلفه عنه يثير جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والسياسية. ولعل ‏ما يثير في كتاباتها أنها ربطت بين المعاش والحدث والفكر‎.‎
يعود الفضل في المحافظة على الرسائل المتبادلة بينها وبين هايدغر إلى حنا أرندت ‏لأنها كانت تسلم منها نسخة إلى الأرشيف‎.‎
هل كانت ترغب في نشر هذه المراسلات ؟
على أية حال، كانت قد اتفقت مع هايدغر على عدم تمزيق الوثائق الشخصية. ويؤكد ‏ابن الفيلسوف، هيرمان بأن مثل هذا الاتفاق كان قد عقد بينهما. ويبدو أن الفيلسوف لم ‏يحتفظ الرسائل الأولى المتبادلة بينهما‎.‎
وفي المرحلة الأولى من مراسلتها، وبعد أن يعين عميدا للجامعة، يدافع فيها عن تهمة ‏معاداة السامية التي ألصقت به، وكان ذلك يعني تعكير صفو علاقته بأرندت‎ . ‎كان ذلك ‏في عام 1932 و1933. والمرحلة الكبيرة من مراسلاتهما تبدأ في 7 فبراير من عام ‏‏1950. في المساء، قام هايدغر بزيارة إلى حنا أرندت في فندقها في فريبورغ بعد أن ‏أشعرته بوجودها في مدينته. وتؤكد الوثائق المتوفرة من عام 1950 حتى 1954 بأن ‏جو الثقة عاد إلى علاقتهما من جديد بدون أية كلمة عتاب‎.‎
كما تكشف هذه الوثائق تفاصيل هامة في سيرة حياة الفيلسوف في بداية الخمسينات. ‏ولم يتقابل العشيقان من عام 1952 حتى عام ‏‎1967 ‎لأسباب متعددة أهمها الغيرة ‏الأنثوية التي أظهرتها زوجة هايدغر، ألفريد، والعلاقة المتوترة بين هايدغر وزميله ‏الفيلسوف كارل غاسبر. إضافة إلى أن العاشقين كانا عاكفان على تأليف كتبهما ‏الأساسية وما يتولد عن ذلك من تبادل البحث والنقد‎.‎
وفي عيد ميلاد الفيلسوف الثمانين، كتبتأرندت ‏‎«‎بأنها تعلمت التفكير من «المعلم»، ‏وتقول في كلمتها «بعد خمس وأربعين لا زلت أفكر بك كما كنت على الدوام». وقبل هذه ‏الاحتفالية، قامت مع زوجها بزيارة الزوجين هايدغر. وقبل الذكرى الثمانين، مات كارل ‏غاسبر‎.‎
وفي عام 1970 ودعت زوجها، فتتحول مدينة هايدغر إلى نقطة لقاء بينهما. وكانت ‏تتوقف في هذه المدينة لفترة من الزمن عندما تأتي إلى أوروبا في سنوات السبعينات، ‏وهي تقول عن هايدغر «أسئلتك ترافقني على الدوام». وتضيف «أرجو أن تتحدث لي عن ‏أعمالك وإلا فإنك ستحرمني من التعلم منك». وفي كتابه الشهير ‏‎«‎كانط ومشكلة ‏الميتافيزيقيا»، أهدى لها نسخة كتب فيها إلى حنا آردنت‎... ‎أحييها من صميم القلب ـ ‏مارتن هايدغر‎».‎
وعلى الرغم من ذلك، وجدت حنا آردنت في هاينريش بلوشير الصديق والعشيق ‏والمتعاون والموحي والزوج في آن واحد. وجرت بينهما مراسلات هامة من 1936 حتى ‏عام 1968. إضافة إلى مجموعة من المراسلات مع كورت بلومنفيلد وماري ماكارثي ‏وكارل غاسبار، وهي على درجة كبيرة من الأهمية. وهنري بلوشير على درجة كبيرة من ‏الثقافة الواسعة والمعرفة الدقيقة بتاريخ الفن‎.‎
وفي الحقيقة أن الفيلسوفة حنا أرندت ولدت في هانوفر من عائلة فنية يهودية، ومن ثم ‏واصلت دراستها في برلين وماربورغ وفبريبورغ وهايدلبيرغ. وتتلمذت على أيدي اكبر ‏ثلاثة فلاسفة‎: ‎هايدغر وهوسريل وغاسبار‎.‎
وفي عام 1933 كانت في ال27 من عمرها عندما شب حريق ريشتاج، كانت تقوم ‏ب«أعمال غير شرعية» أي معادية للنازية مع زوجها الأول غونتر ستيرن وقدمت الدعم ‏للشيوعيين بالفرار من ألمانيا. ويتم توقيفها لبضعة أيام ثم تتمكن من الفرار إلى فرنسا ‏حتى عام 1951 حيث تحصل في هذه السنة على الجنسية الأميركية‎.‎
وفي باريس تتعرف على كل من بيرتولد بريشت وستيفان زفايج ووالتر بينجامين. وفي ‏عام 1937، تلتقي بزوجها هاينريش بلوشير الذي كان ينحدر من عائلة عمالية وينتمي ‏إلى الحزب الشيوعي الألماني. وفي عام 1940 يتزوجان في 16 يناير بعد رحلة شاقة ‏من الهرب من فرنسا حيث كان زوجها رهن معسكرات الاعتقال إلى إسبانيا ومن ثم إلى ‏لشبونة ومن بعد ذلك الرحيل إلى أميركا. ولكنهما لم ينقطعا عن زيارة أوروبا باستمرار ‏حيث زارا في عام 1969 مارتين هايدغر‎.‎
زوجها توفي في عام ‏‎1970 ‎‏ وهي توفيت في عام 1975 ودفنا سوية. وكان هذان ‏الزوجان يشكلان نموذجا لامرأة فيلسوفة معروفة ورجل يعمل في الظل مثل قائد ‏الأوركسترا، يشبه إلى حد ما الرجل المختفي في الظل والذي يحرك لعبة الفلسفة بطبيعة. ‏وكثيرا ما كان يختار زوجها مهنة «محرك الدمى» في أوراقه الشخصية كما تؤكد جوليا ‏كريستيفا‎. ‎ولم يقتصر زوجها على الحديث عن روزا لوكسمبورغ وبوخارين وقراءة ماركس ‏ولينين بل دفعها إلى نقد الماركسية التقليدية من خلال تحطيم الأوهام الميتافيزيقية ‏والأنظمة المغلقة‎.‎
شاكر نوري


Post: #20
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-22-2016, 07:42 PM
Parent: #19

سلام عليك يا مسمى الرسول عليه السلام
حنا أردنت وما أدراك ما حنا أردنت ؟ الكاتبة الفيلسوفة التي شغلت مباحث العلوم السياسية والفلسفة معاً
بمزجها الذكي بين الفردانية والتعدد داخل الفرد نفسه حيث يتحول لجماعة عندما يعشق عقله ويؤانسه وبالتالي
يحيا لأجل الناس جميع الناس بما فيهم البسطاء والمقهورين
ما يهمني هنا في حنا أردنت خلاصتها
لو أن كل إنسان ادرك سر التعدد في ذاته وعشق عقله
لعشق حقوق الناس جميعاً في أن توجد بجانبه وتتداول الحياة إسوة به
ولإمتنع كل رجل بوليس عن ضرب الطلاب المتظاهرين بالبنبان والرصاص الحي
وإمتنع كل رجل أمن عن تعذيب المعتقلين السياسيين
وإمتنع كل مثقف عن الإنحياز لسلطة مستبدة تحتكر السلاح وتنكل بمعارضيها
ولتوصلنا لمجتمعات الحب والسلام على ركائز الفعل والإنفعال والعمل
على ركيزة الإنسان المتفكر المفكر والذي بتحالفه مع عقله يتحالف مع الإنسانية جمعاء
لأن الحرة كما قال الشريف تموت ولا تأكل بثديها
حيث لا فصل بين الغاية والوسيلة فلا شرف في غاية وسيلتها ################ة
ولا وسيلة لغاية ################ة
لأن الإنسان إنسان وليس أداة (أو أداتي)

Post: #21
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-22-2016, 08:24 PM
Parent: #20

الأخ السناري
شكرا على الدفع المعنوي و المشاركة الفكرية و الوجدانية في حب و تقدير هذهالمفكرة ‏ذات الأغوار الإنسانية و الفكريةو العاطفية العميقة.‏
تعرف أنا منذ عرفتها شعرت بميل و إنجذاب نحوها غريب وإحساس بالتقدير و الإنتماء ‏لهذه المفكرة الإنسانة.‏
و صاحب كل ذلك إحساس نحوها بالعطف و الشفقة بسبب علاقتها الغريبة.‏
و بسبب ميلها الذي لم تستطع الفكاك منه نحو مارتن هيدجر.‏
‏ و الذي استمر حتى مماتها و حتى بلوغه الثمانين من العمر.‏
الغريبة اشتريت الكتاب الذي يحويلرسائل الحب المتبادلة بينها و بين هيدجر...‏
معللاً النفس بأن اجد رسائل تفيض بالعاطفة و الرومانسية تضيف ابعاداً أعمق لسيرة ‏هذه المفكرة العظيمة.‏
‏ و لكني صدمت........ و لم أجد إلا رسائل عادية للغاية.‏

Post: #22
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-23-2016, 07:05 AM
Parent: #21

سأواصل الكتابة و عرض الجوانب الفكرية و السياسية و الأدبية لحنّا ارندت . و في الحقيقة اعتمدت في معظم ما أكتب على تحليلا و كتابات مختلفة أولا لأبرز أهم الجوانب في شخصيتها و ثانياً لأنه من الصعوبة بمكان لملمة كل ما تود قوله بشكل عام عن حنّأ دون أن تجد نفسك قد ملت لجانب دون آخر أو أو لتعمقت في الجانب التحليلي المعمق و هذا ليس مكانه.
اواصل:
تعدّ أرندت من المختصّين في دراسة النظريات السياسيّة إذ اشتغلت على قدر كبير من المفاهيم الأساسيّة في هذا المجال مثل الديمقراطيّة والسلطة والعنف والثورة والسيطرة والشموليّة.. وقد دعت الى إعادة تمثل التفكير السياسي على ضوء الارتكاسات التي شهدتها الأنظمة السياسية الديمقراطية في مطلع القرن العشرين لا سيما بعد عودة أشكال الحكم الشمولي في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وروسيا الستالينية. أثارت أرندت جملة من التحديات الفكرية المتعلقة بالنكوص التاريخي لأسطورة التقدم الغربي في أعقاب الاسترجاع المباغت لأنظمة الرعب الشمولية المذكورة. وأجبر هذا النكوص التاريخي مفكري الغرب على مراجعة نموذج الحداثة برمته، بعدما كشفت أرندت انعطافات التفكير الشمولي من داخل خطاب الحداثة العلمي والابستمولوجي والفلسفي.
ومن أهم مؤلّفاتها: "أصل التوتاليتاريّة" (أو أصل المذهب الشمولي) و"أزمات الجمهوريّة" و"رجال الدين في عصور مظلمة" و"بين الماضي والمستقبل: ثمانية تمارين في الفكر السياسي" و"في العنف" و"إيخمان في القدس: تقرير في ابتذال الشرّ".".
رفضت حنّا أن توصف بالفيلسوفة و ذلك لأن الفلسفة تعني فقط بالفرد و لكنها وصفت نفسها بالمنظرة السياسية لأن أعمالها تركز على البشر في مجموعهم و ليس على الفرد.
سعت حنا لاستكشاف أصول الأنظمة الشمولية في كتابها الموسوعي "أصول الشمولية" معتمدة في تحليلها على النظام النازي والستاليني الروسية تحت المجهر في كتابها الموسوعي "أصول الشمولية" إدراكاً لخطورة هذه النظم والأهم خطورة الاعتقاد بأنها أصبحت تنتمي إلى الماضي واكدت أرنت على التحدي الذي تثيره هذه الإيديولوجيات باعتبارها تشكل انبثاقا لظاهرة جديدة جذريا تجبر كل الباحثين على القيام بمراجعة كاملة لأدوات التحليل العلمي المعهودة، علاوة على أنها انعطافة نكوصية لم يشهدها تاريخ الفكر الأوروبي قبل ذلك".

Post: #23
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-23-2016, 07:45 AM
Parent: #22

إن المكانة المرتفعة التي حازت عليها حنا ارندت بسبب أعمالها الفلسفية و مواقفها التي تركت أثرها على ساحة الفكر الأوروبي والعالمي،
و من أبرزها كتابها الضخم حول “جذور أو أصول النظام الشمولي”، وهو الذي صنع لها مكانتها وشهرتها في أوساط الفلاسفة والمفكرين، وفيه تحلل، بصورة رائدة ونافذة، الظاهرة الشمولية التي شهدتها أوروبا مع صعود النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والستالينية في روسيا…
لم يعني الكتاب بأشخاص أو حكام بعينهم بقدر ما كان معنيًا بتحليل ديناميكيات تصدّع الحياة العامّة في أوروبا. و قد شبهت حنا دور المثقفين و الموالين للأنظمة الشمولية بمن يطعم التمساح و الذي سيفترسه هو أيضاً أي أن الأنظمة الشمولية ستسحق في النهاية كل شيْ و أي شيء.فقالت في هذا الشأن:
إن كل محاولة لإرضاء الأنظمة التوتاليتارية (الشمولية) تشبه في الواقع شخصا يطعم تمساحاً جائعاً آملاً أن يكون هو نفسه أخر من يفترسه هذا التمساح).)
في إطار مواقفها السياسية و الفكرية المتميزة جاء اصطدامها مه الدولة الصهيونية و هي اليهودية التي ساهمت إبان وجودها لاجئة في أمريكا في محاولة إنقاذ اليهود.حيث ترى حنا فيما يتعلق بحق اليهود بالعيش في فلسطين فهي ترى أن البعد لتاريخي أو الحق التاريخي وحده لا يعطي اليهود الشرعية أي ليس الحق الذي يكون بالقوة و لكن بعمله و انجازاته.أي أن حقَّ الشعب اليهودي في فلسطين "مماثل لحقِّ كلِّ إنسان في حيازة ثمرة عمله"، سواء أكان يهوديًّا أم عربيًّا.
و لكن هذه الرؤية لم تجد القبول لدى الدولة الصهيونية.
و جاءت الطامة الكبرى بعد تغطيتها محاكمة إيخمان لحساب مجلة النيويوركر.
و قد كان أدولف أيخمان هو المسؤول عن ترحيل وإعدام اليهود في ألمانيا النازية و قد أصرّت حنا أرنت اليهودية، على المجيء إلى إسرائيل لكي تشهد وقائع المحاكمة الشهيرة، كمثقفة وفيلسوفة و قد أصدرت لاحقاً موقفها من المحاكمة في كتاب )أيخمان في القدس» .و.
كذلك هاجمت الفيلسوفة الملتزمة أرندت مؤسس دولة إسرائيل دافيد بن غوريون، واعتبرته "أصولي قوموي يحاول الهيمنة على الشعوب المتوسطية ولا يحاول كسب تعاطفها.

Post: #24
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-23-2016, 09:38 AM
Parent: #23


كان موقفها من قضية محاكمة إيخمان، موقف يمتاز بالجرأة الفكرية والجدة المعرفية و يقظة الضمير و الالتزام الإنساني. كان إيخمان يعيش متخفياً، تحت اسم آخر، في الأرجنتين،بعد اندحار النازية و هروب كثير ممن شاركوا في التعذيب و القتل مثل إيخمان. إلا أن المخابرات الإسرائيلية تمكّنت، بعد سنوات، من كشف هويته واعتقاله وقوده، مخطوفاً، إلى القدس لمحاكمته وإعدامه عام 1961.
وكان أكثر ما لفت نظرها في دفاعه، قوله بأنه “لا يتقن سوى اللغة الإدارية” التي جعلته ينفذ الأوامر من غير اعتراض. ولهذا، علقت أرنت بأن إيخمان “كلما كان يحاول التفكير، كان يفكر مباشرة بمهنته”، أي أنه لا يفكر بقدر ما يتصرف كعبد لمهنته، مما جعله غير قادر على بناء أحكام خلقية. وكان من الطبيعي أن يُحدث هذا التأويل للقضية، المخالف للإجماع، صدمةً في الأوساط اليهودية، إذ فُسر بمثابة دفاع عن الناري إيخمان. ولذا، وُصفت أرنت بأنها “كارهة لذاتها” أي ليهوديتها، مما جعل الكثيرين من أصدقائها يقطعون علاقتهم بها.
لم تعتبر حنة ارندت النازية معاداة للسامية، بل أدرجتها في سياق الظاهرة الشمولية التي اجتاحت أوروبا في النصف الأول من القرن العشرين.
كما أنها حملّت المؤسسات اليهودية بعض المسؤولية عن المحرقة التي تعرّض لها اليهود في ألمانيا. الثالثة، وهي الأهم، تأويلها للجريمة المتهم بها إيخمان، على نحو جديد أعادت معه النظر في مفهوم الشر.






Post: #25
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-23-2016, 10:14 AM
Parent: #24

خاتمةإن العمل السياسي وفق رؤية حنة آرندت، بالدرجة الأولى مسؤولية أخلاقية تجاه الآخر! كما أن مغزاه الحقيقي يجب أن يتمثل في الدفاع عن حرية وآدمية الإنسان بغض النظر عن المكان والزمان.من ناحية أخرى وجدت حنا ارندت في الفن و الأدب ملاذاً و ملجأً من «كوارث القرن العشرين» لأنهما ملاذ الروح و فضاء الحرية حيث رأت في المنهج التجريبي بتنزعته الآلية تفريغ للروح و الخيال و الإبداع وو الجوانب الإنسانية من الإنسان.في أي حال، تقدم أرنت مثالاً على أن الفلاسفة، في معظمهم يمارسون علاقتهم بهويتهم المجتمعية والثقافية، القومية أو الدينية، بصورة نقدية. ولذا فهم يبقون على مسافة منها ولا يلتصقون بها، بقدر ما يخرجون على الإجماع ويقفون ضد عقلية القطيع.وهكذا، فإن أرنت غيّرت مفهومنا للشر، بقدر ما أعادت مفهوم الحب إلى أرضه وواقعه.
فالحب الحقيقي يقع في النهاية على ما هو محسوس وعيني وحي، بقدر ما يتجسّد في العلاقة بين الناس.و في الختام فإن حنة لها ملاحظة عميقة إذا تحذر أو تنبّه من أن يجرفنا حبنا لأوطاننا أو شعوبنا أو مجموعاتنا العرقية و الإثنية كمدخل لكره و اسئصال الآخر.

Post: #26
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-23-2016, 11:54 PM
Parent: #25


تتساءل حنّا : كيف تسمح العصور الحديثة، عصور الحرية، التقدم ، التسامح، الإخاء
وعصور وسيادة الشعوب
بظهور أعفن الأنظمة السياسية التي عرفها التاريخ الإنساني؟
أنظمة تمهر في تذرير الأفراد، وتتمكن هكذا من إستمالة الأخ ضد أخيه والرفيق ضد رفيقه!!
أنظمة لا تكتفي فقط بقمع مناوئيها لكن يصل بها التعفن وفقدان البوصلة إلي الغدر حتى بقادتها وحوارييها؟
وتتساءل أيضاً: من اين يأتي كل هذا الشر؟
هل من داخلنا أم من خارج الحياة الإجتماعية ؟
لأن السياسة استحدثت من خارج هذه الحياة؟
ثم انتجت أنظمة تلعب على حبال التغييب العنيف للوعي الإنساني.
أنظمة لا تفهم أن فكرة الحكومة انتجت لإدارة البلاد وليست صياغة أخلاق وأحلام العباد.
أنظمة العنف والإصطفاء فيها ليس فقط وسيلة تمكينها ولكنها جوهر تكوينها.
ولا ترى مخرجاً أمضى من الوعي أولاً بحقيقة هذه الأنظمة
الوعي المراهن على عقول كل العاملين في دولاب الأنظمة قبل مناوئيها
أصحى يا نايم

Post: #27
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-24-2016, 05:17 AM
Parent: #26

الأخ السناري
شكرا على الإضاءات الساطعة التي أنرت بها جوانب هذه المفكرة العظيمة.
فعلا لا يزال سؤالها مطروحاً بقوة و نرى أنظمة العنف و الشر و التنكيل تعصف بكل جوانب حياتنا. و فعلا نتساءل من أين أتي كل هذا الشر و الرغبة في ابتلاع كلما انتجته و أبدبته الإنسانية و ما حثّت عليه الشرائع السماوية من دعاوى و من نماذج و من سلوك للخير و المحبة والسلام.
من ناحية أخرى لا زال السؤال المُلِح و نقف معه حائرائين: كيف يتماهى المثقفون مع الأنظمة الشمولية أنظمة العنف، أنظمة الشر، أنظمة التدمير؟
كيف يشتركون في قتل كل ما هو إنساني و جميل في النفس البشرية،بمختلف الدعاوى و التبريرات؟.
شكرا يا السناري و في انتظار المزيد من لدن قلمك الجميل.

Post: #28
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: بله محمد الفاضل
Date: 05-24-2016, 06:23 AM
Parent: #27

(*)

Post: #29
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-24-2016, 06:55 AM
Parent: #27

التداخل بين حقلي الأخلاق والسياسة يصل عند أردنت إلي حدود إستحالة التفكير في إحداهما بعيداً عن الآخر
فالتفكير هو الفيصل بين سياسة تتأسس على الأخلاق وسياسة بلا أخلاق
عندما يلغي العاملون في الأجهزة السياسية والإعلامية وفي البوليس والأمن والجيش عقولهم
ولا يقفون ساعة ليفكرون في شكل ومضمون عملهم، أي ما تصدر إليهم من أوامر يقومون في تنفيذها
يغيب الواحد فيهم بالتالي عن نفسه ولا يعدو إنساناً
هذا هو تبرير حنا لمعاقبة كل من يرتكب جريمة ضد مواطنه وشعبه تحت حجة أنه كان عبدالمأمور
أي أنه كان ينفذ ما تصدر إليه من أوامر من رؤسائه
إن عملية التفكير النقدي فيما نعمل هي نصاب إنسانيتنا وهي التي تعيدنا للإلتحام بشعبنا لا بالطغاة فيه
وبدون ذلك سنستمر في تعبيد الطرق التى تمأني بالمستبدين مغتصبي الحكومات ونجاح حيلهم للبقاء فيها
فلا يدخل المستبد البيوت من أبوابها لذلك يأتي الجواب من نفس العمل فلا بقاء له بلا تسلط
لا تستذيق حنا حجج من شاكلة أنا كنت بربي في عيالي وكنت محتاج للوظيفة
إنه الإغتراب عن الذات
وعواقب سجن العقل عند حنا أقسى من عواقب تعذيب وقذف المواطنين العزل تنفيذاً للأوامر العليا
هذا الأمر أشكل كثيراً على معارضيها الذين لم يتفهموا كيف يحاكم المتورطون في الجنايات السياسية
بتهمة سجن عقولهم وعجزهم عن التفكير فيما ينفذونه من جرائم في حق شعوبهم لا في الجنايات المباشرة
تهمة غياب التفكير النقدي عندهم وليس إندغامهم في النزعة الفاشية والدموية المضمورة في جوهر الأنظمة المتسلطة
إن أردنت تعيد إلي سطح السياسة فكرة المسئولية الأخلاقية للعاملين في الأجهزة الرسمية والإعلامية
للحكومات غير الشرعية تجاه أنفسهم كبشر لا ماكينات وتجاه أفراد وقطاعات من شعبهم تنتهك حقوقها يومياً
وترى أن من أصعب الإبتلاءات أن يوضع المرء بين خياري أكل عيش بلا أخلاق أو ضمير ولو مشرد
من يختار أكل العيش على ضميره ستخزله يومئذ التبريرات من شاكلة إنه كان متوائماً مع القانون السائد حينها
لا بد إذن للإنسان بطبيعته غير الآلية البقاء على مسافة نقدية بينه وبين إستحقاقات أي وظيفه توكل إليه
إن قيمة هذه المسافة النقدية أنها تورط الفرد في التحول لحالة تعددية تبدأ بإجتماعه مع عقله
وتنتهي إيلي إيمانه بحق كل إنسان في الوجود المختلف عن غيره وصيانة الحكومات للحق في التعدد
أي تتوسع به هذه التعددية في ذاته تتوسع إلي إعترافه بحق الوجود المتعدد والتداول المتساوى للسياسة والثروة
وتمنع تذرر الذات وتبعض المجتمع كأهم آليات السلطة الشمولية في مواجهة المتصدين لها
وعندها يقبل جندي كوري أن يطلق النار على القائد العام للجيش لأنه غفا أثناء حديث الرئيس
بدلاً عن توجيه مدفعه إلي أحشاء يافع مستبد
أنها ترى أن العقل الحر لا يمكنه التورط في التخطيط أو تنفيذ القمع التعدد أو حق أي فرد في التعبير عن ذاته
ببساطة لأن ذلك لا أخلاقي ولا إنساني
ومثله مثل من يضرب الطلاب المتظاهرين بالبنبان أو من يحرض عليهم
فمن يفعل ذلك يقمع ذاته قبل أن يقمع شعبه.
تتعجب حنا كيف يفعل من يفعل ذلك ويذهب في نهاية اليوم سعيداً إلي أسرته ويحتضن أطفاله
بل يشارك الناس في مناسباتهم ويترشح لإدارات الأندية الرياضية
أليسوا هؤلاء هم ذاتهم ضحايا من ينكل بهم في النهار ويسوّق نفسه إليهم بالليل
كيف يتصالح الإنسان العادي مع هؤلاء ويرحب بهم في مناسباته
والعلاقة بالمجتمع تبدأ عندها بالتصالح مع الذات وتحرير العقول
لأن العقلانية تتماهي في التفكير في أمر الناس وتستعيد الفرد الناشز للحالة الإجتماعية الطبيعية
حالة مجتمعات ما قبل السياسة وقبل التسلط

Post: #30
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-24-2016, 10:19 AM
Parent: #29

الأخ السناري
لك الشكر فقد أثريت الموضوع بإفاداتك المفيدة.
و إن كان لديك المزيد فنحن على استعداد
علماً أنه بعد إنتهاء هذا الموضوع سوف أتطرق لموضوع محاكمة إيخمان و بالرغم من ارتباطه بموقف حنا ارندت.
إلا أنني سوف أكتبه في بوست منفصل لأنه تاريخه و محاكمته و خطبته الختامية تستحق أن يفرد لها بوست.
بالإضافة إلى أن ذلك سيتيح الفرصة لعرض الموضوع على أكبر عدد من القراء.
خاصة أن وجود عنوان واحد لمدة طويلة قد يكون مملاً و لا يحقق الهدف من إطلاقه.
أكرر شكلري لك و تقديري

Post: #31
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-24-2016, 11:19 AM
Parent: #30


تمام أخ محمد سأتوقف هنا وربما واصلت في بوست محاكمة إيكمان لعرض خطل محاججة تبرير موقفه بالإستناد إلي كانط ومفهوم الواجب في عقله العملي بإعتبار أن أداء الواجب على الوجه الأكمل أمر أخلاقي

Post: #32
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-24-2016, 11:30 AM
Parent: #31

الأخ السناري
لم أقصد أن تتوقف. و لكن إذا لم يكن لديك إضافة ما ...سأتوقف أنا فقد قلت ما عندي و كان الموضوع بالنسبة لي بمثابة مسئولية و إلتزام و و وجع و إنسياق وجداني غامض من ناحيتي إن نحو شخص لم اره و لم اسمع به حتى مماته و لكنه ترك أثراً عميقا في دواخلي . و لو كان الامر بيدي لتركت هذا البوست مفتوحا غلى الأبد لانني لم اشبع غليلي مما كنت اود الكتابة عنه و لم اكتبه كما ينبغي و بما يرضي نفسي.و لكن الموضوع تاخرت في الكتابة عنهز فلك الشكر على إفاداتك المهمة.
و كذلك اتشرف باصطحابك في محاكمة إيخمان بما انا متاكد من إضافت ستكون قيمة سوف تساهم بها.
لدي سؤالين خارج الموضوع:
هل سبق لك ان درست الفلسفة لانه شايفك تتحدث عن كانط و نقد العقل. حيث اني قد درست الفلسفة في المرحلة الجامعية.
السؤال الثاني: اسم السناري هذا لقب على ما اظن .فهل انت من سنار؟

Post: #33
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-24-2016, 12:20 PM
Parent: #32



الود والتحية أخ محمد وأنا بالفعل من سنار التي غادرتها الأسرة إلي أمدرمان منذ الثمانينات فوالدتي مولودة بها
لم أدرس الفلسفة لكني قارئ مجتهد لمختلف ضروب المعارف
شكراً على هذه الفرصة للكتابة في موضوع ثري

Post: #34
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-24-2016, 01:33 PM
Parent: #33

شكرا ما شاء الله إنت راجل مطلع و أنا سعيد بالتعرف إليك.على العموم رقم الهاتف و الواتس أب تحت أمرك موجودين في البروفايل. و تسعدني جدا معرفتك.

Post: #35
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-24-2016, 01:39 PM
Parent: #34

إلى اللقاء إذن في بوست محاكمة إيخمان الذي كانت حنا ارندت شاهدة عليه

Post: #36
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-25-2016, 05:56 PM
Parent: #35

جدت اليوم هذه المقالة للسيد/ علاء الدين محمود منشورة في الراكوبة و مذيّلة بأنها سبق ‏نشرها في صحيفة الإتحاد الاماراتية.
و بما أن نشرها يتزامن مع محاولات تعريفي بحنة ارندت ‏و مساهماتها في مجال الفكر و الثقافة و السياسة فإنني أجدها سانحة مناسبة لعرض هذا ‏المقال.‏

Post: #37
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-25-2016, 05:58 PM
Parent: #36


حنة أرندت.. تأملات في العنف ‏
وجدت اليوم هذه المقالة للسيد/ علاء الدين محمود منشورة في الراكوبة و مذيّلة بأنها ‏سبق نشرها في صحيفة الإتحاد الاماراتية:و بما أن نشرها يتزامن مع محاولات تعريفي ‏بحنة ارندت و مساهماتها في مجال الفكر و الثقافة و السياسة فإنني أجدها سانحة ‏مناسبة لعرض هذا المقال.‏
عرض كتاب - حنة أرندت.. تأملات في العنف
علاء الدين محمود
إلى المقال:‏‎

إنه عصر العنف، تماماً كما توقّع فلاسفة ومفكرون كبار بحجم الإنجليزي فردريك ‏أنجلس، هو عصر الحروب، والثورات، والانتفاضات، والعنف داخل حدود الدولة الواحدة، ‏والتأمل في الظاهرة يلجئ الباحثين إلى استدعاء نصوص أحاطت وتناولت الظاهرة، وهذا ‏يقودنا إلى كتابة مختلفة، ضمّها مؤلَّف الباحثة الاجتماعية الألمانية حنة أرندت «في ‏العنف» الذي يكاد أن يكون الكتاب الوحيد حديثاً الذي تناول الظاهرة، وغاص في ‏المفهوم‎.
في منجزها هذا لم تحاول حنة أرندت أن تشيطن عملية العنف والتعبير عن الغضب، أي ‏أن تحيله إلى قوى خارج الإنسان نفسه، بل أرجعته إلى كونه مشاعر طبيعية ملازمة ‏للإنسان، غير أن أرندت بينت بشكل قاطع أن غياب العدالة الاجتماعية هو الدافع الأكبر ‏لظهور مشاعر الغضب، بالتالي فإن أرندت هنا قد فندت كل تلك الدعاوى التي حاولت أن ‏تحيل ظاهرة الغضب إلى فعل غير إنساني كأن يكون حيوانياً مثلاً، أو شيطانياً، فالإنسان ‏يربأ دائماً عن نسبة تلك المشاعر السالبة إلى نفسه‎.
ورغم أن الكتاب قد ترجمه إلى العربية إبراهيم العريس في عام 1992م عن دار الساقي، ‏في 112 صفحة من القِطع الصغير، إلا أن المنجز يمتلك مشروعية كبرى في الحضور ‏في مشهد يسود فيه العنف، فالكتاب الذي وصفته المؤلفة بأنه ‏‎«‎تأملات في العنف، يحفر ‏عميقاً في تلك الظاهرة، في الكائن الإنساني والمجتمع من حوله، وبشكل تفصيلي العلاقة ‏بين العنف والسلطة، لكونهما متلازمين في كثير من المجتمعات، غير أن الكاتبة وفي ‏قلب للمفهوم تفرق بين العنف والسلطة، وتبرز ذلك التباين بينهما إلا أن أرندت تقدم ‏ملاحظة هامة مضمونها أن المجتمعات التي يحكمها القانون تطغى فيها السلطة، ولكن ‏في ذات الوقت هنالك ما يجعل العنف يطغى، وتضرب هنا مثلاً بالديكتاتوريات، والغزو ‏الخارجي، في هذه الحالة يصبح العنف وسيلة سيطرة لبعض الناس على بعضهم الآخر‎.
فالعنف عند الكاتبة هو في الأساس نقيض للسلطة، وتشير أرندت إلى أن العلوم الحديثة ‏نفسها رغم أهميتها قد أسهمت في تفشي ظاهرة العنف خاصة في حالة استخدامها في ‏العسكرة مع تطور النظام الرأسمالي، وتلاحظ الكاتبة أن ظاهرة العنف ليس هدفها تحقيق ‏النصر، بقدر ما هو ردع الآخر، بالتالي تغوص المؤلفة هنا في تعقيدات النفس البشرية ‏وطموحها في إذلال الآخر، وتتوصل أرندت إلى نتيجة مهمة جداً وهي أن الحروب كمثال ‏للعنف، ما عادت كما هي في الماضي ينتصر فيها طرف على الآخر، بل ومع تطور ‏الأدوات القاتلة المعبرة عن الرغبة في العنف كما توقع أنجلس فإن النتيجة هي التوقع ‏بفناء الجميع، وعلى الرغم من ذلك تشير الكاتبة إلى أن الحرب لا تزال تعتبر الملجأ ‏الأخير، أي الاستمرار العتيق للسياسة عن طريق العنف، والكاتبة تحيلنا هنا إلى وضع ‏الفيلسوف الألماني فردريك أنجلس للمسألة،
عندما أشار إلى أن العنف في تمايزه عن ‏السلطة أو القوة، أو القدرة، بحاجة دائماً إلى أدوات، بالتالي فإن الثورة التكنولوجية ‏ارتدت على الدوام أهمية فائقة في المجال العسكري، وتشير المؤلفة إلى محاولات البشر ‏تقليل الظاهرة عبر صناعة القوانين والسلطة والدساتير، إلا أن البشر أنفسهم يتولون ‏تفسير هذه القوانين والدساتير وفق أهوائهم، وتستدعي أرندت مقولة الفيلسوف هوبز: ‏‏«إن المواثيق في غياب السيف ليست أكثر من كلمات‎».
وترى الكاتبة أنه لا يمكن لأي شخص أعمل فكره في شؤون التاريخ والسياسة، أن يبقى ‏غافلاً عن الدور العظيم الذي لعبه العنف دائماً في شؤون البشر، والمدهش بالنسبة ‏للكاتبة أن العنف نادراً ما كان موضع تحليل أو دراسة خاصة، بل اعتبره كثيرون مجرد ‏ظاهرة هامشية أو تابعة لظواهر أخرى‎.
صحيفة الخليج الاماراتية


Post: #38
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-30-2016, 07:43 PM
Parent: #37

ارندت و محاكمة ايخمان
تنويه:‏
كنت انوي ان أورد رد فعل حنة ارندت في محاكمة إيخمان. و لكني وجدت مادة غزيرة في ‏هذا الشان فوجدت انه من الأوفق ان أنزّلها في البوست الخاص بارندت .
و ذلك تذكيراً بمساهمتها ‏في الفكر و الفلسفة و السياسة و بمواقفها النبيلة في الدفاع عن كرامة الإنسان و في التزام ‏جانب الضمير.
ضمير المثقف الملتزم بحق( و هذا يقودني مباشرة للمقارنة بين مواقف بعض ‏البشر مثل المرحوم فتحي خليل و نقيب المحامين الحالي الذي رفض استلام مذكرة زملائه ‏المحامين في ترميز مادي لغياب الضمير و عدم الشهادة لله بالحق كما جاء التوجيه بذلك في ‏الآية 135 من سورة النساء( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ ‏أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).‏
آسف للتداخل العفوي و لكن طالما نحن في معرض المواقف النبيلة تقود لتذكذر للمواقف ‏المشينة.‏
نواصل:‏

Post: #39
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-31-2016, 12:48 PM
Parent: #38

جاءت حنة لتغطية محاكمة النازي السابق أدولف إيخمان في إسرائيل، لحساب صحيفة ‏أمريكية( نيو يوركر‎ (new Yorkerو لكن الذي حدث أن حنة وهي اليهودية ، قد دافعت عن ‏المجرم النازي في مقال لها خاص بتلك المحاكمة.‏
لم تمنع الظروف التي مرت بها حنة آرندت اليهودية و التي هربت من ألمانيا إلى فرنسا ‏أثناء حكم هتلر ثم اعتقلت في فرنسا ووضعت في إحدى المعسكرات أثناء احتلال الألمان ‏لفرنسا ثم هربت هي وزوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ، لم يمنعها كل ذلك من أن ‏ترى( في مقالتها تلك) أنه يجب عدم محاسبة هذا الشخص(ايخمان) الذي ذكرت أنه لا ‏يملك من الذكاء ما يجعله يميز بين الخير والشر‎>‎‏ فهو مجرد موظف يتبع القانون. ‏
وهو ما وصفته بمصطلح أصبح فيما بعد مصطلحاً شهيراً هو (عادية الشر) اي الشر العادي ‏او الطبيعي ( هناك شبهة قصور في ترجمة العبارة). ‏
بالطبع لم يكن من شأن هذه المقالة أن تمر مرور الكرام بالنسبة للحكومة الإسرائيلية و ‏اليهود. ‏
فقد أدى بها موقفها ذلك إلى أن تتهم آرندت بالعداء للسامية وأن يبتعد عنها كثير من ‏أصدقائها اليهود. بل وحتى أن تنبذ في مكان عملها وحياتها الشخصية و نّعِتت بالعاهرة ‏النازية.‏
جلست أرندت في المحاكمة، و كانت تنظرُ إلى إيخمان وكلامه وتنتبه لتصرفّاته. علّقت أرندت ‏بأن إيخمان لا يجيد الكلام، وهو شخص لم يكن يفكّر إلاّ في وظيفته. ‏
و إن إيخمان لا يجسد الشر الجذري أو المطلق كما تصفه المحكمة، نعم هو تخلّى عن شرطه ‏الإنساني من حيث التفكير والتدبر، لكنّه في المقابل فهو تافه وسطحي ولا يمكنه ان يتحمّل كلّ ‏ذلك التاريخ. ‏
و هنا قلبت أرندت مفهوم الشرّ على ظهره، ليغدو سطحيًّا جدًّا، وليس عميقًا كما تقول ‏الحضارة الغربية منذ أمد‎.‎
ما أدهش حنة و هي المنظّرة السياسية التي كتبت كثيراً عن الأنظمة الشمولية هو أن أيخمان ‏بدا في المحاكمة شخصاً عادياً بذكاء متوسط. ‏
و أنه لم يكن يعاني من أي مشاكل نفسية. و كان يقول إنه لم يكن يشعر بأي عداء شخصي ‏لليهود وإنما كان ينفذ الأوامر ويتبع التعليمات.‏
فما لاحظته أرندت في محاكمة إيخمان، أن إيخمان ليس إنسانًا قد قام بتدبير و ترتيب تلك ‏الجرائم التي قام بها‎. ‎‏ و لكنها رات فيه شخص تافه، وعاديّ. ‏
و بالتالي فأن الشر ليس متجذّراً فيه بل هو سطحي.
فهي ترى ان الشر ليس متجذّرا في ‏الإنسان، و لكن المتجذّر في الإنسان هو الخير ( من الغريب أن تقول حنة ذلك بعد كل الذي ‏حدث لها من البشر).‏
و قالت حنة مفسّرة تصرفات ايخمان خلال الحكم النازي إن إيخمان قد قام بما قام وهو على ‏غير وعي بما يفعل، فهو مجرّد شخص منفّذ فقط.‏
‏ وهذا يجعل شَرّهُ مجرّد حادث تم دون تدبيرات أيديولوجيّة مسبقة، أو بناءً على مَكْر معرفيّ‎ . ‎فهو شخص تاف اي عادي‎.

