سودانيون نوبيون حاربوا مع البريطانيين و إستقر بهم المقام في كينيا .. تاريخ جدير بالتأمل والبحث..

أدرج هؤلاء الجنود السودانيون في الجيش البريطاني في أواخر العام 1880 ( أي قبل خمس أعوام من اندلاع الثورة المهدية ) . ثم أخذوا إلى كينيا في أوائل القرن العشرين ( 1900) حيث خدموا مع الجيش البريطاني في فرقة البنادق الإفريقية الملكية خلال الحرب العالمية الأولى ضد الألمان وفي الحرب العالمية الثانية في أماكن مثل الصومال، والحبشة ومدغشقر وبورما.

لعب هؤلاء السودانيون النوبيون دورا حيويا في الدفاع عن كينيا وفي تطوير شرق أفريقيا. و إذ ما هم غير قادرين على العودة إلى السودان، فقد ظلوا وأسرهم في كينيا. وفي عام 1921 خصصت الإدارة الحكومية البريطانية حوالي 4197 فدان من الأراضي لهم ليستقروا بها.
في العام 1917 نشر في الجريدة الرسمية البريطانية بأنها أرض العساكر السودانيين وعائلاتهم. وتقع خارج ما ستعرف فيما بعد بمدينة نيروبي. النوبيون أطلقوا على أرضهم إسم كبرا أو "أرض الغابة"

و تفرد شبكة السي إن إن تقريرا عن حاضر هؤلاء السودانيين اليوم ، أو بالأحرى عن هؤلاء الكينيين من أصل سوداني ..
..
لا شك أن ذلك المشهد لا يقتصر على شرق إفريقيا فحسب، إذ يعتقد أنه هناك حوالي خمسة عشر مليون شخص في جميع أنحاء العالم يصنفون بأنهم عديمو الجنسية.
بيد أنه بالنسبة لإحدى المجتمعات في كينيا فقد استمر ذلك التمييز لأجيال وأجيال. لعقود ظل المجتمع النوبي في نيروبي يعتبر كينيا وطنا لهم، رغم ذلك هم اليوم لا يزالون ينظر إليهم كغرباء.
النوبيين هم أصلا من شمال السودان وجنوب مصر، حيث استقروا على ضفاف نهر النيل. تم تجنيد نوبيي نيروبي من السودان من قبل الجيش البريطاني في مطلع القرن الماضي. حيث كونوا فرقة بنادق إفريقيا الملكية الشهيرة.
ساعدت تلك الفرقة في توسيع الإمبراطورية البريطانية، وخدمت في الحرب العالمية الأولى و كمكافأة لخدمتهم وولائهم منحتهم بريطانيا موطنا في كينيا، واستقر النوبيون القدامى في غابة بالقرب نيروبي، أطلقوا عليها إسم كِبِر.
.
تمر الأعوام والسنين و المنطقة المعروفة باسم كبرا تصبح واحدة من أكبر الأحياء الفقيرة في نيروبي وفي إفريقيا.
أحفاد نوبيي كبر، مثل نعيمة شعبان، تناضل في هامش المجتمع .
قصتها وتجاربها تترك صدى لدى من حولها . فقد ولدت في كينيا، كما هم والداها، لكنها لا تزال تشعر وكأنها مواطنة من الدرجة الثانية.
تشرح نعيمة أنها فقدت بطاقة الهوية الوطنية خاصتها و أنها ما زالت تنتظر لعشر سنوات لإصدار البديل. بينما استبدال بطاقة الهوية عند معظم الكينيين لا يستغرق بضعة أيام أو أسابيع.
وهي بدون بطاقة الهوية تظل على هامش المجتمع و لا تستطيع الحصول على الرعاية الصحية أو فتح حساب مصرفي أو حتى الحصول على شهادة وفاة.
نعيمة تقول أنها لا تستطيع تحسين منزلها المبني من الطين حتى، ذلك لأن النوبيون لا يستطيعون الحصول على ملكية الأراضي في كبرا و بناء منزل من هيكل دائم هو عرضة لخطر الهدم.
تمتلك الحكومة الكينية جميع الأراضي التي تقف عليها كبرا؛ ومع ذلك ، فهي لا تعترف رسميا بالتسوية ، لذلك فهي لا تقدم أي خدمات أساسية والمنازل معرضة للخطر.
من يدافعون عن النوبيين يوضحون كم هو أمر شاق العثور على من يتفهم تلك المعضلة .
" تخرجت في عام 1996، وتحصلت على أول وظيفة لي في عام 2007 بعد 10 أعوام من الكفاح " يقول آدم حسين الذي يقاتل الآن من أجل حقوق مجتمعه. على عكس أصدقائه الكلية، يمتلك حسين شهادات ميلاد ووثائق حسن السيرة والسلوك و شهادات للحصول على وظيفة وجواز سفر.
ويعترف المسؤولون الحكوميون أنهم دققوا مع النوبيين " لإثبات هويتهم الكينية " بيد أن عقدا في طي النسيان يمكن أن يكون لها آثار مدمرة بالنسبة لهم.
" أنا فعلا توقفت أن أكون متحمسا تجاه أشياء كثيرة كينية. لا أستطيع أن أفهم ولا أحد حتى الآن أوضح من أي وقت مضى لماذا كان علي أن أفعل ذلك. "
لتجسيد محنتهم، يقول أحد قادة المجتمع " تحتاج فقط للنظر إلى المقبرة النوبية في كيبرا" . فهو يفسر أن أجيالا من النوبيين لم ينتموا إلى كينيا إلا عندما يموتون.
"هذه إحدى الأماكن التي يمكن أن نسميها منطقتنا دون جدل " يقول يوسف ابراهيم دياب الأمين العام للمجلس النوبي. ويضيف " الأمر الذي يبعث إلى القلق حقا أنك تشعر فعلا أنك تنتمي إلى المكان ، لكنك لا تزال تعاني من التمييز في جوانب معينة من الحياة العادية، كأن تعامل على أنك أقل من مواطن ".

