مانديلا السودان

مانديلا السودان


11-17-2013, 06:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=450&msg=1384708360&rn=0


Post: #1
Title: مانديلا السودان
Author: ناصر حسين محمد
Date: 11-17-2013, 06:12 PM




تحت هذا العنوان اوردت العربية نت للنرويجية " ليف توريه "
مقال قصير عن مقابلتها لعقار " مانديلا السودان "
وكان حوار به اشراقات من عقار " السمين "


Post: #2
Title: Re: مانديلا السودان
Author: ناصر حسين محمد
Date: 11-17-2013, 06:14 PM
Parent: #1





قابلناه عند الحدود بعد قيادة لساعات عبر طرق وغابات ورمال، وكنا نرتج طوال السير وسط الكثير الكثير من الأتربة. وكانت السيارات تنحرف عن الطرق أكثر مما تسير في حدودها.

شاهدنا عبر الطريق نساء يحملن أثقالاً على رؤوسهن، تعلوها أغصان وأوراق أشجار يستخدمنها لاحقاً في إيقاد النار.

بعد ساعة من القيادة اضطررنا إلى إغلاق هواتفنا الجوالة خشية تعقبنا. وواصلنا الحركة لفترة طويلة.

وأخيراً التقيناه، رجل يبلغ من العمر 60 عاماً تعرفه حكومة الخرطوم جيداً، باعتباره متمرداً أو "إرهابياً"، ويعرفه المجتمع الدولي أيضاً.

عمل مدرساً، ودرس القانون في لندن، وهو أب وجد، ويبدو صلباً مثل صخرة ترتسم عليها ابتسامة نصر.

قاد مالك عقار حركة تمرد في السودان من كوخ صغير في منطقة النيل الأزرق، بالقرب من حدود دولة جنوب السودان.

عندما أخبرته أنني لا أعمل إلا لصالح هيئة الإغاثة النرويجية، ضحك قائلاً: "أنت لا تعرفين، فجأة كل شيء يتغير، وتجدين نفسك في مكان لا تتوقعينه، أعرف كل هذا جيداً، لقد تحولت إلى إرهابي".

حدثنا الرجل عن النيل الأزرق، وهي منطقة على الحدود الجنوبية للسودان، تبدو قاسية وجدباء من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى، مثمرة وكريمة، حيث توجد بها مستودعات هائلة من المعادن، فضلاً عن خصوبتها.

وقال الرجل إنه أمضى أجمل سنوات عمره هناك، حوالي 10 سنوات مرت سالمة وسعيدة. عندما كان يعمل في التدريس، ظن أن المستقبل سيكون واعداً برفقة عائلته وأطفاله، وسط أجواء من المعرفة والقيم الصحيحة والفخر، إلى أن نشبت الحرب في النيل الأزرق، الحرب الأهلية العظمى، أسوأ الحروب العالمية، وأطول الحروب الأهلية بين حكومة الخرطوم من ناحية، وبين جماعات في جنوب السودان تقاتل من أجل الحرية وحقوق الإنسان، وتكافح القمع المفروض من قبل نظام يتحدث باللغة العربية ويعلن الانتماء إلى الإسلام.

كانت الجماعات في جنوب السودان تحارب في مواجهة عمليات مصادرة الأرض، والاستيلاء على الثروات الطبيعية ونهبها دون منح السكان مليماً واحداً، ورغم أنه من المفترض أن تكون السودان ملك للجميع، إلا أن الحرب استمرت أعواماً.

حمل مالك عقار السلاح عام 1984 دفاعاً عن شعبه، ومن أجل المساواة في السودان، من أجل سودان ديمقراطي يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والقيم، بصرف النظر عن الديانة واللغة أو الجماعة التي ينتمون إليها. وكان هذا ما يحارب من أجله. وفي النهاية، بعد قتال استمر 20 عاماً، جاءت اللحظة التي تمكن فيها من أن يضع سلاحه جانباً.

وعام 2005 أمكن الوصول إلى اتفاق سلام في السودان بمساعدة أميركا والنرويج وبريطانيا، فضلاً عن قوى إقليمية، وعاد الأمل ليطل مرة أخرى.

وصوتت جنوب السودان لصالح الانفصال عام 2011، فيما استمر جنوب كردفان والنيل الأزرق في ظل حكومة الخرطوم.

وحسب اتفاقية السلام، فإن المواطنين يجب أن يستشاروا ويُمنحوا تأثيراً أكبر. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها سكان مناطق سودانية لخيبة أمل من جراء سياسات حكومة الخرطوم، رغم أن النرويج وأميركا وبريطانيا كانوا ضامنين لاتفاق السلام.

بدأت الاستشارات الشعبية في النيل الأزرق ولكنها لم تكتمل، وأعرب المواطنون عن رغبتهم في الحكم الذاتي، ولكن حكومة الخرطوم طالبت المتمردين السابقين بتسليم أسلحتهم، وتدخلت قوى لتطلب من حكومة الخرطوم احترام تعهداتها إزاء اتفاق السلام، ولكن لم يُكتب للمحاولات النجاح، وما لبثت الحرب أن اندلعت مجدداً.