Post: #40
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 05-31-2016, 04:12 PM
Parent: #39

تحياتي الأخ الصديق محمد
أعتقد أن حنا أيدت منطوق الحكم بإعدام إيخمان
ولكنها إختلفت مع حيثيات الحكم التي تأسست على معاداته للسامية وقيامه بجرائم ضد الإنسانية
ففي رأيها أن إيخمان يستحق الإعدام لأن من يشارك في قتل الناس يسلب حقهم في مشاركته الحياة
ويفتح بالتالي الباب للآخرين ليرفضوا مشاركته لهم في الحياة
الملاحظ أنها لم تنتقد التجاوزات القانونية التي صاحبت إعتقال إيخمان
وركزت إنتقادها على حيثيات محاكمته
فإنتقدت إستناده في دفاعه على كانط
بحيث أن كانط يفترض أن محصلة العقل العملي يجب أن تتوافق مع محصلة القانون
على ذلك يبرر إيخمان بأنه كان منفذاً أميناً لقانون العمل وقوانين البلاد
وأنه لم يقم بأي عمل إجرامي وفق العقل العملي الكانطي
لكنها ردت بأن ذلك تحريف إجرامي للعقل العملي الكانطي
ذلك أن العقل العملي الكانطي يرفض التسليم البليد لأي قانون وفي أي مكان أو زمان
بل يستوجب تمتع أي إنسان بهذا العقلٍ العمليٍ النقديٍ السابق لأي قانون
عقل عملي ينطلق من فهم نقدي لمعانى المسئولية، الحق، العدل والواجب
وبالتالي فمن المفترض في أي إنسان لا سيما العاملين في وظائف تشريعية أو تنفيذية
ضمن الحكومات لا سيما الشمولية
أن يحددوا أخلاقية وظيفتهم بالنظر لقوانين العمل والقوانين العامة ومدى إنطباقها على هذه المعاني
لأن نتيجة الإندغام في انظمة ظالمة أقسى من نتيجة البقاء بلا عمل عند حنا
وعندها إن لأولوية هي للأخلاق وليس للقانون
الأولوية لفكرة العدالة لا لقوانين النظام العام
لأن القوانين نفسها قد تكون إجرامية ولكن العدالة دوماً ثيمة أخلاقية
فكرة العدالة القائمة على مفهوم إجتماع البشر على طبيعة تتساوى فى النشأة
وتمتد تلك المساواة إلي صيانة حياة الإنسان وحرمة تعذيبه ببشر مثله
هذه هي إشتراكية أرنت التي مقتت الإشتراكية الستالينية والماركسية
إعتقد أن هذه الفكرة قد تنقذ المحكمة من مفارقة قانونية
لأنه في القوانين السائدة عالمياً تُرفض فكرة محاكمة المجرم بقوانين لم تكن موجودة عند قيامه بالجريمة
فهي لا تؤسس قناعتها بإعدامه على القانون الذي حوكم به
بل بالموجبات التي يجب توفرها في القانون كي نطيعه
وهي بالتالي تميز المسئولية عن الطاعة
وتقدم الأولى على الأخيرة
وبالتالي فعندها أن التفكير النقدي مقدم على التواطؤ والطاعة بلا تفكير بالدوغمائيات
والعمل مع أي نظام إستبدادي بحجة ضرورات الحياة
وهي تدعو إلي التمرد على القوانين الفاشية وتعتبرها مسئولية أي إنسان نصيح
ولكن هذا هو عينه ما فشل فيه إيكمان
ويفشل فيه كل يوم العاملون في جهاز الأمن السوداني
وجل العاملين في البوليس والجيش السوداني
الفرق بين عدم الطاعة للقانون السائد والمسئولية يتأسس عند أردنت
علي مفهوم الفرد الجمعي
وهو مفهوم لو ربنا هون سأتعرض له في مداخلة أخرى

Post: #41
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 05-31-2016, 07:53 PM
Parent: #40

الأخ السناري
شكرا على هذا الاستعراض الضافي الذي تناول جوانب مهمة لم أتطرق إليها..
و فعلا عرضت بشكل جميل و واضح التبرير الفلسفي الذي استندت عليه ارنت.
نحن في انتظار المزيد من عرضك لهذا الجانب.
تعليقات خارج الموضوع:
و بالمناسبة مداخلتك دي خلتني أفكر في إنعاش الذاكرة بالقراءات الفلسفية التي تركتها منذ زمن بسبب عدم وجود المحفّز.
بالإضافة للإهتمام بمجالات اخرى زي التاريخ و اللغة و الادب. و عندي موضوع في هذا الخصوص نشرته في الراكوبة و غن شاء الله اليوم أو غد سوف انزله في بوست.

Post: #42
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: أحمد طراوه
Date: 05-31-2016, 10:57 PM
Parent: #41

غير متفق مع حنة أرندت في مماثلة الماركسية ب النازية و الشمولية
لو ربنا هون : بعود بمقاربات ماركس حول الحرية ك مفهوم و قيمة إنسانية ، و علو شاءن المجمتع عند ماركس
في مقابل الدولة ( التي هي في كل احوال التحليل الماركسي، هي دولة قامعة ) مصيرها الاضمحلال و النفي المجتمعي الجماهيري

وجهة نظر ماركس، كما هي مطروحة في الدفاتر الفلسفية ، حول العمق لاقتصادي - السلعي -،النفسي للاغتراب الإنساني alienation في المجتمع الراسمالي

أشير الي عمق تأثير كانط على ماركس على محور مفهوم الانسان ك كاءين اجتماعي واعي
.. اعني تحديدا ، رباعية كانط حول الفكر الحقوقي .. و مبداء الحرية الفردية individuality ، و سيادة الانسان على
ذاتو ال self autonomy

ثم، المبداء التاني الهام الذي اخذه ماركس من كانط the categorical imperative
حيث تستقر فكرة مبدئية : لا تجوز في حق الآخرين، ما لا ترضى ان تجوزه في حق نفسك،
اذ يرفض كانط و ماركس معا امكانية بلوغ الأهداف النبيلة عبر وسائل غير اخلاقية
كما في حالة التجميع الستاليني القسري في الزراعة ذو الملايين من الضحايا، نحو هدف الاشتراكية النبيلة


بالنسبة للشيوعيين السودانيين : لا أتصور انهم ممكن ياخدوا مبدأ ماركس و إنجلز البقول ( الحرية هي وعي الضرورة ) ، هكذا حرفيا و على عواهنه
الحرية وعي الضرورة كلام مقبول، و مبداء يمكن التماهي معه على مستوى البراكسيس الثوري البعترف بالقصور و الفشل التجريبي الماركسي نحو بناء الخبرة و التراكم
المعرفي على صعيد الاقتصاد و التنمية و البناء الاجتماعي ،

لكن ،
لا أتصور انو مبداء :،الحرية هي وعي الضرورة ( كدا حافي ) ممكن يقسم و يشتغل مع ماركسي سوداني
ملزم و مترعرع و مطبوع بعرفانية و إيمانية الثقافة الاسلامية و بعدها الروحي، حيث يحتل مفهوم القضاء و القدر و الاحتساب،
دورا هاما و مقوما أساسيا في تشكيل مفهوم الحرية و الأمان المادي و النفسي ...

شكرا اخي محمد .. كامل تقديري لك و لزوار بوستك

Post: #43
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-01-2016, 02:04 AM
Parent: #42

أود هنا إضافة عدة مداخلات ثم التعليق على مداخلة الأخوين محمد وأحمد
وسأرجع هنا لموضوعة أيكمان أو إيخمان
لم يكن إيخمان هو المسئول عن تقديم خطة الحل النهائي (المحرقة)
ولم يكن وراء صناعة أي سياسيات في الدولة
ولكنه كان تنفيدياً فقط ، تنفيذيّاً يستلم الأوامر من مرؤسيه وينفذها على أحسن وجه
مثل التأكد من سير القطارات التي تنقل اليهود إلي معسكرات الإعتقال في الاوقات المحددة لها.
لقد كان إيخمان رجلاً طموحاً يتوق للترقي عبر الإجتهاد في عمله وإرضاء رؤسائه ومخدميه
لكنه لم يكن شخصاً يفكر فيما يوكل له من مهام أو شخصاً يتجرأ بمسائلة رؤسائه عن جدوى أو قانونية أي عمل يوكل له
وكان يسعد بمكافأته ولو لفظياً على تجويد عمله والحصول على مكافآت أو ترقيات جراء ذلك.
لم يكن يكره اليهود بل كان له صداقات عديدة وقوية مع اليهود
ودعم الحركة الصهيونية قبل قرار الحل الأخير (المحرقة)
بمساهمته الموثقة بأدوار مشهودة في تهجير اليهود إلي فلسطين المحتلة قبل ذلك.
وأثناء مشاركته في تنفيذ خطة الحل الأخير لم يكن مدفوعاً أبداً بالمعاداة للسامية أو كره اليهود
إنما كان هو في موقع عبد المأمور الذي ينفذ أي امر يصدر له بغض النظر عن شكله أو مضمونه لإرضاء رؤسائه.
إذن المشكلة هنا مشكلة الإنسان الذي يلغي جوهر إنسانيته وهي التفكير والعقل
ويتحول إلي آلة أو إلي إنسان أداتي
وإلي نمط الموظف أو العامل الذي لا يسائل نفسه عن أخلاقية ما يطلب منه القيام به
كانت مشكلة إيخمان أنه تعامي عن الهدف الأعظم مما يشارك في فعله
أي ما يسمى في العلوم السياسية بفصل الوسيلة عن الغاية
بإستغراقه في تجويد تنفيذ الأوامر التي تصدر له بدون تردد
ودون إعمال النظر النقدي لجوهر الفعل نفسه أو غايته
وهو حال الإنسان الذي يتحالف مع الرزالة في الغاية أو الوسيلة ثم يخدع نفسه أو يظن مخادعاً للآخرين بأنه
يفعل كل ذلك متصالحاً مع نفسه دون أي تفكير حقيقي حول أخلاقية وظيفته ومصدر أكل عيشه
أو ربما ثروته
ويصالح نفسه وأسرته مخادعاً بأنه شخص شريف نضيف
لأنه يأكل عيشه من وظيفته المشهودة لا من سرقة البيوت ليلاً
ومن ثم يصورلنفسه بأنه مواطن صالح وربما قدوة
كيف لا وهو يؤدي صلواته الخمس في أوقاتها وربما يحج لتفغر له كل ذنوبه كمان
وأن كل ما يفعله في وظيفته أنه ينفذ ما يوكل له من أوامر .
أي أنه لا يفعل أكثر من أن يؤمن العيش الكريم لأسرته
أنه مثل صارخ
لكل رجل أمن سوداني يعذب الخصوم السياسيين في المعتقلات
و طبيب يتستر على التعذيب البين علي جلد معتقل
و رجل بوليس يرمي الطلاب المتظاهرين بالبونبان
و رجل نظام عام يحرق قلب وسمعة فتاة لأنها لبست لبساً غير محتشم أو إرتكبت خطأً مضطرة
كل منهم يفعل ما يفعل ويذهب في آخر كل يوم سعيداً مطمئناً إلي أسرته متصالحاً مع نفسه
لأنه لم يتعدى على القانون الساري بل ينفذه
أي أنه يفعل أفعالاً شريرة بنفس مطميئة وهدوء في البال
ثم يشارك بعد ذلك المجتمع في مناسباته وأنشطته بنفس التصالح الغبي مع الذات
تصالح يجعله يرجع لممارسة عمله في اليوم التالي كالعادة
وهو يدندن مع مسجل السيارة بإغنيات مصطفي سيد أحمد أو ننوسة
المشكلة الأخرى أن مجتمعاتنا نفسها وعبر تاريخها السياسي الحديث
ظلت تتصالح مع من يقوم بهذه الأفعال الشريرة
وتتعامل معهم كناس عاديين
لأنهم هم الأخ والأب والجار و عضو إدارة نادي كرة القدم
وهذا ما تطلق عليه حنا تفاهة الشر

Post: #44
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-01-2016, 04:15 AM
Parent: #43


لا ترى حنا في أي موقف يقفه الإنسان المفرد عمل فردي
لأنها تقول أن أي موقف نقفه كأفراد يضمر أو يفصح عن إستشعار للتعددية البشرية
ولتوضيح ضرور ة إستشعار وإحترام هذه الحالة الإنسانية الصميمة (التعددية)
في كل فرد يفكر، تستخدم حنا ضمير الجمع في كتاباتها
وربما نلاحظ أن الكثيرون منا يعبرون عن نفس الحالة بلا شعور في كتاباتهم
فتجد الواحد يكتب (أننا أو نرى أو نواصل) إستشعاراً إلي أنه لا يكتب لنفسه، بل لها ولقرائه
وتفترض حنا أن في هذه الحالة التي تقرنها مع عملية التفكير
حالة إستشعار الأخرين بإتفاقهم وإختلافهم معنا حصانة ضد كل محاولات إلغاء الآخر
وترى حنا أن استشعار التعددية في الإنسان المفكر حالة تتقاطع مع النزوعات الوطنية والأممية
لذا لم تكن راضية عن الطريقة التي حاكمت بها إسرائيل إيخمان
لأنها تعاملت مع الموضوع من موقع أممي كأمة
وسوقت المحاكمة لصالح الدعاية لبناء إسرائيل الدولة الأمة الضحية لدول أخرى كالنازية مثلاً
رأت حنا في ذلك إختزالاً مؤسفاً للجريمة وعقوبتها
وكانت ترى أن في إستشعار التعددية ترياق ضد هذا الإستخدام الأممي
فالتعددية أوسع من ضيق الأممية والوطنية
وأن الجريمة هنا لم تقترف بواسطة أمة ولا ضد أمة
بل أنها (الجريمة) تقترف ضد حق الناس في التعددية
وهذا يتنافى مع ما أشرت إليه في مداخلة أعلاه بوظيفة الحكومات
فوظيفتها إحترام التعددية الطبيعية في مخاليق الله
وتنظيم وحماية وسائل تداولها السلمي لكل شيء في المجتمع بما في ذلك السلطة السياسية
لا صياغة الناس كلهم حسب ما ترى أنه الأصلح لهم
الأصلح الذي لم يخلقوا عليه لكنهم سيساقوا ويصاغوا عليه

Post: #45
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: صلاح عباس فقير
Date: 06-01-2016, 05:31 AM
Parent: #44

عاجز عن التعبير،
........
بوست يتعلق بشخصية كنت أود أن أتعرّف عليها،
فشكراً لك أخي محمد عبد الله الحسين،
وشكرا لضيوفك المحترمين جداً جداً.
المهم سأتابع القراءة بإذن الله!

Post: #46
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-01-2016, 07:34 AM
Parent: #45

الأخ أحمد طراوة
مرحباً بك
لقد أوردت عدة نقاط تزيد من قيمة النقاش و إن كانت ستشعبه إلى حد ما.
و إن كانت النقط تتصل ببعضها و تزيد من سعة افق تفكيرنا و نقاشنا بما يفيد نظرتنا الكلية للأشياء.
و قد أشرت في معرض حديثك غلى عدة نقاط تشمل:
كانط و مفهومه للاخلاق و الحرية و المسئولية و الضرورة.
أما استطرادك فيما يخص الماركسين السودانيين فيمكن اعتبارها نقطة تبعدنا قليلا من صلب الموضوع الذي هو أصلاً قابل للتشعب.
و لكن لنركز في نقطتك الإبتدائية(غير متفق مع حنة أرندت في مماثلة الماركسية ب النازية و الشمولية )
المهم يا أخ أحمد نحن مرحباً بك و بوجهات نظرك
مع مودتي و تقديري

Post: #47
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-01-2016, 09:33 AM
Parent: #46

الأخ صلاح
اهلين بك
شكرا على المتابعة.
هي فعلا شخصية تستحق الاهتمام بها و دراستها،
كما تستحق الإحترام لأنها نموذج إنساني فريد.
لك مودتي و احترامي

Post: #48
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-01-2016, 06:03 PM
Parent: #47

الأخ السناري
لقد اتحفتنا باراء ارند(أعتقد كد سهل في الكتبة و النطق) حول مختلف ‏جوانب المسألة.لدرجة إنه الواحد يكتفي بالمتابعة و الفهم و ربط ‏الأفكار فقط دون التعليق.‏
والملاحظ بشكل عام أن ارند حلّقت عالياً في سماء الفلسفة و أرتفعت ‏عن الواقع أو تسامت عن الجزئيات لتلامس الكليات.‏
لذلك كانت كلماتها و اراءها تحتاج للتوضيح و الشرح في بعض ‏الفقرات حتى يمكن للجميع المتابعة لمن يود.‏
من ناحية أخرى فإن مدار اهتمامها و إهتمام الفلاسفة كان و لا يزال يدور ‏حول مفاهيم محددة هي: السعادة /اللذة و الأخلاق و الو الحرية و الواجب و الضمير.
و ‏هو ما ما كان مدار الفلسفة منذ قرون.‏
شكرا لك يا أخ السناري فقد جعلتنا نشعر باهمية أن نراجع المقولات ‏الفلسفية الكبرى و أن نفكر فيها من خلال ربطها بالواقع.‏
المهم واصل و نحن في الإنتظار.‏

Post: #49
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-01-2016, 07:53 PM
Parent: #48

تحية صلاح تحية محمد
....

تكتب حنا وهي تستعمل ضمير الجمع في مقالاتها عن محاكمة إيخمان
وهي لا تعبر بهذا الضمير عن المحكمة أو المحاكمة
وليس أبداً عن اليهود وحدهم
بل تتحدث وهي تتملّى تعددية أكبر وأعمق
تعددية تبدأ في فردانيتها
تعبر عن حالة الوجود الإنساني
وتعرض حنّا هنا لإشكاليتي الأدلجة والعولمة
هل يمكن أن نوحد الناس على مبدأ معين مهما كانت علميته (الماركسية) أو قدسيته (الأديان)
أم أن الحالة الإنسانية المرجعية الوحيدة هي حالة التعدد فوق الأمة وفوق الدين وفوق الطبقة
فالعولمة تصبح حالة خانق داخل آيدلوجية واحدة
لكنها تخلق التسامح كقيمة تائهة عندما تقوم على الإعتراف بالتعدد وتحفيزه
لا للآيدلوجيات ولا لكل محاولات التوافق حول مبدأ أو حد أدني كمرجعية
بل المرجعية الوحيدة التي يجب أن يتأسس عليها العالم عند حنا هي
مرجعية صيانة شروط التعدد بدون أي معوقات أو ثوابت
حتى لو كانت ثوابت التاريخ أو الدين أو الوطن
إنها تدعو لعولمة الإعتراف بتعددية الإجتماع البشري
عولمة التعددية الوجودية والسياسية
بعبارة الأخرى تقبل وجود الإختلافات وإعتراف الكيانات الأقوى
بحق الكيانات الضعيفة (العدد أو العدة) في رعاية تميزاتها وخصوصياتها
هي نظرية للعولمة تكتمل عبر تماثلات مكسورة أو مرهقة
بمعنى أن تيار إجتماعي أو شريحة ما ستشابه أخرى إلي حد ما ثم لا تشابهها على الإطلاق
إن نظريتها في التعددية تبحث عن شي آخر غير المبادئ يؤسس لهذه التعددية
تطرح حنا شكلين متمايزين لهذه التعددية
أحدهما يتبع للدات (فداخل كل منا واحد متعدد)
والأخر يعني بالإجتماع الإنساني العريض لا سيما في فضاءاته السياسية
وهذه في حد ذاتها إشكالية
هل يتم التمايز بينهما داخل الذات ذاتها أم خارجها
فهم هذه المسألة مهم لفهم موقف آرند (على إقتراح الصديق محمد) من محاكمة إيخمان
تشرح أرند ضرورة فهم نظريتها عن تعددية الذات
لفهم معنى مسئولية الذات عن صيانة معاني التعددية في المجتمع
وهي تعرف المسئولية هنا كفعل وعمل التفكير
والتفكير من الناحية الأخرى هو عملية تجلي الذات المتعددة
التفكير هو العملية التي عبرها نتعايش مع ذواتنا
إنه المداولة الصامتة مع الذات
وكل ذات هي منقسمة بالضرورة داخلياً ويجب أن تبقى كذلك
إن أرادت أن تبقى ذاتاً مسئولة
فأنا أستطيع التفكير فقط عبر الإنقسام إلي إثنين رغم إني واحد وسأبقى واحد
الذات المستغرقة في التفكير هي ذات متعددة

Post: #50
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-02-2016, 05:27 AM
Parent: #49

الأخ السناري
لقد اتحفتنا بكنوز ثمينة من آراء و افكار حنة ارند التي نحتاج إلى أن نتأملها في هذا الزمن الذي ندر فيه الفلاسفة و المفكرين الذين هم بقامات الفلاسفة الأوائل و عصرنا يحتاج إلى مثل هذه الافكار التي تبحث في المصير الإنساني و وجوده.
أما فيما يتعلق بأفكار حنة ارند و التي أقرأه لأول مرة ( الشكر للأخ السناري) و الذي تكرم بإيرادها، فإن ما فهمته باختصار من خلال مناقشتها لوضعية و مسئوليته ايخمان عن التهم المنسوبة إليه فهي تنظر في تسامٍ فلسفي يعلو على الواقع إلى الدولة باعتبارها اداة شمولية تهدد و تؤثر على الفرد و كذلك نظرتها للايديولوجيات التي تتجاوز فردانية الإنسان لمصلحة الجماعة و هو نفس الشيء الذي تقوم به العولمة أيضاً.
و ذلك يتساوق مع فكرتها التي عبّرت عنها في مكان آخر من أن التعظيم المبالغ فيه للقبيلة أو المجموعة أو الأمة التي تجعل منها أيقونات فإن ذلك يقود للتعصب للمجموعة أو الامة بحيث يقود في النهاية للعنف بما يهدد وجود الإنسان في تشيوءه الفرداني .و هي بذلك تُعلي من قيمة الإنسان (كفرد) بحيث لا تقل عن قيمة المجموعة.فهي بالتالي ترفض الأدلجة و العولمة لأنها تهدد (حالة الوجود الإنساني)
كسرة: هنا يبرز سؤال: إلى أي حد يمكننا أن نقارن بين رؤيتها تلك و الرؤية الدينية خاصة الإسلام فيما يتعلق بالتشابك أو علاقة الفرد بالمجموعة أو العكس .
إنسان تكتب حنا وهي تستعمل ضمير الجمع في مقالاتها عن محاكمة إيخمان
وهي لا تعبر بهذا الضمير عن المحكمة أو المحاكمة
وليس أبداً عن اليهود وحدهم
بل تتحدث وهي تتملّى تعددية أكبر وأعمق
تعددية تبدأ في فردانيتها
تعبر عن حالة الوجود الإنساني
و ترفض حنّا كذلك الأدلجة والعولمة إلا إذا اعترفت بالتعدد حتى بالنسبة لوجود الكيانات و المجموعات الضعيفة أو الصغيرة.
و قد اجترحت حنة فكرة تعددية الذات و هي فكرة تماثل مفهوم الهوية التي تتسم بالتعدد و بالبعد الفردي و البعد الإجتماعي و بالتراكب و الإنقسام و الإندغام حسب السياق.

في الختام ارجو أن لا أكون أفسدت تصورات حنة .
و في انتظار المزيد من الافكار و وجهات النظر لنمتع عقولنا و نزيل عنها صدأ الجمود الذي ران عليها زمنا.

Post: #51
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-04-2016, 01:36 AM
Parent: #50

تحية تتجدد أخي محمد والتحية لكل متابع لبوستك
في الحقيقة يا محمد أرند متأثرة بأفكار كانط لدرجة كبيرة
و أتمنى أن أجد الوقت للكتابة عن التلاقي بين أفكارها وأفكار كانط
وهي في النهاية تكافح من أجل عالم متسامح يتسامح أقوياءه مع ضعفائه
وتفلسف مرجعيتها المبشرة بهذا التسامح عبر نظريتها في التعدد
فالتعدد عندها هو الحالة الطبيعية والأولية للوجود الإنساني
لا بد من إحترامه وحمايته
والتعدد يوجد في كل أوجه الحياة ولكن الإنسان وحده من يملك القدرة على إستيعاب معناه وصيانته
لسبب وحيد هو العقل الإنساني
فالإنسان يتعدد أما الحيوان فلا
وتعرف الحيوانات في الغاب بالمتوحشة والغاب بالفظاظة وكله طبيعي
لكن غير الطبيعي أن يتحول عالم الناس إلي غابة
تفترس الحيوانات غيرها ولا تفعل البشرية ذلك
أو لا ينبغي لها كي تكون بشراً
تطور أرند نظريتها هنا عن فكرة كانط التي يقرر فيها أن التعدد يبدأ في الإنسان نفسه
فهو يفكر ودوماً يتساءل لماذا وكيف ومتى، وأين ومن)
وما تقود إليه هذه الأسئلة من أسئلة تقود بدورها إلى أسئلة أخرى
هكذا يغدو الإنسان فعلاً إنساناً ويتعدد
في المداخلة السابقة إنتهينا إلي أن نظرية أرند عن تعددية الذات تقعّد لمقاربتها المجرّمة لإيخمان
ومفهوم إذدواجية الذات مفهوم قديم
طرحه ديكارت عندما ميز بين الجسد والروح (العقل) في الإنسان منحازاً للعقل
ليأتي التجريبيون من بعده بإنحيازهم للجسد والمادة
ذلك الإنحياز الذي تبدو أعظم تجلياته في كتابات الوجودي الظواهري مارلوبونتي
وهو يدوّن سفراً عزيزاً عن دور العين في الوعي بالأشياء
وتأتي أرند بكتابة تتلاقح مع نظرية كانط عن تأسيس الهوية
كحالة ضرورية وسابقة للتفكير حيث لا تكتمل إلا بالتورط في التفكير
تنطلق أرند من مقاربات كانط ومن بعده هيجل في مسألة الهوية والذات
وتطور لمحة إذدواجية الذات الكانطية التي تتعين هويتها بالإذدواج داخل وحدتها
فهي تنظر للذات الغارقة في التفكير بإنها غارقة في الإذدواج
مثلما يذدوج الوجود الفردي عندما يتلاقى أي فرد مع فرد آخر
ترى حنا أن نتائج التعاطي بين الإنسان وعقله تحمل نفس الصدى أو الأثر المحتمل من التفاعل مع آخر أو آخرين
هذه الحالة الذاتية المتفردة (إتنين في واحد)
تنظر لعلاقتها بالتعددية البشرية على أنها دخول في مخرجات إجتماع الذات بآخرين في القريب أو البعيد
أي عودة لمخرجات التعددية البشرية (لا سيما لقاءات الفرد الأخيرة) والدخول فيها من جديد
ربما لا نستعيد عندما نفكر كل شيء أو آخر شيء حدث لنا في البيت أو المجتمع بالظبط
ولكنه شيء مشابه له
هكذا تكتشف أرند التعددية في أمنع حصون الفردانية
إن هذه النظرية في تعددية الذات، تلك التي تغرق في حوار صامت ومفتوح مع ذاتها
تمثل عند أرند ما نطلق عليه الوعي
فالوعي لا يتم خارج حالة الإرتباط بين الإنسان وعقله
ارتباطٌ لحامه التفكير عوضاً عن الأحاسيس (كما عند مارلوبونتي)
فالذات لها القدرة على تقدير قدرها
والتفكير هو النور الذي يضيء طريقها دون سواها من الكائنات إلى إدراك جلالها
فعندما أفكر أعي بنفسي عبر تفكيري ونتحول لإثنان داخل واحد
هذا الإنقسام داخل الذات تراه أرند ضرورة لشحن الذات بمعاني المسئولية
وهو ليس إنقساماً عن الذات بل في الذات أي أنه حالة تواصل بين الإنسان وعقله
بينما الإنقسام عن الذات هو حالة إنتفاء الوعي وإنتفاء إستشعار المسئولية
وإذا ما تساءلنا عن الصيغة التي يمكننا وفقها أن نقرر أن فعلاً ما صائباً أم لا
فإن الإجابة وفقاً لإرند تتحدد بموقف الإنسان مع نفسه بعد هذا الفعل
هل يستطيع التعايش متصالحاً معها بعد ذلك الفعل أم لا
لأننا في كثير من الأحيان نفعل أفعالاً تدفعنا أن نكره أنفسنا ونضرب رأسنا على الحائط
إنه الإنقسام عن النفس
وأحياناً يصل هذا الإنقسام حداً يدفع المرء للتفكير في طلاق بالتلاتة مع نفسه (أو سمها الدنيا)
فيدخل في حالة إستغناءً عن النفس التي إرتكبت فعلاً لا إنسانياً للغاية
ربما هذا هو تفسير كثير من حالات الإنتحار في السجون
أو عندما يهمل الفرد ذاته فلا يهتم بلبس أو شعر أو كل ما من شأنه أن يسعد الذات
دعنا نرجع للسياق الإجتماعي الذي تمخضت تأملات أرند ضمنه هذه الأسئلة
إنه سياق الدولة النازية والمحارق التي نفذتها ضد الإنسانية
فهؤلاء الذين رفضوا الإنسياق وراء الفحش والدموية النازية
كانوا أميناً للتعددية في الذات وعبرها التعددية الإنسانية
أما من جمدوا وعيهم وإنغمسوا طائعين مختارين في دولاب دولة ظالمة
فقد طلقوا الذات وزوّروا الإحالات إلي التفكر، التأمل أي الإحالة إلي النفس اللوامة

Post: #52
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-04-2016, 09:38 AM
Parent: #51

الأخ السناري
لا زلنا نتابع في شغف و في تروي ما تورده لنا عن ‏تقييم ارند لمحاكمة إيخمان التي شغلت العالم في ذلك ‏الوقت.‏
و لكن لدي سؤال : و هو ان ارندت ترفض أن توصف ‏بالفيلسوفة لأن الفيلسوف أو الفلسفة تهتم بالإنسان ‏كفرد.
لذلك فهي تفضّل ان يُطلق عليها لقب المفكرة او ‏المنظّرة السياسية بدلاُ عن لقب الفيلسوفة.‏
و لكن في موقفها التحليلي لوضع ايخمان كفرد ...ألا ‏يعتبر ذلك تناقضاص؟
أم هي تعتبره ظاهرة فردية و لكنه يتصرف في إطار عام ‏او تنظر غليه لكونه يتصرف في غطار سياق يتضمن ‏مجموعة ؟

Post: #53
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-04-2016, 11:24 AM
Parent: #52

يبدو أن حنة قد تأثرت بكثير من القراءات السابقة ذات التأثيرات ‏المختلفة من حيث النوع و من حيث الشدة .
لذلك جاءت أفكاره تحمل ‏تأثير معظم من قرأت لهم و تأثرت بهم.
فاكتسبت كتاباتا طابعا معقداً ‏فقد تاثرت بافلاطون و القديس اوغسطين و ارسطو و سبينوزا و كانط ‏و هيغل و الماركسية إلى حد ما و حتى جان جاك روسو و ميكافيللي.‏

الملاحظ أنه في العالم العربي و الإسلامي لم تجد كتابات حنة ارند الإحتفاء الذي ‏تستحقه إلا مؤخراً .
بالرغم من أن العالم العربي و الإسلامي لا ‏يزالان يستنطقان التاريخ و الدين و الفلسفة لإيجاد مسوغات منطقية ‏تمهد السبيل للحرية الفردية و الجماعية و للفعل السياسي و ‏مشروعيته.‏

Post: #54
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-04-2016, 12:20 PM
Parent: #53



نعم عزيزي محمد حنا ترفض أن توصف نفسها بالفيلسوفة وهي لسيت بالفريدة في ذلك
فقد سبقها الكثير من الفلاسفة مثل سورين كيريكجارد الذي رفض وصف نفسه بالفيلسوف وكذلك هيدجر وفوكو
ولكن آثارهم تمثل عماداً في بناء الفلسفة الحديثة
والفيلسوف هو كل من يتأمل في مسألة الحقيقة والوجود والميتافيزيقيا
وكل من يطرح أسئلة غير مسبوقة تجاوب بأسئلة أخري
لأن الفلسفة على عكس الأديان خصيم مبين للإجابات المطلقة والنهائية
أتفق معك في أن حنا تأثرت بكل من ذكرت وفي النهاية كل كاتب كبير هو محصلة قراءات وكتاب آخرين
لكن أعظم تأثير في أفكارها يعود لكانط وهيدجر وهي كانت تدرس الفلسفة السياسية لكانط في الجامعات الإمريكية

Post: #55
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-05-2016, 05:44 AM
Parent: #54


هل تعني أرند بأن مشكلة إيخمان أنه فقد أهم عنصر في ثنائية النفس التفكير (عنصر التفكير)
وإن عمله مع نظام فاشي يؤرخ لهذا الفقدان
أم أنه وقع ضحية ثقافة تقدم أكل العيش على كل شيء وتبرر العمل مع الظالم والفاسد
وضريبة ذلك أن يفقد أول ما يفقد النفس اللوامة ويطلق التفكير
ترى أرند أن الإنسان في حاجة دائمة لحوار لا ينقطع مع نفسه
إنه التفكير لا الفعل
التفكير حالة الحوار الصامت والمحجتب فلا يتطلع عليه الآخرون
لكنه بحصانته لتعددية الذات يحصن التعددية الإجتماعية
وبالتالي فإن من يشترك في تنفيذ سياسة إبادة للناس
يفضح فشله المسبق في التفكير وحصانة تعددية ذاته والآخرين
لأن التفكير كما يبدو ليس فقط حواراً مع الذات
فموضوعه لا يختص بإعتمالات النفس فقط بل أيضاً بعلاقاتها
وبتكييف هذه العلاقات مع الآخرين
فالتفكير حالة ممهدة لأفعال التواصل بمن هم خارج الذات
أي أن بقائي أفكّرنّ وأقيّمنّ فيه تحقيق لإنسانيتي ومن ثم حماية التعددية الإجتماعية
أي أن دورة حياة التفكير لا تكتمل إلا بأفعال للإلتحام بالتعددية خارج الذات
ومن ثم الكفاح لحماية هذه التعددية بمعني كل أفعالي يجب أن تهم بحماية تعدديتي
والتعددية الإجتماعية
وإنتفاء التفكير يشرح الأفعال غير الحريصة على حماية التعددية الإجتماعية
أما إيخمان فقد غابت عنه ضرورة التعددية في الخارج يوم تلاشت في الذات
وإغتال الإنسان داخله مخلفاً ما تبقي فيه من حيوان
وما إعدامه إلا تحصيل حاصل فقد أعدم نفسه قبلها
أعدم نفسه يوم ساهم في مصادرة حق غيره في الحياة، مصادرة التعددية
وكم هو مثير أن نرغب في قتل الميت

Post: #56
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-05-2016, 07:59 AM
Parent: #55

تحيه طيب للاخ محمد عبدالله ، سناري وكل الضيوف

تفاعلت مع شخصيه البوست ذات الفكر العاطفي الذي يؤثر في الوجدان قبل العقول وهو اقرب الي فلسفه الجمال التي تعاير الاشياء للبحث عن الجمال ، وفي حالتنا هنا اختبرت المفكره حنًا الممارسه السياسيه لتبيان جوانب الجمال فماوجدت افضل من الحريه والعداله وبحثت مكامن القبح فوجدت التصلت الذي يفضي قبح اكبر هو القتل.
هذه ملاحظتي المتواضعه نحو شخصيه حنًا ارندت الجميله.
وبما انها تأرجحت بين الفلسفه والسياسه وبرذ تعليق مهم من المشاركين


Quote: كيف يتماهى المثقفون مع الأنظمة الشمولية


لا اطن اني اتنحي عن مواصله فكره البوست اذا اشرت الي هذا التعليق المعضله الذي شوش و يشوف علي افكار الكثيرين.
هل كل من عمل او واصل عمله خلال حكم شمولي هو انتهازي ، خائن او علي الاقل من غير وعي واحساس بالجماهير (برجماتي)
السؤال المعضله اتمني ان اسمع رأي حوله خصوصا في بوست فكري مثل هذا عشان الواحد يسلم من اصحاب الطريق اتجاه واحد.
تحياتي مره اخري




Post: #57
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-05-2016, 09:32 AM
Parent: #56

الأخ محمد هاشم أبوزيد
شكرا لك
أعطيتنا دفعة معنوية كبيرة لما عرفت إنك متابع. مما يعني أن ما نقوم بمناقشته و طرحه و محاولة فهمه يجد من يتجاوب و يتفاعل معه.
أنا مدخلي لحنة ارِند Arendt هو عن طريق معرفتي بها لأول مرة من خلال ارتباطها( أو شغفها) العاطفي بمارتن هيدجر استاذها في الفلسفة. ثم تحول رد فعلي تجاهها إلى نوع من الشفقة و التعاطف استنادا إلى هذا الارتباط الذي كان فيه ظلم كبير لها حسب إعتقادي الخاص و لربما هو ليس كذلك من جانبها هي.و لكن حتى على المستوى العام فهي علاقة غريبة .لا هي قصة حب و لا هي علاقة زواج و لا هو عشق واضح المعالم و مكتمل الأركان و لكنها....لا أدري كيف اصنفها... الغريبة أن هذه العلاقة استمرت إلى أن بلغ هو من الكبر عتياً و إلى أن توفيت هي.
أما التفاتي للجانب الفكري و الفلسفسي لحنة ارندن فجاء لاحقاً. بالرغم من أني اشتريت كتابين خاصين بحنة و لكني لم أحط بكل أفكارها كما فعل الأخ السناري الذي تبحّر كثيراً في فلسفتها و أفكارها. لذلك نرجو منه التعليق على تساؤلك.
و لكني ايضا سوف أحاول ان اعلق على سؤالك الذكي. و لكن إجابتي ستكون عامة و ليست مستندة على اراء حنة فقط و لكنها ستكون في إطار مفاهيم الفلسفة العامة و التي تتضمن الأخلاق و الخير و المسئولية و الحرية.
الأنظمة الشمولية و هي في عالمنا لا تخرج من شمولية مؤدلجة أو غير مؤدلجة. فإذا كانت مؤدلجة أو عقائدية فإن خير الإنسان كمقصد نهائي يجب أن يكون هو هدفها. فإذا تناقضت الأيديولوجية مع خير المجموعة أو الفرد ( تعذيب، ذل، إعتقال، سلب لحريته الشخصية) أي كان الجانب الإنساني فيها ضعيفاً فهي غير جديرة بالإتباع.
لذا ينبغي على أي شخص ( بما في ذلك الشخص المؤمن بالأيديولوجية المعينة) أن يكون يقظ الضمير على الدوام.
لذلك أقول رداً على سؤال : هل كل من يعمل مع الشمولية انتهازي أو خائن؟
من يعمل مع الشمولية ليس على الدوام خائن أو إنتهازي و لكن قد يغيب عنه الجانب الإنساني أي روح العدالة التي يجب أن تظلل الجميع.
فالعدالة و السعادة و الحرية هي مفاهيم يجب أن تطبق على الكل و ان يستمتع بها و بثمارها الجميع.
و كما قالت حنة لفإن مثل هذا الشخص يكون قد عطّل الجانب الخاص بالتعددية لديه حسب مفهوم حنة الذي اورده السناري،
و iهو بالتالي فصل الجانب الفردي عن الجانب التعددي اي ارتباطه بالمجموعة، كما عطّل ضميره و تواصله مع الجماعة البشرية.

لا زلنا نأمل في رد و تعليق الاخ السناري.
مع احترامي و مودتي لك و له و لجميع المتابعين.

Post: #58
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-05-2016, 10:17 AM
Parent: #57

معك حق بالنسبه لشخصيه متعدده الجوانب تحمل فكر راقي مثلها يجد الانسان عده مداخل مدهشه تشده مثل انتظارها (وفائها) لشخص احبته من طرف واحد كما اعتقدت لسنوات طويله. اعتقد الصبر صفه تلازمهم اتربوا عليها في بيوتهم وتعلموها في مدارسهم ومناهج الدراسه
شي يحًير، اذكر كنت في اسبانيا خلال الاسبوعين الماضيين وفي بالي بوستيك بتاع ايطاليا رغم انك مازلت في بدايات الفكره متدحدر بين البحث عن فندق والسؤال عن الاماكن في ظل جي بي اس وبوكنغ دوت كوم، احتمال لانك تمنيت ان تزور ايطاليا في السبعينات ( ) فها انت تسرد زيارتك بأثر رجعي.
اكيد نزورك هناك بعد تبيان معالم رحلتك.
المهم نرجع للصبر وكيفيه تعاملهم ،
وجدتهم يتوقفون في خط عبور المشاه في صبر يحسدون عليه ولا يوجد ضجيج في الشارع ، فلا تعجب اذا انتظروا المحبوبه لعقود.
الطريف في الموضوع واحد علق علي حته انو الخواجات ديل ليه مبتسمين وتعاملهم راقي وودودين في اغلب الاحيان، قال لي ديل ياخي موضوعهم منتهي عشان كده ابليس سابهم في حالهم وجالس لينا نحنا.
تحياتي

Post: #59
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-05-2016, 03:00 PM
Parent: #58


إزيك يا محمد هاشم . عساك طيب

سأحاول هنا الرد على ما أثرته في الكوت أدناه مستهجناً فيه إستنكار التماهي في الأنظمة الشمولية
واصفاً له بالتعليق المعضلة الذي شوش ويشوش على أفكار الآخرين وأنه يأتي من أصحاب الطريق إتجاه واحد

Quote:

Quote: (كيف يتماهى المثقفون مع الأنظمة الشمولية)

لا اظن اني اتنحي عن مواصله فكره البوست اذا اشرت الي هذا التعليق المعضله الذي شوش و يشوف علي افكار الكثيرين.
هل كل من عمل او واصل عمله خلال حكم شمولي هو انتهازي ، خائن او علي الاقل من غير وعي واحساس بالجماهير (برجماتي)
السؤال المعضله اتمني ان اسمع رأي حوله خصوصا في بوست فكري مثل هذا عشان الواحد يسلم من اصحاب الطريق اتجاه واحد


وربما لو فهم كل قاريء ماهي صفة النظام الشمولي؟ وما هي رسالة المفكر والفيلسوف؟ لما صعب علينا إزالة أي غباش في الفهم
ولن أجيب على هذا السؤال على الأقل الآن
ولكن أنبه الأخ أبوزيد بأنه لو قرأ بتمعن آراء أرند المبسوطة في البوست سيرى أنها ليست أحادية بل تعددية
ولما إستشكلت عليه كثيراً دعوى مجافاة العمل في وظائف تنفيدية أو تشريعية ضمن دولاب الأنظمة الشمولية
فأفكارها ليست معضلة، ربما المعضلة في فهمها
على سبيل المثال دعني أنسخ لك كوت كتبته في شرح فكرتها أدناه


Quote:
ذلك أن العقل العملي الكانطي يرفض التسليم البليد لأي قانون وفي أي مكان أو زمان
بل يستوجب تمتع أي إنسان بهذا العقلٍ العمليٍ النقديٍ السابق لأي قانون
عقل عملي ينطلق من فهم نقدي لمعانى المسئولية، الحق، العدل والواجب
وبالتالي فمن المفترض في أي إنسان لا سيما العاملين في وظائف تشريعية أو تنفيذية
ضمن الحكومات لا سيما الشمولية
أن يحددوا أخلاقية وظيفتهم بالنظر لقوانين العمل والقوانين العامة ومدى إنطباقها على هذه المعاني
لأن نتيجة الإندغام في انظمة ظالمة أقسى من نتيجة البقاء بلا عمل عند حنا
وعندها إن لأولوية هي للأخلاق وليس للقانون
الأولوية لفكرة العدالة لا لقوانين النظام العام
لأن القوانين نفسها قد تكون إجرامية ولكن العدالة دوماً ثيمة أخلاقية


رغم أن حنا في التعليق أعلاه ميزت بأن من يعملون مع الأنظمة الشمولية في وظائف تنفيذية وتشريعية
هم الأكثر تناقضاً مع وجودهم كبشر بتغييب ثنائية النفس اللوامة أو النفس المفكرة
ولكنها في الحقيقة وكمفكرة تتبنى فكرة الهوية للإنسان في إطار الثنائية أعلاه
وتعلم أن في ظل الأنظمة الشمولية فإن التحدى الماثل لا سيما الماثل أمام رغام الناس كبير ولكنه لا يبرر
عندها مطلقاً دعم وجود هذه الأنظمة ليوم واحد. أو وجودهم ضمنها. وهي ليس وحدها في ذلك
وسأسوق لك دليل من السودان. فإدراكاً من النخب السياسية والنقابية لإحتمال قفز أي شمولي لإغتصاب السلطة
فقد قررت غالب هذه النخب في 17 نوفمبر 1988 التوقيع على ميثاق أسمته
ميثاق الدفاع عن الديمقراطية و قد نص الميثاق على ما في الكوت أدناه

Quote: ان تتوقف جماهبر العاملين عن الانتاج و تدخل في اضراب مفتوح في حال حدوث انقلاب عسكري يستهدف اللنظام الديمقراطي .




وقع علي هذا الميثاق ممثلو الاحزاب و لكن حدث في صباح 30 يونيو 1989 إنقلاب الإنقاذ
وللأسف لم ينفذ الشعب السوداني العصياني المدني المتصور لأسباب كثيرة منها مثلاً
أن غالب الشعب السوداني أمييون لم تمتلك النخبة السياسية أدوات للتواصل معهم وتثقيفهم بضرورة إسقاط أي شمولية
كما حدث في الغرب أعقاب الثورة الفرنسية
فظل الكثيرون مغيبين عن خطورة التعاون مع وتثبيت أركان دولة الحكم الشمولي
فلم يثر الناس على الإنقلاب صباح تلك الجمعة الحزينة وذهب الناس الي اعمالهم يوم السبت كالعادة و :أن شيئا لم يحدث
نعم كانت أشضاً لثعلبانيات قيادات هذه السلطات دور كبير في تضليل الجماهير
ولكن المحصلة أن الوعي السياسي في البلاد الأمية لا زال في أطواره الجنينية وأمامه الكثير حتى ينمو إلي درجة فهم
خطورة الشموليات على إنسانية الإنسان ورميها في مزبلة التاريخ إلي الأبد
هل هذه الدعوة هي دعوة للسير في طريق ذو إتجاه واحد
وهل النظام السياسي الشمولي هو خيار وحيد أمام المواطن العادي، لعل هذا ما يبدو على الأقل لبعض الناس
والبعض بعذرهم فشبيه الشيء منجذب له، فلا تتوقع من عامة الإسلامييين غير دعم الإنقلاب
رغم تردد نخب مثل الطيب زين العابدين والطيب حاج عطية وربما لحد ما حسن مكي
لأنهم أكثر قدرة على رؤية ما هو غير ظاهر وأكثر وعياً بضرورات التعددية
وما هو غير ظاهر لفت نظرنا إليه هيجل عطر الله ذكره بأن كل ظاهرة وكل نظام
ينجب معه ومنذ لحظة ميلاده نقيضه
والمفكر هو أول من يستحضر هذه الحقيقة غير المرئية لكن يرشد الناس إلي
الإصطفاف في الصف النقيض من الظلم لإستعجال خطواته في الطريق الآيل إليه
أي نظام في حركة التاريخ البشري له تاريخ ميلاد وتاريخ وفاة
وحركة الحياة اليومية هي حركة تراكم للتناقضات بين أي نظام ونقائضه
حركة النظام تمضي بإتجاه آخر يوم له وحركة النقائض تمضي بإتجاه تحول الكم إلي كيف
تنفجر الأوعية عندما تصل الماء درجة الغليان
والتاريخ هو الماعون وأخطاء وتجاوزات الأنظمة الشموليه هي النار التي تلهب الماء (الشعب)
حتى الإنفجار
هنالك من يقررون موقعهم منذ اليوم الأول وما هجرة الألوف في بقية 1989 من السودان
إلا موقف وعي بأن الأنظمة الشمولية ليست هي الطريق ذو الإتجاه الواحد
هنالك بروفيسورات يقودون أمجاد او يبيعون الفحم الآن في السودان
لأنهم وعوا بأن الحكومة ليست هي الله الذي يرزق الحياة فكان كبرياءهم لا الحكومة صاحب الكلمة الأخيرة
مثل هذه المواقف هي ما تعجل بنهاية عهود التسلط
قد تبدأ الحركة المقاومة وهي تعاني من كل العقبات التي يصنعها التسلط وهو في عنفوانه
قد تبدأ محدودة العدد والعتاد أو تعاني عثرات المخاض
لكنها تمضي متقدمة مقابل نظام يتقهقر بإتجاه يومه الأخير


Post: #60
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-05-2016, 09:20 PM
Parent: #59

اخونا سناري
رمضان مبارك عليكم جميعا
شكرا علي التوضيح والرد الوافي الطويل للسؤال المعضله
اعتقد ردك جاء مطولا لصعوبه السؤال الشي الذي لم تتفق معي فيه ولكن هكذا بدأ لي لذلك امنحني فرصه اجهز ردي علي النقاط التي اشرت اليها
مبدئيا انت من كتب تماهي ، في سوالي كتبت مجرد عمل، اذا سلُمت بان الفرد اذا كان مفكر او انسان عادي تماهي مع نظام شمولي لما كان هذا السوال اصلا،
كذلك لن التزم بالاطار الفكري للسيده حنا في معرض ردي، بل المناسب في هذا الموضوع هو هرم ماسيو للحاجات بالاضافه لقيم الانتماء للوطن والمشاركه فيه علي الصعيد السياسي والاجتماعي
الامثله التي سقتها من السياسه السودانيه الحاليه لا تتفق مع نقاش الفكره ، counter example
لن اهرب من اراء السيده حنا التي تمترست حولها واقول للاستاذه حنا بيئتها وزمانها
او كلامها ليس هولي قران، رغم اني محق اذا ركنت لهذه الفكره، لكن اعتبره هروب تكتيكي ونحن ليس حكومه معارضه لافعل ذلك. بل نناقش فكره حوت نقطه محدده ابرزت السوال
هل من رفض سواق رقشه وفضُل يعمل في مجاله لخدمه الوطن خائن؟
لي عوده للرد والتوضيح
تحياتي،،،

Quote: التماهي في الأنظمة الشمولية

Post: #61
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-05-2016, 10:20 PM
Parent: #60


رمضان كريم محمد هاشم وإنشاءلله يعود علينا والوطن ينعم بالحرية والعدل والسلام
أعلم أن عبارة تماهي في الأنظمة الشمولية تعود إلي أنا ولكنك أوردتها في مداخلتك
التي تنتقد فيها فكرة رفض خيانة تعددية الذات بالعمل في دولاب النظم الأحادية وركزت
بالذات على الوظائف التنفيذية بحسبان القيم هي معيار القانون وليس العكس
وأوردتها أنا في الكوت للرد عليك حتى يستقيم الأمر ويفهم من يقرأ المداخلة أن كلامك
جاء رداً للعبارة. وحتى لا يحدث الخلط الذي تكلمت انت عنه عينتها أنا بوضوح ككوت داخل كوت
فلو إختلط عليك الأمر لا أظنه سيختلط على غيرك.
ومن يعمل في وظائف تشريعية وتنفيذيه ضمن أي نظام يتماهي معه، كتبت هذا بوضوح
وأصر عليه وعليك الدفوع بما يجلي قناعتي هذي عن عكسها
هل يمكن أن تشرح لنا كيف أن هرم ماسيو للحاجات أنسب لمعالجة هذا الموضوع أكثر من أفكار حنا؟؟
كيف لا يتفق ما أوردته عن ميثاق الدفاع عن الديمقراطية مع نقاش الفكرة ؟؟
انت تحيرني بجد يا أخي!!! حاول قراءة ما كتبت مرة أخرى
وأرجو أن لا يكون تعنيفي لك في بوست الممحكات المنطقية قد خلد فيك أثراً تستدعيه في محاججات في غير محلها
ريلاكس

Post: #62
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-06-2016, 02:08 AM
Parent: #61

مساء الخير والتحيه الطيبه عليكم
لم اقصد ميثاق الديمقراطيه تحديد ولكن قصدت استخدام السياسه السودانيه counter example لاثبات نظريه غير مقبول.
كلمه تماهي وردت في البوست لم اقولك لها
العفو لا اذكر اي تعنيف منك ياخي في ذلك البوست
اما الريلاكس ، انا ريلاكس علي الاخر ما تشيل هم، في مداخله سابقه حييت صاحب البوست علي زيارته لايطاليا
وانا برضو كنت في اسبانيا وراجع من 5 ايام فقط كيف ما اكون ريلا كس. هههههههه
تحياتي،

Post: #63
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-06-2016, 02:24 AM
Parent: #62



محمد هاشم تحيات زاكيات

والله ياخ ودرتني شديد ياخ بطريقة ما حصلت لي خلال 12 سنة من النقاشات العامرة في المنبر
بقيت ما عارف انت بتقول شنو وما بتقول شنو
ونفس الشيء حصل معاك في بوست المغالطات المنطقية. عليك الله راجعه
ليس من طابعي التعنيف لكن يبدو أننا نتحدث لغتان مختلفتان
حقيقي بقيت عاجز عن فهم ما تقول وما تقولني
أرجو شرح ما تريد أن تقول بوضوح وبساطة حتي نستجيب لبعض بشكل أفضل
تحية وسماح

Post: #64
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-06-2016, 12:29 PM
Parent: #63

مافي مشكله

مداخلتي الاخيره كانت دعابه علي كلمه ريلاكس ما اعتقدت انها ستودرك ههه
بخصوص الفرد الذي يعمل في ظل نظام شمولي، اختلف مع السيده حنّا واقول بصوره مباشره وبسيطه بعيد عن الودير
ليس مساند للنظام وليس جزء منه وانما مساند لوطنه وشعبه مع اشباع حاجاته الانسانيه التي صاغها ماسيو في هرمه للحاجات
اكتفي بهذا القدر هنا علي امل مواصله الحوار حول السؤال المعضله في فرصه اخري
رمضان كريم و السلام عليكم

Post: #65
Title: Re: حنّا ارندت: الطالبة ،العاشقة ،المطاردة:
Author: Sinnary
Date: 06-06-2016, 04:04 PM
Parent: #64



Quote: مداخلتي الاخيره كانت دعابه علي كلمه ريلاكس ما اعتقدت انها ستودرك ههه


ولله يا بوحميد نحن بنتكلم لغتين مختلفتين.. لكن على كل حال نقطة نقطة ممكن نوصل لبعض أفضل

Post: #66
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-06-2016, 06:51 PM
Parent: #65

أخي محمد تحية
رجعت لمداخلاتك للبحث عما تعتبره مشكلة في كتابتنا عن حنا أرند
ووجدت أن المشكلة أو ما تسميه بالمعضلة بدأت عندك بعبارة (التماهي في الأنظمة الشمولية)
ظننت أنا أن العبارة تعود لي لأنها تتفق تماماً مع شروحي لنظرية أرند عن التعددية السياسية
وعندما راجعت مداخلاتي لم أجد العبارة ضمنها لكني سأتبناها على كل حال
وكتبت انت راداً على العبارة إياها ما يلي



Quote: هل كل من عمل او واصل عمله خلال حكم شمولي هو انتهازي ، خائن او علي الاقل من غير وعي واحساس بالجماهير (برجماتي)
السؤال المعضله اتمني ان اسمع رأي حوله خصوصا في بوست فكري مثل هذا عشان الواحد يسلم من اصحاب الطريق اتجاه واحد.



يعني فهمت انت من وين ما عارف
أننا نتطرف ونخون كل من يعمل في الحكومة الموصوفة بالشمولية كالحكومة السودانية
ورغم دور الشموليات في تذرير المجتمع حتى تتحكم في أفراده
إلا أننا لم نخون في أي مداخلة كل من يعمل في الحكومة
لقد فصلنا في القول
فكتبنا مراراً وتكراراً باللفظ المحدد (العاملين في وظائف سياسية تشريعية وتنفيذية)
وحددنا أفعالاً دون وظائف حتى نكون أكثر دقة
فقلنا رجل البوليس الذي (يستعمل) البنبان في تفريق المتظاهرين
والطبيب الذي (يزور) التقارير عن تعذيب المعتلقين
ورجل الأمن الذي (يمارس) التعذيب
لماذا يغيب عنك كل هذا التفصيل
ثم تختزل أفكار البوست كلها في فكرة تخوين الناس
لقد مجّد البوست هؤلاء الذين تقدم وعيهم لدرجة
النأي بالعمل في أي وظيفة في الدولة البوليسية
لكنه لم يخوّن أبداً من لم يفعل ذلك ما دام لم يتورط في القمع أو الفساد
لأننا نعلم الفرق بين الفرض والمندوب ههنا
وإذا أردت سأجمع لك في مداخلة واحدة كل ما كتبته في هذه المسألة
وإن كان لديك ما تستند عليه في أننا خوّنا العاملين
في وظائف غير سياسية أو تنفيذية في الدولة فأورده لنا
أرجو أن ألفت إنتباهك في مداخلاتك القادمة
إلي ضرورة البقاء في سياق البوست
لأنك حرفت موضوع بوست المغالطات المنطقية
وأراك تعاود الأمر نفسه مع هذا البوست
موضوع البوست أفكار حنا أرند ما بين الأخلاق والسياسة
ما عندي مشكلة أن تطرح في البوست هرم ماسيو للحاجات، بل أشجعك على ذلك
لكن ستبقى مرجعية البوست هي حنا أرند
وأعدك بأنني سأتعرض لكل ما تطرحه عن هرم ماسيو على هذه المرجعية
أذكر هذا لأنك ذكرت بأن:
(للاستاذه حنا بيئتها وزمانها او كلامها ليس هولي قران)
معك حق فقط إنتقده نقداً صميماً وسنناقشك فيه
لكننا لن نتحول لنقاش مواضيع أخرى على الأقل في هذا البوست
مرة أخرى أذكرك بأنني عندما تحدثت عن البروفيسرات الذين يقودون أمجاد
لم أقل يفترض أن يستقيل كل مواطن من وظيفته ويقود أمجاد
كل ما قلته أن كل من يتورط في وظيفة تمارس القمع أو تتورط فيه بأي درجة
عليه أن يتحمل مسئوليته الأخلاقية
من ناحية أخرى كتبت انت:
استخدام السياسه السودانيه counter example لاثبات نظريه غير مقبول.

وهذا ما قصدته أنا بكلمة ودرتني
لم أقصد إطلاقاً سفرتك لإسبانيا فليست هي قضيتنا هنا
ارجو أن تشرح لي ما تقصده
لأن ما كتبته أنا أن الوعي السياسي العام في السودان على سبيل المثال
(وركزت أنا على كلمة مثال) لم يبلغ مرحلة المقاطعة العامة للأنظمة الشمولية
وأنه رغم أن القوى السياسية مهرت وأقسمت قسماً غليظاً أيام الديمقراطية الأخيرة
علي تنفيذ العصيان المدني إذا قفز أي عسكري بليل لإغتصاب السلطة
إلا أنها فشلت في الإمتحان العملي لخلل في التواصل بينها وشعبها
وأن الحالة الناجعة الوحيدة في عزل الشموليات تكون بالعصيان المدني
لا بالإستقالة من كل الوظائف الحكومية كما أردت أن تقولني
على العموم أنا في إنتظار هرمك الماسيوي عشان نحدد موقعه من موضوع البوست
وأن توضح لنا المعضلة التي تورطنا بزعمك فيها
إفطار سعيد

Post: #67
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-06-2016, 07:49 PM
Parent: #66

اخونا سناري تحيه طيبه
مداخلتك معقوله اجبرتني اعود للنقاش وحسيت انك لاول مره تقرأ مداخلاتي السابقه بعقل مفتوح.
اولا كلمه تماهي انا ذكرت لك في مداخله سابقه انها وردت في البوست ولم تكتبها انت تحديدا. (انا قاري جيد لهذا البوست).

حته counter example التي تقول ودرتك انا قاصد بها ايراد امثله لاثبات فكره غير مقبول في علم المنطق، خصوصا في حالتنا هذه لسببين، اولا
عشان ما يكون النقاش حكومه ومعرضه من ناحيه ومن ناحيه ثانيه لخطأ منهج ضرب الامثله في امور منطقيه. خصوصا انت اشرت في ردك الاول علي سؤالي ان الذي يميل للعمل في نظام شمولي هو اقرب لهم
في الفكره.

هنا
Quote: والبعض بعذرهم فشبيه الشيء منجذب له، فلا تتوقع من عامة الإسلامييين غير دعم الإنقلاب


موضوع التخوين حاضر في مواجهه تلك الشخصيات التي تعمل او تتعاون مع نظام شمولي، والامثله كثيره واعتقد انت تابعت المنبر هنا تحديدا ، الدنيا قامت ولم تقعد ضد شخصيات حاورت او فقط
دعمت الحوار.
لي عوده ان شاء الله

Post: #68
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-06-2016, 08:05 PM
Parent: #67

Quote: حته counter example التي تقول ودرتك انا قاصد بها ايراد امثله لاثبات فكره غير مقبول في علم المنطق، خصوصا في حالتنا هذه لسببين، اولا
عشان ما يكون النقاش حكومه ومعرضه من ناحيه ومن ناحيه ثانيه لخطأ منهج ضرب الامثله في امور منطقيه. خصوصا انت اشرت في ردك الاول علي سؤالي ان الذي يميل للعمل في نظام شمولي هو اقرب لهم
في الفكره.


ولله ما فاهم . معليش ممكن توضح أكتر قاصد شنو

Post: #69
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-06-2016, 08:56 PM
Parent: #68


حدد اي جزء ما فهمتو وانا حاضر للشرح

Post: #70
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-06-2016, 09:16 PM
Parent: #69


counter example.1
أرجو أن تشرح الخطأ الذي سميته الكاونتر إكسامبل ضمن ما إستعملته أنا من عبارات أي كاونتر لشنو وكيف إعتبرته خطأً منطقياً
2)ايراد امثله لاثبات فكره غير مقبول في علم المنطق (ممكن تشرح وين موقع بوستنا ومداخلاتنا من علم المنطق
ووين في علم المنطق تم حظر إستخدام الإمثلة لإثبات الأفكار
3)عشان ما يكون النقاش حكومه ومعرضه من ناحيه (وين موقع نقاش الحكومة معارضة من البوست ومداخلاتي
4) انت اشرت في ردك الاول علي سؤالي ان الذي يميل للعمل في نظام شمولي هو اقرب لهم في الفكره. (لياتو عمل ثم ما هي حجتك ضد الفكرة عموماً
والتحية من قبل ومن بعد

Post: #71
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 01:48 AM
Parent: #70


الله يحيك

ممتاز انك وضعت نقاط محدده نواصل حولها الحوار عشان نكون علي ارضيه مشتركه او لغه مشتركه

Post: #72
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 12:45 PM
Parent: #71

تحيه عطره
Quote: counter example.1 أرجو أن تشرح الخطأ الذي سميته الكاونتر إكسامبل ضمن ما إستعملته أنا من عبارات أي كاونتر لشنو وكيف إعتبرته خطأً منطقياً 2)ايراد امثله لاثبات فكره غير مقبول في علم المنطق (ممكن تشرح وين موقع بوستنا ومداخلاتنا من علم المنطقووين في علم المنطق تم حظر إستخدام الإمثلة لإثبات الأفكار
من ضمن النقاط الاربعه التي حددتها للتوضيح ساختار 1،2 مقدمه:the notion of proof in mathematics:Amathematical proof is valid logical argument in mathematics whichshows that a given conclusion is true under the assumption that thepremisses are trueاي تبدأ بصحه الفرضيه وتحاول اثبات خطائها او العكس خطأ الفرضيه وتحاول اثبات صحتها. هذا هو المفهوم العام لاثبات الفرضيات وفق حج () محدده في علم الرياضيات. علم المنطق وعلم الرياضات يعتبران وجهان لعمله واحده لعلم الفلسفه بختلف ضروبها.ناخذ من ردك الاول واحاول اركب الاشياء علي بعضها وفق المفهوم اعلاه.
Quote: رغم أن حنا في التعليق أعلاه ميزت بأن من يعملون مع الأنظمة الشمولية في وظائف تنفيذية وتشريعيةهم الأكثر تناقضاً مع وجودهم كبشر بتغييب ثنائية النفس اللوامة أو النفس المفكرةولكنها في الحقيقة وكمفكرة تتبنى فكرة الهوية للإنسان في إطار الثنائية أعلاهوتعلم أن في ظل الأنظمة الشمولية فإن التحدى الماثل لا سيما الماثل أمام رغام الناس كبير ولكنه لا يبررعندها مطلقاً دعم وجود هذه الأنظمة ليوم واحد. أو وجودهم ضمنها. وهي ليس وحدها في ذلك
اعلاه كلام عام يتماشي مع افكار السيده حنا .في الفقره التي تليها من ردك هرعت الي ضرب مثال من السياسه السودانيه.
Quote: وسأسوق لك دليل من السودان. فإدراكاً من النخب السياسية والنقابية لإحتمال قفز أي شمولي لإغتصاب السلطةفقد قررت غالب هذه النخب في 17 نوفمبر 1988 التوقيع على ميثاق أسمتهميثاق الدفاع عن الديمقراطية و قد نص الميثاق على ما في الكوت أدناه
في الفقره اعلاه من ردك بدأت انت تسوق امثله من السودان. هنا انا لا الومك او افرض عليك ماذا تكتب وكيف تدافع علي كلام.لكن هذه الفقره كانت بعيده عن الاجابه علي سوالي. لذلك طلبت منك لا تسوق دليل من السياسه السودانيه المعاصره. فهذه الفقره قادتنا الي (فرضيه) سقوط الانقلاب بتنفيذ العصيان المدني. ولاحقا عزيت الفشل في تنفيذ العصيان واستمرار الحكومه لجهل الشعب ودهاء الحكومه.بعد مداخلتك هذه كهربت النقاش وصار كل من ياتي متداخل بعد هذه الفقره سيتحول الي اما حكومه او معارضه. الا تتفق معي في ذلك! وهذا في ظني يوضح كيف تخلص نقاشاتنا السياسيه الي تصنيف المشاركين اما حكومه او معارضه.نواصل مع للفقره 2 من مداخلتك
2)ايراد امثله لاثبات فكره غير مقبول في علم المنطق (ممكن تشرح وين موقع بوستنا ومداخلاتنا من علم المنطق
ووين في علم المنطق تم حظر إستخدام الإمثلة لإثبات الأفكار

() Argument

Post: #73
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 12:59 PM
Parent: #72


لتتمه المداخله اعلاه وقبل الدخول في النقطه الثانيه اكتب محتويات هرم ابراهام ماسلو للحاجات التي تدعم دفوعاتي في الاجابه عن السوال المعضله هل كل من عمل او واصل العمل وفق نظام شمولي هو برجماتي؟ لانو الي الان منتظر اجابه من اصحاب الراي المعاكس ولم اقدم دفوعاتي التي تدعم راي. اهو اتورطت مع سناري واصبحت متهم مطلوب اقدم اجابات بعد كنت طالب اجابات.

هرم ماسلو للحاجات:
تدرج الحاجات أو تدرج ماسلو للحاجات أو هرم ماسلو هي نظرية نفسية وضعها العالم أبراهام ماسلو، وتناقش هذه النظرية ترتيب حاجات الإنسان؛ وتتلخص هذه النظرية في الخطوات التالية:
يشعر الإنسان باحتياج لأشياء معينة، وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه، فالحاجات غير المشبعة تسبب توتراً لدى الفرد فيسعى للبحث عن إشباع هذه الاحتياجات.
تتدرج الاحتياجات في هرم يبدأ بالاحتياجات الأساسية اللازمة لبقاء الفرد ثم تتدرج في سلم يعكس مدى أهمية الاحتياجات.
الحاجات غير المشبعة لمدد طويلة قد تؤدي إلى إحباط وتوتر حاد قد يسبب آلاماً نفسية، ويؤدي ذلك إلى العديد من الحيل الدفاعية التي تمثل ردود أفعال يحاول الفرد من خلالها أن يحمي نفسه من هذا الإحباط.

تحياتي،،

Post: #74
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-07-2016, 02:03 PM
Parent: #73


Quote: من ضمن النقاط الاربعه التي حددتها للتوضيح ساختار 1،2 مقدمه:the notion of proof in mathematics:Amathematical proof is valid logical argument in mathematics whichshows that a given conclusion is true under the assumption that thepremisses are trueاي تبدأ بصحه الفرضيه وتحاول اثبات خطائها او العكس خطأ الفرضيه وتحاول اثبات صحتها. هذا هو المفهوم العام لاثبات الفرضيات وفق حج () محدده في علم الرياضيات. علم المنطق وعلم الرياضات يعتبران وجهان لعمله واحده لعلم الفلسفه بختلف ضروبها.ناخذ من ردك الاول واحاول اركب الاشياء علي بعضها وفق المفهوم اعلاه.


لا حول ولا قوة إلا بالله ! لماذا كل هذه الخرمجة
وإذا انت أصلاً ما عندك البتضيفه ليه تعوق سير البوست
متين كان افستنباط بيستخدم في نقد الكتابات السياسية
خليك من الإستنباط حتى الإستقراء الأقل شأناً لا يستخدم في الكتابات السياسية
أنا كتبت بوست عن مشكلة النظرية العلمية إتعرضت فيه لمحاولات كارل بوبر نضر الله وجهه
لتلقيح الإستقراء بالإستنباط في فكرته عن قابلية الدحض في النظرية العلمية لإعطائها شيء من الموثوقية
انت بتعرف إستخدامات الإستنباط شنو "
الinduction؟


Post: #75
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 06:01 PM
Parent: #74

كمان ما قادر تصبر حتي اوضح النقطه الثانيه

انت مندفع شديد الشي الذي لا يتفق مع النقاش الفكري
لهجتك تشبه اركان النقاش في النشاط زمان ههههه

Post: #76
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-07-2016, 06:22 PM

يا محمد لكن كمان ما ممكن تدخل لي الإستنباط في إستعراضنا لأفكار حنا أرند
حاجة بتزعل حقيقي
المهم مازال في مقدورك إفحامنا بإمكانية إستخدام الإستنباط لنقد الأفكار الفلسفية أو السياسية
بعدين ما انت النقطة التانية وباقي كلامك كله مأسسه على النقطة الأولى
وبالتالي انت مطالب في البداية تثبت لينا إنه أرضيتك البتبني عليها هي أرضية
VALID

Post: #77
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 06:57 PM
Parent: #76


عندك اعتراض انو علم الرياضيات وعلم المنطق شي واحد؟
اذا كانوا شي واحد، يبقي من حقي استعمل اي طريقه استخدمت في اثبات الارقام لاثبات المنطق الرك علي فلسفه الامور وتركيبها في غالب مقبول قابل للتعاطي


اما الاستاذه حنًا عندما اصرت علي حضور المحكمه ونظرت للمتهم وجدته انسان عادي ما عندو قرون كما كانت تتصور
اتوقع باندفاعك ده يا استاذ سناري لو كنت انت في المحكمه مكان حنًا ، اول شي كان هتفت يا خائن يا عميل
واحتمال كان لحقته تفه جامده علي وجهه. هههههه




Post: #78
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-07-2016, 07:33 PM
Parent: #77

الأخ محمد هاشم
رمضان كريم
يا ريت لو طلعنا من جو الرد و الرد المضاد عشان نركز و نشارك
بعدين سيدة الموضوع حنة في انتظارنا لنجلو عنها ما غمض علينا.
الأمور واضحة اعتقد فيما يتعلق بالسلوك الإنساني و الأخلاق و الضمير.
هذا أعتقد مدار الموضوع بشكل أو بآخر و هو ما جعل حنة تفكر فيه من خلال ايخمان.
و حسب فهمي البسيط للموضوع إنه حنة كان بيشغلها الجانب البيتعلق بالشر عند الإنسان.أي إ كيف أو ما هي الظروف التي تجعل الإنسان يتخلى عن إنسانيته و عن ارتباطه بالبشر الآخرين ؟
و السؤال ده بينطبق في أي زمان و مكان على مجموعة من البشر تقوم بما فعله ايخمان.
لذلك يظل التساؤل مهم و يطرح نفسه بشدة كلما حدثت أزمة (غالباً سياسية) و التي تجعل من الإنسان البشري كائن لا قيمة له من وجهة نظر كائن بشري آخر و كل ذلك في سبيل إقتناعه بمبدأ أو أفكرة أو إنسياقأ لقناعات خاصة تتمثل في الالتزام بالأوامر أو القانون.

Post: #79
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: Sinnary
Date: 06-07-2016, 07:50 PM
Parent: #78


الرياضيات والمنطق ما علم واحد وإلا ما كان عندهم إسمين لكنهما يشتركان في قاعدة تميزهما عن غيرهما
وهي أنهما العلمان الوحيدان القابلان لتطبيق قواعد الإستنباط الموثوقية
عشان كدا عندما حاول فلاسفة العلوم والعلماء إثبات موثوقية نظرياتهم العلمية لقوحها بالرياضيات
بعدين دا أصلاً ما كان موضوعنا أي علاقة الرياضيات بالمنطق
أنا في إنتظار تطبيقك للإستنباط على أفكار حنا التي أوردناها في هذا البوست أو تلك التي لم نوردها
ما عندي مانع تستخدم الرياضيات أو المنطق أو حتي الميكانيكا في إثبات حججك
بس في البداية أنا قلت ليك لا يصح مبدأياً إستخدام الإستنباط في محاكمة الأفكار
الحكاية ما رأي ورايك
أثبت لي ببراهين جلية إنه كلامي ما صح
وإنه في نظرية أو بادرة أو أي شيء بقول ممكن تطبق قوانين الإستنباط علي الأفكار
وبعدين عليك الله ما تحرف الأمور أكتر مما فعلت
أنا بكتب عن أفكار حنا عن محاكمة إيخمان
فما بالك وإني حأتف ليه في وشه ولا لا
انت عارف حنا كان موقف أصعب من التف؟؟؟

Post: #80
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 08:27 PM
Parent: #78

الاخ محمد عبدالله
استمتعت باراء حنُا خلال هذا البوست الشي الذي جزبني للمشاركهبعد ان وصفت قبح سلوك الفرد الذي ينفذ اوامر الجلاد ومتفق معها في ذلك، خلص الي ان المتهم ايخمان انسان عادي من حيث الشكل يشبه سائر البشر وهو ما يتفق ولو قليلا مع سؤالي الذيطرحتهلذلك سامضي في تقديم دفوعاتي عن السؤال المعضله . وهو بحق معضله منذ ان كنا في الجامعه ومرورا بهذا المنبر وخارجه وسيظل معضلهالي قيام الساعه ان لم نتناوله بشي من المنطق بعيذ عن العاطفه او الاصطفاف .اوعدك اخرج من الدائره التي نصبها لي الاخ سناري باحكام بعد اذا ادليت بردي علي السؤال وهممت بالرحيل من البوست ولكنه استطاع ارجاعي.لذلك سأواصل في البوست فقط لاقدم فكرتي كامله عن المعضله وليعزرني الاخ سناريالتحيه لكم

Post: #81
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-07-2016, 10:49 PM
Parent: #80

في اطار البحث عن توفيق اوضاع الفرد الذي اثر اشباع الحاجات الاساسيه واندغم في الحكم الشمولي ، اقدم انواع السلطات التي اتفق عليها
البشر وهي:

أنواع السُلطات

السُلطة التقليدية: هي قوة تستمد شرعيتها عن طريق احترام الأنماط الثقافية الراسخة.

