السودان بين السياسيين والثوار

السودان بين السياسيين والثوار


02-27-2015, 07:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=480&msg=1425060799&rn=0


Post: #1
Title: السودان بين السياسيين والثوار
Author: ياسر ضحوي
Date: 02-27-2015, 07:13 PM

06:13 PM Feb, 27 2015
سودانيز أون لاين
ياسر ضحوي -
مكتبتي في سودانيزاونلاين



في الفترة القصيرة الماضية وأنا في مكتب تنفيذي لحزب سياسي تسنى لي أن ارى الوضع السوداني من زاوية أخرى وبعيون مختلفة , لذا أكتب هذه السطور المتواضعة من شخصي الضعيف كشهادة على الحاضر , ولا أكتبها كسياسي فقط ولا كثائر فقط ولكن أكتبها كوطني ثائر غيور , صرخة اطلقها وأتمنى أن تستثير عقولكم وأن تصل شغاف قلوبكم .

حين ننظر الى الوضع السوداني الآن ونراجع التاريخ سنجد أن كل من له عقل يعقل أو قلب يشعر سيجد أن النظام الآن هو أس الأزمة السودانية , فالإسلاميون في السودان كانوا سباقين في الوصول الى سدة الحكم فأوردونا المهالك وإتعظ منا كل العالم بدليل ان الإخوان حين وصلوا لسدة الحكم في مصر بعد 80 عاما من الإعداد لم يعمروا أكثر من عام لأن المصريين كانوا متأهبين لمحاولة تكرار السيناريو السوداني في مصر .

يطول بنا الأمر والمقال إذا جلسنا نشرح ابعاد المأساة في السودان وقد يتخلل شرحنا لطم ونياح وعويل , وكل هذا بلا طائل بعد أن إتفق القاصي والداني وبعد أن تنكر لمشروع السقوط الحضاري من كانوا منه بمثابة المؤسسين , الأجدى بنا أن نسأل أنفسنا ما هو الحل ؟

أما السياسيون في السودان فهم عدة أنواع ومذاهب , منهم من باع القضية لمنصب أو مكسب ومنهم من رضي أن يقتات على فتات موائد النظام وإختار أن يعارضه نهاراً ثم ينام معه ليلاً ... وهؤلاء لا يعنوني في شيء لأتحدث أو أكتب عنهم

وهناك من كان راديكالياً لا يتنازل في حربه ضد النظام , رفضوا أن يتحاوروا مع النظام بسبب إجرامه ورفضوا أن يكونوا في حوار بدون وضع إنتقالي لأن الحوار في كنف النظام هو هبة وليس حقاً أصيلاً , وهؤلاء أقف لهم تبجيلاً وإحتراماً

وهناك من قرر أن يجرب حظه في فن الممكن وحاور النظام وهؤلاء بعد وقت طويل وعدد مهول من الضحايا إقتنعوا بما إقتنع به السياسيون الذين قاطعوا الحوار ورفضوه , في إجتماع مع الأحزاب التي قررت تجميد الحوار مع النظام قال أحدهم : إحنا ما خفنا من الجرب وقعدنا من النظام وحاورناه , لكن رغم فشل موضوع الحوار فالحمد لله لأننا أثبتنا إنه النظام ده ما ينفع معاه حوار ... إنتهى كلامه (رب ضارة نافعة)

ومن كل هؤلاء يؤسفني أن هناك فصيلاً من السياسيين السودانيين مشغول في دخول في تحالفات وخروج من أخرى والتحضير لإجتماعات ومقابلات مع ممثلين للمجتمع الدولي في سياق منفصل تماماً عن الشارع السوداني , فهل تدخل المجتمع الدولي هو الحل ؟

واضعين في الإعتبار قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي لم يمنع البشير من السفر والترحال والرقص , جميع المهتمين بالشأن السوداني يلاحظون الإنفراج الملحوظ في العلاقات السودانية الأمريكية ويطلقون التكهنات على زيارة غندور الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية , وايضاً لا بد أن تكونوا قد لاحظتم الإنفراج في العلاقات السودانية الخليجية بعد أن تبرأ النظام من تنظيم الإخوان المسلمين , والغريب رغم كل هذا أن ما يشغل أذهان الناس الآن هو الإنتخابات وهل نقاطعها أم لا ؟!