Quote: ساعدت تلك الفرقة في توسيع الإمبراطورية البريطانية، وخدمت في الحرب العالمية الأولى و كمكافأة لخدمتهم وولائهم منحتهم بريطانيا موطنا في كينيا، واستقر النوبيون القدامى في غابة بالقرب نيروبي، أطلقوا عليها إسم كِبِر.

هسه الفرق بينهم وبين الإسرائليين في فلسطين المحتلة شنو ؟

اللهم إلا أنهم أقلية لم تستعمر كينيا !

عزيزى الامين:
تناولت بعض الدراسات الانثروبلوجية الحديثة (المانية) موضوع النوبى بدراسات من صغار الباحثين (قلت ذلك لان تقديمهم حين حضورى لم يعجبنى على الاقل اكاديميا). كما مر على كتاب بجوبا 2005 حول هجرة النوبى وربطها بالاسلام ولا اذكر التفاصيل.
موضوعك دائر فرجخة، نلقى الوكت انشاء الله

عزيزي الامين عبدالرحمن،،تحياتي...
حكي لي جدي عن اهوال لهم عاشوها بكينيا في زمان سحيق..
حين ذهبت الي حي كبرا بنيروبي رايت بام عيني البؤس والعوذ هناك،،ورايت هؤلاء القوم اهالينا...
هناك سودانيون وصلو ملاوي وزامبيا في ذلك الزمان البعيد.وممبسا.
للاسف ليس هناك توثيق لهجرات فردية وجماعية لسودانيين رغم انها معلومة..
اشكر لك ما اوردته،،واتمني المواصلة في هذا الجهد الرائع..
محبتي...

الاخ الأمين
لك خالص الشكر لفتح هذا الموضوع المهم.
هذه هي المرة الثانية التى يتم فيها طرح هذا الموضوع في البورد لحيويته وأهميته.
أتمنى أن يتركز النقاش حول ما يمكن فعله تجاه الموضوع وماذا نستطيع أن نقدم.

كان من المفترض أن أسافر كينيا الاسبوع القادم ولكن رقم إني سعيد بتأجيل هذه السفرية الا اننى شعرت بالأسف لتأجيل مشروع كتابة مقال في هذا العنوان بعنوان: نوبة كينيا. وذلك بالطبع بعد مقابلة أهلنا النوبة في كبيرة احدي الأحياء الفقيرة في كينيا.

في هذا الموضوع ثوابت وهي:
أنهم كينين ذو اوصول نوبية.
ليس لهم هوية مكانية سوف كِبيرة التى يعيشون فيها بدون حق في إمتلاك الارض، وبالطبع ليست لهم احلام بالرجوع الي جبال النوبة للعيش فيها.
أنهم هم من أسسوا كبيرة وان الفقر المنتشر في كبيرة يرجع من أساسه لعدم تملكيهم الارض وإعتبارهم مواطنين من الدرجة الثالثة.
يطالبون بحقوقهم في المواطنة كاملة.
إنتشار للعطالة في كبيرة وسط النوبيين.

ماذا يمكن أن نفعل:
1- مساعدة الذين يقفون خلف هذا المشروع ودعمهم حتى يتحصل نوبة كينيا علي حقهم كاملا.
2- يظل بالطبع إنهاء الحرب في السودان وفي جبال النوبة بذات أهم واجباتنا. لكن أفتكر أنه من الضروري قيام متحف متكامل في كادقلي لتاريخ وثقافة أهلنا النوبة. إنها المجموعة الإثنية السودانية الأكثر حضارة وشجاعة وإرثاً قديم والأكثر إلتصاقا بالأرض.
3- التوثيق لتاريخ النوبة في كينيا في هذا المتحف.
4- مساعدة نوبة كينيا في تطوير ثقافة النوبة كمورد مالي سياحي في دولة مثل كينيا تعتمد علي السياحة.
أكيد هناك أفكار وآراء أخري يمكن أن تضاف هنا من بقية الزملاء.

الموضوع يطرح موضوعا مهما لنا جميعا كسودانيين في الغربة عندما نصبح مثل نوبة كينيا. ماهي هويتنا؟ وأين هو موطننا؟ واحدة من مشاكل نوبة كينيا في كبيرة أنهم لمدة طويلة لم يشعروا بان كينيا هي موطنهم لذلك لم يكونوا راغبين في إمتلاك الارض. الموضوع ليس بالطبع بهذه السهولة لكن موضوع الهوية وهو الأهم.

لحدي هنا أقيف وأتمنى أن أجد فرصة للرجوع لهذا الموضوع بالتفصيل.

خالص التحايا

Quote: هسه الفرق بينهم وبين الإسرائليين في فلسطين المحتلة شنو ؟ اللهم إلا أنهم أقلية لم تستعمر كينيا !

أخي عاصم فقيري ، تحياتي.. فرق كبير جدا بين هؤلاء و بين الإسرائليين..
أنظر لحالهم البائس هذا .. أحسست بعد مشاهدة هذا الفيديو عنهم أني أخطأت في العنوان ( تاريخ يستحق التأمل و الإعجاب ) ربما كان الأفضل أن نقول أنه وضع مأساوي فقد فقدوا الهوية السودانية و يعانون من أجل أن يظلوا كينيين..

نوبيو كينيا ، غرباء في وطنهم .. تقرير السي إن إن

http://edition.cnn.com/2011/WORLD/africa/05/04/kenya.nubian....imination/index.html

جدير بالذكر أن هذا التقرير قد ورد من قبل في موقع مجموعة صور السودان القديمة بالفيس بوك .. و قد طلبنا الإذن من الأستاذة سهام عباس بنشر هذا الموضوع ... و وافقت فلها منا كل التقدير
https://www.facebook.com/groups/oldsudanesephotos/10151078517896739/...1136739andnotif_t=like

.