السلطة الكاريزمية: هي قوة تستمد شرعيتها من خلال القدرات الشخصية الخارقة للعادة والتي تُلهم الولاء والطاعة.

السلطة العقلانية القانونية: وتُعرف كذلك بالسلطة البيروقراطية وهي القوة التي تستمد شرعيتها من القواعد واللوائح المعمول

السؤال الذي يطرح نفسه ، هل ما حدث في السودان في 64 و 86 يندرج تحت النوع الاول ام الاخير!؟
وماهو تصنيف حكم العسكر من هذه الانواع الثلاث.
خصوصا ان الحكم العسكري هو السائد في افريقيا ومعظم الدول الناميه.
نواصل


Post: #82
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-09-2016, 09:53 AM
Parent: #81

لذلك اقول
الحكم العسكري والحكم القبلي هو نوع من انواع السلطه في افريقيا.

اذا تناولنا ديمقراطيات الصادق المهدي وبحثنا لها عن تصنيف وفق المفهوم العام لانواع السلطات المعروف، لوجدناها اقرب للسلطه التقليديه منها للبروقراطيه.
دي محاوله للاجابه علي اسئلتي التي طرحتها في زيل المشاركه الاخير.
طيب ده علاقتو شنو بموضوعنا الحالي وبسؤالي المعضله.
العلاقه اتت من محاوله الرد علي اصحاب الاتجاه الواحد في تصنيف شرعيه الحكومات فهي نظرهم حكومه مغتصبه خائنه غير قانونيه ويتوقفوا عند هذه الحد ويطالبوا الجميع التوقف في نفس النقطه بعديدا عن الحكومه.

Post: #83
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-09-2016, 10:59 AM
Parent: #82

الأخ محمد هاشم
آسف لتأخير الرد بسبب مشغوليات طارئة بالإضافة لبرنامج رمضان.
انا الحقيقة لا أدري بماذا أعلق؟ لأن الموضوع أساساً عن حنة و المحاكمة لكن انت ابتدرت النقاش فانساق بعيداً( و لا إعتراض لي عليه إذا كان يتعلق بالموضوع المطروح بشكل أو بآخر.
و الحقيقة كنت متابع نقاشك مع الاخ السناري و لم أحاول التدخل بينكم لأنه شكله كان بينكمبقية حديث لم يحسم بعد لذلك لم أتدخل لأني بعيد عن جوهر الموضوع.
لكن شايفك دخلت في شرعية الحكم و أتنواع الحكم. فالجزء اللي ممكن أعلق عليه هو أن شرعية اي حكم بتستمد من الشعب و من الدستور أو القوانين الموضوعة. و احترامها و التقيّد بها.
في أفريقيا المسألة بتختلف و لا يؤخذ بها كمثال لانه حتى من المنظور البراجماتي هي أنظمة أضرت بشعوبها( قصدي الأنظمة العسكرية أو التي يتم الإستيلاء عليها بالقوة.و لا يشفع لها الشعارات التي ترفعها و لا محاولات اكتساب الشرعية بتزيين اتلوجه و تغيير الملامح بابتداع أشكال جديدة للتعبير عن الحكم الجديد.
قد يشفع لتلك الأنظمة إذا احترمت المواطن و احترمت تطلعاته المشروعة في بناء مستقبله و إشراكه بصورة فعالة في الحكم. و هذه بنادرا ما تحدث لأن الأنظمة العسكرية أو الديكتاتورية تنتهك أول ما تنتهك حرية الفرد و كرامته و حقه في أن يقرر من سيحكمه و كيف يحكمه و في ترتيب الاولويات. هذا كله أذكره بغض النظر عن الجوانب الأخلاقية و المعنوية.
مع مودتي

Post: #84
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد هاشم ابوزيد
Date: 06-09-2016, 11:32 AM
Parent: #83

الاخ العزيز محمد عبدالله، عزرك معاكم وانا زاتي ما مستعجل لان ده نقاشي فكري دعه ياخذه ما ياخذ من وقت.

البوست وسيره الاستاذه حنُا، هو موضوع مفتوح قابل للتفاضل متناوله حجج من شي ضروب المعرفه المختلفه من الاجتماع ، السياسه ، الفلسفه وغيرها.
عندما رفعت سؤالي المعضله كان ذلك اشاره واضحه واعراض جليه نحو الانبهال الي عالم السياسه الوعر وقد كان وانبهلت ولكن حاولت الالتزام بنهج حواري راقي يحاكي مخرجات البوست من حيث اللغه وتنوع المصادر العلميه التي استند عليها فلسفيه او اجتماعيه

انا لا اقر الحكومات العسكريه ولا يمكن للعقل السليم ان يقرها. اما انكار وجودها وتجنبها حال وقوعها هو ما احاول اوضحه هي شكل من اشكال السلطه في كثير من دول العالم ونحن ليس استنثناء.
كان من سلبيات الانصراف عن الحكومه العسكريه الانقلابيه هو خلو الساحه السياسيه والاداريه وخلوصها لهم تطبقوا ايدلوجيات وجربوا اخري حتي وصلنا الي دوله من غير بوصله. فمن منا يستطيع وصف رساله هذه الحكومه الحاليه. انسب وصف هو رزق اليوم باليوم.
لا تفاوض لا تحاور لا مشاركه كلفنا الكثير الكثير. لا فرق بين من جلس في المنافي البعيده ينتظر تغير الاحوال. اومن ترك الوظيفه او تركته واتجهه نحو موقف الرقشه.

Post: #85
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-11-2016, 11:09 PM
Parent: #84

الأخ محمد هاشم. لم اجد في كلامك ما يدل على انك تؤيد الانظمة الديكتاتورية او ‏العسكرية.‏
نعم هي موجودة و لكن وجودها يجب ان لا يجعلنا نقبل الامر على انه واقع ‏مفروض.
و لكن يجب ان نوضح للناس سؤاته قريبة المنظورة و غير المنظورة و ‏ان لا ننخدع بالشعارات مهما كان لمعان بريقها.‏
و في الختام
شكرا على إصراراك على المتابعة و المشاركة.
و نرحب بك في اي وقت في اي ‏بوست ترى انه يستحق المشاركة ز
و لك فائق الإحترام و التقدير.‏


Post: #86
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-11-2016, 11:12 PM
Parent: #85

و هكذا أثارت محكمة آيخمان لدى حنة ارندت كثير من ‏التساؤلات:‏
عن أصل الشر في الإنسان و ما هي الدوافع التي تجعل ‏الشر يطغى على الإنسان؟ وما الذي يجعل الإنسان يتخلى ‏عن صلاته مع الإنسان في الخارج و ما الذي يجعله ‏يصادر حرية الغير و يصادر حقه في الحياة و في الحرية ‏؟ أي بعبارة أخرى من اين ينبع كل هذا الشر في الإنسان؟
هذه الاسئلة قد تبدو فلسفية تتعالى على الواقع و لكنها في ‏النهاية اكثر الاسئلة التي تواجه الإنسان اليوم و امس و ‏غد و في كل مكان.‏
‏ لماذا يظلم الإنسان أخيه الإنسان؟ و لماذا يطغى؟ و لماذا ‏يحتقر أخيه؟ و لماذا يتطاول و يعذّب و يستبد؟ بالرغم من ‏ارتباطه بالبشر الىخرين بعرى إنسانية لا تنفصم و بالرغم ‏من ضعفه البشري و قلة حيلته. و لماذا يطالب بالعدالة و ‏هو أول من داسها و اطاح بها و تجاهلها؟ ‏
اسئلة كثيرة تثار بمناسبة هذه القصة. ‏
و كما لاحظتنا في هذا البوست كيف اثارت محاكمة ‏آيخمان كثير من التساؤلات لدى المفكرة حنة ارِند.و من ‏هي حنة ارِند؟.
إنها المواطنة الالمانية ذات الاصول ‏اليهودية. و هي من تعرضت للنكبات و السجن و الإذلال و ‏المطاردة.
لكنها لم تتخلى عن إنسانيتها و لم تجري وراء ‏الانتقام ممن عذبها و شردها و قتّل ابناء جلدتها بل تعالت ‏على كل هذه الجراح و الآلام و النكبات لتخرج لنا بأفكار و ‏آراء و فلسفات تدعو لنبذ العنف و الشر في الإنسان.‏
‏ لا نريد ان نغادر هذه القصة قبل ان نحاول ان نشير إلى ‏ما تثيره في النفس و العقل من تساؤلات و من مشاعر و ‏من محاولات لفهم الإنسان هذا الكائن الذي نرتبط به في ‏الحياة و الوجود و المصير.‏
لذا لا نريد لهذه القصة و ما يشابهها ان تمر علينا مرور ‏الكرام. بل يجب أن تقودنا إلى مزيد من السمو بإنسانياتنا ‏و إلى المزيد من التفكير في سعادة و راحة و حرية ‏الآخرين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية و مرجعياتهم ‏الايديولوجية و الدينية و اصولهم الإثنية وجنسياتهم و ‏البلدان التي ينتمون إليها.‏
الشكر للأخ السناري الذي اعطى لهذا البوست معنى و ‏قيمة و دسامة.‏
و الشكر للجميع لحسن متابعة

Post: #87
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-11-2016, 11:12 PM
Parent: #85

و هكذا أثارت محكمة آيخمان لدى حنة ارندت كثير من ‏التساؤلات:‏
عن أصل الشر في الإنسان و ما هي الدوافع التي تجعل ‏الشر يطغى على الإنسان؟ وما الذي يجعل الإنسان يتخلى ‏عن صلاته مع الإنسان في الخارج و ما الذي يجعله ‏يصادر حرية الغير و يصادر حقه في الحياة و في الحرية ‏؟ أي بعبارة أخرى من اين ينبع كل هذا الشر في الإنسان؟
هذه الاسئلة قد تبدو فلسفية تتعالى على الواقع و لكنها في ‏النهاية اكثر الاسئلة التي تواجه الإنسان اليوم و امس و ‏غد و في كل مكان.‏
‏ لماذا يظلم الإنسان أخيه الإنسان؟ و لماذا يطغى؟ و لماذا ‏يحتقر أخيه؟ و لماذا يتطاول و يعذّب و يستبد؟ بالرغم من ‏ارتباطه بالبشر الىخرين بعرى إنسانية لا تنفصم و بالرغم ‏من ضعفه البشري و قلة حيلته. و لماذا يطالب بالعدالة و ‏هو أول من داسها و اطاح بها و تجاهلها؟ ‏
اسئلة كثيرة تثار بمناسبة هذه القصة. ‏
و كما لاحظتنا في هذا البوست كيف اثارت محاكمة ‏آيخمان كثير من التساؤلات لدى المفكرة حنة ارِند.و من ‏هي حنة ارِند؟.
إنها المواطنة الالمانية ذات الاصول ‏اليهودية. و هي من تعرضت للنكبات و السجن و الإذلال و ‏المطاردة.
لكنها لم تتخلى عن إنسانيتها و لم تجري وراء ‏الانتقام ممن عذبها و شردها و قتّل ابناء جلدتها بل تعالت ‏على كل هذه الجراح و الآلام و النكبات لتخرج لنا بأفكار و ‏آراء و فلسفات تدعو لنبذ العنف و الشر في الإنسان.‏
‏ لا نريد ان نغادر هذه القصة قبل ان نحاول ان نشير إلى ‏ما تثيره في النفس و العقل من تساؤلات و من مشاعر و ‏من محاولات لفهم الإنسان هذا الكائن الذي نرتبط به في ‏الحياة و الوجود و المصير.‏
لذا لا نريد لهذه القصة و ما يشابهها ان تمر علينا مرور ‏الكرام. بل يجب أن تقودنا إلى مزيد من السمو بإنسانياتنا ‏و إلى المزيد من التفكير في سعادة و راحة و حرية ‏الآخرين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية و مرجعياتهم ‏الايديولوجية و الدينية و اصولهم الإثنية وجنسياتهم و ‏البلدان التي ينتمون إليها.‏
الشكر للأخ السناري الذي اعطى لهذا البوست معنى و ‏قيمة و دسامة.‏
و الشكر للجميع لحسن متابعة

Post: #88
Title: Re: حنّا ارندت:
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-11-2016, 11:12 PM
Parent: #85

و هكذا أثارت محكمة آيخمان لدى حنة ارندت كثير من ‏التساؤلات:‏
عن أصل الشر في الإنسان و ما هي الدوافع التي تجعل ‏الشر يطغى على الإنسان؟ وما الذي يجعل الإنسان يتخلى ‏عن صلاته مع الإنسان في الخارج و ما الذي يجعله ‏يصادر حرية الغير و يصادر حقه في الحياة و في الحرية ‏؟ أي بعبارة أخرى من اين ينبع كل هذا الشر في الإنسان؟
هذه الاسئلة قد تبدو فلسفية تتعالى على الواقع و لكنها في ‏النهاية اكثر الاسئلة التي تواجه الإنسان اليوم و امس و ‏غد و في كل مكان.‏
‏ لماذا يظلم الإنسان أخيه الإنسان؟ و لماذا يطغى؟ و لماذا ‏يحتقر أخيه؟ و لماذا يتطاول و يعذّب و يستبد؟ بالرغم من ‏ارتباطه بالبشر الىخرين بعرى إنسانية لا تنفصم و بالرغم ‏من ضعفه البشري و قلة حيلته. و لماذا يطالب بالعدالة و ‏هو أول من داسها و اطاح بها و تجاهلها؟ ‏
اسئلة كثيرة تثار بمناسبة هذه القصة. ‏
و كما لاحظتنا في هذا البوست كيف اثارت محاكمة ‏آيخمان كثير من التساؤلات لدى المفكرة حنة ارِند.و من ‏هي حنة ارِند؟.
إنها المواطنة الالمانية ذات الاصول ‏اليهودية. و هي من تعرضت للنكبات و السجن و الإذلال و ‏المطاردة.
لكنها لم تتخلى عن إنسانيتها و لم تجري وراء ‏الانتقام ممن عذبها و شردها و قتّل ابناء جلدتها بل تعالت ‏على كل هذه الجراح و الآلام و النكبات لتخرج لنا بأفكار و ‏آراء و فلسفات تدعو لنبذ العنف و الشر في الإنسان.‏
‏ لا نريد ان نغادر هذه القصة قبل ان نحاول ان نشير إلى ‏ما تثيره في النفس و العقل من تساؤلات و من مشاعر و ‏من محاولات لفهم الإنسان هذا الكائن الذي نرتبط به في ‏الحياة و الوجود و المصير.‏
لذا لا نريد لهذه القصة و ما يشابهها ان تمر علينا مرور ‏الكرام. بل يجب أن تقودنا إلى مزيد من السمو بإنسانياتنا ‏و إلى المزيد من التفكير في سعادة و راحة و حرية ‏الآخرين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية و مرجعياتهم ‏الايديولوجية و الدينية و اصولهم الإثنية وجنسياتهم و ‏البلدان التي ينتمون إليها.‏
الشكر للأخ السناري الذي اعطى لهذا البوست معنى و ‏قيمة و دسامة.‏
و الشكر للجميع لحسن متابعة

Post: #89
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-12-2016, 03:11 AM
Parent: #1


لعل فكرة التعددية في الذات التي تصفها أرند بحالة إنغماس الإنسان في التفكير
فكرة يشوبها شيء من الغموض
وربما لتسهيل هضمها نذكر بأن ذات أيّاً منا يبدأ تأسيسها عبر اللغة
إبتداء من إطلاق اسم علي المولود ثم إطلاق أوصاف ومعاني يتبناها الطفل في النهاية
مثل أنه طفل طويل، قصير، وسيم، لميض، ذكي، بليد، مطيع ، شقي ألخ
فالذات تتأهل للتفكير هكذا
أي إبتدأءً من دخولها في حوارات مع الآخرين منذ الطفولة
والتفكير بإعتباره حالة إصطفاء مواد مما يمتلئ به مخزن الدماغ
مع القابلية في تحليلها عبر مزج الأفكار ببعضها البعض
يصاغ بشكل كبير داخل الوجود الإجتماعي للبشر
لدرجة أنه بدون هذه الأثار للمجتمع في تفكيرنا تنمزغ الذات
التفكير تواصل بشكل أو بآخر مع آخرين عبر آثارهم في وعينا
أذكر انني إفترعت بوستاً قبل سنتين بعنوان طه جعفر وحيّ بن يقظان
تعرضت فيه لقصة الفتى الذي ربته الوحوش في الغابة
وحصنه إمتلاكه لجهاز التفكير الذي إستعمله في التأمل من التوحش
وإن كان مخزون الجهاز في غالبه وحشي
أوهكذا بدا عندما قابل البشر
وعلى العكس من ذلك تكتظ المجتمعات البشرية
بآدميين كثر أردت بهم عطالة الدماغ إلي التوحش
يبدأ الإنسان في الوعي بذاته تلك التي بدأ تأسيسها الآخرون
ثم يستمر الآخرون حوله في تحفيزه بإتجاه إستجابات معينة
ترتكز على نسق القيم السائد عندهم
فتتكون الذات عبر هذه الإستجابات موجبها وسالبها
عبر آليات الثواب والعقاب والعواطف الممتلئة بالحب أو المدمرة
هذا التأسيس ودور اللغة والثقافة فيه لا يقتصر فقط على الطفولة أو المجتمع الأساسي
لأننا نرى أن من يهاجر من بلده إلي بلد لا يعرف لغته
تكون أولى أولياته هي التواصل أو إثراء التعدد في مجتع يكافح لأن يقبل فيه
فيراقب الناس كيف يتكلمون ليبدأ في تقليدهم
فيتعلم كيف يستجيب لنداءاتهم ثم يعمل على إستبطان حواراته معهم كجزء لا يتجزأ من تفكيره
وهكذا فإن الحديث مع النفس الذي يدخل فيه هذا الغريب (تفكيره)
لا يصبح في النهاية منفصلاً عن التعددية التي جعلته ممكناً
نخلص من هذا إلي أن آثار المقابلة والإجتماع بالآخرين هي مقدمة ضرورية لتأسيس الذات وتعدديتها
وبالرغم من أنه ليس أي حوار مع الذات يمكن إختزاله بالكامل في النهاية إلي تلك التعددية
إلا أنه واضح مدى التداخل الضروري بين تعددية الذات وتعددية البشرية فالأولي بنت شرعية للثانية
وتلك هي الخلاصة التي أدانت عبرها أرند آيخمان
لأنه وعلى الأقل في السطح فإن أي عملية تفكير تبدو عملية تعدد
فالتفكير كما أسلفنا يأخد الشكل اللغوي
واللغة هنا لا توصف الحقيقة دائماً لكنها حتماً تعيد الذات إلي تعددية الوجود البشري
أي أن اللغة بهذا المعنى فعل
بدأت فعلها بدورها في تأسيس الذات
وحددت كون الأفعال متضمنة في التفكير
فحتى عندما يكون الفرد معزولاً في زنزانة فإن الفعل يبقى عنصراً في بنية تفكيره
وبينما التفكير تقوم به الذات منفردة
إلا أن الفعل في الغالب فيه تواصل مع الأخرين
وتتم عبره ممارسة السلطة على الأخرين
وبما أن الفعل عنصر في التفكير وعنصر في التواصل أو التعدد
فإن العجز عن التفكير هو عجز عن حماية التعدد في الذات الواحدة
وإنسحاب من التعدد الإجتماعي
حالة يدخل فيها من تتضخم ذاته بفعل الثروة أو السلطة حتى يظن إستغنائه عن الآخرين
وهذا حسب أرند ما إغترفه آيخمان في حق نفسه
فنفوره من التفكير السابق لأفعاله وتورطاته أجهض صحوات التعدد في ضميره
أوبعبارة أخرى فإن غيّب النفس اللوامة والوعي بيوم قد تحرق فيه عظامه
وزيّن له ذلك التورط في الإنحياز
لمن ظن أن من حقه أن يحدد من يستحق الحياة ومن لا يستحقها
ذلك أن العجز عن التفكير هو في النهاية حالة موت مقدم
وحفظ التعددية حالة من التيقظ المسبق وحالة من تحقيق الذات
رأت أرند أن آيخمان يستحق الإعدام ولا أتفق معها في ذلك
وإن كنت أتفق في إدانتها له
وذلك لموقف مبدئي من عمليات الإعدام
ولعلي أتسأءل هنا
هل من حقها مع هذا التفكير الراقي عن ضروراتى التعددية البشرية
أن تقرر من يستحق الحياة ممن يستحق الموت
هل لأن آيخمان عمل على تدمير التعددية البشرية عبر سياسة التصفية العرقية
أهل نفسه للإستبعاد من العيش وسط تلك التعددية
هل تؤكد هذا الإستعمال للعنف القانوني (حكم الإعدام) لتستبعد آيخمان من التعددية البشرية
لقد حكمت عليه بدون أي تأهيل قانوني للحكم عليه
وبدون أي مرجعية قانونية
لكن إذا لم يكن هنالك أساس قانوني للحكم بإعدامه
هل هذا يعني بأن الحكم بالإعدام يصبح من حق أي فرد يحاول إنزاله علي غيره
إذا أصبح من حق أي شخص أن يصدر حكماً
فكيف نميز هذه المؤسسات القضائية التي يتم إنشاؤها للقيام بالقضاء بين الناس
لماذا تحتج أرند في كتاباتها علي هذه الأشكال من الأحكام الصادرة من المؤسسات القضائية؟
هل كانت تبتغي التأسيس لشكل جديد من القضاء
إذا حكم على أيخمان بالإعدام بسبب طاعته وتنفيذه للقانون ضمن نظام فاشي وتصفوي
هل يعني ذلك أن مثل هذه الطاعة نتيجتها العقاب بواسطة صيغة خارج القانون التقليدي
صيغة ترى بأن القوانين التي تمنع التصفيات هي فقط القوانين التي يجب أن تحترم؟
لقد أوردنا إجابتها على ذلك في المداخلات الأولى
عندما وضحنا رأيها الكانطي بأن القوانين يجب في حدها الأدني كي تطاع
أن تنص بشكل واضح على إحترام حقوق الإنسان أي إنسان
حقوق تتعامل مع الإنسان كغاية لا وسيلة

Post: #90
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-12-2016, 05:38 PM
Parent: #89





لقد عمدت حنا عبر أفكارها هذي أن تستأنف النظر في فكرة القانون
تلك التي تناوبتها مقاربات لوك وروسو وهوبز ومنتسيكيو إنتهاءً بجون رولز
بحيث تطرح أهمية وأولوية فكرة العدل على فكرة القانون
ففلاسفة الدولة يرون أن الدولة ضرورة لا منأى عنها وأنها تقوم على مرجعية القانون
أعلاه يقيمون.
حتى أن هوبز يصف الناس بدون دولة كالذئاب بعضهم يفترس بعضهم
وأن القوانين هي العاصم لهم من الفوضى والظلم
والحاكم الذي يجب أن يتمتع بسلطات مطلقة هو مصدر الأمن والأمان في المجتمع
تسخر حنا من فكرة تأسيس دول على قوانين يمكن أن تصبح هي المشكلة في حد ذاتها
فالقوانين في الدولة النازية لم تأمن السلم الإجتماعي لكنها أمنت القهر والتصفيات العرقية
إذن لا بد من مراجعة تؤسس الدولة على مرجعية العدل لا مرجعية القانون
أي أن القيمة السيادية للقوانين لابد من مساءلتها وفق مرجعية العدل
الذي يضفي أو ينزع هذه السيادة عن القوانين وبالتالي الدولة التي تنتجها
لو حاولت حنا من خلال هذه الأفكار أن تفرق بين القانون العادل عن غير العادل فذلك مفهوم
ولكنها هنا تقارب حتى مفهوم السيادة في الدولة
وهذه إشكالية حقيقية لا سيما في دول العالم التالي حيث لا زال المفكرون السياسيون
يتجادلون حول أولوية دولة الإكراه أم دولة التعددية في دول لم تحل تناقضاتها الداخلية بعد
الجهل، الفقر، الطائفية، القبلية ألخ
ويكثر في هذا الفضاء مناصري دولة الإكراه الذين يرون في عراق صدام ومصر مبارك مثلاً
أفضل نموذجاً من العراق ومصر الحاليين
لو كانت أرند تبحث عن سيادة تقوم على العدل لا سيما في دول
لا زالت تعيش ضمن أطر ما قبل الدولة وما قبل الحداثة
أو دول لا زالت تتثاقل خطاها في دروب التكوين (جنوب السودان مثالاً)
فإن الأسئلة الأولى ليست أسئلة العدل قبل القانون
لكنها على كل حال منسجمة مع نظرية تتجاوز الدولة إلي الكون
وقيم جديدة تنشأ عليها الأبنية السياسية مثل ثيم المساواة والعدل و التعددية
في مقاربتها للفرق بين القانون السيادي وغير السيادي بدلالة العدالة
تطرح حنا أن الفيصل بين القانونين يعتمد على ملكاتنا الفردية
هي حالة من النفور عن خلع السلطة على أي فعل أو مؤسسة
للأضرار التي جربناها من إساءة السلطة تحت مظلة القانون
فحنا تقول لهم لقد نزعنا تلك الهالة المزيفة التي تخلعونها على القوانين حتى تزيف السيادة
ومنذ هذي اللحظة فكل شاة معلقة من عصبتها
كل فرد يغربل القوانين في وعيه التعددي فإن حفظت تعددية الوجود الإجتماعي
فهي قوانين عادلة وسيادية
إن للفرد عبر تحافه مع وعيه التعددي قيمة سيادية تسبق سيادة القانون
وهو الطريق الوحيد لتعرية دولة القهر من كل سيادتها المزيفة
وتحرير الأفراد عبر تعددية الذات وتلاحمها في تعددية الوجود فمحاصرة كل ما دون ذلك
فكرة حنا التي تبدأ بفرد متعدد متناغم مع مجتمع تعددي
تتوسل إلي إمكانية عالم يقوم مختلف أشكال وآليات التشاور والتداول الإجتماعي.
تتحدث أرند لآيخمان في نصوصها مصورة له كالمتلقي لكلماتها
التي تتضمن أنهما معاً ينتميان لنفس المجتمع
واللغة هي أفق اللقاء
لكنها في الوقت نفسه تحكم عليه بالإعدام وفقاً للسيناريو المتخيل
والذي صنعته في نصوصها
وفيها تصورته يموت وفق تصورها الذي سعى لنفيه عن الأفق الإجتماعي إلى الأبد
هل ذلك الفعل فعلاً سيادياً أم فعل التعددية
أعتقد أنها تراوح نفسها بين المجالين وأن هذا التنازع
يبدو أنه يصنع بعدأ معاوداً ومستعصياً من أبعاد أفكارها
..
من حيث المسئولية الفردية في ظل الأنظمة الدكتاتورية
الرؤية الأخرى المتفائلة فيما يختص بالطبيعة البشرية
والتي تفصح عن نفسها بوضوح عبر الحكم المصدر
ليس فقط من القُضاء في محاكمة آيخمان
ولكن في كل المحاكمات التي تعقب الحروب والمجازر
حيث أنها تفترض وجود ملكة بشرية مستقلة
غير مسنودة بالقانون والرأي العام
تصدر أحكامها المستقلة تماماً في أي فعل أو قصد (نية)
عندما تطرأ حالة تستدعي ذلك
تثق حنا أننا نمتلك هذه الملكة
الملكة التي تتأسس عند حنا على نظرية كانط عن التشريع الذاتي للنفس
ومن جهة أخرى تعرض أيضاً صيغة للوجود الإجتماعي
تتعذر دونها ممارسة الحرية ولا إمكانية للحصول لأي حقوق خارجها
التعددية هي الشرط الضروري للظفر بالحقوق والممارسة التي نكوّن ضمنها أنفسنا ككائنات إجتماعية.
والحالة الإجتماعية هي معاً المقدمة الضرورية للممارسة الشرعية للحقوق والنتيجة المترتبة عن تلك الممارسة عينها
طيب، كيف نفهم كانط في وسط هذه الإجتماعية؟
إنه في صحبة عجيبة!
وهذا مأزق يعود للذات التي تلتئم مع ذاتها والذات التي لا تكون ذاتها بدون أن تلتئم مع الآخرين
إذن يمكننا أن نخلص هنا ببساطة إلي أن حنا تفهم الحرية ليست كممارسة فردية بل كحالة إجتماعية
أو ممارسة خاصة بشكل خاص من أشكال الوجود الإجتماعي
أن نظرية أرند في الحرية ترى بأنه يتعذر تحقق الحرية بشكل فردي
فالحرية تمارس في إطار إجتماعي مشترك (إشتراكي)
وأصبحت هذه الرؤية أساسية لفكرتها عن حقنا في أن نتبع لمجتمعات
وأن نستطيع ممارسة الحرية إنطلاقاً من حقنا في أن نكون جزء من المجتمع
مهم إختلفت ألوننا وقبائلنا وعقائدنا وثرواتنا
أود أن أختم مداخلاتي هنا بأنه وفقاً لأرند
كل إنسان يستحق مكاناً له في المجتمع
وأن هذه الرؤية يمكن أن تصبح حجة في وجه النزعات العنصرية والوطنية والإقليمية والطائفية
ولكن إذا إمتلكنا الحق في أن يكون لنا مكاناً وحقاً في التبعية بحسبانه حقاً كونياً
فإن هذا الحق لا يبرر عبر اللجوء للجغرافيا أو الإنتماء
بل يصبح بالتالي حق لأي إنسان غض النظر عن الجغرافيا التي وجد أو يوجد الآن ضمنها.
المشكلة هنا أنه لا يمكننا في عالم اليوم تصور الإنسان خارج الجغرافيا أو الإنتماءز
أما إذا أردنا أن نقبل نظريتها في الوجود الإجتماعي
فإن تأكيد الحق بهذا الشكل سيتناقض مع وضعية اللاجئين اليوم
حيث لا زالت حقوقهم تقوم على مرجعية الجغرافيا والإنتماء
ومن الناحية الأخرى فإنه حالما يصبح الحق كونياً
يبدو أنه يتبع للإنسانية المجردة بغض النظر عن المكان أو صيغة الإنتماء
وعندما تتحدث أرند بهذه الصورة يصبح واضحاً أن الحق لا يتبع بالضرورة للأفراد
ولكنه يعود لنا كمخلوقات إجتماعية
وبالتالي فإنها عندما تتحدث عن إطلاق الأحكام كملكة
يبدو أنها ملكة تعود للأفراد (هل هنالك أي توتر هنا بين النظرتين؟)
إذا لم تعد الحرية منسوبة للفرد ولكنها ممارسة وفعل تناغمي وتوافقي
نصنعه نحن وليس أنا
ويؤسس للنحن كالشرط الإجتماعي للحقوق
يمكننا أن نفهم كيف أن السياسة تصبح ممارسية شكلانية وكونية.
لقد كتبت حنا أن حياتنا السياسية تقوم على إفتراض
أنه لا يمكننا أن ننتج المساواة عبر المؤسسات
إنطلاقاً من وهم أن للإنسان القدرة على الفعل والتغيير والتأسيس لعالم مشترك مع كل الناس
بعيداً عن التمايز
من وجهة نظر أرند إننا نرتكب خطأً إذا ما تخيلنا مجموعة من الأفراد يجتمعون معاً
بصفاتهم الفردية
لأن لا أحداً منهم يمكن أن يصبح ذا حق حتى يصبح من المكن فعلاً توافقياً جماعياً.
تتحق إنسانية الإنسان عبر إمكانية أن يفعل ويتفاعل في إطار متساوي مع باقي البشر
بحيث يتحول كل فرد إلي النحن أو الهُم الهيدجرية
لكن ما تضيفه أرند هنا هو الإطار التعددي الناتج عن وظيفة البشر ككائنات تفكر
حتى تصبح جزء لا يتجزأمن النحن المكونة للعالم
الفرد ليس شرطاً ضرورياً للآخر
لكن التعدديتان(الفرد المفكر والآخر المفكر)
تتقاطعان عندما يتحول التفكير إلي فعل
كما في الكلام مثلاً
أو عندما يصر على حقه
حتى ولو لم تسنده القوانين السارية
وحتى عندما تكون عملية التأكيد على الحقوق مهددة للشفرة القانونية السارية
بالطبع فإن هذه الخاتمة تنرفز بعض منتقدي أرند
لأنها تظهرها كأنها لا تعتمد في النهاية لا القوانين السارية ولا للمبادئ المجردة
بل فقط لملكة إصدار الأحكام ذات نفسها
لقد كتبت أرند عن الإبادة النازية:
أن معاييرنا الأخلاقية المعتادة تهالكت وعفا عليها الزمن
وتحول الرعب في بشاعته غير المخفية إلي شيء يتجاوز كل المعايير الأخلاقية
ويحطم كل المبادئ القانونية.
إنه شيء لا يستطيع الناس معاقبته بشكل كافي أو مسامحته
وترى أيضاً إنه علينا أن نتعلم من جديد كل شيء من البداية
بدون إعتماد أي من المعايير الأخلاقية أو القانونية السائدة أو البائدة
لنضيء بها أو نحكم بها على ما نمر به أو إختبرناه
أنها دوماً ما تعود إلي كانط ليس فقط لتخلصه من تحججات آيخمان به
ولكن أيضاً لتؤسس لصيغة للمسئولية يستوجبها الظرف التاريخي
الذي برهن الإطار الأخلاقي والقانوني فشله
وهي بالتالي تطرح هنا أن الأخلاق والأحكام الأخلاقية أمر مهم وصعب في الوقت نفسه
يحتاج لملكة تسبر الأغوار، وللتجربة، واللجؤء إلي الخيال الخصب
ذلك كله نحتاجه كي نصدر حكماً في هذا الوقت وباسم الحياة الإنسانية المشتركة
وحقاً أن الجرائم ضد الإنسانية ليست جرائم ضد فرد أوجرائم يُسأل عنها بالضرورة فرد
لكن أرند وضعت نفسها هنا في وضعية مثيرة
كأنا وكنحن
أو بين الإثنين
حتى توضح الصيغ التي يمكننا عبرها إصدار الأحكام.
إن المشكلة في الحقيقة هي أنها تستدعي وتنتج شخصية سلطة سيادية من خارج القوانين
تصدر عبرها حكمها في نفس الوقت الذي تحاجج فيه لأجل الوجود الإجتماعي.
ماذا يحدث لو أنها بدلاً من اللجؤ إلي الصوت السيادي كوسيلة تعارض بها العنف القانوني؟
ما سيحدث أن تعيد التفكير في الثيمة الإجتماعية نفسها
ذلك المجال التعددي
ليس فقط كمجال للإنتماء ولكن كمجال كفاحي
بعبارة أخرى
هل تلك العلاقة الكونية بين الأنا والنحن أيضاً تفضح خطأ في قلب السيادة
حالة من اللاتصادف تجعل الصوت يتذبذب بين الصيغ
التي تجعل اٍلأرضية غير ثابتة كما هو الحال في السيادة دائماً
إن المشكلة هنا تمتد إلي ما وراء هذا الأمر.
إذا كان أمر التفكير لا سيما التفكير جيداً
يشمل التفكير بشكل يجعلنا نبحث عن صيانة تعددية الحياة البشرية
فسنجد قطع شك أن الحياة البشرية متصلة بغيرها بشكل حسّي
وأن الحياة تتخذ شكلاً متجسداً بما يعني أن حياة الجسد
مثل جوعه، حاجته للمأوى والحماية من العنف كلها تصبح أمور كبيرة في السياسة
أرند تجد نفسها في حاجة لحل إشكالية الحالة الإنسانية بين دائرة العام ودائرة الخاص
فبينما أننا نجد في دائرة الخاص سؤال الحاجة
إنتاج الحالات المادية للحياة، مشكلة الإنتقال التكاثر الموت
وكل شيء يعود لما يمكن أن نطلق عليه بحذر الحياة
وإمكانية تغريب كل المجتمع
إما عن طريق سياسات الإبادة أو الإهمال المنظم
الناتج ليس فقط من وجود مجموعة من البشر تظن بأنها
اولى عن غيرها بالتقرير عن مصلحتهم أي ما يصلح للمجتمع نيابة عنه
لكن لأن قابلية الإنقهار للآخرين تميز كل صيغ الترابط (التوافق) الإجتماعي والسياسي
يصبح الظلم ممكناً
إن حالة مختلفة للوجود الإجتماعي يجب أن تبدأ من هذه الحالة المشتركة
حتى تتمكن من الوصول لوجود إجتماعي
لا يحدد مسبقاً من هو الإنسان ومن هو الغير إنسان
من يستحق أن يعيش ومن لا يستحق

Post: #91
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-14-2016, 04:45 PM
Parent: #1

