سيمفونية النيمة

سيمفونية النيمة


11-03-2015, 05:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1446566446&rn=0


Post: #1
Title: سيمفونية النيمة
Author: أبوذر بابكر
Date: 11-03-2015, 05:00 PM

04:00 PM Nov, 03 2015
سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



يبدأ اللحن القادم من لدن حضورها مسيره رويدا وهو فى كامل طربه ليمنح العالمين صكوك سعادتهم وغفران حنينهم، فيلبوا نداء الحبور وهم خاشعين
ثم يهدأ قليلا من الركض فوق حواشى الحكاية ويعلن شروق سيدة الإخضرار 

كانت الأماكن تتلفت فى لا إنتباه غير مقصود، ولا يعنيها الأمر فى شئ، فبعد قليل ستأتى "البت النيمة" وسيحتدم العناق الأزلى بين اللون والطعم، بين العشب وفراشات النهار الصبية وبين الهواء ووجهها الذى احتكرته ورود الجنة واقامت عليه سرادق كرنفالها، وجهها الذى استعمرته الآلهة لتمارس عذوبة الصلوات وتزرع فيه يقين العطر وحكايات الألق

يهدأ اللحن قليلا

يتلون وجه الوقت وهو يتلو تفاصيل نضار أشعة الشمس وهى تهم بعقد قران الضوء اليومى، على أحلام الأرض، تتزين العروس كل صباح بماء النهر، بالأشواق والعقوق، بالقصائد 

ترتدى "البت النيمة" دعوات الأمهات، أخيلة "صبيان الحلة" خيول أناشيد العاشقين وأوراد العابدين وقبل أن تنتهى الشمس من تلاوة نصها المقدس، يبدأ اللحن فى إرتداء وشاحه المطعم بالورد، وتنزاح أستار الأمنية عليها وعلينا 

ثم تضرب الشمس موعدا جديدا

غدأ أعود لأكمل الحكاية، وتنتظر الأرض ومعها جحافل العاشقين الخائبين الخائفين

يهدأ اللحن قليلا

لكنه حتما لا يغفو وينام، فقد تواعد مع شغف البدايات الرحيبة، شرب من عذوبة التمنى، فما ارتوت فيه أوردة الظمأ المقيم

صُبى لنا 
قليلا من رحيق كوثر اللحظات
أو من إبريق الإبتسامات

هبى بصحن الصباح المملوء بأعراس الشتلات الندية، بندى الأعياد وقصص الأطفال التى قضت ليلها تحت وسائد الأحلام الخضراء

عليكى الريد
لمى أعياد البلد
واغزلى الفرح الرحيب

عليكى الريد
زحى أحزان الولد
عينيك وطن 
وأنا فيك غريب 

إنا قد اشهدنا الشمس والغيم عليكِ، وها نهرنا الصديق يكتب بمداد موجه الخجول، أن مصيره معلق فى نبع عينيك، تلك الواسعة مثل أمنيات الوطن التى لا تنتهى، الأبيض فيها كون من صفاء، والأسود كأنه أمسية إعتذر عن الغناء فيها وجه القمر

اخبرنا من لا نشك فى صدق موتهم، أنه لا شئ يخلد غير صدق العاشقين، فهو حقيقة الحقائق، مثله مثل الموت وقصائد الشعراء المتعبين
لا شئ يبقى سوى صخر الأنين ودمعات الحروف، فهى وجع سرمدى فى أقصى حالات تشبثها بالروح، هى مفتاح الفجيعة وذاكرة الجرح

أما عن الهروب إلى عمق حشايا تفاصيل الحكاية، فهى لم تعد ملاذا يسوره حائط الرجاء القديم، بل اضحت جُباً غائرا فى جسد التمنى، تعلن الظلمة فيه، ألا صوت يعلو فوق سخرية اللحظة وحسد الأيام من ذلك العاشق المقتول

نادينا أولا
يا عشق، كن حقلا وسلاما على هذا القلب المفجوع
يا عشق، كن وردا وأغنيات على قلبها الوريف
على عينيها اللتين تستوطن القصائد فى رباها

ثم نادينا ثانيا
أن هذا القلب موسوم بإسمك العالى وبرسمك الجليل
وما فى هذه الشرايين سوى سكب من ريق اللهفة ومداد يسبح بحمد وجهك وجهك الذى إختصر كل تواريخ العشق وقصص الخلود

فلنحدثك الآن
ليس فى هذه التباريح سوى محض عذاب

ولا نزال نحاور اليقين تارة
يجادل الشك يقيننا الواهن أصلا، فيجبرنا على ألا نبارح ساحة موتنا، ويدفعنا صوب هاوية التخيل لنمارس موتنا الصديق، لنحيا على أمل أوهن من ذلك الخيط الذى تتشبث به اصابع القمر حين يحاول النوم، ولا يزال فى خاطر المساء بعض أغنيات
نراود النوايا كى تخبرنا عن ما يحيكه لى القلب من موت يومى جديد
فلا يجيب سوى بضحك خبئ من رماد التذكر

أيهما أقسى على القلب
الموت أم الهجر ؟

وبكلٍ تداوينا فلم يشف ما بنا