مشاركة السودان في ملتقى الاستثمار بدبي مالها وماعليها

رائع جدا أن يجد السودان منفذا للمشاركة في هذا الجو الخانق الذي يعيش فيه حصارا غير معلن ..
ورائع جدا أن يكون على رأس الوفد شخصية سيادية متخصصة ومكان توافق كمصطفى عثمان إسماعيل
ورائع جدا أن تكون لنا ملحقة إقتصادية تفهّمت مسألة أن اللبس والمظهر من أهم عوامل تكوين إنطباع الآخر عن المسؤول والبلد
ورائع أيضا أن يأتي وفدا بهذه الضخامة العددية لتمثيل بلد تمزّقته الخلافات والحروب ولازالت محاولات رأب صدعه تتعثّر في تسحلف ممل
وجميل جدا أن نشهد تلاحما دبلوماسيا في تيم موحد من ولايات أو دويلات الدبلوماسية السودانية الثلاث الألداء بالامارات ( السفارة ، القنصلية ، الملحقية الاقتصادية ) ، وروعة التآخي مابين الفرقاء والذي نتمناه واقعا عمليا على عموم أرض موطننا الجريح
ولكن ...
ونواصل ...

حكمت عليّ ظروف عملي أن أكون المسؤول عن التغطية الصحفية والتلفزيونية للملتقى ، قضيت الأيام كلها هناك مع وفود المائة دولة المشاركة بما في ذلك المائدة المستديرة التي تنفّس فيها مصطفى عثمان اسماعيل الصعداء بعثوره أخيرا على فرصة مناسبة للحديث الذي يتناسب مع مضمون الحدث ، ويخرج عن الإرباك الشديد الذي وضعه فيه منظمو المشاركة من الدبلوماسيين وأذنابهم من غير الدبلوماسيين ، ويبدو أنه قدم إلى المنتدى بمفهوم معيّن ، وفوجيء بغير ما تحضّر له
ونواصل ...

قررت عدم الإلتقاء بالوفد ، والاكتفاء بدور المراقب من بعيد بعين الصحفي الذي يريد أن يكون شاهدا على مايميز ممثليه عن غيرهم ، وهل هم جديرون بإعجابه أم أنهم لايحافظون على أمانة تمثيلهم لنا كمواطنين سودانيين ..
حقيقة كان الوفد إيجابيا جدا من ناحية المظهر ، وهي سابقة تستحق الاشادة ، فمعظم الوفود التي تلاقينا معها في مختلف الملتقيات والمؤتمرات والسمنارات المحلية والاقليمية تضم بينها من لايهتم بهذا الجانب فيسيء لكامل الوفد بسبب أن النقطة السوداء مهما كانت صغيرة فإنها تخطف الأبصار مهما زادت مساحات اللون الأبيض ، ولأن الخير يخص والشر يعم ، غير أن لفت النظر نحو هذه النقطة لايعني أن يطغى عامل عرض الأزياء على عوامل التمثيل الرسمي أو الشعبي أو الدبلوماسي ، فالموازنة مطلوبة ، لأن مختلف الأفراد قد يجيدون الطبخ ، غير أن وزن معايير ومقادير المكونات هي الفيصل في جودة ورداءة الطعم دائما ، حتى ولو تطابقت المكونات

ونواصل ...

المعرض المصاحب كان عرضا واضحا لفشلنا التام في أن نظهر منتجاتنا بذات الألق الذي ظهر به مسؤولينا في مايلبسون ، ولست أدري من قام على هذا المعرض ، ولكنه ليس سوى جزء من المال السوداني المهدر في غير موقعه ، ولماذا لم يحاول القائمون عليه الاستعانة بذوي الخبرات المعارضية من السودانيين الموجودين بالسودان أو الامارات وهم كثر ؟؟ أم أن الميزانيات يجب أن تظل سرا ، ودون شك بذل من أقام المعرض مجهودا لايمكن إنكاره ، فالمشكلة ليست في بذل الجهود ، ولكن المشكلة في المعرفة ، فعدم معرفتك بالشيء وعدم خبرتك فيه ، لن تتمكن جهودك مهما بلغ حجم اخلاصها أن تعوّض شيئا أو نقصا فيه.. المعرض كان فضيحة بكل المقاييس .
وبعيدا عن الهيكل الشكلي للمعرض البائس الذي لايمكن القبول بأن يكون سودانيا يمثل شعبا يزيد على ال40 مليون نسمة ، فإن ماتم عرضه في المعرض يؤخذ على مسؤولينا الدبلوماسيين المنوط بهم مثل هذه الاشتراكات في الدولة ، فقبل هذا الملتقى بفترة قصيرة جدا كان هناك ملتقى زراعي ضخم ومتخصص إستضافته مدينة العين الساحرة ، وشارك فيه السودان على استحياء وفي شكل أشخاص فقط من الجالية ، وكان هو المكان الملائم لإقامة هذا المعرض ، وكان أيضا هو المأوى الملائم والأجدى لكل ماطرحه الجيش الجرار المكوّن للوفد القادم الذي يخال لمن يراه أن كل موظفي حكومة الخرطوم ركبوا قاطرة الوفد للتنزه بدبي وأن يشهدوا منافع لهم في سوق مرشد أو الذهب .
ونواصل ...

ونواصل ...

هناك خطأ ما أولبس ، فالمنتدى هدف لعرض كل دولة من الدول ما حققته في المجالات الداعمة لتأسيس مناخ ملائم وجاذب للاستثمار من بنية تحتية وقوانين مرنة ومختلف الضمانات التي تغري اموال المستثمرين بالتدفق ، ولكن الوفد كان يعزف بإيقاع خرج عن هارموني بقية الدول المشاركة ، وكان النشاذ واضحا ، فالحديث كان عن لزراعة ، والمختصين في الزراعة والمستثمرين في مجالاتها حلّقوا بالطيران إلى بلدانهم قبل أكثر من أسبوع على الحدث وبعدما انتهى الملتقى الزراعي الأضخم في مدينة العين ، غير أن الجيش الجرار بقيادة القائد مصطفى عثمان اسماعيل جاء زراعيا خالصا ، وفوجيء باختلاف إيقاع المؤتمر مثلما تتفاجأ قنواتنا التلفزيونية عادة بقرب حلول شهر رمضان الفضيل ، ولم يكن بين المستثمرين من يعبأ بالاستثمار الزراعي ، وحتى المستثمرين المحليين المتخصصين في الاستثمار الزراعي لم يأتوا للمؤتمر لأنهم يعلمون نوع المستثمرين الذي هدف إليه وأراد ، فللمؤتمرات الدولية تنظيمها ، غير أن المائدة المستديرة كانت فرصة مواتية لقائد الحملة
ونواصل ...