قررت أن أكتفي بهذا القدر في مسألة نظرية أرند عن محاكمة إيخمان
وأتناول الرد على أي مداخلات ترد أو وردت في الموضوع
لأن هنالك الكثير الذي يمكن أن تستأنف فيه أفكارها لا سيما تنظيرها في مسألة التعددية
سأبدأ بالرد على مداخلة الأخ دكتور طراوة حول مآخذ حنا على الماركسية لأن هنالك
عديد من المآخذ الحقيقية على إنتقادات حنا للماركسية لا سيما الجانب الفلسفي منها
والذي تعرضت له في كتابها الشرط الإنساني
فلم يحالفها الحظ أبداً في إنتقادها لمفهوم العمل كما ورد في رأسمال ماركس
لكن من ناحية أخرى فإن إنتقاداتها للتجربة السياسية فيها الكثير من الموضوعية
وهي ليست وحدها من نحا هذا النحو
فقد سبقتها ولحقتها أو لازالت المراجعات تتتالى فيما يختص بالجانب النظري في الماركسية
وهنالك قراءات متنوعة تتراشق وتستند على تفسيرات متنوعة للنظرية والفلسفة
فلم تكن أرند أول من راجع وإنتقد هذه التنزيلات
فقد بدأت جدالات الفهم والتفسير
منذ أيام الصراع الشهير بين المنشفيك والبلشفيك وإمتدت إلي أيام تروتسكي وستالين
فاليوروكوميونزم ثم مداخلات لوكاش وألتوسير بل حتى مفهوم الكتلة التاريخية الغرامشية
كلها مساهمات تصب في إطار تطوير النظرية وليس المنهج
سبقت أرند لكن هذا لا يعني
أنه ليس لأرند مآخذ موضوعية سأتعرض لها في أكثر من مداخلة

Post: #92
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-14-2016, 07:43 PM
Parent: #91

الأخ السناري:‏
ىسف للإنشغال الايام الماضية.‏
ما ذكرته من خلال أفكار حنة فعلاً يثير كثير من الموضوعات و التي تدور جميعها حول ‏فكرة العدالة و الحرية و المسئولية الفردية. ‏
إذ أن هناك إشكالية حول كيفية تحقيق العدل من خلال التوفيق بين ‏القانون و بين وسيادة الدولة التي تميل غن لم تقوّم نحو الطغيان و ‏اخذ القانون باليد مما يهدد العدالة. بالتالي فإن سيادة الدولة و ‏تمكينها (كما حدث في السودان) تؤدي حتماً للتغول على حرية ‏الافراد و حقوقهم. حيث انه و كما هو معروف ان القانون يضعه من ‏يحكم او يسيطر لضمان سيطرته ومصالح من يمثلهم. و هذا يتوافق ‏مع وجهة نظر حنا كما ذكرت( حنا تفهم الحرية ليست كممارسة ‏فردية بل كحالة إجتماعية).‏
لذا بسط أو تطبيق العدالة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وضع ‏القوانين بمشاركة الشعب الذي يكون على درجة من الوعي و من ‏الحرية بحيث تمكنه من وضع و تطبيق القوانين التي تضمن العدالة. ‏و لا يتحقق هذا الشرط إلا من خلال ضمان تداول السلطة و ضمان ‏احترام السلطة للقوانين و تطبيقها. ‏
و كما نرى الآن سواء في الداخل أو من حولنا فإن السلطة تمارس ‏طغيانها على المواطنين مستندة على القوانين التي هي لا تحترمها ‏اصلاً و تغيّرها و تعدلها كيفما شات و متى ما شأت.‏
و تصبح المشكلة كما ذكرت أنت( ان ارند تجد نفسها في حاجة لحل ‏إشكالية الحالة الإنسانية بين دائرة العام ودائرة الخاص).‏
هناك نقطة اخرى تطرقت لها أنت في مداخلاتك السابقة و هي فكرة ‏التعددية. فقد لاحظت ان فكرة التعددية يتطابق مع فكرة الهوية و في ‏تاثير الآخرين (الأسرة و المجتمع) في تشكيل التعددية/الهوية من ‏خلال الحوافز و الاستجابات و من خلال الحوار و البناء الذاتي و ‏النقض و إعادة البناء.‏

Post: #93
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-15-2016, 03:53 AM
Parent: #92


نعم صديقنا محمد
حنا وفي إعتمادها الكبير على كانط تبني مواقفها السياسية على فكرة
أن العدل أساس الحكم
وهي هنا لا تؤمن بالقوانين التي تسنها دولة اللاقانون كما تسميها
لأن هذه الدول عند حنا ترتكب جرائم عديدة أولها الإنقضاض على القانون الساري
والتشريع لقوانين جديدة تطبق أكثر ما تطبق على رغام الناس والما عنده ضهر
وهي كما ذكرت أعلاه تطرح نظريتها الخاصة في الحرية وتربطها بفكرة التعددية
فلا حرية للفرد في أي مجتمع لا يعترف بحدود متساوية لحركة وإمتيازات كل فرد فيه
مسألة سيادة الدولة تخرمج فيها حنا بعض الشيء بطرحها لنصيب لكل مواطن عادي في هذه السيادة
ومن هذا المنطلق شاركت هي بأصدار حكم غريب على إيخمان يقول بشنقه
وحنا تفرق بين دولة الطغيان والدولة الديكتاتورية والدولة الشمولية
وتعتبر الأخيرة بنت القرن العشرين وأنها أسوأ أنظمة الحكم التي مرت على تاريخ البشرية
موضوع الهوية والتعددية هو من المواضيع التي طرحت فيه أرند طرحاً أنيقاً
كونها راجعت دور اللغة في تشكيل الهوية أو تأسيس الذات في طريقها لوصل الهوية الفردية
بالوجود الإجتماعي لكن الأهمية التي أولتها للتفكير في وصل التعدديتين غريب شوية
لأنه في رأيِ الخاص أنك يمكن أن تفكر تفكيراً شيطانياً
المهم في طرحها أنها نظرت لأول مرة لمسألة الشمولية
ورأت بأن الأنظمة الشمولية مثل النازية والستالينية تتميز عن الديكتاتوريات
الموجودة في البلدان الفقيرة بنسق عجيب (الغريبة أنه ينطبق على الإنقاذ السودانية)
وتقول بأن هنالك ميل للنظر لهذه الشموليات كدولة اللاقانون
لأنها وإن شاركت الديكتاتوريات التقليدية في النشأة
بأنها تأتي غالباً خارقة لقانون ديمقراطي سابق
فتبدأ بإعلانات الطوارئ وترمي بالتقاليد الديمقراطية في تداول السلطة في مزبلة التاريخ
وتضع نفسها فوق القانون معلنة بداية بروز طاغية
يبدأ المثقفون التدافع نحوه لتقديم خدماتهم
في إنتاج مبررات وضرورات وجود هذه القائد الملهم (نقولها نعم وألف نعم عشان أولادنا تتعلم)
وكما هو عهدنا في السودان بالبيان الأول
يفصل القائد الملهم في المهاوي التي كانت الطائفية تقود البلاد نحوها
مما إستوجب تصدي الوطنيين الأحرار لمهمة إنقاذ الوطن في هذا المنعطف التاريخي الكبير
وأن عهداً جديداً قد بدأ ضد الجهل والتخلف وأن التنمية قادمة بيد القائد المخلص
الذي ومنذ تلك اللحظة يضع نفسه وأجهزته البوليسية ومن يحب فوق القانون.
لكنها تفرق بين الطغاة التقليديين وبين الشمولية لأن الشمولية أكثر تنظيماً
ترى حنا أن المشترك الذي يربط بين هذه الشموليات أعظم وأكبر مما يفرق بينها
حتى أنه يجب ما سواه من تباينات بينها
ذلك أنها لا تقتصر فقط على إستعمال القمع والتعذيب والقتل الجماعي
سلاحاً لفرض هيمنتهما على المجتمع
وليس فقط أنها تدمر التقاليد الإجتماعية، القانونية والسياسية،
وأنها تحول مناصريها من عضوية حزبها فقط إلي كتل جماهيرية تدخل فيها قبائل، ثقافات، أو طبقات
أي تخلق مجتمعاً كاملاً من الموالين يشترك في المصالح المادية أو الدينية أو العنصرية
تقابل به باقي الشعب بل تستعمله في قمع من يحاول التمرد عليها
أي تحول نفسها ليست فقط لأنظمة دكتاتورية بل أنظمة جماهيرية
لها جمهورها الخاص والذي كانت نواته الحزب
والذي تضاعف مع السلطة بدرجة لا يمكن مقارنتها بأنظمة الدكتاتورية التقليدية
ولا تتميز فقط بتحويل مصدر القوة من الجيش إلي الأمن والبوليس
أو بسياستها الخارجية ذات النزعات التوسعية بدعوى تطبيق نموذجها في الدول الأخرى
إنطلاقاً من رسالة ترنو إلي هيمنة كونية
لكن الشيء الأساسي في هذه الأنظمة أن لها قاعدة أو بنية تتجاوز وجود الرئيس أو موته
فهي ستبقى ببقاء هذه القاعدة
. لقد تساءلت حنا عن هذه القاعدة أو طبيعتها
لأنها لا تعبر عن حالة ظرفية نتجت بسبب فشل الديمقراطية
بل هي ظاهرة جديدة بالكامل لمنظومة شمولية جديدة وغير مسبوقة
تستند على تجارب أساسية قليلة في التاريخ البشري
وتجد حنا نواة لها في العصر الإغريقي الأنتيكي العتيق
الذي يمثل الأساس الإجتماعي لها
سأتعرض لهذه القاعدة يا محمد أثناء ردي المطول على مداخلة د.طراوة

Post: #94
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الجليل
Date: 06-15-2016, 04:34 PM
Parent: #93

الاخ محمد عبد الله الحسن
الاخوه سناري -محمد هاشم - زوار البوست
من دواعي سروري هو الانتماء الي سودانيز اون لاين واقرا مثل هذه المواضيع الفكريه القيمه اعترف باني جاهل بهذه المجالات التاريخيه والفلسفيه والفكريه المعقده
قصة حنا ارندت هي قصة انسانيه لفيلسوفه لم اتعرف عليها الا الان ولكنها جديره بالاحترام فهي لم تكن مثل سائر النساء تحاول الاستئثار بالحبيب ولم تكن حاقده ومتشفيه او منتقمه من الخصم
انها نموذج فريد من الوعي الانساني نرفع له القبعات حتي لو كرهنا اصلها اليهودي
الشكر اجزله للاخوه الذين فتحو اعيني علي مجالات فكريه بعيده عن اهتماماتي وسوف اكون متابع جيد لمثل هذه المقالات
تحياتي الرمضانيه

Post: #95
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-15-2016, 08:17 PM
Parent: #94

Quote: من دواعي سروري هو الانتماء الي سودانيز اون لاين واقرا مثل هذه المواضيع الفكريه القيمه اعترف باني جاهل بهذه المجالات التاريخيه والفلسفيه والفكريه المعقده
قصة حنا ارندت هي قصة انسانيه لفيلسوفه لم اتعرف عليها الا الان ولكنها جديره بالاحترام فهي لم تكن مثل سائر النساء تحاول الاستئثار بالحبيب ولم تكن حاقده ومتشفيه او منتقمه من الخصم
انها نموذج فريد من الوعي الانساني نرفع له القبعات حتي لو كرهنا اصلها اليهودي
الشكر اجزله للاخوه الذين فتحو اعيني علي مجالات فكريه بعيده عن اهتماماتي وسوف اكون متابع جيد لمثل هذه المقالات Ø­Ù
شكرا على العبارات الكريمة.اثلجت صدورنا بكلماتك المشجعة ‏التي جعلتنا نحس بان هناك من يتابع و يهتم زفعلا حنة ‏تكشف عن جانب إنساني عظيم لهذه الشخصية.‏
و حتى نحن ان نستفيد من هذا المنبر الذي اتاح لنا أن نتعلم و ‏نتعرف على امثالكم .‏
و هنا لا بد من أن أشيد بالأخ السناري الذي توسع في الجوانب ‏الفلسفية لحنة ارندت و فتح لنا كثير من الآفاق.‏
و بهذه المناسبة فكرت ان افتح بوست للفيلسوف كانط لان له ‏تأثير كبير على كثير من الفلاسفة و العلماء في كافة ‏المجالات. (و هنا أقول للأخ السناري جهز اوراقك و شعورك). ‏و في الحقيقة كنت اتحاشى عرض موضوعات فكرية ذات ‏دسامة تستعصي على الهضم العام.‏
‏ و لكن ردود الفعل تجاه هذا البوست و متابعة القراء لما ورد ‏فيه شجعني لان اطرح مثل هذه الموضوعات.‏
شكرا الأخ محمد و نعتز جدا بمتابعتك و حسن ظنك

Post: #96
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-16-2016, 05:25 AM
Parent: #1

شكراً محمد عبدالجليل
شكراً محمد عبدالله ومبروك للشابة النجيبة
..
تعرضت أرند بنقد لا هوادة فيه للماركسية في بعدها الفلسفي وفي تجاربها السياسية
ففي كتابها الشرط الإنساني الذي صدرت طبعته الأولى في سنة 1958
إجتهدت في فضح تناقضات ماركس
ولكنه ليس من الصعب على الملمين ولو إلماماً متواضعاً بأفكار ماركس إدراك
أن التناقض الحقيقي وقعت فيه أرند وليس ماركس
بل حتى عبارة الشرط الإنساني هي عبارة ماركسية قبل أن تصبح أرندية
فقد طورها ماركس عن الفيلسوف النهضوي الفرنسي ميشيل دى مونتين
الذي إشتغل فيها على إشكالية الخير والشر في مجتمعاتنا
ليتقدم بها ماركس خطوات إلي الأمام
معملاً مبضعه في مواطن الوجع في الحالة الإنسانية
وتشريح ظاهرة كانت مغطاة بجلد سميك من المبررات الدينية والإجتماعية
حيث أن الفهم التقليدي والسائد يقول بأن مرجعية الحظوظ في الحياة
تقوم على مبدأ التنافس (والقوي ياكل الضعيف) أو على الأرزاق المقدرة مسبقا
ويجب أن تتقبل المعاناة الإنسانية وفق هذا التبرير
ولكن هذا التبرير لم يقنع كثيرين منهم ماركس
الذي طفق يبحث عن السبب الحقيقي وراء المعاناة الإنسانية
وعن منشأ هذا السلوك الذي سماه نيتشة إرادة القوة
حيث يصيغ الأقوياء العالم والقيم الإنسانية على شروطهم
لدرجة أن الفقراء يغتربون عن ذواتهم ويستبطنون
تصورات غيرهم عن أنفسهم
فيصبح الضعف فضيلة والفقر فضيلة والجزاء في الآخرة
لكن هذه الحالة تتميز بأنها حالة خاصة بالبشر وحدهم
لأنها تقوم على عوامل سيكلوجية وعقلية
فالجشع والطمع والأنانية نوازع نفسية
وليست محض فطرية كما سيتأتي في المداخلات القادمة
لذا تم التعبيرعن الحالة بالشرط الإنساني
ففي كتابها الشرط الإنساني تقدمت حنا لمعالجة المسألة وفق أفق
قدمت له بعبارة إنطلاقاً من أحدث تجاربنا وأحدث مخاوفنا
لتركز أرند على طول الكتاب على مناقشة أفكار ماركسية أساسية
وحاولت أن تبريء نفسها مسبقاً من تهمة معاداة الماركسية في حالة
أقرب إلى الإحساس بالذنب في وقت كانت فيه
معاداة الماركسية موضة رائجة في ميديا الغرب الرأسمالي
لا بد في البداية توضيح أن المعالجة الفلسفية لأرند في الشرط الإنساني
تقوم على ثلاثة محاور من المهم شرحها وهي
محور الفعل، محور العمل ومحور الشغل (الحرفة)
Action, work and labor
من المهم أن أوضح الفرق بين الثلاثة
لأن أرند ترى أن ماركس يخلط خلطاً سيئاً بين العمل والحرفة
لكنها هي في الحقيقة من إختلط عليه الخلط

Post: #97
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الجليل
Date: 06-16-2016, 07:28 AM
Parent: #96

الاخوه الاعزاء
متابعين وبشغف
الشكر اجزله للجميع

Post: #98
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 06-17-2016, 01:52 AM
Parent: #1

في كتابها الشرط الإنساني عملت حنا على التفكير فيما يحدث من تغيرات ملغزة في العالم الراهن
تلك التي تفاقمت عندها بإطلاق السوفييت في سنة 1957 لأول قمر صناعي يدور حول الأرض (اسبوتنك)
وما يعنيه ذلك من إستمرار التطورات في التقنية التي لم تمد مداً في الأشكال الجديدة من سلطان الإنسان على الإنسان
ثم إنعكاسات ذلك على الشرط الإنساني أي أبعاد إعتقال البشرية تحت حصار تمتد عيونه خارج المدار الأرضي
رأت حنا أن الشرط الإنساني الحاضر يقوم على أركان ثلاث هي الفعل العمل والشغل
وفصلت ذلك في كتابها الشرط الإنساني الذي إنتقدت فيه ماركس واصفة له بإختزال الشرط الإنساني في العمل فقط
وإغفاله للشغل (الحرفة) والفعل ودورها الأساسي الهام في الشرط الإنساني
هابرماس في نفس الفترة أكد على دور أساسي للفعل في صد الطغيان الحداثي في بعده الإمبريالي
أما حنا فرأت أنه بدون إستيعاب دور الثلاثي لا يمكننا فهم حقيقي للأنظمة الإقتصادية والسياسية التي تستعبد الإنسان
أشارت أرند إلي أننا نعيش الآن في مرحلة تاريخية سمتها حقبة العالم الحديث
و أعقبها آخرون بتسميتها حقبة ما بعد الحداثة
وهي حقبة بالغة الخطورة في تاريخ البشرية تتلو حقبة العصر الحديث
الذي إمتد من القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين
بدأ العصر الحديث بشيوع حالة من الشك العميق في كل المعارف السائدة
تلك التي قرر ديكارت أهم رواد الفترة هدمها تماماً وإنشاء مناهج علمية حديثة
تقوم على نهضة أنقاضها نهضة علمية تنقل أوروبا من عصور الظلام إلي العصر الحديث
ثم بدأت في القرن العشرين ملامح إنقلاب تاريخي
بدأت بموجبه عصر التقنية وآثاره العميقة على فضاء المجتمع والعمل
وكان إعلان إنتاج القنبلة الذرية قد شكل إنعطافاً أعمق نحو شرط إنساني جديد
أما هي ملامح هذا الشرط وهذا العصر وما هي مآلاته وكيف سيكون وضع الإنسان فيه؟
فإن هذه كونت أهم الأسئلة التي شغلت ذهن أرند وفكرتها ملياً في مشروعها الذي سودت بعضه صفحات هذا الكتاب
تساءلت ضمن أفق الفعل عن الأفعال الإنسانية التي سيتم بناءا عليها تعريف هذا العصر؟
وهل سيمثل امتدادا للعصر الحديث أم سيكون مختلفاً عنه؟
ترى أرند بأن العصر الحديث عظم من شأن العمل
وحول المجتمع كله الى مجتمع تماثلي ومنسجم.
تعرف ارند أن الشرط الانساني بأنه هو الحياة بنفسها، تلك التي تمتد من الولادة الى الممات
حيث يغذي العمل فيها ضرورات حياته بين الولادة والممات
فينتج الانسان بالعمل ما لا يمكن ان يعيش بدونه فالعمل يوفر له ضرورات بقائه
وعبره يوفر الانسان لمن يعول حاجاتهم الاساسية من مأكل وملبس ومأوى
فالعمل بهذا المعنى الخطير يستعبد الانسان لأنه لا مفر له منه
ولهذا كان عنصراً أساسياً في الشرط الانساني
ومن المفارقة ان هذا العمل الذي يمتد على مدى الحياة يتحرك بالانسان في دائرة عقيمة
لأن الانسان يستمر فيه حتى يستمر في الحياة ولا يموت وحين يقف لا حياة فهو إلي الموت أو قربه
المفارقة أن الإنسان عاجز عن أن ينتج من عمله ما يمكنه من الإستغناء عن شغله
فكل ما ينتجه الانسان من العمل مستهلك يعيده الإنسان إلي الطبيعة التي اخذه منها بادئاً ذا بدء
ويصبح أسمى مرادات البشر أن يوفر لهم شغلهم حياة اسهل واطول
عبر الخضوع والخنوع أمام روتين السجن اليومي في مهنة أو حرفة
وتتفق أرند بعض الشيء مع كدح البيركامو في التنظير للعمل
حيث يرى كامو أن حقائق الحياة هي الولادة والموت
وما بينهما العمل
ويخلص من ذلك ان العمل حقيقة سخيفة في حياتنا
والوعي بسخفها يحرر الإنسان من تحمل أفضل لقدرية العمل
بمعنى تجنب أي أحلام، آمال او أوهام يمكن ان تبنى على ناتج دائم منه يبدل الحياة من كدح الى راحة
لكنها ترى أن الشرط الإنساني لا يمكن إختزاله في العمل وحده
فالعمل وجه واحد فقط من اوجه الشرط الانساني
نعم انه عنصر مؤسس ولكن لا تقوم حياة بدون العنصرين الآخرين الفعل والشغل

Post: #99
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-18-2016, 09:04 PM
Parent: #98

إن ما أثارته حنة اريند من تساؤلات أغضّت مضجعها ‏الفكري حول الموضوعات المتعلقة بالشر في الإنسان و ‏اصل الشمولية او التوتاليتارية و التعاضد و الترابط ‏الإنساني و مكامن العنف في الإنسان و ما إلى ذلك من ‏موضوعات فكرية و فلسفية تتعلق بسعادة الإنسان و ‏مصيره .‏
و هي موضوعات و تساؤلات كانت مدار و مناط ‏إهتمامات الفلاسفة منذ القدم. و لكن جاء اهتمام حنة ‏بها في العصر الحديث بعثاً لتلك التساؤلات من منظور ‏معاصر.‏
تذكرت هذه التساؤلات التي شغلت حنة التي عاشت ‏تجارب واقعية جعلتها تهتم بهذه المسائل.‏
و حق على كل ذي عقل ان يتساءل كيف انزلقت ‏البشرية المعاصرة في اتون حرب اهلكت الملايين و ‏احرقت و دمرت المدن و العمران؟
و هذه الايام و نحن نجتر تلك الذكريات الكئيبة لمآلات ‏الحرب العالمية الاولى و الثانية من خلال تناولنا لسيرة ‏حنة اريند إذ تحمل الانباء تحمل ما حدث خلال منافسات ‏كرة القدم التي جرت في فرنسا.و كانت مشاهد العنف و ‏الشراسة و المواجهات العنيفة بين مشجعي الدول مثار ‏وبعث جديد لتلك التساؤلات القديمة عن اصل العنف و ‏الشر في الإنسان. ‏
ما الذي يجعل مشجعي دول تنتمي للعالم الراقي الاول او ‏الثاني التي تدعي الرقي و تحترم حقوق و كرامة الإنسان ‏و تنعم في مجتمعاته بما تحقق من تقدم في هذه ‏المجالات؟
‏ ما الذي يجعل هؤلاء القوم فجاة تثور فيهم دماء ‏التوحش الغابي و يعودون إلى اصلهم الحيواني البدائي ‏الذي تجاوزوه بقرون؟
فعلاً هي احداث تستحق الدراسة و البحث و التحليل.‏
أليس كذلك؟؟
ملحوظة:
سفر موفقاً و ترجع بالسلامة و في انتظارك إن شاء الله

Post: #100
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 06-24-2016, 10:37 AM
Parent: #99

الاخ احمد طراوة
تحية طيبة و بعد
اعتقدان ردي السابق لطرحك حول الماركسية و الذب كان ردي عليه:
Quote:
و قد أشرت في معرض حديثك إلى عدة نقاط تشمل:
كانط و مفهومه للاخلاق و الحرية و المسئولية و الضرورة.
أما استطرادك فيما يخص الماركسين السودانيين فيمكن اعتبارها نقطة تبعدنا قليلا من صلب الموضوع الذي هو أصلاً قابل للتشعب.
و لكن لنركز في نقطتك الإبتدائية(غير متفق مع حنة أرندت في مماثلة الماركسية ب النازية و الشمولية )


تاكد لي بعد مراجعة مداخلتك السابقة اعلاه بأني تسرعت في الرد بسبب قراءة متعجلة من جانبي لموضوعك.و رايت مؤخراص أن فيها حجباً لافكار نيّرة.
فارجو المعذرة ......و نامل ان تواصل عرضك الشيق المفيد
و دمت يا كلس( التعبير مقتبس)

Post: #102
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-05-2016, 05:54 AM
Parent: #100


كل عام وكلكم بخير وصحة ورضا
سأواصل كتابتنا في خيط حنا أرندت كما وعدت قبل سفري وأتمنى أن يحظى الموضوع بالمفيد من النقاش حتى نثري النقاش ونعطي حيوية للبوست. حقيقة يسعدني جداً أن نتناقش ونختلف أكثر مما نتفق لأن ذلك سيفتح شهيتنا للبحث وإغناء الموضوع ولأجل هذا سأتعمد أن تكون المداخلات قصيرة حتى تيسّر المتابعة وأرحب بأي إضافة أو سؤال، فقط أتمنى أن يعي المتداخل جوهر الموضوع لا قشوره حتى لا يحرف النقاش إلي طريق أخرى وأود هنا أن أشير لقصة قد تخدم ما أعنيه من ضرورة إدراك جوهر الموضوع.
طاليس هو أول الفلاسفة وأحد حكماء الإغريق السبعة، قضي جل وقته في الدرس والتأمل وإنهمك فيهما لدرجة أنّه في أحد الأيام تعثر في حفرة لم يرها وهو يراقب النجوم في السماء مسكوناً بتثبيت فرضيته الهندسية عن الإصول الإقليدية ، فضحكت خادمة شهدت المنظر ساخرة على هبالة هذا الرجل الذي يمشي دون أن ينظر أمامه ونبهته إلى أن هذا جزاء من يركز وعيه على البعيد ويتجاهل النظر لأحوال الأرض التي يمشي عليها . وكان رد طاليس على ضحك الخادمة بإكتشافه كسوف الشمس وتقدير فصل خصب الزيتون مما يسر الربح الوفير له وسكان بلدة تراقيا. العبرة من هذه القصة أن ضحك الخادمة يعبرعن تهكم الإنسان البسيط على مشاغل وإنهمامات المفكر. إنها مفارقة الواقع الذي يجمع شخصين أحدهما يركز بعيداً والآخر يحصر نظره فيما هو أمامه فقط. هما يوجدان في نفس الزمان والمكان لكن كلاهما لا يرى ما يرى الأخر ولا عجب إن أثار كلام كلاهما سخرية الآخر.

Post: #103
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-05-2016, 06:20 AM
Parent: #102

من أكثر الإنتقادات التي تتعرض لها أرند ضمن نظريتها السياسية هي عرضها لثلاث أشكال للنشاط الإنساني في كتابها الشرط الإنساني وإفتراضها حدوداً جلية وصارمة بين هذه الأشكال الثلاث وكما بينت في المداخلة قبل السابقة بأنها تسمي هذه الأنشطة الفعل، العمل، والشغل ومن أهم النقاط التي تأخذها على ماركس أنه لا يراعي هذه الأنشطة الثلاث والفروق الهامة للغاية بينها مختزلاً النشاط الإنساني في فاعلية واحدة هي العمل وأنه أكثر من ذلك يرى بأن العمل وليس العقل أو الفعل هو ما يفرق بين الإنسان والحيوان. وتقول في كتابها أن هنالك فروق حقيقية بين العمل والشغل تقوم كما تقوم الفروق الحقيقية بين المفردتين في اللغة، ولعنا كناطقين بالعربية لا نلاحظ أي فروق كبيرة في اللغة بين مفردتي العمل والشغل. المهم في الأمر أن ماركس وأرند كلاهما معنيان بقضايا مشتركة والفروق الحقيقية بينهما ليست بذلك الوسع الذي تبدوا عليه أول الأمر فهما معا ًالفقر والعدل والغربة في عالمنا . أرند تزعم أن ماركس لا يستحق الوصف بأنه مفكر مادي. أرند تحمل البشر مسئولية جعل الكون جحيماً، وماركس أيضاً يرى بأننا أو على الأقل الشغيلة في المجتمعات الرأسمالية عزلوا تماماً مما ينتجونه، من نشاطهم الإنتاجي، من الطبيعة، ومن ناسهم في مجتمعاتهم. الإنسانية عزلت من حياتها الخاصة.

Post: #104
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-05-2016, 09:04 AM
Parent: #103

الأخ السناري حمدا لله على السلامة
طبعا في انتظارك و قلنا رمضان و العيد حاخدوك مننا.
المهم نحن في انتظار شرجك لنقد اريند لماركس كما وعدت و دأت ذلك:
Quote:
من أكثر الإنتقادات التي تتعرض لها أرند ضمن نظريتها السياسية هي عرضها لثلاث أشكال للنشاط الإنساني في كتابها الشرط الإنساني وإفتراضها حدوداً جلية وصارمة بين هذه الأشكال الثلاث وكما بينت في المداخلة قبل السابقة بأنها تس
مي هذه الأنشطة الفعل، العمل، والشغل ومن أهم النقاط التي تأخذها على ماركس أنه لا يراعي هذه الأنشطة الثلاث والفروق الهامة للغاية بينها مختزلاً النشاط الإنساني في فاعلية واحدة هي العمل©.

Post: #105
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-05-2016, 02:11 PM
Parent: #104


شكراً عزيزي محمد
إستجابة لسؤال من الأخ أيمن عوض من الفيسبوك سأتحول فى أكثر من مداخلة إلي شرح الفرق بين الأنشطة الثلاث
Quote: مازلت اجد صعوبة فى التفريق بين العمل والشغل والفعل فى سياق السيدة ارند الرجاء الايضاح قدر الامكان . شكرا لصاحب البوست وشكرا للاخ سنارى على هذه الجرعات المكثفة من المعرفة حقيقى شكرا


فصلت أرند في كتابها الشرط الانساني عن ثلاثة أوعية لا بد أن يدخل أي نشاط إنساني في أحداها وهذه الأوعية هي وعاء الفعل، وعاء العمل، ووعاءالشغل. لا يرى ماركس أن هنالك أي أهمية للتفريق بين هذه الأوجه للنشاط الإنساني ويحصر إنشغاله في العلاقة التي تربط بين الإنسان وناتج عمله (هل سيعود له أم سيذهب للرأسمالي) ولكن أرند تصر على التفريق لتعلي من شأن الفعل وربطه بالنشاط الفكري والسياسي للإنسان وكذلك تعليتها بدرجة ما شأن الشغل لأنه ينتج أشياء أكثر ديمومة ومتانة في الحياة الشيء الذي بدأنا أن نفقده في العصر الحديث لأنه تحول إلي عصر إستهلاكي تغريبي للإنسان عن أشياؤه وأشياء عالمه (إغتراب الذات عن الموضوع). ثم تنتهي إلي تتفيه العمل لأنها تربطه بالإنتاج الإستهلاكي في الحياة. ترى ارند لادراك الابعاد الواسعة لفكرة العمل أن الشرط الانساني هو الحياة بنفسها تلك التي تمتد من الولادة الى الممات فموضوع العمل هو إنتاج المستهلكات التي تديم الحياة لا سيما المأكولات. فكل نشاط يدخل في دائرة إنتاج المستهلكات هو عمل، ينتج الانسان به ما لا يمكن ان يعيش بدونه ويوفر العمل حسب ارند ضرورات البقاء للانسان وانه بهذا المعنى الخطير يصبح الانسان مستعبدا للعمل بمعنى انه لا مفر له منه وانه الشرط الانساني الذي عبره يوفر الانسان لمن يعول الحاجات الاساسية منذ الولادة وحتى الممات ومن المفارقة ان هذا العمل الذي يمتد على مدى الحياة ويتحرك بالانسان في دائرة عقيمة لأن الانسان يستمر في العمل كي يستمر في الحياة حتى يموت، وأن كل ما ينتجه الانسان من العمل يعيده للطبيعة التي اخذه منها بادئاً ذي بدء، فهكذا نذهب للسوبر ماركت على الأقل مرة في الأسبوع لنرجع بالأكياس معبأة بالمستهلكات ثم نعبىء جوالات التراش كل إسبوع حريصين على أن تكون جاهزة عند حضور عربة القمامة

Post: #106
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-05-2016, 06:19 PM
Parent: #105


أما الشغل (أو الحرفة) يختلف عند أرند فهي تفرّق بين الطُلبة والبَنّا، فتعتبر عمل الطُلبة (عمل) وعمل البَنّا (شغل) و تعتبر بدورها الشغل أرقي وأنفع من العمل (ولكن كما ذكرنا عند ماركس كله عمل) وبينما مجال العمل في شرطنا الإنساني هو الحياة ( نعمل لنوفر حاجات الحياة) إلا أن مجال الشغل في شرطنا الإنساني هو الدنيا (فالحرفي يصنع منضدة أو خرج موية أو بيت لا ليستهلكه أثناء حياته فحياته تقوم به أو بدونه وربما بقي بعد موته تستخدمه الأجيال اللاحقة) وعلى النقيض من العمل فأن نشاط الشغل ينتج أشياء هي ليست جزء من الطبيعة لكنها ناتج جانبي لأن البشر الحرفيون يضيفون أشكال وألوان لما هو مصدره الطبيعة، لنأخذ منضدة على سيل المثال، فلأننا لا نحتاج للمنضدة للبقاء كما ذكرنا فان انتاجها لا يعتبر عملاً بل شغلاً، ويتم بأن تنتج الطبيعة الشجرة ثم يقوم الانسان (العامل) بقطع الشجرة وبيع أخشابها ليعيش منها ثم يشتري الحرفي (الشغال) الأخشاب وينشرها إلى ألواح يصنع منها منضدة كناتج جانبي من الشجرة، ناتج يساهم في صنع عالم مصطنع (أكثر ديمومة من عالم المستهلكات أي قد تعيش أطول من صانعها الذي لا يحتاجها لأجل بقائه لكنها تجعل الحياة أجمل وأسهل) والبشر كمصنّعين يجتهدون من أجل انتاج أشياء تتميز بالمتانة و تيسر الحياة (عبر استعمال ادوات تحول أشياء الطبيعة الى اشياء دنيوية). يبقى أن الشرط الانساني للعمل حسب أرند هو إنتاج أشياء ذات ديمومة ما وهي في الغالب ستوفر له ما فيه صفة الديمومة، فالبحث عن ديمومة الحياة عبر الشغل هو سعي انساني نحو الخلود في الزمن وهو أمر مستحيل.

Post: #107
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-05-2016, 08:08 PM
Parent: #106

الأخ السناري ‏
شكرا للشرح الوافي.‏
و إذا سمحت لي بالتعليق أو السؤال:‏
حسب شرحك فإن تفرقة اريند بين العمل و الشغل حس ‏إعتقادي هي قريبة أو مأخوذة من
نفس فكرة رأس المال الثابت و ‏رأس المال التشغيلي أو الإستهلاكي أو كأنها مشتقة منها.‏
و ثانياً ما الجدوى من التفرقة ين العمل و الشغل إذا كان ‏كلاهما يستهلك جهد الإنسان و و وقته و طاقته ؟
خاصة أن ‏كليهما مفيد للوجود الإنساني سواء لبقائه و استمراره في ‏الحياة أو لسعادته و ترفيهه؟ ‏

Post: #108
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-06-2016, 04:29 AM
Parent: #107


التحية أخي محمد
فكرة التفريق بين النشاط الإنساني إلي عمل وشغل هي فكرة حنّا أرند ولا أتفق معها فيها و لا أعتقد أنها تؤسس لها على جذر إقتصادي يرتبط برأس المال لأنها تعيد التأسيس إلي عهود الإقطاع الإغريقي القديم بينما فكرة رأس المال فكرة حديثة تأسست مع التقلبات التي شملت عناصر البنية الإجتماعية أبان الثورة الصناعية وإرهاصته مع التحول الرأسمالي الذي واكب الثورات الأوروبية الحديثة. نعم هي تنظر للعمل والشغل على قاعدة إقتصادية تقوم عليها كل عناصر الواقع الإجتماعي على النقيض من الفعل الذي تنظر له على قاعدة سياسية تتجاهل دور الأقتصاد في تأسيسها والعمل الذي يفرق فيه ماركس بين الإنسان والحيوان لأن الحيوان غير أنه يعمل مستجيباً لضروراته الحيوية فهو عندما يهجم على فريسه أو يبني مأوي في جحر أو عش طير يفعل ذلك كي يبقى حياً لكنه وكما يقول ماركس لايطور مهاراته مثل الإنسان ولا يتعلم فيتقدم من عصر حجري إلي عصر حديث لكن أرند ترى في العمل ذلك الشكل البيولوجي الساذج من النشاط البشري المزعن لضرورات الإستهلاك دون أن يترك وراءه آثاراً إنسانية تنم على إبداع البشر عندما يتحول من عامل إلي حرفي (شغال) فالعامل ينتج الذرة ويأكلها في شكل كِسرة أو عصيدة بينما الحرفي ينتج العنقريب ويطور فيه من الحبل للسيور ويبقي ربما لجنى الجنى، أي أن عمل الحرفي هو عمل الخلاق، المبدع الذي تجعل منتجاته الحياة أريح وأجمل عبر عالم مصطنع وأكثر ديمومة أي له علاقة مع الخلود مثل الفعل وعلى عكس العمل الذي ليس له أي علاقة مع الأبدية والخلود أو أي علاقة مع أي شيء خارج حدود المحافظة الأولية على الحياة البيولوجية وهو نشاط تشاركنا فيه أيضاً الحيوانات على عكس الشغل. وتقول أرند إنها على عكس ماركس ترى بأن التمييز بين العمل والشغل هو تمييز موضوعي، بدلا عن ذاتي. ، فالفرق بين رغيف الخبز والكرسي يقع بالكامل تقريبا على حقيقة هذه المنتجات وليس في طبيعة النشاط الذي أنتجها. ترى أرند كذلك أن النشاطين مرتبطين بشكل وثيق بأكثر الأوضاع شيوعاً للوجود البشرى: الميلاد والموت للعمل، والأبدية والخلود للشغل.

