قضية السلام وإشكالية تأسيس السلطة الوطنية*بقلم محمد ضياء الدين

قضية السلام وإشكالية تأسيس السلطة الوطنية*بقلم محمد ضياء الدين


04-12-2015, 10:03 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1428829419&rn=0


Post: #1
Title: قضية السلام وإشكالية تأسيس السلطة الوطنية*بقلم محمد ضياء الدين
Author: رامي عابدون ضرار
Date: 04-12-2015, 10:03 AM

09:03 AM Apr, 12 2015
سودانيز اون لاين
رامي عابدون ضرار-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين








بصحيفة السياسي عدد اليوم::
الرسالة الخالدة
قضية السلام وإشكالية تأسيس السلطة الوطنية
*محمد ضياء الدين

على الرغم مما نختلف عليه فكرياً وسياسياً، وما ينتج وفق هذا الإختلاف من تباين في المواقف وتغيير مستمر في شكل خارطة التحالف بين القوى السياسية، إلا أننا ما دمنا نطمح جميعاً في التأسيس لسلطة وطنية ديمقراطية، فإن قضية تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل، يجب أن تحظى بأولوية قصوى في أجندة عملنا الوطني، لأن السلام يعدّ ركناً رئيسياً ستستند إليه تلك السلطة، أما عن موعد تحقيقه وإرتباط ذلك الموعد بقضية التغيير، فإن قضية السلام كونها متلازمة مع مجرى التطور الوطني، تجعلنا نقول بفمٍ ممتلئ باليقين، بأن السلام هو الطريق لإحداث التغيير بقدر ما التغيير نفسه يعدّ الطريق الأمثل لإنجاز مهمة السلام.
إن السلطة تاريخياً إذ تقوم في الأساس على مرجعية توافقية أياً كان شكلها، فإن الوصول إلى تلك المرجعية يحتاج إلى وسائل تتناغم مع جوهرها المنشود، وهو تحقيق إجماع عام بين المكونات الإجتماعية والسياسية، ومما لا شك فيه أن الحركة السياسية في السودان لديها طبيعتها الخاصة التي بُنيت عليها طوال عدة عقودٍ مضت، وهي إرتباط نشأتها بالجماهير وبوسائل العمل السلمي، التي تمكنت عبرها من صناعة الإستقلال الوطني وثورتي أكتوبر 1964م ومارس – أبريل 1985م، فباتت تلك الوسائل النضالية كذلك تمثل ملجأ للشعب السوداني وقواه الحية، بحيث تمكنت من خلالها من إحداث الفارق في موازين القوى على المستوى العملي، بينها وبين من يضعه القدر في طريق التسلط عليهم، بالتالي فإن وسائل العمل النضالي السلمي، تمثل مصدراً للطاقة الناتجة من حراك شعبنا داخل الفضاء العام، ومن هنا تكمن أهمية التركيز على استعادة تلك الأدوات النضالية التي عمل النظام على تدميرها حتى يتسنى له تنفيذ مشروع التمكين.
وفي سياق الحديث هنا عن جوهر السلطة، وإرتباط ذلك الجوهر بأدوات وصيغ وإرث نضالي طويل، يظهر في المقابل بحسب ما تطرحه بعض النخب السياسية والزعامات القبلية، بأن اللجوء لممارسة العمل المسلح في سبيل الوصول إلى التغيير، من شأنه مضاعفة طبيعة القدرات لدى شعبنا، أو إعتبار أن العنف يمكن أن يسير جنباً إلى جنب مع العمل الجماهيري ليصبان في نتيجة واحدة، وهنا تبدو المفارقة بشكل واضح، لأن الشرعية التي ستعطيها الجماهير للسلطة ستظل موجودة في جوهر النظام السياسي، لكن العنف لا يمكنه أبداً أن يكون في جوهر النظام الذي نسعى لتشييده، فهو ذو طبيعة أداتية بحتة؛ وبحاجة دائمة إلى التبرير المرتبط بالطرف الآخر، وفي ظل عجزه عن أن يكون خياراً شعبياً وعدم إرتباطه بإلإرث النضالي لحركة التطور السياسي في بلادنا ولتبنيه في الغالب لأيديولوجيات جهوية وقبلية في مواجهة سياسات السلطة الإقصائية، عليه يصبح من المؤكد بالنسبة لنا أن إعادة إنتاج مناخ الحرب وتغذيته بإستمرار من بعض الأطراف الداخلية والخارجية التي لها مصلحة في إستمرار الحرب وتفاقمها، سيصب في مصلحة الشمولية ونظامها القائم على العنف.
في كل الأحوال، فإن رفع الشعارات والهتاف والتعبير عن الرأي عن طريق التجمعات والمخاطبات العامة وغيرها، تعدّ من الخصائص المرتبطة بطبيعة الجماهير إرتباطاً لا يجعل ثمة إمكانية لتعريف الجمهور إلا بها، وتلك الخاصية موجودة عند ممارسة الأخيرة لأي نشاط مجتمعي سواء كان سياسياً أم رياضياً أم فنياً، إذاً فإنه لا يمكن تجاوز تلك الوسائل السلمية أو الإستعاضة عنها بوسائل أخرى تشيع ثقافة العقلية الميليشياوية أو عقلية السلطة الديكتاتورية التي تتناقض تماماً مع السلطة الوطنية ذات الطابع المنظم والمؤسساتي، ومن هنا ينبغي علينا كقوى وطنية أن نأسس لبنية وعي وطني، تشكل النسيج الأساس لبناء الدولة وتحافظ مستقبلاً على تماسكه وصموده في وجه كل التحديات، وذلك من خلال تعزيز دور الجماهير وبناء ثقافة النضال السلمي الديمقراطي، التي تشكل محوراً مهماً في بنية الوعي الوطني.
ومن جهة أخرى، فإن قضية السلام ترتبط جدلياً بقضايا الوحدة الوطنية والحرية والإستقلال السياسي والإقتصادي، بإعتبارهم الأوتاد الأساسية لتشكيل السلطة الوطنية الديمقراطية، لذلك فإننا في حزب البعث العربي الإشتراكي، عندما نتحدث عن ضرورة إنخراط طرفي الصراع المسلح في مفاوضات لوقف الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية الخطيرة من قتل ونزوح وتهجير وفقر ومرض وحرمان من التعليم وتغييب لأبسط الإحتياجات، فإننا في المقابل نرفض رفضاً قاطعاً ربط التفاوض حول وقف الحرب والقضايا الإنسانية بأي تسوية سياسية تصفي المطالب الرئيسية لشعبنا وقواه الحية، كما نرفض إخضاع تلك المفاوضات لشروط المجتمع الدولي التي تتناقض مع المشروع الوطني لإنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل، وظللنا ندعو من هذا المنطلق بأن تشرف القوى السياسية والحركات الشبابية والنسوية وكل كيانات المجتمع المدني عليها، لكي تكون بمثابة صمام الأمان الذي يمنعها من الإنحراف عن أجندتها الوطنية، وموضوع المفاوضات يمثل جانباً من الجوانب السياسية التي يجب أن نتعامل معها جميعاً من خلال الربط على مستوى الرؤية والممارسة، بين قضية السلام وبقية المستلزمات الأساسية التي تشكل السلطة الوطنية.