في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر

في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر


08-31-2007, 09:21 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=426&msg=1295886638&rn=69


Post: #1
Title: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 08-31-2007, 09:21 AM
Parent: #0

في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
(23 أغسطس 2007)
قصيدة جديدة للشاعر محمد تاج السر

نجمٌ بدا
قد لاح في غسق الدُجى
واستعصمت قبساته ألقاً بعيداً مُبْهِجا
وتوهّجا
نجمٌ بدا
شرب القصيدة واهتدى
حتى أتى وادي الحقيقة وارتدى
حُلل البريق فصار فرداً مفرَدا
متحديا شوك الطريق ورائدا
متصوفا عرف الطريق وزاهدا
نجمٌ بدا
قد غاص في (الطبقات)1 واستبق المدى
وتأمل (النفحات)2 نجماً واعدا
حتى أتى وادي اليقين
واستعصمت قبساته ألقاً بعيداً صاعدا
بالبُعد عنّا
وتوغلت نفحاته
في القرب منّا
وملوّحاً حمل البشارة صادحاً مغنى فمغنى
شرب القصيدة خمرةً دنّاً فدنّا
والسُكر و(النفحاتُ)2 و(الطبقاتُ)1 قد أمطرن لحنا
يحكي (الربابة)3 والطريقْ
والصّحوَ في برق الحريقْ
والسُّكرَ في حُلل البريقْ
إنّ (الربابة) صحوةُ السُّكرِ العميقْ
***
(هذا عريسُ المجد جاءك يا ردى
فافتح ذراعك واحتضنهُ مزغردا)4
واستلهِمِ النفحات في نجمٍ بدا
يحكي الندى يحكي الندى يحكي الندى
وتوهجت قبساته ألقاً أضاء المشهدا
فافتح ذراعك واحتضنه مزغردا

________________________________________________
1 طبقات ود ضيف الله
2 إشارة للفتوحات المكية للإمام محي الدين بن عربي.
3 إشارة لإسماعيل صاحب الربابة في الطبقات.
4 هذا البيت لمحمد عبد الحي في رثاء الشهيد أحمد القرشي طه في ثورة أكتوبر 1964.

Post: #2
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 08-31-2007, 09:35 AM
Parent: #1

مع التحايا الحارة والمودة للأستاذة الجليلة
العزيزة السيدة عائشة موسى
والأعزاء وضّاح، شيراز، وريل محمد عبدالحي
وكل قرّاء الشاعر الراحل.

سعاد

Post: #3
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 08-31-2007, 10:21 AM
Parent: #2

النشيد الأول من قصيدة "العودة إلى سنّار" للشاعر محمد عبدالحي
البحــــر
بالأمس مرَّ أوّل الطّيور فوقنا ، ودار دورتين قبل أن
يغيبَ ، كانت كلُّ مرآة على المياه فردوساً
من الفسفورِ – يا حدائق الفسفور والمرايا
أيّتها الشمس التى توهّجتْ واهترَأت
فى جسد الغياب ، ذوبى مرّة أخيرةً ،
وانطفئى ، أمسِ رأينا أوّل الهدايا
ضفائر الأشنةِ والليفِ على الأجاجِ
من بقايا
الشجر الميت والحياة فى ابتدائها الصامتِ
بين علق البحارْ
فى العالمِ الأجوفِ
حيثَ حشراتُ البحرِ فى
مَرَحِها الأعْمَى
تدب فى كهوفِ الليفِ والطحلبِ
لا تعى
انزلاقَ
الليلِ
والنهارْ
وحمل الهواءْ
رائحةَ الأرضِ ،
ولوناً غير لون هذه الهاوية الخضراءْ
وحشرجات اللغة المالحة الأصداءْ.
وفى الظَّلامْ
فى فجوةِ الصَّمت التى تغور فى
مركز فجوةِ الكلامْ ،
كانت مصابيح القرى
على التِّلال السودِ والأشجارْ
تطفو وتدنو مرَّةَّ
ومرَّةَّ تنأى تغوصُ
فى الضَّباب والبُخَارْ
تسقطُ مثل الثّمر النّاضجِ
فى الصَّمتِ الكثيفِ
بين حدِّ الحلم الموحشِ
وابتداء الانتظارْ
وارتفعتْ من عتمةِ الأرضِ
مرايا النّارْ
وهاهىَ الآن جذوع الشّجر الحىِّ
ولحمُ الأرضِ
والأزهار

الليلة يستقبلنى أهلى
خيلُ تحجل فى دائرة النّارِ ،
وترقص فى الأجراس وفى الدِّيباجْ
امرأة تفتح باب النَّهر وتدعو
من عتمات الجبل الصامت والأحراجْ
حرّاس اللغة – المملكة الزرقاءْ
ذلك يخطر فى جلد الفهدِ ،
وهذا يسطع فى قمصان الماءْ

الليلة يستقبلنى أهلى
أرواح جدودى تخرج من
فضَّة أحلام النّهر ، ومن
ليل الأسماءْ
تتقمص أجساد الأطفالْ
تنفخ فى رئةِ المدّاحِ
وتضرب بالساعد
عبر ذراع الطبّالْ
الليلة يستقبلنى أهلى
أهدونى مسبحةَّ من أسنان الموتي
إبريقاً جمجمةً ،
مُصلاَّة من جلد الجاموسْ
رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوسْ
لغةً تطلعُ مثلَ الرّمحْ
من جسد الأرضِ
وعبَر سماء الجُرحْ

الليلة يستقبلنى أهلى
وكانت الغابة والصحراءْ
امرأةً عاريةً تنامْ
على سرير البرقِ فى انتظارِ
ثورها الإلهى الذى يزرو فى الظلامْ
وكان أفق الوجه والقناع شكلاً واحداً
يزهر فى سلطنة البراءه
وحمأ البداءهْ
على حدودِ النورِ والظلمةِ
بين الصحوِ والمنامْ
__

Post: #4
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 08-31-2007, 10:58 AM
Parent: #3

الاخت العزيزة سعاد.... سلام بعبق ينثر الاريج والرياحين على قبر الراحل الدكتور محمد عبدالحى وخالص تحياتى لاسرة المرحوم محمد عبدالحى..... واسأل عن صديقى الوفى الاخ سعدالدين عبدالحى شقيق المرحوم محمد عبدالحى .. وأتمنى لو اتحصل على عنوان او تلفون له... مع خالص ودى..

سيف الدين جبريل

Post: #5
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: غادة عبدالعزيز خالد
Date: 08-31-2007, 01:37 PM
Parent: #4

الأخت الحبيبة
د. سعاد

بوست مهم وراقي
ليس غريبا أن ينبع من مثلك
للمرحوم محمد عبدالحي الرحمة والمغفرة بإذن الله

تحياتي
غادة

Post: #11
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 03:21 AM
Parent: #5

Quote: الأخت الحبيبة
د. سعاد
بوست مهم وراقي
ليس غريبا أن ينبع من مثلك
للمرحوم محمد عبدالحي الرحمة والمغفرة بإذن الله.

الأخت الحبيبة الأستاذة العزيزة غادة،
شكري وتقديري على رقيق كلماتك
واحتفالك معنا بالذكرى الثامنة عشر
لرحيل الدكتور الشاعر الرائع محمد عبدالحي.
تحياتي وصادق مودتي لكِ والأسرة الكريمة.

Post: #12
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 03:28 AM
Parent: #5

Quote: الأخت الحبيبة
د. سعاد
بوست مهم وراقي
ليس غريبا أن ينبع من مثلك
للمرحوم محمد عبدالحي الرحمة والمغفرة بإذن الله.

الأخت الحبيبة الأستاذة العزيزة غادة،
شكري وتقديري على رقيق كلماتك
واحتفالك معنا بالذكرى الثامنة عشر
لرحيل الدكتور الشاعر الرائع محمد عبدالحي.
تحياتي وصادق مودتي لكِ والأسرة الكريمة.

Post: #9
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 03:06 AM
Parent: #4

Quote: الاخت العزيزة سعاد.... سلام بعبق ينثر الاريج والرياحين على قبر الراحل الدكتور محمد عبدالحى وخالص تحياتى لاسرة المرحوم محمد عبدالحى..... واسأل عن صديقى الوفى الاخ سعدالدين عبدالحى شقيق المرحوم محمد عبدالحى .. وأتمنى لو اتحصل على عنوان او تلفون له... مع خالص ودى..

شكري وتقديري لهذه المداخلات الجميلة منكم جميعاً
في ذكرى الدكتور الشاعر المرهف محمد عبدالحي.

الأخ العزيز الأستاذ سيف الدين جبريل،
كل الشكر والتقدير لرسالتك الرقيقة
ودعواتك الجميلة لروح الراحل الدكتور محمد عبدالحي
الذي كان قد نثر الأريج والرياحين على دنيا الشعر
قبل رحيله الباكر.
نسأل الله له الرحمة وسيظل شعره الرائع
يعبّق دنيانا بهذه الموسيقى العذبه
التي تفوح أدباً رفيعاً.
أتمنّى أن أستطيع الحصول على تليفون سعدالدين
وإرساله لك كما طلبت.
لك التحية وصادق المودة.

Post: #10
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 03:06 AM
Parent: #4

حُذِف للتكرار غير المقصود.

Post: #6
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-31-2007, 04:58 PM
Parent: #1

إلى سعاد
تحية واحتراماً

مرفق ترجمة لمقطع من ( العودة لسنار )
قام بها الأستاذ / إبراهيم الكامل آل عكود

The Dawn of Peace
A free translation of a selected extract from the Arabic poem
( The Return to Sennar ) By Dr. Mohammed Abd_ El_Hai



The Dawn of Peace
A free translation of a selected extract from the Arabic poem
( The Return to Sennar ) By Dr. Mohammed Abd_ El_Hai

My Sennar..!
At sunset ..!
Blinks in the homeland,
Of sacred revival anew .
And Winks in a bow ,
In a wound dyed blue .
In a horse with black manes ,
An’ grass sparse; yet dew
In the leap of a leopard,
In blood opaque; but flew.
In a metal in the sun eyes,
With a scarlet ray as clue.
In stars with the marrow,
Of a spear on an epitaph,
Where martyrs souls just flew.
In a book shone with holy verse,
Where wisdom pearls brew.
In a minaret to spin lighter,
The spirits of the true.
In a spire to stick tighter,
Splinters of the pew.





Post: #7
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-31-2007, 07:15 PM
Parent: #1


الأستاذة

سعاد
أرجو أن يسمح لي القُراء ،
فإن الفواصل في النص السابق
للترجمة جاءت كلها على اليسار ،
ومن المفترض ان تكون على يمين النص .
لقد حاولت جاهداً وخزلتني البرمجة .

سأحاول تعديل النص إن كان ذلك ممكناً
والشكر للقراء

Post: #13
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 08:04 AM
Parent: #7

Quote: إلى سعاد
تحية واحتراماً
مرفق ترجمة لمقطع من ( العودة لسنار )
قام بها الأستاذ / إبراهيم الكامل آل عكود
الأستاذة سعاد
أرجو أن يسمح لي القُراء ،
فإن الفواصل في النص السابق
للترجمة جاءت كلها على اليسار ،
ومن المفترض ان تكون على يمين النص .
لقد حاولت جاهداً وخزلتني البرمجة .
سأحاول تعديل النص إن كان ذلك ممكناً
والشكر للقراء

الأستاذ الفاضل عبدالله الشقليني،
شكراً جزيلاً وتقديراً لك لهذه المساهمة المقدّرة
لترجمة جزء من "العودة إلى سنّار."
لنا الشرف العظيم يا أستاذ فأرجو
أن تعتبر البيت بيتك
وأن تشعر بحرية كاملة لإرسال أي مساهمة
تثري هذا الإحتفال بتخليد ذكرى الشاعر
الراحل الرائع محمد عبدالحي.
أنتهز هذه السانحة لأتوجّه بالدعوة الكريمة
عبرك أيضاً لجميع قراء عبدالحي أن يساهموا
بما لديهم من شعر أو ذكريات لهم
مع الشاعر لإثراء تخليد ذكراه العطرة
أرجو ألا تتوقفوا إن لم أستطع مواصلة
الردود في حينها فهذه مساحة لكم جميعاً
فعبد الحي هو شاعر السودان.
لكم التحية وصادق المودة.

Post: #8
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Dr Salah Al Bander
Date: 08-31-2007, 11:31 PM
Parent: #1

قابلت المغفور له بإذن الله محمد عبد الحي في مطلع السبعينيات في مدينة أكسفورد وفي مطلع الثمانينيات في الخرطوم الحزينة مرات معدودة. وفي الحالتين لا يمكن وصف الا ثر الذي تركه على نفسي. ومنذ زمن وأنا على قناعة بأنه قرر مغادرة عالمنا هروبا من زمن العنف. وفي مرات خطر على بالي أن موجة العنف التي شهدها السودان في اعقاب إنقلاب الانقاذ. هل حان الاوان لان نحتفي بما تركه لنا محمد من فصوص الحكم المنثورة في كلماته المنشورة والتي لم ترى النور بعد؟

Post: #14
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 08:54 AM
Parent: #8

Quote: قابلت المغفور له بإذن الله محمد عبد الحي في مطلع السبعينيات في مدينة أكسفورد وفي مطلع الثمانينيات في الخرطوم الحزينة مرات معدودة. وفي الحالتين لا يمكن وصف الا ثر الذي تركه على نفسي. ومنذ زمن وأنا على قناعة بأنه قرر مغادرة عالمنا هروبا من زمن العنف. وفي مرات خطر على بالي أن موجة العنف التي شهدها السودان في اعقاب إنقلاب الانقاذ. هل حان الاوان لان نحتفي بما تركه لنا محمد من فصوص الحكم المنثورة في كلماته المنشورة والتي لم ترى النور بعد؟

الدكتور الأستاذ صلاح البندر،
كل الشكر والتقدير على هذه الذكريات الندية
مع الراحل المقيم الدكتور الشاعر محمد عبدالحي
وما تركه لقائك به من أثر نبيل في نفسك
فهذا هو عبدالحي وهذا ما تركه دائماً خلفه.
ما أجمل أن نخلّد ذكرى رحيله الثامنة عشر
بإيراد قصائده الرائعة المتميّزة
وسرد هذه اللحظات النادرة معه.
أتمنّى أن يتمكّن زملائه، معجبيه، وقراءه
أن يشاركونا أيضاً ذكرياتهم معه
في يوم تخليد ذكراه العطرة
فعبد الحي يترك ذلك الأثر في النفس
الذي لا ينمحي أبدا
وفي خضم العنف الذي أشرت إليه
أرجو أن يكون الأوان قد حان للإحتفاء
بهذا الشاعر الفذ إحتفاءً يليق بمقامه الرفيع
وأيضاً عبر نشر "فصوص الحكم المنثور،
في كلماته المنشورة والتي لم تر النور بعد،"
كما تفضّلت.

لك التحية وصادق المودة.

Post: #15
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 09:51 AM
Parent: #14

مقطع من رائعة "السمندل يُغنّى" للشاعر محمد عبدالحي

سمندل في حافةِ الغياب

لو ضاعَ في نزوعهِ البحري
فالعباب والملح سوف ينحتان من عظامه المبلْورة
حدائقاً من صدفٍ تضئ في صيف الليالي المُقمرة
على رِمال ساحلٍ خرابْ

Post: #16
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 09-01-2007, 10:38 AM
Parent: #15

الأخت العزيزة سعاد،

من الرجال من لا تملك إلا أن تنحني لهم
إجلاًلاً وإحتراما.. والدكتور الشاعر محمد عبد الحي
منهم..
كان أستاذي في جامعة الخرطوم وصديقاً إبان الدراسة وبعدها..
هو من علمني وعلّم الكثيرين غيري من طلبة شعبة اللغة الانجليزية في بداية
السبعينيات فن تذوق الشعر..

اللهم أنزل شآبيب رحمتك على محمد واسكنه اللهم فسيح جناتك والهم ذويه الصبر على
فقده الجلل.

سعاد لك كثير الشكر على لمسة الوفاء هذي..

الزاكي

Post: #18
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 06:31 PM
Parent: #16

Quote: الأخت العزيزة سعاد،
من الرجال من لا تملك إلا أن تنحني لهم
إجلاًلاً وإحتراما.. والدكتور الشاعر محمد عبد الحي.. منهم.
كان أستاذي في جامعة الخرطوم وصديقاً إبان الدراسة وبعدها..
هو من علمني وعلّم الكثيرين غيري من طلبة شعبة اللغة الانجليزية في بداية
السبعينيات فن تذوق الشعر..
اللهم أنزل شآبيب رحمتك على محمد واسكنه اللهم فسيح جناتك والهم ذويه الصبر على
فقده الجلل.
سعاد لك كثير الشكر على لمسة الوفاء هذي..

الأخ العزيز الأستاذ الزاكي عبدالحميد،
كل الشكر والتقدير على جميل كلماتك
وهذه المساهمة القيمة في تخليد ذكرى الشاعر محمد عبدالحي العطرة
نعم لقد علّم الدكتور عبدالحي الكثيرين فن تذوّق الشعر، كما تفضّلت،
فلك الشكر في مشاركتنا هذه اللمحة الجميلة من سنوات تدريسه
في جامعة الخرطوم عندما كان أستاذاً وزميلاً لك.
نسأل الله العلي القدير أن يستجيب لدعائك الكريم له بالرحمة.
تقديري الكثير يا أستاذ الزاكي على كلماتك الكريمة
فلمسة الوفاء أقل ما يمكن تقديمه لأديب في قامة محمد عبدالحي.
كل التحايا وصادق المودة.

Post: #17
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-01-2007, 12:14 PM
Parent: #1



الأستاذة / سعاد
تحية واحتراماً شكراً لكِ
محمد عبد الحي قامة في الآداب والشعر .
وقف في مهرجان ( المربد ) في السبعينات وأدهش كل الشعراء العرب .
كان قافزاً باللغة الشعرية وأزعم أنه كان أسبق من محمود درويش في
الشعر الفاره .

لقد عثرت على المقال الذي كتبته في حق رفيق دربه الأستاذ /
إبراهيم الكامل آل عكود ، وهو مترجم النص الذي أوردناه في مُداخلتنا السابقة
أعلاه ، وهو قد ورد في سفر له عن الترجمة واسمه :
( المدارات والمعابر )

تذكرت النص وقد قمت بتقديمه في مدونة سودانيزأونلاين :
هذا هو الوصال :
إبراهيم الكامل ( آل عكود ) : وهجٌ يبـرق علينا في ليـل المنافي .


وليتقبل الجميع : قراء وكتاب
كثير التحايا والتقدير .

Post: #19
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 06:59 PM
Parent: #17

Quote: الأستاذة / سعاد
تحية واحتراماً شكراً لكِ
محمد عبد الحي قامة في الآداب والشعر .
وقف في مهرجان ( المربد ) في السبعينات وأدهش كل الشعراء العرب .
كان قافزاً باللغة الشعرية وأزعم أنه كان أسبق من محمود درويش في
الشعر الفاره .
لقد عثرت على المقال الذي كتبته في حق رفيق دربه الأستاذ /
إبراهيم الكامل آل عكود ، وهو مترجم النص الذي أوردناه في مُداخلتنا السابقة
أعلاه ، وهو قد ورد في سفر له عن الترجمة واسمه :
( المدارات والمعابر )
تذكرت النص وقد قمت بتقديمه في مدونة سودانيزأونلاين :
هذا هو الوصال :
إبراهيم الكامل (آل عكود) : وهجٌ يبـرق علينا في ليـل المنافي
وليتقبل الجميع : قراء وكتاب
كثير التحايا والتقدير .
الأستاذ الكريم عبدالله الشقليني،
ألف شكر وتقدير على هذه المساهمة القيمة.
مقال " إبراهيم الكامل ( آل عكود ) : وهجٌ يبـرق علينا في ليـل المنافي"
إضافة مُميّزة لإثراء ذكرى عبدالحي وهذا النوع الرفيع من الأدب.
أرجو أن تتمكن من إتحافنا بمساهماتك الرائعة دائماً.

كل التحايا وصادق المودة.

Post: #20
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-01-2007, 08:12 PM
Parent: #19

شكرا استاذتي دكتور سعاد تاج السر على هذا الاحتفاء بكاتبنا الكبير محمد عبدالحي.
أدناه النص الكامل للعودة الى سنار نقلا عن ماجدة مكتوب.

النشيد الأول

البحــــر

بالأمس مرَّ أوّل الطّيور فوقنا ، ودار دورتين قبل أن

يغيبَ ، كانت كلُّ مرآة على المياه فردوساً

من الفسفورِ – يا حدائق الفسفور والمرايا

أيّتها الشمس التى توهّجتْ واهترَأت

فى جسد الغياب ، ذوبى مرّة أخيرةً ،

وانطفئى ، أمسِ رأينا أوّل الهدايا

ضفائر الأشنةِ والليفِ على الأجاجِ

من بقايا

الشجر الميت والحياة فى ابتدائها الصامتِ

بين علق البحارْ

فى العالمِ الأجوفِ

حيثَ حشراتُ البحرِ فى مَرَحِها الأعْمَى

تدب فى كهوفِ الليفِ والطحلبِ

لا تعى

انزلاقَ

الليلِ

والنهارْ

وحمل الهواءْ

رائحةَ الأرضِ ،

ولوناً غير لون هذه الهاوية الخضراءْ

وحشرجات اللغة المالحة الأصداءْ.

وفى الظَّلامْ



فى فجوةِ الصَّمت التى تغور فى

مركز فجوةِ الكلامْ ،





كانت مصابيح القرى

على التِّلال السودِ والأشجارْ



تطفو وتدنو مرَّةَّ

ومرَّةَّ تنأى تغوصُ

فى الضَّباب والبُخَارْ





تسقطُ مثل الثّمر النّاضجِ

فى الصَّمتِ الكثيفِ

بين حدِّ الحلم الموحشِ

وابتداء الانتظارْ.





وارتفعتْ من عتمةِ الأرضِ

مرايا النّارْ



وهاهىَ الآن جذوع الشّجر الحىِّ

ولحمُ الأرضِ

والأزهارْ.

الليلة يستقبلنى أهلى :

خيل’’ تحجل فى دائرة النّارِ ،

وترقص فى الأجراس وفى الدِّيباجْ

امرأة تفتح باب النَّهر وتدعو

من عتمات الجبل الصامت والأحراجْ

حرّاس اللغة – المملكة الزرقاءْ

ذلك يخطر فى جلد الفهدِ ،

وهذا يسطع فى قمصان الماءْ.





الليلة يستقبلنى أهلى :

أرواح جدودى تخرج من

فضَّة أحلام النّهر ، ومن

ليل الأسماءْ

تتقمص أجساد الأطفالْ.

تنفخ فى رئةِ المدّاحِ

وتضرب بالساعد

عبر ذراع الطبّالْ.

الليلة يستقبلنى أهلى :

أهدونى مسبحةَّ من أسنان الموتي

إبريقاً جمجمةً ،

مُصلاَّة من جلد الجاموسْ

رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوسْ

لغةً تطلعُ مثلَ الرّمحْ

من جسد الأرضِ

وعبَر سماء الجُرحْ.

الليلة يستقبلنى أهلى.



وكانت الغابة والصحراءْ

امرأةً عاريةً تنامْ



على سرير البرقِ فى انتظارِ

ثورها الإلهى الذى يزرو فى الظلامْ.



وكان أفق الوجه والقناع شكلاً واحداً.

يزهر فى سلطنة البراءه





وحمأ البداءهْ.

على حدودِ النورِ والظلمةِ بين الصحوِ والمنامْ.







النشيد الثانى



المدينة


سأعود اليوم يا سنَّار ، حيث الحلم ينمو تحت ماء الليل أشجاراً

تعرّى فى خريفى وشتائي

ثم تهتزّ بنار الأرض، ترفَضُّ لهيباً أخضر الرّيش لكى

تنضج فى ليل دمائي

ثمراً أحمر فى صيفى ، مرايا جسدٍ أحلامه تصعد فى

الصّمتِ نجوماً فى سمائى

سأعودُ اليوم ، ياسنّارُ ، حيث الرمزُ خيط’’،

من بريقٍ أسودٍ ، بين الذرى والسّفح ،

والغابةِ والصحراء ، والثمر النّاضج والجذر القديمْ.



لغتى أنتِ. وينبوعى الذى يأوى نجومى ،

وعرق الذَّهب المبرق فى صخرتىَ الزرقاءِ ،

والنّار التى فيها تجاسرت على الحبِّ العظيمْ

فافتحوا ، حرَّاسَ سنّارَ ، افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة

افتحوا للعائد الليلة أبوابَ المدينة

افتحوا الليلة أبواب المدينة.





- "بدوىُّ أنتَ ؟"

"لا –"

- " من بلاد الزَّنج ؟"

" لا –"



أنا منكم. تائه’’ عاد يغنِّى بلسانٍ

ويصلَّى بلسانٍ

من بحارٍ نائياتٍ

لم تنرْ فى صمتها الأخضرِ أحلامُ المواني.

كافراً تهتُ سنيناً وسنينا

مستعيراً لى لساناً وعيونا





باحثاً بين قصور الماء عن ساحرةِ الماء الغريبه

مذعناً للرِّيح فى تجويف جمجمة البحر الرهيبه





حالماً فيها بأرض جعلت للغرباء

-تتلاشى تحت ضوء الشمس كى تولد من نار المساءْ _

ببناتِ البحر ضاجعنَ إله البحر فى الرغو...

(إلى آخِرِهِ ممّا يغنِّى الشعراءْ!)

ثمَّ لّما كوكب الرعب أضاءْ

إرتميت.

ورأيتُ ما رأيتُ :

مطراً أسود ينثوه سماء’’ من نحاسٍ وغمام’’ أحمر’. شجراً أبيض – تفاحاً وتوتاً – يثمرُ

حيث لا أرض ولا سقيا سوى ما رقرق الحامض من رغو الغمام.





وسمعتُ ما سمعتُ :

ضحكات الهيكل العظمىِّ ، واللحم المذابْ

فوق فُسفورِ العبابْ

يتلوى وهو يهتزّ بغصّات الكلامْ.

وشهدتُ ما شهدتُ :



كيف تنقضّ الأفاعى المرعده

حينما تقذف أمواج الدخان المزبده

جثةً خضراء فى رملٍ تلظىَّ فى الظلامْ.



صاحبى قلْ ! ما ترى بين شعاب الأرخبيلْ

أرض "ديك الجن" أم "قيس" القتيل ؟

أرض "أوديب" و"ليرٍ" أم متاهات " عطيل" ؟

أرض "سنغور" عليها من نحاس البحر صهدُُ لا يسيلْ؟

أم بخار البحر قد هيّأ فى البحر لنا

مدناً طيفيّةً ؟ رؤيا جمالٍ مستحيل؟

حينما حرّك وحش البحر فخذيه : أيصحو

من نعاسٍ صدفى ؟ أم يمجُّ النار والماء الحميما؟



وبكيتُ ما بكيت :



من ترى يمنحنى

طائراً يحملنى

لمغاني وطنى

عبر شمس الملح والريح العقيمْ

لغة تسطعُ بالحبِّ القديمْ.

ثم لّما امتلأ البحرُ بأسماكِ السماءِ

واستفاقَ الجرسُ النائم فى إشراقةِ الماء



سألتُ ما سألت’ :

هل ترى أرجع يوما

لا بساً صحوىِ حلما

حاملاً حلمىَ همّا

فى دجى الذاكرة الأولى وأحلام القبيلة

بين موتاى وأشكال أساطير الطفوله.



أنا منكم .جرحكم جرحى

وقوسى قوسكم.

وثنى مجَّد الأرضَ وصوفىِّ ضريرُُ

مجَّد الرؤيا ونيران الإلهْ.



فافتحوا







حرَّاس سنّارّ ،



افتحوا بابَ الدَّم الأوّلِ

كى تستقبل اللغةَ الأولى دماهْ

حيث بَلُّور الحضورْ

لهبُُ أزرقُ

فى عينِ

المياهْ

حيثُ آلافُ الطيورْ

نبعتْ من جسدِ النّارِ.

وغنّتْ

فى سماوات الجباهْ.



فافتحوا ، حرّاسَ سنّار ،



افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة

افتحوا الليلة أبواب المدينة

افتحوا.....







" إنّنا نفتح يا طارقُ أبواب المدينة

"إن تكن منّا عرفناك ، عرفنا

" وجهنا فيك : فأهلاً بالرجوعْ

" للربوعْ.

" وإذا كنتَ غريباً بيننا

" إنّنا نسعد بالضِّيف ، نفدِّيهِ

" بأرواحٍ ، وأبناءٍ ، مالْ

" فتعالْ.

" قد فتحنا لك يا طارقُ أبواب المدينة

" قد فتحنا لك يا طارقُ...

" قد فتحنا...."



ودخـــلتُ





حافيا منكفئا

عارياً ، مستخفياً فى جبة مهترئة

وعبرتُ

فى الظلامْ

وانزويت

فى دياجير الكلام





ونمــــتُ



مثلما ينامُ فى الحصى المبلول طفل الماءْ

والطّير فى أعشاشهِ

والسمك الصغير فى أَنهارِهِ

وفى غصونها الثِّمارُ

والنجوم فى مشيمةِ

السماءْ.









النشيد الثالث



الليـــــــل



وفتحت ذراعها

مدينتى

وحضنها الرغيدْ



- أيّة أنهارٍ عظيماتٍ

وغاباتٍ

من البروق والروعودْ –



تنحلّ أعضائى

بخاراً أحمراً

يذوب فى دمائها



تعوم روحى

طائراً أبيض

فوق مائها





ويطبق الليل الذى

يفتحُ

فى الجمجمة البيضاءْ

خرافةً تعودُ ،

وهلةً ووهلــةً ،

إلى نطفتها الأشِياءْ

فيها ، وينضج اللهيبُ

فى عظام شمسها

الفائرة الزرقاءْ



ويعبر السمندلُ الأحلامَ

فى قميصه

المصنوع من شرارْ.





فى الليل حيث تنضج الخمرةُ

قبل أن تموج فى الكرومِ

قبل أن تختم فى آنية الفخّارْ





فى الليل حيث الثمر الأحمرُ

والبرعمُ والزهرةُ فى وحدتها الأولى

من قبل أن تعرف ما الأشجارْ





فى الليل تطفو الصور الأولى

وتنمو فى مياه الصَّمتِ

حيث يرجع النشيدْ





لشكلِهِ القديمِ

قبلَ أن يسمِّى أو يسمَّى ،

فى تجلّى الذات ، قبل أن يكون غيرَ ما يكونُ

قبل أن تجوِّفَ الحروفُ

شكلَهُ الجديدْ.









النشيد الرابع





الحـــــــلم



رائحة البحر التى تحملها الرياحْ

فى آخر الليل ، طيور’’ أفرختْ

فى الشفق البنفسجىِّ بين آخر النجوم والصباحْ

أنصتْ هنيهةً !

تسمع فى الحلم حفيف الرِّيش حين يضرب الجناحْ

عبر سماوات الغيابْ

هل دعوة إلى السفر؟

أم عودة إلى الشجر ؟

أم صوت بشرى غامضُُ يزحف مثل العنكب الصغير فوق خشبات البابْ

يبعثه من آخر الضمير مرَّةَّ عواء آخر الذئابْ

فى طرف الصحراءِ ، مرَّةً رنين معدنٍ فى الصمَّتِ ،

أو خشخشة الشوكَ الذى يلتفّ حول جسد القمرْ

ومرَّةَّ تبعثه صلصة الأجراس

حين ترقص الأسماك فى دوائر النجوم فى النَّهَرْ.

أم صوت باب حلمٍ يفتحه

فى آخر الليل وقبل الصبحْ

المَلَك الساهر فى مملكة البراءة

وحمأ البداءه

تحت سماء الجرحْ

يَمُدُّ لى يديه

يقودنى عبر رؤى عينيه

عبر مرايا ليلك الحميمة

للذهب الكامن فى صخورك القديمة

فأحتمى – كالنطفة الأولى –

بالصور الأولى التى تضىءُ

فى الذّاكرة الأولى

وفى سكون ذهنك النقىِّ

تمثالاً من العاجِ،

وزهرة

وثعباثاً مقدساً وأبراجاً

وأشكالاً من الرخامِ والبلُّور والفَخّارْ.

حلمُُ ما أبصرُ أم وهمُُ؟

أم حق يتجلّى فى الرؤيا ؟

فى هاجرةِ الصَّحْراء أزيح قباب الرملَ

عن نقشٍ أسودَ ، عن مَلِكٍ

يلتفًّ بأسماء الشفرةِ والشمسِ

والرمز الطّافر مثل الوعلِ

فوق نحاسِ الصَّحراءْ.

أسمع صوت امرأةٍ

تفتحُ باب الجبل الصَّامت ، تأتي

بقناديل العاج إلى درجات الهيكل والمذبحْ



ثم تنامُ – ينامُ الحرَّاسْ –

لتوليد بين الحرحر والأجراسْ

شفةً خمراً ، قيثاراً ،

جسداً ينضج بين ذراعىْ شيخٍ

يعرف خمرَ اللهِ وخمر النّاسْ.

لغة’’ فوق شفاهٍ من ذهبٍ

أم نورُُ فى شجر الحُلمِ المزهرْ

عند حدود الذَاكرةِ الكبرى

الذّاكرة الأولى؟



أم صوتي

يتكوَّر طفلاً كى يولدَ

فى عتباتِ اللغةِ الزرقاءْ ؟



وتجىءُ أشباح مقنّعة’’ لترقص حرَّةً ، زمناً،

على جسدى الذى يمتد أحراشاً ، سهوباً : تمرح الأفيالُ،

تسترخى التماسيح ، الطيور تهبُّ مثل غمامةٍ ، والنحل مروحة’’

ويغنِّى وهو يعسل فى تجاويف الجبالِ ، وتسدير مدينة’’ زرقاءُ

فى جسدى، ويبدأ صوتُها ، صوتْى ، يجسِّد صوت موتاىَ الطليقْ



حلم’’ ؟ رؤىِّ وهميّة’’ ؟ حقُّ؟

أنا ماذا أكون بغير هذا الصوت ، هذا الرمز ،

يخلقنى وأخلقه على وجه المدينة تحت شمس الليل والحبِّ العميقْ





وحينما يجنح آخر النجوم للأفولْ

ويرجع الموتي إلى المخابىء القديمة

كيما ينامون وراء حائط النّهارْ

أنام فى انتظارْ

آلهة الشمس وقد أترع قلبى الحبُّ والقبولْ.