Post: #109
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-07-2016, 04:35 AM
Parent: #108


الفعل هو العنصر الثالث في الشرط الانساني ويتميز بكونه أساس النظرية السياسية عند أرند التي بينما تعتبر العمل أكثر أنشطة الحياة لا إنسانية تعتبر الفعل أكثر شروط الإنسان إنسانية لأنه أكثر ما يكشف عن فرادة البشر الذين يقومون به ولأنه يتم عبر الارادة الحرة لمن يقوم به ( الحرية والتعدد والهوية والمعنى كلها عناصر الفعل)، فانت ليس مجبر أن تكتب في سودانيزأونلاين لذا تستمتع بالكتابة لأنها إختيار حر، أما العمل فانت مجبر عليه لذا قد تعمل في وظيفة تبغضها وتجعلك تكره حياتك ولسان حالك يقول مجبر أخاك لا بطل لكنك لا تشارك في نشاط ثقافي أو سياسي بدون موهبة أو إستعداد ذهني وإستمتاع بمساهماتك وتحقيق ذاتك لقد كتبت ارند ان تفعل فان ذلك يحتاج لقدرة وطاقة ليس بالطبع مثل قدرة وطاقة الماكينة او جهد الشغيلة لكن بمعنى ان كلمات وافعال الانسان تمتلك دينامية في الفضاء العام بحيث ان كلمات وافعال الفرد تعمل كما الديناميت الذي يهز حالة الثبات الاجتماعي او سكونية حالة الراهنة واصلا الى ما وراء وداخل غير المألوف، والفعل عند أرند كما ذكرنا في مداخلة سابقة لا يتم إلا في تواجد الآخرين فلا يفعل الانسان منفرداً او منعزلاً لأن الفعل يحتاج الى الآخرين. عندما وصفت أرند الشرط الإنساني للعمل بالحياة لأننا نعمل لنعيش، والشرط الإنساني للشغل بالعالم لأن منتجات الحرف تنتج عالماً مصطنعاً وصفت الشرط الإنساني للفعل بالتعدد لأن الجماعة وليس الفرد هم موضوع الفعل وعلى هذه القاعدة طورت أرند نظرية في الديمقراطية الاشتراكية سنتعرض لها لو هوّن الله علينا ضمن مداخلات قادمة.

Post: #110
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-07-2016, 06:01 PM
Parent: #109

ثيمتا الفعل الأساسيتان وهما الحرية والتعدد مثلتا عند أرند المدخل للتنظير السياسي، ولو أنها لم تبلغ في تنظيرها السياسي شأو هابرماس عندما أسس نظريته السياسية على فكرة الفعل التواصلي والذي يجمع القوى الحيّة في المجتمع على تحدى كل معاني الظلم والتسلط في المجتمعات. يبدأ الفعل عند أرند قبل ميلاد الإنسان، والذي يحدث نتيجة فعل جنسي تنتج عنه إجيال تبتدر مع ميلادها وعبر الكلام أول أفعالها. والكلام عندها هو مفتاح التعبير عن الهوية، التعبير عن الحرية، والتعبير السياسي. تولي أرند لأسباب سيرد ذكرها لاحقاً أهمية كبيرة لصفة الديمومة والخلود في الأشياء، لدرجة إعتبار عمر الأشياء هو معيار جودتها (أحياناً يعتبر البعض أي حاجة بتعيش أكتر من غيرها أجود من غيرها) وهكذا فعند أرند أن الذي يفرق بين الأشياء والأفعال عمرها، لذا تولي الفعل لأنها تعتبره الأكثر ديمومة من كل الأشياء المقام الأرفع من بين كل الأنشطة البشرية. ولتوضيح هذا المعنى نشير إلى أن ثمار الفعل الانساني الذي يتم عبر الكلمات والسلوك تمتلك حقيقة صفة الديمومة أكثر من غيرها، فعلى سبيل المثال اذا إستحضرنا سقراط، وهو لم ينشر أياً من انتاجه لكن لا زالت كلماته ومواقفه وجهاده في تحقيق الحقيقة وترجمتها في حياة الأثينيين وديمقراطيتهم تعيش قروناً بعد قرونٍ من بعده ولا زالت خالدة رغم اعدامه. وهكذا تخلص إلى إنه وعبر الشرط الانساني للفعل يحصل الانسان على الخلود. ومثلما هو الحال مع الشرط الانساني للشغل فان الفعل يتطلب التمتع بحق الاختيار، لا كحرفي ينتج مصنوعات بل كفاعل يعمل على البحث والكفاح لأجل ترسيخ الحقيقة، فالأفكار وحدها ما يمتلك إمكانية الخلود. إن الفعل يصنع من عالم الانسان عالماً متعدداً وليس منسجماً ولذلك فإن التعددية هي ما يصبغ أفعال البشر، التعددية وليس الانسجام، أضف الى ذلك انه كلما يولد جيل جديد فإن اعضائه يستهلون شكلاً جديداً من الأفعال في العالم، ليست أشكال جديدة بالمفهوم الرأسمالي أو كما تأمل الرأسمالية، وليس استمراراً في تدفق الأيدي العاملة كما تتصور الماركسية بل أشكال تبدأ من الدخول في أفعال يزيح بها كل جيل بعضاً من أفعال الأجيال السابقة لهم. نعم ان البشر جميعاً يمتلكون نفس الحاجات الاولية في الحياة مثل الحاجة للاكل والشرب والمأوى لكن الأجيال الجديدة تشتغل في الحياة منطلقة من زاوية مختلفة، وأفعال أي جيل لا تعطي ضمانة او استمرارية لافعال الاجيال اللاحقة له وعلى سبيل المثال يمكنك ان تتخيل لو ان الأجيال العايشة من السودانيين فهم العلاقة بين الرجال والنساء بنفس الحدود التي خطتها الأجيال القرن التي مضت أو نظرت لمسألة حقوق المرأة في التعليم والعمل وغيره بنفس فهم الأجيال السابقة. حسب أرند فقد فهم الاغاريق القدماء الفرق بين العمل والفعل جيداً. لقد نظر الاغاريق القدماء إلى (البيت) ليس كمبنى فقط او ما نعرفه اليوم بالمنزل بل انه يشمل المكان الذي تمتد إليه إحتياجات البقاء أي يشمل المنزل، الحواشة أوالمزرعة والحيوانات الأليفة زائداً كل منتجات الطبيعة التي تجعل البقاء ممكناً وبالتالي فإن (البيت) يمتد لمكان العمل لكن حتى يحصل سيد البيت على السعادة في المجتمع الاغريقي يحتاج ان يحرر نفسه، ان يصبح متحرراً من عبودية الحاجة لتغطية ضرورات الحياة، ليس لنفسه فقط بل ولكل من يعول ايضا، بمعنى ان سيد البيت يحتاج لأن يحرر نفسه من العمل معاً ومن هنا تم التفكير في الاستعباد كحل في هذا الطريق عند قدماء الاغريق. تم التفكير في العبيد كوسيلة لاداء الشغل والعمل فقد كان العبيد هم أسرى الحروب والذين هم قبل وقوعهم في الاسر كان كثيرون منهم على درجات عالية من التعليم والثقافة مما يجعلهم في غاية الاهمية والفايدة لسيد البيت فهم مثلا يمكن تسخيرهم لتعليم الاطفال وادارة البيت بل اهم من ذلك يمكن ان يعمل العبيد في ابتداع وصنع اشياء من الطبيعة تكون مفيدة في تسهيل الحياة اليومية وسبل الراحة وربما اطالة العمر، لكن الامر المهم جدا هنا هو شرح كيف ان العبيد حرروا سيد البيت من ضرورة ان يشتغل وأن يعمل مما يمكنه ان ينغمس في الشان العام لاثينا أي المشاركة في مواقع الفعل. الفعل في مجالات تظهر إمتياز الفرد وتحقق ذاته، لكن كان دوماً البيت هو من يعرف موقع صاحبه في العالم، اي هو الحالة السابقة للحياة العامة، وبالتالي فعندما يحرر سيد البيت نفسه من الشغل والعمل يستطيع الآن التمتع بحياة جميلة، حياة يفعل فيها بكلماته وافعاله للمنفعة العامة وليصبح بهذه الطريقة شخصاً مستقلاً يبدي امتيازه في المجال العام لا في اطار البيت. بالنسبة لارند فان كل هذا يقف على تعارض تام مع العالم الحديث حيث تتحلل العائلة والإعالة بشكلها الذي عرفه الاغريق وحيث ان الفعل الفردي في العالم الحديث يلاحظ فيه إنسجامية لا طبيعية (إنسجامية ثقافة الإستهلاك) فرغم التعددية الظاهرة الا ان كل فرد يسعى لمشابهة الاخرين في كل شيء، وأن الأفعال المقبولة اجتماعيا والصحيحة سياسيا تحل محل الفعل المتسق الذي كان هو الصيغة الاولى في العلاقات البشرية القديمة، إن هؤلاء الذين لا يلتزمون بقوانين المجتمع يوصفون بالمعتوهية، وأن المجتمعات تحكمها أيادي خفية حيث أن المسئولية فيها مسئولية مؤسسات لا أفراد، مؤسسات بيروقراطية غير مشخصة.

Post: #111
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-08-2016, 06:17 PM
Parent: #110

رغم الإشادات العديدة التي لاقاها كتاب أرند الشرط الإنساني إلا هنالك ملاحظات عديدة سواء على المنهج العام الذي توخته في صياغة أفكارها بشكل أخرجها كثيراً عن الإستيعاب الجيّد لأفكار ماركس كما سنبين، أو في تحليلاتها حيث أن إنتقادات عديدة إستأنفت تحليلاتها سواء عن ماهية شروط الإنسان الوجودية أو الآثار النفسية للعلوم الحديثة، تلك التي إستندت فيها على إدموند هوسرل في تنظيراته عن أزمة العلوم الأوروبية وإستعارتها لفينومينولجيته كمنهج ملائم لمقاربة الحالة أو الشرط الإنساني. ذكرنا سابقاً أن أرند تطرح ثلاثة أنشطة هي مدار حركة الإنسان في شرطه الوجودي إضافة لنشاط التأمل، وتنتقد ماركس لإختزاله كل شيء في العمل على بإعتبار الإقتصاد قاعدة البنيان المجتمعي وإنشطته المختلفة. وتأخذ أرند على ماركس أنه يرى بأن العمل، وليس العقل أو الفعل، هو ما يفرق بين الإنسان والحيوان. ذكرت كذلك من قبل بأن ماركس وأرند في النهاية كلاهما معني بهموم الإنسان المعاصر وأن الفروق الحقيقية بينهما ليست بذلك الوسع الذي تبدوا عليه أول الأمر فهما معاً ضد تغريب الإنسان سواء عن ذاته كما عند ماركس أو عن عالمه كما عند أرند التي ترى أن عالم الأشياء هو العالم المادي وإستغراق ماركس في قصة علاقات الإنتاج المجحفة هو إستغراق في الذاتي وإغتراب عن المادي وبالتالي فإن ماركس لا يستحق الوصف بأنه مفكر مادي. يحصر المفكران جهودهما في تلخيص مشكلة العصر الحديث وماركس لا يكتفي بتوصيف مشكلة الإنسان المعاصر لكنه يبحث في أصل المشكلة أيضاً. تعرف أرند العصور الحديثة بعصر المجتمع حيث أن نمو المجتمع قد وصل ذروته فيها عبر التطورات التي طرأت على شكل العمل الذي يقتحم أراضي الحرفة ويتحول للصيغة المهيمنة في الشرط الإنساني الحاضر الذي تحول لشرط إستهلاكي بإمتياز، شرط يصفه ماركس بأنه ورغم تقدم الحالة الإنسانية فيه على سابقاتها (على عكس ما ترى أرند) إلا أن الإنسان العامل في مجتمعاتنا الحاضرة تم عزله تماماً عما ينتجه وعن نشاطه الإنتاجي وكذلك أن التحولات التي حركت الإقتصاد الرأسمالي الحديث من الزراعة إلى التجارة والصناعة عزلت الإنسان حتى عن الطبيعة وعن العلاقات الإجتماعية التي كان ينعم به في مجتمعاته السابقة.

Post: #112
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-09-2016, 02:18 AM
Parent: #111

في الفرق بين ماركس وأرند بالنسبة لمسألة الإغتراب الإنساني أرند تركز على عزل الإنسان عن الإشياء، عن العالم المادي وترى أن ماركس ركز على إغتراب الإنسان عن ذاته وهو في رأيها تركيز يغرق في الذاتي ويتناسى الكون المادي، علم الأشياء غير المقصورة على التجربة الذاتية المرتبطة بالعمل و الإنتاج، بينما أرند ترى أنها تعني بشكل ومحتوى العالم الذي نعيش فيه. أرند تقرر وفقاً لذلك بأن ما يقال عن مادية ماركس ماهو إلا ضرب من الأوهام. تفترض أرند بأن ماركس ضحية المنهجية الذاتية للبروتاقراسيين (يعتبر بروتاقراس من السوفسطائيين الأوائل الذين سبقوا الحداثة في تنصيب الإنسان كمركز للكون والمعيار لكل شيء) وكذلك للمثالية الإفلاطونية وعنايتها بالجوهر، بينما من المفترض في المفكر المادي أن يعني بإيجاد عالم يوفر بنية تتماسك فيها الأشياء عبرالأنشطة الإنسانية ويوفر منظور للنشاط الإنساني منسجم مع الفهم الذي كان سائداً عند الأغاريق القدماء الذين كان يحتفون بأشياء يفترض أن تكون محل إحتفاء البشرية على مر عصورها مثل إحتفائهم بأنشطة تركز على إنتاج منتجات ذات متانة وتماسك، أشياء تبقى رغم زوال الأجيال. تحتفي أرند بعالم الأشياء الدائمة المقابل للعالم الإستهلاكي وتشجع على إنتاجها مقابل الإنتاج الإستهلاكي سمة العصر الحديث. من هنا تنعي أرند إضمحلال عالم الموضوع أو الأشياء والذي بدأ قبل ماركس بزمن طويل وترى أن العصور الحديثة تميزت بإنهيار الحدود التقليدية بين العام والخاص ونمو الإجتماعي والذي يؤدي إلى تسفيه الحياة السياسية. لقد أصبح العالم الحديث عندها مشغول بالضرورة الإقتصادية والاحتياجات التي كانت محتواة داخل خصوصية البيت عند الأغاريق القدماء. إن الرضوخ لهيمنة هذه الاحتياجات الاجتماعية يعني أن تفقد شيئا مهما وهو التصور لعظمة وعناية كانت تولى للديمومة في العالم. إن المجتمع هو الشكل الذي فيه حقيقة الاعتماد المتبادل من أجل الحياة ولاشيء غير ذلك يستحق إهتمام الناس، حيث يسمح للأنشطة المرتبطة بالبقاء المطلق بالظهور في الأماكن العامة. وكانت أكثر النتائج المدمرة للتحولات التاريخية التي قلصت المجتمع بإتجاه الفردانية والشغل إلي العمل ذا المرتبط بثقافة الإستهلاك المتغلغلة في كل جوانب الحياة وما يترتب على ذلك من شعور بعدم الاستقرار، وعدم الموثوقية في لا يتوقع لأيْ شيء فيه أن يدوم، وعندما تأخذ أهمية الديمومة المقعد الخلفي بالنسبة إلى أهمية الإنسراف الذي هو صفة الخبرات الإنسانية غير المادية وغير الملموسة. لقد أصبحت لدينا "مجتمعات جد كبيرة"، ولكننا في نفس الوقت ننسحب بالتدريج من الحياة العامة والتي تفترض فيها أرند أن تمثل جوهر النشاط البشري، و ننحبس في الخصوصية التي تعتقد أرند أنها الجانب من جوانب الوجود الأقل تميزاً، وهكذا تنهار الحدود بين العالمين العام والخاص. نحن نعيش في حالة من الإنشغال الكبير بالاهتمامات والهموم الاجتماعية وردود فعل في نفس الوقت ضد الإجتماعي أو هروباً من الاجتماعي تصل إلى الإنسحاب من المجتمع إلي الذات. تطلق أرند على هذه الحالة ظاهرة صعود الحميمية. والحميمية والاجتماعية حالتان متناقضتان. لقد كان العام و الخاص على الدوام معتمدين على بعضهما البعض حتى أنهما مؤسسان بشكل هرمي. حاولت أرند تشبيه حركة المجتمع من العام إلي الخاص ومن الموضوعي إلي الذاتي بالفرق بين مجموعة من الناس يجلسون حول طاولة تملآ المساحة التي تفصل بينهم، ومجموعة أخرى من الناس يجلسون ولا طاولة بل الفراغ هو ما يملأ المساحة بينهم. إننا نجد أن الهيكل المقدمة الذي توفره الطاولة مماثل للحياة العامة التي تتميز بمؤسسات سياسية تتصف بمظاهر الدوامية (المباني العامة والحدائق والمعالم الأثرية، وقصص التاريخ العام). وعدم وجود المنضدة مماثل لعدم وجود هيكل في الحياة الاجتماعية. وعدم وجود الهيكل أو عالم للأشياء والأفعال تثري الحياة الإنسانية يهدد بإنعدام أي شيء يعمل على توفير مساحة أوعلاقات أو تفاعلات بين الناس، مما يخلق الرغبة في الفرار تماما من أجل ضمان أي مساحة للإنسان وحده مع نفسه. ولنعيش معا في عالم إنساني يعني ذلك توفر عالماً من الأشياء ما بين الناس، مثلما توجد الطاولة بين أولئك الذين يجلسون حولها، فالعالم، مثل كل الأشياء البينية يوصل ويفصل بين البشر في نفس الوقت. المجال العام، كما في العالم، يجمع بيننا ولكن يمنع سقوط بعضنا فوق البعض. وإذا جاز التعبير فإن الذي يجعل المجتمع الواسع الكبير يصعب تحمله ليس عدد الأشخاص فيه، ولكن الحقيقة أن العالم بينهم فقد قدرته لجمعهم معا، للوصل والفصل بينهم، وغرابة هذا الوضع يشبه غرابة طقوس جلسة إستحضار الأرواح. هذه التغييرات في العصور الحديثة كما ذكرنا أعلاه تعترف أرند بأنها سبقت ماركس، لكنها ترى أن انتقاد ماركس لها تمّ بطريقة غريبة، ولم يكن حاسما بما فيه الكفاية. لقد قبل ماركس هذا الإطار للعالم وقبل العمل كنشاط مركزي في المجتمع الذي كان بالفعل قد فقد أهمية الفضاء العام فيه، فضاء الدوامية، العظمة، والخلود.

Post: #113
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-09-2016, 07:38 AM
Parent: #112

شكرا الاخ السناري على رفدك البوست بالافكار القيمة، تاثرت حنا ارند كثيرا بما انتجه الفكر الإغريقي
و ترى فيه كما راى الكثيرون من ‏الاوربين بانه يجب ان يكون موئلا للفكر و الثقافة الاوربية و هي
النظرة التي تاثر بها و ‏نادى بها كثير من المسيحيين في اوروبا في القرن الخامس عشر
و السادس عشر.‏‏ و ارندت لا تخفي تاثرها بالثقافة اليونانية و لا بالقديس اوغسطين.
ثم امتزج كل ذلك لديها ‏برؤيتها للحياة المعاصرة و إنشغالها الدائم بالوضع الإنساني
أو الحالة الإنسانية و هما ‏الكلمتان اللتان اظن انهما يناسبان وجهة نظرها و مقصدها اكثر من
تعبير(الشرط ‏الإنساني)he Human Condition,.‏‎
‎بالتالي اعتقد قد ان ترجمة كلمة ‏condition ‎‏ ب:شرط يطيح بالمعنى اكثر مما تقربه كلمة حالة او وضع.
هذا مجرد رأي.‏أما منافحتها لرؤية ماركس فيما يتعلق بتصنيفها للعمل إلى شغل و عمل او اثر فاعتقد ان ذلك
اجتهاد فلسفي ‏عميق من لدنها من حيث الرؤية و التصنيف لذات الكلمة فقط و لكنه لا يغير في جوهر الفعل شيئاً.‏
هذه وجهة نظر قد تكون صحيحة أو غير ذلك.و الله أعلم.

Post: #114
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-10-2016, 03:21 AM
Parent: #113

الأخ محمد تحية عيد وجعل الله أيامك جلها أعياد
أعلم يا أخي أنك تعمل في مجال الترجمة وأننا بمحاولاتنا شرح حنا أرند بالعربية في حضوركم نكون كمن يحاول بيع الماء في حارات السقايين. ولكن دعني أشرح لك ما عنى لي عندما هممت بترجمة الهيومان كوندشن. لقد وجدت يا عزيزي بالفعل أن كل ما وقع بيدي من ترجمات لمقالاتها أو مقالات عنها تفعل بالضبط ما ذكرته انت، فهي إما تترجمها بالوضع الإنساني أو الحالة الإنسانية، ولما لم تقنعني تلك الترجمة رأيت أن أجتهد أنا وللمجتهد كما تعلم حتى في حالة الخطأ نصيب من الأجر. عندها وصلت إلي أن عبارة الشرط الإنساني وليس الوضع الإنساني هو يا عزيزي ما يناسب فهمي لحنا أرند. وعلى العموم حتى إذا ركننا الترجمة الحرفية للعبارة الإنجليزية(فإن الكوندشن تعني في العربية الحالة وفي الوقت نفسه تعني الشرط) وأنا ضد الترجمة الحرفية، أما بالركون إلي ترجمة المعنى وهذا ما أفضله، فقد وجدت أن مفردة الشرط الإنساني هي الأليق بما أكتب على الحالة أو الوضع الإنساني، لأنك عندما تقول على سبيل المثال أن الحِرَف أو الأفعال هي شرط الإنسان وعنوان إنسانيته فانت تعدل في صبغ خصوصية على المفهوم لا توفر الحِرَف والأفعال لغير الإنسان، لا سيما وأننا في إطار التقدم لتناول مفاهيم التصالح والتجاوز عند إنسان أرند في مقابلتها بنفس المفاهيم عند إنسان هيدجر ونيتشة. لكن أن نختزل هذه الخصوصيات الإنسانية الجوهرية إلي مجرد أوضاع أو حالات، ففي ذلك حسب نظري غمط لمقامهما التأسيسي للإنسان والإنزلاق بهما لمجرد موصوفات ضمن حياة أو عالم الإنسان، أي ظرف من ظروفه، حالة من حالاته أو وضع من أوضاعه وهي كثيرة كثرة الرمال في شط النيل.

إذا رجعنا لحنا أرند فهي تتحدث في إطار تحليلاتها للتغيرات التي تطرأ على الإنسانية في هذا العصر ومخالفتها للماركسية فتوصف ضمن ما توصف التحولات من العالم الطبيعي إلي العالم الصناعي. فبعد أن كانت الأرض وطبيعتهاهي جوهر الشرط الإنساني يتم التحول رويداً رويداً إلي عوالم التقنية والروبوت (تم قتل الجندي الأسود الذي إغتال البارحة خمسة من أفراد الشرطة البيض وجرح سبعة آخرين منهم إنتقاماً لقتل مواطنين سود بواسطة رجال شرطة بيض بشكل متواتر دون أي إدانات حقيقية لهم بواسطة جهاز روبوت تحرك نحوه وقتله).وتقول حنا بأن الأنسان ينقسم بين فكرتين متنافستين واحدة منهما الدنيوية وهي أن البشر مثلهم مثل كل الكائنات الحية الأخري مسيرين ولا يملكون مصيرهم، أي لا حول ولا قوة لهم في هذه الدنيا .والفكرة الأخرى تقول بأننا نمتلك القدرة على صنع مصيرنا وعالمنا، القدرة على إبتداع وصنع أشياء وإحتراف ذلك. أي اننا من ناحية أحياء تحت رحمة القدر ومن ناحية أخرى أننا كائنات متجاوزة تستطيع تجاوز ذاتها على الدوام، ذلك أنه خلال 2500 سنة كان ذلك هو ما يصنع الشرط الإنساني دوماً( العالم المصطنع) وليس هنالك شيء طبيعي في ذلك، إن العالم المصطنع ليس من طبيعة الإنسان، لكن كان ذلك هو إتجاه البشرية الذي تفاقم منذ النهضة وحتى الآنز الشيء الذي أزعج حنا هنا أننا ربما وبدون أن نفكر نقرر ببساطة تجاوز تلك الطبيعة المنقسمة للإنسانية بالميل إلى أحد أطرافها. وذلك كان بالضبط الشيء الذي وجده هيدجر ملفتاً في الرجل العثماني الذى أحل محل الإنسان المنقسم فكرة الإنسان الموحد، ذلك أن العثماني في حالة تجاوز مستمر بدون أي توقف أمام إشكالية القدر والحرية. تحدثت أرند عن صيغة أو تصورعلماني للقدرية أو الحظوظ أو بصورة أوضح الإيمان. ترى أرند بأننا إفتقدنا إحترامنا للإنسانية في إطار إعتبارنا أن الإنسانية تستعصِي وتعجز عن التجاوز لأن ذلك هو قدرها الذي لا يمكن تجاوزه، وكل ما نريده إذن هو إنسانية تكنوقراطية لأنها هي الإنسانية الصائبة وهاهي التكنوقراطية تتألف مع الديمقراطية في العصر الحديث وتحيل الديمقراطية إلي حالة من حالات الحريات الشكلية بحيث لا تتوفر الحريات الحقيقية إلا في نطاق أضيق من ضيق. لقد كان عقل أرند مسكون بصورة خاصة جداً بهذا الإنقسام في الإنسانية، التي هي من ناحية مسيرة لا تمتلك سيطرة على قدرها وحياتها، ومن الناحية الأخرى إنسانية دوماً قادرة على صنع عالم يصنعه الإنسان، يسيطر على أقداره فيه ويثري من معانيه. أرند ترتعد من خطورة أن تنتهي بنا هذه الإنسانية الحديثة إلي عالم مصنوع بالكامل يتجه نحو نهاية شرطه الإنساني ونحو نهاية غزو الفضاء، مما قد ينتهي بنا إلى العيش فيما يشبه السفينة الفضائية، لأن كل شيء أصبح مصنوعاً، وكل شيء في العالم صنعه الإنسان حتى الإنسان

Post: #115
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-10-2016, 11:33 AM
Parent: #114

الاستاذ السناري
كلمة وضع أو حالة ليست ترجمة حرفية في كتاب ‏ارندت و لكن ...‏
هناك خيط يربط بين الشرط أيضاً بين( الحالة) ‏الإنسانية و (الشرط) الإنساني
في المعنى الشرط ‏هو شرط للتشيؤ. اي اتخاذ وضع او حالة معينة و ‏الحالة او الوضع
يشمل الحاضر و المستقبل. لكن ‏دعنا نتجاوز هذه النقطة لانها لا تؤثر في جوهر ‏الموضوع.‏
لدي ملاحظة، فيما ذكرته انت اليوم ( قد كان عقل ‏أرند مسكون بصورة خاصة جداً بهذا
الإنقسام في ‏الإنسانية، التي هي من ناحية مسيرة لا تمتلك ‏سيطرة على قدرها وحياتها،
ومن الناحية الأخرى ‏إنسانية دوماً قادرة على صنع عالم يصنعه ‏الإنسان، يسيطر على
أقداره فيه ويثري من ‏معانيه) و الإنسانية الاخيرة التي يكون فيها ‏الإنسان قادر على
السيطرة على اقداره اعتقد هي ‏ما تشيد به ارند.‏
لدي ملاحظة هنا: ‏لاحظت أن هذه الفكرة الاخيرة تلتقي ارند هنا مع سارتر و هي رايه h
لمطروح ‏بشكل عام في فلسفة الوجودية اي فكرة مسئولية ‏الإنسان عن قراراته. و هي الفكرة
التي ادانت فيها ‏موقف آيخمان و كل من يطبذق القوانين و يساند ‏الطغيان دون ان يتساءل
عن موقفه الاخلاقي . هذه ‏مجرد وجهة ملاحظة قد تكون صحيحة او غيرذلك.‏

Post: #116
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-10-2016, 04:14 PM
Parent: #115

إنتهيت في المداخلة السابقة إلي أننا في هذه العصور الحديثة بدأنا الدخول في مجتمعات تتحول من الطبيعة إلي الصناعة ، ثم بدأت حديثاً التقنية تسيطر على المشهد. الأمر الذي يرعب أرند أن تحل البشرية إنشقاقها بين حياة متآلفة مع الطبيعة ويسير فيها الإنسان فيها تحت رحمة قدره، ومجتمعات يحاول الإنسان فيها خلق كل شيء حتى الحياة. مجتمعات كل ما فيها مصنوع من بيوت الأسمنت إلي الطائرات بدون طيار أو أجهزة الروبوت المذهلة والعوالم الإفتراضية، حتى الديمقراطيات الشكلية التي توفر كل شيء ما عدا الحرية. تحل فيها المؤسسة أو الرأسمال محل الحكومة في المركزيات الإشتراكية المنهارة. أي أنها ترتعب من أن ننتهي كما ذكرت أعلاه إلى العيش كأنما نحن في سفينة فضائية حيث كل شيء مصنوع حتى الحياة، أي نتحول في النهاية إلى مجتمعات تقنية تكنوقراطية بالكامل وهذه لن يختفي الإنسان فيها من منظور طبيعي، لأن الناس ستظل ناس لكن ذلك المجتمع سيصبح مجتمعاً متناقضاً مع الشرط الإنساني في الوجود كما تم فهمه خلال ما يزيد على قرنين على أنه يقوم على العمل، الشغل والفعل (إضافة للتأمل والتفكير والذي هو مقصور على قلة من الناس حيث لا تنشغل العامة بمسألة الفكر والتفكير بينما الفعل، الشغل والعمل كل إنسان يتورط فيها) أي أن يتحول العالم لمجتمع إنسان وليس إنسان، مجتمعات تقنية بالكامل لا تصبح فيها هنالك ضرورات للعمل، للشغل، أو للفعل كلها أو بعضها وهذا ما يرعب حنا أرند ويثير تظاهرات الناشطين من الشباب الواعي في كل أرجاء العالم ضد هذه الإتجاهات العدمية الجديدة، وكم تحتفي حنا كما سأبين في مداخلات قادمة بالجديد. هي تتنظر بزوغ، حركات جديدة، كيانات جديدة، موضات جديدة، لأنها تحتفي بالفعل وأساس الفعل البداية والبزوغ والجديد (لكأني أرى فوكو يتجلى بسفور هنا)
بالفعل يا أخي محمد تلتقي حنا مع كل أقطاب الفكر الوجودي في مفهوم المسئولية حتى أن إلتقائها مع هايدجر في مفهوم المسئولية أكبر من سواه فعند هايدجر القلق والتفكير هو المفتاح لحالة المسئولية والتي عنده هي إنعطاف من حياة القطيعية إلي دورة التجاوز، أي الإنسان المتجاوز لظرفه وضغوطه. أما بالنسبة لحنا وسارترفهنالك فوارق حقيقية وكبيرة بينهما أهمها أن الحرية الحقيقية عند سارتر تبتدئ بالتمرد على كل القيم والأديان والتاريخ أي أن تفعل كلما تريد فأفعالك بالكامل رهينة إختيارك. وبالتالي إختلف سارتر مع كل النظريات الأخلاقية السائدة، وإنتقد الرؤية السقراطية التي تتفق معها أرند وتقول بأن الأخلاق بنت المعرفة والتفكير، كما أنها ترى ضرورة التعاطف مع الآخر في وقت كان ينظر فيه سارتر إلى أن الآخرين هم الجحيم كما وضح ذلك في روايته (لا مخرج) حيث يصبح وجودك في فضاء مع آخرين وجود مزعج لك. وكذلك بينما تستعيد حنا الرط الإنساني الذي تأسس في المجتمعات الإغريقية القديمة يرفض سارتر أي إحتفاء بالقديم ويشرح عبر روايته الشهيرة "القرف" التي عالج فيها العديد من البواعث والحوافز في مقاربة تهجن الفلسفة في التحليل النفسي لتبرهن بأن لا معني للحياة غير المعنى الذي يؤسس عن طريق الذات، والرجوع للقديم هو إبقاء الذات في إطار الحصار الذي شرحه في مفهومه الذات المحاصرة. سارتر أيضاً إحتفي بالمفهوم الماركسي للمجتمع والصراع الإجتماعي الأمر الذي عارضته أرند كما سنين فيما بعد.

Post: #117
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-12-2016, 04:45 AM
Parent: #116

كان ماركس مفكراً مهموماً بالإنسان. وكان يرى بأن معنى الإنسان يرتبط إرتباطاً وثيقاً بما يعمل، حيث أن عمله هو وسيلة بقائه، وكل الأشياء الأخري من ثقافة، دين، فلسفة، تقاليد ماهي إلا طبقات سطحية تقوم على ذلك الأساس المادي(العمل) فالأفكار والأفعال ليست هي بالأساس ما يغير العالم، بل الإقتصاد ما يفعل ذلك. لا يفرق ماركس كما أرند بين حرفة وعمل، فكل أشكال الإنتاج البشري عنده عمل. أما الجانب الأخر من الحياة الذي ترصده أرند (هي ترصد جانبين في الحياة أولهما الحياة النشطة وتشمل العمل، الشغل والحرفة والحياة التأملية وتشمل الأفكار) فهو جانب الأفكار والتي لا يعتبرها ماركس أساسية مثلما ما تعتبر أرند بالتفكير هو ما يفرق بين الإنسان والحيوان وليس العمل، بإعتبار الأفكار مثلها مثل السياسة هي أحد عناصر البنية الفوقية التي تقوم كلها على العمل . أرند تنتقد ما سمته فشل ماركس في التمييز الحاسم والَضروري بين العمل والشغل. فالعمل عندها هو أقل الأنشطة البشرية إنسانية، إنه إستهلاكي وتشيؤي حتى للإنسان، ويحصره فقط في إطار إستحقاقات حياته البيولوجية، حيث يفعل كل يوم كل شيء كما الآلة ، فترى حتى من يصل سن المعاش يتحرك كل صباح إلى الجزر ومحل الخضار وربما البقالة والمخبز لشراء المعتاد من خبز ولحم وخضار ألخ لا يوقفه عن ذلك إلا الموت أو المرض العضال. بينما الحرفة هي حالة أرقي من حالات النشاط الإنساني وأكثر إنسانية إذ أنها ترتبط بمنتجات تيسر الحياة وتتجاوز الطبيعة وتتصف بصفة الديمومة مقابل منتجات العمل الإستهلاكية لذا عمل العصر الحديث على تلاشي الحرف في الصناعات وذوبان المسافة الفاصلة بين العمل والشغل. تضرب حنّا مثلاً عن الفرق بين العمل والشغل بالفرق بين رغيف الخبز المستهلك والذي سريعاً ما يتلاشى بالأكل أو التحلل بعفن الخبز، والطاولة التي هي المتوقع أن تدوم إذا ما استخدمت بشكل صحيح أو إذا لم تستخدم على الاطلاق. التمييز بين العمل والشغل عند حنا يتأسس على المنتج من كل نشاط وليس عملية الإنتاج، أي أن التتمييز تمييز موضوعي وليس ذاتي ينصب على الفرد العامل . ماركس من جهته وهو كما معلوم إمتداد لفلسفة الجدل والتقدم في التاريخ الهيجلية وخلاصة ما عمله إنه عاد بها من السماء إلي الأرض، وهو على الأقل بالمقارنة مع سابقيه الألمان يجعل العالم فلسفياً. ولكن حسب الطريقة التي تفكر بها أرند فإن الإنشغال لدى ماركس بالإنسانية يبقى مطلقاً وذاتياً فهو يهمل الفضاء الإجتماعي ويهمل المساحات التي يتوجب على البشر أن يعيشوا فيها، وكذلك الأشياء التي تملأ هذا الفضاء. وما تشير إليه أرند بعبارة "فيما بينهما" تفهم على أساس أن المادية الأرندية تتأسس على العناية بفضاء العالم الموضوعي وما يوجد داخله. وقلقها يطرح ضمنياً إتهاماً للمنهج الجدلي ذات نفسه بأنه ما قام إلا ليكون ذاتياً أو على الأقل عقلانياً، فماركس لم ينجح أكثر من هيغل في الهروب من هيمنة المثالية في عطائه ضمن نظرية المعرفة. لكن من ناحيتها وفي شرطها الإنساني لا تقدم أرند نظرية تاريخية لمشكلة العصر الحديث، مشكلة اللاديمومة وعدم الثبات والتي تسبب الاغتراب في العالم ( إذ لم تعد هنالك فروق واضحة بين العمل والشغل وتحول كل شيء إلي إستهلاكي). انها تلتف على السؤال لماذا العالم الحديث كما هو. وتجادل بأن ماركس حصر نفسه في الذاتية لأن الفرق بين على سبيل المثال الأحذية والخبز أصبح لا أهمية له في الحياة العصرية فكل شيء أصبح أقل ديمومة ولنقارن فقط بين صناعة عربات الهنتر القديمة والتي تعمر السيارة معها عشرات السنوات والسيارات الهونداي أو الكامري الجديدة التي تتحول إلى صفيح عند تعرضها لأي حادث كبير، وكذلك ظاهرة الموضة الإستهلاكية التي تعجل بفناء كل منتوج ذا صفة ديمومة. ولنا أن نتساءل عن هل ماركس حقيقة يتجاوز عن أهمية الشكل الموضوعي للعالم الحديث، وبالتالي يهمل جانباً هاماً من جوانب الاغتراب؟ أم أن تركيز ماركس إنصب على نشاط الإنتاج والذي سيقودنا إلى الأسباب التاريخية والإقتصادية التي أدت إلى فقدان العصر الحديث لصفة الديمومة في العالم، وبالتالي يتوصل ماركس لمستوى من التفسير تتجاهله أرندت؟

Post: #118
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-12-2016, 08:08 PM
Parent: #117


من الواضح أن مشكلة أرند مع ماركس أنها عانت من بعض التشويش فيما يختص بمفهوم العمل عند ماركس، حتى وهي تستدرك ذوبان الفواصل بين العمل والشغل في المجتمعات الإستهلاكية التي يقوم مجتمعها على فلسفة الأستهلاك السريع لكل المنتجات رغم غياب الحاجة الحقيقية لهذه المنتجات إلا إن الثقافة العامة والميديا قادرة على خلق الرغبات الجديدة تجاه منتجات ما كانت أصلاً محل نظر الإنسان السابق للإستهلاكي.والآن في هذا العصر أصبحت حياة الفرد تندغم في حياة الناس كلهم، وأصبح مطلوباً من الفرد ألا يعبأ، أن يتنكر لفرديته، لمعاناته وآلامه الفردية التي لا زال يكابدها، ويذعن إلى سلوك المغيّب والدايخ، حتى أن الحياة تصبح عقيمة بلا معنى، خاصة لمثلنا شعوب العالم التالت التى دعتها الظروف الضاغطة لهجرة أوطانها والإندغام في بيئات وثقافات جديدة ثم التورط في وظائف لا تتوفر أي رغبات حقيقية في أدائها والإستمرار في هذه الدائرة الإستهلاكية الخبيثة إلى ما شاءلله بإتساع دائرة المَعُولين عبر الإلتزام بتحويلات الشهرية تمتّن من عقد الإرتباط بالإغتراب في الغربة (غربة العمل وغربة الوطن). الإنسان الإستهلاكي يتحول لكائن منمذج على اللذة لأنها الدينامية التي تورطه في الإستهلاك أكثر فأكثر، لكن مع قلة الحوجة للأيدي العاملة مع دخول التقنية يتزايد حجم التهديد بأن يفقد العامل عمله ليدخل في دورة جديدة من النزاعات الداخلية المفزعة لا سيما إ، تواجد في بلاد لا توجد بها نقابات مهنية أو برامج ضمان إجتماعي توفر له بعض الحماية. تقول أرند أن ماركس يعرف الإنسان بأنه حيوان عامل (حسب فهمها هي للعمل) وفي نفس الوقت فإن هدف الثورة الإشتراكية هو تحرير الناس من شروط العمل أو من العمل كشرط إنساني، وهذا يتضمن تحرير الإنسان من ثقافة الإستهلاك والتي تحولت في العصور الحديثة إلي شرط الحياة نفسها. في الحقيقة إن ما عناه ماركس بالعمل في كتابه "رأس المال" لا يقصد العمل التقليدي الفطري الذي مارسه الإنسان الأول، لكنه العمل المرتبط بمجتمعات التحول الصناعي، ولا يفرق بين العمل والشغل لأنه يتحدث عن عنصر الخيال كعامل مهم جداً في العمل (والخيال عند أرند حليف الحرفة والشغل وليس العمل) وماركس لا يهتم بالمشترك في العمل عبر التاريخ بل بالخصائص المميزة للعمل في كل طور من أطوار التاريخ الذي أجمله ماركس في خمسة أطوار، ويوجه تركيزه بكثافة إلي العمل الجاثم في قاعدة النظام الإقتصادي الرأسمالي.