حين دلفت الى حى كبيرا قاصد بعض معارفى

وانا اسلم عليهم بالسواحيلي ( هبارى ياكم )
وهم يردون بالعربية المكسرة وعليكم سلام
وحين جلوسنا تكون اجابتهم الرئيسة بالسواحيلي


هكونا بيسا هكونا كازى هكونا جارى هكونا كلا كيتو .

وترجمتها ..
لا مال لدينا لا عمل لنا لا عربات لنا ليس لدينا اى شى

الأخوة الأفاضل
أبوبكر أحمد،
عاصم فقيري،
عبدالعزيز عثمان ،
سيف اليزل سعد،
بدرالدين إسحق ،
صالح حامد
لكم أجزل الشكر
أسعدني أن البعض منكم قد زار تلك الأرض كبرا و شاهد ذلك الوضع المأساوي لهولاء القوم.. ونتوقع إفادات أكثر توسعا منكم مستقبلا..
سؤال يتبادر إلى الذهن، الحكومة البريطانية وهي التي كانت سبب هذه المأساة ماذا فعلت من أجل هؤلاء غير منحهم هذه الرقعة الضيقة من الارض ..

الأخ الأمين عبدالرحمن
تحية طيبة
و الله موضوع جديد بالنسبة لي لم أسمع عنه من قبل البتة.
فالسودانيون في الخارج منسيون من قبل دولتهم. و بالإضافة هم منسيون بسبب يرجع إليهم هم أنفسهم .
سؤالي ما الذي يجعلهم يقيمون كل تلك السنوات بدون أي مرجعية و بدون أي امتيازات؟
و ابعد من ذلك كيف يلقون بنسلهم و عقبهم في غياهب المجهول؟.
ما الذي يجعلهم يبقون في مكان لا يرحب بهم و أرض الله واسعة؟ و كينيا ليست بعيدة عن السودان؟.و بلدهم مرتع للأجانب من كل حدب و صوب؟
إن هؤلاء السودانيون عجيبون. اي مكان يذهبون إليه فهم ( يحتلون) أي يبقون في أي وضع و يقبلون به و لا يعملون على تغييره.
ألا يستحق السودانييون الدراسة و التحليل؟
أخيرا أخي الأمين عبدالرحمن: الشكر لك لأنك تأتي بالدرر .

ديل مشكلتهم مع بريطانيا تجي تحل ليهم مشكلتهم بعمل تنمية لمنطقتهم ومشاريع إنتاجية أو تاخدهم كلهم وتديهم الجنسية البريطانية هو التعويض دا كيف يعني لو ما كان كدا مش الناس ديل حاربوا معاها وكانوا جنود في الجيش البريطاني

بوست سابق و جميل بعنوان: المنسيون : النوبة السودانيون في كينيا ويوغندا …!!

الرابط: http://www.sudaneseonline.com/board/310/msg/1287741595.html

تحياتي صاحب البوست و المشاركون و الزوار.

Quote: سؤال يتبادر إلى الذهن، الحكومة البريطانية وهي التي كانت سبب هذه المأساة ماذا فعلت من أجل هؤلاء غير منحهم هذه الرقعة الضيقة من الارض ..

