مهارتي تغيير الاتجاه والتوقف ,هما الأصعب

تعلمت (ن) المشي بسهولة بل والإندفاع والجري منطلقة بسرعات فائقة بكل يسر, لكن صعُب عليها مسألة تغيير اتجاهها و التوقف عن الجري (ما عندها دركسون ولا فرامل)
وحباها الله بصوت ذي نبرة عالية عند البكاء , وكانت لعدم معرفتها بعملية تغيير الإتجاه أو التوقف دائمة السقوط لتعثرها بالاثاث والابواب والعتبات والاشياء الملقية على الأرض وتتبعها بنوبة عالية من البكاء
وتجري والدتها إليها حاملة فردة الشبشب بيدها وتجول ببصرها لتدرك ما الذي تعثرت فيه (ن) وأسقطها وحينما تعرفه تقول "الرماك شنو؟ دي الحيطة دي؟ " فتومئ (ن) برأسها وصوت عويلها يزداد حدة
فتوجع أمها ظهر الحيطة ضرباً بشبشبها حتى تظهر آثاره على سطحها وهي تردد "تاني يا الحيطة؟ تاني ترمي (ن)؟ , تاني يا الحيطة؟ " فتهدأ ثائرة (ن) وتبدأ في مسح أوجاعها استعداداً لمحاولة الجري التالية
وكثيراً ما تهرع إليها أمها وجلة جراء بكائها فتجدها تشير بأصبعها نحو الشئ الذي تسبب في سقوطها , فتذهب الأم نحوه مباشرة لتلهبه بشبشبها وهي تردد "عملت ليك شنو (ن) يا كراع العنقريب يا كعب؟" وهكذا يستمر يومها
الطريف أنه في احدى المرات أيقظ بكاء(ن) بالصوت الحيّاني أمها فزعة من غفوتها لتجدها ملقية على الأرض بجوارها وهي تشير إلى فردة الشبشب التي تعثرت بها , فما كان من أمها إلا أن أمسكت بالفردة الثانية وأنهالت بها ضرباً على الأخرى "إنتي يا فردة الشبشب ..الخ"
لكن أغرب مواقفها تلك المرة التي لم تُشر فيها إلى المتسبب في سقوطها ولم ترد على أسئلة أمها المتكررة "الوقّعك شنو؟", وحينما إزدادت حيرتها لوّحت بشبشبها في الهواء وهي تردد "إنت يا الهوا ..تاني يا الهوا..تاني ترمي (ن)" فهدأت (ن)
لا بأس في النهاية فقد أتقنت مهارة تغيير إتجاهها أثناء الجري .....وتعلمت كذلك أن تتوقف

الحريف من يعرف متى يتوقف

للاعبي القمار المحترفين حكمة يؤمنون بها وهي أن الحريف ليس الذي يقلل من خسارته أو حتى ذاك الذي يربح كثيراً
بل الحريف هو الذي يجيد مهارة التوقف عن اللعب في لحظة معينة.
لأن مأساة القمار تكمن في حالة الإدمان التي تنتاب لاعبه , فهو حين يخسر لن ينهض لأنه تواق eager أن يعوض هذه الخسارة وتجده يردد فقط أرجع رأس المال وبعدها أتوقف ,وحالما يربح تجده متحمس بشدة للإستمرار في اللعب ليستمر في الربح وهو يردد إذا هبت رياحك فاغتنمها ومستحيل أن ينهض
أحياناً بعد أن يتحطم لاعب القمار تماماً ويمسى نسياً منسياً ولا أمل مرجو منه قد تنمو لديه رغبة متأخرة جداً في التوقف ..أحياناً.

Ctrl+Z Undo
تراجع

رائعة الكمبيوتر التي تفوق فيها على صانعه الإنسان , هذه الأيقونة السحرية التي نبعت من حلم الإنسان بالتراجع دونما أن يتأثر أي شئ.
لكن للأسف الإنسان كالآلة الكاتبة إذا حدث أي خطأ فإما أن يستغنى عن الورقة بالكامل ويفتح صفحة بيضاء جديدة
أو يستخدم الكوريكتر لكن سيظهر بروز واضح في الورقة والكتابة الجديدة أو يستخدم الموس عبر أخطائه ولا تخلو لأكثر الناس مهارة من ندوب شائهة.
لكن الإنسان مازال يتفوق بأنه يستطيع اختيار تغيير الإتجاه أو التوقف.