النشيد الخامس


الصــــــبح



مرحى! تطلُّ الشمسُ هذا الصبحَ من أفق القبولْ

لغةً على جسد المياهِ ،

ووهجَ مصباحٍ من البلُّورِ فى ليل الجذورِ ،

وبعضَ إيماءٍ ورمزٍ مستحيلْ.



اليومَ يا سنّار أقْبَلُ فيكِ أيّامى بما فيها من العشب الطفيلىِّ

الذى يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجارِ البريقِ.



اليومَ أقْبَلُ فيكِ أيّامى بما فيها من الرّعب المخمَّر فى شرايينى.

ومافيها من الفرح العميقِ.



اليومَ أقْبَلُ فيكِ كلَّ الوحلِ واللّهب المقدَّس فى دمائكِ ، فى دمائي.

أحنو على الرَّملَ اليبيسِ كما حنوتُ على مواسمكِ الغنيّة بالتدفق والنماء.



وأقولُ: يا شمسَ القبولِ توهّجى فى القلبِ

صفيِّنى ، وصفِّى من غبارٍ داكنٍ

لغتى ، غنائى.



سنَّارُ

تسفَر فى

نقاءِ الصحو ، جرحاً

أزرقا، جبلاً ، إلهاً ، طائراً

فهــداً ، حصاناِ ، أبيضاً ، رمحاً

كتـــابْ



رجعت طيور البحر فَجْرَاً من مسافات الغيابْ.

البحر يحلم وحده أحلامه الخضراء فى فوضى العبابْ.

البحرُ؟ إنّ البحر فينا خضرة’’ ،

حلم’’ ، هيولى ،



شجراً ارى ، وأرى القوارب فوق ماء النّهرِ

والزرّاع فى الوادى ، وأعراساً تقامُ ، ومأتماً فى الحىِّ ،

والأطفال فى الساحات ، والارواح فى ظلَّ الشجيرةِ

فى الظهيرةِ حين يبتدىُْ الحديث برنّه اللغة القديمةْ.





الشمس تسبح فى نقاء حضورها ، وعلى غصونِ القلب عائلةُ الطيّورِ،

ولمعةُُ سحرية’’ فى الريحِ ، والأشياء تبحر فى قداستها الحميمةْ.



وتموج فى دعةٍ ، فلا شىءُُ نشازُُ كلُّ شىءٍ مقطعُ ، وإشارةُُ

تمتد من وترٍ إلى وترٍ ، على قيثارة الأرض العظيمةْ

Post: #22
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 10:48 PM
Parent: #20

Quote: شكرا استاذتي دكتورة سعاد تاج السر على هذا الاحتفاء بكاتبنا الكبير محمد عبدالحي. أدناه النص الكامل للعودة الى سنار نقلا عن ماجدة مكتوب.

الأستاذ الفاضل أسامة الخواض،
كل الشكر والتقدير على هذه المساهمة الرائعة
بإيراد النص الكامل "للعودة إلى سنّار"
وأهلاً بك وسهلاً في واحتك، واحة الشاعر عبدالحي.
يسعدني جداً أن بوست تخليد ذكرى عبدالحي العطرة
قد شحذ كل هذه المشاركات القيّمة
التي لا شك تدعم فكرة توثيق أعماله
والمحاولات الجارية في هذا الشأن
فسودانيزأونلاين أهل لهذا التوثيق بجدارة
في جوانبها الثقافية الثرّة.
ساحاول أن أورد بعض من قصائده تباعاً
متى ما سمح الوقت.
أرجو أن تواصل إتحافنا بروائعك لإثراء
تخليد ذكرى الراحل المقيم محمد عبدالحي.
كل التقدير وصادق المودة لك والأسرة الكريمة.

Post: #21
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Sabri Elshareef
Date: 09-01-2007, 08:55 PM
Parent: #1

أنام فى انتظارْ

آلهة الشمس وقد أترع قلبى الحبُّ والقبولْ.



من القلب سلام لروح الشاعر الاديب محمد عبد الحي


سلام لك دكتورة سعاد

Post: #23
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: abdalla elshaikh
Date: 09-01-2007, 11:10 PM
Parent: #21

ألدكتورة سعاد

هنالك شريط وثائقي مهم جدا بعنوان(جلسة فنية في ديوان عبدالحي الثقافي) قـمنا بإنتاجه لـمصلحة الثقافة بعيد وفاته..محتويا علي خطابات ورسائل ورسومات تشكيل ومراحل كتابة العودة الي سنار بجانب دراسات نقديه لسامي سالـم ومجذوب عيدروس ومهدي بشري وترنيمات لعقد الجلاد والسمندل..هذا الشريط وفور إنتهاء الحفل سلمته لعائشه موسي وقلت لها نحن إحتما يحيلونا للصالح العام في اي لحظه فإحتفظي به من ضمن وثائقكم.. فأتـمني أن تتصلي علي عائشة وتتحصلي علي هذه الـمادة الهامة
ملاحظة:-الشريط سجل بقاعة الشارقة في اكتوبر(1990)

Post: #25
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 11:49 PM
Parent: #23

Quote: الدكتورة سعاد
هنالك شريط وثائقي مهم جدا بعنوان(جلسة فنية في ديوان عبدالحي الثقافي) قـمنا بإنتاجه لـمصلحة الثقافة بعيد وفاته..محتويا علي خطابات ورسائل ورسومات تشكيل ومراحل كتابة العودة الي سنار بجانب دراسات نقديه لسامي سالـم ومجذوب عيدروس ومهدي بشري وترنيمات لعقد الجلاد والسمندل..هذا الشريط وفور إنتهاء الحفل سلمته لعائشه موسي وقلت لها نحن إحتما يحيلونا للصالح العام في اي لحظه فإحتفظي به من ضمن وثائقكم.. فأتـمني أن تتصلي علي عائشة وتتحصلي علي هذه الـمادة الهامة
ملاحظة:-الشريط سجل بقاعة الشارقة في اكتوبر(1990)

الأستاذ الفاضل عبدالله الشيخ،
لكَ من الشكر أجزله ومن التقدير أجلّه
لهذه المساهمة التي هي غاية في الأهمية
في دعم فكرة توثيق أعمال الدكتور محمد عبدالحي.
هذا العمل الذي قمتم بإنتاجه لمصلحة الثقافة،
التي كان الدكتور عبدالحي مديراً عاماً لها يوماً،
من الواضح أنه يحتوي على وثائق هامة وأعمال فنية
ذات دلالات عميقة ومُميّزة تساعد كثيراً
في إثراء تخليد ذكرى شاعرنا الأديب الفذ وتخليد أعماله.
أعلم أن الدكتورة عائشة موسى لا بد أنها
تولي هذا العمل فائق عنايتها كما فعلت دائماً.
أتمنّى أن تكون الدكتورة الجليلة عائشة موسى
وانجالها الأحباء: وضّاح، شيراز، وريل محمد عبدالحي
يتابعون سودانيزأونلاين إذا سمحت ظروفهم
وسأحاول الإتصال بهم وإيصال رسالتك النبيلة لهم
نحو توثيق رائع وهام لأعمال عبدالحي الشعرية والأدبية.

شكري وتقديري ثانية لك وللأسرة الكريمة.

سعاد تاج السر

Post: #24
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-01-2007, 11:15 PM
Parent: #21

Quote: أنام فى انتظارْ
آلهة الشمس وقد أترع قلبى الحبُّ والقبولْ.

من القلب سلام لروح الشاعر الاديب محمد عبد الحي

سلام لك دكتورة سعاد

الأستاذ الفاضل صبري الشريف،
سلام لك أيضاً ولشفافية الإختيار الموفّق
كل الشكر والتقدير لاختيار هذا المقطع الرائع.
مساهمتك الجميلة إثراء مُقدّر
لتخليد ذكرى شاعرنا المقيم عبدالحي
فمرحباً بك في واحة محمد عبدالحي
فحديقة الورد تصبح أزهي وأبدع
بهذه المشاركات الوضّاءة.
كل التحايا وصادق المودة.

Post: #26
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:01 AM
Parent: #24

وهذا كلام طازج نشر اليوم في الايام :
في ذكراه السابعة عشرة

اضواء على الشاعر محمد عبد الحي




اوردنا في الحلقة الاولى اهم الملامح التي تطرق لها الاستاذ علي مؤمن في مقاربته عن الشاعر الكبير والاكاديمي المرموق الدكتور محمد عبد الحي بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لرحيله، جدير بالذكر ان المقاربة اعدت لمركز عد حسين الثقافي وذلك في محاولة من اسرة المركز لايفاء الراحل الكبير بعض ما يستحقه من اجلال وتقدير.
* ادباء الجزيرة:
تفتح الوعي المبكر والتوق المتعاظم للمعرفة، والاهتمام الفائق بالثقافة والفنون وبحركة الابداع في عمومها، كانا ضمن العوامل التي جعلت محمد عبد الحي وثلة من مجايليه يسهمون في بناء وتأسيس تنظيم (ثقافي /ابداعي) اهلي يهتم بحركة الثقافة والمنتج الابداعي، ومن ثم ينتج للمثقفين وعموم المبدعين فرصة للتحاور وتبادل الاراء ووجهات النظر فيما يتعلق بابداعاتهم اضافة لانسحاب ذات الشأن على المطروح بالمنابر والدوريات الثقافية بالصحف السيارة، ومن هذا المنظور وعلى هذه الخلفية قام شاعرنا برفقة بعض المهتمين بالمسائل الثقافية والابداعية بمدينة ود مدني، بانشاء وتأسيس رابطة ادباء الجزيرة في بدايات النصف الثاني من القرن المنصرم، ومما لا شك فيه انهم وهم يقومون بهذا العمل، ويعدون له العدة ويرسمون له الخطط، ورد ببالهم وخواطرهم ما تمثله مدينة ود مدني في خارطة الفكر والثقافة بالبلاد، واحسب انهم قد تداولوا باجتماعاتهم ولقاءاتهم في هذا الشأن، اذ ان هذه المدينة العريقة شهدت في النصف الثاني من سنوات الثلاثين (اي قبل قيام رابطة ادباء الجزيرة بحوالي العشرين عاما) قيام جمعية ود مدني الادبية بكل ما تمثله وتعنيه من ثقل فكري، وثقافي وسياسي تمثل في عطائها الثر بالمجالات التي ذكرناها انفا، كما تمثل ايضا في رموزها السامقات والشامخات: الاستاذ احمد خير المحامي، والشيخ مدثر علي البوشي وغيرهم.
غني عن القول ان هذه الجمعية قد لعبت دورا كبيرا وهاما في الحركة الثقافية والتنويرية ومن ثم ساهمت ضمن غيرها من الجمعيات الشبيهة في دفع الحركة الوطنية خطوات وخطوات نحو الامام، وقد تضافرت هذه المجهودات التي بذلت، هنا وهناك، وفي شتى بقاع الوطن في الارتفاع، بمعدلات الوعي بالقضايا العامة إلى ان تمخض عن ذلك قيام مؤتمر الخريجين العام، وقد اسفر نشاط المؤتمر في تأجيج حركة التوعية العامة واذكاء شعلتها التي ظلت متقدة حتى قيام المؤتمر الادبي الاول في (1939) وقد تواصل هذا البذل والعطاء وتفاعل حتى اسفر اخر الامر عن قيام الاحزاب السياسية التي حققت ضمن غيرها من فعاليات شعبنا وقواه الوطنية الاستقلال السياسي في غرة يناير 1956م.
ان الدور الثقافي لجمعية ود مدني مقرؤا مع ادوار ثقافية لجهات وتنظيمات اخرى اضافة لادوار بعض الافراد كالمفكر المعروف ابن ود مدني (بابكر كرار) والمثقف البارز (توفيق احمد البكري). وهو ايضا من ابناء ذات المدينة، ان الادوار هذه كان لها كما نعتقد، اكبر الاثر في عقول ووجدان وافئدة مجموعة رابطة ادباء الجزيرة وضمنهم شاعرنا محمد عبد الحي، واحسب انه منذ ذلك الوقت تعاظم لديه الاهتمام الجاد بالشأن العام وبقضايا الوطن وقد رافقه ذلك الامر إلى اخريات حياته القصيرة جدا بحساب الايام والسنوات إلى ان تخطفته المنية:
هنا انا والموت جالسان
في حافة الزمان
وبيننا المائدة الخضراء
والنرد والخمرة والدخان
من مثلنا هذا المساء؟
عاصر الفنلن التشكيلي حسين جمعان بلندن فترة هامة ومضيئة في مشروع عبد الحي العودة إلى سنار كما قام ايضا برسم وتصميم ديوان شاعرنا حديقة الورد الاخيرة.
كما يقول جمعان الاتي:
اعترف ان عبد الحي في لندن كان يستمع كثيرا للموسيقى الاسيوية وبالذات الهندية، وقد انكب على قراءة الكتاب المقدس، وقرأ عدة اشياء تتعلق بالحيوان وسلوكه ووقف على التاريخ القديم وقفة تأمل، ودرس الاجرام والافلاك، ووقف على الرسوم الايضاحية القديمة للمجرات والنجوم، ودرس حياة وعادات الانسان القديم في الحضارات المختلفة، وخاصة النوبية وتحرى في حركة التشكيل المعاصرة والقديمة ولعل هذا ما جعل شعر محمد عبد الحي بمثابة لوحة تكاد تنصهر وتتوحد فيها كل الفنون.
وفي هذا الاطار نجد ان قصيدة شاعرنا المطولة العودة إلى سنار يصنفها البعض بأنها مسرحية، في حين يصنفها البعض الآخر بأنها رواية شعرية.
ايضا وفي ذات السياق والمعاني يقول الدكتور عمر عبد الماجد الصديق الحميم لشاعرنا وزميله في الدراسة عن رفيق دربه الاتي:
(كان محمد عبد الحي موسوعة في الثقافة اذ كان متعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف المتبحر في التاريخ، السياسة، الشعر، الفلسفة، المسرح، الموسيقى، الرسم، التصوف، والفلك.. كما يتحدث ايضا عن وضاح اليمن، الشيرازي، المتنبئ، الخيام ، ابن سينا، ابن رشد، ابن خلدون، شكسبير، بودلير، حمزة الملك طمبل، والتجاني يوسف بشير.. الخ، حديث العارف الملم وكأنه عاش مع هؤلاء النفر وعايشهم عن قرب وعرف اسرار ودقائق فنونهم وصناعتهم.
وقد كست هذه الثقافة الرفيعة شعره بعمق عميق الغور ومن ثم جعلت منه شعرا عصيا الا على من ثابروا على الاطلاع الواسع والمتنوع).
- كتب الشاعر محمد عبد الحي رائعته العودة إلى سنار في بداية سنوات الستين من القرن الماضي، وقد اثارت القصيدة منذ ان تم نشرها على صفحات صحيفة الرأي العام في عام 1963 ولا تزال- وستظل كما احسب- كماً هائلاً وكبيراً من النقاش، اضافة لكونها اصيحت محوراً للعديد من الدراسات والابحاث التي تطرقت لها عبر شتى الرؤى والمحاور. جدير بالذكر ان القصيدة ذاتها قد نشرت في العام (1965م) على صفحات مجلة حوار اللبنانية وهي مجلة متخصصة في الابداع الادبي، وقد قالت الدكتورة سلمى الخضراء عن هذه القصيدة الاتي:
انها اي -العودة إلى سنار- تعكس التصاقا حميما بالبيئة وبالتراث الشعبي وتاريخ الحضارة في السودان، ان الشاعر بانهماكه في معالم البيئة السودانية، انما يكتب في العرف الشعري الذي بدأه المجذوب ايضا يوم كتب قصيدة المولد في سنة (1957م) فرسم كما بريشة رسام صورا لاحتفالات المولد النبوي في الخرطوم.
* سنار المعني:
كتب محمد عبدالحي ملحمته الذائعة الصيت العودة إلى سنار واعاد كتابتها مرات عدة، قام خلالها واثنائها بالتنقيح والتشذيب، والاضافة والاسقاط، واعادة النظر في القصيدة بصورة مستمرة إلى ان استقرت على شكلها النهائي والاخير، الا انها وفي مراحل كتابتها العديدة، واعادة النظر بشكل مستمر فيها وفي صياغاتها وتركيبها نجدها قد استغرقت شاعرنا لسنوات طوال، ومن ثم اخذت منه الكثير والكثير جدا، الامر الذي جعله يخشى ان يدور في فلكها، ويصعب عليه (من بعد) الانفلات من اسرها وقد عبر شاعرنا عن هذه المعاني بالقول الاتي:
(لقد اصبحت هذه القصيدة مركزا جاذبا لقواي الشعرية واذا لم اتخلص منها تماما فستظل تجتذبني وذلك مضر) إلى قوله (ربما كانت العودة إلى سنار دفعة في كيان الفنان في شبابه حينما رغب في ان يشكل في مصهر روحه ضمير امته، الذي لم يخلق بعد وربما كانت (اي القصيدة) فتحا اخر والا فكيف افسر انها كتبت سبع مرات او نحو ذلك وكأنها تدرج من مقام إلى مقام، حيث تاريخ الذات وتاريخ القبيلة شئ واحد).
غني عن القول ان القصيدة كتبت ثماني مرات اخر تالية لحديث عبد الحي هذا، وبذا تكون كتبت خمسة عشرة مرة، يذكر ان سنار بكل ما تشيعه من معاني وتوحي به من دلالات جد عميقة قد شغلت مجمل امتنا وحظيت بكبير اهتمامها بذات القدر الذي شغلت فيه شاعرنا والتصقت بوجدانه ودواخله، وصارت بالتالي محورا لبعض فنه وابداعه ممثلا في رائعته العودة إلى سنار وغيرها من ابداعه الشعري:
سنار تسفر في بلاد العرب
جرحا ازرقا، قوسا
حصانا اسود الاعراف
فهدا قافزا في عتمة الدم
معدنا في الشمس مئذنة
نجوما من عظام الصخر
رمحا فوق مقبرة
كتاب
ان محمد عبد الحي، الشاعر، الفذ، الاديب المتميز، والمبدع الجهير الصوت، والاكاديمي الغزير المعرفة، رفد المكتبة الثقافية والابداعية وامدها بالعديد من الروائع النفيثات نورد منها الاتي: اجراس القمر، رؤيا الملك، العودة إلى سنار، معلقة الاشارات، السمندل يغني، حديقة الورد الاخيرة، واقنعة القبيلة.. الخ.
ان هذا الشاعر، رفيع الطراز، والمثقف المرموق، بل قل هذا الطود الشامخ سيظل معلما بارزا ولافتا في الساحة الثقافية والابداعية ببلادنا وهو كما قبل عنه لم يعش سوى ستة واربعين عاما، قضى منها ستة وثلاثين عاما في الصحة الكاملة، ورغما عن ذلك تراكم انتاجه تراكما يلاحظ المتأمل فيه صعوبة الاحاطة به من حيث الكم والكيف، اضافة لذلك فقد اثبت شاعرنا، كما تحدث المتحدثون، ان الابداع ارادة وعزيمة .. الخ، وبهذه المعاني الطيبات ظل محمد عبد الحي ينتج وينتج، بالرغم من مرضه ووهن جسده وضعفه وقد تواصل انتاجه، ربما، بنفس الوتائر التي تواصل بها وهن الجسد وضعفه، إلى ان جاءت ساعة الرحيل عن هذه الفانية:
هو الموت يسعى الينا بلا قدم
في الدجى والنهار
ولدنا له ناضجين استدرنا له
فلماذا البكاء، اتبكي الثمار
اذا اقبل الصيف يحقنها في الخلايا
بنار الدمار
نسأل المولى جل شأنه ونضرع اليه ونحن نختتم حديثنا ان يشمل محمد عبد الحي بواسع رحماته وجزيل بركاته وان ينزله منزل صدق مع الابرار والصديقين.
هامش:
استفدنا في هذه المقاربة من مساهمة قدمناها من قبل عن الراحل، اضافة للملف الذي خصص له بحروف العدد 2/3 مزدوج ديسمبر، مارس 1990 – 1991.

http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504335

Post: #27
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:07 AM
Parent: #26

وهنا كلام طازج ايضا نشر اليوم في جريدة الصحافة عن عبد الحي:
البعد الاسلامي في قصيدة العودة الى سنار للشاعر محمد عبد الحي

«ان الشعراء الحقيقين كانوا في كل عهد من المتنبي والشاعر أبي العلاء المعري ودانتي وشكسبير الى آخره ، هم البذرة الحقيقية للانسان ، فهم دائما كنار تشتعل في قلوبهم ودمائهم ، وتقذف نور الله في عيونهم فيكتبون شعرا مجيدا يظل حاضراً».

بتلك الكلمات قدم الشاعر محمد عبد الحي رسالته الخاصة لصديقه الشاعر عمر عبد الماجد ، وهي كلمات تنم عن عمق محمد عبد الحي في ممارسته الشاملة لكل ابعاد الفعل الثقافي ، فقد كان دائم الحضور في مجالات البحث الثقافي والممارسات الابداعية ابداعا وتنظيرا وهي ممارسة تنبع من عمق رؤيته وثقافته وفكره الفلسفي الاجتماعي .



وقد ظل يدعو باستمرار ان يكون للمثقف السوداني دوره في احداث التغيير والتطوير ودوره في تعميق الوعي بالذات السودانية ، برصد حركة التاريخ والوقوف عند مفاصل التحول ولعل ما يميز محمد عبد الحي بأنه ظل منذ نشأته كما ذكر الشاعر مصطفي سند ـ ظل ـ تواقا الى التفرد والى الحرية فلم ينتسب الي تيار فكري او عقائدي ، كونه كان على قناعة عميقة منه ان الادراك الانساني مصب تنتقل اليه الفكرة في تمرحلها : عندما تتطور ومن الذات وبالذات خارج العلم الواقعي وخارج الزمان ، حتي تتحول (كحركة الى نقيضها) (الطبيعية) ثم تستقر في الادراك الانساني .



وكان محمد عبد الحي يقول : «ان المرء لا يمكن ان يكون الا بدوي الروح ، تقمصته البدن بإله مجهول غريب ، عل اذا جاء يوم النصر وانفتح على مغاليق الروح هلل وكبر . ويخيل ان هنالك امتدادا لروح الاسلام وهي لا تنفك تهاجر الى الينابيع الاولى ، ان الاسلام تسرب بطيئا وقويا في حراج افريقيا ، رغم القوة الشيطانية الغاشمة ويقول : تراث الاسلام تراثنا وعقيدته عقيدتنا وثقافته ثقافتنا ـ إن المرء يشرق ويغرب ـ ولكنه يستقر في تراثه وعقيدته ، وكان يري ان الناس في السودان تختلف ولكنها تأتلف في تاريخها وفي دينها .. وقال : «ان الامة السودانية هي المحك في هذا الوطن الثقافي الذي نريد ان يتبلور فيه الناس» .. لقد كان عبد الحي صاحب رؤية في الشعر .. وتجلت تلك الرؤية في شعره وبصورة ادق في قصيدته المطولة (العودة الى سنار) التي حققت قدرا كبيرا من جمع المتعدد الثقافي ، في ملامسة جادة لتاريخ السودان وحضاراته .. التي هي ليست بالعربية المطلقة ، ولا هي دعوة للزنوجة ، بقدر ماهي مزج وتصاهر بين العنصرين في ادراك تام لخصوصية الثقافة السودانية على خلفيتها العربية الاسلامية الممتدة في العمق الافريقي ، وتمكن محمد عبد الحي بلغته ومجازاته ، ومسارب واغوار فلسفته ان يجعل من القصيدة تعبيرا عن الجوهر الديني في النفس البشرية كما اشار بذلك «عبده بدوي» في كتابه «الشعر السوداني» وبهذا يمكن القول بأنه تجاوز مدرسة «الغابة والصحراء» وذلك من خلال تطوره الفكري الذي ميزه عن بقية اقرانه من الشعراء الذين ذهبوا في البحث عن الهوية السودانية من خلال اللون والعرق .



الا ان عبد الحي ارتكز على الثقافة ، وجعل منها محور البحث عن الذات السودانية .. لذا نجده في «العودة الي سنار» قد استطاع ان يحرك الدلالات والرموز وكافة اشكال السيمياء الى فعل ينتقل بها لا بأقصي درجات النقاء والجمال الشكلي فحسب ، بل في تمكنه من ان يجعل القصيدة قاموسا شاسع المساحات لمفردات حضارية عربية اسلامية .. بدءا من (الاستهلال) وحتي تفسيره «بالهامش» وذلك باستيعابه للتراث العربي الاسلامي والتراث المحلي الافريقي والاجنبي ، وحقنه بدم جديد بغرض استنطاق لغوي معاصر يصب في مشروعه الثقافي ورحلة (العودة الى سنار) هي في مضمونها عودة الى الجذور والذات السودانية هذه العودة التي اراد لها ان تأتي متسقة مع العنصر الاسلامي الذي تشكلت به البنية الثقافية السودانية بتلك الاشارة الرامزة «يا ابايزيد ما اخرجك عن وطنك ؟ قال : طلب الحق (قال) الذي تطلبه تركته ببسطام فتنبه ابويزيد ورجع الى بسطام ولزم الخدمة حتي فتح له» وهي اشارة اقتبسها عبد الحي من (كتاب الفتوحات الملكية) للشيخ محي الدين بن عربي وهي اشارة تماثل (العودة الى سنار) ووقف على اطلال زمن حضاري مضي من باب الغياب ...



سأعود اليوم يا سنار



حيث الرمز خيط



والاشارة هنا تفيد ـ حسب ـ سيد أملس في دراسته «الرؤية الابداعية الصوفية في قصيدة العودة الى سنار» حيث قال «انها اغتراب الحال ـ والغربة عن الحق الذي يطلبه البسطامي كانت غربة عن النفس ـ ولذا نجد ان البسطامي في خروجه لم يكن باحثا عن ماء ولا شجر وإنما كان باحثا عن وجه الحق في الاشياء .. وتتجسد العناصر الاسلامية في الديوان مرة اخرى في (الاستهلال) عندما التفت الي محمد ابن عبد الجبار ابن الحسن النفري صاحب(كتاب المواقف) و (كتاب المخاطبات) مقتبسا منها ما يلي : «اوقفني في البحر فرأيت المراكب تغرق والالواح تسلم ، ثم غرقت الالواح ، وقال لي لا يسلم من ركب .. وقال في المخاطرة جزء من النجاة ، وجاء الموج فرفع ما تحته وساح الساحل .. وقال لي ان هلكت في سواي كنت لما هلكت فيه» ولعل تلك العبارات المشحونة بالدلالات الصوفية هي من اقوي الجسور التي استطاعت ان تعبر بها (العودة الى سنار) الي ضفة الحضارة الاسلامية وهي بلاشك عودة الي الذات حيث يشكل روح الشاعر ضمير امته فإن «سنار» هي عاصمة اول دولة اسلامية سودانية ، استطاعت ان توحد السودان في بداية القرن السادس عشر الميلادي ـ سنار ـ اسم له حضوره الاسلامي ، وقدسيته الدينية في السودان ، وهي رمز التلاقح «الآفروعربي» الذي شكل المجتمع السودني حسب ـ محمد عبد الحي

http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504335

Post: #28
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:12 AM
Parent: #27

البعد الاسلامي في قصيدة العودة الى سنار للشاعر محمد عبد الحي 2

بقلم :
فضل الله احمد عبد الله

***************
«بدوي انت ؟
لا .
من بلاد الزنج ؟
لا»
«سنار» في رؤية الشعرية «لغة على اللسان .. وتاريخ . ووطن وحضور ذو حدين :
«ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصان الماء»
والماء في الثقافة الاسلامية رمز للتطهر والاغتسال من الذنوب وهي دعوة دائمة في صلاة المسلم «اللهم اغلسنا من ذنوبنا بالماء والثلج والبرد» والمتأمل للقصيدة لا يخطئ ابدا ذلك الرمز «النار» التي اشار اليها محمد عبد الحي في اكثر من عبارة «مرايا النار» «خيل تحجل في دائرة النار» «ثم تهتز بنار الارض» والنار التي فيها تجاسرت بالحب القديم «مجد الرؤيا ونيران الإله» فالنار حسب قول سيد أملس «في اى صورة كانت ـ نار الشوق ، نار الصبابة ، سارق النار ، طالب النار ، هي حالة موسوية الذي تراءى له المشهود في صورة نار متعلقة بشجرة حيث نودي من الشجرة : ان اخلع نعليك الى «آخر الآيه» فهي مفردة اصيلة في قاموس الثقافة الاسلامية اتخذها الشاعر «معادل للوجود والتوزن بين الاضداد واشارة الى الحقيقة يحجبها الظهور ويبرزها الغيب (الحق) من شدة الظهور والخفاء وحجابة النور» كما هي دلالة لشمس الحقيقة باعتبارها اصل كل نار ونور وعرفان وتجلي . وهذا بالتأكيد ايحاء موغل في البعد الصوفي تكاد ان تضع الشاعر في مدارج السالكين إن كانت «العودة الى سنار» في مستواها الظاهري هي عودة الى المكان او الوطن او الجذور ، فهي في مستواها الجوهري عودة الى الذات في وحدتها الاولى حيث تتصل آفاق النفس بآفاق العالم ، ويلتقي المستويان بعضهما البعض (حيث تاريخ الذات هو تاريخ القبيلة) ويتم التزاوج بين الاشارات والرموز كما اشار بذلك د . عثمان جمال الدين «حيث يمتزج المنحي الصوفي «نبع الشاعر» حيث الايمان بوحدة الوجود بلا تحرج من تمجيد قيم وثنية فما ذاك الا مزج بين اشارات التصوف والطقس الوثني» .
«انا منكم .. جرحي جرحكم
وقوسي قوسكم
وثني مجد الارض
وصوفي ضرير
مجد الرؤيا ونيران الإله»
تأتي قصيدة «العودة الى سنار» بإنفعال الشاعر وإيمانه العميق بثقافة شعبه ، واكتشاف طاقات الأمة في ذاتها وتراثها المتجدد عبر دورة الحضارة الاسلامية بلغة تعطي مدلولاتها وتحمل بين تضاعيفها اثقالها ورموزها ومعانيها مع مفاهيمه الخاصة عن الثقافة والهوية السودانية .
ان محمد عبدالحي قد تجاوز «الغابة والصحراء» وانغمس بشعره في معطيات التراث الاسلامي الصوفي ونهل منها حتي ذاب وتوحد فكانت القصيدة عبارة عن اشارات تنبئ بأن هنالك روحا تقصد الخلاص وتسعي وتسعي عبر تهويمات عميقة تصلح ان تكون اطروحات فكرية
«اليوم يا سنار أقبل فيك أيامي
بما فيها من العشب الطفيلي
الذي يهتز تحت غصون اشجار البريق
اليوم اقبل فيك ايامي بما فيها من الرعب
المخمر في شراييني
ومافيها من الفرح العميق»
ان «سنار» القصيدة هي «سنار» المدينة والاسطورة والرمز والحقيقة .
ان كانت الهوية السودانية عند الكثير من المفكرين والادباء تتأرجح بين العربية والافريقية فأن «العودة الى سنار» تخرج عن دائرة التأرجح برأي ناصع الوضوح مؤداه ان السودان هو مزيج من هذا وذاك تكون وتشكل بانسان سنار او مملكة الفونج أو السلطنة الزرقاء ، وانتظم ذلك العقد في سيرورته تكونا وتشكلا حاضرا في العمق الافريقي .
وجملة القول إن القصيدة بغني تشكيلاتها واشاراتها ورموزها ودلالاتها وعناصرها المتشابكة كمنظومة سيمولوجية ترفع القصيدة الى مستوي قاموس مفردات اسلامية في بحثه عن روح الأمة وعنصرها الاصيل ـ سنار ـ ذلك الفردوس المفقود والتي ظلت وعلى مدى ثلاثة قرون من الزمان ترفع لواء اللغة العربية والدين الاسلامي.

http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147491909&bk=1

Post: #29
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:15 AM
Parent: #28

