صراع الدواخل

صراع الدواخل


06-21-2014, 05:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=470&msg=1403367006&rn=0


Post: #1
Title: صراع الدواخل
Author: بله محمد الفاضل
Date: 06-21-2014, 05:10 PM

صراع الدواخل

"ليس كل ما تبثه المرآة لأعيننا سوى إحساسنا الداخلي حيالنا"




أخطفُ وجهي سريعاً من بين براثن المرآة التي لطالما أحسستها بحاجة لمثله كي تفزع به من يود اقتلاعها
وإلقاءها
ليأتي بأخرى مزركشة وفتية،
فيفر محوقلاً طلباً للنجاة من هول ما رأى...

أفعل ذلك لأن مدعاة المثول لانعكاساتها غائبة عن خاطري،
فشعري
لا يلقى التفاتة من فرشاة أو مشط أو حتى تربيت يد حانية،
ووجهي ذاته
لا رغبة فيه لمطالعة تفاصيله الدميمة
لأني لا أتفاءل بصباح أرى فيه ما يجلب التعاسة والهوان..
يكفيه جدا
تصالح الماء والصابون و(البشكير) والثياب على مضض معه
يكفيه أنه
يتبع جسدي أينما حل وارتحل..
لا والحق أن جسدي
-ويا للندامة-
يطارد اتجاهات بصره الأخرق
بل ويتثنى تحته طرباً في الطرقات

طرقتني خواطِرُ
لم لا أدسه في المرآة وأهرب دونه،

ولم لا تمنحني المرآة الخرقاء هذه
وجهاً من الوجوه التي تختبئ بين دهاليزها رحل أصحابها إلى حيث لا عودة أو بقوا في الحياة وفرقت بينهما السبل
لكنما خفت أن تهبني (إن جادت) ما يبز قبحي قبحا
فالقبح لا ريب يورث!!
أو ربما ألبستني وجه أنثى جميلة كانت أو دميمة على جسد رجل نابض!!
وتخيلت أنها ربما تُلقي إلي بدل هذا المنحوس التعس
وجه فار قفز هاربا بمحاذاتها
أو حتى وجه قط
أو دجاجة
أو حذاء..

لا أعلم كيف تقدر هذه المرأة الفارعة في كل شي على التبسم بلا انقطاع بمرأى هذا الوجه؟
إني أرثي لها
أشفق عليها من الغمز الذي وصم حياتها منذ وهلة المباركة لاقتراني بها
لابد أن يكون هذا الأمر قاتلاً لها
ولا شك أنها تندب حظها العاثر (سرا)
ولفرطه فإنها لا تملك سوى شر البلية
أو هكذا أضفت خيالات على خيالات ماطرة..

في ليلتنا الأولى
أذكر كيف تحاشت عيناها عيناي
وكيف مضت في تقزز فاضح تدير ظهرها عني
تخيلتها وافقت بملء إرادتها آنفاً
وعلى كل فإن الأمر ليس بذي بال
فمن هو مثلي خاض تجارب ضارية للتأقلم مع هكذا وجه
ووجوه تناظره بحيرة تارة
واشمئزاز أخرى
لا شك لن تجرحه أنثاه

اهتممتُ جدا بتفاصيلها
ببديع تفاصيلها
في البدء بالوجه واليدين والصدر و
ولاحقاً
بالشعر والظهر والردفين و
اهتممتُ وهممتُ بالتواصل
بالالتصاق
فنفرت كمن وخزتها شوكة أو لدغتها عقرب
لكنها سرعان ما آبت وقشعريرة تجوب جسدها إلى السكون الحذر
و
.
.
.
.
.
أنه اليوم التالي
الصباحُ رحِبٌ وتتهادى عصافيره على مقربة من النافذة وعلى غير ما اعتادته المرآة الضخمة العتيقة المخدوشة الغبراء فقد أدخلتها في حِراكٍ جعلها تهتز كحسناءٍ مياسةٍ بلا انقطاع حامِلاً بإحدى يدي خرقة مملوءة بالماء والصابون وبالأخرى خرقة بيضاء غير مبتلة فبرز جمالها وأخذت تتباهى قبالتي
ولما يقرب العشر دقائق خرجتُ من بينها مهندماً
ممشط الشعر
وجميلاً
متصالحاً مع هذا الوجه الذي أحمل!!
28/7/2009م