الحكومة البريطانية اتغلتهم ابشع استغلال ولم تتكرم عليهم بشئ
حتى مسألة عودتهم لوطنهم السودان لم تساعدهم عليها
هكذا هي الحكومات الامبريالية تستغلك ابشع استقلال
وهذا الحال تفعله امريكا الان للافارقة والاسيويين
اذكر ايام حرب العراق وافغانستان جاء احد الاخوه وعرض علينا نحن مجموعة من المهندسين عرض غريب
وهو العمل في افغانستان والعراق في القواعد الامريكية لمدة خمس سنوات مقابل الجنسية
الغريبة كل ماهو مطلوب منك هو بكالريوس في الهندسة وحبة انجليزي والسلام
تحمست مع احد الاصدقاء للموضوع ولكن قلت الاستشارة خيراً
استشرت بعض قريبة لي مستقرة باميركا منذ التسعينات حول هذا الموضوع
صدمتها برغبتي وافهمتني الكثير المثير حول ابعاد هذا الامر
اشدها بشاعةً الاحساس النفسي القاتل من وجهة نظري هذا اذا نجحت
طردت الفكرة والحمدلله

Quote: بوست سابق و جميل بعنوان: المنسيون : النوبة السودانيون في كينيا ويوغندا …!!

شكرا الأخ سمير كوكو على هذا البوست الجميل الرائع... حقا هم المنسيون..أو قل الضائعون...
....
محمد عبدالله الحسين .. حملتهم كل المسؤولية .. بينما تسأل أولا بريطانيا عن حال هؤلاء
..
عاصم فقيري.. أتفق معك .. هل يمكن أن نطالب بريطانيا بتصحيح هذا الخطأ
..
alsngag نردد معا لم لم تفعل بريطانيا شيئا

Quote: حتى مسألة عودتهم لوطنهم السودان لم تساعدهم عليها هكذا هي الحكومات الامبريالية تستغلك ابشع استقلال

الأخ عبدالله شم .. في مقالات أخرى أحاول ترجمتها وجدت أن الحكومة البريطانية التي كانت تحكم كل من السودان ويوغندا وكينيا .. رفضت ثلاثة طلبات من هؤلاء السودانيين قدمت لها لإعادتهم للسودان..
هل هناك ظلم أكثر من هذا؟؟

شكرا صاحب البوست

طيب ياخ طالما هنالك توثيق لهذه الحقبة الزمنية ويثبت أن هؤلاء سودانيون نوبيون حقو يجو طوالي يقعدو فى السودان طالما مننا وفينا بدل الشلهتة دى !

يعنى قصدى المشكلة وين ؟!!

Quote: طيب ياخ طالما هنالك توثيق لهذه الحقبة الزمنية ويثبت أن هؤلاء سودانيون نوبيون حقو يجو طوالي يقعدو فى السودان طالما مننا وفينا بدل الشلهتة دى ! يعنى قصدى المشكلة وين ؟!!

الأخ وليد طه .. ولله فعلا ما مفروض تكون في مشكلة... لكن برضو المشكلة خلقوها البريطانيين ... من البداية ما فكروا يرجعوهم للسودان رغم أنهم كانوا حاكمين السودان و يوغندا وكينيا... أو ربما وجدوا رفضا من الإدارة البريطانية في السودان .. لا ندري... لكن بحسب المقال أدناه هم طلبوا يرجعوهم السودان ثلاث مرات و باستمرار رفض طلبهم ..