المؤثرات الحياتية والثقافية التي شكلت شعر محمد عبد الحي
*********************************
في الجزء الاول تعرض الاستاذ علي مؤمن في دراسته للمؤثرات التي شكلت شعر عبد الحي. وأشار الى تنقل محمد عبد الحي في حياته المبكرة بين أقاليم السودان الثقافية المختلفة، مما اعطي شعره هذه الخصوصية الثقافية في تشكيل الصورة الشعرية وفي بناء قاموس لغوي اصيل. هذا الى جانب حياته في مدينة مدني التي شهدت بناء الحركة الثقافية الوطنية في تكويناتها الاولى. وهنا يواصل الاستاذ مؤمن دراسته في جزئها الأخير.
«المحرر»
وعموم المبدعين فرصة طرح ابداعاتهم على بعضهم البعض. واشاعة التفاكر والمثاقفة وتبادل الآراء ووجهات النظر تجاه ابداعاتهم، اضافة لانسحاب الشأن ذاته على المطروح بالكتب والمجلات والدوريات والصفحات الثقافية بالصحف السيارة. ومن هذا المنظور وعلى هذه الخلفية قام شاعرنا برفقة بعض المهتمين بالمسائل الثقافية والابداعية بمدينة ود مدني بإنشاء وتأسيس رابطة ادباء الجزيرة. وذلك في بدايات النصف الثاني من القرن المنصرم. ومما لا شك فيه انهم وهم يقومون بهذا العمل ويعدون له العدة ويرسمون له الخطط، ورد ببالهم وخواطرهم ما تمثله مدينة ود مدني في خارطة الفكر والثقافة بالبلاد. واحسب انهم قد تداولوا باجتماعاتهم ولقاءاتهم في هذا الشأن، اذ أن هذه المدينة العريقة شهدت في النصف الثاني من سنوات الثلاثين «أى قبل قيام رابطة ادباء الجزيرة بحوالي العشرين عاماً» شهدت قيام جمعية ود مدني الأدبية بكل ما تعنيه وتمثله من ثقل فكري وثقافي وسياسي، تمثل في عطائها الثر بالمجلات التي ذكرناها آنفاً، كما تمثل أيضاً في رموزها السامقات والشامخات: الاستاذ / احمد خير المحامي والشيخ مدثر على البوشي وغيرهم. وغني عن القول أن هذه الجمعية قد لعبت دوراً كبيراً ومهماًَ في الحركة الثقافية والتنويرية. ومن ثم ساهمت ضمن غيرها من الجمعيات الشبيهة في دفع الحركة الوطنية خطوات وخطوات نحو الامام. وقد تضافرت هذه الجهود التي بذُلت- هنا وهناك - وفي شتى بقاع الوطن في الارتفاع بمعدلات الوعي بالقضايا العامة الى ان تمخض عن ذلك قيام مؤتمر الخريجين العام. وقد أسفر نشاط المؤتمر عن تأجيج حركة التوعية العامة واذكاء شعلتها التي ظلت متقدة حتى قيام المؤتمر الادبي الاول في (1939م). وقد تواصل هذا البذل والعطاء وتفاعل حتى أسفر آخر الأمر عن قيام الأحزاب السياسية التي حققت ضمن غيرها من فعاليات شعبنا، الاستقلال السياسي في غرة يناير (1956م).
ان الدور الثقافي لجمعية ود مدني الأدبية مقروءاً مع أدوار ثقافية لجهات وتنظيمات اخرى، إضافة لأدوار بعض الأفراد كالمفكر المرموق - ابن ود مدني- بابكر كرار. والمثقف البارز توفيق احمد البكري «وهو ايضاً من ابناء ذات المدينة»، ان الادوار هذه كان لها - كما نعتقد- اكبر الأثر في عقول ووجدان وافئدة مجموعة رابطة ادباء الجزيرة. وضمنهم الشاعر محمد عبد الحي. وأحسب إنه منذ ذلك الوقت تعاظم لديه الاهتمام الجاد بالشأن العام وبقضايا الوطن. وقد رافقه ذلك الأمر الى أخريات حياته القصيرة جداً بحساب الأيام والسنوات، الى ان تخطفه الموت:
هُنا أنا والموت جالسانْ
في حافَّة الزمانْ
وبيننا المائدة الخضراء
والنردُ والخمرةُ والدخانْ
من مثلنا هذا المساء؟
بعض الرؤى
عاصر الفنان التشكيلي حسين جمعان بلندن فترة مهمة ومضيئة في مشروع عبد الحي «العودة الى سنار»، كما قام أيضاً برسم وتصميم ديوان شاعرنا «حديقة الورد الأخيرة» يقول جمعان الآتي:
اعترف ان عبد الحي في لندن كان يستمع كثيراً للموسيقى الآسيوية وبالذات الهندية. وقد انكب على قراءة الكتاب المقدس. وقرأ عدة أشياء تتعلق بالحيوان وسلوكه. ووقف على الرسوم الايضاحية القديمة للمجرات والنجوم. ودرس حياة وعادات الانسان القديم في الحضارات المختلفة. ولعل هذا ما جعل شعر محمد عبد الحي بمثابة لوحة تكاد تنصهر وتتوحد فيها كل الفنون. وفي هذا الإطار نجد أن قصيدة شاعرنا المطولة «العودة الى سنار» يصنفها البعض بأنها مسرحية، في حين يصنفها البعض الآخر بأنها رواية شعرية. وأيضاً وفي ذات السياق والمعاني يقول الدكتور عمر عبد الماجد «الصديق الحميم لشاعرنا وزميله في الدراسة» عن رفيق دربه وخدنه الآتي: كان محمد عبد الحي موسوعة في الثقافة، اذ كان متعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف المتبحر في التاريخ، السياسة، الشعر، الفلسفة، المسرح، الموسيقى، الرسم، التصوف والفلك. كما يتحدث ايضاً عن وضاح اليمن، الشيرازي، المتنبئ، الخيام، ابن سينا، ابن رشد، ابن خلدون، شكسبير، بودلير، حمزة الملك طمبل والتجاني يوسف بشير...الخ، حديث العارف الملم وكأنه عاش مع هؤلاء النفر وعايشهم عن قرب وعرف أسرار ودقائق فنونهم وصناعتهم. وقد كست هذه الثقافة الرفيعة شعره بعمق عميق الغور. ومن ثم جعلت منه شعراً عصياً إلاّ على من ثابروا على الإطلاع الواسع والمتنوع.
كتب الشاعر محمد عبد الحي رائعته «العودة الى سنار» في بداية سنوات الستين من القرن الماضي. وقد أثارت القصيدة منذ أن تم نشرها على صفحات صحيفة «الرأي العام» في عام (1963م) ولا تزال، كماً هائلاً وكبيراً من النقاش، اضافة لكونها أصبحت محوراً للعديد من الدراسات والابحاث التي تطرقت لها عبر شتى الرؤى والمفاهيم.
جدير بالذكر أنَّ القصيدة ذاتها قد نشرت في عام (1965م) على صفحات مجلة «حوار» اللبنانية. وهى مجلة متخصصة في الإبداع الأدبي. وقد قالت الدكتورة سلمى الخضراء عن هذه القصيدة الآتي: انها - أي القصيدة- تعكس التصاقاً حميماً بالبيئة وبالتراث الشعبي وتاريخ الحضارة في السودان، ان الشاعر بانهماكه في معالم البيئة السودانية، انما يكتب في العرف الشعري الذي بدأه المجذوب أيضاً يوم كتب قصيدة «المولد» في سنة (1957م). فرسم كما بريشة رسام، صوراً لاحتفالات المولد النبوي في الخرطوم.
سنارالمعنى
كتب محمد عبد الحي ملحمته الذائعة الصيت «العودة الى سنار». وأعاد كتابتها مرات عدة، قام خلالها واثناءها بالتنقيح والتشذيب والاضافة والاسقاط واعادة النظر- في القصيدة- بصورة مستمرة الى ان استقرت على شكلها النهائي والأخير، إلا أنها وفي مراحل كتابتها العديدة وإعادة النظر المستمرة فيها وفي صياغتها وتركيبها، قد استغرقت شاعرنا لسنوات طوال. ومن ثم أخذت منه الكثير والكثير جداً، الأمر الذي جعله يخشى أن يدور في فلكها ويصعب عليه «من بعد» الانفلات من أسرها. وقد عبر شاعرنا عن هذه المعاني بالقول الآتي:
لقد اصبحت هذه القصيدة مركزاً جاذباً لقواي الشعرية. واذا لم اتخلص منها تماماً فستظل تجتذبني وذلك مضر. الى قوله ربما كانت العودة الى سنار دفعة في كيان الفنان في شبابه، حينما رغب في ان يشكل في مصهر روحه ضمير أمته، الذي لم يخلق بعد. وربما كانت - أى القصيدة - فتحاً آخر. والا فكيف افسر انها كتبت سبع مرات أو نحو ذلك. وكأنها تدرج من مقام الى مقام، حيث تاريخ الذات وتاريخ القبيلة شئ واحد.
وغنيُ عن القول ان سنار بكل ما تشيعه من معانٍ وتوحي به من دلالات جد عميقة، قد شغلت مجمل أمتنا وحظيت بكبير اهتمامها، بذات القدر الذي شغلت فيه شاعرنا والتصقت بوجدانه ودواخله. وصارت بالتالي محوراً لبعض فنه وابداعه، ممثلاً في رائعته «العودة الى سنار» وغيرها من ابداعه الشعري:
سنار تُسفرُ في بلاد العرب
جرحاً أزرقاً، قوساً
حصاناً أسود الأعراف
فهداً قافزاً في عتمة الدم
معدناً في الشمس مئذنة
نجوماً من عظام الصخر
رمحاً فوق مقبرة
كتابْ
إن محمد عبد الحي، الشاعرالفذ والأديب المميز والمبدع الجهير الصوت والأكاديمي الغزير المعرفة، رفد المكتبة الثقافية وأمدها بالعديد من الروائع النفيسات، نورد منها الآتي: أجراس القمر، رؤيا الملك، العودة الى سنار، معلقة الإشارات، السمندل يغني، حديقة الورد الأخيرة واقنعة القبيلة.. الخ.
ان هذاالشاعر رفيع الطراز والمثقف المرموق، بل قل هذاالطود الشامخ، سيظل معلماً بارزاً في الساحة الثقافية والإبداعية ببلادنا. وهو- كما قيل عنه- لم يعش سوى ستة واربعين عاماً، قضى منها ستة وثلاثين عاماً فقط في الصحة الكاملة، ورغماً عن ذلك تراكم انتاجه تراكماً يلاحظ المتأمل فيه صعوبة الاحاطة به - كماً وكيفاً -إضافة لذلك فقد أثبت شاعرنا- كما تحدث المتحدثون- إنّ الابداع ارادة وعزيمة..الخ. وبهذه المعاني الطيبات ظل محمد عبد الحي ينتج وينتج، بالرغم من مرضه ووهن جسده وضعفه. وقد تواصل انتاجه - ربما - بنفس الوتائر التي تواصل فيها وهن الجسد وضعفه، الى ان جاءت ساعة الرحيل عن هذه الفانية:
هوَ الموت يسعى الينا بلا قدمٍ
في الدُّجى والنهار
ولدنا له ناضجين استدرنا له
فلماذا البكاء: أتبكي الثمار
إذا أقبل الصيف يحقنها في الخلايا
بنار الدَّمار؟
نسأل المولى جلَّ شأنه ونضرع اليه ونحن نختم حديثنا، ان يشمل محمد عبد الحي، بواسع رحماته وجزيل بركاته. وأن ينزله منزل صدق مع الأبرار والصديقين.
هامش:
استفادت هذه المقالة من الملف الذي خصص للشاعر، على صفحات مجلة «حروف» الصادرة عن دار جامعة الخرطوم للنشر «أنظر العدد 2-3 مزدوج ديسمبر/مارس 1990م-1991م».

http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147487319&bk=1

Post: #30
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:18 AM
Parent: #29

حــــول مفهــــــــوم «العودة» في شعر محمد عبدالحي

راشد مصطفي بخيت
***************
تأمل هذه الوريقة في قراءتها كشف النقاب الفلسفي والجمالي لإشكالية كثر تكرارها في مرتع النقد الأدبي منذ أمد ليس بالقليل.. وعلى ما يبدو أن زيت القراءات المفتوحة الدلالة كواحدة من معاول النقد المعاصر تم صبها مؤخراً على موقد شعري ظلت قراءته الكلية حبيسة العراك الآيديولوجي ذو البعد الآحادي النظر والآراء المسبقة المدعومة بشواهد جزئية من النص الشعري.
وهذه القراءات التأويلية تختلف في أسلوبيات بحثها عن المنهجيات المستخدمة والتي تنطلق من فكرة «موت المؤلف» كأساس لقراءتها النقدية، اذ أن مثل هذه القراءات تعمل الى استنطاق البنية الكلية للنص الشعري في بنائيته الداخلية من حيث اتجاه الحركة/ جماليات النص الشعري، والتي يتم بموجبها تحديدالانتظام الشعري في فيزيولوجيا الجسد/ النص، ومن ثم فإن أى قراءة تتأسس مقولاتها على نسق هذه القراءة لاتعتمد في الأساس على تأويل ذرائعي يبني على تحديدات مسبقة واستكناه دلالات المعنى الجزئي للكلمة لغوياً. فكما يقول منظرو هذا الاتجاه في النقد:
«المعنى أضعف حلقات النص».. لذلك ترتكز رؤيتهم محورياً على أسلوبيات الخطاب /النسق/ النظام/ السلطة كمقولات تعمد الى دراسة البنية الكلية على نحو جمالي، وعليه فإن التحليل اللغوي في بنية النص الأدبي - بهذه الكيفية - يتحرك معتمداً على«سياق» اللغة في وحدتها البنائية لا في نزعها من جملة النسق اللغوي الذي تبنى داخله..ومن هنا وجب التمييز في أسلوبيات القراءة النقدية بين شيئين على نحو من الأهمية:أولهما يقع في مضمار المحاولة في الانفكاك من براثن الاختناق الآيديولوجي والتمييز بين منهجيات القراءة النقدية دون الوقوع في مغبات الخلط المبني على جمع النقائض دونما تمهيد يوضح جملة المفاهيم المستخدمة في القراءة.
وثانيهما النظر في كلية النص الشعري داخل بنائيته الخاصة التي تقع داخل مقولات المنهج.
وممَّا دفعنا لكتابة هذا أن بعض القراءات النقدية المتناولة لشعر «محمد عبدالحي» تناولته - أو تناولت مدرسة الغابة والصحراء- ولم تميز تماماً بين مقولات المدرسة أدبياً وبين مقدراتها المبنية على أساس فلسفي يستشف محاولة العودة للجذور عبر بحثه عن وجدان جماعي لأمة لم تتشكل أو تتجانس مكوناتها بعد..
ومفهوم «العودة» الى سنار بهذا المفهوم يقع في نطاق المقولات الفلسفية والتي تأخذ احتمالات أجوبة محدودة.. فسنار المركز الحضاري في عمق التاريخ تقع داخل فضاء القراءة «الأدلوجة» حسب تعبير الروي على مرمى حجر من إسلاميةالتركيب والثقافة، وهذا قول مجافي لمقولات الواقع السناري كما هى عليه فعلياً أو كم تجلت في التاريخ. فالفللكورالسوداني و فق منهجياته في دراسة المجتمع السناري يميز بين مقولتين مسألة التمييز بينهما تكون على نحو بالغ من الاهمية هما: الاسلام الشعبي- الاسلام الرسمي واللتان تعنيان في حمولتهما المفاهيمية وجوب التفريق بين أنماط التدين التي تشكل المجتمع السوداني وسنار على وجه الخصوص فما تذكره «مخطوطة كاتب الشونة» و«كتاب الطبقات» يدلل على أن إسلام هذه البؤرة السنارية يقع داخل محيط «الاسلام الشعبي» أو التصوف والذي هو على وجه نقيض من جانب الإسلام الرسمي والذي يتشكل من جملة العادات والمعتقدات والموروثات السابقة على الاسلام والتي تحوي في كثير من الأحيان على الشئ وضده لكن ضمن وحدة منسجمة يمكن أن نطلق عليها إسم «وحدة المتعدد» والتي هى في باطنها تعبر عن مساحة الحركة الممكنة داخل الوجدان الجماعي المشكل لجزء كبير و مهم في تركيبة الشخصية السودانية حتى الآن، اضافة الى ان ما يورده «ود ضيف الله» من وقائع حياة المجتمع السناري نفسه لهى أكبرالدلائل على صحة ما تزعمه ورقتنا هذه وللإشارة فقط يمكن الرجوع لما قاله عن «كيفية الزواج في الدولة السنارية».
هذه الوشائج المعلنة، عبر عنها شعر محمد عبدالحي في اشارات كثيرة وبأشكال متعددة من التركيب الحضاري المتعدد اثنياً في تاريخيته عبر:
- (أنامنكم ؟؟؟ عاد يغني بلسان، ويصلي بلسان)
( الليلة يستقبلني أهلي:
أرواح جدودي تخرج من
فضة أحلام النهر
ومن ليل الأسماء
تتقمص أجساد الاطفال
تنفخ في رئة المداح وتضرب الساعد عبر ذراع الطبال)
- (الليلة يستقبلني أهلي
أهدوني مسبحة من أسنان الموتى
ابريقاً،جمجمة، مصلاة من جلد الجاموس)
- (أنا منكم جرحي جرحكم
وقوسي قوسكم
وسنى مجّدالأرض وصوفي ضرير
مجد الرؤيا ونيران الإله)
- (ثم تنام نيام الحراس
لتولد بي الحرمروالاجراس،
شفة، خمراً، قيثاراً
جسداً ينضح بين ذراعي شيخ
يعرف خمر الله وخمر الناس)
وكل هذه الاشارات تحمل دلالاتها الثقافية - المشار اليها من قبل الشاعر - عن وجوب وضرورة التمييز الفعلي في أنماط التدين السناري والمكتسب من جملة موروثات سابقة على الاسلام السناري وتضم في داخلها مكونات الثقافة المروية والافريقية على حد سواء (جلد الفهد / الزهرة/ والثعبان المقدس/ الحرمر والاجراس) وبين الطابع الرسمي للإسلام و المتشكل ذهنياً بمعزل عن شرط الواقع السناري المتكون على غرار «بنية التصوف» المعنية في طابع ومفهوم العودة.
إذن فسنار المملكة الزرقاء وسنار الحلم الشعري لمحمد عبدالحي لا يستقيم انتزاعها فلسفياً من هذا السياق، الا داخل إطار ما أسميناه آنفاً بالقراءة الآىديولوجية المحضة فهى كبؤرة تدل على واقع إنبنت مقولاتها كلياً على تشخيص جماليات المكان السناري في هيئته الفعلية وليست المفترضة ذهنياً.
وهذا ما يفسر لنا نسيج البنية التمازجية داخل التصوف السوداني والثقافة الافريقية اللذان تجمعهما علاقات تماثل مكتملة الأجزاء فمفهوم«الأولياء» مشتق من أسطورة «الغريب الحكيم» الافريقية و«حلقات الذكر الصوفي» تتماثل مع «دائرة الرقص الافريقي» والطبول والايقاعات الجماعية.
وهنا يكمن مربط القصيدة، وهنا وحده ما يمكننا من قراءة شعر محمد عبدالحي قراءة مجمل انتاج مدرسة الغابة والصحراء قراءة ليست ذات رئة مهترئة تتقصد هواء «الأدلوجة» بل قراءة تعمد الى مزج ثنائية «الافرو عروبية» سليلة الغابة والصحراء.
وهذا أيضاً ما يمكننا من تحليل الظاهرة التكنولوجية والمفاجأة في سر العودة الى التصوف عند محمد المكي ابراهيم في ديوانه الرابع «البستان يختبئ في الوردة» بعد جملة دواوين ثلاثة ظلت تفور منها روائح الاحتقان الأفريقي المتشدد.
إذن فالعودة الى سنار بهذا المفهوم هى عودة واضحة لإعادة التفكير في تركيبة المجتمع السناري وامكانيات التعايش الديني والثقافي التي كما ذكرنا سابقاً هى أميز مقومات الدولة السنارية حضارياً رغماً عن أن تناولها الشعري عن رواد مدرسة الغابة والصحراء عموماً وعند «محمد عبدالحي» على وجه الخصوص نستطيع ان نوجه له سهام نقدنا وقراءتنا المختلفة لأن المشروع الهويوي في بنيتها إنبنى على علاقات التجاور كما يبين النص الشعري وليس علاقات التمازج.
الغابة والصحراء/ النخلة والأبنوس/ الوجه والقناع/ الثمر الناضج والجذر القديم/ البروق والرعود/ تمثالاً من العاج وزهرةً مقدسةً.
----

http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147492237&bk=1

Post: #31
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2007, 02:31 AM
Parent: #30

هنا مقال للشاعر اللبناني محمدعلي شمس الدين يتحدث فيه عن كتاب مختارات شعرية قام بها الصديق الناقد الكبير مجذوب عيدروس ،وفيها كلام عن المركز والهامش الحداثي الشعري العربي،وبه ايضا اشارات الى شعر محمد عبد الحي:
يظهر ان الحداثة الشعرية العربية، على الرغم من الالتباسات الكثيرة المحيطة بمفهومها ومصطلحاتها وحدودها، انطلقت مكانياً، على امتداد القرن الفائت، العشرين، وبخاصة من اواسطه، من مراكز او عواصم عربية، لا تعدو ثلاثاً هي: بغداد وبيروت والقاهرة.
وبقيت الاطراف، بالنسبة للمركز الثلاثي المذكور، سواء كانت في الجزيرة والخليج، او في المغرب العربي، او في افريقيا، على تماس ضعيف ومحدود مع قيم الحداثة الشعرية العربية ونظرياتها النقدية، ونصوصها الابداعية..

ففي حين برزت اسماء شعرية كبيرة في العراق من امثال بدر شاكر السياب وعبدالوهاب البياتي ونازك الملائكة وبلند حيدري، وفي مصر اسماء كل من صلاح عبدالصبور واحمد عبدالمعطي حجازي ومحمد عفيفي مطر وبعد ذلك أمل دنقل، وفي بيروت اسماء يوسف الخال وأدونيس وخليل حاوي وأنسي الحاج وشوقي أبي شقرا (في قصيدة النثر)،،، وفي حين استقطبت مجلة شعر ومجلة الآداب النصوص والاسماء الشعرية الحداثية، فضلاً عن النظريات المنقولة من الغرب أو المتأثرة به،، فإننا نجد صعوبة في ذكر اسم شاعر حداثي بارز، من خارج اطار هذه المركزيات الثلاث.. واذا كانت الاطراف تطل على المركز، او تساهم فيه احياناً، فمن خلال الاندراج فيه، نشاطاً وحواراً وفعالية، في نشر النصوص، في المجالات او في دور النشر، وفي عقد المؤتمرات الادبية،،، وعلى هذا، لم تكن ليبيا على سبيل المثال، ولا السودان، ممن خاض الحداثة الشعرية العربية، وقدم لها الأسماء والنصوص، اللهم إلا اذا اعتبرنا محمد الفيتوري من المؤسسين، وهو ليس كذلك، والامر عينه يقال عن الجزيرة والمغرب العربي.. ذلك لا يمنع بالطبع، من الاشارة لاسماء شعرية مهمة خارج اطار مركزيات الحداثة الشعرية الثلاث، لكنها، في حال وجودها، كانت مضطرة للانجذاب للمركز، فالفيتوري عرف في مجلة الآداب في بيروت، وجبرا في مجلة شعر، والشعراء البعيدون او المبعدون عن بلادهم في اوروبا او الولايات المتحدة الاميركية (مثل سركون بولص)، اطلوا على العربية من نوافذ المدن الثلاث.

لم يشذ الشعر السوداني عن هذه القاعدة. والاهتمام الابداعي والنقدي به لم يكن مركزياً بل كان جانبياً.. كانت اصوات شعراء من امثال الفيتوري (الذي وصل بقوة من خلال النكهة الافريقية الحارة لقصيدته)، وصلاح احمد ابراهيم (صاحب غابة الابنوس) وجيلي عبدالرحمن ومحمد عبدالحي، تصل من خلال مجلة الآداب اللبنانية بشكل خاص. والاهتمامات النقدية بهذا الشعر، بقيت محدودة، لا تتجاوز اسماء عدد قليل من النقاد من امثال عبده بدوي ومحمد النويهي وعبدالمجيد عابدين واحسان عباس. اما احمد ابوسعد، فغلب على عمله حول الشعر السوداني، سمة العرض (الجزئي) للنماذج الشعرية، والتجميع، اكثر مما سيطر النقد والتحليل. ونكاد نقول انه، حتى اليوم، وعلى الرغم من صدور كتاب «مختارات من الشعر السوداني» اخيراً بتاريخ 1/6/2005، من اعداد مجذوب عيدروس، ورسوم احمد ابراهيم عبدالعال، في اطار سلسلة «كتاب في جريدة» الصادر عن اليونيسكو، فإن هذا الشعر برموزه واتجاهاته وابعاده، مازال يعيش في الظل.. والبارزون فيه، اما غابوا عن هذه المختارات، كمحمد الفيتوري مثلاً، او لم يأخذوا حقهم من الاهتمام مثل صلاح احمد ابراهيم وجيلي عبدالرحمن ومحمد عبدالحي.. بخاصة محمد عبدالحي، ومحي الدين فارس.

المقدمة التي كتبها مجذوب عيدروس للمختارات مبتسرة وغير وافية، وهي لا تعدو ان تكون مسرداً سريعاً لاسماء عدد من الشعراء السودانيين من مطلع القرن العشرين حتى نهاياته، اقدم اسم لمحمد احمد المحجوب (المولود العام 1908م)، والاحدث لبابكر الوسيلة سرالختم من شعراء التسعينات.. ثمة اسم يرد لشاعر عن نهاية القرن التاسع عشر هو عبدالله محمد عمر البنا المولود في أم درمان العام 1890، وعدد من شعراء السبعينات من القرن الماضي مثل عالم عباس محمد نور ومحمد المكي ابراهيم. الشعراء المختارون خمسة وعشرون. بعضهم أورده المصنف من دون اية سيرة حياتية وادبية مثل جيلي عبدالرحمن (وهو من اهم الشعراء السودانيين)، والبعض الآخر لم يرد تاريخ ولادته.. وسير الشعراء المثبتة في نهايات مختاراتهم الشعرية (وهي لا تتجاوز قصيدتين او ثلاث قصائد على الاكثر لكل شاعر)، مختصرة جداً، ولا تقدم اية رؤية نقدية، ولو اولية، للشاعر ليس ثمة من ذكر لمجموعة «نار المجاذيب» لمحمد احمد محجوب، وهي مجموعة قصائد ذات نكهة صوفية، ونار هادئة لانخطاف المجاذيب.. كما كان في الامكان افراد فصل مميز للنكهة الصوفية في الشعر السوداني، حيث تسود الطرق الصوفية، وهي السمة الابرز في هذا الشعر، بل لعلها ابرز سمات شعر الفيتوري بالذات في ديوانه «اغنية لدرويش متجول»، وشعر محمد عبدالحي.. وان قصيدة الفيتوري «في حضرة من اهوى» هي من الشهرة والجمال بحيث لا يجوز اهمالها:

«في حضرة من أهوى

عبثت بي الاشواقْ

حدقت بلا وجه

ورقصت بلا ساقْ

وزحمت براياتي

وطبولي الآفاقْ

عشقي يغني عشقي

وفنائي استغراقْ

مملوكك لكني

سلطان العشاق».

الشعر السوداني، على العموم، خارج اطار النكهة الصوفية التي تميزه، والتي تنفح من طبيعة المكان، والطبيعة التاريخية للمعتقدات الدينية، حيث يتمزج طقس الدين بطقوس السحر الافريقي، هو شعر تقليدي يتوق الى الحداثة، ويتلمس فيه الدارس، خيوطاً من خصوصية المكان والبيئة. وكما يقول مجذوب عيدروس، فإننا حين نجوس في الشعر السوداني، فكأننا «نجوس داخل غابة متشابكة الاغصان» لكن، من الصعب، بل من المستبعد جداً، العثور على خيوط نوبية قديمة في طينة هذا الشعر.. على الاقل، في الشعر المكتوب بالعربية الفصحى. ولعلنا واقعون على خيوط وبصمات محلية في الشعر الشعبي، لكن ما وصل الينا من مختارات هو بالفصحى.

ثمة اشارة ذات قيمة اوردها محمد النورين ضيف الله صاحب كتاب «الطبقات»، عن شعراء عرفوا في عصر مملكة سنار 1505م - 1821م، من بينهم الشيخ اسماعيل صاحب الربابة،، «الذي له نغمة يفيق منها المجنون ويذهل لها العاقل»، وهو شاعر اتخذه شاعر حديث كمحمد عبدالحي رمزاً اقترب به من أورفيوس الاغريقي.. لكن المختار من شعر محمد عبدالحي، لا يظهر صورة هذا الشاعر الاصيلة الخاصة والعميقة.. فهو شاعر عانس قليلاً (1945 - 1989)، ولكنه كتب عميقا وجميلاً، سواء في ديوان المدهش «العودة الى سنار» او في مجموعة «حديقة الورد الأخيرة» او «السمندل يغني». وقد غذى موهبته المحلية الاصيلة بالثقافة الانجليزية، من جهة تضلعه بالشعر الانجليزي وتدريسه الجامعي له.

يقول في النشيد الاول من قصيدة «العودة الى سنار»، بعنوان البحر:

«بالأمس مر اول الطيور فوقنا

ودار دورتين قبل ان يغيب/ كانت كل مرآةٍ على المياه فردوساً من الفسفور..».

ويصور في هذه القصيدة العام البدئي للحياة في البحر، حيث تظهر حيوية اللغة والصورة والايقاع في كامل أبهتها:

«امس رأينا اول الهدايا/ ضفائر الاشنة والليفَ على الأجاجِ

لن بقايا الشجر الميت، والحياة في ابتدائها الصامت بين علق البحار

في العالم الاجوف حيث حشرات البحر في مرحها الاعمى تدب

في كهوف الليف والطحلب لا تعي انزلاق الليل والنهار..»

ثمة طقوسية افريقية سودانية في شعر محمد عبدالحي، حيث تخرج ارواح الجدود من ضفة النهر، وتتقمص اجساد الاطفال، وحيث، على ايقاع الطبول، يستقبل الاهل ابنهم العائد ويهدونه «مسبحة من أسنان الموتى - ابريقاً جمجمةً - مصلاة من جلد الجاموس - رمزاً يلمع بين النخلة والابنوس - لغة تطلع مثل الرمح... كامرأة عارية تنام - على سرير البرق في انتظار ثورها الابيض الذي يزور في الظلام - وكان أفق الوجه والقناع شكلاً واحداً.. على حدود النور والظلمة بين الصحو والمنام».

هذا الشعر الطقوسي السوداني لمحمد عبدالحي، لا نعثر على ما يشبه او يسير في اتجاهه، حاملاً نكهة السحر والاسرار والطقوس الافريقية، واللغة او العبارة المحلية، عند الكثيرين من الشعراء المختارين في الكتاب. وكان علينا ان نقطع كتاب الشعر السوداني بكاملة، لكي نصل الى محمد عبدالحي، ونتوقف عنده ملياً، بعد وقفات عند جيلي عبدالرحمن ومحي الدين فارس وصلاح احمد ابراهيم وكجراي والتجاني يوسف بشير الذي سجل لنا صلاح عبدالصبور تأثره به لجهة المنحى الصوفي، في قصيدته «الصوفي المعذب».

http://www.alriyadh.com/2005/07/07/article78196.html

Post: #32
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Osman Musa
Date: 09-02-2007, 03:49 AM
Parent: #31




د / سعاد
سلام شديد وشكر
رحم الله عبدالحى
سيد بلادنا الكبيرة وأضخم من صال وجال فى صدرها.
كان حامل عبء الشعر . رسم للناس خرائط الجمال والاندهاش .
_ سوف تبقى بقايا من رائحته فى كل مكان فى البلاد والعباد
لك الرحمة .








Post: #33
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-02-2007, 11:50 AM
Parent: #32

على ضوء منهج الامام البخارى ومنهجه فى جرح وتعديل الرواه وصولا لتثبيت الحديث الصحيح عما سواه تنبع قيمه الدكتوره سعاد تاج السر فى حديثها او اشارتها الى استاذها عبد الحى من مشاهدتها له وجلوسها فى مجلس درسه باداب الخرطوم واخذها اكثر من مقرر اكاديمى عنه فى فتره حرجه وحاسمه جدا لعبالحى اثناء احتضاره الطويل " درست سعاد على عبدالحى خلال اخر 3 سنوات من عمره " وتكاد تكون اكثر الطلاب الذين تتلمذوا عليه تلك الفتره اخذا منه وحديثا اليه لذا فلنستمع جيدا الى ما تقول حوله ..
اثناء سنوات طلبها حاورت سعاد الشاعر عبدالحى حوار متميزا نشر فى صحيفه السياسه السودانيه بتاريخ 6 مارس 1988 ويكاد يكون ذلك هو الحوار الرابع قبل الاخير الذى تم مع عبدالحى فى حياته الجميله عنوان حوارها ذاك " لست افريقيا " وجوهره اشاره خفيه الى رفضه مفهوم الثنائيه فى الهويه والفكر باعتبار ان الانسان هو الانسان واحدا عند الله كالكعبه المشرفه او كما قال ذلك فى سياق التفاته الى خطا ربما وقع فيه فى شبابه وحديثه عن ثنائيه غابه وصحراء وافريقى وعربى ...حبذا لو تكرمت الدكتوره سعاد بنشر هذا الحوار الهام الذى افدت منه كثيرا اثناء محاولتى المتواضعه الكتابه عن عبدالحى فى اكثر من محفل ...
امرا اخر بعض الطلاب المهتمين بالادب وسعدوا بالتتلمذ على عبدالحى فى جامعه الخرطوم كانوا يترددون كثيرا على مكتبه ويتجاذبون معه احاديثا فى الادب وتجربته الشعريه ولعل ابرزهم الامين البدوى ومسمار على السقيد وطالبه خضراء اسمها حواء الطيب تقيم الان بامريكا فحبذا لو عملوا على تنشيط ذاكرتهم والحديث عن تجاربهم مع عبدالحى املا فى اضاءه بعض العتمه حول مشروعه الشعرى الذى يراه البعض غامضا ومضطربا علما ان عبدالحى فى مكتبه او المحاضره كان يفتح قلبه وعقله لمن يود من الطلاب ويتحدث على السجيه حول تجاربه وشعره ومراجعه وانهاره الباطنيه عموما

Post: #47
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-03-2007, 08:07 PM
Parent: #33

Quote: على ضوء منهج الامام البخارى ومنهجه فى جرح وتعديل الرواه وصولا لتثبيت الحديث الصحيح عما سواه تنبع قيمه الدكتوره سعاد تاج السر فى حديثها او اشارتها الى استاذها عبد الحى من مشاهدتها له وجلوسها فى مجلس درسه باداب الخرطوم واخذها اكثر من مقرر اكاديمى عنه فى فتره حرجه وحاسمه جدا لعبالحى اثناء احتضاره الطويل " درست سعاد على عبدالحى خلال اخر 3 سنوات من عمره " وتكاد تكون اكثر الطلاب الذين تتلمذوا عليه تلك الفتره اخذا منه وحديثا اليه لذا فلنستمع جيدا الى ما تقول حوله ..
اثناء سنوات طلبها حاورت سعاد الشاعر عبدالحى حوار متميزا نشر فى صحيفه السياسه السودانيه بتاريخ 6 مارس 1988 ويكاد يكون ذلك هو الحوار الرابع قبل الاخير الذى تم مع عبدالحى فى حياته الجميله عنوان حوارها ذاك " لست افريقيا " وجوهره اشاره خفيه الى رفضه مفهوم الثنائيه فى الهويه والفكر باعتبار ان الانسان هو الانسان واحدا عند الله كالكعبه المشرفه او كما قال ذلك فى سياق التفاته الى خطا ربما وقع فيه فى شبابه وحديثه عن ثنائيه غابه وصحراء وافريقى وعربى ...حبذا لو تكرمت الدكتوره سعاد بنشر هذا الحوار الهام الذى افدت منه كثيرا اثناء محاولتى المتواضعه الكتابه عن عبدالحى فى اكثر من محفل ...
امرا اخر بعض الطلاب المهتمين بالادب وسعدوا بالتتلمذ على عبدالحى فى جامعه الخرطوم كانوا يترددون كثيرا على مكتبه ويتجاذبون معه احاديثا فى الادب وتجربته الشعريه ولعل ابرزهم الامين البدوى ومسمار على السقيد وطالبه خضراء اسمها حواء الطيب تقيم الان بامريكا فحبذا لو عملوا على تنشيط ذاكرتهم والحديث عن تجاربهم مع عبدالحى املا فى اضاءه بعض العتمه حول مشروعه الشعرى الذى يراه البعض غامضا ومضطربا علما ان عبدالحى فى مكتبه او المحاضره كان يفتح قلبه وعقله لمن يود من الطلاب ويتحدث على السجيه حول تجاربه وشعره ومراجعه وانهاره الباطنيه عموما.

