للفساد... وجوه اخري

اذا جاءت سيرة الفساد في السودان، مباشرة يخطر الي الذهن (الاعتداء علي المال العام) او الاختلاس و هو استيلاء الموظف او المسؤول علي مال الشعب مستغلا وظيفته او منصبه الحكومي. هذا ما درجنا عليه. و لكن هذا اقل انواع الفساد من حيث الخطورة و التأثير. و الحمدلله اخيرا وجد حل ناجع لمكافحة الفساد المالي و هو قانون (التحلل) من المال العام. بمعني عليك اعادة المال الذي استوليت عليه و يقفل ملف القضية. ما مشكلة الثروة التي نمت علي اكتاف المال العام الذي سطيت عليه. و ما مشكلة تجفيفك للخزينة العامة سنتين تلاتة مادام سعادتك ناوي ترجع المال المنهوب. و ما مشكلة استغلال الوظيفة او المنصب ما دامت نية التحلل موجودة. الاعمال بالنيات و الدين يسر.
التحلل من المال العام هو واحد من تقليعات الحقبة الانقاذية الذي جعل باب خزائن الدولة مواربا لضعاف النفوس و اللصوص ليأخذوا ما تيسر من مال الشعب و بالقانون و التمتع في الدنيا ( مع انو لا لدنيا قد عملنا).
التحية للحرامي اقصد المشرع الذي شرع لهذا القانون (الخيري).
دعوة للتحلل.
و لكن يظل هذا اقل انواع الفساد تأثيرا علي حياة الناس.

من اوجه الفساد الحكومي المؤثرة اكثر بكثير من الاختلاس، فساد العطاءات. العطاءات في العهد الانقاذي تمنح لذوي الولاء التنظيمي او من يدفع اكثر (تحت الطربيزة) للجان العطاءات. و ليس للعطاء الافضل من حيث الميزات و الجودة و التكلفة و المصلحة العامة و و و ...الخ. كمثال منح عطاء بناء مباني حكومية او تعبيد طرق او كباري للشركة (س) ليس لانها صاحبة سجل ناصع في عمليات الانشاءات و الطرق او تهتم باجراءات السلامة و ضبط كميات مواد البناء بما يتناسب مع غرض المشروع و مراعاة الظروف البيئية و المناخية كالامطار و الرياح و الرطوبة و و و التي تؤثر علي المنشأة او الجسر او الطريق. هذا الشكل ادي و يؤدي الي عواقب وخيمة و نتائج كارثية.
و لتتضح الصورة اكثر، لا اعتقد ان صالة المغادرة في مطار الخرطوم (الدولي) و نفق مول عفراء و غيرها من مباني حكومية تصدعت و هي حديثة الانشاء لا اعتقد انها اسندت لشركات مؤهلة و السبب بكل تأكيد الطريقة المتبعة في منح العطاءات.

و من وجوه الفساد كذلك. مئات المؤسسات و المنظمات و المفوضيات و الهيئات و اللجان، التي تم تصميمها و اخراجها في زمن الحقبة الانقاذية و التي هي ليست سوي واجهات لعمل حزبي و منابر لاستيعاب كوادر النظام و الصرف عليها من مال الشعب المغلوب علي امره. تم تتويج هذا النوع من الفساد بإنشاء مفوضية محاربة الفساد، ليتجلي الفساد في ابهي صوره. اليست هناك اصلا مؤسسات قائمة تعني بمحاربة الفساد كوزارة العدل و ديوان المراجع العام و و و ...الخ.