سباستيان كوهن - حاصل على البكلاريوس في العلاقات الدولية والتاريخ من مدرسة الإقتصاد بلندن ثم الماجستير في الصراعات والأمن والتنمية من كلية كينجز بلندن، مقيم بنيويورك و يعمل ببرنامج الصحة العامة و قد انضم في عام 2007 إلى ( Open Society Foundation) يتركز عمله على مناهضة التمييز و عن عديمي الجنسية .. في العام 2010 جاء مقاله هذا:
عن المأزق النوبي.. قصة الإرث الإستعماري و التمييز و انعدام الجنسية....
في العام 1923 عمل سيبي رجب مع البنادق الملكية الافريقية - التابعة للجيش البريطاني الاستعماري منذ نهاية الحرب. لم يكن ذلك بالضبط ما كان يرجوه لمستقبل حياته، لكن السياسة البريطانية للتجنيد الإجباري تعني أن أناس مثل سيبي ليس لديهم خيار .
الحياة في جبال النوبة ـ في وسط السودان الآن ـ بالتأكيد لم تكن تلك الخصبة، لكنها تقدم الشعور بالاستقرار والانتماء فهي وطن ثقافي وتاريخي من الصعب أن يتركه الفرد وراءه. لكن البريطانيون كانوا واضحين جدا، أنه حتى وإن سرح نهائيا، فلا يمكن لسيبي أن يعود الى جبال النوبة. بدلا من ذلك، كان من المتوقع أن يستقر في كيبيرا التي أنشأها المستعمرون في ضواحي نيروبي - كوطن جديد للنوبيين، في ما تعرف اليوم بكينيا.
عندما انتهت الحرب ، إلى هناك توجه سيبي، بعد وعد بالأراضي الخصبة، و مساحة كافية لعائلة كبيرة . قليل ما كان يعلمه سيبي عن مأزق شأنه أن يتطور إلى صراع متعدد الأجيال ضد الفقر والإقصاء.
في عام 1931، طلب النوبيين في كيبرا العودة إلى السودان، و تكرر طلبهم في عام 1939 و عام 1950، و رفض باستمرار. و بذلك ظل النوبيين في كيبرا، وفي قرى ومدن متعددة في جميع أنحاء كينيا حتى يومنا هذا. العديد من الناس الآن هم الجيل السادس أو الخامس، وليس لديهم علاقات مع السودان الذي لم يكن موجودا حتى كبلد ما عندما اضطروا لترك أسلافهم . في الواقع، وفقا لدراسة حديثة، فإن أكثر من 99 في المائة من النوبيين في كينيا يعتبرون أنفسهم كينيين. لكن الحكومة تعتقد خلاف ذلك .
في عام 1964، بعد شهر من استقلال كينيا، أنجبت ابنة سيبي، عائشة، طفلها الثاني، وهو صبي يدعى جعفر. ووفقا لدستور كينيا فعائشة و أول مولود لها حواء، كان ينبغي الاعتراف بهم كمواطنين، حيث أن الإثنين قد ولدا في كينيا قبل الاستقلال (الدستور السابق من كينيا المادة 87). و منذ أن ولد جعفر بعد الاستقلال، فحقه في الجنسية الكينية أصبح يعتمد كليا على وضع والديه كمواطنين كينيين (الدستور السابق لكينيا، المادة 89).
لكن عائشة وزوجها كانا نوبيين، وكان الموقف السائد آنذاك بين القادة الكينيين الجدد أن النوبيين هم من الأجانب. وعلى الرغم من حقوقهم الدستورية، حرموا من الناحية العملية من المواطنة الكينية. النوبيون، الذين كانوا في السابق أشخاصا يتمتعون بالحماية البريطانية، أصبحوا عديمي الجنسية.
وهكذا تمضي القصة. يكبر جعفر وحواء. و أطفالهم يصبحون عديمي الجنسية. ثم يرث أحفادهم نفس هذا المصير الآسن.
في نهاية المطاف، وافقت الحكومة الكينية أن بعض النوبيين لديهم القدرة على المطالبة بالجنسية. ولكن ليس على نفس شروط الكينيين الآخرين. وتم تشكيل لجان محلية في 1990 لفحص النوبيين الذين يطالبون بالجنسية الكينية. لكن لجان الفحص هذه تطلب في كثير من الأحيان بمجموعة كاملة من الوثائق لتأسيس مركز الشخص، مثل شهادات ميلاد الأجداد " والتي لم تكن يسأل عنها الكينيون الآخرون ". العديد من النوبيين كانوا غير قادرين على تلبية هذه المطالب التعسفية، فإما أن الوثائق ضاعت عبر السنين أو أنها لا توجد في المقام الأول.