الأستاذ الفاضل أحمد الأمين أحمد،
كل الشكر والتقدير على هذه المساهمة القيّمة
وعلى كريم كلماتك التي شرّفني جداً قرائتها والإعتزاز بها.
كان ذلك زمناً جميلاً ورائعاً.
أسعدني جداً متابعتك للحوار الذي كنت قد أجريته مع د. عبدالحي في 1988،
سنة واحدة قبيل رحيله عنا في 1989
وسعدت أكثر بأن مادة الحوار كانت مفيدة لجوانب في بحوثك الأدبية
التي أتمنّى أن تحفنا ببعض منها متى ما سمح وقتك.
سأحاول البحث في أوراقي (رغم كثرة الترحال) لإيجاد نسخة الحوار وإيرادها،
كما طلبت، لكن إن كانت لديك نسخة أقرب أرجو أيضاً أن تتحفنا بها
فقد كان ذاك حواراً طويلاً تحدّث فيه عبدالحي بكرم فيّاض
وهذا لا شك يصب في صميم توثيقنا لإسهاماته وأرائه.

عاطر التحايا وصادق المودة لك والأسرة الكريمة.

Post: #46
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-03-2007, 07:59 PM
Parent: #32

Quote: د / سعاد
سلام شديد وشكر
رحم الله عبدالحى
سيد بلادنا الكبيرة وأضخم من صال وجال فى صدرها.
كان حامل عبء الشعر . رسم للناس خرائط الجمال والاندهاش .
_ سوف تبقى بقايا من رائحته فى كل مكان فى البلاد والعباد
لك الرحمة.

الأستاذ الفاضل عثمان موسى،
كل الشكر والتقدير على هذا الإثراء الجميل
لتخليد ذكرى شاعرنا المقيم عبدالحي
بحسك الفني الرائع.
لك ولأسرتك الكريمة أجمل التحايا وصادق المودة.

أسمح لي أن أشكر أيضاً الأستاذ الفاضل عصام دهب
على رسالته المقدّرة التي رأيتها الآن وأنا أهم بإرسال
ردي هذا إليك. ونتابع الردود تقديراً ومعزّة
لكل من أسهم بالمشاركة في هذا التخليد النبيل

Post: #34
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: nada ali
Date: 09-02-2007, 01:16 PM
Parent: #1

قرأت للمرحوم د. محمد عبد الحى اعمالا مترجمة للانجليزية حين كنت فى المرحلة الثانوية. ثم اهدتنى د. نجاة محمود ديوانه "السمندل يغنّى" الذى صار ديوانا مفضلا اعود اليه مرّات و مرّات، لاكتشف فى كل مرة معان جديدة لهذه الكتابة المختلفة. الانتفاضة و السنوات التى تلتها بكل زخمها الثقافى اتاحت لى التعرف على اعمال و رؤى عيد الحىّ بصورة افضل من خلال قراءة الملفات الثقافية بالصحف و خاصة ملفّ الايام الثقافى على ما اذكر.

العجيب اننى تعاملت مع د. عبد الحى لفترة طويلة دون ان اعرف انه محمد عبد الحىّ صاحب" السمندل يغنى".

كان ذلك فى النصف الثانى من الثمانينات و كنت حينها طالبة بكلية الاقتصاد. و كان يلفت نظرى فى بعض الاحيان رجل كبير السنّ (هكذا رأيته وقتها، ربّما كان ذلك بسبب مرضه، او بسبب عدم الفراسة من ناحيتى)، مبتسم الوجه، يجلس على كرسى او كرسى متحرك (لا اذكر) فى ممرات مكاتب كلية الاداب قريبا من قاعة ال 102. كنت القى عليه التحية و امضى فى طريقى. و فى مرّات كنت اتوقف لدقائق و اتحدث معه حول الاحداث فى الجامعة و البلد، و كان يسألنى عن دراستى.

حتّى جاء يوم دعت فيه جمعية المعوقين و اصدقائهم بجامعة الخرطوم (و كنت عضوة فيها) لاجتماع لمناقشة امكانية عمل حملة لاقناع ادارة الجامعة ببناء "مزلقانات" لفائدة من يستخدمون و يستخدمن الكراسى المتحرّكة. و كان الاجتماع سيتمّ فى مكتب د. محمد عبد الحىّ الذى كان يدعم جهود الجمعية فيما يتعلق بالمزلقانات.

بالطبع حرصت على اخذ ديوان "السمندل يغنى" معى حتّى احصل على "اوتوجراف" الشاعر فى نهاية الاجتماع. حينها فقط عرفت ان الرجل كبير السنّ كما رأيته وقتها، مبتسم الوجه، الذى كان يجلس فى ممرات الاداب قريبا من قاعة ال102، هو الشاعر محمد عبد الحىّ. فى نهاية الاجتماع قام محمد عبد الحىّ بالتوقيع على الديوان، و قرأ لنا منه ايضا، فسعدت و زملائى فى الجمعية بذلك ايّما سعادة.

بعد ذلك استمريت فى القاء التحية و التوقف لفترات قصيرة كلما رأيته جالسا قرب ال 102، اسأله عن اعماله و يسألنى عن بحث التخرّج (كنت اكتب حول الملامح و المهام الايديولوجية للتلفزيون السودانى خلال فترة الديمقراطية الثالثة)، و كنت قد وعدت باعطائه نسخة من البحث ليقرأها بعد ان اسلّمه للكلية – كان شديد التواضع. و فى الجمعية قمنا بعمل حوار معه لجريدة الحائط التى كانت تصدرها الجمعية، تحدّث فيها عن اعماله و عن تجربة مرضه، و عن مفهوم الاعاقة.

لفترة لم اعد ار د. محمد عبد الحىّ فى مكانه حيث كان يجلس، فقدّرت انه ربما كان مشغولا او مسافرا، و عزمت على السؤال عنه فى اقرب فرصة. لم اعلم بمرضه الاخير ا الا عندما سمعت بوفاته و نحن نستعدّ لامتحانات التخرّج. حزنت لوفاته و لاننى لم ازره بالمستشفى. كتبت فى خانة الاهداء ببحث التخرج

“…and to the memory of Dr. Mohamed Abd El Hai, who promised to read this research, but it was too late”

فالرحمة للدكتور محمد عبد الحىّ و المجد لذكراه.

و التحية لك يا سعاد
طالبة عبد الحىّ النجيبة

و شكرا لك على هذا البوست، و الشكر لكاتب القصيدة

ندى مصطفى

Post: #48
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 00:07 AM
Parent: #34

Quote: قرأت للمرحوم د. محمد عبد الحى اعمالا مترجمة للانجليزية حين كنت فى المرحلة الثانوية. ثم اهدتنى د. نجاة محمود ديوانه "السمندل يغنّى" الذى صار ديوانا مفضلا اعود اليه مرّات و مرّات، لاكتشف فى كل مرة معان جديدة لهذه الكتابة المختلفة. الانتفاضة و السنوات التى تلتها بكل زخمها الثقافى اتاحت لى التعرف على اعمال و رؤى عيد الحىّ بصورة افضل من خلال قراءة الملفات الثقافية بالصحف و خاصة ملفّ الايام الثقافى على ما اذكر.
العجيب اننى تعاملت مع د. عبد الحى لفترة طويلة دون ان اعرف انه محمد عبد الحىّ صاحب" السمندل يغنى".
كان ذلك فى النصف الثانى من الثمانينات و كنت حينها طالبة بكلية الاقتصاد. و كان يلفت نظرى فى بعض الاحيان رجل كبير السنّ (هكذا رأيته وقتها، ربّما كان ذلك بسبب مرضه، او بسبب عدم الفراسة من ناحيتى)، مبتسم الوجه، يجلس على كرسى او كرسى متحرك (لا اذكر) فى ممرات مكاتب كلية الاداب قريبا من قاعة ال 102. كنت القى عليه التحية و امضى فى طريقى. و فى مرّات كنت اتوقف لدقائق و اتحدث معه حول الاحداث فى الجامعة و البلد، و كان يسألنى عن دراستى.
حتّى جاء يوم دعت فيه جمعية المعوقين و اصدقائهم بجامعة الخرطوم (و كنت عضوة فيها) لاجتماع لمناقشة امكانية عمل حملة لاقناع ادارة الجامعة ببناء "مزلقانات" لفائدة من يستخدمون و يستخدمن الكراسى المتحرّكة. و كان الاجتماع سيتمّ فى مكتب د. محمد عبد الحىّ الذى كان يدعم جهود الجمعية فيما يتعلق بالمزلقانات.

بالطبع حرصت على اخذ ديوان "السمندل يغنى" معى حتّى احصل على "اوتوجراف" الشاعر فى نهاية الاجتماع. حينها فقط عرفت ان الرجل كبير السنّ كما رأيته وقتها، مبتسم الوجه، الذى كان يجلس فى ممرات الاداب قريبا من قاعة ال102، هو الشاعر محمد عبد الحىّ. فى نهاية الاجتماع قام محمد عبد الحىّ بالتوقيع على الديوان، و قرأ لنا منه ايضا، فسعدت و زملائى فى الجمعية بذلك ايّما سعادة.

بعد ذلك استمريت فى القاء التحية و التوقف لفترات قصيرة كلما رأيته جالسا قرب ال 102، اسأله عن اعماله و يسألنى عن بحث التخرّج (كنت اكتب حول الملامح و المهام الايديولوجية للتلفزيون السودانى خلال فترة الديمقراطية الثالثة)، و كنت قد وعدت باعطائه نسخة من البحث ليقرأها بعد ان اسلّمه للكلية – كان شديد التواضع. و فى الجمعية قمنا بعمل حوار معه لجريدة الحائط التى كانت تصدرها الجمعية، تحدّث فيها عن اعماله و عن تجربة مرضه، و عن مفهوم الاعاقة.

لفترة لم اعد ار د. محمد عبد الحىّ فى مكانه حيث كان يجلس، فقدّرت انه ربما كان مشغولا او مسافرا، و عزمت على السؤال عنه فى اقرب فرصة. لم اعلم بمرضه الاخير ا الا عندما سمعت بوفاته و نحن نستعدّ لامتحانات التخرّج. حزنت لوفاته و لاننى لم ازره بالمستشفى. كتبت فى خانة الاهداء ببحث التخرج
“…and to the memory of Dr. Mohamed Abd El Hai, who promised to read this research, but it was too late”
فالرحمة للدكتور محمد عبد الحىّ و المجد لذكراه.
و التحية لك يا سعاد
طالبة عبد الحىّ النجيبة
و شكرا لك على هذا البوست، و الشكر لكاتب القصيدة
ندى مصطفى

الأستاذة الفاضلة ندى مصطفى،
كل الشكر والتقدير على هذه المشاركة المُميّزة
وهذه الذكريات الجميلة الرائعة في إثراء تخليد
ذكرى الراحل المقيم الدكتور محمد عبدالحي.
أسعدتني جداً هذه الإسهامات الجميلة ونداوة الذكريات الرائعة
عن شاعرنا المرهف عبدالحي
مرّ بخاطري خيط جميل وأنيق لذكريات أخرى كثيرة
وحافلة في جامعة الخرطوم وفي الأماكن العزيزة التي ذكرتيها
يا ندى في رسالتك التي أعزّها جداً.
فألف شكر لكِ ثانية على هذه المشاركة الحلوة.
سأقوم بإيصال شكرك أيضاً لصاحب القصيدة،
شقيقي الحبيب الباشمهندس محمد تاج السر
والذي فجّرت قصيدته الرائعة جداً في ذكرى عبدالحي
فكرة هذا البوست في ذهني في لمسة وفاء لشاعرنا الفذ.

أجمل التحايا وصادق المودة لكِ يا عزيزتي وللأسرة الكريمة.

Post: #35
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-02-2007, 02:23 PM
Parent: #1




للأحباء :
الكاتب : أسامة الخواض
الكاتب : أحمد أمين
الدكتورة : سعاد
كنتُ ولم أزل أذكره وأذكر محبة تلامذته المُبدعين ، أذكر منهم الكاتب الملون بالفن :
صلاح حسن أحمد ، والدكتورة فاطمة زمراوي ...
ورتلاً من الذين لهم أختام كالكَّي في جسد الكتابة ،
إلا أن النشر منذ زمان بعيد يعيش الوطن أزمته ،
فتهيب الكُتاب من الكتابة والشُعراء من قول الشِعر واللغويين من السرد .
حفلت الصدور بما خفي من عِظم المكنون ...
شكراً لمن فتح قلبه لمجلس فيه عبد الحي نجمٌ يخفُت
وصهيل يرتد من الجبال التي تعرف كيف يُطوِع الشاعر اللغة ويُجلسها مكان المُلوك
زينة القلائد ومن حول الجياد هي الحُسن في موضع الفرح .

شكراً لكم جميعاً ولكل من يقرأ .

Post: #36
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Raja
Date: 09-02-2007, 02:36 PM
Parent: #35

الفاضلة د. سعاد..

سلام ومحبة..

Quote: وكل قرّاء الشاعر الراحل


أنا منهم.. لذا جاءت مداخلتي للمشاركة في إحياء ذكرى الشاعر المرهف محمد عبدالحي..
إرتبط محمد عبدالحي عندي بأجمل مدينة، ود مدني، وبه وبزملائه تفخر هذه المدينة بمن أنجبت وأهدت للسودان عامة..

محمد عبدالحي وعلي المك.. لا زالا حيين في رأيي

التحية لروح محمد عبدالحي..
لك ولمحمد التقدير

Post: #37
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Abureesh
Date: 09-02-2007, 02:57 PM
Parent: #36

ما زالت صـورتـه تتراءى بناظرى، وهـو جالس فى مقعـده ذاك أمام مدخل الون أو تـو..
وبجانب الكرسى عصـاتـه التى يتوكأ عليهـا ويهش بهـا على غنمه..
كان ينضـح بالسـلام والطمأنينة، ويشعهـا فى كل من يحدثـه، حتى بسـلام عابـر.
رحمـه الله رحمـة واسعـة وجعل قبره روضـة من رياض الجنـة.

والشكـر للأخت د. سعـاد على هـذه اللفتـة الإنسـانيـة.

Post: #38
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-02-2007, 05:16 PM
Parent: #37

الأصدقاء والصديقات الأعزّاء الأفاضل الذين كتبوا مؤخراً وزيّنوا واحة شاعرنا عبدالحي: أسامة الخواض، عثمان موسى، أحمد الأمين أحمد، ندى مصطفى، رجاء العباسي، عبدالله الشقليني، أبو ريش، والجميع،
وكل الذين أرسلوا عبر المسنجر،
يا لهذا الزخم الرائع من المداخلات المُميّزة،
ما أجملكم وأنتم تتحّثون عن محمد عبدالحي الشاعر الإنسان.
شكري وتقديري العميقين لكل مساهماتكم التي أعتز جداً بها
والتي دون شك تصب في توثيق كل ما يتعلّق بالراحل المقيم
شاعرنا المرهف الإنسان الدكتور محمد عبدالحي،
طيّب الله ثراه.
وددت أن أبادلكم جميل ورائع التحية
حتى أتمكّن من العودة لرسائلكم المُقدّرة.
أدعوكم مجدداً، بكل المودة وأريج رسائلكم المنعش، المواصلة في هذا الخيط الرفيع.
وعبر حضوركم الكريم أدعو الجميع لزيارة واحة الشاعر محمد عبدالحي
بكل ما لديهم من إسهامات أو ذكريات،
فحديقة ورد عبدالحي ترحب بكم وبكل ألوانكم الزاهية.
شكراً جزيلاً لكم جميعاً، أجمل التحايا وصادق المودة.

سعاد تاج السر

Post: #54
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 02:17 PM
Parent: #37

Quote: ما زالت صـورتـه تتراءى بناظرى، وهـو جالس فى مقعـده ذاك أمام مدخل الون أو تـو.. وبجانب الكرسى عصـاتـه التى يتوكأ عليهـا ويهش بهـا على غنمه..
كان ينضـح بالسـلام والطمأنينة، ويشعهـا فى كل من يحدثـه، حتى بسـلام عابـر.
رحمـه الله رحمـة واسعـة وجعل قبره روضـة من رياض الجنـة.
والشكـر للأخت د. سعـاد على هـذه اللفتـة الإنسـانيـة.

الأستاذ الفاضل أبوريش،
كل الشكر والتقدير على هذه المساهمة الجميلة
في تخليد ذكرى الدكتور محمد عبدالحي العطرة.
هذه الذكريات الرائعة وهذه اللمحات
التي تمر بالذاكرة فواصلاً في حياة شاعرنا الإنسان
إنما هي جزء أصيل في محاولة توثيق
كل هذه الجوانب الإنسانية في حياته
والتي لا يمكن فصلها عن عبدالحي الشاعر المرهف
الذي حباه الله بعبقرية شعرية نادرة.
كل التقدير لك ثانية على هذا المرور الجميل.
أجمل التحايا وصادق المودة لك والأسرة الكريمة.

Post: #49
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 03:26 AM
Parent: #36

Quote: الفاضلة د. سعاد..
سلام ومحبة..
Quote: وكل قرّاء الشاعر الراحل
أنا منهم.. لذا جاءت مداخلتي للمشاركة في إحياء ذكرى الشاعر المرهف محمد عبدالحي..
إرتبط محمد عبدالحي عندي بأجمل مدينة، ود مدني، وبه وبزملائه تفخر هذه المدينة بمن أنجبت وأهدت للسودان عامة..
محمد عبدالحي وعلي المك.. لا زالا حيين في رأيي
التحية لروح محمد عبدالحي..
لك ولمحمد التقدير

الأستاذة العزيزة الفاضلة رجاء العباسي،
شكري وتقديري العميقين على مشاركتك الجميلة الرائعة
في إثراء تخليد ذكرى أستاذنا الجليل الدكتور محمد عبدالحي.
يا سلام يا رجاء يا سبّاقة بالخير دائماً،
سعدت جداً يا عزيزتي بأنك من قراء الراحل المقيم
وأنك تكنين لذكراه هذا الشعور النبيل
تعريجاً على مدني الجميلة وارتباطه بها.
نعم يا رجاء، إحساسنا بأن كل هؤلاء المبدعين
مازالوا هنا معنا ينبع من الأثر العظيم
الذي تركوه خلفهم لنا من إبداعٍ مضئ وأدبٍ رفيع.
ألف شكر وتقدير أيضاً من محمد تاج السر والأسرة الذين يبادلونك التحية.
كل المحبة منا جميعاً وصادق المودة لكِ يا عزيزتنا وللأسرة الكريمة.

Post: #39
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-03-2007, 03:58 AM
Parent: #1



يستحق هذا البوست أن يكون دوماً
أما أعيننا ،
ليكُن ملفاً .....


التحية للدكتورة سعاد
والمتداخلين والقراء


ونواصل




Post: #40
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Bashasha
Date: 09-03-2007, 04:34 AM
Parent: #1

جارتنا دكتورة سعاد تحياتي.

اسمحي لي اسوق شمال، والحركة يمين، كعادتنا "البايخة"!

اولا الرحمة علي روح الراحل استاذي بكلية الاداب حينها.

بعد ده، نسجل الاتي:

الشاعر محمد عبدالحي، يظل احد رموز الاقلية القابضة علي مفاصل السلطة والثروة في السودان، حسب مقتضيات الصياغة الاستعمارية للسودان المصري الحالي، وفي سبيل الدفاع عن هذه المصالح، نحن اقلية الجلابة، ارتكبنا اكبر جرائم عصرنا في هذه اللحظة.

فعبدالحي، ككل رموز اقليتنا الشمالية، لايعني اي شئ علي الاطلاق، لي مقبولة في دارفور، او كوكو في الجبال، او نيال في واو، او نواي في المايقوما!

ده ما اعتراض، ولا احتجاج، ولامطالبة باي شئ.

فقط، مناسبة، او سجلنا موقفنا منها، ولاغير.

عسي ولعل، ده يكون مدخل للتفكير، للمرة الاولي في حياتنا، كاقلية شمالية، Outside الBox المعهود، الولع محارق التطهير في بلدنا، اكبر ماساة علي وجه اليابسة، الان.

معزتي يادكتورة، سعاد.

Post: #41
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-03-2007, 09:57 AM
Parent: #40

معذره للجميع الاخ بشاشا يبدو رغم انك خريج اداب الخرطوم احد مراتع عبدالحى وحدائقه فانك لا تعرف الرجل جيدا عبر كتاباته ومواقفه لذا ادرجته ضمن الطائفه التى تتمسك فى مفاصل الدوله حسب فهمى انت فى اكثر من مداخله تنافح عن الذات الافريقيه " بالمناسبه انا سودانى اصولى من دوله مالى يعنى لا يوجد دم عربى فى عرقى مطلقا رغم ذلك للانصاف انت للا تعرف عبدالحى جيدا ويبدو انك منخدعا بلونه ولم تقرا اى من اعماله بخصوص الافريقانيه وحضورها فى الثقافه السودانيه عموما وذهن عبدالحى خصوصا فقد ترجم الرجل اشعار لكتاب اقارقه اسماها اقنعه القبيله صادرا عن مصلحه الثقافه السودانيه التى اسهم فى انجازها وقدمت هذه المصلحه اعمالا افريقه كثيره اضف الى ان عبدالحى اهدى بعض قصائده لكتاب افارقه " راجع ديوانه الله فى زمن العنف" كم كتب كثيرا مقالات عن شوينكا وغيره وكتابه بالانجليزيه " الصراع والانتماء" يدور جانبا منه حول المكون الافريقى الذى يمثل الضلع الثانى فى المكون السودانى ..اخيرا ارجو ان تقيم الانسان على ضوء فكره وانتاجه ومواقفه وليس حسب لونه....
ملحوظه: عبدالحى شاعر ومفكر حر يحتفل بالانسان والحق والخير والجمال فى اى مشرب ولا صله له بالفئه التى ادرجته بها علما ان احد الاحزاب السودانيه التى تعمل بعقليه الاقطاع والجلابه حزب الامه رفض بعد الانتفاضه قبول عضويه عبدالحى لان عبدالحى ذكر فى مقال ان فكره المهدى المنتظر عند السنه تختلف عنها عند الشيعه الامر الذى كان يخالف راى سياسى استند عليه الصادق المهدى الذى اراد مغازله ايران وقتها سياسيا ربما طمعا فى تقويه مفاصله السياسيه التى انهكها نظام مايو من قبل " راجع وغيرك مجله حروف العدد الخاص عن عبد الحى تحديدا رساله كتبها الى صديقه السفير الشاعر عمر عبد الماجد مؤلف ديوان اسرار تمبكتو القديمه ولاحظ اسم الديوان واشارته الى مدينه افريقيه علما ان عمر عبدالماجد متخصص فى الادب الافريقى تحيه ان شئت....

Post: #51
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 10:11 AM
Parent: #40

Quote: جارتنا دكتورة سعاد تحياتي.
اسمحي لي اسوق شمال، والحركة يمين، كعادتنا "البايخة"!
اولا الرحمة علي روح الراحل استاذي بكلية الاداب حينها.
بعد ده، نسجل الاتي:
الشاعر محمد عبدالحي، يظل احد رموز الاقلية القابضة علي مفاصل السلطة والثروة في السودان، حسب مقتضيات الصياغة الاستعمارية للسودان المصري الحالي، وفي سبيل الدفاع عن هذه المصالح، نحن اقلية الجلابة، ارتكبنا اكبر جرائم عصرنا في هذه اللحظة.
فعبدالحي، ككل رموز اقليتنا الشمالية، لايعني اي شئ علي الاطلاق، لي مقبولة في دارفور، او كوكو في الجبال، او نيال في واو، او نواي في المايقوما!
ده ما اعتراض، ولا احتجاج، ولامطالبة باي شئ.
فقط، مناسبة، او سجلنا موقفنا منها، ولاغير.
عسي ولعل، ده يكون مدخل للتفكير، للمرة الاولي في حياتنا، كاقلية شمالية، Outside الBox المعهود، الولع محارق التطهير في بلدنا، اكبر ماساة علي وجه اليابسة، الان.
معزتي يادكتورة، سعاد.

جارنا العزيز الأستاذ بشاشا،
تحياتي وشكراً جزيلاً على المرور وتقديري لمساهمتك
في بوست ذكرى تخليد الدكتور محمد عبدالحي،
أستاذك وأستاذي بكلية الآداب جامعة الخرطوم.
مع احترامي لرأيك واهتمامي به، فإنني أود أن أدعوك،
مع الأستاذين الفاضلين أحمد الأمين وعبدالله الشقليني،
لقراءة ثانية عميقة لشعر وأدب الدكتور عبدالحي
فهذا حتماً سيجعل الحوار هادفاً. وكما أشار الأستاذ الشقليني:

Quote: ونأمل أن يتفضل الكاتب : بشاشة بالتفصيل حول رؤاه ببعض الصبر
حتى يكون الحوار مُثمراً بآراء تتلاقح وتحتفظ بود الإختلاف
وتفصيل الرأي حول الشاعر : رؤاه الشعرية وبصمته ، وآراؤه ومقالاته

شكري وتقيري ثانية على إثرائك ذكرى تخليد أستاذنا الشاعر العظيم.
أجمل التحايا وصادق المودة لك ولأسرتك الكريمة.

Post: #42
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-03-2007, 05:28 PM
Parent: #1

السادة الأفاضل :
الدكتورة : سعاد
الكاتب : أحمد
الكاتب : بشاشة

سعدنا كثيراً بالحوار ، ونأمل دوماً أن يكون الحوار هادفاً .
في بوست عن الغابة والصحراء كان منذ أشهُر ، ابتدره على ما أذكر الأستاذ حيدر ،
وكان أيضاً عن نص من نصوص الدكتور عبدالله علي إبراهيم .
وأعتقد أنه من الخير أن ننزع ما كتبناه هناك فيما يخُص الدكتور : محمد عبدالحي ،
وفيه لقاءه مع الغابة والصحراء ، وكيف فارق ، وفي الخيط الكثير الذي يلُف أصحاب الغابة والصحراء
وله علاقة وثيقة بما يحدث هنا من حوار ، ونأمل أن يتفضل الكاتب : بشاشة
بالتفصيل حول رؤاه ببعض الصبر حتى يكون الحوار مُثمراً بآراء تتلاقح ،
وتحتفظ بود الإختلاف وتفصيل الرأي حول الشاعر : رؤاه الشعرية وبصمته ، وآراؤه ومقالاته
والكثير الذي نرغب أن يظهر في نور العلن ،
و بموضوعية ونترُك الحُكم أخيراً للسادة والسيدات القُراء


تقبلوا شكري ومحبتي

Post: #44
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-03-2007, 06:56 PM
Parent: #42

الأفاضل عبدالله الشقليني، بشاشا، أحمد الأمين أحمد وجميع القُراء الكِرام،
لكم كل التقدير والشكر الجزيل لمواصلة تخليد ذكرى شاعرنا المرهف
أديبنا الفذ الراحل المقيم الدكتور محمد عبدالحي.
ألتمس عذركم وجميع الزوار الكرام لعدم الرد السريع
ففي يدي ورقة بحث يجب أن أكملها لمؤتمر سأغادر له هذا الأسبوع
تسببت في تأخير المتابعة لمداخلاتكم
لكني سأحاول متابعة الردود حيث توقفت آنفاً
لكل مساهماتكم المُقدّرة تباعاً.

أجمل التحايا وصادق المودة.

Post: #43
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Bashasha
Date: 09-03-2007, 06:32 PM
Parent: #1

احمد الامين تحياتي،

علي قول سميرة دنيا، العربي من طابت، مرحب بيك، كجلابي من مالي!

يا شيخنا، زي افريقية محمد عبدالحي او ود المكي الteaser او window-dressing دي، اخير منها بملايين السنين الضوئية، وهم عروبة، ناس عبدالله علي ابراهيم والطيب مصطفي كباطل عريان!

قت لي سوداني اصولي؟

فوق دربك، اوكمان عقب!

سمعت بي نكتة "عربي" الجزيرة الجابت بتو الاهلية، او لقاها، "خالطة" بي لغوة الكيزان، ايامنا، حلف يمرقا من الجماعة، او لمان شاف البتو "بتخلط" فيهم، قال ليها، سمح اقري؟

دقيقة ياخي!

قال اصولي!

ههه!

Post: #45
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عصام دهب
Date: 09-03-2007, 07:37 PM
Parent: #43

تحية للفاضلة د. سعاد و لكل الذين أثروا بمداخلاتهم هذا البوست الذي نتمنى أن يكون دوماً في الواجهة عرفاناً و تقديرا لما قدمه د. محمد عبد الحي من إسهامات ستظل شاهدة على عبقريته ..
و لأني لست في قامة من يتحدث عن د. محمد عبد الحي المثقف النادر .. فإن ولوجي هنا فقط للتأكيد على صحة ما أشار إليه بعض المتداخلين بشأن د. محمد عبد الحي الإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان سامية و نبيلة ، و بحكم قرابتي بزوجته الأستاذة / عائشة موسى السعيد ، فقد أتيح لي أن ألتقي د. محمد مراراً و حظيت بشرف مجالسته و ( الونسة ) معه مرات كثيرة في مواضيع شتى قد تبدو عادية لكني أدركت من خلالها معنى تواضع العالم الحقيقي و معنى الإنسان بحق في شخص د. محمد عبد الحي ، و لعلي كنت حينها ـ و أنا طالب بخورطقت ـ فخوراُ بقريبتي أستاذة / عائشة موسى بإعتبارها من مؤلفي ( نايل كورس )الذي كنا ندرسه .. لكن زاد فخري بها أكثر حينما عرفت د. محمد عبد الحي المثقف و أن رجل عظيم مثله تقف ورائه أمرأة عظيمة مثل أ. عائشة موسى السعيد.
التحية و التجلة و صادق الدعوات بالرحمة و المغفرة للعالم الإنسان د. / محمد عبد الحي في عليائه و شكراً لك مجدداً د. سعاد و لكل المتداخلين ..

Post: #50
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 09-04-2007, 04:12 AM
Parent: #45

الدكتورة الفاضلة سعاد

الشكر لك ثانية على هذا الجهد المقدر لإحياء ذكرى رمز
من مفكري بلادي ..

كان لي الشرف أن أجريت لقاء صحافياً مع الراحل المقيم
في منتصف السبعينيات نشر في ملحق أسبوعي كانت وكالة السودان للأنباء (سونا) تصدره باللغة الانجليزية ويوزع على السفارات وبعض الجاليات الأجنبية إلى جانب مؤسسات سودانية أخرى..

تناول الراحل المقيم في هذا اللقاء الذي نال صدى واسعاً حينها رؤيته في هُويّة السودان.. نشر اللقاء تحت عنوان:

Africanism & Arabism In Sudanese Culture

أملي كبير في أن يكون الحوار ما زال موجوداً في أرشيف سونا ولو تمكنا من العثور على نسخة (وسأحاول -من جانبي-العثور على نسخة والدعوة موجهة لكل من كان بإمكانه المساعدة في هذا الشأن من الإخوة والأخوات الأفاضل) فيمكن ترجمته للعربية لإلقاء المزيد من الضوء على ما تركه لنا الراحل المقيم من عمل قيّم وذاك في رأيي جهد المقل..

لك دكتورة سعاد كل التقدير على فتح هذه النافذة التوثيقية التي نطل منها على
بعض أعمال هذا الرائع..

الزاكي

Post: #55
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 07:55 PM
Parent: #50

Quote: الدكتورة الفاضلة سعاد
الشكر لك ثانية على هذا الجهد المقدر لإحياء ذكرى رمز
من مفكري بلادي ..
كان لي الشرف أن أجريت لقاء صحافياً مع الراحل المقيم
في منتصف السبعينيات نشر في ملحق أسبوعي كانت وكالة السودان للأنباء (سونا) تصدره باللغة الانجليزية ويوزع على السفارات وبعض الجاليات الأجنبية إلى جانب مؤسسات سودانية أخرى..
تناول الراحل المقيم في هذا اللقاء الذي نال صدى واسعاً حينها رؤيته في هُويّة السودان.. نشر اللقاء تحت عنوان:
Africanism & Arabism In Sudanese Culture
أملي كبير في أن يكون الحوار ما زال موجوداً في أرشيف سونا ولو تمكنا من العثور على نسخة (وسأحاول -من جانبي-العثور على نسخة والدعوة موجهة لكل من كان بإمكانه المساعدة في هذا الشأن من الإخوة والأخوات الأفاضل) فيمكن ترجمته للعربية لإلقاء المزيد من الضوء على ما تركه لنا الراحل المقيم من عمل قيّم وذاك في رأيي جهد المقل..
لك دكتورة سعاد كل التقدير على فتح هذه النافذة التوثيقية التي نطل منها على
بعض أعمال هذا الرائع..

الزاكي

الأستاذ الفاضل الزاكي عبدالحميد،
ألف شكر وتقدير على لفت النظر لهذه الوثيقة الهامة جداً.
أتمنّى معك أن تكون مازالت موجودة ضمن وثائق وكالة السودان للأنباء
وسيكون لنا الشرف العظيم في سودانيزأونلاين أن نحظى بنسخة منها
لتضمينها بين دفات هذا الملف التوثيقي المُميّز الهام
لأعمال الدكتور محمد عبدالحي.
شكري وتقديري ثانية لكَ على إثرائك القيّـم
بمناسبة تخليد ذكرى شاعرنا المرهف العطرة
وكل التهنئة لك لإجراء مثل هذا الحوار عظيم الأهمية.
لكَ ولكل المتداخلين والقراء الكرام التحية وصادق المودة
ولنواصل المشوار

Post: #52
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 10:51 AM
Parent: #45

Quote: تحية للفاضلة د. سعاد و لكل الذين أثروا بمداخلاتهم هذا البوست الذي نتمنى أن يكون دوماً في الواجهة عرفاناً و تقديرا لما قدمه د. محمد عبد الحي من إسهامات ستظل شاهدة على عبقريته ..
و لأني لست في قامة من يتحدث عن د. محمد عبد الحي المثقف النادر .. فإن ولوجي هنا فقط للتأكيد على صحة ما أشار إليه بعض المتداخلين بشأن د. محمد عبد الحي الإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان سامية و نبيلة ، و بحكم قرابتي بزوجته الأستاذة / عائشة موسى السعيد ، فقد أتيح لي أن ألتقي د. محمد مراراً و حظيت بشرف مجالسته و ( الونسة ) معه مرات كثيرة في مواضيع شتى قد تبدو عادية لكني أدركت من خلالها معنى تواضع العالم الحقيقي و معنى الإنسان بحق في شخص د. محمد عبد الحي ، و لعلي كنت حينها ـ و أنا طالب بخورطقت ـ فخوراُ بقريبتي أستاذة / عائشة موسى بإعتبارها من مؤلفي ( نايل كورس )الذي كنا ندرسه .. لكن زاد فخري بها أكثر حينما عرفت د. محمد عبد الحي المثقف و أن رجل عظيم مثله تقف ورائه أمرأة عظيمة مثل أ. عائشة موسى السعيد.
التحية و التجلة و صادق الدعوات بالرحمة و المغفرة للعالم الإنسان د. / محمد عبد الحي في عليائه و شكراً لك مجدداً د. سعاد و لكل المتداخلين ..

