صوت من الصحراء...من يسمع؟

صوت من الصحراء...من يسمع؟


11-20-2013, 10:35 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1384940115&rn=0


Post: #1
Title: صوت من الصحراء...من يسمع؟
Author: Hatim Alhwary
Date: 11-20-2013, 10:35 AM



الشاعر السعودي المجيد الراحل/ محمد الثبيتي

تغريبة القوافل والمطر

أدِرْ مهج الصبحِ
صبَّ لنا وطنًا في الكؤوسْ
يدير الرؤوسْ
وزدنا من الشاذلية حتى تفيء السحابه
أدِرْ مهجة الصبح
واسفح على قلل القوم قهوتك المرْةَ المستطابة
أدر مهجة الصبح ممزوجة باللظى
وقلّب مواجعنا فوق جمر الغضا
ثم هات الربابه
هات الربابه :
ألا ديمة زرقاء تكتظ بالدما
فتجلو سواد الماء عن ساحل الظما
ألا قمرًا يحمرُّ في غرة الدجى
ويهمي على الصحراء غيثًا وأنجما
فنكسوه من أحزاننا البيض حُلةً
ونتلو على أبوابه سورة الحِمى
ألا أيها المخبوء بين خيامنا
أدمت مطال الرمل حتى تورّما
أدمت مطال الرمل فاصنع له يدًا
ومدَّ له في حانة الوقت موسما
أدِرْ مهجة الصبحِ
حتى يئن عمود الضحى
وجددْ دم الزعفران إذا ما امّحى
أدر مهجة الصبح حتى ترى مفرق الضوء
بين الصدور وبين اللحى .
أيا كاهن الحي
أسَرَتْ بنا العيسُ وانطفأت لغة المدلجينَ
بوادي الغضا
كم جلدنا متون الربى
واجتمعنا على الماءِ
يا كاهن الحيِّ
هلاّ مخرت لنا الليل في طور سيناء
هلا ضربت لنا موعداً في الجزيره
أيا كاهن الحيِّ
هل في كتابك من نبأِ القوم إذ عطلوا
البيد واتبعوا نجمة الصبحِ
مرّوا خفافاً على الرمل
ينتعلون الوجى
أسفروا عن وجوه من الآل
واكتحلوا بالدجى
نظروا نظرةً
فامتطى علسُ التيه ظعنهمُ
والرياح مواتيةٌ للسفرْ
والمدى غربةٌ ومطرْ .
أيا كاهن الحي
إنا سلكنا الغمام وسالت بنا الأرض
وإنا طرقْنا النوى ووقفنا بسابع أبوابها خاشعينَ
فرتلْ علينا هزيعًا من الليل والوطن المنتظر :
شُدّنا في ساعديك
واحفظ العمر لديك
هَبْ لنا نور الضحى
وأعرنا مقلتيكْ
واطو أحلام الثرى
تحت أقدام السُّليكْ
نارك الملقاة في
صحونا, حنّت إليك
ودمانا مذ جرت
كوثرًا من كاحليك
لم تهن يومًا وما
قبّلت إلا يديك
سلام عليكَ
سلام عليكْ .
أيا مورقًا بالصبايا
ويا مترعًا بلهيب المواويل
أشعلت أغنية العيس فاتسع الحلم
في رئتيكْ .
سلام عليكَ
سلام عليكْ.
مطُرنا بوجهك فليكن الصبح موعدنا للغناء
ولتكن سورة القلب فواحةً بالدماء .
سلام عليكَ
سلام عليكْ
سلام عليك فهذا دم الراحلين كتاب
من الوجد نتلوه
تلك مواطئهم في الرمالْ
وتلك مدافن أسرارهم حينما ذللت
لهم الأرض فاستبقوا أيهم يرِدُ الماءْ
- ما أبعد الماءَ
ما أبعد الماء
- لا .. فالذي عتقته رمال الجزيرة
واستودعته بكارتها يَردُ الماءَ
يا وارد الماء علَّ المطايا
وصبّ لنا وطنًا في عيون الصبايا
فما زال في الغيب منتجع للشقاء
وفي الريح من تعب الراحلين بقايا
إذا ما اصطبحنا بشمس معتقةٍ
وسكرنا برائحة الأرض وهي تفورُ بزيت القناديل
يا أرض كفِّي دمًا مشرَبًا بالثآليل
يا نخلُ أدركْ بنا أول الليل
ها نحن في كبد التيه نقضي النوافلَ
ها نحن نكتب تحت الثرى :
مطرًا وقوافل
يا كاهن الحيِّ
طال النوى
كلما هلَّ نجم ثنينا رقاب المطي
لتقرأ يا كاهن الحي
فرتل علينا هزيعًا من الليل والوطن المنتظر