عدم شرعية هذا النظام لا يختلف عليها إثنان والإنتخابات الماضية في 2010 كانت غير شرعية وغير نزيهة ولكن المجتمع الدولي غض النظر عنها لتمهد لإنفصال جنوب السودان , فالمجتمع الدولي تهمه مصالحه لا مصلحة السودان

وقبل أن نناقش موضوع الإنتخابات لا بد أن نتحدث عن إشكال هو بالنسبة لي يمثل جذور المشكلة ومفتاح الحل , الا وهو الهوة بين السياسيين والثوار , حين تتحدث مع أحد البسطاء عن الصفوة السياسية في السودان يكون رده سلبياً ومليئاً بالإنتقاد ويتلخص في أن المعارضة السودانية لا هم لها سوى الكلام والإعلام والتناحر فيما بينها

قد يكون هذا الرأي صحيحاً نسبياً فيما يخص بعض فصائل المعارضة , ولكنه كرأي عام خال من العدالة ... حين تتم محاربة احزاب المعارضة والتضييق عليها , حين يقوم مرتزقة النظام بإلقاء البومبان داخل مقرات الأحزاب , حين تعتقل كوادرهم الفاعلة , حين تتم مصادرة الصحف , حين تتم ممارسة كل أنواع الإجرام , كيف ستتمكن المعارضة السودانية النزيهة من إيصال فكرها أو إحداث تغيير حقيقي في السودان ؟!

الحقيقة التي يجب أن نتفق عليها قبل أن نلقي الإتهامات جزافاً هي أن البيئة في السودان في ظل النظام لا تصلح لأي ممارسة سياسية !


وهنا كلمة الى السياسيين والثوار على حد سواء , لا يمكن اسقاط النظام بدون تغيير إسقاطات التمكين التي مارسها النظام , إن بطء الحراك الثوري وعدم إنتظامه في السودان لا تعود الى جبن السودانيين أو تخاذلهم كما يتوهم البعض ... صحيح أننا لا ننكر أن الشعب السوداني أصابه الإنهاك والوهن بعد تدمير منتظم على مدى ربع قرن ولكن الشعب السوداني يفتقد الإدارة الوسطى التنفيذية النزيهة الوطنية التي تمثل حلقة الوصل بين السياسي والثائر .

فبعد أن حل النظام النقابات وانشأ لجان تسييره ثم قام بتدجين النقابات ومؤسسات المجتمع المدني بتزويره واساليبه الملتويه فمن الطبيعي أن يخرج طلاب الجامعات والمدارس وشباب الأحياء متفرقين دون تنظيم , وفي خروجهم تمت مقابلتهم بالرصاص وما حدث في سبتمبر خير مثال .

إن ما يحتاجه السودان الآن هو (الإسقاط الأصغر) لعملاء النظام ورجالاته وإعادة إحياء النقابات ومؤسسات المجتمع المدني لأنها الطريق الوحيد للإسقاط الأكبر لهذا النظام

إن عجلة هذا النظام تحركها الآف العجلات الصغرى من الأطباء والمعلمين والموظفين , وأننا ندفع لهذا النظام ثمن الرصاص والبمبان والقصر الرئاسي الجديد ... أقر بأن خطوة العصيان المدني صعبة التنفيذ في الخرطوم ولكن وصول القوات الثورية الى ابو كرشولا يثبت ان سطوة هذا النظام لا تمتد بعيداً خارج حدود الخرطوم

لا اقول ان تقفوا بصدور عارية امام رصاص نظام لا يحترم حياةً ولا ارضاً ولا عرضا

ولكن اقول أن نحاصر هذا النظام وأن لا ندفع جباياته التي يقتلنا ويسمم وطننا بها , وأن تتكرر تجربة الإعتصام البطولي في لقاوة في كل اقاليم السودان وأن تتم محاصرة هذا النظام وأن تتباين الصفوف حتى يهرب الجرذان من السفينة الغارقة ويسقط هذا النظام

قد تتفق معي أو تختلف , ولكن لنتفق أن المشاركة في الإنتخابات لا معنى له , وأن مقاطعتها فقط لا طائل منه , وأن الحل هو في القيادة الرشيدة لهذا الشارع فهو الهدف وهو وحده طريق الخلاص

ثورة ثورة حتى النصر