الأستاذ الفاضل عصام دهب،
لك التحية وكل الشكر والتقدير على هذه المساهمة القيّمة
في تخليد ذكرى شاعرنا الفذ الدكتور محمد عبدالحي.
أسعدني جداً أن أقرأ كلماتك الرائعة في حق الراحل المقيم
ومعرفتك الوثيقة به وبأسرته الكريمة
خاصة الأستاذة الجليلة عائشة موسى السعيد
فقد عرفناهم أيضاً معرفة وثيقة وعن قرب جميل
في السودان وفي لندن وقضينا معهم أوقاتاً رائعة حبيبة
تخللها دائماً النقاش البديع الرفيع عن الشعر والأدب والفنون والجمال.
شكراً جزيلاً لك أيضاً يا أستاذ عصام على الحديث
عن عمل الأستاذة الدكتورة عائشة موسى، هذه المرأة العظيمة قوية الشكيمة
فهي أيضاً كانت أستاذتي الجليلة للغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية
كما تتلمذ على يديها القديرتين الأجيال المُميّزة.
لها ولأبنائها الأحباء: وضّاح، شيراز، وريل محمد عبدالحي
كل المحبة وصادق المودة، فلابد أن الراحل المقيم العظيم
ينام قرير العين وهو يرى نجاح أسرته وأبنائه وتفوّقهم المتواصل
بفضل رعاية هذه الوالدة العظيمة التي ما انفكت تواصل كفاحها ليل نهار
حتى ارتقى أبنائها هذه المرافئ بكل جدٍ واجتهاد،
فهنيئاً لك بالقرب منهم.
كل الشكر والتقدير ثانية على إثراء أحياء ذكرى شاعرنا المرهف.
أجمل التحايا وصادق المودة لك ولأسرتك الكريمة.

Post: #53
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-04-2007, 01:57 PM
Parent: #52

أحتفالية بالرياض وحوار مع د. عائشة موسى حول محمد عبدالحي
الصحافة
الرياض- سهير عبد العزيز
بين اوراقي وجدت هذه الاحتفالية فاثرت نقلها لقراء الصحافة اقام نخبة من الفنانين التشكيليين وممثلي الجمعيات السودانية والصحافيين واصدقاء وزملاء وطلاب الدكتور محمد عبد الحي بالرياض «المملكة العربية السعودية» ليلة للاحتفاء بالشاعر والناقد د. محمد عبد الحي تحت شعار "السمندل ما زال يغني."
وقد جاء هذا الاحتفال انطلاقاً من تقدير خاص لما قدمه عبد الحي على صعيد تحديث القصيدة العربية في السودان، فكانت «العودة الى سنار» التي مثلت قفزة نوعية في مسيرة الشعر السوداني، وفتحت باباً لمناقشات واسعة حول قضية الانتماء والهوية الثقافية وتوالت قصائده في الستينات والسبعينات: السمندل يغني، وجهان في مفازة الفردوس، وحديقة الورد الاخيرة.. وفي زمن العنف، ورؤيا الملك «مسرحية شعرية عن سالومي وهيروديا» الى جانب كتبه وابحاثه باللغتين العربية والانجليزية، ومنها «الرؤيا والكلمات» وهي دراسة في شعر التجاني يوسف بشير، والسفر الاول من الآثار النثرية للتجاني والصراع والهوية، واطروحة الدكتوراة في اكسفورد عن تأثيرات الشعر الانجليزي والاميركي والتقليد على الشعر الرومانتيكي الغربي والاسطورة الاغريقية في الشعر العربي «1900-1950»..الخ
وبدأت ليلة الاحتفاء باقامة معرض للفن التشكيلي لمجموعة من الفنانين السودانيين المقيمين في الرياض ومن ثم بدأ حفل التكريم بكلمة القتها الدكتورة عائشة موسى السعيد التي ارتبطت بعبد الحي برباط وثيق وظلت زوجة وفية وساهرة على تراثه وعطائه بعد رحيله.. وتوالى على المنصة زملاء وطلاب محمد عبد الحي والقت الطبيبة شيراز محمد عبد الحي قصيدة والدها «العودة الى سنار» بطريقة اداء نالت اعجاب الحضور.
وكرمت الدكتورة عائشة موسى السعيد المحاضرة بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود بالرياض وهي «الزوجة والصديقة».. وكان لنا معها هذا الحوار- الذي ارادته موجزاً- لنتعرف عليها وعلى محمد عبد الحي الانسان.. والزوج، والأب والشاعر:
* من هي الدكتورة عائشة موسى؟
ـ ابي الشيخ موسى السعيد من اوائل رجالات التعليم في هذا البلد الذي يحتاج للكثير من الجهد ليثبت جهد ابنائه الذين وضعوا اللبنات الاولى لسودان ما بعد الاستقلال، وامي الحاجة نصرة محمد ابراهيم، جبل الصبر وبحر الصمت الذي تعلمت منه كيف تحمل النساء الحزن تاجاً على رؤوسهن ولا ينظرن للوراء. رحمهما الله، وبلدي الابيض عروس الرمال التي ما زالت خصبة تنجب النساء والرجال حتى بعد ان شاخ احفادها.
* المراحل التعليمية والعملية؟
ـ تلقيت تعليمي الاولى والمتوسط بالابيض ثم سافرت للثانوي الحكومي الوحيد للبنات في ذلك الحين- ثانوي ام درمان- وكنا اول دفعة تقبل لمدرسة الخرطوم الثانوية للبنات ثم التحقت بالتدريس في المدارس الوسطى ثم في معهد تدريب المعلمات بام درمان، عملت بعدها بمدرسة الابيض الثانوية للبنات، ثم انتدبت ضمن مجموعة من معلمي اللغة الانجليزية للدراسة بجامعة ليدز ببريطانيا «حيث التقيت بمحمد عبد الحي لاول مرة».
عدت الى السودان فتزوجت وواصلت العمل بثانوية ام درمان وثانوية الخرطوم وثانوية بحري القديمة وانتقلت لمعاهد التأهيل التربوي كمشرفة تدريس للغة الانجليزية ثم مدير عام بالانابة لرئاسة التأهيل التربوي.. ثم ابتعثت لانجلترا لنيل درجة الماجستير، عدت بعدها لمواصلة العمل في التأهيل التربوي.
توفي محمد في هذه المرحلة فطلبت المعاش الاختياري وجئت باولادي الى المملكة العربية السعودية حيث اعمل الآن بجامعة الملك سعود- كلية اللغات والترجمة.
* كيف تعرفت على محمد عبد الحي؟
ـ التقيته في مدينة ليدز بانجلترا، كنت سكرتيرة الجمعية السودانية ومن مهامي مقابلة الاخوة المبعوثين ومساعدتهم على الاستقرار.. ومن الواضح ان خدماتي اعجبته، فما انتهى العام الا ونحن متزوجان رغم عواصف اثارها ذلك الزواج.
* كيف تعاملت معه كشاعر؟
ـ لم اتعامل معه كشاعر.. فانا ممن يحبون ويطالعون الشعر العربي «كما علمني ابي».. ولكنني وقعت في اسر عريس المجد - التي رثى بها محمد عبد الحي الشهيد احمد القرشي طه فنحن جيل اكتوبر وما زلنا.. ثم ادهشتني سنار والتي اعتقد انها «اجابة لسؤالك عن اهم قصائده» هي اهم قصائده بدليل انه اوصى عليها كما اوصى على اولاده.
كان الشعر يسهده ويعتزل الخروج ويكثر في طلب القهوة- وهو لا يحبها، ولا يحلق ذقنه وفجأة تنفرج الازمة وتنضم الى الاسرة المولودة الجديدة فيفرح بها وكأن شخصاً اهداها له.. ولا يتحدث عنها الا للمقربين من اصدقائه.
* هل كان يمكن ان يكون محمد أفضل؟
ـ يا له من سؤال!.. الكمال لله وحده، للرجل عيوبه التي جعلت منه انساناً فريداً من نوعه.. قرأت عن ابن سينا فعجبت! اذن هناك من هو مثل محمد عبد الحي! انه فيلسوف شامل! اذكر ان امي ذات يوم ونحن نتغدى في بيتها قالت لي يا عائشة اكتبي الكلام «البيقوله» محمد لانه ما في زول عارفه.. وبالطبع ضحكت ونسيت الامر وتذكرته لحظة انه مات محمد!!
* مشروع ثقافي لم يكتمل؟
ـ بل مشاريع.. تجويد طباعة الشعر! جمع وطباعة الآثار النثرية والنقدية.. اكمال تجليد الكتب وبناء المكتبة وهي جزء من المنزل الذي شرعت في بنائه ولم يقدر له ان يتم بعد- اكمال تأثيث القاعة المسماة باسمه في المتحف بجامعة الخرطوم والعين بصيرة والبقية معروفة.
* دوره في حياتك؟
ـ عفواً ولكني لا افهم مثل هذا السؤال.. انا الآن في عقدي السابع! وحياتي والحمد لله حافلة باقسى الاحزان وابهى الافراح.. ومنذ زواجي وهذه الحياة تشمل عامل مشترك اعظم هو محمد عبد الحي رحمه الله واحياه ذكرى خالدة.
* دورك في حياته؟
ـ لو لم يلقني محمد لتزوج غيري فقد كان محباً للجمال ومحبوباً! ولكن حبذا لو كنت سمعت نصيحة امي وسألتيه هذا السؤال.. لأسمعك عجباً!
* علاقته مع الاطفال؟
ـ كان يحب اولاده لدرجة اعتقد انها تفسد الاطفال.. ولكنه لا يتنازل عن عقابهم بقسوة حين يخطئون.. لا يضرب البنات او حتى يصرخ في وجوههن مهما فعلن.. يلاعبهم كثيراً علمهم السباحة باكراً وكان يعلم «ريل» القراءة فاجادتها باللغتين وهي في الثالثة من عمرها.
* تعامله مع المرض؟
ـ قابل محمد المرض في عام 1981 بتحد شديد وقاومه بضراوة، رغم قرار مجلس الاطباء بمستشفى ميد يلسكس بلندن بانه لن يستطيع استعادة قدرته الاكاديمية، وبالتالي لن يستطيع العمل كمحاضر، واوصوا بان يتم تأهيله لعمل فني، اذ يبدو جسمه قوي ونشط! ورد عليهم حينها بانه يعد بتعلم النقاشة لانه يحب رائحة الطلاء! ولم يعتبروا كلامه على سبيل السخرية بل اعتبروها روح رياضية! امضى عاماً بعد ذلك في اجازة امضاها وحده في اكسفورد وختمها باداء العمرة ثم جاء الى الخرطوم وباشر عمله وواصل حياة طبيعية رغم اعاقة الجانب الايسر- وعندما داهمته الجلطة الثانية في مانشستر حيث كنت ادرس لدرجة الماجستير مبعوثة من المجلس البريطاني ومدفوعة باصراره على ان لا اضيع الفرصة. كان متعجباً اكثر مما هو متألم لما حدث، وكان يراقب رجليه وكأنهما شيء منفصل عنه، ولا ادري ان كان ذلك قبولاً او رفضاً، لكنه مع عودتنا للخرطوم تصالح مع المرض تماماً بل مع فكرة الموت، فعمل ليل نهار في ترتيب اوراقه واعدادها، واكمال بعض الترجمات والكتابات.
وبالرغم من ذلك التصالح تفاجأنا جميعاً بانتكاس صحته، ثم موته بهدوئه المعهود في القيام بواجباته. رحمه الله وسقى قبره. فقد كان يحب الماء والنخل..
* كيف تعاملت معه؟
ـ كما تتعامل الزوجات مع ازواجهن.. ليس ثمة ما يميزنا عن غيرنا في هذا السودان المتشابه سوى انه محمد وأنا عائشة.
* هذا التكريم؟
ـ هذا التكريم لا يثبت عظمة محمد عبد الحي او اسرته بقدر ما هو اثبات لعظمة شباب السودان واخلاصهم لمحمد ما هو الا علامة لاحساس عال بوطنهم وبأهلهم وبتراثهم.
* كلمة أخيرة:
ـ اتقدم لهذه النخبة المعطاءة من الفنانين التشكيليين وممثلي الجمعيات السودانية واصدقاء وزملاء وطلبة محمد عبد الحي وزميلاتي وعصبتي الاخوات السودانيات بجامعة الملك سعود واهلي بمدينة الرياض اتقدم اليهم جميعاً بالشكر والعرفان على الوجود المكثف والمشاركة المخلصة في الأمسية المباركة.. ولن انسى ان ابعث بالتحية للاخ العزيز سيد
احمد الحاردلو والتمنيات له بتمام العافية - فهكذا عرفناه كريماً حتى في شدته.


http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147491675

Post: #56
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-05-2007, 06:54 AM
Parent: #53

شكراً وتقديراً الأستاذ الفاضل أحمد الأمين أحمد،
على كلماتك الثانية الرصينة الوافية في حق أستاذنا
الإنسان الراحل المقيم الشاعر المرهف الدكتور محمد عبدالحي
ولإثرائك العظيم لذكرى تخليده برائع كلماتك
ودراستك الحثيثة لأعماله الشعرية ورؤاه الأدبية.

شكري وتقديري الأستاذ الفاضل عبدالله الشقليني
على مجهودك المقدّر ورسائلك الأخيرة الرصينة
لحوارٍ هادف حول رؤى الدكتور عبدالحي الشعرية والادبية
ولرائع إثرائك لذكرى تخليد شاعرنا الراحل المقيم.

الشكر والتقدير الأستاذ الفاضل أسامة الخواض
على إيراد هذه المقالات الوافية عن جوانب متنوّعة
من شعر ورؤية شاعرنا العظيم عبدالحي
ولإثرائك المستمر الرائع لتخليد ذكراه العطرة.

الشكر والتقدير للدكتورة الفاضلة نجاة محمود
على الرسالة الرقيقة ونتمنّى أن يسعفها الوقت
لتثري ذكرى تخليد المرهف عبدالحي بما أسهم
به قلمها من دراسات نقدية لأعماله الأدبية
وخاصة ثنائية الغابة والصحراء.

شكراً جزيلاً وتقديراً عظيماً لكم جميعاً ولجميع القراء
ولكل من أسهم ويواصل الإسهام في إثراء
ذكرى تخليد شاعرنا الفذ، فالسمندل مازال يغني.
لنواصل أحياء ذكرى محمد عبدالحي العطرة
مرحباً بكم جميعاً في واحة عبدالحي الوارفة.
سأعود بعد رحلة مؤتمر قصيرة.
حتى ذلك الحين، لكم جميعاً
ولجميع القراء والمشاركين الأفاضل أجمل التحايا وصادق المودة.

Post: #57
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-05-2007, 04:50 PM
Parent: #56

هذا عريسُ المجد جاءك يا ردى
فافتح ذراعك واحتضنهُ مزغردا

محمد عبدالحي في رثاء شهيد ثورة أكتوبر المجيدة أحمد القرشي طه
___________________________________________________

التحية الرائعة والتقدير
للباشمهندس بكري أبوبكر
الذي جعل كل هذا ممكناً
بأريحيته وكرمه الفيّاض
بجعل سودانيزأونلاين وطننا في الشتات

Post: #58
Title: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: A/Magid Bob
Date: 09-05-2007, 05:55 PM
Parent: #1

الدكتورة سعاد تاج السر
أى أنس حمله هذا الموضوع الجيد الإعداد‘ إلى كل من أصغى إلى أشعار الدكتور محمد عبدالحى وأحبه . كذلك سعدت بمتابعة ‘إذاعة البيت السودانى‘ عبر الإنترنت وقد خصصت يوماً للإحتفال بذكرى عبد الحى . أرجو أن تستحثى عبدالله ومحمد المكى للكتابة .
أعجبتنى إيما إعجاب قصيدة محمد تاج السرويسعدنى الآن أن أضيف لإنطباعاتى البعيدة عنه بأنه شاعر مفوه .
بأبيه إقتدى عتى فى الكرم
ومن إقتدى بأبيه فما ظَلم

ما أسعدنا بعودتك إلى المنابر ، و بالله لا تبعدى طويلاً!

Post: #59
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 09-05-2007, 07:07 PM
Parent: #58

الاخ الدكتورة سعاد تاج السر... اضم صوتى لصوت الدكتور بوب وسوف اقوم بالاتصال بالاستاذ الاديب محمد المكى ابراهيم وهو العارف بشخصية راحلنا محمد عبدالحى... فود المكى عندما يتحدث عن محمد عبدالحى.. حتى الاشجار تسترق السمع.. كما ايضآ نتمنى ان يشاركنا الدكتور عبدالله على ابراهيم فى هذه الاحتفالية، كما اتمنى من الاخوة الاستاذ عبداللطيف على الفكى والاستاذ اسامة الخواض ان يثرو هذا المحفل.

خارج الموضوع

وين تلفون سعدالدين

Post: #60
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-07-2007, 05:01 PM
Parent: #59

Salaam from Salt Lake City, Utah
Just a quick moment from the Conference
to say thank you very much indeed
Dr. Abdel Magid Ali Bob and Ustaz Saifeldin Gibreel
And all those who wrote for their highly appreciated input
I am just snatching a quick moment from the Conference
to have a glimpse until I return to Arizona
and the Arabic keyboard to address your beautiful contributions
Best Wishes

Souad Taj

Post: #61
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: هاشم أحمد خلف الله
Date: 09-07-2007, 05:22 PM
Parent: #60

الأخت العزيزة دكتورة سعاد , بوست زي العسل والترحم علي الأموات سنة حسنة وانا اقول رحم الله الدكتور

محمد عبد الحي وتاخري في الدخول لهذا البوست لاني لا املك معلومة اثري بها هذا البوست ولكن دخولي من

اجل تقديم الشكر لك ولكل المتداخلين واخص منهم الأستاذ/ اسامة الخواض والأستاذ / عبدالله الشقليني

للمعلومات القيمة والتي اسمع بها لاول مرة , الشكر اجزله لهذا المنبر الذي ثقفنا وزاد من معلوماتنا

عن قامات سودانية شكلت وجدان الشعب السوداني . وانا دائماً قريب لاشترف من هذا الدفق العذب .

Post: #62
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-08-2007, 09:46 PM
Parent: #61

الاستاذ بشاشا معذره كى يزول عجبك كلمه " اصولى " التى اضحكتك لا اعنى بها fanatic بل اعنى بها MY ORIGINS كى تفهم قصدى جيدا مع التحيه والود....
الاستاذه سعاد تحيه وشكر حوارك مع عبد الحى ضمن ارشيفى الخاص عن هذا الشاعر بود مدنى وانا بالسعوديه عليه اعدك بارساله لكى على هيئته المنشور بها فى صحيفه السياسه ان طال العمر

Post: #63
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-09-2007, 05:46 PM
Parent: #62

شاعر أمتي محمد المكي إبراهيم يرثى شاعر سنار صديقه القديم محمد عبدالحى "1944—1989"...
ماذا فعلت بالخوذة؟؟
"مقاطع من خريده طويلة تعج بروعه الصور والتعبير"
" المقطع الأخير"
لقد حلمنا بأجمل من كل هذا
ولكن تبددت الأحلام
وها أنت تذهب
والأحباب يروحون
واحدا واحدا
إلا أن تغدو أجمل كنوزنا
مطمورة فى التراب
وعندئذ نكون قد غدونا عواجيز
وتختلط الذكريات بالأوهام
والأحلام بالوقائع
وتستحيل الذكرى الى هلواس
ومع أن الفرق ضئيل
إلا أنه كان أفضل كثيرا لو بقيت معنا
لنشرب قهوتنا فى ظل الضحى
بعد سن التقاعد
ونحاول أن نستعيد الذكريات
ونتناقل القصائد
فيختلط ذلك بالوهم الجميل
والأحلام النبيلة المؤذية..
" محمد المكي ابرهيم"
" شتاء 1989"
0 حاشية :
ذكر محمد المكي إبراهيم فى سهره تلفزيونيه فى " اربعينيه عبد الحي " نوفمبر 1989" بحضور صديقهما المشترك الدكتور عبد الله على إبراهيم انه اى محمد المكي قد التقى عبد الحي أول مره بجامعه الخرطوم عند عودته من ألمانيا التي ذهب إليها فى معية شاعر صحو الكلمات المنسية النور عثمان أبكر وقتها كان عبد الحي طالبا فى آداب الخرطوم ، قال مكي ان عبد الحي حضر إليه فى معية صديقه المسرحي يوسف عايدا بى وان أكثر ما شده فى عبدالحى ورفيقه حينها " الوسامة الشديدة" !!!! ثم حدثاه أنهما يكتبان شعرا ويتابعان أشعاره عندها توطدت العلاقه بينهما وتضيف والده محمد عبد الحي الست عزيزة إسماعيل فوزي " شقيقه الشاعر الكبير ومؤسس كليه الاقتصاد بجامعه الخرطوم الدكتور سعد الدين فوزي صاحب ديوان " من وادي عبقر" فى حديث خاص الى المسرحي عبد الله عبد الوهاب
" كارلوس " وصديقه الصحفي إبراهيم على إبراهيم نشر بمجله حروف 1991 " "من اعز أصدقاء أبنى محمد عبد الحي الشاعر السفير عمر عبد الماجد وكذلك من أصدقائه الشاعر السفير محمد المكي إبراهيم ويوسف عايدا بى وصديق محيسى" ويضيف السفير عمر عبد الماجد" صاحب ديوان أسرار تمبكتو القديمة" الى هذه القائمة عبداللة على إبراهيم والأستاذ حسين جمعان وله أيضا صديق هو عثمان النصيرى وهو أديب سوداني تخصص فى المسرح ويقيم فى المملكة المتحده منذ زمن طويل ثم تقول أسره عبدالحى" له عدد كبير من الأصدقاء ومحبي الشعر والأدب ويصعب التحديد فى هذا المجال...إلا ان هؤلاء الأصدقاء " ومنهم محمد المكي إبراهيم " تمتد جذور العلاقات بإبعاده الاسريه ...كانت المجموعه الأولى التي ذكرها تلتقي يومي الخميس والجمعة فى منزل احدهم فى الخرطوم ...السجانة ، كانت تمتد الى وقت متأخر حينما يأتون الى ود مدني فى العطلات...
00متن على الحاشية :
قلت :المنزل المقصود بالسجانة يعود الى جده الشاعر محمد عبد الحي وهو جنوب النادي الاهلى بالخرطوم ولقد دخلته مرارا عقب تحديق عبد الحي فى الموت!!! " بحثا عن صندوق جدته القديم الذي ذكره فى حديقة الورد الأخيره" ولقد هالني ان وجدته اى المنزل قد صار خرابا تنعق البوم فى أرجائه فقلت لو كان هذا البيت الملهم فى أرض تحتفل بالجمال ورموزه تحديدا كأرض شيللر أو بود لير أو شكسبير لوجدته حديقة مزدانة تزين بوابته لافته زرقاء " كتلك التي رايتها ذاك الخريف البعيد بمنزل Dickens وسط لندن أو على بوابه عتيقة لمنزل الروائي الانجليزي Thomas Hardy أسفل " جسر الراعي " قرب مستشفى Saint Mary بلندن مكتوب عليها بالأبيض " هنا عاش محمد عبدالحى 1944-1989 " شاعر ، ناقد ، اكاديمى ، محقق ، مترجم ، مسرحي ،عاشق".....
000 حاشية على المتن :
من أشعار محمد المكي إبراهيم التي يحبها عبد الحي كثيرا ويتغنى بها أحيانا قصيده " غناء لاختى أمان" وخريدتى " الشرف القديمة " والشرف الجديده" المبثوثة بديوان " امتى " طبع طبعه أولى 1969 وكان يدرجها عبد الحي تحت باب " الشعر الجيد" لكنه كان غير متحمسا للشعر السياسي والهتافي لمحمد المكي تحديدا " الاكتوبريات" التي صرعت لب الشعب السوداني عبر اللحن الكبير و"المزيكه" الضخمة والأداء المبدع للصوت الراقي محمد وردى والزنجباريات " وكان يسميها الشعر الضعيف!!!!! " المصدر " حوار من جزأين حول ثنائيه ا لفكر والوجود ووحدتهما" صحيفه السياسة السودانية 1978 أجراه الناقد والمسرحي واحد أصدقاء عبد الحي النادرين الأستاذ الراحل عبد الله محمد إبراهيم ...........تحياتي لمن شاء أحمد الأمين احمد!!!

Post: #64
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-09-2007, 05:48 PM
Parent: #63

الشاعر خالد عبد الله يرثى الشاعر محمد عبدالحى :
طائر النار يسدل منقاره
" الى محمد عبد الحي محمود شيخنا فى الشعر الذي خانه الجسد ولم تخنه الكلمات"
0000000
"خبر"
بالأمس أشرق فى الموت ذلك الذي:
وهبته المراكب صهوتها
والحدائق خضرتها
وهو يبحث بين القرى –نحله
عن طيور غريبة
وشمس بلا أجنحه
وأقمار لا تنتمي لسماء
رحيبة
بالأمس أشرق فى
الموت
بين الصبيحة
والليل
قبل الكلام الذي قيل
بعد الكلام والذي
لم يقال
تاركا جسدا حائرا
فى ظلال السؤال
أيها الذاهب ما
الذي حدثا
خبر الراكب هل
تحين لنا
عوده الغائب
خالعا جدثا؟
أيها الذاهب ما الذي يجرى
خبر الراكب صهوة النهر
هل طفى الموت فى عروقك ذي
الخمر الواهب نشوة
الخمر؟..
"صورة"
جسد مائل
سطح البحر منه ومال الى شجر
غارب لون خضرته
الآن يسدل فى الصمت منقاره طائر النار
يخلع قمصان جذوته
الآن يسكت طارق أبواب سنار
سائل حراسها
عن غناء النشيد الأخير
وتبقى الورود الأخيرة
كل الذي من حديقته
أيها الذاهب شاعر احد
خبر الراكب شعرك الصمد
حين جاء بك هل ترى يقوى
ذلك الجسد؟
"صوت"
لحارسه النهر
"سنار" درك، للبحر
صوتك
للمشترى
ولقافلة العرب
والفونج والعنج
الغائبين بجوف الثرى
ول"النفرى"
و" Wordsworth "
و" جان شاه" إذ تنتفض
الآن فى معبد البحر
طقسك
مما جرى
ول " سيد الربابة"
لليل
للمنتهى
للورى
وبصمتي
أحاول ان أبصر
الآن حولي
ما قد يرى:
شجرا لا أرى
وهجا لا أرى
وطنا لا أرى
لا أرى
لا أرى
000000
يوليو 1989م
أم درمان..
000000000000000000000000
حاشية:
خالد عبد الله شاعر من أبناء السوكى تخرج فى كليه الزراعة جامعه الخرطوم ثم التحق بمعهد الموسيقى والمسرح .... شاعر مقل مجود ينتمي الى طائفة نادرة جدا من الشعراء صارت شبه منقرضة الآن!!!!!! لما يمتاز به من صمت عميق وتواضع جم وعداء للمنابر والإعلام والحكومات و المال وطعام السلطان!!!.....التقيته مرات قليله جدا بشوارع الخرطوم المتسخة كذاكره حكامها وسياسيها الحاكمين والمعارضين فى بداية التسعينات أخرها كان بجوار سينما كوليزيوم فى إحدى الكافيتريات " الرخيصة" فدعاني الى تناول عصير عرديب " طعمه لازال بفمي"!!!!!!!"...تحياتي أحمد الأمين....

Post: #65
Title: Re: الدكتورة سعاد تاج السر
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 09-09-2007, 06:44 PM
Parent: #64

الاخت دكتورة سعاد لقد وصلنى هذا المقال عبر الايميل من الدكتور عبدالله على ابراهيم ولقد وعد ان يكتب لنافى هذا الموضوع واعتقد ان هذه مناسبة عظيمة لنستنطق كل معارف واصدقاء الراحل محمد عبدالحى، وقد وعد ايضآ استاذنا محمد المكى ابراهيم ان يساهم معنا فى هذا الشأن.

مقال قديم

عبدالحي والسهر علي "إشراقة" التيجاني يوسف بشير

مرت الذكري الرابعة عشر لوفاة الشاعر الدكتور محمد عبدالحي. ومن بين كل المشاريع التي ربطتنا معاً كان إصدار طبعة محققة منقحة مشروحة لديوان "إشراقة" للتيجاني يوسف بشير. وقد أعادني إلى ذكري ووعد هذا المشروع الاستاذ خالد محد فرح بكلمته "التصحيف في أعمال الطيب صالح: عشب جميل يحطوطب" التي نشرها علي موقع "سودانايل" بالانترنت. وقد حصر في كلمته الاخطاء الطباعية الكثيرة التي وقعت في سفر الأعمال الكاملة للطيب ( دار العودة ببيروت). ولا يقوم بمثل هذا العمل إلا من كان مثل خالد معرفة "بأم اللغات" يضن بها علي الخطأ.وقد قدم لمقاله بكلمة لي قديمة عنوانها "كيف احطوطب عشب إشراقة التجاني يوسف بشير" كنت نشرتها في سلسلة "كاتب الشونة" التي أصدرتها بالرونيو الشيوعي وأنا قيد التخفي في السبعينات. ثم عدت ونشرتها في مطبوعات أخري. ورصدت في كلمتي الأخطاء المطبعية التي وقعت في "إشراقة" عبر طبعاتها المختلفة وكيف ، أنها لكثرتها وتفاقمها، قد انتجت لنا ديواناً لم يقصد الشاعر أن يكتبه. وسميت الظاهرة "احطوطاب عشب إشراقة".

سألني الكثيرون لماذا طبعت نصاً أدبياً برونيو الشيوعيين وكان يمكن نشره بصورة علنية. وقلت للسائلين كان قصدي تربية الشيوعيين، والعمال بينهم، وعن كثب، ألا يقبلوا الدنية في لغة أدبهم السياسي الغالب. فلو أساءت العربية إلى التيجاني، ساحر اللغة، فعلي الدنيا السلام. فالسياسة لغة وكل مشروع مستقبلي كالاشتراكية لا يتحالف مع البلاغة إما سقط أو تولاه عديمو الوجدان فحولوه إلى مأساة. وما تزال الصورة التي خرج بها مقالي بالرونيو هي أصوب صوره قاطبة.

عبدالحي صديق لي من عهدنا في جامعة الخرطوم في أوائل الستينات إلا أن اشفاقنا علي ديوان التجاني وحد بنا برباط وثيق من الذعر علي قامة العربية. فلما كنت مشغولاً بحصر اخطاء "إشراقة" في مخبئي كان عبدالحي قد عثر بين عائلة التيجاني، وبفضل الاستاذ بكري الكتيابي، المخطوطة الأصل لإشراقة بخط التيجاني. ونشر الخبر بملحق الصحافة الثقافي بتاريخ 27 يناير 1977. وكان عشب التيجاني المحطوطب هو مدار حديثنا حين يستضيفني في جنح الظلام بداره بشمبات ويكرم وفادتي. ثم خرجت من الشيوعيين وعدت للعمل بجامعة الخرطوم. وعثرت علي بعض أوراق المرحوم المبارك ابراهيم (الذي حمل مخطوطة لإشراقة الي مصر في 1942) مودعة في مكتبة معهد الدراسات الأفريقية وفيها إشارات للتيجاني. وأخذ مشروع الطبعة المنقحة لإشراقه طوره الجدي بعد إصابة عبدالحي بالشلل في 1980. فقد شرعنا في العمل من مكتب وفره المرحوم علي المك، الذي تحمس لمشروعنا، بدار النشر بجامعة الخرطوم التي كان يديرها. ثم سافرت في بعثة دراسية في 1981 وتقطعت أسبابي بإسعاف إشراقة. وسافر هو للعلاج بانجلترا وكتب لي بامريكا أن المشروع قد تجمد وأن علي المك، رئيس تيم التحقيق، سينتظر حتي يجمعنا: هو وأنا والكتيابي. ثم نستفيد من عبدالله الطيب "من علمه وشغبه" كما قال في رسالته. ولم يحدث هذا بالطبع. وحين اجتمعت به في آخر الثمانينات كان محمد قد ضعف كثيراً ونشأت لي أنا اسبقيات اخري فلم نجدد الحديث عن المشروع الا لماماً علي كثرة ما كنت القاه في داره بالسراية الصفراء الجامعية.

لم التق بعشة، زوجة المرحوم، وأسرته منذ 1991.وقد أسعدني ان عشه توفرت علي نشر بعض اعماله اخيراً. واتمني ان تكون أوراق المرحوم وخططه لطبعة إشراقة المنقحة من ضمن أسبقياتها. وستجدني وآخرين زادوا عددا وسهراً علي العربية طوع بنانها. لتكن "إشراقة" الغراء صدقة اخري لعمر عبدالحي الجميل الشجاع.

