محارم ورقية - مقال للدكتورة. ابتهال عبدالعزيز الخطيب

محارم ورقية - مقال للدكتورة. ابتهال عبدالعزيز الخطيب


02-12-2016, 09:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1455308406&rn=0


Post: #1
Title: محارم ورقية - مقال للدكتورة. ابتهال عبدالعزيز الخطيب
Author: زهير عثمان حمد
Date: 02-12-2016, 09:20 PM

08:20 PM Feb, 12 2016

سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
مكتبتى
رابط مختصر


تبهرني وتحزنني كثيراً مأساة جمودنا في عالمنا العربي الشرق أوسطي. ولأن الأسباب والتفاسير الحقيقية عادة ما تكون أبسطها وأكثرها واقعية، فان سبب حالة «مكانك راوح» هذه، في رأيي، وعجزنا المروع عن أخذ خطوة حقيقية للأمام هو ببساطة أننا نريد تخطي المراحل والأفكار اما للأمام أو للخلف. فمنا فريق «سلفي» الفكر، يرى ان الحلول تتجلى بالعودة خطوات عملاقة للماضي مع تجاوز كل ما حققته البشرية من تطور علمي واقتصادي واجتماعي، العودة لفكر وقرارات زمن لم يكن فيه وجود لسيارة أو طائرة أو تلفون أو حتى محارم ورقية. ومنا فريق «تقدمي محافظ» الفكر، يريد أن يخطو سريعاً للأمام لكن مع القفز على ما حققه الفكر البشري والذي لا يتواءم مع تقاليده أو فكره الديني، يريد أن يصل لديموقراطية دون علمانية أو ليبرالية، يريد أن يصل لاقتصاد متين دون بنوك و»ربا»، يريد ان يصل لعلم متطور دون الالتفات للنظرية الأعظم في هذا القرن الا وهي النظرية الداروينية، يريد أن يصل لمنظومة حقوق انسان متطورة مع الاحتفاظ «بالفروق» بين المرأة والرجل ومع استمرار تصوره أنه ابن خير أمة لأنه يمتلك الدين الحق من دون الالتفات لما وصلت اليه منظومة حقوق الانسان من «تسوية» بشرية، تغيرت من خلالها كل المفاهيم والاعتقادات البائدة. هكذا نحن، نريد تخطي المراحل عودةً للخلف أو قفزاً للأمام، وكلاهما غير ممكن، فلا العودة للخلف ممكنة، والتي تتجلى أعظم أعراضها في اعتقاد البشر بأن مخلصاَ ما سيظهر ذات زمان ليعيد لهم مجداً غابراً أو حقاً سليباً، وهذا عارض موجود عند معظم البشر من معتنقي الديانات الحديثة الا أنه مزمن ومعيق عندنا، ولا القفز أماماً فوق الفكر البشري والمراحل التدريجية ممكن، والذي تتجلى أعظم أعراضه في اعتقادنا بأننا نستطيع تحقيق عدالة دون علمانية وتطور فكري دون ليبرالية وديموقراطية دون …ديموقراطية. الفكر البشري ملك للبشر كلهم، لا توجد علمانية صناعة غربية وفلسفة فكرية صناعة شرق آسيوية ولا حتى ارهاب صناعة شرق أوسطية. كل فكرة تنتج وكل حدث يحدث هو بسبب حلقتنا المتصلة المتفرعة كبشر وما يسري خلالها من ترددات تجاه فعل أو فكرة أو حدث. المذهل في الموضوع أن ما نرفضه رفضاً تاماً غالباً ما يكون مصحوباً بأدلة قوية وما نرغبه رغبة حارقة غالباً ما يكون ضرباً من ضروب الخيال وحدثاً من أحداث القصص الاسطورية. فكيف نريد أن ننتج أطباء وعلماء يمكن لهم أن يحققوا تقدماً في الفهم العلمي وتطوراً في التعامل مع الجسد البشري وهم يرفضون نظرية التطور الداروينية التي تخبرنا بتاريخ تطور أجسادنا وعقولنا وطريقة هذا التطور راسمة لنا «خارطة طريق» علمية مذهلة ترينا بوضوح الى أين نحن ذاهبون؟ وكيف ننفي هذه النظرية وأدلتها ترقد بإعجازها وعظمتها وروعتها في الكثير من المتاحف وأعظمها متحف الفن الطبيعي في واشنطن والذي خلف واجهاته الزجاجية يمكن رؤية بقايا عظام لأنواع بشرية سبقتنا فتطورنا وتنوعنا منها؟ كيف نريد أن نصبح رواد الفكر البشري ونحن لا نزال نعتقد بأن المرأة ضلع أعوج وأن صوتها عورة وأن ثواب الجنة رجولي بحت يتجلى في اطفاء شهوة مزمنة وأن النصر مقبل بعودة مخلص ما في زمن ما لينقذنا جميعاً والى أن يحل ذلك الوقت لنا فقط أن نسبح قياماً ونرقد نياماً؟ نحن متجمدون تماماً في مكاننا، نريد أن «نرجع زي زمان» والزمان لا يعود، ونريد أن نخطو خطوة للأمام الا أن «الأمام» لا ينتظر، فلا نحن نمتلك آلة زمن يمكن لها أن تعود بنا الف سنة للخلف ولا نحن نمتلك آلة فكر مرنة يمكن لها أن تدفع بنا ألف سنة للأمام حيث بقية أقراننا من البشر. نحن في «مكانك سر»، نتصــــارع مع أنفسنا، ندور حول أفكارنا، نتشـــدق بماضينا، نهدد الآخرين بمستقبلنا، لا الأول كان منــــيراً ولا الــــثاني يبدو منطقياً. نحن في «فريزر» كبير لن يذوب جليده حتى ننتج حرارة ما، نشعل شعلة ما ولو شمعة. د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب