المخـدّمة

المخـدّمة


09-07-2015, 08:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1441654590&rn=3


Post: #1
Title: المخـدّمة
Author: ودقاسم
Date: 09-07-2015, 08:36 PM
Parent: #0

08:36 PM Sep, 07 2015
سودانيز اون لاين
ودقاسم-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



وكان الليل شديد الظلام .. الغيوم الكثيفة حجبت ضوء القمر ، والنجوم توارت ، فكانت السماء أشبه بسبورة سوداء قاتمة يتخللها غبش من خليط ألوان الطباشير . والمطر ينذر بالهطول .. ونحن نخشى على منزلنا المتهالك والذي بدأ يلين تحت ضربات المطر منذ بضعة أعوام . ظللنا نحتفظ بأشيائنا البسيطة داخل المنزل ، لكنّا لا ننام في داخله مطلقا حيث يمكن ان يسقط في أي لحظة واحتمينا بعريشة من القش وأعواد الحطب تحجب عنّا بعضا من حرارة الشمس وبعضا من ماء المطر .. وكدنا نهلك حين اشتد علينا المطر في العام السابق ، لولا أن جارنا المترف رمى علينا قطعة مشمع كبيرة لننشرها فوق العريشة لتحمينا من البلل . جزاه الله خيراً ذلك الجار فقد أنقذ حياتنا ، كما منحنا أيضا ظلا ظليلا يمتد حتى منتصف النهار من عمارته الشاهقة التي تقف منذ سنوات إلى الشرق من منزلنا .. كان الظل غصبا عن هذا الجار يسوق نفسه إلى بيتنا فنجلس طيلة الضحى أو نتمدد فوق العناقريب القديمة التي ورثناها من أبائنا وأجدادانا جزاهم الله عنّا كل خير ، فلولاهم لكنا انضممنا لسكان المجاري .. والجار الشاهق ايضا يمد لنا سلكا كهربائيا ينير مصباحا وحيدا يسعى جاهدا لنشر الضوء في كل البيت المكون من غرفة وبرندة بالإضافة إلى العريشة .. قال لنا مرة أنه يمكن أن يشتري بيتنا ليضمه إلى بيته ، وبذلك نتمكن من شراء بيت آخر في أطراف المدينة بسعر اقل ، ويمكننا الاستفادة مما يتبقى من المبلغ في عملِ يُدر علينا دخلا نعيش منه . لكن زوجتي المنهكة لم تقبل بهذا العرض ، فهي هنا تتلقى العطف من الجيران المقتدرين ، يقدمون لها الصدقات والعطايا بمنٍ وأذى ، لكنها كانت سعيدة بأنها تحصل على ما يقيم أودنا . وتخشى أن لا تجد في الأحياء الطرفية جيرانا مقتدرين يسندوننا ويسدّون بعضاً من حاجتنا .
هبت ريح عاتية كادت تقتلع العريشة أو تذهب بسقفها ، فتفرقت الغيوم وحملتها الرياح بعيدا .. أو ربما أنها ساقتها إلى قوم يحتملونها . فكفانا الله شرها .. ما الذي يمكن ان نفعله نحن بالمطر .. فهو إن ينزل قليلاً أو كثيراً يضر بنا ضرراً بليغا . فحمدنا الله أن انقشعت تلك الغيمة اللئيمة ولم تذهب بريح بيتنا ، ولا أذاقتنا البلل والبرد . ولم تتح للجيران فرصة الاستمتاع بالتلصص علينا ومراقبة بيتنا وهو يترنّح أثناء هطول المطر .
جاءتني زوجتي بإناء من الصيني ظننته طعاماً ، لكني تقاجأت بها تطلب مني أن أخلع ملابسي لتدهن جسمي المنهك بزيت السمسم الذي جاءت به من إحدى جاراتها بعد عودة تلك الجارة من زيارة أهلها في كردفان .. قالت إنه زيت الولد وأنه يزيل الفتور .. قلت لها وما الذي يزيل الجوع ، فالحوع هو ما ينهكني ، فأنا ساكنٌ طول النهار ولا يوجد ما يسبب لي التعب والفتور.. بدأت تدلك جسدي كله ، من الراس حتى القدم . وفي كل لمسة تبدي عطفها علي من شدة التجاعيد والكرمشة والنقص الواضح في اللحم الذي يكسو عظامي . كانت تمر علينا الأيام والليالي دون أن نأكل شيئا ، ونستحي أن نطلب الأكل ممن هم حولنا . نتذرع بالصبر والصمت وقلة الحركة ، فيحسبنا من يرانا أننا أغنياء من التعفف ، لكنّا نكابد الجوع بالصبر وكثير من الحياء .
قلت لها لم لا تقبلين بعرض جارنا وننتقل إلى أطراف المدينة عسى أن نجدها أفضل من وسطها . قالت وهي تشد وجهها المنهك لتخرج منه ابتسامة هي أقرب للتكشيرة : عندي لك عرض جديد لا يفقدنا بيتنا لكنه يمكن أن يغير أحوالنا كلها .
سألتها على الفور : وما ذاك ؟
قالت بنفس التكشيرة : الجارة التي أعطتني زيت السمسم طلبت مني أن أعمل معها في منزلها ، وأعطتني مبلغا مقدما ، مأتي جنيه لنصلح به أحوالنا . وستمنحني خمسمائة جنيه مرتب شهري . هذا طبعا بالإضافة إلى العطايا التي ستقدمها لي يوميا من اكل وشرب وبعض ما أحمله لك من فتات موائدهم لتأكل منه.. وهي أيضا تريدك أن تأتي إليها لتصلح لها حديقة منزلها مرتين أو ثلاث أسبوعيا وربما تقوم ببعض أعمال الحراسة وإحضار الطلبات ، وستمنحك أيضا خمسمائة جنيه .
قلت لها أنت تحلمين ، هؤلاء الناس لا يقدمون عرضا سخيا لمن هم مثلنا . إلا إذا كانوا ينتظرون منّا شيئا ما .
ضغطت على أكتافي وأنا أرقد على بطني ، وهي تردد : احمد الله يا رجل فقد جاءتك ليلة القدر دون أن تسعى إليها .
مالذي يمكن أن ينتظروه من معدمٍ مثلك ؟
ودون أن أنظر إليها تخيلت تكشيرتها ، وتساءلت ماذا يريدون منّا هؤلاء ؟ إنهم دائما ينظرون إلى البعيد .. إنهم يمتلكون عيونا يفحصون بها ظلام مستقبلنا ، فيرون تحت الظلمة كنوزا دفينة عمينا نحن عنها ..
ثم مضت أشهر قليلة استعادت فيها أجسادنا عافية وصحة ..فشعرت زوجتي لأول مرة في حياتها بأحاسيس غريبة في بطنها ، وأصابها بعض القي .. فشكت ذلك لمخدمتها ، فانفجرت المرأة باكية منتحبة وهي تردد بحرقة :
كنت أريدكما أن توصيا لي بالبيت في غياب الذرية وانقطاع الورثاء .

Post: #2
Title: Re: المخــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Author: صلاح ليون
Date: 09-08-2015, 04:40 AM
Parent: #1

ود قاسم سلام
عشان نقدر نقرا ياخي ادخل على مداخلتك وعدل العنوان
بمعنى شيل المد الطويل في كلمة المخدمة
والله البورد عندنا بقى ما عندو اول ولا اخر انفتل فتلة شديدة جدا

Post: #3
Title: Re: المخــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Author: مزمل خيرى
Date: 09-08-2015, 07:40 AM
Parent: #2

Quote: ود قاسم سلام
عشان نقدر نقرا ياخي ادخل على مداخلتك وعدل العنوان
بمعنى شيل المد الطويل في كلمة المخدمة
والله البورد عندنا بقى ما عندو اول ولا اخر انفتل فتلة شديدة جدا

Post: #4
Title: Re: المخــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Author: usama Babiker
Date: 09-08-2015, 07:44 AM

Quote: ود قاسم سلام
عشان نقدر نقرا ياخي ادخل على مداخلتك وعدل العنوان
بمعنى شيل المد الطويل في كلمة المخدمة
والله البورد عندنا بقى ما عندو اول ولا اخر انفتل فتلة شديدة جدا

Post: #5
Title: Re: المخــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Author: ismeil abbas
Date: 09-08-2015, 02:39 PM
Parent: #4

جميل يا ودقاسم.....تسلم ياملك...تحياتى

Post: #7
Title: Re: المخدمة
Author: ودقاسم
Date: 09-11-2015, 01:22 PM
Parent: #5

مرحبتين أخونا إسماعيل
سلم على ناس الرياض

Post: #6
Title: Re: المخـدّمة
Author: ودقاسم
Date: 09-08-2015, 05:41 PM
Parent: #4

خلاص حبيبنا بكري ما قصّر
عدّل ليكم .. يلا تعالوا اقروا ..

Post: #8
Title: Re: المخـدّمة
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 09-11-2015, 02:10 PM
Parent: #6

الله عليك حبيبنا ود قاسم ،، نص بديع ومعبر وأخاذ ..

كما أرجو أن تسمح لي باقتطاف الجزء العلوي من النص لصالح قضيتي في بوست مجاور يهدف لإصلاح حال المُدن والقرى

خالص تحياتي وأشواقي

Post: #9
Title: Re: المخـدّمة
Author: ودقاسم
Date: 09-12-2015, 07:33 AM
Parent: #8

التحية لك مأمون احمد إبراهيم
شكرا لدعمك .. وأنت أحد مبدعينا الذين نفاخر بهم
ليتني أستطيع أن أقدم في كل مرة قطافا يليق بك

Post: #10
Title: Re: المخـدّمة
Author: درديري كباشي
Date: 09-12-2015, 10:17 AM
Parent: #9

يا سلام عليك يا ود قاسم

تغيب وتأتي بالابهار

كسرة معجونة بموية طماطم ودكوة وليمون

عليها رشة زيت سمسم وقليل من البهارات يتزعمها الشمار

أكيد النفحة الأولى مجرد أساس لرواية من خمسة طوابق على الأقل

Post: #11
Title: Re: المخـدّمة
Author: almulaomar
Date: 09-13-2015, 10:05 AM
Parent: #10

دا يا ود قاسم موضوع كبير جداً ، ومن محاسن الصدف أنه وافق زوبعة عمل السودانيات كعاملات منزليات في دول الخليج حتى أنشطر المجمتع نصفين بين معارض ومؤيد لعمل المرأة خادمة في بيوت الخليجيين ، وكالعادة أقمنا الدنيا ولم نقعدها نظرنا للأمر من زاوية الكرامة وغيرها لم نخضع الموضوع لتحليل منطقي ينتهي بحل ناجع مفيد فالمنع لا يجدي لأن أساس المشكلة التي دفعت هؤلاء النسوة إلى الهجرة للعمل كخادمات مازالت قائمة وهي الحاجة وهن علي قدر كبير من الحظ ربما أو قدمنا بعض التنازلات حتي تتأتي لهن هذه الفرصة والحال كذلك فكثيرات على شاكلتهن في إنتظار مثل تلك الفرصة والتي تمثل لهن حلاً للكثير من مشاكلهن بكل ما فيه من عنت وتعب.
المرأة عندنا تعمل منذ زمن طويل وهي تساهم مساهمة فعالة في تنمية المجتمع فالمجتمع الريفي على سبيل المثال قائم على مساهمات المرأة بنسبة قد تتعدى الـ 60% في الزراعة والرعى وكل ما يتعلق بهما عدا عن دورها الرئيس كأم في تنشئة وتربية الأولاد. وفي حال المدن كان هناك في عهود سابقة تحفظ على عمل المرأة وبخاصة في المصانع كعاملات فكانت كثير من نظرات الشك من المجتمع تحوم حولهن لا لشئ إلا لخروجهن للعمل.
النساء على مستوى العالم يتعرضن لصنوف من المضايقات والتحرشات في محيط العمل حتى في المجتمعات المتقدمة ولما للمرأة من جلد وقوة تكابد وتصبر أمام كل هذه السخافات ولما لم يكن هناك قانون إداري رادع يحمى المرأة العاملة ويحفظ حقوقها كان عليها السكوت لأنها إن تجرأت وتكلمت في الأمر سوف تفقد إبتداءَ وظيفتها وتالياً نظرة المجتمع لها وإلحاق العار بها ما بقيت على قيد الحياة فالتميز الجنسي ما أنفك قائماً فإذا إرتكب الرجل كبيرة نطبطب عليه ونقول دا ولد طائش بكرة ربنا يهيدو أما إذا أتى الأمر من إمرأة ربما يكون غرر بها رجل نقيم عليها كل الحدود السماوية والوضعية أليس هذا هو حال المجتمعات الذكورية ومجتمعنا ليس إستثناء.
إذن جل الذين يعارضون عمل المرأة كخادمة لديهم في بيوتهم خدم وربما لسؤ معاملتهم لمخدوميهم تأتي فكرة رفض عمل المرأة وكرامة السوداني ، الغريب أن من بين العاملات في تلك البيوت نسوة من بعض القبائل السودانية لم يعترض عليه المعترضون لا لشئ إلا لأن القبائل التي ينحدر منها أولئك النسوة يراها البعض متأخرة تراتيبيا في سلم العز المزعوم والرفعة والكرامة التي نتوهمها.
أيضاً السودانيات قضية الساعة واللائي هاجرن للعمل كخادمات في بيوت الخليجيين أخرجتهن حاجة وضرورة ، أما الذين يشغلون السودانيات من السودانيين في الداخل لا يتعدى أمر الإستعانة بهن في كثير من الحالات للمظهر الإجتماعي.
ولي عودة إن لم تنقطع خدمة الإنترنت
=====
موضوع زيت السمسم دا دعوة سافرة شأنها شأن الدخان الذي كان يعطر سماوات الأحياء

Post: #12
Title: Re: المخـدّمة
Author: almulaomar
Date: 09-14-2015, 09:44 AM
Parent: #11

العلماء زمان قالوا الإنسان عنده دوافع مضمرة للشر هذه الدوافع تكمن في داخل النفس البشرية. هذه السيدة التي حباها الله بسطة في الكاش ليست إستثناء فبكل ما أوتيت من قريشات أبت إلا أن تستغل حاجة جارتها البسيطة أبشع إستغلال وصولاً لغايتها وهي تفعل في ذلك ما فعلته العاصفة بي ساق الشتيل الني ذات مرة ، فمحاولاتها مساعدة جيرانها هي في واقع الأمر وسيلة للوصول إلى غاية بعينها مستخدمة في ذلك كل ما أزجته المكيافيلية من حب للذات والأنا في سبيل الوصول إلى أهدافها ساحقة كل ما يعترض طريقها. فهي حدتت هدفاً أسمى ممثل في إستيلائها على دار جارتها ولا يهمها أي السبل تسلك في تحقيق هذا الهدف. فيسحق من أمامه إن اعترضت مصلحته معهم، وعلى تلك فقس ما سواها من القضايا والأمور. هذا المثال ليس من الخيال فهو واقع يتكرر في المجتمع آلاف المرات مع شديد الأسف.
ولما كان للحق أن ينتصر ولو بعد حين كان للمرأة أن تحمل ذلكم الحمل الذي وإن لم يرى المولود المرتقب معه الحياة بعد لكنه كان بمثابة الضربة القاصمة لأطماع الجارة الجائرة فبقدر ما أفرح البعض أشقى البعض الآخر.

Post: #15
Title: Re: المخـدّمة
Author: ودقاسم
Date: 09-20-2015, 07:19 AM
Parent: #12

صديقي القديم المتجدد دوما الملا عمر
لك تحياتي ومن المنى أطيبه
أشكرك وأنت تكتب مداخلتين قيمتين ، تحتويان على الاجتماعي والاقتصادي والأدبي
تابعت أمر بناتنا وهن يخضن تجربة العمل كخدم منازل لدى الخليجيين ، وكنت متنازعا بين رؤيتين
حقهن في العمل ، كون العمل لا يعيب أحدا مهما كانت نوعيته إلا إذا لامس الأخلاق سلبا .
وإشفاقي عليهن وهن يضعن أنفسهن تحت رحمة من لا يرحم ، من الغربة والناس ..
السودان في هذا الزمان يواجه مواطنه بمعادلات صعبة ، ويدفعه إلى حلول أصعب
أما جشع الأثرياء فهو حقيقة ماثلة وهو حالة لا يستطيع كبح جماحها إلا من هدى الله
والذين يقولون هل من مزيد وهم طامعون فيما عند البسطاء هم أشرارالناس
ويبقى انتصار الغلابة على هذا الوضع رهين بوحدتهم وقدرتهم على الصمود
لك ودي

Post: #13
Title: Re: المخـدّمة
Author: ودقاسم
Date: 09-19-2015, 04:55 PM
Parent: #10

درديري يا صديق
كيف أخبارك
الكسرة بالموية والطماطم وزيت السمسم والدكوة
قمة الاشتهاء
حديثك هذا جعلني أتذكر كتابة كتبتها من زمان بعيد استصحبت فيها نكهة سوق أم درمان وأنت
تخترقه من الشمال إلى الجنوب فتختلط عليك رائحة اللحم والخضار والبهارات والكركدي والقونقليس
والبخور والدلكة والعطور ورائحة الدمورية والدبلان ..
هذه النكهة الفريدة لا تجدها إلا في أسواق السودان
والكسرة بالموية ربما أنها أيضا اختراع سوداني بحت
لك التحية والشكر على هذا الدعم الطيب

Post: #14
Title: Re: المخـدّمة
Author: عبدالمنعم الطيب حسن
Date: 09-19-2015, 05:39 PM
Parent: #13

هلا ود قاسم؛
معقولا بس( البخة ) السمسم دي تمر ساكت كدة بدون اي ايحاءات؛
ياخ شحتفتا روحنا؛

متابعين؛