لا ديمقراطية دون علمانية

لا ديمقراطية دون علمانية


07-23-2014, 08:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1406100764&rn=0


Post: #1
Title: لا ديمقراطية دون علمانية
Author: عاطف عبدالله
Date: 07-23-2014, 08:32 AM

لا ديمقراطية دون علمانية

الأستاذ عبد اللطيف حسن علي أحد الأعضاء المستنيرين بهذا المنتدى، وضع في المكان المخصص لصورته شعار يحمل العنوان أعلاه، وهو ليس مجرد شعار بل يعد بمثابة ثقب من ضوء في جدار العتمة المضروب حول الوعي والمعرفة، وهو كذلك مقولة فلسفية وسياسية عميقة تدحض كثير مما أحيق ونسج حول العلمانية، فهل يمكن وجود ديمقراطية دون عَلمانية؟ وما هي جدلية العلاقة بينهما، ولماذا يتحتم لتوفر الديمقراطية بيئة عَلمانية رغم أن العلمانية لا تعني توفر الديمقراطية.

بالعودة إلى تراثنا السياسي القريب نجد أن السودان قد أختبر الديمقراطية وخبر العلمانية قبل أن يغرق في ظلام الشمولية (الثيوقراطية) وحكم الكهنة وكلها كانت تجارب فاشلة تحمل بذرة فنائها، فكيف السبيل إلى ديمقراطية مستدامة وتحقيق المشروع الوطني الذي يمكننا من المساهمة الإيجابية في الحضارة الإنسانية ونحن في أعتاب القرن الحادي والعشرين. كيف السبيل لعلاج مشاكل الهوية والتنمية والحرية وتداول السلطة والثروة والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية وحل مشكلة الحكم وهل يمكننا إنجاز ذلك بعيداً عن العَلمانية؟

الديمقراطية لفظاً مشتقة من اليونانية، وهي من اجتماع كلمتين الشق الأول من الكلمة DEMOS وتعني عامة الناس والشق الثاني من الكلمة KRATIA وتعني حكم فتصبح DEMOCRATIA أي حكم عامة الناس ( حكم الشعب )، والديمقراطية بمفهومها الحديث الذي ساد العالم بعد انهيار المعسكر الاشتراكي عبارة عن منظومة سياسية متكاملة تمثل سلطة الشعب، تعبر عن إرادته عبر حكم الأغلبية مع احترام حقوق الأقليات والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة كحرية التعبير والعقيدة والاجتماع والتظاهر وحرية الصحافة واحترام الدستور، واستقلال القضاء والتداول السلمي للسطلة بحيث تصبح الحرية عامل مشترك لكل المواطنين بمختلف انتماءاتهم الحزبية والعقائدية والإثنية والعرقية. فهل يمكن ضمان هذه المنظومة بعيداً عن العَلمانية؟

وأقول العَلمانية وليس العِلمانية حيث درج الكثيرون للخلط بين المفهومين أحياناً عن جهل وغالباً عن قصد، ولتوضيح الفرق بينهما فإن العِلمانية من العِلم حيث تخضع كل الأحداث والأشياء والظواهر إلى العقل، حتى التجليات الروحية تخضعها للعقلانية البحتة كما ذكر أنجلز “يخضع الدين والطبيعة والمجتمع ونظام الدولة، وكل شيء إلى المثول أمام محكمة العقل لكي يبرر وجوده، أو لكي يزول من الوجود”. وتحتكم العِلمانية إلى المعرفة المادية في تفسير وتعريف الظواهر بدءاً من الملاحظات وانتهاءً بالنظريات والقوانين التي تشمل مختلف مجالات المعرفة مثلاً في الطبيعة العلوم الطبيعية وفي المجتمع علم التاريخ والاجتماع والفلسفة وفي النفس وفي التطبيب نجد علم النفس والطب والصيدلة .. إلخ .. .

كانت أوروبا في العصور الوسطى تخضع كل الظواهر الطبيعية لتفسير العهد القديم والجديد ورأي الكهنة، وكانت الاكتشافات العلمية التي تتناقض مع القصص التوراتية أو تلك التي لم يرد لها ذكر ككروية الأرض ودورانها حول الشمس تواجه بمعارضة شرسة من خلال محاكم التفتيش التي كانت تفتش في عقول العلماء والمفكرين عن ما تسميه “الهرطقة” وبتهمة الهرطقة أعدم كثير من المفكرين والمبدعين، وفي عصر النهضة تم تحرير المعرفة بالفصل ما بين المؤسسة الدينية الكنسية وشئون الدولة، وذهبت العلمانية بعيداً في تفسيرها للكون ونظرية النشوء والإرتقاء والتطور البشري تتضارب مع ما جاء من قصص الخلق في الكتب السماوية وبالتالي تم ربطها بالإلحاد، وهي لا تعنينا هنا كثيراً فقضيتنا هي العَلمانية (بفتح العين)، نسبة إلى العالم (بفتح اللام) وهي مفهوم سياسي يقتضي الفصل بين المجتمع الديني والمجتمع السياسي، الدولة فيه لا تمارس أية سلطة دينية والمؤسسات الدينية لا تمارس أية سلطة سياسية، ولكن ذلك لا يعني أن لا دين في السياسة أو لا سياسة في الدين، فالدين كقيم وأخلاق وحلال وحرام لا يمكن فصله عن مناحي الحياة بما فيها السياسة لكن دون السماح لرجال السياسة بالتدخل في الشأن الديني ولا لرجال الدين بالتدخل في الشأن السياسي، كما ان شعار (الدين لله والوطن للجميع) لا تمنع أن يكون الدين من المصادر الرئيسية للتشريعات الدستورية في الدولة الديمقراطية المرجوة.