Post: #2
Title: Re: صوت من الصحراء...من يسمع؟
Author: Hatim Alhwary
Date: 11-20-2013, 10:54 AM
Parent: #1



موقف الرمال موقف الجناس
ضمني،
ثم أوقفني في الرمال
ودعاني:
بميم وحاء وميم ودال
واستوى ساطعاً في يقيني
وقال:
أنت والنخلُ فرعانِ
أنت افترعت بنات النوى
ورفعت النواقيس
هن اعترفن بسر النوى
وعرفن النواميس
فاكهة الفقراءِ
وفاكهة الشعراءِ
تساقيتما بالخليطين:
جمراً بريئاً وسحراً حلالُ
أنت والنخل صنوانِ
هذا الذي تدعيه النياشينُ
ذاك الذي تشتهيه البساتينُ
هذا الذي
دَخَلت إلى أفلاكه العذراء
ذاك الذي
خلدت إلى أكفاله العذراء
هذا الذي في الخريف احتمالُ
وذاك الذي في الربيع اكتمال
أنت والنخل طفلان
واحد يتردد بين الفصول
وثان يردد بين الفصول:
أصادق الشوارع
والرمل والمزارع
أصادق النخيل
أصادق المدينة
والبحر والسفينة
والشاطىء الجميل
أصادق البلابل
والمنزل المقابل
والعزف والهديل
أصادق الحجارة
والساحة المنارة
والموسم الطويل
أنت والنخل طفلان
طفل قضى شاهداً في الرجال
وطفل مضى شاهراً للجمال
أنت والنخل سيان
قد صرتَ دَيدَنَهُنَّ
وهن يداك
وصرتَ سماكاً على سمكهن
وهن سمَاك
وهن شهدن أفول الثريَّا
وأنت رأيت بزوغ الهلال
تسري الدماء من العذوق
إلى العروق
وتنتشي لغة البروق:
أي بحر تجيد؟
أي حبر تريد؟
سيدي لم يعد سيدي
ويدي لم تعد بيدي
قال:
أنت بعيد كماء السماء
قلتُ:
إني قريب كقطر الندى
المدى والمدائنُ
قفر وفقرُ
والجنى والجنائنُ
صبر وصبرُ
وعروسُ السفائنِ
ليلٌ وبحرُ
ومدادُ الخزائنِ
شطرٌ وسطرُ
قالَ:
يا أيها النخلُ
يغتابك الشجر الهزيل
ويذمُّك الوتد الذليل
وتظلُّ تسمو في فضاء الله
ذا ثمرٍ خرافي
وذا صبر جميل
قال:
يا أيها النخلُ
هل ترثي زمانك
أم مكانك
أم فؤاداً بعد ماء الرقيتين عصاك
حين استبد بك الهوى
فشققت بين القريتين عصاك
وكتبت نافرة الحروف ببطن مكة
والأهلة حول وجهك مستهلةُ
والقصائد في يديك مصائدُ
والليل بحر للهواجس والنهارُ
قصيدة لا تنتمي إلا لباريها
وباري الناي
يا طاعنا في النأي
اسلم،
إذا عثرت خطاك
واسلم،
إذا عثرت عيون الكاتبين على خطاك
وما خطاك؟!
إني أحدقُ في المدينة كي أراكَ
فلا أراك
إلا شميماً من أراك