ونتيجة لذلك، يعيش الآلاف من النوبيين اليوم في فراغ قانوني، مع عدم إمكانية الوصول إلى الحقوق التي تمنح للمواطنين الكينيين، مثل حرية التنقل والحماية الدبلوماسية، أو منافع الرعاية الصحية والتوظيف في القطاع العام.
حتى النوبيين الذين تمكنوا من الحصول على هوية يقابلون شكا في جنسيتهم عندما يحتاجون إلى تجديد الوثائق، وهكذا يعيشون في حالة دائمة من عدم الإطمئنان.
رجل من النوبيين الذين حصلوا على بطاقة الهوية الوطنية في عام 1950 فقدها مؤخرا. حكى لنا عن كيف أنه زار مركز الشرطة المحلي سبع مرات خلال السنوات القليلة الماضية ولكن لم يتمكن من استبدال البطاقة المفقودة بسبب استجوابه فجأة عن جنسيته الكينية.
قال "عدم امتلاكي بطاقة هوية أثر فيّ سلبا في مناسبات عديدة"، "لا أستطيع التصويت، خاصة في الاستفتاء الذي جرى في 21 نوفمبر، 2005. حدث هذا على الرغم من حقيقة أنني قد أكون وطنيا بدرجة كافية إذ قمت بالتصويت في جميع الانتخابات العامة السابقة."
وحكى لنا رجل آخر من النوبيين هذه القصة:
ابنة عمي هي من حي إيستلي من نيروبي. كانت تحاول الحصول على بطاقة الهوية و ذهبت إلى مكتب التسجيل هناك ... لكن قالوا لها " أنت نوبية ، لا يمكنك الحصول على بطاقة الهوية هنا. " وعادت مرتين، مرة مع عضو مجلسها المحلي، و مرة أخرى مع النائب، لكنهم قالوا لها أن النوبيين يمكنهم الحصول على بطاقات الهوية فقط في كيبيرا ... ولكن عندما جاءت إلى هنا، كان عليها أن تجلب معها ثلاثة نوبيين أخر إلى مكتب للادلاء بشهادتهم أنهم يعرفونها. فعلت هذا في العام الماضي، وحتى الآن لا تزال لا تملك بطاقة هوية."
ويا للسخرية، فإن كلمة كيبيرا، والتي تعني في اللغة النوبية "أرض الغابة " أصبحت الآن واحدة من أكبر الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية في أفريقيا. بل هى مكان حيث الفقر والمرض والجريمة و الإقصاء الاجتماعي في الحاضر.
في حين أن الغالبية العظمى من النوبيين استقروا في البداية في كيبيرا، إلا أن اليوم فقط 50 في المائة منهم يعيشون هناك. البقية يقيمون في الغالب فيما يسمى بالقرى النوبية في أنحاء مختلفة من كينيا. ومع ذلك، فهذه القرى هي عموما أيضا سيئة للغاية حيث الفقر والبطالة مشكلة كبيرة، مع ذكر أن أقل من 30 في المائة من النوبيين البالغين يجدون عملا . في الواقع تشير التقارير أن 12 في المائة من الأسر ليس لديهم أي دخل على الإطلاق. و أن 40 في المائة من الأسر يقل دخلهم عن 60 دولارا شهريا ، أي يتدنى المتوسط إلى أقل بكثير من 1 دولار للشخص الواحد في اليوم الواحد.
ووضعها أحد سكان كيبيرا النوبيين مؤخرا على هذا النحو: "ليس لدينا طرق في كيبرا ، لدينا عيادة واحدة يديرها الألمان ، لا مركز للشرطة و لا وجود لنظام للصرف الصحي السليم . ليس لدينا كهرباء. لدينا فقط إمدادات للمياه لمدة يومين في الأسبوع. كيبيرا هي أسوأ جزء من نيروبي. نحن نعامل كمواطنين من الدرجة الثالثة لأن كل شيء يتم تحويله إلى أماكن أخرى. نحن نواجه هذه المشكلة منذ فترة طويلة لأنه لا أحد لدينا في الحكومة للقتال من أجل قضيتنا " .