أسامة العوض

Quote: الحريف من يعرف متى يتوقف

واصل ... رجاءً

محجوب البيلي
تحية صافية
سعدت بمتابعتك ومشاركتك .. ونواصل

newbie
تحية نقية

Quote: أسامة العوض

لك التقدير وشاكر لك الثناء

"إن غلبك سدّها وسّع قدّها"

أحد أهم المقولات السودانية العجيبة التي تحد من اكتساب مهارة تغيير الإتجاه والتوقف هي "الـ اتبلبل يعوم" كأنما لم يُسمع بعد بالبشاكير , مع أنها ليست ضرورية عندنا, فقط التوقف هنيهة تحت أشعة شمسنا الساطعة كفيلة بتجفيف كل البلل , فالشمس في السودان "زي الساكنّك بالاستشوار".
المقولة "البللية" تعني أنه حتى لو أيقن الإنسان أنه قد ضل الطريق مع ذلك لا يتوقف ويتأمل تغيير الإتجاه , بل عليه أن يستمر في نفس طريقه
لو مسافر من الخرطوم إلى مدني وانقضت خمس ساعات ولم تصل لربما سوء الطريق والمركبة تسببا في هذا التأخير, لكن احتمالية أنك في الطريق السليم ما زالت واردة , إذا استمر الحال عشر ساعات فلابد أن تفكر في تغيير الاتجاه وعلى الأقل التوقف , ما بالك إذا مرت 24 ساعة كاملة , فالوصف المناسب لهذا الموقف هي "نحن طشّينا" , , طالما طشينا فالحل بالتأكيد سيبدأ بالتوقف ثم تغيير الإتجاه
غير ذلك فسنكمل فترتنا النوحية (نسبة إلى نوح عليه السلام) قد يتبعها طوفان أو لا يتبعها , لكن في كل الأحوال بالطبع ليس هناك من سفينة.

عبدالله الـ خلقو الله

قرر عبدالله أن يجاهد في سبيل الله وأن يذهب إلى الجنوب سيراً على الأقدام وهو يغني جلالة من تأليفه "أنا عبدالله ماشي أجاهد في سبيل الله"
وأثناء سيره بالمشية العسكرية بدأت تتساقط الأمطار بشدة ,استمر هطولها طوال الليل وعبدالله يمشي خائضاً لأن منسوب المياه قد ارتفع , عندها ظهرت له عربة بوكس على ظهرها بعض القرويين وهم ينادونه , "يا زول تعال أركب أمرق من الطين اللُكة ده" لكن عبدالله صم أذانه وهو يردد قاطباً جبينه "أنا عبدالله ماشي أجاهد في سبيل الله"
ارتفعت المياه حتى تجاوزت ركبتيه وهو يخوض بصعوبة , وعند بزوغ الفجر لمح من على البعد لوري هينو محملاً بالبضائع , وناداه الكمساري "يا أبو الشباب قدامك في خور وسيل , تعال أركب معانا" فنهره عبدالله "أنا عبدالله ماشي أجاهد في سبيل الله"
بالفعل دخل في السيل وهو يقاوم المياه خاصة أنه (جُلّة) لا يعرف السباحة التفت ليرى بجوار يده حبلاً ورفع بصره ليشاهد لوري نيسان على ظهره مساعد يصيح "يا أخينا أمسك الحبل ده , نحن بنجرّك نطلعك" فقال لهم عبدالله وهو يخوض في داخل الخور "أنا عبدالله ماشي أجاهد في سبيل الله"
غاص عبدالله بعيداً داخل الخور وبدأت قواه تخور حتى كاد أن يفقد الوعي فأحس كأنما يد تنتشله فتفحص صاحبها وقال له" إنت منو؟" فقال له أنا من الملائكة , فقال عبدالله فرحاً "الملائكة جاية تجاهد معاي؟" فرد عليه "أنا عزرائيل جاي أشيل روحك"
فقال عبدالله مستغرباً "ليه ياربنا ؟ أنا ماشي أجاهد في سبيلك!"
فقال له عزرائيل "تجاهد شنو؟ ربنا رسّل ليك ثلاثة أفواج من الملائكة , فوج بالبكاسي وبالهينو وبالنيسان , وإنت ما عاوز تفهم, يعمل ليك شنو أكثر من كده"

الموقف الزيادي

قصة طارق بن زياد الشهيرة عندما حرق سفن العودة وقال العدو أمامكم والبحر خلفكم وكانت سبباً في الإنتصار هي حالة خاصة فملايين الحالات المماثلة باءت بفشل كارثي و دونكم كارثتي كرري لصاحبها عبدالله التعايشي وكارثة جنوب السودان لصاحبها البشير وما بينهما وبعدهما من كوارث.
لا يوجد قائد عسكري "حقيقي" مسئول عن جنود لا يعرف متى يتوقف أو متى يتراجع .... وأحياناً حفاظاً على جنده ... متى يستسلم ..
بل القادة الأفذاذ يخططون لطريقة التراجع قبل التخطيط للهجوم.
إنقرض "تقريباً" الاباتشي سكان امريكا الاصليين لأنهم لا يعرفون التوقف ولا التراجع وأصبحت اليابان دولة عظمى رغم رسالة الاستسلام التي أرسلها إمبراطورهم.
بالطبع لا أدعو لإنهزام او استسلام ...فقط التوقف وتغيير الإتجاه