Post: #3
Title: Re: صوت من الصحراء...من يسمع؟
Author: Hatim Alhwary
Date: 11-20-2013, 10:23 PM
Parent: #2




الظمأ

اخْتَرْ هَواكَ على هواكَ عَسَاكَ
أَنْ تلقَى هُنَاكَ إلَى الطريقِ طرِيقا
وامْخُرْ صَبَاحَ التِّيهِ مُنفرِداً فَمَا
أحلَى الصَّبَا خِلاّ ً
ومَا أحلى الصَّباحَ رفيقا


فمَتَى ؟
مَتَى كانت ليالي المُدلِجينَ خَلِيلةً
ومَتى
متى كانَ الظَّلامُ صديقا
***
لِلَّهِ مَا تَهْواهُ
بَلْ لِلَّهِ ما تلقَاهُ فِي البطحاءِ
إذَا غَنَّى بهَا طيرُ الضُّحَى
فَتَأَجَّجَتْ طرباً فَبَلَّلَهَا لُعَابُ الشَّمْسِ
فانْقَلَبَتْ حَريقا
فَفَرَرتَ مِنْ قيظِ الشُّمُوسِ
إلى صبَابَاتِ الكُؤوسِ
فمَا ارْتَوَتْ شفتَاكَ من ظَمأٍ
ومَا أبقَيتَ للأقداحِ ريقا
***
ظَمآن
تَسْتَسْقِي الرِّمَالَ
تصُوغُ مِن آلامِهَا قدَحاً
ومِن آمالِهَا إبرِيقَا
***
أرأيتَ إذْ تَمْتَدُّ أعناقُ الرِّفاقِ
إلى المحاقِ
يلوحُ في أقصى الظّلامِ
يرونهُ برقاً... وأنتَ ترى بَرِيقا
فارْتَبْتَ في الأوطانِ
"لا تحمي العليل مِنَ الرَّدى"
وارْتَبْتَ في الشُّطْآنِ
"لا تَشْفي الغليل مِنَ الصَّدى"
فَذَهبْتَ في بحرِ الجنونِ
عمِيقَا
***
ومضيتَ
لا تلوِي على أحَدٍ
ولا تأوِي إلى بلَدٍ
وترمي نحو آفاقٍ مِنَ الرُّؤيَا
خُطى مَغلُولةً
وهَوى طَلِيقَا
***
مَاذَا هُنَا لِلمُسْتَجِيرِ مِنَ الهَجِيرِ؟
طَعَامهُ ورَقٌ
مَاذَا هُنَا لِلمُسْتَجِيرِ مِنَ الهَجِيرِ؟
منامُهُ أرَقٌ
مَاذَا هُنَا لِلمُسْتَجِيرِ مِنَ الهَجِيرِ؟
مُدَامُهُ مُوسِيقَى

Post: #4
Title: Re: صوت من الصحراء...من يسمع؟
Author: Hatim Alhwary
Date: 11-20-2013, 10:37 PM
Parent: #3

البشير


أَنَا خَاتَمُ المَاثِلِينَ علَى النَّطْعِ
هذَا حُسامُ الخَطِيئَةِ يَعْبرُ خاصِرَتِي
فَأسَلْسِلُ نَبْعاً مِنَ النَّارِ يَجْرِي دَماً
فِي عُروقِ العَذَارَى أنَا آخِرُ الموتِ
أَول طِفلٍ تَسَورَ قامتهُ
فرأَى فَلَكَ التِّيهِ
والزَمَنَ المُتَحَجّرَ فِيهِ
رَأَى بَلداً مِن ضَبابٍ
وصَحْراءَ طاعنةً فِي السَّرَابْ
رأى زَمناً أَحْمَراً
ورأى مُدُناً مَزَّقَ الطَّلْقُ أَحْشَاءَها
وتَقَيَّحَ تَحْتَ أظَافِرِهَا الماءُ
حتَّى أَنَاخَ لها النَّخلُ أَعْناقهُ
فَأَطَالَ بِهَا... واسْتَطَالْ
وأَفْرَغَ مِنهَا صَدِيدَ الرِّمَالْ