أسرع تغيير فى بلاد العرب...فهمي هويدي

أسرع تغيير فى بلاد العرب...فهمي هويدي


12-07-2013, 02:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1386423744&rn=0


Post: #1
Title: أسرع تغيير فى بلاد العرب...فهمي هويدي
Author: احمد سيد احمد
Date: 12-07-2013, 02:42 PM

Quote:
فى عصر الفرجة ترتبط الجودة والقيمة بالرؤية والمظهر. ويصبح النجوم هم الذين تقدمهم الشاشات ويحركون المشاعر المباشرة. أما العاكفون فى المعامل والصوامع ودور الكتب وغيرهم ممن لا ترى لهم صور فلا مكان لهم فى خرائط الوعى الراهن. بل إنهم يسقطون من الذاكرة ولا ينالون حظهم من التقدير. ذلك أنه طالما ارتبطت القيمة بالمظهر فإن الذين لا يظهرون يصبحون بلا قيمة، حتى إذا أنصفهم التاريخ فى المستقبل.



كرة القدم كلها فرجة من أول المباراة إلى آخرها. شأنها فى ذلك شأن التمثيل على المسرح والغناء فى الحفلات العامة. إلا أن كرة القدم تتميز بما تسفر عنه من أهداف. بمعنى أنها توصل البهجة بمعيار واضح ونتائج محددة، وهذه قد لا تضيف شيئا إلى حياة الناس العملية، لكنها تستمد قيمتها مما تشيعه من فرحة وترحاب.



مباريات كرة القدم إذا كانت نتائجها إيجابية فإنها تشيع إحساسا بالتفوق لا علاقة له بالتقدم. والتفوق فى هذه الحالة يتحقق بسرعة، وربما تبخر أثره بسرعة أيضا، لكن التقدم مثل الصناعة الثقيلة يحتاج إلى نفس طويل ووقت، إلا أنه يبقى ثابتا على الأرض. والتفوق يمكن استجلابه واصطناعه وربما شراؤه أيضا، عبر استعارة وإغواء أفضل المدربين وأكثرهم شهرة وإنجازا. أما التقدم فلا يمكن استجلابه ولا شراؤه لصلته الوثيقة بالقيم الاجتماعية والسلوكية السائدة.



فى الفراغ السياسى المخيم على العالم العربى أصبحت الأندية والفرق الرياضية أهم بكثير من الأحزاب أو الجماعات السياسية القائمة. وقد ساعدت الفضائيات على تضخيم دور وتعزيز أهمية تلك الأندية والفرق. وبسبب شح التفوق فى ميادين التقدم الحقيقية خصوصا ما تعلق منها بالمعرفة والابتكار، فإن الفوز فى مباريات كرة القدم أصبح له رنينه القوى، الذى تردد الشاشات أصداءه بسرعة، وتنجذب إليه الجماهير بقوة لأنه يعطيها إحساسا مؤقتا بالنشوة، لا يغير من شىء فى حياتهم، وإنْ أحدث تغييرا عابرا فى أمزجتهم.



لقد سوق لنا عصر الفرجة أوهاما كثيرا، حتى صرنا نأسى ونغتم لخسارة مباراة أو للخروج من مسابقات الكأس أو الدورى، فى حين لا يحرك فينا شيئا أن تستبعد جامعاتنا من قائمة المؤسسات العلمية المحترمة، أو تلاحقنا الهزائم فى مجالات التقدم الحقيقية. فى عصر الفرجة أصبحت الصورة هى الأهم، أما الأصل فلا تسأل عنه!