زوابعُ التلقي...

زوابعُ التلقي...


07-24-2014, 12:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1406202653&rn=0


Post: #1
Title: زوابعُ التلقي...
Author: بله محمد الفاضل
Date: 07-24-2014, 12:50 PM

زوابِعُ التلقي



الشِّعرُ نبضُ الرُّوح ونهجها الذي تستعيضُ به عن مجابهةِ الحياةِ،
وذلك بغطرسةٍ وفجاجةٍ لا تتوافر لها في حيز التعاطي المباشر مع مجمل معطياتها وتفاصيلها الشائكة التي تمسها في الصميم حتف أنفها، إن كان لها أو لسواها،
فروح الشاعِرِ ليس بالضرورة أن تكونَ بمحلِ المساسِ، من جهةِ أنها روحٌ يتدفقُ نهر رعايتها الفياضِ فيعم كل الجهات، المرصود منها والذي لم تبصره سواها،
وهي باقتضابٍ روحُ راءٍ تستشفُ الأمسَ واللحظةَ والغد...
وروحٌ كهذه لا سلطة عليها -وإن لاح عكس ذلك- إلا مجابهتها الذاتية المحضة،
بمحمولاتها المخطوفة من سماواتٍ بعيدةٍ لن تتوفر لروحٍ مقارِبةٍ وإن توافرت وعظُمتْ أدواتها/مجساتها،
وتلك الروح الهاربة بأزيزها هي المنشودة لكل شاعِرٍ،
من جهة أنها ستدعه في دِعةٍ من ضلالٍ لا يرصد، يستثير حماسة المتلقي ويلقيه دونما هوادةٍ إلى شطآنٍ لا تشبه وجهات شواطئها...
هي المجابهةُ التي تسدد المهرَ المراد للشاعِر، تضعه بمحفلٍ يخصه، لا شبهة في لغته فإنها مصممة من المتواتر، فلا نكوص عن المعاني/الدلالات المتاحة للعبارات المكونة لهجسه، لنشيجه، لتشنجاته، لصرخاته...، لا فرق إلا حين يمر البصر/الصوت بتداخلاتها ببعضها...
إن لذة القراءة في التفتتِ بين الظنون، تمسك بالمعنى فيستحيل خيطاً ضئيلاً لا يُرى، ويدلف أخر محله وهكذا...
إن لذة القراءة في تعرقِ الذهنِ، وحمحمة فرس الروح، في مساحةِ الشِّعرِ التي تبيحها تلكم الروح..
الشاعِرُ الذي لا يعول على آتٍ من الأقاصي، لا يرصده، هو أقرب لمدون التاريخ، لسارِدِ الحكايات التي تنعس بين يديها عيونُ الأطفالِ، هو في اللحظة/الراهن، في استكانةِ خيوطِهِ بين أيدي الكافة التي ستندهش وتهتف مثلاً:
يا لله، لقد أخذ ما هو قبالتي، لفه بقشيبِ اللغة، وأرسله إليّ لقراءته... يا للغرابة، إن هذا جزء مني، يشبهني، يتحدث عما يخصني، لماذا لا أقدر على وضعه بدفاتِ الورقِ، سأحاول ....
ومن ثم سيخرج علينا ناسخ منسوخ ناسخ منسوخ...
ستمتلئ مكتباتنا بالمتشابهات، سنقدر بصعوبة على الإمساكِ بالفرقِ بين محمد و أحمد، سنشغل المطابع بـ (أ، م)، سندور كثورِ الساقيةِ...، وهذا جملته ممتلئة، ومناولته دسمة، يختار من ذخيرته اللغوية العبارات ذات الجرس الريان الرنان..... سـ...
فيما إن التفتَ واحِدٌ إلى المنبوذِ، تغلغل (إن فُتح عليه) بين خفقه، فلربما أمكنه اللحاق بأخر التفاتةٍ من المنبوذِ قبل أن يغيبَ في الأغوارِ البعيدة...
هذا المنبوذ، هو الذي يلملم الخيوط من الأقاصي، وحين تتآكل دواليب الحاضر ويحط رحل الأقاصي في فك اللحظة الراهنة، سيستبين ضُحىً..
إن زوابع التلقي لا تعدو أن تكون سوى لحظة القصي لوقتٍ انقضى، لذا تستعيده، تركن مركبته بأرواحها، لا تقبل نزاعاً فيه وحوله، وتروم لو تضع كل البيض بسلته...
لا مشكلة عندي في احتمالِ زوابِعِكَ فإني فنجانك، تحملني بيدك، تسقطني عمداً، ورغمي أظل بيدك، ولا مناص من أن تحملني واحتملك، وبين هذا وذاك فإني أهرّبك سرًّا منك بحبري إلى وقتٍ آتٍ قد يتأتى قبض بعض إشاراته للتو فيما ينزوي الكثير بين الأقصى...
فلا تكسرني كلما عبرت بجوارك إلى جهة جديدةٍ وإنما يمكنك القول:
أنظروا عارياً تحت ثيابه يهرول إلى غير جهة...!!!
ورغمي فإني لا أحب أن تنتظرني هناك،
أريد جهتي بحياةٍ ليست لي..
27/5/2014م