Post: #66
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-09-2007, 10:32 PM
Parent: #1



بين صاحب العودة لسنار وصاحب الربابة :

(1)

إضاءة حول الشيخ إسماعيل مكي الدقلاش
( صاحب الربابة )


لربما لم أكن صاحب حظ ولكنني تنبهت للبوست والمداخلات . للرجل تاريخ وحكايات ، إلا أن المكتوب من السير أقل من المتناقل شفاهة ، رغم تعرضه للتبديل والتحوير والإضافة كما هي سير كل مواد الفلكلور .
هنالك الكثير من الغرائب تحتاج الصبر والرصد وتتبع المنهاج . لكنني سأجنح لمجموعة ربما لا تأتلف ، قد نجد من بينها ما يوسع الحديث حول سيرة الشيخ ، و طبيعة وسطه الذي عاش فيه . ليس لدي الآن الكثير :

(2)

أورد الدكتور قيصر موسى الزين في سفره :
( فترة انتشار الإسلام والسلطنات " 641 م ـ 1821 م " )

عُدة مفاتيح للنظر للفترة التاريخية التي أنجبت صاحب الربابة ، منها :

• ذكر أن تاريخ سلطنة سنار السياسي بدأ من العام 1504 م وإلى العام 1821 م حيث انتهت بالغزو التركي .
• أورد أن القوى الفاعلة وذات النفوذ في الدولة السنارية آنذاك هي :

ـ السلطان ( جيشه و حاشيته )
ـ المشيخة في الأقاليم
ـ التجارة والمؤسسة التجارية
ـ الطرق الصوفية

بدأ نشاط العلماء المسلمين من صوفية وفقهاء من المهاجرين من قلب العالم الإسلامي في سودان وادي النيل قبل قيام سلطنة سنار . من هؤلاء السابقين غلام الله بن عائد الركابي الذي أنشأ خلوة كبرى في منطقة دنقلا ، وانتشر أحفاده في الفترة السنارية في مناطق الشايقية ثم الجعليين وهم أولاد جابر . من هؤلاء السابقين أيضاً حمد بن دنانة الشاذلي الذي أدخل الطريقة الشاذلية ، واستوطن المحمية . نجد في الفترة السنارية هجرة المتصوفة وفقهاء المحس إلى منطقة الخرطوم الحالية ، مثل الشيخ أرباب العقائد والشيخ إدريس الأرباب في العيلفون والشيخ خوجلي عبد الرحمن والشيخ حمد ود أم مريوم في الخرطوم بحري الحالية ، وقد سبقهم الشيخ محمود العركي الذي أنشأ سبعة عشر خلوة بين الخرطوم وأليس في منطقة الكوة الحالية وغيرهم كُثر ممن ترجم لهم ود ضيف الله في سفره الذي كتبه قبل أكثر من مائتي عام ، والذي يحوي الكثير من السير الشفاهية ، وفي تحقيق البروفيسور يوسف فضل حسن لكتاب طبقات ود ضيف الله الكثير الذي يمكن الرجوع إليه للدراسة العلمية لنصوصه.

(3)

إن نظر العشق الحالم في مُخيلة الشاعر عبد الحي لهي نار توقد في سراج يُضيء المكان ، ولا تنتبه أنتَ للحريق الذي يُمهد لكل هذه الحفاوة بالضوء .
انتبه الشاعر عبد الحي وفق ما نرى إلى إلهامه وإيحائه دون المشي في رمضاء التاريخ ، ففي التاريخ غِلظة غير ما نعرف . يقول المؤرخون إن وقائع الحياة ليست بكل تلك الأحلام وهي تتكثف في رؤى الشِعر والشاعر . يقولون إن الشاعر قد عاش تجربة العودة لسنار أكثر من خمس عشرة مرحلة ، تتقافز الرؤى وتتعتق الحفاوة ويندلق إبريق الشعر عطِراً .
إن إسماعيل صاحب الربابة جوهرة نادرة الصعود لتاج بطولات الشعر وهو يغرف من القص الذي تلون بخيال من نقلوا لنا حياة الشاعر والمغني والمتصوف كصهيل الخيل في زمنٍ واديه ليس بذي زرع . نبت هو بفرادة مُجلجلة ، ونفخ فيه فلكلور الشعب أحجية عالية المقام ، ودخل أسفار الحكاية .

لعبد الحي كل العذر كما للطيب صالح أن نهلا من قيثارة رجل الحلفايا :
ود ضيف الله في طبقاته ، وما تيسر من الأسفار ، ولكن بريق الفن أكثر ديمومة من بريق التاريخ .
من هنا بدأ عبد الحي السفر ، ولامست آفاقه منطقة الأنجم وسامرت الحُلم وأقلقت المنام .

نتوقف إن كان للفجر من ميعاد آخر لشهرزاد .

Post: #67
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: mamkouna
Date: 09-09-2007, 11:36 PM
Parent: #1


التحية و التجلة و كل الحب و الإحترام..
للأستاذة الجليلة...و المربية الفاضلة..
أستاذتنا في بحري القديمة...عائشة موسى.
كان ل ست عشة..أسلوب مميز و مختلف..
لم تكن صارمة و مخيفة كبقية المعلمات..
كانت خفيفة الظل..رشيقة الكلمات..حلوة الحديث
تعرفنا عن طريقها على عيون الشعر الإنجليزي و أفضل الكتب الإنجليزية..
أحببنا مادة اللغة الإنجليزية و تبحرنا فيها..حتى ننال رضاها.

كانت أستاذة..
كانت صديقة..
كانت صاحبة و رفيقة.
ربنا يديها الصحة و العافية و يديها قدر ما أدتنا.

يااااااااااااا حليلك يا ست عشة.

Post: #68
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: mamkouna
Date: 09-09-2007, 11:49 PM
Parent: #67

معليش يا دكتورة سعاد..
دخلتَ من غير ما أسلم عليكِ..!
التحية و الود لكِ عزيزتي على البوست الجميل دا.

أستاذة عشة موسى...من الذكريات الحلوة جداً جداً في حياتي.
زُرت منزلها في الصبابي-بحري عُدة مرات..
و تشرفتَ بلقاء الراحل د. محمدعبد الحي..
أذكر أنها قامت بإهداءي مرة قصيدة إنجليزية ل T.S.Elliot ..
و طلبت منى إلقاءها في الفصل..
و قد فعلتَ..
لكن...
لغاية اللحظة دي...أنا ما فاهمة كلمة من القريتو !!!

Post: #69
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-10-2007, 01:53 PM
Parent: #68

دور الدكتور احمد محمد البدوي فى جمع الآثار النثرية التجانى يوسف بشير ومحاولته غير المكتملة فى تحقيق إشراقه مع عبدالحى ...


فى الاشاره الى محاولته المجهضة مع عبد الحي فى تحقيق طبعه منقحة لديوان إشراقه التجانى" الذي احطوطب" عبرالكلمه التي أرسلها الدكتور عبد الله على إبراهيم لتنشر فى هذا البوست عبر الأخ سيف الدين جبريل لفت نظري عدم اشاره الدكتور عبد الله رغم اهتمامه بالتاريخ والوثائق الى الدكتور احمد محمد البدوي الذي كان له القدح المعلى فى تلك التجربه المجهضة لتحقيق إشراقه وجمع تثر التجانى بل يكاد يكون احمد البدوي هو صاحب الجهد المسروق فى هذه التجربه رغم انتهائها بصوره مزعجه عليه وإحقاقا للتاريخ أرجو ان انشر الافاده التالية لأحمد محمد البدوي حول تجربته تلك فى جمع نثر التجانى ومحاوله تحقيق إشراقه التجانى علما ان الدكتور عبد الله على إبراهيم أشار الى شخص غامض فى تلك التجربه هو بشير البكري " ابن أخت التجانى" وأشار الى نفسه فى أكثر من موضع فى تلك المحاولة المهم كتب الى الدكتور احمد البدوي رسالة سوف أشير إليها فى الهامش يقول احمد البدوي فى رسالته :
" لم اطلع على ما كتب محمد المكي عن التجانى وشيخ عبد الله " يقصد عبداللة الشيخ البشير" ولو قرأت ما كتبه لقلت له الأولى بعبد الله شيخ البشير ان يجمع شعره المبعثر فى ديوان أولا فشعره إبداع ذو قيمه عاليه جدا ف السودان أما ان يتولى عبد الله الشيخ إخراج طبعه من إشراقه فهو مؤهل لذلك أكثر من اى شخص أخر لأنه شاعر وذواقة وخبير بالشعر وبشع التجانى وهو رجل فنان وإنسان فاضل ناصع الاردان .....بدأت جمع ماده كتابي عن التجانى يوسف بشير فى منتصف السبعينات وكنت اعتمد على المصدر الحي " المعاصرين" وعلى ماده جديده لم يألف الناس الاعتماد عليها كالرسائل الشخصيه وأتوجه من ناحية استقصاء النتاج شعرا ونثرا وعن طريق بعض الأصدقاء مضيت الى عائله التجانى فى أم درمان وتعرفت بهم النساء والشباب " الشيخ يوسف بشير فى أخر أيامه" وتوطدت الثقة فاخرجوا لي مخطوطه التجانى لأول مره ثم صار بعضهم يرافقني الى ملاقاة المعاصرين...
فى هذا المنعرج تعرفت بعبد الحي كان مديرا لمصلحه الثقافه يومئذ وصرنا نتلاقى كثيرا وكان رجلا ودودا يزورني دائما فى البيت ببحري لم يزرني احد مثلما زارني عبد الحي وكان من الواضح انه اصطفاني صديقا وعن طريق عبد الحي تعرفت الى محمد المهدي مجذوب وصرنا نزوره دوما وينتقل مجلسنا المسائي " نادي الاساتذه بجامعه الخرطوم" وكان ان اقترح عبد الحي ان أفيد من علاقتي بعائله التجانى فى الحصول على مخطوطه شعر التجانى لنتولى أنا وهو إخراج طبعه جديده موثقه من إشراقه ثم إخراج نثر التجانى فى كتاب وفعلا نجحت فى ذلك ووافق عبد الحي على دفع مبلغ 200 جنيها للعائله " لم يحدث ان نالت العائلة من طبعات إشراقه الستة حتى ذلك الحين ما يبلغ نصف هذا المبلغ" وبعد تصوير المخطوطة شرعنا فى التحقيق ولسبب ما أضاف عبد الحي صديقي بكرى الذي عرفته به الى لجنه التحقيق وبعد فتره انسحبت من اللجنة ...ثم ظهر نثر التجانى فى كتاب " ملاحظه من احمد الأمين ظهر باسم عبد الحي وبشير البكري وتم تجاهل ذكر احمد البدوي صاحب المجهود" وهو يضم رسائل التجانى التي جمعتها بنفسي وصورتها لكن كل ذلك الخلط لم يؤثر فى العلاقه الشخصيه بيننا ظللنا نلتقي ونتحدث بكل الود القديم وان كان هناك ما يؤسف له هو إزهاق انجاز تاريخي مهم وما يزال متعطلا ولهذا احلم بان يتاح لي ان أنجز ذات يوم ما بدأته مع عبدالحى قبل أكثر من عشرين عاما " تحقيق ديوان إشراقه"
*** تنبيه :
أعلاه مقتبس بالنص من رسالة شخصيه بعثها الى الدكتور احمد البدوي الذي التقيته صدفه فى محفل سوداني بلندن 1996" كنت اعرفه عبر كتابات وقرأت له مقالا عن عبد الحي " ثم تبادلنا العناوين جوهر تلك الرسالة الرد على ستة اسئله اثنان منها حول راية فى دعوه محمد المكي إبراهيم عبر مقاله الطويل المعنون هل يبقى معنا التجانى نصف قرن أخر فى قبل انقلاب البشير المنشور بصحيفة الأيام ودعوته ان يتولى عبد الله الشيخ البشير تحقيق طبعه منقحة لإشراقه والأخر حول علاقته بعبد الحي على ضوء اشاره عبدالحى فى حوار الثنائية الفكر والوجود الى احمد البدوي باسم شخص أخر تولى جمع أثار التجانى النثرية " تاريخ الرسالة 9\9\1996 واعتذر للدكتور احمد البدوي فى نشر جانبا منها دون إذنه فقط أردت تبيان دوره الهام فى تلك المحاولة الذي لم يشر عبد الله على إبراهيم إليه ربما سهوا او عمدا أو جهلا ...........أحمد الأمين أحمد....

Post: #70
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-10-2007, 01:56 PM

محمد عبدالحى وتجربته الشعرية
الشعر رزق من الله
0 الدكتور احمد محمد البدوي

* إلى ذلك الجيل المدهش من الافنديه المتمردين ينتمي محمد عبدالحى ,من الافنديه المتعلمين الذين تفتحت أكمامهم في ظل نظام التعليم البريطاني أو الموروث عنهم الدائر في فلك نمطهم من بعد ذهابهم .وكان وضع الأمور في نصابها يقتضى أن يتوج الجهاد بمآثر الوظيفة ومنافعها من بعد قضاء سنوات في جامعه الخرطوم التي كان يراد لها أن تكون موئل الصفوة المتعلمة في مدارس الحكومة البريطانية ,غرفه التعقيم التي تحول اليافع إلى كائن مستأنس ,نواة الفطرة المشاغبة المخشوشنة مستأصله منه منزوعة ,ريش أجنحته شبه منزوع لكيلا يحلق بعيدا.
المعايير الراسخة تقتضى أن تلتحق بالجامعة ,ولاسيما الأقسام التي تحقق اكبر قدرا من الثراء الاقتصادي والاجتماعي أما أن تزهد في الوظيفة فتهيم على وجهك أو تزهد في الجامعة فتتركها وراء ظهرك مختارا غير مرغم فتلك خطيئة الكاردينال ,اوكبيره الإمام ,خروج على ناموس الحق والسداد ,وتفريط في زينه الحياة الدنيا.
من ذلك الجيل النور عثمان أبكر الذي أكمل دراسته في قسم اللغة الانجليزية ومحمد المكي إبراهيم ,شاعران غريران تحت وطأة حمى التوله بالثقافة ونشدان معرفه غير متناهية يهاجران إلى ألمانيا ويقضيان أعواما في وسط العمال الكادحين الملونين ولكن " قرب المنبع" على صله بتيار الحياة يعودان إلى السودان ومآثر الوظيفة التي حولت المكي الآن إلى سفير من بعد أن طلب غفران أبيه على " حماقات السنين الضائعة" ولكن التجربة كان لها فضل في نمو ثقافة الشاعرين وتقويمها وهما شاعران من أميز شعراء السودان وستفرد لكليهما مكانه في خارطة الشعرالعربى الحديث يوم أن تستقيم الموازيين ويتراكم الماء المنهمر سيولا في مجرى واحد.
ومن ذلك الجيل محمود محمد مدني امن بأنه سيكون نسيجا وحده خارج الجامعة فتركها و لم يكمل وارتاد مجال أن تغدو مثقفا محترفا في الخرطوم وأدركته المعاناة التي تشمل في أيام " النميري" زيارة السجن في رفقه رجال الأمن وقضاء شهورا فيه خسيفا عزيزا وأدمن الكتابه الصحفية لكن إيقاعها الفاتر لم يطمس الق الكاتب العظيم الذي يكتب النقد ويترجم إلى العربية ويبرع في القصة القصيرة وفرغ من كتابه روايات لم نشر ودون بحوثا في اللغة الانجليزية ومثله عبد القدوس الخاتم الذي لم يكمل الجامعة في الخرطوم ولا موسكو ولا لندن قبل بوظيفة متواضعة في الخارجية السودانية وعكف على قراءات مجوده في الانجليزية –التي يشاع انه حفظ احد معاجمها- والروسية والعربية وفى الفرنسية أيضا وإذا عجم عود الخارجية وانتقى صفوة مثقفيها مثل جمال محمد احمد: الأستاذ الجامعي ومستشار مجله " حوار" وصلاح احمد إبراهيم الذي يشبه " عثمان دقنه" في جيش المهدية على مشارف كرري ليس له راية معقودة باسمه ولكنه يعلو على كل الرايات وحملتها لابد أن يكون عبد القدوس الموظف المتواضع واقفا في شموخ مع أولئك النفر وكلهم أكمل دراسته الجامعية وربما أربى عليها وكلهم وزراء وسفراء من العلية القابعة في قمة الهرم لتلك الوزارة المستهلبه التي تحتل أفخم المكاتب في كل عصر من عصور الخرطوم مثل السن الذهبية في فم ازدرد بلا أسنان لشخص جائع متشرد ,الوزارة المتنضجه المنتفخة كالديك الرومي ,العاطلة المربوطة العنق تأنقا خوائيا تفتح ذراعيا للضباط إذا تنكر لهم الجيش وأحالهم إلى المعاش من تزكيهم الأحزاب والطوائف والشخصيات والحكومات العسكرية المتسلطة ولكنها لأتعرف عبد القدوس إلا موظفا صغيرا إلى أن زهد فيها وهاجر إلى الخليج ...ولعبد القدوس مساهمات نقدية متنوعة تمتزج فيها اللغات والأمكنة والنفوس وتشي بمقدره نادرة على التذوق والتحليل والعرض.
إلى هذا الجيل المتطلع في اشرئباب مجنون إلى عالم فياض بالمثل , هو اسمق من عالم الافنديه بقيده الحريري وبصره الكليل ,إلى هذا الجيل ينتمي محمد عبدالحى الذي أتى إلى جامعه الخرطوم في مطلع الستينات وقضى عاما كاملا في كليه العلوم ,في السنة التحضيرية التي يتنافس طلابها على دخول كليات الطب والصيدلة والطب البيطري والزراعة ثم نفض يده من الكلية والعلوم التجريبية وانتقل إلى كليه الآداب ليبدأ مسيره جديدة تتعانق فيها الهواية بالتخصص والمزاج الفردي بالمهنة وتتوحد أجزاء قضيه الحية في بوتقة ملتمه متماسكة .وفى ظل المواءمة المشهودة تقترب خطوات الفتى من النضج وتبرز القسمات الفارقة لأسارير شخصيته ..في جيله الذي يضم شخصيات على قدر من التميز لاينال ن قدرها أنها متوارية غير مشهورة مما يعزى للظروف المنحصرة في عيوب المكان الذي ينتمون إليه المكان الذي يلحق مظالم قاسيه بالمقدرات الفذة القابعة خلف أسواره ولاشك أن من مقومات نبوغ الطيب صالح تفلته من حصار المكان.
إن التحاق محمد عبدالحى بكلية الآداب من بعد ,هو عوده الطائر " السمندل" إلى سربه من بعد طول افتراق ,وانتفاضه في مصهر النار منبعثا من جديد ,يعنى أن اهتمامه بالأدب –ونشاطه الشعري مركز ذلك الاهتمام –لن يغدو على هامش حياته ,بل يغدو قوام يومه .وكان الجيل السابق من الشعراء قد ولج أبواب الشعر الحر ,وخاضت رموز منه في نهر الواقعية الذي يتدفق بحيوية وقوة حينا ,ويؤول إلى مستنقع فاتر في حين أخر ,ومن يطالع مجله " صوت المرأة " ألخرطوميه ويقف عند الأعداد القليلة الصادرة في السنوات الثلاث السابقة لثورة أكتوبر –تشرين الاول1964 سيجد عبدالحى الشاعر مساهما بقصائد موزونة مقفاة في ذكرى استقلال السودان ,اكبر همها مقحم على ملكوت الشعر من الخارج كالرقعة في جلباب الدرويش وهو المشاركة السياسية بالانتصار للشعب والتغني بأمجاده وربما سعت القصائد على نحو ايمائى للتعريض بالحكم العسكري الأول الممقوت من قبل الجامعة المتجني على الاستقلال المؤود باطراح الديمقراطية وتكميم الأفواه ومنح الحرية أجازه اجباريه . وفى تلك القصائد لفتات الشبل في حال الصيرورة إلى كائن ذي لبد جسور .ولان الواقعية مبثوثة في طيات الحركة الشعرية فقد أضحى الانفكاك من أسرها الغلاب ,سباحه مضادة لاتجاه التيار الذي لم يكن عبدالحى يخلو من مسوغات التسوق معه , ولهذا نسمع في تلك الأشعار رنات من هنا ودندنات من هناك وتبرز في إحدى تلك القصائد لمسات دالات على شي من شعر تاج السر الحسن.
ولكن "المنحى الشخصي" في شاعريه عبدالحى يتخذ سمته عشيه ثورة أكتوبر 1964 , وعلى وجه التحديد والتؤكيد في الصفحة الادبيه لصحيفة "الرأي العام" ألخرطوميه التي كان يشرف عليها عبد الباسط مصطفى.
في تلك الأيام عاد الشاعران محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر من ألمانيا من بعد الصعلكه الثقافية والتشبع بريح الشمال طازجة غير معلبه وبرئتين غير مستعارتين ,صدمتهما ألمانيا حين أفاقا بعد ارتطامهما وهما يهويان من حالق بصخره الهوية فهما ليسا أوربيين وليسا من ذاك النفر اليعربى المعدود في الملونين عند الألمان وكتبا شعرا معبرا عن واقع فاجعة الاكتشاف وكارثة الانتماء الملهوج وتأبطا خلاصه دعوة جديدة اشتهرت باسم: " الغابة والصحراء" الغابة الدالة على أفريقيا والصحراء تدل على العرب وتلقف عبدالحى الدعوة وغدا داعي دعاتها كتب " إن خلاص الشعراء السودانيين السابقين غير خلاصنا من دعا منهم إلى عروبة خالصة " كالعباسي ومن افتن في التغني بحبيبه اسمها أفريقيا السوداء كالفيتورى وان الخلاص في جمع الأمرين ,"وبدأ يكتب شعرا مثل " جنيه الغاب وفارس الجواد الأصيل " وبدا يستحضر الرموز الخاصة بالأمرين المتمازجين ثم يسبكهما ونشرت الصحيفة الادبيه أن عبدالحى أحرق كل أشعاره السابقة لمرحله الغابة والصحراء ونهض من تصدى للدعوة المبتدعة على أساس أنها هرطقة معاديه للعروبة مثل " الفاتح التجانى".ا
والحق أن مسالة الهوية كانت مطروحة على نحو ما في ديوان الشعر السوداني ,سبق إن تلبث محمد المهدي المجذوب عند الزنج وحلم بربابهم واستعصم صلاح احمد إبراهيم بالرموز الافريقيه وأبرزها في دوى قوى بارز في عنوان ديوانه الأول "غابه الأبنوس" لكن النور عثمان أبكر حين خلع عروبته من بعد في مقال يرد عليه صلاح قائلا : " نحن عرب العرب".
وسبق أن الم بهذه الهوية المزدوجة التكوين فنان تشكيلي مثل : إبراهيم الصلحى في لوحاته وتنبه من حيث أعمت الغفلة الشعراء الافنديه إلى الأس الاسلامى بطابعه الصوفي الشعبي فنم عنه في شفافية وفى جيل سابق دعا موسيقار مثل إسماعيل عبد المعين إلى " النقر زان" الإيقاع الأصيل الذي يوصل بنسبه إلى زرياب .
وفى فتره لاحقه يكتشف عبدا لحى أن الخيمة الكبرى للعروبة في السودان قد استظلت بالغاب في لندن وذلك في دراسة ممتعه عن ديوان "أصداء النيل" لعبد الله الطيب الذي يضم قصائد نظمها الشاعر عندما كان يعد اطروحه الدكتوارة في الأدب العربي بلندن.في النصف الثاني من الأربعينات .وفى تلك القصائد مذاق افريقى واضح.جعله عبدا لحى نزعه زنجية في الحانات وعن بنات الانديز وعن إحساس قوى بانتماء مثل الثلج ذاب من بعد العودة إلى الخرطوم –الصحراء.
قضيه الغابة والصحراء ,استمدها عبدا لحى من النور ومكي ناسجا على منوالهما ,مضيفا إليها وربما ظهر جنوح لاستئثاره بها وان يكن أعلى الأصوات المروجة لها.
وفى ظلها كتب عبدا لحى قصيدة: "العودة إلى سنار" بما عراها من تعديلات مستمرة إلى أن طبعها في كتيب ,على أساس أنها قصيده طويلة .وفى الطبعة الثانية حذف بداية التكوين الأول الذي يمثل مطلع القصيدة –الملحمة الروح, وهو نواة القصيدة المعدلة وأكثر أجزائها نبضا بالحيوية ينساب في تدفق متواصل بلارتابه:
حين أبحرنا إلى سنار عبر الليل كانت
شجرة التاريخ تهتز بريح قادم من
جزر الموتى وكان الكروان المرجاني يغنى
في غصون الشوك صوتا
" كان غناؤه على شرفه ترهاقا قديما"
وانحدرنا خلف سور الغاب والصحراء كانت
نبع حيل,هي البوابة الأولى
ينابيع على الجدران,منديل عليه\ من دم العذراء وهج
....درع قديم ,ونقوش ذهبيات ,وورقاء هتوف,ورماح
أبنوس
كان حلما أن نرى البدء وميلاد الطقوس.
ومن ثم يطرق أبوب المجلات كالآداب ,حتى إذا ما تخرج ونال درجته الأولى وابعث إلى بريطانيا من قبل قسم الانجليزية بجامعه الخرطوم ,يتسنى له أن يطرق أبواب المجلات الجادة كمجله" شعر" و"حوار" و"مواقف" ومجله " المجلة" القاهرية ,و"البيان" الكويتية" و "المعرفة " الدمشقية".
هذه المرحلة من شاعريه عبد الحي ,تستغرقه فيها الرموز السودانية المحلية والافريقيه والمسيحية واليونانية ويسميها هو "المرحلة الوثنية" ويود أن لو تأتى له إسقاطها .وقد اجتهد فعلا في إسدال ستار من النسيان على قدر غير قليل من القصائد المنشورة ,ربما لأنها لأتمثل شاعريته بآفاقها الجديدة في مرحله السبعينات ,وربما لأنها تشف عن خضوع لمؤثرات ,تجعل صوت الفذاذه متواريا وراء السياق مع أنماط أداء خاصة بشعراء مهمين.
وهنا تتجلى ميزه ملازمه لتراثه الشعري ,هي الإصرار الدءوب على التجذر بطرق دروب جديدة ومجاهل وتجربه أنماط متنوعة والإلحاح على مداومة المحاولة ,قد يكون راغبا في اكتشاف نفسه ,واستخراج أفضل ما عنده والعثور على ماهو جوهر "لؤلؤ رطب" في عالمه, وقد يدل ذلك على قلق تجربته التي عرفت الحركة ,ولم تعرف الاستقرار .
ومع ذلك هناك ملامح من تأثر غير خافيه في شعره تدل على صله قويه بشعر خليل حاوي والبياتى وتبدو العلاقة امتن بشعر ادونيس .ونحسب اهتمام عبدا لحى بالصوفي النفرى وإثباته اشاره ألبه في قصيده " العودة إلى سنار" وقد بدأ من اشاره سابقه في الزمان إلى النفرى وردت في ديوان ادونيس ولكن شاعرنا يطو الاهتمام بالرمز الصوفي إلى حد العكوف على "الفتوحات المكية" و" فصوص الحكم" لابن عربي . ولكن الرمز الصوفي في الشعر الحديث يستمد جذوره من ادونيس ثم من البياتى في استخدامه رمز الحلاج مثلا.
ومن حيث البناء تشابه قصيده " العودة إلى سنار" قصيده " الأرض اليباب" أو " الأرض الميتة" لاليوت .كلاهما ذات خمسه تكوينات وذات هوامش في أخرها وكلاهما ذات اهتمام جم بازمه الهوية أو الانتماء واجده في التوجه الديني حلها الناجع.
إن الشعر عند عبدا لحى يسمق عندما يصفو من كدر الاحتشاد الفكري ويغدو غناء مصفى غير مشوب عند عبد الحي المغنى .ولكنه راسخ الإيمان بان الشاعر الكبير يكون رحب الثقافة كدانتى يمكن أن يحتوى صدره على معرفه عصره كالمتنبي ولابد له من أن يبلغ أشياء ذات عمق فكرى وعنده هاجس قديم اسمه " البراءة الأولى" أو براءة اللغة أعاده صياغة الكلام بما يمنحه مجلي جديد ,وكأنه اللغة تولد من جديد بريئة طاهرة.
بين هذين القطبين ,سعت محاولاته في الأفاق ,ولكنه الشاعر المغنى الذي يحسن الأداء الوجداني الذي يبدو عفويا تلقائيا ,بعيدا عن التعقيد ورشح الجبين .وانه ليسمعه في المقطوعات القصيرة والأبيات القليلة:
هذا رنين قدم الفجر على التلال والأشجار
يخبر كيف مرت الريح على القيثارة
واعتنق الملاك والعذراء
تحت سقوف النار
وافترقا إلى سمائه
وهى إلى جسدها المقهور
وبدأت حكاية الرعب
الذي يرسب في حنجرة العصفور.
وستبقى لنهجه الشعري قيمته الفنية في الدلالة على سعيه من اجل بلوغ براءة اللغة والشعر الصافي وذاك الضرب من الشعر الذي يعيد خلق الأشياء وتركيب الكائنات ومنحها أبعادا أسطوريه أو قدسيه مما يبين في احتشاد طائفة من قصائده بأسماء الطيور وغيرها من الكائنات البرية مثل الحشرات.
وهو قوى الأيمان بما يقدم وبان لكل شاعر ما يسميه القصيدة الكبرى وقصيده : "العودة إلى سنار" هي قصيدته الكبرى التي يرى أن الناس لم يقدروها حق قدرها في السودان .إلى أن جاء خبير من خارج الحدود ,يعنى " سلمى الخضراء الجيوسى" التي كتبت دراسة مطوله عنها وكانت يومها تدرس الأدب العربي في جامعه الخرطوم .
ومن جانب أخر استغرقته الصوفية عندما سعى إلى استدعاء رموزها وشخصياتها ومصطلحاتها طرائقها في الشعور والتعبير إلى حد ذوبان البرزخ الفاصل بين الشاعر والصوفي والانتقال من الشعر المستلهم للصوفية نفسها فأطلق قولته المشهورة " الشعر رزق من الله" ووزعت قصيدته " معلقه الإشارات" المطبوعة العام 1985طبعه خاصة من قبل مصلحه الثقافة إبان توليه إدارتها في أيام الاحتفال بالمولد النبوي في ساحة العاصمة.واستعصم برياه في انه أول شاعر حديث أعاد كتابه المديح النبوي.
( المصدر : مجله الناقد اللندنية .1991
تنبيه: هذا المقال غير مكتمل لفقدان الجزء الأخير منه ضمن ارشيفى نتيجة لعدم الاستقرار.

Post: #71
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-11-2007, 05:46 PM
Parent: #70

الدكتور الفاضل عبدالماجد علي بوب،
كم سعيدة هذه الفرصة بعد مددٍ إسفيرية طويلة.
كل الشكر والتقدير على المرور الكريم وجميل الكلمات،
وأيضاً على عكس نفحات من الإحتفال الإذاعي الإسفيري
بإحياء ذكرى محمد عبدالحي
لك الشكر والتقدير أيضاً من أخي الحبيب محمد تاج السر
وكلماتك الرقيقة عن قصيدته الرائعة في ذكرى محمد عبدالحي.

تحياتي وصادق مودتي لكَ والأسرة الكريمة

Post: #72
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-11-2007, 05:54 PM
Parent: #71

الأستاذ الفاضل هاشم أحمد خلف الله،
شكراً جزيلاً وتقديراً عظيماً على المرور
والكلمات الجميلة التي أعتبرها إثراءً مُقدّراً جداً
لذكرى شاعرنا الفقيد المقيم الدكتور محمد عبدالحي،
طيّب الله ثراه.

خالص التحايا وصادق المودة لك والأسرة الكريمة.

Post: #73
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-11-2007, 06:05 PM
Parent: #72

الأعزّاء الأفاضل أحمد الأمين، عبدالله الشقليني، وسيف الدين جبريل:
يا لهذا الجمال وهذه الروعة والإنسياب المنعش.
لكم أسمى آيات الشكر والتقدير على مواصلة إثراء البوست
بكل هذه الإبداعات الرائعة من كتابات رفيعة لعدد من الكتّاب والأدباء:
الدكتور عبدالله علي إبراهيم، محمد المكي إبراهيم، خالد عبدالله،
الدكتور أحمد البدوي وجميع الكُتّاب وهذا الحوار
الذي أتمنّى أن يمتد فهو إثراء وتخليد حقيقي لذكرى شاعرنا العظيم،
وتوثيق ممتاز لكل هذه الإسهامات المُقدّرة.
وتلك الإضاءة الرائعة حول الشيخ إسماعيل مكي الدقلاش
صاحب الربابة. شكراً عميقاً لكم جميعاً.
لنواصل تخليد ذكرى شاعرنا الراحل المقيم الدكتور محمد عبدالحي.
ولكم مني صادق المودة.

Post: #74
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-11-2007, 06:51 PM
Parent: #73

الأستاذة الفاضلة ممكونة،
يا ستي ألف مرحب بيك والبيت بيتك دائماً.
لكِ منى كل الشكر والتقدير على هذه المساهمة الحلوة الجميلة
عن أستاذتنا الفاضلة عائشة موسى السعيد.
نعم لقد كان لها أسلوباً متميّزاً ورفيعاً
في تدريس اللغة الإنجيزية التي حذقتها
وقد كان أسلوبها الفريد الرشيق، كما تفضّلتِ، السبب الرئيسي الذي حببنا
في طريقتها في التدريس والمادة التي تدرّسها.
شكراً يا ممكونة ثانية لكِ على إثراء بوست محمد عبدالحي
بالتأمّل في هذه الذكريات الرائعة عن رفيقة دربه وشريكة تجاربه الشعرية
الأستاذة الجليلة عائشة موسى التي طال الزمن ولم ألتقِ بها.
كل المُنى أن نسمع منها وعنها والأسرة كل خير وسرور.

Post: #75
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 09-14-2007, 04:09 AM
Parent: #74

الاخت العزيزة دكتورة سعاد هذه رسالة جاءتنى من شاعر الشعب وصنو الراحل المقيم دكتور محمد عبدالحى شاعرنا الكبير محمد المكى ابراهيم ونتمنى من استاذنا ودالمكى ان يواصل معنا فى اثراء هذا الحديث الشيق عن راحلنا المقيم.

سيف

Quote: في الذكرى الحية لمحمد عبد الحي

محمد المكي ابراهيم

في ذلك المساء الحزين جاءني في غرفتي بداخلية عطبرة وعلى ملامحه مظاهر انزعاج عميق فقد سمع ان جمهوراً من الغوغاء يحاصر الجنوبيين في دار النشر المسيحي بشارع القصر ودعاني للذهاب معه الى مسرح الاحداث لنرى ما يمكن ان نفعل من أجل فك الحصار على المحاصرين.

كان ذلك في أمسية الأحد الدامي حين تدافع الجنوبيون الى مطار الخرطوم لاستقبال وزير الداخلية الجنوبي او بالاحرى اول جنوبي يتقلد وزارة سيادية بعد أجيال من التهميش والانحشار في وزارة الثروة الحيوانية دون غيرها من الوزارات.وكما هو معروف تأخرت طائرته في الاقلاع من ملكال وبالتالي في الوصول الى الخرطوم فسرت بين المستقبلين شائعات تقول انه قد قتل.وهكذا بدا الشغب دون تخطيط وبتأثير من الغضب والانفعال .وبعد ساعة او ساعتين كان الانفعال قد استهلك نفسه كما تستهلك النار أحطابها وعند ذلك بدأت ردة الفعل العنيفة عند الشماليين.

حين وصلنا الى دار النشر المسيحي(شارع القصر قبالة سينما كلوزيوم) كان المكان محتشدا بالناس ولكن معظمهم كان من المتفرجين إلاّ ان نفرا قليلا منهم كانوا يجوسون بين الناس وبأيديهم جركانات البنزين وهو يهددون بسكبها على غرف الدار واشعالها.وكان بعضهم قد مضى من التهديد الى التنفيذ قبل حضورنا فقد كان هنالك آثار حريق على جدران الدار الخارجية. وبالصدفة ظهر من بين الحضور المرحوم الاستاذ جمال عبد الملك (ابن خلدون) فروى لنا كيف قامت الغوغاء بمهاجمة الجنوبيين المحصورين في الدار وكيف ان احدهم اشعل النار بالفعل فخرج معظم المحصورين ولاذوا بالفرار ولكن بقية منهم لازالت داخل الدار.