شكراً يا أسامة استمتعنا بالقراءة،
وبدينا نتأمل في الفكرة،
فكرة الهُويّ إلى الهاوية بدون توقف،
إلا عند الارتطام بحاجز صخري،
في ظل غيبوبة العقل،
الذي يعمل عندنا دائماً في وظيفة المستشار لشهوات النفس وأهوائها،
كما عمل الترابي مستشاراً (للمشير) نميري،
وكما عمل منصور خالد مستشاراً لإحدى الحركات المسلحة!
متى سيحتل العقل مكانه الذي يستحقه قائداً للمسيرة؟

صلاح عباس فقير
تحايا الصباح النضر
واعتذر عن التأخير لظرف قاهر

Quote: شكراً يا أسامة استمتعنا بالقراءة، وبدينا نتأمل في الفكرة، فكرة الهُويّ إلى الهاوية بدون توقف، إلا عند الارتطام بحاجز صخري، في ظل غيبوبة العقل، الذي يعمل عندنا دائماً في وظيفة المستشار لشهوات النفس وأهوائها، كما عمل الترابي مستشاراً (للمشير) نميري، وكما عمل منصور خالد مستشاراً لإحدى الحركات المسلحة! متى سيحتل العقل مكانه الذي يستحقه قائداً للمسيرة؟

مشكلة السودان أنه كما قال الأزهري زي الصحن الصيني
وهو استلمه كذلك وسلمه كذلك
وعايز تعامل خاص واسلوب سلس وحذر
أي ارتطام بحاجز صخري بيعمل فيه العمايل
والعسكر والكيزان أصبحوا كالثيران الهائجة في مصنع الخزف هذا
وأنادي معك بتحكيم العقل والرشد ...أن كان له وجود

تلقانا يانا نحن

الجمود والاستقرار مفهومان متناقضان تماماً رغم تشابههما, وكثيراً ما كان يوحي الحكام البائدون في الربيع العربي أن استمرارهم إنما هو ركيزة للإستقرار وبزوالهم ستحدث الفوضى وتتقطع اواصر الوطن , والحقيقة أن أي حالة استقرار ترتكز على وجود شخص بعينه هي عدم الإستقرار بعينه , لأنه يعتبر هرم مقلوب
فالعلماء يقسمون الاستقرار إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول استقرار طبيعي ويشبهونه بالمخروط المرتكز على قاعدته بحيث يتأثر بالتغيرات الكبيرة وكلما زادت قاعدته كلما زاد استقراره
والنوع الثاني استقرار حرج ويشبه المخروط الملقي على جانبه حيث تجده يتحرك ويتدحرج عند أقل تأثير لكنه يحافظ على شكله
والنوع الثالث هو اللا استقرار وهو يشبه المخروط المرتكز على رأسه فهو لا محالة ساقط ومرتطم ربما بدون تأثير وقد يتهشم فيتغير شكله , الحالة الوحيدة التي تضمن استقراره هي أن يدور حول نفسه بلا توقف مثيراً الزوابع مثل الإعصار لأنه إذا توقف ينتهي ويموت , يشبه لعبة (السورو أو القرقور) التي كنا نلعبها صغاراً
الجمود هو التصلب وعدم التغيير وهو ينافي قوانين الكون , "لا يوجد شئ في الدنيا ثابت لا يتغير حتى هذه المقولة" , رغم أن الجمود يجافي الواقع لكن يمكن أن يتقبله الشعر فأغنية مثل أغنية هاشم ميرغني غيب وتعال تلقانا يا نا نحن يا نا نحن يا نا نحن (ثلاثة يا نا نحن) مقبولة جداً لأن الأبيات التالية فسرت عدم التغيير بأنها نفس المشاعر والأحاسيس
لكن أغنية الست التي تقول فيها: لو عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان إرجع يازمان , أكثر واقعية من أغنيتنا الرومانسية.
كانت جدتي تقول أن الما بتغير هو الشيطان , فهو منذ الخليقة ياهو ذاتو ياهو ذاتو ياهو ذاتو (ثلاثة يا هو ذاتو)
أتذكر مقولتها كلما استمعت إلى عمر البشير في خطاباته المرتجلة -حيث لا احضر له أي خطاب وهو يقرأ من ورقة أو بروجكتر لأنه من المؤكد ليس من كلماته- فهو غالباً ما يختم بالكوبليه الذي يعشقه
"البيجينا بيلقانا نحن ذاتنا ..لا اتغيرنا ولا اتبدلنا "

نواصل...