http://www.al-madina.com/node/540989?arbeaa

Post: #2
Title: Re: زوابعُ التلقي...
Author: د.محمد حسن
Date: 07-24-2014, 01:27 PM
Parent: #1

رصين قول
وماجن ظن
وروعة اسلوب فكرة
شكرا على هذه الجرعة يا بلة

Post: #3
Title: Re: زوابعُ التلقي...
Author: بله محمد الفاضل
Date: 07-27-2014, 01:31 PM
Parent: #2

سلمت صاحبي الجميل


تحياتي، محبتي واحترامي

Post: #4
Title: Re: زوابعُ التلقي...
Author: بله محمد الفاضل
Date: 08-02-2014, 10:15 AM
Parent: #3

الجهة الثانية


لكُلِّ شيءٍ جهتُهُ الثانية في مرآةِ العابِرِ..
عندما تنزلُ في اللحظةِ،
لحظةُ الاقترانِ الكلّي المجتزأ من روحٍ شريدةٍ بالنص المبثوث أمام بصرك
بتشكيلاتِهِ المحددةِ من ناحيتِهِ،
فإنك سرعان ما تبدأ في التأملِ بالجهةِ الثانيةِ للنص..
ولا أقصد بالجهة الثانيةِ هذه تأويلات النص،
مقاصده وفق كل مرآةِ/قارئ،
ربما هي أقرب إلى النص الموازي لكن ذلك ليس على وجه التحقيق..
هي على وجه التقريب لا الدقة انعكاسٌ يتأتى لأعمى
والأكيد أنه لا يأتي من العتمةِ..
خذ إليك برفقٍ مثلاً:
بينما النّهارُ في إغفاءتِهِ..
تتسلى عصافيرُ الليلِ الماكِرةِ،
بارتعاشاتِ الماءِ،
على
مرايا
الأخيلة.
ستتجه (إن كنت أعمى) مباشرة إلى الجهةِ الثانيةِ لتلقى قبالتك ما ينبغي للنّهارِ أن يكون عليه إن كان الليل في تلك الغفوة..
ومثلي ربما سُرتي، أن الارتعاش سيمشي إلى الاقترانِ بأخيلتِهِ دون حاجةٍ إلى التسليةِ لأن الاقتران سيكون في الوسع
ولا يفوت على فطنتك أن ذلك ليس بالتأويل..
ومثل كذلك قد ترى أن الجهة الثانية هنا
ستكون شطحاً،
إذ بمقدورِ النهار أن يجعل الأخيلة تتوارى
حيث لا سبيل أمامها لسطوةِ الضوءِ
والأخيلة تهوى السرى خفية كالظلال…
وهكذا..
إننا بأيِّ منحىً بقبضةِ الجهةِ الثانية،
جهةُ القلبِ سمها،
جهة الموازي قل..
لكنا عبرنا مما هو أمامنا ماثل إلى نبضِهِ في الجهةِ الثانية.




http://www.albaeed.com/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7...7%D9%86%D9%8A%D8%A9/