أخذنا نتحدث الى حملة الجركانات الذين كانوا يريدون من الجمهور ان يمدهم بالبنزين من سياراته لينفذوا نواياهم في الايذاء ثم الى الجمهور محذرين من التعاون مع حملة الجركانات.وكان عبد الحي أعلانا صوتا حتى انه انتهر الكثيرين منهم انتهارا.ولم يكن ابن خلدون اقل منه في الاقناع. وفجأة ظهر من خلفنا صوت يقول:''في هذا المكان اسرائيليون يبعثون معلومات مباشرة الى تل أبيب''فقال ابن خلدون :انا المقصود بهذا الكلام ومن الافضل أن ننصرف.وكان ذلك باباً من ابواب الحكمة فتركناه ينصرف وانا وعبد الحي ركبنا الطراحة عائدين الى الجامعة.وهنالك في موقف الطراحات عبر الشارع من مسجد الجامعة كان موقف مماثل ينتظرنا فقد كان غوغائيون يوقفون سيارات التاكسي المتجهة الى الخرطوم بحري ويتفحصون ركابها فاذا رأوا فيها سحنة جنوبية امروها بالنزول.ودون تردد هجم محمد على الغوغائيين وأمر التاكسي بعدم الانصياع لطلبهم والاستمرار في مشواره.ثم أحاطت بنا وانضمت الينا ثلة كبيرة من طلاب الجامعة من المعارف وغير المعارف فكلما استوقفت الغوغاء مركبة بادروا اليها وامروها بالمضي في طريقها المرسوم غير مبالية بهم.وفي نهاية الأمر تقلصت أعداد الغوغاء وغمغموا بكلام سيء عن كوننا طلبة خونة واختفوا عن الانظار وعادت الطريق الى بحري سالكة.

أتذكر محمدا كثيرا ودائما اتذكره في مواقف بطولية يعبر فيها بالعمل عن قناعاته الفكرية.فلم يكن يعرف الفصام بين ما يكتب المرء وما يفعل في معايشة الواقع فقد أوتي من الجرأة والجسارة ما يكفي عشرة رجال.

ألف رحمة ونور على محمد عبد الحي الذي حسدتنا عليه المقادير وانتزعته من بين أيدي محبيه ومعجبيه وعارفي افضاله.

Post: #76
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-14-2007, 11:46 AM
Parent: #75

على ضوء اشاره شاعر امتى محمد المكى ابراهيم الى المفكر الراحل ابن خلدون اكثر من مره عبر مساهمته عبر سيف جبريل....تطفو على ذهنى منذ امد دار رحبه تعج بالضوء واللون والصور والاسفار والورد و " الطعام الحلال" تقبع اسفل جسر حديدى عتيق تعبره خطوط حديد بريطانيا بضاحيه ويمبلى الشهيره شمال غرب لندن حيث كان يعتكف منذ هبوطه أرض شكسبير اول التسعين من القرن الماضى المفكر والباحث الوقور جمال عبد الملك ابن خلدون السودانى المولود بوادى حلفا العام 1929 ...
غادر ابن خلدون السودانى وطنه السودان الى الابد عشيه انعقاد مؤتمر الانقاذ للاسترتيجيه القوميه الشامله وهوالباحث والمؤلف فى الاستراتيجيه ومدرسها لطلاب الحربيه السودانيه !! ورائد ادب الخيال العلمى وعلم الجمال بالسودان عبر اكثر من مؤلف ابرزها سفره الراقى " مسائل فى الابداع والتصور" ثم مؤلفه العميق فى الماورائيات والجمال والنسبيه والفلسفه بالانجليزيه The Fourth Dimension والذى فحواه " محاوله لتقديم مفهوما موحدا للكونيات" عبر " اعاده تفسير الكون لاجل اكتشاف وشائج جديده واحتمالات بغيه الوصول للحقيقه الكامنه وراء ما لم يسبر اغواره بعد"...
اذكر دخولى داره تلك نهار صيف 1996 فى معيه الشاعر القديم فضيلى جماع وذاك الغداء السودانى الشهى والانس الممتع وتواضعه الجم وحديثه وزوجته الهادئه الباسمه عن مضايقات وتفاهات تعرضوا لها من قبل جهله الامن السودانى وبعض التنفيذين بحجه انهما اى ابن خلدون وزوجته لا يدينان بالاسلام مما حدا بهما هبوط ديار الانجليز بحثا عن اللجوء السياسى....قرات نعى ابن خلدون عقب ذاك الغداء بنحو سته اعوم فى صحيفه الشرق القطريه بالدوحه اذار 2001 فتذكرت مقاله المقتضب بصحيفه السياسه السودانيه 1987 عن صديقه الشاعر محمد عبد الحى بعد جلوسه على كرسى متحرك منوها باهميه وندره وجود شاعر فذ مثله فى حياه لا تنجب شعراء بسخاء وذكر موقفا انسانيا ملخصه قيام الشاعر عبد الحى بالتبرع بدايات الثمانينات وبدء محنته مع المرض بكل المبلغ الذى الذى خصصته جامعه الخرطوم لعلاجه بالخارج لاجل علاج ابن صديقه ابن خلدون الذى كان يعانى من مرض عضال اودى بحياته لاحقا ...كتب ابن خلدون شهادته تلك فى حياه عبد الحى فلهما الرحمه وسلاما على عيسى ومحمدصلى الله عليه وسلم ...

Post: #80
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-17-2007, 04:13 AM
Parent: #76

الأستاذ الفاضل أحمد الأمين،
الشكر والتقدير لكَ دائماً
لهذا التوثيق الجميل
لهذه المواقف الإنسانية النبيلة
التي جُبِل عليها شاعرنا العظيم
الدكتور محمد عبدالحي.
كم رائعة هذه القصة الإنسانية
بين الراحل المقيم الأستاذ جمال عبدالملك إبن خلدون
والدكتور الراحل المقيم عبدالحي.
أذكر ذلك تماماً،
وأذكر أيضاً في الثمانينات عندما كنا في لندن
وجاء الأستاذ إبن خلدون بطفله الصغير
الذي كان يعاني من مرض عضال في ضعف العظام
باذلاً كل نفيس وغالٍ لعلاجه دون جدوى.
وقد كان الدكتور عبدالحي يعاني في نفس الفترة
من تلك الجلطة التي قاومها بشراسة
فكان تعاطفه مع معاناة إبن خلدون وإبنه
مُمعناً في إنسانيةٍ نادرة.
لهم جميعاً الرحمة الواسعة.

ونواصل هذا السرد التاريخي
في إحيائنا تخليد ذكرى عبدالحي.

Post: #77
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-16-2007, 06:34 PM
Parent: #75

سلام لكم جميعاً ورمضان كريم
بعد العودة من شيكاغو
والمشاركة في برنامج طلبة السنة الأولى
التعريفي في جامعة شيكاغو

First Year Students Orientation
مع إبنتنا الحبيبة شيراز جلاّب.

الشكر والتقدير للأستاذ سيف الدين جبريل
على إيراد هذه المشاركة المُقدّرة
من شاعرنا الكبير، شاعر "أمّتي،"
و "أكتوبر الأخضر،"
الأستاذ محمد المكي إبراهيم.
شكراً لكم جميعاً على إسهاماتكم
لإثراء ذكرى تخليد الدكتور محمد عبدالحي.

Post: #78
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: سمندلاوى
Date: 09-16-2007, 06:41 PM
Parent: #1

الليلة يستقبلنى أهلى
خيلُ تحجل فى دائرة النّارِ ،
وترقص فى الأجراس وفى الدِّيباجْ
امرأة تفتح باب النَّهر وتدعو
من عتمات الجبل الصامت والأحراجْ
حرّاس اللغة – المملكة الزرقاءْ
ذلك يخطر فى جلد الفهدِ ،
وهذا يسطع فى قمصان الماءْ

Post: #79
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-16-2007, 07:17 PM
Parent: #78

Quote: الليلة يستقبلنى أهلى
خيلُ تحجل فى دائرة النّارِ ،
وترقص فى الأجراس وفى الدِّيباجْ
امرأة تفتح باب النَّهر وتدعو
من عتمات الجبل الصامت والأحراجْ
حرّاس اللغة – المملكة الزرقاءْ
ذلك يخطر فى جلد الفهدِ ،
وهذا يسطع فى قمصان الماءْ

الأستاذ الفاضل سمندلاوي،
شكراً جزيلاً وتقديراً عظيماً
على هذه المُشاركة الجميلة
وهذا الإختيار الرائع
إثراءً لتخليد ذكرى شاعرنا العظيم.
لك التحية وصادق الودة ولأسرتك الكريمة.
ولتكن معنا نواصل هذا التوثيق الهام.

Post: #81
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-17-2007, 04:54 AM
Parent: #1


الدكتورة والأفاضل والفضليات :
تحية واحتراماً

تجدون في أرشيف سودانيزأونلاين موضوعاً ومُداخلات تُثري
ذكرى الشاعر الراحل :



السمندل يغني* ... قراءة في تجربة الشاعر الكبير الدكتور محمد عبد الحي ]

**

Post: #82
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-18-2007, 10:41 AM
Parent: #81

الأستاذ الفاضل عبدالله الشقليني،
كل الشكر والتقدير على هذا الرابط الممتاز
وهذه الإضافات الثرّة التي احتواها البوست
الذي تفضلّت بإيراده، فهو لا شك يعكس
قراءات هامة جداً في تجربة عبدالحي الشعرية،
فالتحية لكل من أسهموا بأقلامهم ودراساتهم الجادة
في محاولاتهم لسبر غور اعماق أعمال شاعرنا الفذ الأدبية.
لكَ التحية والتقدير دائماً أستاذ عبدالله
على إضافاتك المُقدّرة في تخليد ذكرى
شاعرنا الراحل المقيم محمد عبدالحي.
ولنواصل هذا التوثيق الهام
في هذا الشهر المبارك.
رمضان كريم لكم جميعاً
مع أجمل التحايا وصادق المودة.

Post: #83
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-21-2007, 11:26 AM
Parent: #82

فوق
إلى حين عودة.

Post: #84
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-25-2007, 07:53 PM
Parent: #83

الغابة والصحراء.. جماليات الثقافة السودانية
نقلا عن مجلة العربي

الأستاذ عبدالمنعم عجب الفيا

الغابة والصحراء ليستا جمعية أو حزبا أو رابطة. وإنما هما نفر من المبدعين التقت أفكارهم حول رمزية هذين العنصرين ودلالتهما على الهوية السودانية.
الذاكرة التراثية للإنسان السوداني تلتقي عندها الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات اليونانية والنوبية والمسيحية
قادت جمعية اللواء الأبيض الثورة ضد الإنجليز في 1924
أعاد المجذوب إحياء أفكار حمزة الملك وإدخال مظاهر الحياة السودانية في أشعاره
سألت إيزابيلا سيمور, مصطفى سعيد, بطل رواية (موسم الهجرة إلى الشمال), ما جنسك? هل أنت إفريقي أم آسيوي? فأجابها أنا مثل عطيل, عربي إفريقي. فنظرت إلى وجهه وقالت: نعم أنفك مثل أنوف العرب في الصور, ولكن شعرك ليس فاحمًا مثل شعر العرب.
والسؤال ذاته الذي واجهه مصطفى سعيد روائيًا في لندن واجهه واقعيًا الشاعران المبدعان محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر في ألمانيا في رحلتهما إليها في الستينيات, حيث عبر النور عن حيرة الأوربي في تصنيفه بقوله (إنه يرفض هويتي الإفريقية حين أفكر, ويرفض هويتي العربية حين أكون). عبارة مشرقة ولاشك تلخص في أسلوب فلسفي رشيق ازدواجية الهوية الثقافية والاثنية للإنسان السوداني, أما محمد المكي إبراهيم, فقد جادت قريحته شعرًا لتوصيف الواقع بقوله في قصيدته الرائعة (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت) والتي تعتبر من عيون الشعر العربي الحديث:
الله يا خلاسية
..........
يا بعض عربية
وبعض زنجية
وهكذا فقد تنبهت الطلائع المثقفة من السودانيين باكرًا إلى الخصوصية الثقافية والاثنية للذات السودانية. وقد برز الوعي بهذه الخصوصية أكثر حدّة في الخمسينيات والستينيات مع المد الثوري لحركات التحرر الوطني ودعوات القومية العربية والاتجاهات الزنجية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. ففطن نفر من هؤلاء المثقفين إلى أن السودان يمتاز بخصوصية فريدة لا تتوافر في غيره من دول المنطقة, فهو يجمع بين الانتماء العربي والإفريقي في آن معًا. فتفتق وعيهم عن صبغة يصفون بها هذه الحال الفريدة. وحيث إن معظمهم كانوا شعراء, فقد هداهم حسّهم الشعري إلى صيغة شعرية ذات دلالة رمزية عميقة وهي صيغة (الغابة والصحراء). الغابة إشارة إلى العنصر الإفريقي, والصحراء إشارة إلى العنصر العربي. وذلك للدلالة على ذلك التمازج الثقافي والاثني.
الجغرافيا تتحدث
ولعل من دلائل التوفيق على حسن اختيار هذه الصيغة الرمزية أن تعبير (الغابة والصحراء) لا يتطابق فقط مع توزيع المناخ الجغرافي في السودان, بل يكاد يتطابق مع التوزيع الديمجرافي للسكان. فالمعروف أن مناخ السودان يبدأ في التدرج من مناخ صحراء في الشمال ثم يتحول إلى شبه صحراء ثم سافانا فقيرة وأخرى غنية في الأواسط إلى أن ينتهي عند الغابات المدارية في الجنوب. وبالقدر ذاته نجد السكان يتوزعون على هذا النحو إذ نجد العنصر العربي غالبا في الشمال مع بعض الاستثناءات ثم يبدأ في التقلص كلما اتجهنا جنوبًا مع بعض الاستثناءات أيضًا إلى أن ينتهي إلى غلبة العنصر الإفريقي الزنجي في الجنوب.
ومثلما اهتدت تلك المجموعة إلى رمز (الغابة والصحراء) اهتدت أيضًا إلى نموذج تاريخي يجسّد هذا التمازج العربي الإفريقي على أرض الواقع فكانت سنار...وسنار هي عاصمة مملكة سنار أو سلطنة الفونج والتي عرفت أيضًا بالمملكة الزرقاء أي السوداء. فالسودانيون يستعملون الأزرق كمرادف للأسود. ومنه جاء اسم النيل الأزرق أي الأسود. وذلك لشدة اعتكار مياهه من كثرة الطمي. ويقولون رجل أزرق أسود, وكانت العرب تستعمل الأخضر في ذات المعنى, فتقول رجل أخضر أي أسمر أو أسود. وكذلك يفعل السودانيون, وهذا مثال على الخصوصية اللغوية لأهل السودان.
ويرجع اختيار مملكة سنار أو السلطنة الزرقاء (1504-1821م) كنموذج معادلة الهوية السودانية إلى أنها أول مملكة سودانية تكونت بتحالف القبائل العربية والقبائل الإفريقية. وقد أسقط هذا التحالف الممالك المسيحية التي كانت تحكم سودان وادي النيل, وأقام مكانها أول مملكة إسلامية عربية - إفريقية كانت النواة الحقيقية للسودان المعروف الآن.
ولعل الفضل في رواج مفهوم سنار كنموذج لهذا التمازج يعود إلى الشاعر المرهف د.محمد عبدالحي الذي يعتبر أحد أبرز رموز الحداثة الشعرية في العالم العربي وديوانه المشهور (العودة إلى سنار) خير دليل على ذلك.
وإذا كانت صيغة الغابة والصحراء قد ارتبطت في البداية بمجموعة بعينها من شعراء الستينيات هم محمد عبدالحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر, فإن هذا التوصيف للثقافة السودانية قد وجد قبولاً ورواجًا بين أغلب المثقفين والكتّاب في تلك الفترة, وتردد في أشعار الكثيرين منهم.
وربما يرجع نجاح مفهوم (الأفروعربية) المطروح من خلال رمزية (الغابة والصحراء) آنذاك إلى الوعي القومي السوداني الذي أفرزته الظروف والتحولات السياسية والاجتماعية التي قادت إلى ثورة أكتوبر 1964م.
الهوية السودانية
والحقيقة أن جذور الوعي بالتوصيف (الأفروعربي) للهوية السودانية ترجع إلى عشرينيات القرن الماضي حيث تكوين جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924م, ضد الإنجليز وإلى دعوة رائد التجديد حمزة الملك طمبل في كتابه (الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه) الذي صدر سنة 1928م حيث ناشد شعراء مدرسة الأحياء الشعري السوداني من أمثال محمد سعيد العباسي عدم الاكتفاء بتقليد الشعراء العرب القدامى, والالتفات إلى البيئة السودانية المحلية وتصويرها في أشعارهم. وتأسيًا بأفكار حمزة الملك واصلت جماعة مجلة (الفجر) في الثلاثينيات, ومن أبرزهم معاوية نور وعرفات محمد عبدالله ومحمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق الدعوة إلى أدب قومي سوداني يعبر عن الذات السودانية ببعديها العربي والإفريقي. في هذا السياق كتب المحجوب بمجلة الفجر الصادرة في 16/6/1935م يقول (نحن إن نادينا بقيام الأدب القومي للطبيعة المحلية, فإنما ندعو إلى خلق شعب بكيانه يعبّر عن مرئياته من سماء زرقاء أو ملبدة بالغيوم, ومن غابات وصحراوات قاحلة ومروج خضراء ومن إيمان بالكجور والسحر إلى إيمان بالله وحده لا شريك له).
وفي الخمسينيات أعاد الشاعر الفحل محمد المهدي المجذوب إحياء أفكار حمزة الملك وعمل على عكس مظاهر الحياة السودانية في أشعاره, وأدخل إنسان الجنوب لأول مرة إلى معادلة الثقافة السودانية في قصائده التي عرفت بالجنوبيات:
وقد عبر المجذوب في هذه القصائد عن إنسان جنوب السودان, وأعلن صراحة عن العرق الزنجي الذي فيه وهو الذي ينتمي إلى أرومة شمالية تعد نفسها أكثر عرب السودان عروبة حيث يقول في إحدى هذه القصائد:
وعندي من الزنج أعراق معاندةوإن تشدق في أشعاري العرب

ومن شعراء الحداثة الذين سبقوا شعراء (الغابة والصحراء) إلى الالتفات إلى الجانب الإفريقي في وجدانهم الفيتوري ومحيي الدين فارس وتاج السر الحسن وجيلي عبدالرحمن ومحمد عثمان كجراي. فقد كرس الفيتوري دواوينه الشعرية الأولى للتغني بافريقيا وأمجادها فكتب (عاشق من إفريقيا) و(أغنيات إفريقيا) و(اذكريني يا إفريقيا).
لم يكن الشعراء هم الوحيدين السابقين إلى إقرار النظرة الأفروعربية للثقافة السودانية. فكان هناك العديد من الكتّاب والأدباء والمؤرخين الذين انطلقوا في كتاباتهم من هذه النظرة ومن أبرزهم جمال محمد أحمد ومحمد عمر بشير ويوسف فضل ومحمد إبراهيم سليم وحامد حريز ويوسف عيدابي وغيرهم كثر.
وجدان إفريقيا
وكان المفكر والأديب الفذ جمال محمد أحمد يعمل في صمت العلماء بعيدًا عن أي نزعات شوفينية في التعريف بالأدب والثقافة الإفريقية, وفي كشف العلاقات التاريخية والاثنية بين العرب والأفارقة منذ القدم. فكتب (وجدان إفريقيا) وهو كتاب عن الأديان في إفريقيا وكيفية تعايش الإسلام والمسيحية مع الديانات والمعتقدات الإفريقية المحلية و(سالي فو حمو) وهو في الأدب الشعبي والحكايات والأحاجي الإفريقية. وكتب (عرب وأفارقة) و(في المسرحية الإفريقية) و(مطالعات في الشئون الإفريقية) الذي صدر عن دار الهلال بمصر سنة 1969م, وترجم عن بازل ديفيدسون (إفريقيا تحت أضواء جديدة) وغيرها من المؤلفات والترجمات.
وكان لموقف جمال محمد أحمد المتوازن من الأصول العربية والإفريقية للثقافة السودانية التأثير في جيل كامل هو جيل الستينيات الذي ينظر إلى جمال نظرة الأستاذ المعلم. فعضوية جمال في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم تمنعه من رد الاعتبار للثقافة الإفريقية والتعريف بها. وبتأثير من جمال ألف صديقه الأديب والقاص علي المك (نماذج من الأدب الزنجي الأمريكي) وترجم مع صلاح أحمد إبراهيم كتاب (الأرض الآثمة) لباتريك فان رنزبيرج. كما أصدر محمد عبدالحي كتاب (أقنعة القبيلة) في الشعر الإفريقي الحديث.
وعلى الرغم من بداهة التوصيف الذي تطرحه صيغة (الغابة والصحراء), وعلى الرغم من أن القول بأن السودان بلد عربي إفريقي ثقافيًا وعرقيًا هو من المسلمات التي لا يمكن المجادلة حولها. فإن أصحاب هذا الاتجاه قد تعرضوا لحملات من النقد وصل في بعض الأحيان إلى حد التشويه المتعمّد والاستنتاجات الخاطئة لآرائهم من بعض ذوي النزعات الأيديولوجية والشوفينية. فالإسلاميون رأوا في صيغة (الغابة والصحراء) دسيسة علمانية للحد من دور الإسلام في المجتمع السوداني. وبعض القوميين العرب رأوا فيها محاولة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والإسلام.
أما بعض أهل اليسار فرأوا في نموذج (مملكة سنار) الذي تطرحه (الغابة والصحراء) كمثال للتعايش السلمي والتعددية الثقافية, استمرارًا لتكريس هيمنة الثقافة العربية الإسلامية على الثقافات الأخرى. وربما رأوا فيها ثغرة تعطي المجال لبروز مشروع الدولة الدينية.
لذلك عمد أصحاب هذا الاتجاه إلى إنشاء تجمع مناوئ من المبدعين باسم (آباداماك) في أواخر الستينيات. وقد أخذ هذا التجمع اسمه من أحد آلهة مملكة مروي النوبية القديمة وكأنهم أرادوا بذلك أن يقولوا لأهل (الغابة والصحراء) إذا كنتم ستعودون بنا إلى (سنار) فنحن سنعود بكم إلى أبعد من سنار, إلى مروي أقدم حضارة سودانية إفريقية. إلا أن توجهات ذلك التجمع لم تخرج في مجملها عن مقولات وأطروحات (الغابة والصحراء). فلم يجد أصحاب هذا الاتجاه في النهاية بدا من الذوبان في التيار (الأفروعربي) الكاسح الذي تفرضه معطيات الواقع المتشابكة أكثر مما تفعل الشعارات والأيديولوجيات.
وللحقيقة والتاريخ أن شعراء (الغابة والصحراء) ليسوا جماعة تربطهم رابطة أدبية أو يجمع بينهم أي تنظيم أو حزب سياسي, ولم يصدروا حتى بيانا مشتركا يعلنون فيه توجههم, وإنما هم نفر من المبدعين التقت أفكارهم في غير ما اتفاق حول رمزية الغابة والصحراء للدلالة على خصوصية الهوية السودانية.
وهذا ما جعل عبدالحي ينفي أن تكون هناك مدرسة شعرية باسم الغابة والصحراء في حوار معه أجري سنة 1984م ظنه البعض تراجعا عن فكرة الغابة والصحراء, يقول عبدالحي (إن مدرسة الغابة والصحراء, أمر مضحك, فإذا كان هنالك بعض الشعراء والمتشاعرين كتبوا قصائد محشوة بالغابة والصحراء دون أن يكتبوا شعرًا رصينًا لا توجد مدرسة أو منهج لكل الناس, الشعر هو الشعر), فالغابة والصحراء, بالنسبة له مفهوم وليست مدرسة شعرية. وهذا المفهوم عنده ليس حصرًا على السودان وحده كما يقول في الحوار ذاته, بل (يمتد إلى الصومال وأريتريا وشمالي إثيوبيا وشمالي نيجيريا ومالي وغانا والسنغال...إلخ, إنه شعب يكتب باللغة العربية ويدين بالدين الإسلامي, وهم داكنو الجلد امتزجوا بثقافتين, الثقافة العربية والثقافة الإسلامية...الثقافة هي الأساس وليس بالتوالد).
وعندما نادى دعاة الأفروعربية بالعودة إلى (سنار) كرمز للتعبير عن واقع حال الهوية السودانية, لم يقصدوا بذلك العودة إلى نموذج الدولة الدينية الذي كان مطبقًا في مملكة سنار, كما لم يقصدوا تجاهل الحضارات والممالك السودانية السابقة على سنار. وإنما هدفوا ببساطة إلى تقديم نموذج من تاريخ السودان يرمز ويعبّر عن التعايش والتمازج السلمي بين الثقافات السودانية المختلفة. وقد رأوا في سنار الخلاصة التي تلتقي عندها كل حضارات السودان القديمة والمعاصرة. والعودة إليها هي بالضرورة عودة إلى مروي وكرمة النوبية وعلوة والمقرة المسيحية. ففي ديوانه (العودة إلى سنار) يستلهم محمد عبدالحي الكثير من الرموز والأساطير من الحضارات النوبية القديمة. وفي ديوانه (السمندل يغني) توجد قصيدة بعنوان (مروي) في إشارة إلى الحضارة المروية القديمة, وفي الصفحة المقابلة مباشرة توجد قصيدة أخرى باسم (سنار) في إشارة إلى مملكة سنار, أكثر من ذلك أن محمد عبدالحي في دراسته القيمة عن أسطورة (الشيخ إسماعيل صاحب الربابة) وهو أحد متصوفة مملكة سنار يذهب أبعد من ذلك ويحاول إيجاد وشائج بين سيرة الشيخ إسماعيل وسائر الثقافات والحضارات القديمة بما في ذلك التأثر بالتراث اليوناني القديم, حيث يرى أن الشيخ إسماعيل هو في الحقيقة أورفيوس سوداني.
ويخلص إلى أن سيرة ذلك الشيخ الصوفي تمثل اللاوعي الجمعي أو الذاكرة التراثية للإنسان السوداني حيث تلتقي عندها الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات اليونانية والنوبية والمسيحية.
لكن يبدو أن البعض يأبى إلا أن ينظر إلى الواقع بعين واحدة, فيرى الأشياء إما بيضاء وإما سوداء, ويعجز أن يرى الرؤية الرمادية التي تفسح في المجال للنظرة التعددية المتسامحة.
وفي سبيل البحث عن صيغة أكثر شمولية لاستيعاب الكل المركب الذي تموج به الساحة السودانية الثقافية, أوجد نفر من المثقفين في الثمانينيات صيغة جديدة هي (السودانوية), وهي لا تختلف في طروحاتها وفي نظرتها عن (الغابة والصحراء), إلا أنها رأت في هذه الصيغة الجديدة خروجًا عن ثنائية (الأفروعربية), ومن أبرز دعاة (السودانوية) الشاعر كمال الجزولي والدكتور نور الدين ساتي والفنان التشكيلي البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين.
ومع ذلك, هنالك مَن لا يتحمّس لكل هذه الصيغ والنظم الجمالية ويفضل الاكتفاء باسم السودان للدلالة على الحال الثقافية التي يمثلها, ومن هؤلاء د. حيدر إبراهيم علي وغيره كثّر.
ومهما كانت الصيغ المطروحة, ومهما تبدلت الشعارات والمواقف ستظل (الغابة والصحراء) هي الناظم الجمالي الأكثر جاذبية وشاعرية في التعبير عن واقع الهوية السودانية. فالصحراء موجودة والغابة موجودة وما بينهما السافانا كذلك. وهل الحرب الدائرة الآن إلا نتيجة اختلال في المعادلة بين (الغابة والصحراء)?

Post: #85
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 09-25-2007, 10:44 PM
Parent: #84

الشاعر محمد عبد الحى يترجم اشعارا للشاعر ولتر دى لامير "1873-1956 ":
***************************************************
" زهرات " الاجراس الزرق
" من ذكريات الطفوله"
حينما كانت الاجراس الزرق والريح
ودائره الجنيات تجسست
وسمعت عصفورا رقيقا
يغنى بالقرب منى
*****
وحينما كانت زهره الربيع والندى عليها
هرولت واختفت سريعا كل الجنيات:
والان تفجر هذى الروابى بالخضره
ويصدح العصفور...
**************
قوس قزح
" من ذكريات الطفوله"
نظرت الى قوس قزح
مندرج على السماء
والشمس الذهبيه تحترق
حين تنحدر بغزاره المطر
فى عزلتها اشرقت
بمطر او اقها على الدائره الوهيجه
فى لحظه جميله
وقوسا يختفى
*************
هنا مره كانت المياه العذبه:
مره هنا كانت المياه العذبه
وحين كانت لنا الطفوله كنت
اراقب دفع البراءه السعيده
وهى تطفو بيوم رزين
ايتها السنين لا تغيم هذه المرأه
فرحمه السماء ما زالت تهطل امطارك
عندما تتاوه الريح
والرى
كيف يودعنى هذا العالم حينما كانت دهشته
دليلا على برهانى؟
تذبل الذاكره فهل ذكرياتها
ايضا تذبل ؟
اوه عباره يدى وغبار قدمى
الى غبارى انا مره اخرى
فليمنح جمال هذه الوجوه الجميله
رجال اخرين!
وليمنح رغم الحصاد هذه البنه المقدسه
اذ يحملون معهن بهجه المسافر
والاطفال السعداء اذ يجمعون
بالزهره الرطيبه التى كانت لى
*******
تلفت حيث اخر جمال الاشياء
فى اخريات ساعه ولا تدع الليل
يجيس حواسك فى نومه ميته
حتى تزهر غبطتك
لقد دفعت كل ما باركته
لان كل الاشياء لن تزكيها بجمالها
اذا لم تمنحهاجمال الاخرين
فى ذات يوم.
" من عاره يحرق اخ الليل ذبالته"
يحرق فى عاره الليل ذبالته
والقمر يدنو قريبا فى السماء
بجمال سر لهيبه المشترك
يقوم ويختفى !

Post: #86
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-27-2007, 12:56 PM
Parent: #85

Quote: الشاعر محمد عبد الحى يترجم اشعارا للشاعر ولتر دى لامير "1873-1956 ":
***************************************************
" زهرات " الاجراس الزرق
" من ذكريات الطفوله"
حينما كانت الاجراس الزرق والريح
ودائره الجنيات تجسست
وسمعت عصفورا رقيقا
يغنى بالقرب منى
*****
وحينما كانت زهره الربيع والندى عليها
هرولت واختفت سريعا كل الجنيات:
والان تفجر هذى الروابى بالخضره
ويصدح العصفور...
**************
قوس قزح
" من ذكريات الطفوله"
نظرت الى قوس قزح
مندرج على السماء
والشمس الذهبيه تحترق
حين تنحدر بغزاره المطر
فى عزلتها اشرقت
بمطر او اقها على الدائره الوهيجه
فى لحظه جميله
وقوسا يختفى
*************
هنا مره كانت المياه العذبه:
مره هنا كانت المياه العذبه
وحين كانت لنا الطفوله كنت
اراقب دفع البراءه السعيده
وهى تطفو بيوم رزين
ايتها السنين لا تغيم هذه المرأه
فرحمه السماء ما زالت تهطل امطارك
عندما تتاوه الريح
والرى
كيف يودعنى هذا العالم حينما كانت دهشته
دليلا على برهانى؟
تذبل الذاكره فهل ذكرياتها
ايضا تذبل ؟
اوه عباره يدى وغبار قدمى
الى غبارى انا مره اخرى
فليمنح جمال هذه الوجوه الجميله
رجال اخرين!
وليمنح رغم الحصاد هذه البنه المقدسه
اذ يحملون معهن بهجه المسافر
والاطفال السعداء اذ يجمعون
بالزهره الرطيبه التى كانت لى
*******
تلفت حيث اخر جمال الاشياء
فى اخريات ساعه ولا تدع الليل
يجيس حواسك فى نومه ميته
حتى تزهر غبطتك
لقد دفعت كل ما باركته
لان كل الاشياء لن تزكيها بجمالها
اذا لم تمنحهاجمال الاخرين
فى ذات يوم.
" من عاره يحرق اخ الليل ذبالته"
يحرق فى عاره الليل ذبالته
والقمر يدنو قريبا فى السماء
بجمال سر لهيبه المشترك
يقوم ويختفى !

الشكر والتقدير دائماً للأستاذ الفاضل أحمد الأمين
على إبداعاته الرائعة في إثراء ذكرى تخليد
شاعرنا العظيم الدكتور محمد عبدالحي.

سعاد

Post: #87
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-27-2007, 01:10 PM
Parent: #86

فاتني عندما وجّهت التحية لأسرة الدكتور عبدالحي
أن أذكر معتز محمد عبدالحي
مع إخوانه وضّاح، شيراز، وريل
كذا والدتهم الفاضلة السيدة عائشة موسى.
فلك العتبى حتى ترضى يا معتز
وهذه تحية خاصة من الأسرة لك
وصادق المودة ثانية لكم جميعاً.

