طائر الذكريات

طائر الذكريات


03-16-2014, 02:03 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=460&msg=1394931790&rn=0


Post: #1
Title: طائر الذكريات
Author: حسن زمراوي
Date: 03-16-2014, 02:03 AM

ويل للقلوب الجريحة إذا حط على أغصانها طائر الذكريات،
وأخذ ينثر في الآفاق ألحانه الحزينة، حتى إذا نكأ بنشيده الجراح القديمة،
أخذت أسراب الطيور تجئ تباعا إلى دوحة القلب الحزين.

يعود طائر الذكريات مرارا، وكأن هذا القلب قد أدمن الأحزان فألفها،
وصار لايستغنى عن الدموع ليسقي بها أزهار بستانه التي إقتربت من الذبول،
عجيب أمرك أيها الفؤاد !! فرغم كل شي صار ديدنك السير على دروب الذكريات،
وأراك تنزف الآهات فتصبر عسى أن تشم عبرها أريج الأيام الجميلة.

وعجيب أمرك ياطائر الذكريات !! عندما تأخذني معك لنطوف حول أشجار الجامعة
الباسقات وحول حجرات درسها، ولكن بعد رجوعنا لا أزداد إلا اشتياقا وحنينا وبكاء.

هناك من الأصحاب من ودع الوطن لبضع سنوات فقط ورغم ذلك فأيام
الفراق تؤرقه وتسلب لبه وكيانه، فتراه دائما يذكر مامضى من زمانه في
أحضان الوطن الغالي حين كان يعانق شاطئ النيل بإستمرار ويكتبان معا
أجمل الأشعار، أما أنا فأقلب أوراق السنين فأجد أن أيامي مع شاطئ النيل
كانت تنقضي بين اللقاء وبين انتظار اللقاء البعيد.

وتراني أنظم من تلك الرسالة اليتيمة عقدا بديعا أعلقه حول عنقي.
ثم أقلب العمر بين راحتي في لهف أحاول أن أعثر على لقاء بالنيل
الخالد ... وأبحث .. وأبحث .. وأبحث .. فلا أعثر إلا على تلك الرسالة اليتيمة ..
كان ذلك اللقاء قبل إثنين وعشرون عاما. نعم إثنين وعشرون عاما!!!

ثم ينفض الغبار عن تلك الرسالة اليتيمة فأركض إلى جموع الناس
فرحا أخبرهم بهذا الحدث العظيم وبالعناق اليتيم مع شاطئ النيل .. ولكنهم
يرمونني بالتأخير والتقاعس وخزلان الوطن.

لقد قذفوني في دوامة الأحزان من جديد!! ولكن هل كان ذنبي أنني أحرقت
سني عمري في الغربة رغما عني؟! لم أكن على إختيار صدقوني ..
أصرخ بهم ولكنهم يذهبون .. أركض خلفهم .. أصيح ولكنهم لايلتفتون ..
أصرخ والبكاء يغلبني.

أفنيت عمري بالآهات مرتحلا *** أمضي أنقب في الأكوان عن وطن
كالطير يبحث في الصحراء عن فنن *** أوهى الجناح ولم يعثر على فنن

ثم أجثو على ركبتي تحيط بي رماح اليأس من كل جانب،
فيعود طائر الذكريات إلي من جديد
وحدك أيها الطائر الحبيب .. من ألجأ إليه في بث أحزاني ..
وحدك أنت من أجثو عنده كي ألملم بقايا الفؤاد الذي تناثر عبر السنين هنا وهناك ...

وحدك من يأخذني من دوامة الأحزان إلى بارقة الأمل يوم كان القلب ينبض بالحياة
الجميلة وتحلو على أبوابه الاناشيد .. أتجول عبر دروبه الصيفية الرائعة .. إستعيد سويعات
في أحضان النيل لم أذق فيها مرارة الهجران، ولكن الأيام تخذلني أيها الطائر الحبيب
والناس تخذلني أكثر.

وأعود إلى تلك الرسالة اليتيمة تباعا ويجول في خاطري مافي بقية الرسائل المهجورة
عند صديقي .. وبينهما دروب طويلة من السفر المضني إلى شاطئ النيل، وبينهما أيضا
أسراب من طيور الزكريات تحط على أغصان الفؤاد كما تعودت.

هذه المرة نشيد الطيور له مرارة من نوع خاص، مرارة تمتزج بها الدموع،
وغبار السفر الكئيب يختلط معه عرق المسير الطويل، وأشعر أن هناك من حاول
منعي من إكمال رحلة البحث عن وطن .. لعله كان يخاف أن نعيد اللقاء مع شاطئ
النيل الخالد من جديد.

Post: #2
Title: Re: طائر الذكريات
Author: حسن زمراوي
Date: 03-21-2014, 01:50 AM
Parent: #1

***