إن البديل للنظم العَلمانية هو النظم الثيوقراطية أو الشمولية أو النظم الهجين بينهما، فهل يمكن قيام ديمقراطية في ظل أي منهم؟

إن الديمقراطية كمفهوم لحكم الشعب، لها شروط كما أن لها متطلبات وأولى متطلباتها المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع فصائل الشعب بغض النظر عن المعتقد والجنس واللون والثقافة، وفي ظل الدولة الدينية “الثيوقراطية” حيث الحاكمية الإلهية أو السلطة التي تدعي تطبيق التشريعات السماوية نجد أن المساواة في حقوق والمواطنة معدومة فهي لا تساوي بين الرجل والمرأة والمواطن غير المسلم يعامل كذمي، حتى بين أصحاب المعتقد الواحد نجد أن السلطة تفرق بينهم حسب الطائفة والحزب والمذهب. وليس ثمة وعاءٍ ضامن لهذا المبدأ ” المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع فصائل الشعب” غير النظام العَلماني.

كما نجد أن من أهم مقومات الديمقراطية هي السلطة المنتخبة من قبل الشعب بمختلف طوائفه من خلال صناديق الاقتراع الأمر الذي لا يمكن توفره في ظل الأنظمة الشمولية التي لا تعترف بالقوى السياسية الأخرى أو الثيوقراطية حيث يقوم أهل الحل والعقد بالإختيار.

كما أن من شروط الديمقراطية الفصل بين السلطات خاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تتداخل السلطات في الأنظمة الشمولية وتصبح كلها في يد واحدة حتى القضاء يكون خاضعاً للسلطة التنفيذية، وحرية الصحافة مقيدة، وتنعدم الشفافية والمساءلة والمحاسبة الأمر الذي يفتح الباب واسعاً لكل أنواع الفساد، فلا بديل للعَلمانية لضمان الفصل بين السلطات.

إن الديمقراطية هي الطريق الأوحد الذي تمضي صوبه كل القافلة البشرية عدا استثناءات قليلة تقف يإستحياء ضد التيار والتاريخ علمنا أن لا إستثناء ثقافي يستطيع أن يقف طويلاً ضد مجراه، و(العلمانية الديمقراطية) أصبحت الخيار لتسع أعشار أقطار العالم ولا مستقبل لنا خارج المنظومة العالمية، وبالتالي نحن كدول إسلامية، مثلنا مثل بقية العالم محكوم علينا بتبني الديمقراطية وبالتالي العلمانية.

الميدان 22/07/2014
الراكوبة 22/07/2014
[email protected]

Post: #2
Title: Re: لا ديمقراطية دون علمانية
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 07-23-2014, 09:45 AM
Parent: #1

Quote:
لا ديمقراطية دون علمانية

الأستاذ عبد اللطيف حسن علي أحد الأعضاء المستنيرين بهذا المنتدى، وضع في المكان المخصص لصورته شعار يحمل العنوان أعلاه، وهو ليس مجرد شعار بل يعد بمثابة ثقب من ضوء في جدار العتمة المضروب حول الوعي والمعرفة، وهو كذلك مقولة فلسفية وسياسية عميقة تدحض كثير مما أحيق ونسج حول العلمانية، فهل يمكن وجود ديمقراطية دون عَلمانية؟ وما هي جدلية العلاقة بينهما، ولماذا يتحتم لتوفر الديمقراطية بيئة عَلمانية رغم أن العلمانية لا تعني توفر الديمقراطية.


شكرا الاستاذ عاطف ، اتمني ان اكون في قامة هذا الموضوع الحيوي
لنا في السودان .....

Post: #3
Title: Re: لا ديمقراطية دون علمانية
Author: Asim Fageary
Date: 07-23-2014, 09:50 AM
Parent: #2


يا عاطف ويا عبداللطيف أرفعوا البوستات كلها ذات العلاقة بالعلمانية وكل المداولات من الأرشيف وكل ما كتبتوه أو كتبه غيركم وقرأتموه مما يفيد هذا الشأن

وهنا جزء يؤمن على شعار عبداللطيف حسن علي:


وأهم شيء أن ترتبط العلمانية بالديمقراطية فأية علمانية غير ديمقراطية لا تساوي ثمن الحبر المكتوب بها دستور الدولة العلماني

كما أن العلمانية هي الضامن للديمقراطية

فلا يمكن أن نقول أن دولة ما ديمقراطية وهي لا تطبق دستور علماني