الصديق اسامة العوض .......
سعدت جداً بهذه القراءة الممتعة .......اذكر عندما كنا نناقش خطاب البشير الذي قول فيه يلقانا نحنا ذاتنا لا اتغيرنا لا اتبدلنا ........ويردد فيها كان مثل هذا الموقف يعد محمدة!!!!!!!!!! لماذا لا يتغير ؟ وهل التغير يستشيره ؟ التغير الانسان يتغير حول نظرته لذاته للعالم المحيط العقل يتالق ثم يشيخ .......طيب هو كان زمان يقتل الناس لمجرد ان الواحد يحمل دولاراً بينما صار بعد ذلك يمتدحه لانه يحمل دولاراً ......اليس هذا تغير ؟ كان يقتل الانقلابين في رمضان ؟؟؟؟؟بينما يطلق سراح ودابراهيم ؟؟؟؟؟؟طيب كيف ما بتتغير ؟ أو تذكر نفس صاحبنا الذي قال ابان مؤتمر الاعلامين بالخارج ، بانه تاني مافي بيوت اشباح؟ معترفاً بانها كانت هههههههههه
تاني مافي دغمسة طيب اتغيرتو كيف من دغمسة الي مافي دغمسة ههههههههههه
هو يتغير ولكنه يتجمل

ibrahim alnimma
تحايا جزيرة الورد

Quote: سعدت جداً بهذه القراءة الممتعة .......اذكر عندما كنا نناقش خطاب البشير الذي قول فيه يلقانا نحنا ذاتنا لا اتغيرنا لا اتبدلنا ........ويردد فيها كان مثل هذا الموقف يعد محمدة!!!!!!!!!! لماذا لا يتغير ؟ وهل التغير يستشيره ؟ التغير الانسان يتغير حول نظرته لذاته للعالم المحيط العقل يتالق ثم يشيخ .......طيب هو كان زمان يقتل الناس لمجرد ان الواحد يحمل دولاراً بينما صار بعد ذلك يمتدحه لانه يحمل دولاراً ......اليس هذا تغير ؟ كان يقتل الانقلابين في رمضان ؟؟؟؟؟بينما يطلق سراح ودابراهيم ؟؟؟؟؟؟طيب كيف ما بتتغير ؟ أو تذكر نفس صاحبنا الذي قال ابان مؤتمر الاعلامين بالخارج ، بانه تاني مافي بيوت اشباح؟ معترفاً بانها كانت هههههههههه تاني مافي دغمسة طيب اتغيرتو كيف من دغمسة الي مافي دغمسة ههههههههههه

الزمان يتغير حولهم هو وطاقمه أمسو (بروة) ومازالوا متشبثين بأنهم لم يتغيروا
مع ثورة المعلومات لم يعد بالإمكان أن يقول البشير ما عاوز أسير أو جريح دون أن تخلد كلماته إلى الأبد في سِجّين, أو يقول هارون أمسح قشو وما تجيبو حي حتى لا تزيد اعباءنا الإدارية دون أن يستيقظ يوماً ويجد كلماته تملأ أثير الدنيا من أقصاها لأقصاها , أو يمارسون أمراض التمثيل بالجثث دون أن يصطبحوا بسوءاتهم معروضة على الملأ
أنا أخو اليوتيوب وتويتر وفيسبوك وسودانيز ,

Quote: هو يتغير ولكنه يتجمل

البشير قاعد (على الحُركرك) , ياعزيزي أين تبخرت أحلامهم بأمريكا روسيا قد دنا عذابها , إلى ابكرشولا كاودا قد دنا عذابها
وعليّ أن لاقيتها ضرابها , إلى على أن لاقيتها عملت حِميل
تقلصت مساحة حركته وتحول من كرة قدم يتنقل بين 22 بلداً إلى كرة سلة يتقاذفها 10 إلى كرة طاولة بين بلدين و(تكّس يرجع) وغداً سيتغير أكثر ليلاعب نفسه أم الحفر , ولا دائم إلا وجه الله.

من الفيسبوك:

Quote: Haytham Suleiman أحسنت, أبدعت, أجدت. بوركت... Osama Al Awad مشكور أخ هيثم على المتابعة والإهتمام , وقد أثلجت صدري كلماتك الحسان