Post: #119
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-13-2016, 04:06 AM
Parent: #118

تواصل حنا أرند في إنتقادها لمفهوم العمل الماركسي وتشير إلى إلتباس الفهم الماركسي للعمل وهي تطرح مثال يساوي فيه ماركس بين إنتاج ملتون الأدبي لقصيدة الفردوس المفقود وإنتاج دودة القز للحرير. لكن مقارنة ماركس بين إنتاج ملتون وإنتاج دودة القز لم تتم بالنظر لطبيعة المنتج أو عملية إنتاجه، فماركس لم يقل مطلقاً أن قصيدة ملتون أتت مثلها مثل إنتاج الحرير بواسطة دودة القز كنتاج لعملية فيزيولوجية، لكن وجه المقارنة عند ماركس يأتي بالنظر إلى أن المنتَج في الحالتين يأتي كتعبير أو تلبية مباشرة ووقتية لطبيعة المنتِج. تضيف حنا أرند بأن ماركس قال أن الحيوانات تنتج فقط تحت ضغط الحاجة الفيزيائية الملحة بينما الإنسان ينتج مستقلاً عن الحاجة الفيزيائية، بل ينتج فقط عندما يتحرر من تلك الحاجة، ولكن النظر المتعمق للعبارة الماركسية يفهم أن ماركس يبرهن بذكاء أن كل أوجه النشاط الإنساني تجتمع في ثيمة واحدة هي الإنتاج وأن الإنتاج تحت وطأة الحاجة هو إنزلاق للإنسان من سمو إنسانيته الذي تسعى الماركسية في أطوارها العليا الوصول له إلي قاع حيوانيته الوضع لذي تفرضه عليه الظروف القهرية. فهمت حنا أرند وهي تنتقد السعي الرأسمالي لتوسيع الحاجات والإستهلاك الفردي (وبالتالي إستنزاف العمال في العمل لتلبية حاجات إستهلاكية مصطنعة وزائفة) أن التبرير الماركسي الوارد في رأس المال (المجلد الثالث) للتوسع في الإنتاج أنه حالة مشابهة لحالة خلق حاجات إستهلاكية هدفها الأساسي إكتناز الرأسمالي للمزيد من الأرباح الناتجة عن فوائض العمل، لكن ماركس لم يقل بأن هدف التوسع (الإضطراري) في العملية الإنتاجية إحداث توسع مقابل في الإستهلاك وإنما أبان بوضوح بأن كمية محددة من فائض العمل يحتاج لها المجتمع (أو الدولة في مرحلة ما) لحفظها كأمان ضد الطوارئ، وقد يكون هنالك توسع إضطراري في الإنتاج لمقابلة الحاجات المتنامية والإذدياد في أعداد السكان، نعم إن هدف التوسع في النظام الرأسمالي هو التراكم وأنه كما يرى ماركس إنه من ضمن شروط الإنتاج الرأسمالي فإن رأس المالي والتوسع الذاتي له يبدو كنقطة الإنطلاق والخاتمة معاً، أي ان الهدف والدافع من الإنتاج هو مضاعفة الرأسمال وليس التوسع الكمي والكيفي في حياة المنتجين.

Post: #120
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-13-2016, 07:11 AM
Parent: #119

الأخ السناري
ارجو المعذرة لتغيير عنوان البوست الذي كان يجب ان يتم قبل حوالي اسبوع
لأن محتواه تحول في معظمه بحيث لا نحتاج بذلك لافتراع بوست جديد.
كما أن ذلك يلفت نظر القاريء المتسرّع بأن هناك تحديث من حيث التناول
مما يعطي مزيدا من الإنعاش و الإقبال. و هكذا أفعل في معظم بوستاتي.
اما فيما يتعلق بالمعلومات و المقارنات الدسمة التي تأتي بها بين ماركس و حنة
مفيدة جدا خاصة لمن لديه إهتمام بالشأن الثقافي مثلي (و إن كانت معرفتي بكتابات
ماركس و حنة ارند ليست عميقة بما تجعلني أشارك بالاختلاف أو الاتفاق) و لكني أتابع بتركيز.
من خلال متابعاتي لاحظت أن حنة تعمقت في معنى (العمل) و تصنيفه إلى حد بعيد و بغير قليل من الذكاء.
إلا أن كتابات ماركس تبدو متماسكة أكثر خاصة فيما يتعلق بالجانب المتعلق بإغتراب العامل أو المنتج عن إنتاجه
و هو إحساس نعايشه بشكل يومي في الغرببة و نلاحظه كثيرا حتى بلادنا خاصة في المهن
التي تتطلب مجهودا بدنيا و فيه مشقة و إجهاد. و هنا تأتي ملاحظات حنة الذكية في التفرقة بين العمل و الأثر.
لكن يظل السؤال هنا قائماً إلى أي مدى يكون التفريق بين نوعية العمل مفيداً من الناحية العملية؟

Post: #121
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: ودقاسم
Date: 07-13-2016, 09:45 AM
Parent: #120

بوست تعريفي ، تثقيفي ، راقي جدا ، مفيد جدا .
ولا مجال فيه للهرطقة التي ضربت المنبر في الفترة الأخيرة
شكرا للأح محمد مبندر البوست
شكرا للأخ سناري الذي اسهم وزاد ..
سنتابع ، وهذه المداخلة لنقول لكم نحن نتابعكم ونقرأكم ، بل ونعيد قراءتكم

Post: #122
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-13-2016, 10:18 AM
Parent: #121

الأخ ود قاسم
شكرا على الكلمات المشجعة و المجاملة الكريمة
مثل هذه الكلمات هي الوقود الذي يجعلنا نستمر في الكتابة.
خاصة إنه مثل هذا البوست زي القطر الما فيه ركاب. بعد مدة يركب زول.


Quote: بوست تعريفي ، تثقيفي ، راقي جدا ، مفيد جدا .
ولا مجال فيه للهرطقة التي ضربت المنبر في الفترة الأخيرة
شكرا للأح محمد مبندر البوست
شكرا للأخ سناري الذي اسهم وزاد ..
سنتابع ، وهذه المداخلة لنقول لكم نحن نتابعكم ونقرأكم ، بل ونعيد قراءتكم

لك التجلة و الإحترام يا صديق

Post: #123
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-13-2016, 09:22 PM
Parent: #122

أشكرك عزيزي ودقاسم على الكلمات الطيبات في حق البوست
تشكر أخي محمد عبدالله على حرصك على مواكبة البوست لتعريجاتنا المتعددة

من الإنتقادات التي توجهها أرند لماركس في كتابها الشرط الإنساني أن ماركس في الوقت الذي يقول فيه بأن العمل هو ما يفرق بين الإنسان والحيوان إلا أنه يدّعي بأن الثورة الشيوعية ستلغي العمل، وما دام العمل هو البنية التحتية لكل الأنشطة الأخرى فهل سيعني ذلك أن المجتمع الشيوعي هو مجتمع بلا أنشطة إنسانية؟ كيف إذن سيتوفر للمجتمع الإنتاج الذي يكفي لسد حاجة المواطنين حتى من السلع الإستهلاكية فقط؟ وللرد على ذلك نلاحظ أن ماركس وإنجلز عندما كتبا عن إلغاء العمل في الأيدلوجية الألمانية لم يعنيا أن الشيوعية ستلغي العمل في عمومه ولكن في وضعية معينة، وضعيته التأسيسية للإنسان كإنسان. ولتأكيد ذلك جاء في أحد أعمال ماركس المتأخرة والمعروفة بنقد برنامج غوتا (وهو نقد ماركسي متوفر في النت بالعربية لمشروع برنامج غوتا ويرد فيه ماركس على إتهام باكونين وأتباعه لماركس بإختلاق مشاكل الحركة العمالية الألمانية ومسئولية الماركسيين عن مشروع برنامج غوتا الذي تراجع بدوره عن موجهاته المتفق عليها) في نقده يشير ماركس إلي طورين يتعين خلالهما المجتمع الشيوعي، طور أول أو أدنى وطور أعلى ينتهي فيه المجتمع إلى الإستقرار في نهاية تاريخ تقدم البشرية (فوكوياما الإمريكي من جهة أخرى يقرر بأن نهاية التاريخ هي العولمة والتي تشترك مع الماركسية بأنها تبدأ بالإقتصاد لتنتهي إلي السياسة-الإمبريالية- رغم أن الماركسية لا زالت ترى أن العولمة هي محطة -تتحورفيها الحالة الكوسموبوليتية- المؤدية في النهاية إلي الثورة الإشتراكية) ففي الطور الأدنى لا زال المجتمع الشيوعي يحمل سمات المجتمع الرأسمالي حيث العامل يتلقى من المجتمع ما يوازي ما قدمه من عمل للمجتمع "وهو يتلقى من المجتمع سنداً يثبت إنه قدّم قدراً معيناً من العمل-بعد اقتطاعات العمل المبذول من اجل الصناديق الاجتماعية- وبهذا السند، يأخذ من المخزون الاجتماعي كمية من أشياء الاستهلاك تناسب قدر عمله. وهكذا فإن نفس النصيب من العمل الذي قدمه للمجتمع بشكل معين، إنما يتلقاه من المجتمع بشكل آخر"من نقد برنامج غوتا. وللتفاوت الطبيعي في القدرات العقلية والعضلية بين الأفراد يتفاوت العمال في قدراتهم الإنتاجية ولكن في نفس الوقت قد تكون حاجة من ينتج أقل أكثر من حاجة من ينتج أكثر وهنا يقوم الصندوق الاجتماعي للاستهلاك في معالجة المسألة فيتلقى احدهم بالفعل أكثر من الآخر. وترى الماركسية بأن تلك عيوب محتومة لا مناص منها في الطور الأدنى للمجتمع أما في الطور الأعلى حيث ينتهي خضوع الأفراد للتقسيم المُغرِّب للعمل، ويتحول العمل في قاعدة إجتماعية جديدة من وسيلة للعيش والإستهلاك فقط إلى المراد الأولي للحياة (وفي ذلك إستعادة للتآلف الإغريقي بين الذات والطبيعة ذلك الذي تشوّقت وتشوّفت له أرند كثيراً) هنا عندما لا يعود العمل كونه الوسيلة الوحيدة للحياة ينتهي التعارض بين العمل الفكري والعمل الجسدي ( بين إنتاج ملتون وإنتاج أي شغيل بعضلاته) بين الحرفة والعمل فيتنامي الإنتاج كماً وكيفاً مع تنامي المنتجين عضلياً ونفسياً وذهنياً فيتعاظم الإنتاج وعندها فقط يحقق المجتمع الشعار الشيوعي : من كل حسب كفاءاته، ولكل حسب حاجاته ! والغريب أن أرند في نظريتها عن التجاوز المطورة من هيدجر تتحدث عن قدرات الإنسان عن تجاوز شرطه الإنساني بدرجة قد تصل مرحلة التهديد للكون وما التحول الحالي الذي تحدثه التقنية في عالمنا بإنتاج الإنسان الروبوت إلا خطوة في هذا الإتجاه، إتجاه تغيير الإنسان لشرط وجوده، ولم يقل ماركس أكثر من ذلك. إنه يتحدث عن الهدف النهائي لنظريته في التقدم البشري عبر التاريخ إلي طور جديد تتغير فيه شروط وجوده السابق وقد نتحدث عن هذا الطور بتفصيل أكثر إن وجدنا متسعاً في الوقت

Post: #124
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-13-2016, 09:54 PM
Parent: #123

عند الحديث عن كتابات حنة ارند و اراءها الفلسفية و السياسيةلابد ان نستصحب نشأة ‏حنة
و الظروف التي مرت بها.‏حبث انها من خلال ما قاسته حنة من ويلات و عذابات جاء اهتمامها
منصباً على ‏البحث عن سعادة الإنسان و شروط الحياة السعيدة المبرأة من العنف و الظلم و ‏الاستبداد.
فكان جل تفكيرها منصب على الظروف و الأوضاع التي تتسبب في معاناة ‏الإنسان في إطاره العام
أي من الاجهزة و الأنظمة و الظروف في منظورها الكلي. لذلك ‏كان كتابها الأول عن أصول الشمولية
أو الكليانية كما تترجم( و هي ترجمة في رأي غير ‏مستساغة حتى كلمة التوتاليتارية كترجمة بديلة
أكثر قبولاً من الكليانية).و بالتالي كانت ‏حنة ترى أن العصر الحديث قد أُبْتلِيَ شمولية عصفت
بكل آمال الإنسان المعاصر الذي ‏ظن انه سينعم بنعيم أرضي بعد ان تخلص من سيطرة(الآله)
أو الكنيسة و الدين بعد ‏الديكارتية و ما تبعها من اراء فلاسفة و علماء ارسوا فكر و منطلقات
مبنية على الحرية ‏المطلقة للإنسان باعتباره محور الكون. و لكن طلّ القرن العشرين بظهور
شمولية ‏طاغية تمثذلت في نظامين هما الشيوعية و النازية. فرأت حنة في النظامين ادوات
‏للإطاحة بسعادة و حرية الإنسان و بخاصة الماركسية التي تعتمد على قواعد فكرية أكثر ‏رسوخاً
و اقوى عوداً من النازية. لذا ركزت في نقدها للفكر الماركسي على ما تعتقد انه ‏جذور للشمولية
في تلك النظرية. و كانت تنتوي إصدار كتاب مخصص لتتبع ىثار ‏الشمولية في الفكر الماركسي
إلا انها عدلت عن ذلك بتضمين آرائها ضمن محاضرات ‏متفرقة و جزء منه اودعته في كتابها
(الوضع البشري) او (الشرط البشري) كما يرى ‏الاستاذ السناري. و قد بدات حنة في طرح رؤيتها
لشروط سعادة البشر من خلال عالم ‏تسوده الحرية و الديموقراطية يتحرر فيه الإنسان من كل
ما يعيق تمتّعه بالحرية . ‏لذا بدات بالنظر في مفهوم (العمل) كما بدا ماركس باعتبار انه قد يكون
المدخل لسلب ‏حرية الإنسان. و هنا تلتقي أيضا مع ماركس و رؤيته حول مفهوم الإغتراب.‏من
ناحية اخرى الملاحظ أن حنة في معظم اجتهاداتها الفلسفية السياسية قد كانت متأثرة ‏بشذرات
متفرقة من رؤىً فلسفية متعددة منها ما يعود للفكر المسيحي و منها ما يعود ‏للفلسفة الهيجلية،
و منها ما يعود للفلسفة الإغريقية و الفلسفة المعاصرة من هيجر و ‏سارتر و غيرهم.لذا جاءات
رؤاها الفكرية تحمل بصمات معظم افكار الفلاسفة السابقين.
لذلك تراوحت رؤيتها في الفلسفة
السياسية بين الجدة و المعاصرة و بين الإنكفاء و ‏التأثّر بالفلسفات السابقة و بالتالي فهي بالتالي
لم تنفك بالكامل من أثر كل هذه ‏الفلسفات في تحليلاتها.‏

Post: #125
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-14-2016, 04:57 AM
Parent: #124

لقد تحدث ماركس عن السياسة في المجتمعات ما قبل الشيوعية على أنها سياسة الصراع الطبقي ولكن تتجاوزه المجتمعات بتطورها إلي أوضاع يصبح للعمل وللإنسان معنى وشروط جديدة. ورغم أن فكرة التجاوز هي فكرة قديمة قال بها من قبل إفلاطون في قصة المدينة الفاضلة ومن قبله سقراط في أحلامه عن المدينة الأثينية وكررها أرسطو ثم هيجل في الدولة البروسية نهاية التاريخ وفيها كلها تختفى الفلسفة وتنتهي السياسة. لكن حنا أرند تطرح سؤالها لماركس عماذا سيتبقى لدينا إذن في المجتمع الشيوعي؟ ما هو الفكر الذي سيتبقى عندما تختفي الفلسفة وتختفي السياسة؟ لكن إذا تابعنا أرند نجد أنها تمالي نفس فكرة التجواز دون أن تنبس بها حتى أن الفكرة الجوهرية في كتابها الشرط الإنساني هي: هل سنتحول إلي روبوتات في ظل ظروف تؤهلنا لذلك ويتغير عندها تعريف الإنسان وتتغير شروط وجوده؟ وتخلص أرند إلى أننا لا نستطيع الآن تعريف الإنسان بشكل حصري لأننا نعيش حاضراً يصعب فيه إقامة الفروق بين الإنسان وغيره من الحيوانات!! عندما يتحول الإنسان إلى روبوت ماذا يتبقى من شروطه (من عمله وفعله وشغله) وبالفعل هنالك حركة حديثة في الغرب تدافع عن حقوق الروبوت. ومن جهة أخرى فنحن نعيش في زمنٍ فيه الناس كالسوريين في معسكرات اللجؤ الغربية جردوا من حق العيش كبشر (لا حق في الفعل أو الشغل أو العمل أي لا توفر لأي من شروط الإنسانية) فهل نقول أنه لا زال هنالك خيطاً رفيعاص بين معنى أن تكون إنسان ومعنى أن تكون حيوان؟ من جهة ثالثة تتحدث عن زيف الليبرالية التي ينظر ماركس لتجاوزها وتفصل في أزمة الحرية في الليبراليات الغربية حيث أفلست الثقافة الدستورية في هذه الليبراليات وأصبحت تكنوقراطياتها المحروسة بلوبيات الرأسمال مهووسة بتفسير هذا القانون أو ذاك لأنه العاصم لهم من حركة المغرّبين في المجتمعات الغربية. ففي الوقت الذي تحتقن المجتمعات بصراعات إجتماعية ملتهبة (تجد أن الحزبين الحاكمين الديمقراطيين والمحافظين في إميركا منشغلون بصراعات طرفية حول تفسير التعديل الثاني في الدستور المعني بحماية الحق في إقتناء السلاح لدرجة أن الديمقراطيين حلفوا أن يعتصموا بالكونغرس إلى أن يحسم الأمر وفشلوا) وهذه اللوائح الدستورية الجامدة، والحامية للأوضاع الراهنة تحرس المؤسسات لليبرالية المعيدة لإنتاج نفس الأوضاع الظالمة للطبقات العريضة في المين إستريم الغربي دون أن تتيح لها حتى فرصة الجهر بأزمة البيروقراطية رغم قيام تجمعات من مثل نشطاء الحقوق المدنية ونشطاء إحتلوا الوول إستريت. وترنوا حنا في ظرفنا هذا إلى ثورة من نمط لم يحدث من قبل في نفس الوقت الذي تأخذ فيه على ماركس التنظير لثورة لم تحدث من قبل.

Post: #126
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-14-2016, 06:57 AM
Parent: #125


ساحاول فيما يلي من ايام تناول كتاب حنة ارندت بشكل من العمومية الشارحة و أرجو أن يكون ذلك مكملاً لشرح الأخ السناري الضافي العميق و ان لا يتعارض مع يقوم به من تحليل معمق.
فيما يتعلق بكتاب حنة ارند الموسوم (الوضع البشري) لابد من الإشارة إلى إن الظروف التي واجهتها حنة ارندت في طفولتها و شبابها بل و حتى في سنوات نضجها من الناحية الإنسانية و السياسية و المهنية شكّلت لديها وعياً راسخاً و اتجاها واعيا لضرورة البحث في الشروط التي تحكم وجود الإنسان باعتباره كائن يتوق للسعادة و الحرية و لكن تقف أمام تطلعاته و أشواقه العديد من العوائق بعضها من صنع الإنسان و بعضها بحكم فهمه للحياة و بحكم طبيعته البشرية كإنسان.
لم تحصر حنة فكرها نحو مأساتها الشخصية أو بالأحرى لم تشكّل معاناتها و مآسيها السابقة نقطة تتوقف عندها الحياة بل نقطة إنطلاق للبحث في الظروف و الأوضاع التي تتحقق فيها الظروف التي عانت منها هي شخصياً.
بعبارة أخرى وجدت حنة نفسها مهمومة بوضع الإنسان و بمصيره و بخياراته أمام مصيره
و بمدى و إمكانية تعديل مصيره. بمعنى آخر: كيف يتخلص الإنسان من القيود التي تكبّل سيره
نحو تحقيق سعادته في الأرض. خاصة تلك القيود التي يصنعها الإنسان و تصنعها إلى حد ما الظروف.
و جاء اختيار عنوان كتابها(الوضع البشري) لربما تماهيا مقصوداً مع رواية الروائي الفرنسي
أندريه مالرو. تلك الرواية تتحدث عن معاناة يواجهها مجموعة من الأشخاص إبان التطبيق الإشتراكي في الصين
حيث تتحدث الرواية عن إمكانية مواجهة الإنسان لقدره و التغلب عليه من خلال ميله للصمود أمام القدر.
و الفكرة الأساسية قد طرحت في العديد من الازمان عن قدرية الإنسان و مصيره المحتوم المقرر سلفاً
في مقابل إمكانية تغيير هذا المصير. و الفكرة تراوحت في تناولها بين رجال الدين و الفلاسفة
و الروائيين و وجدت كثير من الإهتمام لدى أتباع كل الأديان تقريباً.

فالوضع البشري لدى حنة يقابل (الطبيعة البشرية) التي وردت كثيراً لدى المفكرين و رجالات الدين المسيحي .
و لكن أرتأت حنة أن الحديث عن (الطبيعة البشرية) عبارة عن منحى ديني بحت يشيء الحديث عنه بمعاني
و إشارات تتسم بالقبول و الثبات غير القابل للتغيير. اما حديثها عن (الوضع البشري) فسيكون من منظور
تأملي فلسفي يفتح الآفاق اللامحدودة عن وضع الإنسان و عن شروط وجوده و سعادته.

Post: #127
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-14-2016, 08:03 PM
Parent: #126

إن ماركس يصف العمل في رأس المال بأنه حقيقة أكثر من مجرد وسيلة أساسية من وسائل حفظ وإستمرارية الأنواع، فالحيوانات على سبيل المثال تعيش وتتكاثر دون أن تعمل(بالمعنى المتعارف عليه للعمل، أي الطريقة التي ينتج بها البشر وسائل بقائهم إبتداءً بالمأكل والمشرب ). ينبه ماركس إلي أننا يجب ألا نقصر العمل على كونه وسيلة إعادة إنتاج الوجود المادي للإنسان، فعلى النقيض من ذلك يعتبر العمل صيغة محددة للحياة الخاصة بالبشر إذ أنه عند ماركس وسيلة الإنسان الرئيسية للمعرفة والنماء. يتضح هنا الأثر الكبير الذي خلده هيجل في ماركس، فهيجل يعالج العمل في سفره الخالد ظاهرية الروح وينظر هيجل للإنسان على أنه ناتج عمله، فالإنسان في سعيه لصياغة وتشكيل عالم الأشياء والطبيعة بفنه وخياله في فورمات يصنع منها وسائل تيسر حياته (إبتداء من الكرسي والسرير والطاولة) محفزاً بضرورات وجوده، وهكذا ينمو الإنسان معرفياً فيكتشف القوانين المستقلة عنه والتي تحكم العالم، وفي نفس الوقت يستدعي أثناء عملية الإستيعاب والتحويل للعالم قدراته الذاتية كبشر فيخترع أشكال جديدة من الأشياء لم تكن موجودة من قبل في الطبيعة، مؤكداً تميزه عليى الحيوان وقدراته المبدعة التي تتطور إلى صيغ أعلى مثل الإحساس بالموسيقى. يكتشف الإنسان كذلك ذاته كجزء من العالم لكنها مستقلة عن الطبيعة وإمتلاكها لقدرات خاصة تمكنها من الإبداع في كافة أنشطة وضروب الحياة وإنتاج أشكال معقدة من الأدوات كدليل على وظيفة العمل في تنمية وتطوير البشر

Post: #128
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Bashasha
Date: 07-14-2016, 08:19 PM
Parent: #127




Quote: ثيمتا الفعل الأساسيتان وهما الحرية والتعدد مثلتا عند أرند المدخل للتنظير السياسي، ولو أنها لم تبلغ في تنظيرها السياسي شأو هابرماس عندما أسس نظريته السياسية على فكرة الفعل التواصلي


قرقرقرقر!

كالعادة، كما الببغاوات ذنوجة الجلابة، شغل قشر او شو، وبحكم مركب النقص تجاه معبودم الخواجة، برددو في كلام لامعني له، ولاصلة له، بي مرجعية الفرد السوداني،

وكنتيجة مجندي لواء مكدونالد الجديد للاسف من يسار الجلابة، فضل عمرو ده كلو ينقز برا الحلقة، يسمع في ايات، سور، واحاديث الاستلاب!

هم فاهمين، او معاهم حق، كده بكون الواحد فيهم ضمن بطاقة العضوية في نادي المثقفاتية، اللي مسؤولين من الدمار الحاصل في بلدم، ولشعبهم، باشبوذغة الاحتلال الثنائي!

Post: #129
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-14-2016, 08:25 PM
Parent: #128

ماذا تقول يا بشاشا؟
كيف تكون للإنسان الحر مرجعية؟
دعنا نخوض حواراً فكرياً راقياً
هل تحدد الهوية الإنسان أم يحدد الإنسان الحر هويته؟
وأين موقع الهوية من الثابت والمتغير في حياة الإنسان؟
إعتقد أن هذه محاور شهية لحوار جاد

Post: #130
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-14-2016, 09:09 PM
Parent: #129

يا بشاشا العنف اللفظي عمره ما سّوق ليه فكرة.
والإنسان من طفولة تاريخه المعرفي سعى لممارسة شمولية معرفية وكان دايماً بسقط على أعقابه
لسبب بسيط إن الوعي الإنساني محدود جداً. أيوة يا بشاشا انت وعيك المعرفي أكثر من متواضع
كإنسان أولاً وكأدلوج ثانياً
فتواضع لله وأفتح عقلك جنينة تاخد وتدي مع الناس
دا لو عاوز حوار فكري يثري معارف الجميع وعندها بقول ليك يا ألف أهلاً وألف مرحب بيك
أما لو بتتوهم إنك ممكن تمارس الوصايا الآيدلوجية على أي إنسان ؟ إحتمال يكون ساكنك وهم ذي دا
فأبشرك إنك جيت المكان الغلط، وبرضو وبالحسنى مش بالشتائم حتتعالج معرفياً هنا
بس تعال ورينا ياتوا دايرة من دوائرالوصايا بتتوهم إنك ممكن تقمعنا للإنزواء داخلها
دايرة التاريخ ولا الجغرافيا، دايرة أنتي ديوب ولا قرينر ولا كي آن هنري ولا آموس ولسون ولا دوغلاس
ولا دايرة التلاقح الإنساني المعرفي الحر
و من جهة تانية ياتو دايرة عاوز تقتلعنا منها دايرة العالم ولا دايرة الدين ولا دايرة اللسان
وشنو العدة البتمتلكها في سبيل هذه المهمة المقدسة
يلا نحن منتظرنك........معرفياً

Post: #131
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-14-2016, 09:38 PM
Parent: #130

الأخ بشاشا
تحية طيبة

نحن عايزين نستفيد من وجودنا في المنبر و كمان عايزين ‏نستفيد منك و من قناعاتك
و ثوابتك التي تشكّل وعيك . فقط ‏نطلب منك ان تجعلنا نستفيد منك من خلال الحوار
و طرح ‏وجهات النظر التي تحترم الرأي الآخر. و أن تطرح رايك ‏بحيث نستفيد منه
و احتمال تجد من يقتنع بآرائك و تكون ‏أنت بذلك قد حققت اهدافك...و يكون الجميع
قد كوّن ‏قناعاته بهدوء و باقتناع.‏
واقول لك بصدق: لن يتخلى احد عن قناعاته بسهولة حتى ‏لو اكتشف خطله
إذا وجد من يستهزيء بافكاره أو وجهات ‏نظره . ففي هذه الحالة سيظل
يدافع عما يؤمن به حتى لو ‏نكاية أو معاندة او على الاقل حفظاً لماء الوجه.‏
لذا استحلفك بالله لا تحشر الناس في زاوية ضيقة.‏
و لك من الود و الإحترام ما تشاء ‏

Post: #132
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-14-2016, 10:01 PM
Parent: #131

Quote: نحن عايزين نستفيد من وجودنا في المنبر و كمان عايزين ‏نستفيد منك و من قناعاتك
و ثوابتك التي تشكّل وعيك . فقط ‏نطلب منك ان تجعلنا نستفيد منك من خلال الحوار
و طرح ‏وجهات النظر التي تحترم الرأي الآخر. و أن تطرح رايك ‏بحيث نستفيد منه
و احتمال تجد من يقتنع بآرائك و تكون ‏أنت بذلك قد حققت اهدافك...و يكون الجميع
قد كوّن ‏قناعاته بهدوء و باقتناع.‏
واقول لك بصدق: لن يتخلى احد عن قناعاته بسهولة حتى ‏لو اكتشف خطله
إذا وجد من يستهزيء بافكاره أو وجهات ‏نظره . ففي هذه الحالة سيظل
يدافع عما يؤمن به حتى لو ‏نكاية أو معاندة او على الاقل حفظاً لماء الوجه.‏
لذا استحلفك بالله لا تحشر الناس في زاوية ضيقة.‏
و لك من الود و الإحترام ما تشاء ‏


تسلم يا أخ محمد وأعتذر لك مسبقاً لو حرفنا وجهة البوست
ومن نفسي لو يريحك ممكن أفتح بوست جديد أدعو فيه الأخ بشاشا للتحاور
حول أفكاره. فالرجل رغم عنفه اللفظي المرير إلا أنه ينطلق من مسلمات نحترمها
ونسعد بحواره فيها

Post: #133
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-14-2016, 10:17 PM
Parent: #132

السناري
عفواً الأخ السناري
عادي البوست بوستك و واصل الحوار مع بشاشا أو غيره القصد ان يستفيد الجميع. البوست مفتوح للجميع.
اخذ راحتك على الآخر feel free

Post: #134
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Bashasha
Date: 07-15-2016, 02:37 AM
Parent: #133



سناري شلوم، اتفقنا!

نعم حافتح بوست حــــــــــــــــــــوار هـــــــــــــــادئ معاك، وتقديري حيكون مفيد، لاننا نمثل طرفي نقيض بمعني الكلمة.

نموذج لي سلسلة حوار هادئ: حوار "هــــــــــــــادئ" مع الصديق، عثمان محمد صالح.حوار "هــــــــــــــادئ" مع الصديق، عثمان محمد صالح.

خلينا نتفق علي الموضوع والعنوان والوكت.

بالنسبة لي بقترح مفهوم مرجعية.

محمد عبدالله تحياتي ومشكور مقدم. ماعايزين نطلع برا موضوع بوستك.