انتُخب مالك عقار محافظاً عام 2011، وبعد اندلاع الحرب، انفصل وانضم إلى أصدقائه في جبال النوبة المجاورة، وواصل في الوقت ذاته النهج الدبلوماسي، واستطاع أن يفاوض من أجل اتفاق سلام جديد يتضمن بنوداً لتعديل الدستور، ولكن الرئيس السوداني عمر البشير لم يحترم الاتفاقية أيضاً. وانتهى الأمر بعزل مالك من منصب المحافظ، ونشبت الحرب مجدداً. وقال سياسي مخضرم في الخرطوم لاحقاً: "دفعنا مالك نحو الحرب".

كان آخر ما يريده مالك عقار هو حرب جديدة، كان يريد، أكثر من أي شيء آخر، أن يرعى أطفاله وعائلته، ويوفر وقتاً للمدرسة وللقيام بأعباء منصب المحافظ. ولكن الآن المدرس السابق، والجد، وطالب القانون، عاد من جديد ليصبح "إرهابياً"، ليس مثل أي إرهابي عادي.

ويقود مالك حالياً حركة تحرير السودان في الشمال - وهي ضمن الجبهة الثورية السودانية، وكذلك الحزب المحظور حزب الحركة الشعبية - قطاع الشمال.

وهو قائد بسيرة ذاتية عسكرية جعلت الكثير من الضباط الصغار يشعرون بالغيرة. فقد شارك في الكثير من المعارك خلال الحرب الأهلية، وحقق انتصارات في بلدات كبيرة.

والآن مالك، قائد يعمل "تحت الأرض"، ويتلقى تأييداً كاسحاً، ليس بسبب انتصاراته العسكرية، ولكن لتمسكه بالمبادئ والقيم، واستعداده للتضحية بنفسه، وإصراره على مبدأ التصالح، في موقف اضطر فيه 20 ألف شخص للهرب من البلاد، ونزح عدد أكبر في الداخل.

ويقول مالك عقار الذي يقود الحرب من أجل شعبه: "أنت لا تستطيع أن تبني وطناً على أساس إثني. نحن سودانيون قبل أن نكون عربا أو مسلمين".

وقال مالك إن "السلطات أعلنته مسلماً وهو طفل عمره 8 سنوات، وأعطته اسماً عربياً، وهو ما لن ينساه".

ويضحك مالك الآن للمفارقة، عندما يعرف أن معنى اسمه الأصلي "ناجانا يوفا" بالعربية هو "متاعب".

مالك ينظر حوله، ويبتسم، ويتذكر أنباء قدمت من الخرطوم عن قيام الحكومة بقصف وتدمير المقر الرئيسي للجبهة الثورية السودانية، ويتساءل: "أي نوع من المقرات هذه، مادامت الحرب مستمرة، يمكننا أن نؤسس مقراً في أي موقع، كل ما تحتاجه هو كوخ، ومعدات بسيطة، وبعض الرجال المخلصين الذين ستجدهم دائماً إذا واصلت الخرطوم هجماتها وارتكبت جرائم حرب".

وأضاف: "الخرطوم تستطيع أن تقصفنا بكافة الوسائل، وهذا بسبب الحرب، ولكن لماذا يقصفون العائلات والأطفال والنساء إلى أن نتضور جوعاً. هم ينفذون معظم غارات القصف على القرى والحقول والأسواق التي لا توجد بها أي مظاهر عسكرية. ورغم هذا، فإن الكثير من الكبار والضعفاء والأطفال لا يفرون من القصف بالهرب إلى معسكرات اللاجئين على الجانب الآخر من الحدود. هم يفضلون الموت جوعاً وعطشاً وتعباً على الطرق. حكومة الخرطوم أيضاً رفضت منح منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية وسيلة للوصول".

ويقول مالك عقار إنه لا يملك خياراً إلا القتال، وأنهم إذا ألقوا أسلحتهم جانباً الآن، دون حماية أو اتفاقية، فإن الخرطوم ستواصل الهجوم.

وذكر أن التفاوض من أجل إبرام اتفاق سلام جديد هو الهدف المفضل، اتفاق يوفر حكماً ذاتياً أكبر للنيل الأزرق، وسيطرة أكبر على الموارد وخطط التنمية.

ويفضل مالك عقار أن يجد حلاً بالاتفاق مع حكومة الخرطوم، بمشاركة الجماعة الدولية، وما يسمى بضامني اتفاق السلام، للمساعدة على تنظيم مباحثات، وهي خطوة ستكون جيدة لأنها ستفضي إلى اتفاق، يزيل القلق.

غادرنا بعد عدة ساعات، ونحن نفكر بمقولة مالك: "الأشياء تتغير، وأنت لا تعلم كيف". تخيلوا ماذا سيحدث لمالك عقار وشعبه في النيل الأزرق. فكروا في رجل مثل الصخر كان يفضل أن يكون مدرساً، ولكنه أصبح "مانديلا السودان"، و"جون جارانج جنوب السودان".

نأمل أن يقوم ضامنو السلام في السودان بجهد أفضل من أجل دفع حكومة الخرطوم للجلوس على مائدة المفاوضات لأن "رجلاً إرهابياً هو مقاتل آخر من أجل حرية الإنسان".







المصدر أعفص هناااااااااااااااااااااااااااااااا