بسم الله الرحمن الرحيم نانسي عجاج .. رفقة .. الإتجاه الصحيح .!
الأسبوع قبل الفائت ، إكتسح السوق والآذان ألبوم (رفقة) للمطربة الصاعدة نانسي عجاج ، وهو الالبوم الثاني لها بعد ألبومها الاول (سحر النغم) الذي أثار ضجة وضجيجاً على صفحات الصحف ومنابر الحوار الإلكترونية من قبل جميع المهتمين بتطور مسيرة الغناء السوداني ، وهذا ما يحمد لتكنلوجيا العصر والتي أتاحت للجميع حق الحوار والتواصل والمتابعة أينما كانت المهاجر التي لجأوا إليها .. وما أريد التاكيد عليه أننا ما زلنا متمسكين برأينا الفائت والذي جاهرنا به عقب صدور الألبوم الاول للفنانة نانسي والذي لم يراع إمكانات نانسي الصوتية العالية ، ذلك الراي الذي أيدنا فيه جميع الموسيقيين الذين تجادلنا معهم حول الألبوم فيما يختص النواح الفنية للتسجيل ، ونوعية الأعمال التي إحتواها وما إلى ذلك .. ونحن إذ نرحب بألبوم نانسي الثاني (رفقة) كمستمعين ودارسين ، نرى ان معظم الهنات السابقة في ألبومها الاول قد تم تفاديها وتلافيها من قبل القائمين على أمر الكاسيت ومن قبل المطربة نانسي شخصياً والتي لا أشك أنها إستفادت من ملاحظاتنا ودرستها بعناية وذلك مما يحمد لها إهتمامها وتقبلها بالنقد .. وخلال الإسبوع الفائت كنت بدار المبدع الفنان طارق الامين بدعوة منه للمشاركة بجلسة إستماع أقامها على شرف صدور الالبوم جمعتني بعدد من الاساتذة والمهتمين على رأسهم أستاذ الاجيال وملك الجاز شرحبيل احمد ، وكان معنا عبر الإنترنيت بالحضور الصوتي والمتابعة والإشتراك لكل ما قيل في الجلسة ، المطربة نانسي من هولندا والأستاذ الملحن البارع ضياء الدين ميرغني وأيضاً الفنان ياسر مبيوع .. إحتوى الالبوم على عدة اعمال متنوعة في ألحانها وإنتماء أجيالها وشعراءها وملحنوها مما أكسب الالبوم نكهة خاصة وطابع فريد رغم أن تنفيذ العمل قام به الأستاذ عمر القصاص منفرداً ، ولا زلنا بحاجة للتوصل لرأي قاطع حول مزايا التوزيع المنفرد بإستخدام برامج الكمبيوتر الحديثة ، حيث تجد القبول من البعض وتحظى بالرفض من البعض الآخر . في الوجه الاول نجد أغنية (رفقة) من كلمات الشاعر يحي فضل الله والحان الموسيقار ضياء الدين ميرغني ، وأكرر هنا بضرورة الإلتفات لاعمال ضياء الدين ميرغني اللحنية ، وقد شهد له عدد من الفنانين الذين زاروا هولندا ووقفوا على حجم إنتاجه اللحني عن قرب . ونجد أيضاً أغنيتي (يا زمن) و (ما ذنبي) ، الاولى من كلمات إبراهيم الرشيد وألحان الموسيقار ود الحاوى والثانية كلمات القامة محجوب شؤيف وألحان شمت محمد نور . أما الوجه الثاني فقد جاء متنوعا في اغنياته وألحانه حيث إحتوى على (جسمي المنحول) من كلمات محمد بشير عتيق وإداء كرومة وأيضاً ، أغنية (الطيف) كلمات وألحان محمد سعيد دفع الله ، وأيضاً (بلداً هيلي أنا) كلمات وألحان الاستاذ طارق الامين ثم (شقي ومجنون) من كلمات فتحي الضو وألحان الاستاذ المرحوم صديق الكحلاوي .. أشاد جميع من حضروا الجلسة على الالبوم والتنوع الذي إحتواه من شعراء وملحنين ، وكانت أبرز سمة إتفق عليها الجميع هي أن الالبوم بجميع اغنياته عبارة عن مادة حزينة او تعبير عما يجيش بصدر نانسي من ألام لما عانته مؤخراً ، صدر في شكل زفرات ودفقات حُرى تجسدت في شكل الاغنيات المنتقاة بعناية فائقة ، وإن لم تنقص تلك الدفقات الحُزنية العالية من القيمة الفنية الرفيعة التي إحتوتها الاعمال الفنية ، بل زادتها إبداعاً مخلصاً صادر من عقلية إبداعية تعرف كيف تتعامل مع الحزن وتوظفه لمصلحة الرسالة الفنية التي إتخذتها مشروعاً لها وطريقاً لابد من تخير دروبه للوصول لنهايته .. أما إذا كان هنالك ما يمكن ان نسميه (ضربة معلم) فهو صدور هذا الالبوم متزامناً مع أحداث أمدرمان حيث إقتتل ابناء الوطن الواحد وسالت دماؤهم أنهاراً دون وجود معنى حقيقي لكلمتي ( الرابح والمهزوم) ، فمن بين الآلام والاحزان كان لا بد ان تخرج للوجود أغنية (بلداً هيلي أنا) التي صاغها لحناً وشعراً الاستاذ طارق الامين ، حيث كانت الاغنية وكأنها صرخة وتنبيه لمواطني البلد الواحد لإيقاف الحروب والإقتتال في عشية يوم مشؤوم تناثر فيه القتلى ولم يكن وقتها خاسر ومهزوم إلا الوطن !! . من خلال الالبوم ، أثبتت نانسي أنها متفوقة على نفسها وأن بإمكانها توظيف كل العقبات والحواجز لمصلحتها ، ولم تخزلنا وتخزل جميع من راهنوا على إمكانياتها الصوتية ، فقد كان جل ما تحتاج إليه هو التشجيع والدعم الشعري واللحني ، وقد طلبت من الاستاذ طارق الامين والذي قام بالإنتاج الفني للكاسيت بضرورة الإلتفات للملحن البارع ضياء الدين ميرغني وإتخاذه حجر زاوية في مسيرة نانسي الفنية بعد ما لمسناه من براعة ومقدرة في التواؤم مع نانسي من خلال إتحاد اللحن والصوت ، وأيضاً أبدى الاستاذ شرحبيل أحمد إعجاباً بصوت نانسي ، ووعد الحضور بمدها بالالحان من خلال تعاون فني قريب .. ختاماً كل المطلوب حالياً من النقاد والجمهور هو الصبر على نانسي حتى لا يأتي اليوم الذي يضطرون فيه لإبتلاع كعكة سايمون صاحب النقد المتسرع ، لحين ولادة ملامح تجربتها الغنائية بصورة واضحة ، من خلال ما سترسي عليه مستقبلا من أسماء ملحنين وشعراء لهم لونيتهم الخاصة والمميزة ، والتي ستساعد نانسي على تثبيت نفسها في الساحة وتقديم ما يساعد على نهضة وتقدم الاصوات النسائية فيها ، ولا شك لدينا في إمكانية نانسي على القيام بهذا الدور إذا ما وجدت الرعاية المناسبة والنصح الملائم .