Post: #135
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-15-2016, 03:19 AM
Parent: #134


شكراً بشاشا على تقبلك فكرة الحوار الهادي ودعه ينطلق على أية ثيمة تفضل وفي أي وقت
فنحن في الغالب نمتلك حق البداية ولا نستطيع تخيل كيف تسير مجرياته أو إيان مرساها
أنا متنازل من جانبي لك في إختيار ضربة البداية موضوعها وزمنها

Post: #136
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: عبد الصمد محمد
Date: 07-15-2016, 02:31 PM
Parent: #135

فوق

Post: #137
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-15-2016, 04:15 PM
Parent: #136


من النقاط التي يقاربها الإثنان ماركس وإرند من زوايا مختلفة مسألة تقسيم العمل. فماركس يرى فيه الأساس الذي قامت عليه الأشكال المختلفة للإنتاج عبر معظم تعرجات التاريخ البشري (لا سيما تاريخ المدنيات) وأن هذا التقسيم قد وقف في طريق نمو الإنسان معرفياً ومهارياً الأمر الذي هو من وظائف العمل. فحتى نهاية العصور الوسطى كان تقسيم العمل من ناحية يتم في إطارين فيعتمد من ناحية على تقسيم أساسي لأنواع الإنتاج (زراعة، صناعات بسيطة، ألخ) ومن ناحية أخرى تقسيم التقسيم الأساسي إلي فروع تشمل مختلف الحرف. كان ماركس يرى في هذه التقسيمات تعطيل ولو جزئي للعقل والجسد، وذلك عندما يصبح العقل والجسد محددان بنوع واحد من النشاط. لكن على أقله في هذه الفترة كان الناس لا يزالون يمتلكون أدوات إنتاجهم، وكانوا لذلك يتحكمون في إنتاجهم من ناحية طريقة الإنتاج والديزاين، أضف إلي ذلك أنهم كانوا ينتجون كأعضاء حقيقيين في مجتمعاتهم. أما مع ظهور الرأسمالية فقد تغيرت الصورة، فقد جردت غالبية أفراد المجتمع من أي ملكية معتبرة لأدوات إنتاجهم، وأصبحوا لا يملكون أي عصمة إجتماعية تمكنهم من البقاء كقوة عمل حرة في سوق العمل. مدّت المرحلة الأولي في تاريخ التحول الرأسمالي (قبل الثورة الصناعية) في تقسيم العمل وقدمت نمطاً فيه تجميع لعدد من العمال في مؤسسة واحدة ينجز كلٌ منهم مرحلة واحدة من مراحل العملية الإنتاجية، ويكتمل المنتج النهائي بعدما يمر بالتتابع على كل الأيادي. ثم أتت الثورة الصناعية بتغييراتها الراديكالية في العملية الإنتاجية، ذلك أن العامل بدأ ينفصل إنفصالاً تاماً عما ينتجه، فالمنتج يتم تحديده وإدارته وتوزيعه بواسطة مالك المصنع (أو مالك أدوات الإنتاج) هذا هو مفهوم إغتراب العامل عن عمله في الفهم الماركسي لأن ما يعمله العامل يتم كل ما فيه خارج العامل ما عدا القوة العضلية التي تنجز العمل. يقابل الفهم الماركسي لإغتراب العامل الفهم الأرندي لإغتراب العامل والمتمثل في إغترابه عن عالم الأشياء التي ينتجها بمهارته وقراره وإنحساره إلي آلة عضلية منفعلة لا فاعلة وإستهلاكية لأقصى حد. ألم أقل لكم ليس هنالك فرق كبير بين مفهوم الإغتراب عند كلاهما رغم ما تدعيه أرند عن ذاتية ولا مادية ماركس بالنظر لمفهومه عن الإغتراب

Post: #138
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-16-2016, 07:07 PM
Parent: #137


إن علاقات الإنتاج الرأسمالية لا تطوّر طاقات وقدرات العامل لأنها مفروضة عليه من خارجه دون أي إعتبار لفردانيته وحريته، وبيئة العمل الجديدة فيها تكريس للعزل عن مجتمعه الطبيعي بإعتباره كائن إجتماعي تشكل العلاقات الإجتماعية الطبيعية معاني عظيمة في وجوده، لكن يتم إرغامه ضمن هذا النظام على الإنضمام إلى بيئة عمل جديدة مع أعضاء جدد من نوعه الإنساني الرابط بينهم هو ان كلا منهم يسعى لتغطية حاجاته المعيشية. العلاقة بين هؤلاء الناس وعملهم تصبح خارجية وبالكامل منفعية. عندها تبدأ الصلابة الحقيقية للفرد في التضعضع حتى يختزل الى مجرد مصدر لقوة العمل (عضلات) تعمل لمصلحة صاحب العمل (رأسمالي). هكذا تتبدل حياة العمال من حياة منتجة بالمعنى الإنساني الحقيقي إلى أن تصبح الحياة وسيلة للحياة، عوضاً عن كونها جوهر وغاية في حد ذاتها. هكذا يتم عزل الإنسان عن طبيعته الخاصة به كبشر وبالتالي عن ذاته ونفسه. إن النظر للعمال باعتبارهم فقط وسائل لغاية الرأسمالي التي هي الربح، دون أن يكونوا غاية في حد ذاتهم تتناقض أيضاً مع الأخلاق الأرندية المستندة على كانط، والذي يحفز على النظر إلى أي انسان كغاية وليس كوسيلة (نقد العقل العملي) أما ماركس فيعتبر ذلك مادة إغتراب الانسان عن نوعه الانساني، وبالتالي يدعو ماركس إلى تحريض العمال على التحرر من معاني القهر والاغتراب بتحرير الانسان من العمل الذي يتم تحديده فقط بضرورة خارجية، العمل غير المخصص لذلك الفرد ولا ينتج أشياءه بل المكرس لانتاج ما هو عام لحاجة الناس كلهم، أي المستهلكات التي يجب أن تُسوّق لهم إحتاجوا لها إحتياجاً فعلياً أو أصطنعت الرغبة داخلهم لإغتنائها. لذلك فإن مجال العمل الانساني الحر يقع خارج دائرة الانتاج المادي العام الذي تورط الضرورة من يعمل فيه، ويقع داخل دائرة الانسان الحر حيث لا يوجد موقع لعمل غير الذي تنشئه الاحتياجات الخاصة بنمو الفرد. في عالم هذه الحرية تجد عملية نمو المقدرات الانسانية وزنها ووسعها. والعمل اذا ما استخدمنا العبارة التي منها انطلقنا هو الغرض الاساسي للحياة، لكن في هذه الظروف، ظروف الانتاج العام (الضرورة) يعمل الانسان حتى ينعدم الفرق بين وقت العمل ووقت الراحة ولا يعود الإنسان ذلك الكائن الإجتماعي وعالم الأشياء لا يعود عالم القدرات الأساسية والمتنامية له، فتتحول كل الأشياء لعناصر تشيئته هو ذاته ضمن إنتاج هدفه النهائي ليس الإنسان بل الثروة. يستمر الإنتاج في التضاعف ليس من أجل الناس، لكن لأجل الإنتاج ذات نفسه (ماركس أيضاً يقارن بالإغاريق القدماء حيث ومفهوم الحالة الراهنة عندهم ، وكيف لم تكن الثروة أبداً الهدف الأساسي من الإنتاج بل الهدف النهائي كان الإنسان وما يحسّن من حياته). إن إستمرار الصيغة الرأسمالية للإنتاج تفترض الإستمرارية غير المنقطعة لدائرة الإنتاج -الإستهلاك- الإنتاج لأن الإهتمام الأساسي للرأسمالي لا يركز على مزايا الإستعمال، لكن في مزايا التبادل (سلعة-كاش)

Post: #139
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-17-2016, 05:47 AM
Parent: #138

الأخ بشاشا: لك كل التجلة و الاحترام
هذا الحديث لك و عنك.
فأنت تطرح وجهات نظر متعددة جديرة بالاهتمام و جديرة بالنقاش و سأحاول بما أوتيت من قلة حيلة في النقاش و الجدل
أن أطرح بعض من وجهات نظرك و اطلب منك توضيحها أو شرحها أو الرد على بعض الاستفسارات
– إن اتسع صدرك الجدلي حتى نستفيد جميعنا. فنحن طلاب حقيقة و علم.
و لا يوجد من بيننا من يدّعي الكمال لذا إذا اقتنعنا بوجهة نظر سنقول وجهة نظرك صحيحة و إذا لم نفهمها سنقول ذلك.
و إذا اختلفنا معك سوف نختلف معك بالحسنى و بطيب الكلام و بفضيلة الإعتراف.
و قد أوردت أنت وجهات نظرك في بوست للأخ أحمد طراوة حيث لامناشفة .....حيث لا بلاشفة و بوستى حول (حنة ارند). لذلك ساكتب هذه المقدمة فقط في كل من البوستين فأيهما رأيت أن تشارك فيها أو كان فيه كثير من المتداخلين نواصل في أيهما..
و إذا وجدت منك تجاوباً و من المتداخلين.لأني لا أود أن أواصل بمناقشتك لوحدي: و كل ذلك بعد إستئذان الأخ أحمد طراوة و الأخ السناري.و لأبدأ حديثي:تابعت منذ وقت قريب مداخلات الأخ بشاشاو من خلال متابعاتي القليلة لما يكتب .لاحظت أنه يطالب
أو هكذا فهمت بتبني تحليلات و مقولات أو أفكار فلسفية لا ترتبط بفلاسفة أوروبيين على سبيل المثال أو فلاسفة و مفكرين لا تربطهم بأرضنا أي علاقة ( كوش مثلا).و هذا الرأي يبدو متماسكاً من ناحية أن الأفكار التي يأتي بها هؤلاء المفكرين الاوروبيين
لا تمثّلنا و لا تصلح لنا كبيئة مغايرة و هي ما سمها البعض المركزية الاوروبية Eurocentric
و هي دعاوى رفعها الكثيرون.و هي وجهة نظر تبدو وجيهة من جهة. ساواصل:

Post: #140
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-17-2016, 07:37 PM
Parent: #139

بالتالي سؤالي هنا:‏ما هي المرجعية او الفكرة المركزية التي يستند عليها الاخ بشاشا لتفسير الظواهر و ‏العلاقات و العالم الماورائي؟ و ما هي مقدماتها و مقولاتها؟‏ و ما هي المفاهيم التي تستند عليها لتفسير العالم من حولنا؟‏ و كيف تفسّر لنا وجودنا و علاقاتنا الإجتماعية؟‏ و كيف تفسّر لنا العالم الواقعي؟السؤال المحوري التالي: إذا افترضنا أن الإنسان في فضاء جغرافي معيّن يختلف بسبب ‏التأثير البيئي عن الإنسان في اي فضاء جغرافي آخر. و و هو يحتاج بالتالي إلى إطار ‏مفاهيمي و ادوات تحليل و تفسير تصلح فقط للفضاء الموجود فيه كيف نقبل فكرة ان ‏يكون الدين الإسلامي مثلاً باعتباره دين يصلح لكل زمان و مكان أنه يقدم لنا تفسيرا و ‏رؤى متكاملة للحياة و للإنسان في كل زمان و مكان؟
و ذلك يقودنا إلى استفهام منطقي آخر: اليس هناك روابط ما بين الإنسان سواء وجد في ‏سيبيريا او افريقيا؟
اليست هناك خيط يربط بينهما كبشر؟
أي اليست هناك منظومة ‏أخلاقية أو تراكم معرفي يستفيد منه البشر في مكان آخر في هذا الكون؟
و كيف يرتبط الإنسان في هذا الكون مع غيره من بني الإنسان إذا كان البشر في كل ‏منطقة يعيشون في جزر معزولة زمانيا و مكانيا؟
هذه كلها اسئلة تطرح نفسها في حالة إنكارنا لوجود منظومة مفاهيمية أو معرفية او ‏اخلاقية أو صلة ما تربط بين الإنسان الموجود في مكان ما مع أخيه الإنسان الموجود في ‏مكان آخر و الذي يشاركه نفس الوجود في هذا الكون.‏اخلص إلى اننا لا نستطيع ان ننكر بالكامل أي مركزية للتفسير على اعتبار أنها لا ‏تناسبنا كاداة لتفسير الظواهر الموجودة في مكان معيّن إلا إذا قدمنا تفسير متكامل و مقنع ‏لكافة الظواهر و العلاقات الموجودة في المنطقة التي نوجد فيها و بالتالي نكون مطالبين ‏بتقديم تلك المنظومة التفسيرية للعالم لإثبات تفرّدنا و تميّزنا.‏
فالإنسان مذ ان وجد في هذا الكون يحاول أن يقدم رؤى و تفسيرات يفهم بها الكون و ‏حدث تراكم معرفي من خلال خبرات الإنسان في كل مكان ليستفيد منها في اجتراح افكار و ‏مفاهيم عامة تعينه على مجابهة المشكلات التي يواجهها و تفسير ما غلق عليه من ‏إشكالاتز و هذا ما جعل البشر ينهلون من التراكم العلمي و المعرفي و الفلسفي و الفكري ‏الذي راكمه البشر من خلال ما توصل إليه المفكرون و الفلاسفة و العلماء منذ الآف ‏السنين ليطبقوه و ينعموا به في عالمهم من منجزات تقنية أو سياسية أو اجتماعية.‏

Post: #141
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-17-2016, 07:50 PM
Parent: #140


سأتوقف هنا بعد أن بيّنت بعض ملامح النقد الحنّاوي لفلسفة العمل في الماركسية وكيف أنه لم يحالفها التوفيق في ذلك النقد. سأبدا بكتابة مداخلات تتسم بالقصر عن نقد حنا للتجربة الإشتراكية في عهد ستالين والتي توفقت إلى حد كبير في تبيان مسالبها.
حنا حقيقةً عانت تجربة شخصية مرعبة مع النظام النازي في بلدها كيهودية وألهمتها تلك التجربة القاسية للتفكير في أصل هذه الأصولية المقيتة. أضافت أرند الدولة الإشتراكية الستالينية للنازية كمثالين للظاهرة الشمولية التي ميزت العصر الحديث. في تعريفها للشمولية وكيف أنها ظاهرة جديدة للطغيان السياسي تختلف عن كل ظواهره السابقة مشيرة إلي ما تعّرف به هذه الدولة نفسها إذ تدعي أنها تمثل إستجابة لا لبس فيها لقوانين الطبيعة كما في النازية (حيث الكبيعة البشرية هي حالة من الصراع بين الأعراق) أو لقوانين التاريخ كما في الستالينية (حيث التاريخ هو تاريخ الصراع بين الطبقات) وبالتالي يجذر النظامان الشموليان شرعيتهما بفلسفة جديدة وغير مسبوقة.

Post: #142
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-18-2016, 05:17 PM
Parent: #141


إنتهيت في المداخلة السابقة إلي أن النظامان الشموليان النازي والستاليني الإشتراكي يجذران شرعيتهما عبر فلسفة جديدة وغير مسبوقة تطرحمها كإستجابة لقوانين الطبيعة والتاريخ حتى وإن تعارض وجودهما وممارساتهما مع القوانين الإنسانية. ليس غريباً إدعاء النظام أنه يمثل إستجابة لقوانين الطبيعة أو التاريخ ولكن الجديد هنا هو هذا الفهم المطروح لهذه القوانين على أنها قوانين علمية خارج حدود سيطرة البشر الذي لا يملك إلا الإمتثال لها، وهي ليست معنية بقائد فرد يقود ثورة أو إنقلاب دكتاتوري إنما بمصالح كتل جماهيرية يحمل همومها ومصيرها عبر تناقضات المصالح وتبادلات الأدوار بين فئات إجتماعية تتصارع على السلطة في الأرض، والجماهير هي يد التاريخ التي تنفذ مشيئته المعنية بتقنين علاقات القوة في المجتمع (البقاء للأقوى). لكن أرند تستأنف على هذه الأنظمة عجزها عن ترجمة نظريتها السياسية عبر إلتزام قياداتها بمعاييرها النظرية حين الحكم وحين إنتصار الثورات حيث تتلاشى عندها الحدود الفاصلة بين الثورة والقمع الفاشي، بين إرادة ومصلحة الجماعة من إرادة ومصلحة الفرد، أي أن النظامين لم يكن لأرادة الجماهير سلطة على إرادة الفرد القائد ولا إمكانية لمحاسبته حتى ولو تجنى على الأفكار التأسيسية نفسها والتي تقول أن قوانين الطبيعة أو التاريخ إذا ما تم تنزيلها في حياة الناس بشكل سليم فإنها ستعامل الإنسان على إنه غاية النظام ومصلحته هي أكبر هموم النظام عوضاً عن أن القائد هو غاية النظام وما الناس إلا وسيلته التي تمكنه من إدراك تلك الغاية. هذه الآيدلوجيات تدعي تحويل البشرإلي عناصر نشطة في تحمل، تحقق وتحمي القانون التاريخي الذي بتحقيقه عصر جديد من عصور الإنسانية يبدأ في البزوغ. إن مع سطوة هذه التيارات لا تتحول إلي مطيعة أو عاصية لقوانين حقوق الإنسان لأنها تعيد تعريف هذه القوانين وفق مفاهيمها حيث يصبح الإنسان تجسيداً لهذه القوانين وليس منفصلاً عنها والقانون يصبح هو قانون الحركة التاريخية المتقدمة للأمام في مسار خطي بإتجاه غايات التاريخ العظمي. فلم يعد النظر للتاريخ بحسبانه حالة تجمُّد للسلطة في راهنيتها المحكومة بقيم ومعتقدات إجتماعية مفارقة فكل شيء في الكون في حالة حركة للأمام

Post: #143
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-19-2016, 06:57 PM
Parent: #142

تواصل حنا أرند إنتقاداتها للنازية والستالينية وتقول أن هذه الحركات لا تتورع عن التضحية بكل مقدرات الناس لأجل تنفيذ ما تسميه مشيئة التاريخ أو الطبيعة، وفي مقتضى ذلك فلتذهب قواعد حقوق الإنسان إلي الجحيم، فشرعية التاريخ والثورة أكبر من شرعية أي قانون قائم، لأنه في النهاية لا يعبر إلا عن مصلحة الطبقات الحاكمة. لذلك فالستالينية كانت تتبنى نظريّاً مفهوماً للعدالة في الأرض يختلف عن كلما طبقته أو أنتجته الأنظمة السابقة لها، وتفعل ذلك أيضاً أيّ ثورة أو حالة تحول للإشتراكية، لأن قوانينها البديلة تنظر لأي إنسان كغاية القانون وليس وسيلته نحو العدالة (غير العادلة في حسبانهم لأنها عدالة تتأسس على منظور قايم على رعاية مصالح فئة معينة من البشر) وهنا تكمن الصعوبة حسب أرند في تصنيف هذه المنظومات كمنظومات خارجة عن القانون لأنها شقلبت المسألة رأساً على عقب بعدم إعترافها أصلاً كما في البلشفية بالقانون البرجوازي، هنا نلاحظ تحول في معنى القانون بتحول القانون كقانون حركة التاريخ (حركة دينامية متقدمة عمودياً أو خطياً بالأصح في التاريخ نحو غاياته النهائية) وليس قانون حقوق الإنسان، وبالتالي يصبح العقد الإجتماعي أو فكرة التوافق مسألة خارج إطار الفهم الثوري والدولة الثورية التي تضع محل تلك المفاهيم العدالة الإجتماعية في أي دولة أو مجتمع، وتحول الإنسان إلي تجسيد مادي للقانون، منسجماً مع هذه الحالة الثورية، فلا يعود الإنسان منفصلاً عن القانون والسلوك القانوني لأن الإنسان الجديد يكتب القانون بسلوكه مما يردم المسافة وأحياناً الهوة بين القانون والعدل

Post: #144
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-19-2016, 07:41 PM
Parent: #143

الأخ سناري
معليش تركناك مثل السيف وحدك و انت تواصل كشف ما غاب عننا من آراء ‏حنة الفلسفية. ‏
بالامس كنت قد حضّرت جزء مقدّر من بعض آراء حنة ارند حول الستالينية و ‏كنت انوي انشره
منذ امس. لكن شغلتني شواغل من شواغل الحياة. بالإضافة ‏لإنشغالي بعدة مداخلات و موضوعات في المنبر. ‏
و كما تعرف فذلك يعمل على تشتيت الجهود و بيقلل التركيز و يبدّد الوقت اللي ‏هو أصلاً مُبَدّد.‏
فإن شاء الله غدا أو بعد غد سوف انشر ما تحصلت عليه.‏
و لك ما تستحق من التجلة و الإحترام

Post: #145
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-20-2016, 08:18 PM
Parent: #144

تحياتي أخ محمد .. أضافتك ستكون مفيدة جداً لهذا البوست الذى أنصف حنا أرند كثيراً أو على الأقل حاول من إخوة لها في الإنسانية يرون فيها مثالاً للمفكر الإنسان إتفقنا معها أو إختلفنا
تقريباً أنا قاب قوسين أو أدني من ختام مداخلاتي في البوست وأتمنى أن تواصل في فتح نوافذ أخرى عن أفكارها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً

تقول أرند إن الحركات البلشفية تزعم في نشاطها السياسي أنها إستجابات لقوانين التاريخ التي تسعي في حركتها إلي تنزيلها من حالتها كقانون إلي ممارسة، وأنها عبرنشاطها السياسي تناضل لتثبيت صدقية التاريخ هذي مهما كلفها الأمر، وهي ترى أن أيسر الطرق إلي ذلك هي تعبئة الجماهير للإستيلاء على السلطة مستخدمة كل أدوات العنف للإنتفاض، الثورة أو الإنقلاب على سلطة قائمة وبقائها ضد مسار التاريخ وإعتبارها قوى الماضى التي تتنحى عن المكان لقوى المستقبل. وترى أن التاريخ المستعمل هنا هو مجاز يتجسد في حركة المؤمنين به، فليس هو ما يعمل على تثبيت سلطة الحزب بل الحزب نفسه يقوم بالمهمة بتعريفها كمرحلة من مراحل التقدم في التاريخ تعقبها مرحلة أخرى أعلى ضمن حركة لا نهائية من التقدم يتلاشي فيها التمييز بين الطبيعة والتاريخ بإندغام كلاهما في الآخر ووقف هذه الحركة سيمثل نهاية التاريخ أو نهاية الطبيعة. تقول أن الأنظمة التي تنتهي إليها هذه الحركات أنظمة شمولية تستبدل القوانين بالرعب بمعنى أن وظيفة القانون هي خفض أو منع الجرائم في المجتمع أما في عهود الشموليات فالرعب وحده الكفيل بحد الناس عن إرتكاب ما يغضب القائمين على الأمر حتى أنه يصبح مستقلاً عن النظام في مفعوله لأن لا أحد يتحداه أو يقف في طريقه، وبراءة من يتهم لا يصبح لها أي معنى في هذه الحالة فحركة التاريخ إن إقتضت التخلص ممن يقفون في طريقها يجب التخلص منهم في الحال دون أي علاقة لذلك بفرص الدفاع وإثبات البراءة كما يحدث مع القوانين في دولة القانون. تضيف أرند بأن الرعب هو تطبيق قوانين حركة التاريخ والتي هدفها النهائي ليس رفاهية الناس لكن تلفيق الإنسانية وقمع الفردانية لأجل الأنواع والتضحية بالبعض لأجل الكل، فلا شيء أعظم و أهم من حركة التقدم التاريخية والتي أثنا تقدمها تتخلص من جماعات من الناس بتواقق مع الطريقة التي يفسر بها القادة قوانين التاريخ في تلك المرحلة المعينة والمعنية دون أن يتسبب ذلك في أي مشاكل نظرية أو عملية للنظام الحاكم.

Post: #146
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-21-2016, 05:37 PM
Parent: #145


تضيف أرند أن هذه الأنظمة الشمولية تبدو في أول لحظاتها في السلطة ذات هيبة وقائدها يسلك سلوكاً يشبه سلوك الطاغية لا سيما وهو يبدأ بإلغاء كل القوانين لكن ما يفرقه من الطاغية إنه لا يفعل ذلك من تلغاء نفسه ولا لأجل تمكين شخصه أو أسرته (رغم أنّه في مثالي كوبا وكوريا الشمالية إنتهت أنظمة يسارية لتوريث الأخ والإبن السلطة) وأنه لا يتخبط بين الخيارات والأشخاص في حالة من فوضوية الرؤى كما يحدث مع الطغاة لكنه يمتلك شبكات تنظيمية جاهزة للعمل وتمتلك درجة كبير من الرؤية المتفق عليها فيما يجب أن يحصل، حتى أن تعدديتهم تذوب في وحدة الأيدلوجية أي في الكتلة المنسجمة. هذه الأنظمة تسعى لأستصدار لوائح مكثفة لتنظم سلوك الناس والحد من الحريات الفردية أو مساحات الحركة بين الناس التي حتماً ستعوق حركة التاريخ وبالتالي فإن قمع الحرية الفردية هدفه تحرير قوى الطبيعة والتاريخ لتعمل كما ينبغي لها بدون تدخل وتعويق الناس لها( وهده فكرة موازية للفكرة الرأسمالية التي تدعو لحرية السوق بحجب كل القوانين واللوائح التي تعوق حركة السوق لكن هنا الفضاء مختلف فضاء سياسي) من تقاليد الشمولية قسر كل الناس على تبني وعي مشترك، وعي الحزب، لأن في حرية الأفكار والمواقف تعويق حقيقي لحركة التاريخ، ورغم أنها لا تطرح مباديء توجه السلوك الفردي، حتى الخوف فبالرغم من إنتشاره إلا أنه لا يشكل محفزاً مفيداً للسلوك والأفعال لآنك لا تدري ماذا سيطلب منك أو يفعل بك وما إذا ستصبح ضحية أو يطلب منك تنفيذ عمل لا ترغب في تنفيذه لأنههم يختارون ضحاياهم وفق معايير ربما لا يتوقعها الضحية وتخمينات ربما لا تكن موضوعية وتتغير التهديدات مع تغير التفسيرات للقوانين التاريخية لدرجة أن يتحول لضحية من كان بالأمس في موقع التنكيل بالضحايا أو أي موقع مرموق في السلطة. أرند لا تعتقد أن الآيدلوجية هي السبب في الشمولية أو أنها مضرة، لكنها تقول أنها تصبح جد مدمرة عندما يصعد على عجلة قيادتها شخص مندفع أو أحمق يضخ كل إنفعالاته داخلها مثل هتلر وستالين الذين وجدا ضالتهما في آيدلوجيات خاصة دفعوها إلي أقصى إمكانية شمولية قادرة على إنجازها.

Post: #147
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-22-2016, 11:55 AM
Parent: #146

طالما كنا نتناول إسهامات حنة ارند في الجانب الفلسفي السياسي
‏ أو السياسي الفلسفي فلابد إذن من أن نكشف بعض مساهماتها ‏
الفكرية في الجانب المتعلق بالشمولية أو التوتاليتارية .‏
فقد جاء تناول حنة لتناول ظاهرة شمولية منطلقة ومتأثرة ‏
بماضيها الذي كانت له آثاره النفسية و الشعورية كما كانت له
‏ آثاره الفكرية عليها و لحسن الحظ و لسمو النفس و الجانب الغنساني
‏ في شخصية ارندت هو بروز و تغلّب الجانب الأخلاقي و الإنساني ‏
على منحاها الفكري و مبادئها السياسية و الأخلاقية و و الإنساني.‏
و بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط الدولة النازية والفاشية
‏ ألفت كتابها(أسس التوتاليتارية أو في عام 1951 حيث وصفت
‏ بدقة ملامح النازية الألمانية باعتبارها تمثل النموذج الذي يمثل ‏
الدولة الشمولية في تمثلاتها الواقعية و في تطبيقاتها العملية ‏
و ممارساتها بكل ابعادها على الدولة و على الإنسان و على ‏
العالم و الإنسانية.. و إن كان الكتاب يمثل رؤية و التزام
‏ شخصي فجاء في ثناياه وصف و تصوير لظاهرة الشمولية ‏
في النظام النازي إلا أن بعض النقاد يرى أنه بالرغم من تميز ‏
حنة في ذلك الكتاب في وصف و تدقيق في ملامح التوتاليتارية
‏ في أكثر نماذجها تحقّقاً إلا أن الجانب المنهجية لدى حنة في ‏
ذلك لم يكن بنفس الدرجة من العمق كما في تجلّى في قدرتها ‏
على رسم الملامح و كشف الابعاد و وصف خصائص الشمولية ‏
متجسدة في الدولة النازية.التي تضحي بكرامة الإنسان (الفرد)‏
مستغلة في إرساء شموليتها الايديولوجيا و أجهزة الإعلام ‏
و آلة العنف.لغرساء دولة قوامها الكتلة الجماهيرية في ‏
تشكلها و إندفاعها الغوغائي و المستندة إلى آلة العنف
‏ لتقيم نظام ذو توجه صمدي احادي الفكرة. و ترى حنة ‏
ارند أن الشمولية كانت قد نشأت في التاريخ الأوروبي كفلسفة ‏
بنائية، تتكون من مصادر متعددة ذات أبعاد فكرية وسياسية
‏ واجتماعية وتداخلت عناصر متناثرة غير متسقة لتأخذ شكلها النهائي. ‏
و النظام الشيوعي و النازي يعتبران بانهما يقدمان نموذج سياسي
ذي رؤية شمولية في الدولة الحديثة سلطته و اداته و منهجه ‏
بل و حتى أهدافهه و التحكم بالدولة والفرد والمجتمع والروح والجسد‎.‎
‏ و كما في النموذجين للدولة التوتاليتارية النازية و الشيوعية ‏
‏( بالرغم من وجود الإختلاف بينهما) تغيب الرؤية الفلسفية المتسقة
و المنطقية بشكل واضح و لكن قد يكون هناك توظيف توظيف
‏ لبعض الأفكار ذات الطابع الفلسفي المأخوذة كشذرات من فلسفة ‏
هيغل أو نيتشه أو غيرهما. ‏
‏ و ترى حنة ارندت في كتابها (أسس التوتاليتارية) أن الدولتين ‏
النازية والفاشية والستالينية قامتا على انقاض ما تبقى من انهيار
‏ معظم ما كان يستند عليه الإنسان من منظومة فلسفية و فكرية
‏ و تقاليد سياسية واجتماعية التقليدية بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى. ‏
يرى بعض المفكرين و النقاد أن القيمة الأساسية لكتاب حنة
‏(أصول التوتاليتارية) هو في قدرتها على رصد وتحليل مختلف
‏ مظاهر التوتاليتارية وأساليبها في تنظيم القمع و
‏(نزع إنسانية الإنسان). و قد أثر انتماء حنة الديني السابق
كيهودية و ما قاسته على بعض الجوانب التي اتسم بها الكتاب
‏ فكان التركيز أكثر ما كان في الكتاب على تعرية التوتاليتارية
‏ في أسلوب تغلب عليه تأثير النزعة النقدية و الوجدانية مع
‏ ضعف الجانب المتعلق بالتنظير الفلسفي.إلا أن ذلك لا يقلل
‏ من قيمته في إبراز و كشف و تصوير أسس و نوازع التوتاليتارية ‏
و إبراز سؤاتها في الجوانب الأخلاقية و الإنسانية.‏
ملحوظة:‏
هذا الكتاب يستلزم منا كعرب و مسلمين أن نطلع و بعمق ‏
على كتاب عبدالرحمن الكواكبي الموسوم (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) ‏
و هو السابق لحنة من الناحية الكرونولوجية الزمنية. و ذلك لكي نقارن بينهما ‏
و لنكشف ما لدى كل منهما من رؤية و تفرد و لكي نعرف أيهما تفرد
‏ و في أي جانب و ايهما تخلّف و في أي جانب.‏

Post: #148
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-22-2016, 07:55 PM
Parent: #147


تتخوف أرند من الأحزاب السياسية المؤسسة على أيدلوجية ما، وذلك لأن الأيدلوجية ، ومع الدور الإيجابي لها في إثراء الفكر الإنساني، إلا أنها تكون قابلة دوماً للإستغلال السياسي، ذلك عندما تعتنقها أحزاب وتصل عبر شعاراتها الزاهية إلي السلطة، فتظل مصرة على التسمي بتلك الآيدلوجية وإخلاصها لها لتبقى تتمتع بحق الإحتماء بشرعية الآيدلوجية التي لم يعد يربط السلطة بها إلا ما هو أوهي من خيوط العنكبوت ( ولعلنا كمثال نشاهد في السعودية أو-إرهاصات نواذر شؤم التملص من الشعار الآيدولوجي التي تحلق الآن الفضاء السياسي التركي- أو محلّياً عندنا في السودان نماذج لهذه الحالة، فعندنا كانت شعارات الإسلاميين الأساسية هي أن الإسلام هو الحل وأن خير من إستأجرت القوي الأمين، وعندما وصلوا إلي السلطة أمعن البشير في طمأنة الناس بأن نظام جديد يتأسس على قيم السماء يعد الله أهل السودان به، ولتأكيد ذلك فإنه لأول مرة في تاريخ البلاد سيطلب من كل المسئولين أن يبرئوا ذممهم بإحصاء وتسجيل كل ما يملكون من حطام الدنيا قبل تولي الحكم، وبالفعل فعلوا، ثم على أجنحة الطهارة طار شباب ممتلئ بالحياة وأحلام دولة الإسلام التي ستملأ الأرض عدلاً بعد أن ملأها من سبقهم جوراً وفساداً إلي ساحات القتال، فسير طلاب الثانويات والجامعات متحركات من شاكلة صيف العبور والميل 40، واهبين أرواح الألوف منهم في سبيل الآيدلوجية، ولكن بعدها بقليل جداً تتضخم المصالح فتمتلئ الصحف المقرّبة والسريّة بعفن الفساد على أعلى المستويات-صراع إبراهيم أحمد عمرمع أرملة ابنه حول ال200 مليون دولار- وتمتلئ سجون الأمن بشباب غالبهم طلاب جامعات يسومونهم سؤ العذاب وشراء الذمم والقتل- وإستعار النزاعات في كل هوامش البلاد ليعاني أطفال ونساء غرب السودان أقسى صنوف المعاناة في معسكرات اللجوء والنزوح المر) والخلاصة أن أي آيدلوجية تمثل أرض خصبة لبذر الشمولية إن أدار دفتها قائد طموح، إنفعالي ونرجسي تساعده في ذلك شبكة التنظيم المؤمنة بأنها ليست أكثر من أدوات لتنزيل قوانين الطبيعة، التاريخ، أو إرادة الله على الأرض. هنا تصبح هذه الجماعة خطرة جداً على وجود ومستقبل شعوبها.
نرجع لنقول أن ترى أرند أن هنالك ثلاث خصائص للشمولية تظل كامنة في كل آيدلوجية وهي أولاً ميلها لوصف ليس الحاضر فقط بل حتى علمها ووصفها لما سيكون عليه المستقبل مثلما مع وصفها لأطوار التاريخ الذي مضى منها والذي سيأتي وبالتالي يصبح تركيز الأيدلوجية على إيجاه السير الذي يجب بالحسنة أو بالرجالة أن يكون وبالتالي تصيغ المجتمع على الشكل الذي سيكون عليه وليس الكائن فيه. الخصيصة الثانية هي لا تبني على أي إنجازات سبقتها، قانونية، دستورية، إدارية، تعليمية، إقتصادية أو ثقافية فهي مستقلة عملياً عن كل ذلك، لا تأمن عليه أو تتعلم منه لأن كل ذلك من شأن الماضي المقبور والذي تجاوزته حركة التاريخ إلي حاضر من شأنه أن يصبح بعد قليل أيضاً ماضٍ مقبور فحركة التاريخ لا تنظر للوراء فقط تمضي للأمام (الرجعية وحدها من ينظر للوراء ويعتز بالماضي) هكذا يكون التفكير الآيدلوجي تحرريّاً متخطياً الحقيقة المادية إلى حقيقة تختفي وراء الحسي رغم ماديته وحسيته بمعنى أنه يؤمن نفسه من قابلية الدحض البوبرية وكل حالة خفقان لها تفسيرها مثل لماذا عجزت الرأسمالية من أن تتكربل إقتصادياً بفيضاناتها الإقتصادية والبطالة الناتجة عن ذلك ثم الثورة العمالية، لأن الرأسمالية فتحت طريقها إلي أسواق جديدة وهذه الحالة من القدرة على إختلاق الأعذار للإخفاقات هي نفسها ما تخرج النظرية العلمية من مشروعية الصفة العلمية لأنها تفسر كل واقعة مادية بما يتماشى وحتمية حركة التاريخ. الخصيصة الثالثة هي أنها ترتب الحقائق بأسلوب منطقي مطلق يبدأ بفرضية مقبولة وبدهية، ليستنبط منها كل شيء، بمعنى أنها تبدأ متماسكة تماسك غير واقعي وغير حقيقي لأنها تفكر في عملية حركة معلوم بدايتها لكن ذلك لا يوفر ضمان للتيقن من نهايتها ما دامت لم تنتهي بعد وتفسر كل التعثرات في الطريق بأنها مجرد مطابات لا تغير المسار أو تلغي الرحلة، لذا هي رحلة بالمنطق في التاريخ فضلاً عن أنها رحلة عملية ومادية في الحياة. هكذا تقطع الشمولية علاقتها بالفكر إلى التعلق بالمنطق المستخلص من الفكرة الأساس، أي القوة التي تدور كل مواضعاتها في فضاء المنطق، وليس في الواقع وفي كتل الجماهير المعنية بهذا الواقع.

Post: #149
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: Sinnary
Date: 07-23-2016, 06:02 PM
Parent: #148

هذه هي المداخلة الأخيرة في نقد حنا أرند للشمولية التي أتمنى أن أكون قد وفقت في محاولتي قراءاتها وشكري لكل من عقب أو تداخل
كيف تتحول الأيدلوجية إلى شمولية؟ لقد ذكرنا في المداخلة السابقة 3 خصائص ترى أرند أنها كامنة داخل أي آيدلوجية وإذا ما تم تفعيلها تتحول الآيدلوجية إلى شمولية.
ترتعب حنا من حجم البشرية التي يتم إستغفالها عبر فرضيات منطقية مجردة عن وقائع مادية وضعية تجري على الأرض ممنطقة حركة الطبيعة أو التاريخ (أو ما شاكلهما من جوهر آيدلوجي) وكيف أنها حاذقة في غسيل أدمغة تلك الجموع وبالتالي مستقطبة لها في مهمة النضال للتخلص من غرمائها، أولئك الواقفون ضد مسار هذه الحركة سواء أن كانوا (طبقة، عرق، قبيلة، مِلّة ألخ..) لأنهم منطقياً يقفون ضد مسار (التاريخ أو العرق أو الدين) وأن القوة المتحالفة مع (التاريخ، الوطن أو الدين) هي وحدها من يسير في المسار الصحيح وأنها حسب القوانين ا(الطبيعية، التاريخية، الإلهية) ستنتصر في النهاية على غرمائها.
أي أنها تتخذ من مبدأ في المنطق حجة للقضاء على الآخر، ومن يتفق مع هؤلاء عند أرند ما هو إلا شخص غبي ومستغفل.
ترى أن أرند أن الشمولية تفارق الأيدلوجية سريعاً بعد أن تستغلها في الوصول إلي السلطة
لتستثمر من هنا ولاحقاً في نفس النمط من الفرضيات المنطقية التي بدأت بها والتي أيضاً ستشكل المبرر لكل القمع القادم في مشوار السلطة السياسي.
وهي في هذه المرحلة لا تحتاج لكل تلك الكتل الجماهيرية التي توسلت بها إلى السلطة ثم سرقت جهدهم وخانتهم، ولا تحتاج إلى الإلتزام بالمباديء.
إنها تلك الطبيعة الملازمة للسياسات الآيدلوجية أكثر منها الخيانة للإلتزامات الايدلوجية.
وهذه الصفة المنطقية التي أصبحت الشعار التبريري لكل الممارسات السياسية هي كل ما تحتاجه الحكومة الشمولية لتبرير العسف والبطش والفشل من إنفضاح التناقض بين الممارسة والشعار، فكله يجد تبريراً مريحاً في المنطق (التاريخي أوالطبيعي) لأنه مادام الناس قد آمنت بالمقدمات يصعب عليها أن تعارض النتائج فمنذ البداية قم تم نقل الناس من أرضية الواقع والحقيقة إلي فضاء المنطق والمطلق
حيث يصبح من الصعب إن لم يكن من المستحيل التفريق بين الحقيقي والزائف (ما يحدث في الواقع وما يقوله الإعلام والحكام على سبيل المثال إذ أن وظيفة الإعلام هي أن يقنع الكل بأن كل الأمور على ما يرام وكل من يقول بغير ذلك ما هو إلا طابور خامس أو عميل الإمبريالية).
تعمل الشمولية على عزل الناس عن بعضهم البعض وحسب رؤية آرند فإن التواصل أساسي للفعل البشري، والفعل البشري أساس إنسانية، فتجريده من فرص الفعل الحر يتم تجريد الإنسان من إنسانيته، ولا يترك للإنسان إلا فاعليته في الإنتاج ، الأمر الذي لا يختلف عن فعايل النظام الرأسمالي، فكلاهما يشييء الإنسان ويحوله لآلة إنتاجية لا حرية لها في التواصل مع العالم.
وهذه الحالات القاهرة لم تعرف من قبل ولا في أسوأ تجارب الطغيان السياسي. عزل الناس عن بعضهم وعن الفعل السياسي الحر تعتبره أرند أحد أهم سمات هذه الشموليات التي تنتهي بالفرد إلى فقدلن الثقة في الناس في عالم ليس فيه شخص يعتمد عليه إلي درجة فقدان ثقة الإنسان لثقته في نفسه. إنه فقدان الإنسان للعالم، فقدانه للذات، وفقدانه القدرة على التفكير أو الممارسة والإحساس بالرعب حتى عندما يكون وحيداً. ماذا يتبقى للإنسان إذن؟ إن ما يتبقى للإنسان حواسه المعزولة عن عقله ضمن أي عزلة بشرية تحدث بحجم مهول، وهي الحالة الضرورية للعيش في ظل الشمولية لكن الشيء المطمئن أن هذه الشموليات تحمل بذور فنائها داخلها.

Post: #150
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-27-2016, 06:41 AM
Parent: #149

بالفخر كله نغلق هذه الصفحات التي تضمنت إلقاء الضوء على تاريخ
و فكر إنسانة و مفكرة و فيلسوفة استطاعت بإنسانيتها
و سمو أخلاقها أن تتعالى على جراحاتها الشخصية
و هي جراحات ليست بالهينة و لا بالسهلة
و لكنها جراحات تكاد تماثل القتل تحت التعذيب..
... جراحات تضمن الفصل و السجن و التشريد و اللجوء
و التعذيب النفسي و البدني.تعالت على كل تلك الجراحات لتنظر
نظرة كلية شان الفلاسفة لتنظر في أصل الشر في الإنسان
و انشغلت لبقية حياتها بسعادة الإنسان و تجنبيه ويلات و مآسي الشمولية.
و أود أن أشكر شكر خاص الأخ و الاستاذ الدكتور سناري
الذي كانت لمساهماته في التعريف بحنة ارندت القِدْح المعلّى
في هذا الشأن .فله الشكر و التقدير لتعاونه و لرفده بالبوست
بمعظم المعلومات التي فاض بها البوست.
و ارحب به على الدوام في كل الموضوعات الفكرية
وأشيد بتعاونه و سمو روحه و خلقه..
.. و أتمنى أن ألتقي به في بوستات ثقافية و فكرية و فلسفية أخرى.
ستنطوي هذه الصفحة و عشمي أن تكون قد ادينا فيها بعض
من ضريبة و امانة كُّلفنا بها .
و لا يسعني إلا أن أزجي الشكر و التقدير لكل المساهمين
و المتداخلين و القراء و المتابعين.
و إن شاء المولى لنا لقاء.

Post: #151
Title: Re: حنّا ارِند: و محاكمة آيخمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 07-27-2016, 12:11 PM
Parent: #150

UP