سعاد تاج السر

Post: #88
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-29-2007, 04:23 PM
Parent: #87

السـَّـمَـنــْدل يغــنـّي
الأستاذ محمد جميل أحمد

فتحت الحداثة الشعرية في السودان ، خلال الستينات ، آفاقا شكل فيها سؤال الهوية الضاغط من برزح العروبة والإفريقانية ، أو الإفريقانية المحضة ، أطيافا توا شجت مع حركة الحداثة في الشعر العربي . عبر النزوع إلى صياغة جديدة بلغ منها هدير الخطاب الآيدلوجي ؛ ما كان كافيا لتذويب الإبداع بتآكل راهنية الأحداث ، وأفول أقطابها الرافدة . وبصورة جففت كثيرا ً ما يشتغل عليه الشعر الذي يتوسل أنسنة الرؤية من أفق الفن . وتخليص لحظات التوهج من تاريخانية الحدث ، مع الإحتفاظ بإشارات تفتح عليه وجه التأويل .
وإذا كانت هذه السمة الأسلوبية متحت من محيطها المشحون آنذاك بتحولات رجرجت ما سكن من حالات الثقافة العربية بجديد من الفكر ، والأفق ، والرؤيا ، شملت الشعر قلبا وقالبا . فإن أخطر المعالجات الشعرية كانت تلك التي تتعرض لإشكالات الهوية والخصوصية من خلال أفق إبداعي يفصل ، جماليا ً، تخومَ الفن ، عن حدود الآيدلوجيا . أي بطلاق بائن ، بين ما هو إنساني وكوني مشـّـفر بمرايا لاقطة للتفاصيل المؤنسنة ، وبين ما هو عادي ورتيب يمنع الرؤية من وراء الأفق الشعري.
ربما كان الشاعر السوداني الراحل د. محمد عبد الحي في ذلك الوقت ، أي ستينيات القرن الماضي ، تمثيلا لأفق آخر ، وصوتا فارق طبول الآيدلوجيا ، بهسيس يرتــّم أناشيد الشعر همسا ً يتكشف فيه الرمز بمنأى عن الزمن المشروط فيزيائيا (ولهذا السبب ، ربما ، خلت القصائد في دواوينه من تواريخها . باستثناء قصيدة ” الفصول الأربعة ” التي كتبها أثناء الدكتوراه في أوكسفورد عام 1973) .
ليخلق بذلك فضاءا ً شعريا أرجحـت فيه رحلة العناء في البحث عن الرمز المفقود، حالات إبداعية متوهجة ، صحب فيها العذاب دهشة الكتابة الشعرية :

الشعر فقر
والفقر إشراق
والإشراق معرفة لا تـُدرك
إلا بين النطع والسيف

(من قصيدة سماء الكلام)

ومن ذلك الأفق خلق محمد عبد الحي نسيجا ً متـفردا بمنوال صبغت تيماته ألوان أسطورية من منابع غريبة وكاملة الجـِّدة . مكــّن منها تجوال ٌ صهر روحه بمختلف تضاريس السودان وحساسياته الإثنية والحضارية . ودوّن في نفسه أسئلة مصيرية ظلت تتوارد عليه من مطارح شديدة الاختلاف والتمايز ، تعالقت فيها صراحة اللغة بالجذر الأنطلوجي للسودانوية الناشئة في المنزلة بين المنزلتين من التكوين الديمغرافي السوداني : (العرب والزنج) . حتى مَرَد نفسه على عناء كبير في مسار إبداعي شعر بداياته إحساسا ضاغطا وواعدا بأعماق أكثر دهشة وتجريبا ً ومغامرة حقق فيها (معادلة الرماد). تلك التي عجزت عن استيعابها مانوية الخطاب الشعري السوداني بين الأبيض والأسود في زمانه . وبالرغم من أن تجربة (جيمس جويس) في (يولسيس/ عوليس) ألهمته الأفق النوعي الخاص لتجربته في خلق الهوية بحسبانها روحا متعالية صهرت ذاتها في شعبها أو شعبها في ذاتها ، خصوصا في ديوانه المهم (العودة إلى سِنـّار) ” قصيدة طويلة من خمسة أناشيد” . إلا أن تجربة محمد عبد الحي ، التي زاوجت دلالتها على أقنوم ثنائي برز في ذات تاريخية واحدة تمثــّلت في (السلطنة الزرقاء) ” التي هي أول كيان تاريخي قام على حلف صهر العرب والزنج في بوتقة واحدة في القرن الخامس عشر الميلادي بمدينة سنار ، وأنتج ديمغرافيا السودان المعاصرة ” ، كانت هي المصهر الوحيد لشعبه كفضاء رمزي تاريخي . لذلك ظل عبد الحي يتأول الدلالة الرمزية المزدوجة في ثنائيات مترادفة ومعبرة عن ذلك المصهر العرب / الزنج) (النخل / الأبنوس) (الطبل / والربابة ) ( الغابة / الصحراء) ، ومستصحبا تيماتها الجمالية في حدي التجربة ، من أعماق التاريخ العربي إلى أحراش الجغرافيا الاستوائية بجنوب السودان . ومن أقدار أبي العلاء المعري ، إلى طقوس قبيلة (الدينكا) النيلية (التي ينحدر منها المناضل السوداني الراحل د. جون قرنق) . ليكتشف بذلك صيرورة شعرية جديدة ارتكزت على هوية ضاع عنها طويلا ً دون أن ينتبه إليها ، لقربها الشديد واللصيق من روحه وقدره ، وتاريخه . وليعود إليها كما عاد (أبو يزيد البُسطامي) الذي ترك الحق وراءه ببسطام ، وهو يبحث عنه . فلا عجب أن يصدّر عبد الحي ديوانه المهم (العودة إلى سنار) بهذا المقطع من كتاب (الفتوحات المكية) لمحي الدين بن عربي :
( قال يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟ قال طلب الحق . قال : الذي تطلبه قد تركته ببسطام. فتنبه أبو يزيد ، ورجع إلى بسطام ، ولزم الخدمة حتى فـُـتـِحَ له) .
لقد أعاد محمد عبد الحي تجربة أبي يزيد البسطامي بعد متاه صهر في نفسه عذابات هائلة بحثا ً عن قرارة الروح ، ونشيد الإنشاد في قيثارة أرضه العظيمة . لينام بعد ذلك العناء والكشف مطمئنا ً :

(مثلما ينام في الحصى المبلول طفل الماءْ
والطير في أعشاشه
والسمك الصغير في أنهاره
وفي غصونها الثمار
والنجوم في مشيمة السماء )

” قصيدة العودة إلى سنار”

والنص عند عبد الحي خلال تلك التجربة يتميز بالرؤيا ، وهي في شعره أفق شديد الدهشة والغموض الذي يستبطن مشهدية تزيح ستارها ببطء عن عالمه الخاص والعميق ، والمصقول بحساسية تستدعي قارئا نوعيا ً ليستكشف جماليات النص وتأويلاته . ذلك أن حدي الرؤيا في شعره أشبه بشفرة تخفي معان مكنونة في منجم عميق يخترق الغوص فيه الأسطورة َ والحلم والرمز . ويستدير فيه الزمان بدوائر من غير بداية ولا نهاية . فالزمن في نصه هو زمن الرؤيا والأسطورة . فحين يتكلم عبد الحي عن بداية الخليقة عبر شهود الشاعر ، باعتباره روحا أسطورية، يتعرى الزمان مشاهدَ تنحسر عن عالم غريق موحش ، تنوس فيه مخلوقات البراءة الأولى ، التي توحي بالسكون ، والابتداء ، والأزلية . بحيث يكون المكان في الرؤيا قناعا لزمانه الغريق. وهذه القدرة على ابتداع الرؤيا الكونية تؤسطر الشعر والشاعر ذاتا طليقة تكتشف الكون وتاريخه من كوة الروح .
يقول عبد الحي في نصه الطويل بعنوان (الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة) مشيرا بذلك للشيخ إبراهيم صاحب الربابة الذي عاش أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر . ” وكان يفعل فعلا عجيبا ً بالأنغام التي تصدر عن ربابته في الناس والحيوانات بحيث يفيق لها المجنون وتطرب لها الحيوانات والجمادات ” 1 . يقول :

(وفجأة رأينا الفهد مسترخيا ً في ظلمة الأوراق الخضراء
الغابة في سفح الجبل
نساء الشجر تعري نفسها
السماء تدق طبلها الأزرق
سيف الضوء في الصخرة القديمة التي نما عليها الطحلب
وكتبت تحتها الحشرات لغتها السرية وحوارها مع الطقس والأرض)

إنه الكون معبرا عن بداياته بإشارات لا تغفل رمز الرؤيا. وهذا معنى مشفر في النص تعسر دلالته إلا من خلال العنوان ، وتأويل الرؤيا الحاكمة لنص عبد الحي . بحيث يمكننا أن نؤكد أن شعر عبد الحي أشبه بنص واحد يحيل على دلالات تتداعى من مطارح عديدة في ذلك الشعر . فالشيخ إسماعيل الذي هو عنوان النص السابق ، ذات أسطورية للشاعر السوداني ، تتجدد عبر الأزمنة . لكن ابتدائها نبع من مجاز السلطنة الزرقاء . أي حدود الفضاء الزماني والمكاني للرؤيا .
وإشارات الرموز في النص توحي البداية فيها بالعدم الوجودي ، إن صح التعبير، أي أن الفهد والغابة هنا رموز زنجية ، يوحي ذكرهما بعوالم قبلية سابقة لبداية عالم (الغابة والصحراء / السلطنة الزرقاء) الذي يحيل على الذات السودانوية الراهنة . يتضح ذلك أكثر عندما يكتمل هذا المعنى الرئيس في قصيدة (العودة إلى سنار) حيث يقول الشاعر فيها :

( الليلة يستقبلني أهلي
من عتمات الجبل الصامت والأحراج
حراس اللغة المملكة الزرقاءْ
ذلك يخطر في جلد الفهد ِ
وهذا يسطع في قمصان الماء)
” نشيد البحر من قصيدة العودة إلى سنار”

وعبد الحي هنا يتأول الطرف العربي للرؤيا من بيت أبي العراء المعري :

على أمم إني رأيتــــك لابـسا ً
قميصا ً يحاكي الماء إن لم يساوه

وليركب من هذا البيت مع إشارته لجلد الفهد (الذي رمز القداسة عند قبيلة الدينكا الجنوبية) حدي الرؤيا لأقنوم / أي مفهوم الغابة والصحراء .
وعلى هذا التركيب يعيد قراءة الرؤيا في ديوانه (السمندل يغنـّي) . بيد أن التركيب هنا دلالة على الذات التي تدل على فرادة العنصر المكون من الأقـنوم الثنائي . وهذا المعنى الرمزي يحايث طبيعة (السمندل) الأسطورية . فهذا الحيوان الخرافي /المائي/ الهوائي ، مثــّلت حياته المنقولة من التراث العربي ( كتاب حياة الحيوان للدميري) عند عبد الحي روحا مانوية متعالية . تستبطن في ذاتها الأسطورية حالات مركبة تحيل إلى عوالم عبد الحي التي تحتفل بأرخبيل موحش تتناظر فيه حدود الزمان عبر خرائب الأمكنة ، وتهدر فيه فوضى الأشياء بأصداء مالحة ، وفنتازيا للحزن المتنقل والعابر في مرايا الموت بخيال يتمدد على التاريخ والجغرافيا :

( أنا السمندل ُ
يعرفني الغابر ُ والحاضرُ والمستقبلُ
مُغـنيـّا ً مستهترا ً بين مغاني العالم المُـندثرة ْ
وزهرة ٌ دامية ٌ في بطن أنثى في الدجى منتظرة ْ
وكم عبرتُ والدروع ُ الحُمْـرُ حولي
والخيول ُ المُـعْلمَة ْ
أسوار ممفيس ، وطروادة ، والأندلس المُـهَدّمة ْ )

هكذا تتمسرح هذه المطارح عبر الزمان والمكان في تمثلات الروح العابرة بغرائبية لا تخلو من أسطرة .
وبالرغم من صراحة اللغة (العربية) باعتبارها لغة الكتابة للتعبير عن روح الهوية المزدوجة ،إلا أن عبد الحي استطاع أن يجسد دلالة الأقنوم (ربما كان هذا المفهوم أليق تعبير عن الذات السودانية المزدوجة والواحدة في نفس الوقت) في شفافية تطوع بنية اللغة لمفردات المعني الأفريقي والسوداني الخاص . فاللغة في نصه هوية مستغلقة تفتح معناها على النص من طبيعة العبارة الشعرية .

(وحمل الهواء
رائحة الأرض
ولونا ً غير لون غير لون هذه الهاوية الخضراء
وحشرجات اللغة المالحة الأصداء )

هذه اللغة التائهة والمتقطعة عبر أفق يرى المكان من البحر بحثا ً عن القرار في أرض واعدة ، لغة أسيدية بخلاف لغة الينابيع في هذا القطعة من (نشيد المدينة) :

( لغتي أنت وينبوعي الذي يؤوي نجومي
وعِرق الذهب المُبرق في صخرتي الزرقاء )

هذا التغاير الذي يحمل دلالة اللغة عبر اللغة ويعيد إنتاجها في صيرورة النص بصور تخلق معناها ، هو جزء من كثافة تعبيرية تكشف عن رحابة الأفق الرمزي المتعدد لجهة اللغة وأسمائها (اللغة القديمة / اللغة الأولى/ لغة مالحة الأصداء / لغة على جسد المياه … الخ) فالكشف عن تعدد الأسماء هنا كشف عن دالة تعبيرية تحايث النص بمعان متعددة . فهي لا ترتهن للتكرار . إذ إن تعديد أسماء اللغة عند عبد الحي ينطوي على فضاءات جديدة تختزنها هذه اللغة وتعبر عنها . بحيث تبدو اللغة الواحدة وهي تعبر عن الحساسيات المتعددة في الهوية أشبه بلغة تعبر عن فسيفساء بابلية لجهة المعنى والمضمون .
وكما يكثف عبد الحي الصمت والسكون والبياض عبر الزمن الأسطوري المطلق ، كذلك يتوسل التجريد والترميز والإشارة ، حتى وهو يتحدث عن الأشخاص . فهو يخرج من التاريخ إلى الأزل ، ومن التجسيد إلى التجريد ، ومن المحدود إلى المطلق عاكسا ً بذلك الصور الرمزية لحقائق الأشياء ، ومتجاوزا ً التنميط إلى شفافية غامضة وإنزياح يقلب منطق الخطاب . بحيث لا يمكن معرفة موضوعة النص إلا من العنوان ، دون أن يعني ذلك قطيعة كلية بين النص وعنوانه . وإنما يعني أن المعنى مشفر في رؤية كونية إنسانية تحيل على علاقة العنوان بالنص من خلال شريط شفاف غير مرئي . ولكنه غير منقطع أيضا ً، يؤيد ما ذهبنا إليه من تلك المعرفة المشروطة لقارئ عبد الحي . فعبد الحي حين يتكلم عن (توفيق صايغ) أو (أبي نؤاس) أو (كريستوفر أكيكبو) لا يتكلم عنهم بمعنى زمني فيزيقي . بل عبر تأويل تجاربهم الإبداعية كقناع لمأزق الوعي والشعر . وبحساسية تحايث شرطهم المتذرر في عناء الأسئلة الأنطلوجية الكبرى.
يقول عبد الحي في قصيدة (مقتل الكركدن) التي هي ” سونيت إلى توفيق صايغ” :

( أجمل من في الغابة يصهل قرب النبع يغني
ظل َ الشمس على أشجار التفاح
جرح َ ربيع الروح تلألأ أجمل من كل جراح )
” ……………………………………………”
سونيتة حب ٍ أم حيوان يجهش تحت النصل المسنون
كوميدي ٌ يتقشر بعد العرض قناعا وقناعا
أم طفل غنى خلف الأرغن في وطن ضاعا
أم صوت البلبل في حقل الورد يغني
ينزف في ألم مفتون )

إن التعبير مردوف بغنائية تتجاور فيها مفارقات المأساة بإشارات تعبر عنها دون أن تفسرها . وفي قصيدة ( أورفيوس الأسود) التي هي أيضا ً ” سونيت إلى كريستوفر أكيكبو” يقول عبد الحي :

( مهرجان الطبول وأجراسنا الخشبية
في فصول الحديد
بين نجم قديم ونجم جديد
تتأرجح موحشة ً وهي تهبط أدراجها اللولبية
لهب دون رؤيا
ولا شيء غير القناع الحديدي يرقص عبر المدى )

والقصيدة لغة استوائية مؤسطرة تحيل عبر مفرداتها الأفريقية وإشاراتها الطقوسية إلى لغة عبد الحي العارفة بطبيعة الروح الأفريقية . وعبد الحي ينزع إلى تناص معنوي يتناسخ في عوالم افتراضية تعبر تماما عن الحالات المكتوبة . مثل العالم الخمري لأبي نؤاس الذي يتجلي عبر الرمز الطبيعي والنهايات المتجددة . في تأويل يخلق الحياة من العدم ، واللذة من الألم . يقول عبد الحي في قصيدة (التفاحة) التي أهداها لـ(أبي نؤاس) :

( فرغت كأسك وانهار النديم
واختفى الخمار والخمرة في الليل البهيم
عبر أنفاق الجحيم
عادت التفاحة ُ الأولى إلى الغصن القديم )

هكذا تتجدد الحياة ورموزها في نص عبد الحي كما لو كانت إكسيرا ً ينوس في ذلك النص . على أن ذلك التجريد والترميز لم يمنع عبد الحي من الغوص في شعرية التفاصيل الصغيرة ، واليومية . فنصوص عبد الحي أشبه بفسيفساء صغيرة تلمع بالمعاني الإنسانية الكبرى عبر معاناة مرهفة. أي أن تلك التفاصيل كُـوة لعالم فسيح يتكشف عبر ها ، دون أن تقع في المجانية والتسطيح .
يقول الشاعر في قصيدة (أحلام العانس) :

( المرأة العانس في الأحلام
يوجعها المخاض ، ثم تلد الأطفال
ترضعهم ، وتسهر الليل تربيهم
فرسان في أحصنة مُطهمات ْ
وأميرات لِست ساعات
لأنهم لو طلع الصباح
باتوا بين أموات )

فحين يصبح الهم حلما للسعادة ، تتجدد الحياة عبر تحقيق الرغبات الصغيرة .
وعبد الحي يوقــِّع موسيقى الكون ، ويهمس للوجود بمعان شعرية تحسها الروح
(بحسب عبارة الجاحظ الشهيرة عن شعر أبي العتاهية) .
يقول عبد الحي من قصيدة (النخلة) :

( في الفجر تفتح الشمس بلاد الشجرة
وتطلق العصافير
في الليل يقفلها القمر
ويطلق الأرواح
………………
الطفل ترهقه الأسرار الصغيرة
يا لعبء الخلود على الطفل الصغير)

إن الرتم الداخلي في شعر عبد الحي يتصادى بشفافية حتى وهو يبدع في مواضيع تقليدية . فيتناولها برؤية جديدة ، ولغة صوفية صافية تستأنس الرمز ، وتوعز بالإشارة (ربما كان هذا من تأثير كتابات أبن عربي ، وعبد الجبار النـِّـفـَري)
يقول عبد الحي في قصيدته الطويلة (معلقة الإشارات) ” وهي قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ ” يقول في مقطع ” إشارة عيسوية ” عن المسيح عليه السلام :

( هذا رنين قدم الفجر على التلال والأشجار
يخبر كيف مرت الريح على القيثار
“……………………………….”
وبدأت أغنية الدم التي تضيء حنجرة العصفور )

فهو هنا يرسم شفافية المسيح عليه السلام في إشارات رقيقة عابرة تفيض الجمال وترسم السلام على الحياة والوجود .
ويجسّر عبد الحي هوة الوجود والعدم بخواتيم تأتي امتدادا للألق والاكتمال. فالموت في شعره نضج متجدد كثمار تسقط من أشجارها بعد الاكتمال لتمنح الحياة براعم جديدة ، وليس نهاية مأساوية . بل الموت عند فسحة من وراء الغيب .أي أن بين الوجود والعدم في شعره تناسخ جدلي ، وصيرورة دائمة .
يقول الشاعر عن الموت من قصيدة ( قـِمار) :

( هنا أنا والموت ِ جالسان
في حانة الزمان
وبيننا المائدة ُ الخضراء
والنردُ والخمرة ُ والدخانْ
من مثلنا هذا المساءْ )

فالموت انكسار لأيقونة الجسد وانطلاق للروح تدخل به تخوما أخرى في ملكوت أكبر :

(هو الموت يسعى إلينا بلا قدم في الدجى والنهار
خـُـلقنا له ناضجين
استدرنا له
فلماذا البكاء )

هكذا أبدع عبد الحي الأفق الفني لجدلية الوجود والعدم عبر أناشيد خالدة تورث الحزن النبيل (وهو معنى إنساني كوني ناظم للإبداع ) . وصدح بها عبر مختلف مزاهر الشعر : العمودي ، والتفعيلة ، وقصيدة النثر. دون أي قطيعة مفترضة .
فهو كما يكثف قصيدة النثر تمثيلا لجوهر الشعر الواحد ، كان يحذف الحشوَ من التفعيلة ، والنظمَ من القافية .
فعبد الحي الذي بدأ كتابة قصيدته (العودة إلى سنار) وعمره 17 عاما ، ظل يصقلها بتفرد حتى رضي عنها قال عن شعره :

كلمات شعري لم يجــئ يوما ًبهــا أنبيـقُ ساحر
تلك القوارير القديمة لم أهجنها ولا تلك المباخر

وعبّر عن شعره أيضا ً متأولا ً أرق ( ذي الـُّرمة ) قائلا ً في أبيات (على نسق غيلان) :

وشعر قد أرقت له غريب تملأ بالكواكب في الظلام

والعشق عند عبد الحي (وحدة وجود) كاملة ، أو عدم محض . إحساس مانوي يقابل الفناء بالإلغاء ، والمحو بالإثبات . ذلك أن كيانية التعبير الحاد عن حالة الحب تحتل القلب تماما مثل الحب العرفاني عند الصوفية

وسـُـجـنـتُ فـيــك معـانـقا حــَّريـتي فــي ليل سجني
وقـُـتـلـــتُ فيـك مغــنــــيا ً للــموت ما جهل المغـَّـني
جــهــلوا فــما يدرون أنـا ملتــقـــى وتــــر ٍ ولــحـن ِ

* * * * * * *

وأراك دوني محض وهم ٍ مشـــرق ٍ فـــوق الــزمان
وأراك دون قصــائــــدي لــغــة ً تــفتشُ عــن لسان

هكذا أبدع محمد عبد الحي (الذي توفى في مستشفى سَوبا بالخرطوم عام 1989 عن 45عاما ) شعرا جميلا في حياة قصيرة . من أفق آخر جانف هتاف الآيدلوجيا ، واستوحى التجريب من ذاته وتراثه (كتابات أبن عربي ــ النفري ــ ود ضيف الله) ، وجمع بين التنظير والإبداع ليؤسس بذلك (تيار الغابة والصحراء) في الشعر السوداني ، في الستينات ، مع صديقيه : محمد المكي إبراهيم ، والنور عثمان أبـَّـكر وآخرين . وهو تيار أسس وعيا ً جديدا في الشعر السوداني برؤية شعرية استلهمت الهوية السودانية تحت أسم ( الغابة والصحراء ) كترميز دلالي لطرفي التكوين الديمغرافي في السودان (العرب والزنج) .
ولقد ظل عبد الحي وفيا ً لمشروعه الشعري والنقدي في إجتراح أفق ملهم للهوية السودانية بشكلها الاستثنائي في المحيط العربي والأفريقي . وشحذ لذلك ثقافته العالية وتخصصه الأكاديمي المرموق عبر الترجمة والتدريس في جامعة الخرطوم . وأنتج أعمالا نقدية بالإضافة إلى مسرحية شعرية واحدة .
وبالرغم من الريادة المبكرة لعبد الحي في إبداع نص مختلف جاور التجارب العربية الرائدة في قصيدة النثر (أدونيس ــ أنسي الحاج ــ توفيق صايغ ) إلا أنه لم تتوفر عليه دراسات نقدية تليق بقامته الشعرية باستثناء بعض الكتابات النقدية العربية النادرة . ربما كان قدر المبدع السوداني أن ينوس بين الجسد المهجور ، وشرط الذاكرة العربية، تلك الذاكرة التي وصفها الطيب صالح ذات يوم بأنها ذاكرة فقيرة فيما خص السودان من إبداع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1كتاب (طبقات ود ضيف الله) للمؤلف السوداني ود ضيف الله . الذي عاش في أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر

مجلة دروب الألكترونية
2006

Post: #89
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-29-2007, 06:01 PM
Parent: #88


السمندل في غياهب الغياب
3-3
د. نجاة محمود محمد الأمين

الفصل الأول :
محمد عبد الحي .. حياته وأدبه

المبحث الثالث : الشكل الشعري
ويحتوي على :
1 ـ اللغة الشعرية
2 ـ الصياغة الشعرية والموسيقى

قد قسمت الشكل إلى اللغة والصياغة الشعرية والموسيقى وقد يقسم إلى أكثر من ذلك كما فعل الناقد محمد حمود (1) عندما قسم شكل القصيدة الحديثة إلى الصورة والظاهرة الرمزية والأسطورة واللغة. ولكنني قسمتها إلى هذا التقسيم لأنني أرى أن أهم ما في شكل القصيدة الحديثة بنوعيها المرسلة الحرة والنثرية . اللغة الشعرية والصياغة الشعرية والموسيقى .

أولاً ـ اللغة الشعرية :
إن اللغة هي الأداة التي يطوعها الأديب ليحملها أفكاره . إذن اللغة هي بمثابة الوعاء الذي يحمل أفكار ذلك الأديب . فلكل أديب قاموسه الخاص الذي يستخدمه ، ويعرف به . فإذا كان أديباً متفرداً ، أتت لغته مميزة ، دالة عليه ، وبذلك يتميز بلغته الخاصة ، وهذا قمة ما يسمو إليه أي أديب .

والشاعر عبد الحي اخترع لغة خاصة به ، لغة مدهشة وعجائبية تلفت النظر في شعره وتأسرك بسحرها الذي لا يمكن الفكاك منه ، فهي لغة منعتقة من ربقة التقليد والتكرار ، ونجد أن عبد الحي قد كوّن قاموسه الخاص فأتت لغته رنانة ، وعالية تحمل أفكاره بصورة منظمة ليست فيها اختلال ولا زيادة ولا نقصان .

فلا غرو فمحمد عبد الحي قد تحدث عن اللغة الشعرية بعامة كثيراً واهتم بها كثيراً . وعن لغته الشعرية بخاصة نجده يتحدث عنها في كثير من المقابلات قائلاً :

" أبحث في اللغة العربية ، وأنحتها (على حسب مقدرتي) وأبرزها قصيدة ، الشعر لغة ، لا خطرات نفسية أو آهات غرامية ، فمن يكبح جوهر اللغة يكبح الشعر فجوهر اللغة - وهي جوهر الشعر - وحي من اللَّه " . (2)

فاللغة الشعرية عند محمد عبد الحي مختلفة عن اللغة القاموسية وأيضاً تختلف عن اللغة العامية ، وفي هذا يقول :

" فالشاعر يطمح في أن يكتب شعراً لا يعبر عن شيء ، ولا يتأمل في موضوع ، وتتفجر فيه أكثر وأكثر القيمة المطلقة للكلمة في موسيقاها وشكلها وشخصيتها وتضمحل قيمة الكلمة القاموسية ، شعراً ، وإنشاء ، ونظماً أو لونا خاصاً به تكتسب فيه الكلمات دلالاتها من علاقتها داخلة يفسر بعضه بعضاً ولا يفسر بالارتداد إلى أي نظام لغوي أو غير لغوي مثل اجتماعي وسياسي وديني خارجه " (3)

كما أن اللغة لا يمكن أن تتحول إلى غاية ، وحتى يكتمل الفرض يجب أن يصاحب اللغة هذه وعي واستيعاب ، وألا تكون مجرد زخرف قد يعني شيئاً أو لا يعني شيئاً ، وبهذا التزم شاعرنا عبد الحي . فاللغة عنده لديها هدف واضح وجدوى لنقل إحساسه ووعيه بالأشياء .

" وعبد الحي لا يفعل في شعره زخرفة أسلوبية بل تكون هناك علاقة بين الشكل واللون الفني المستعاد ومضمون موضوع صورته الشعرية ". (4)

ومن ثم فإن عبد الحي لديه فهم خاص للغة ووظيفتها المحدودة ، فاللغة بالنسبة له كالسحر ، الذي يخفي شيئا ويظهر شيئاً آخر ، فهي لغة تنقل مفاهيم عليا فقد كان الشاعر يردد دائماً " إن الشعر جحيمي أكابده باللغة " ، وفي هذا يقول كاتب : (5)

"عبد الحي لديه فهم لوظيفة اللغة فاللغة عنده لها وظيفة السحر".(6)

ولكن إذا كانت اللغة بالنسبة له " كالسحر" هل هي سحر فقط ؟! أم أن هناك تداعيات لهذا السحر ، وهنا يقول أحد المهتمين بأعمال محمد عبد الحي: (7)

" إن اللغة "السحر" عند محمد عبد الحي سحراً ساكناً ، بل هي حركة للتوتر بين اللغة القديمة والجديدة ، اللغة السحرية واللغة التي تعبر عن واقع الحياة اليومية للناس". (8)

كما أن محمد عبد الحي نفسه يؤكد ن المفردة يجب أن تكون دالة على المضمون ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أنها لا يمكن أن تخلق الواقع وفي هذا يقول :

" إن المفردة في حد ذاتها شكل جميل ذو مدلول لا يتم إلا عبر سياق". (9)

ومن ثم إن اللغة هي شيء في واقعنا وهي تتكون من مفردات غير متناهية ، وأحياناً قد تعجز عن نقل ما في دواخلنا . ولكن الشاعر المميز هو الذي يعيد كشف هذه اللغة وتجليتها ليحملها أفكاره ورؤاه الخاصة . ولقد كان محمد عبد الحي في حالة كشف ذاتي للغة ليكون قاموسه الخاص . ولعل أبلغ ما قيل عنه في هذا الشأن قول أحد الشعراء :

" لقد صرح لي ذات مرة بأنه يبحث عن لغة خاصة ، لغة تنظر إلى واقع هذا القطر الفسيح ، القارة المتنوع المناخات الجغرافية ، لغة تشتمل البحر والاستواء والبرق والفهد والزرافة . والجبل والنار والشلال ، والجيشان ، والعنف ، التصوف ، والانقطاع ، والحلول والسياحة في ملكوت (الله) وقيومية الدين والطوطم والوثن .. الخ .. الخ " . (10)

وفي عرضنا لبعض نماذج من شعره تظهر لنا غرابة لغته وتفردها كما تظهر إمكانياته الشعرية العالية يقول :

زرافة النار ترعى النعنع القمري (11)

يعلو ويرتفع في اللازورد (12)

صحراؤك احترقت عنادلها (13)

هل ظنتها رحم الأبدية (14)

فالأصداف في الماء مرايا (15)

اقرعي في عتمة الصمت المدوي (16)

يكتنزها بين سقوف القمر الزمردي تحت ماء وجهه الجميل (17) أقاليمك المسحرات قلب السمندل ما ذال في لغة (18)

آه يا ضحك الشمس الخرافي على خوف الجماهير الحزينة (19)

اللغة الأقدم من مجادلات النصر والهزيمة (20)

حين تعري الأرض فرجها اللَّهيبي (21)

يتلوى ويغيب عبر أمواج السديم (22)

أواه : أيتها الدروب التي تصل المنفى بالوطن (23)

أواه : هل لي بقدرة شاعر أصف بها كل ذلك العذاب (24)

الوردة الإلهية تتفتح في رحم العذراء (25)

النماذج السابقة هي مختارات رأيت فيها بعض الاستخدام للغة بصور خلاقة وساحرة وأردت بها فقط أن أبرز نموذج اللغة عند محمد عبد الحي وسنحلل نماذج شعرية له بصورة نقدية في الفصل الثاني والثالث ولذا وجب التنويه .

الصياغة الشعرية وموسيقى الشعر:
صاغ محمد عبد الحي شعره على ثلاثة أنواع :

1 ـ القصيدة الحرة

2 ـ القصيدة النثرية

3 ـ القصيدة الموزونة

وتتراوح أطوال هذه القصائد من قصيدة إلى أخرى . فنجده قد كتب قصائد مطولة مثل العودة إلى سنار التي تقع في خمسة أناشيد . وقد يتجاوز النشيد الواحد المائة بيت . كما نرى قصيدة أقل من سابقتها طولاً مثل قصيدة "الشيخ إسماعيل صاحب الربابة" وللشاعر مقطوعات قصيرة تسمى بالقصيدة الومضية لا تتجاوز الأربعة شطرات لتكتمل فيها صورة أو فكرة وهذا نموذج للقصيدة الومضية يتحدث فيه عن الموت .

" نواقيس الرياح الأربعة

اقرعي من عتمة الصمت المدوي

يا نواقيس الرياح الأربعة

على ذاك الميت يصحو ويغني

تحت شمس مبدعة (26)

أولاً ـ القصيدة الحرة :
المتأمل لشعر محمد عبد الحي يكتشف أن غالبية قصائده ، كتبها على أوزان الشعر الحر أو شعر التفعيلة ، لا تحكمه قافية وإنما تحكمه الموسيقى الداخلية ، الناجمة عن التفعيلات ، ونقول عن شعره :

" أن إيقاع الجملة وعلائق الأصوات والمعاني والصور وطاقة الكلام الإيمائية والذيول التي تجرها الإيماءات وراءها من الأصداء المتلونة المتعددة هذه كلها موسيقى وهي مستقلة عن موسيقى الشكل المنظوم وقد توجد فيه وقد توجد دونه". (27)

كما أن شعر محمد عبد الحي الحر يمتاز بتقنية عالية حيث استخدم فيه كل الأدوات الشعرية مثل :

1 ـ المنلوج
2 ـ الحوار
3 ـ الإضاءات النثرية
4 ـ التكرار
5 ـ علامات الترقيم
6 ـ التضمين للأساطير والحكايات الشعبية والشعر الشعبي

كل هذه الأدوات والتقنيات الشعرية استخدمها ليكثف الرمز واللغة ، وكذلك بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفاً نجد تعدد مستوى الخطاب عنده فنجد أحياناً الأنا تتحول إلى نحن وكما أحياناً يستخدم الخطاب المباشر .

1 ـ نموذج المنلوج : وهو أن يسترسل في حديث مع نفسه وهو عكس "الدايلوج" أو الحوار الذي يشترك فيه شخص مع آخرين.

" في القفز وحدي تحت شمس "مروى" اقرأ في حطام أحجارها السوداء والرخام
أنصت للعصفور
بين بساتين النخيل والرمال الصخور
مغنياً عبر العصور
ألمس بالكف جبين صاحبي وملكي
أمر بالأصبع فوق ثنية الحاجب والعيون والشفاة
ليس لنا سوى القبول
ليس لنا سوى القبول "(28)

2 ـ نموذج الحوار: وهي بين شخصين أو بين شخص وأكثر من شخوص وهو عكس "المنلوج" الذي فيه صوت واحد مع النفس .

" من ذلك الراقص فوق المجزرة
يقلق أمن المقبرة ؟
أقاتل أجير؟
أم هارب قد جاء يستجير
أنا السمندل
يعرفني الغابر والحاضر والمستقبل
مغنياً مستعزا صبين مغاني العلم المندثرة
وزهرة داهية في بطن أنثى في الدجى منتظرة " (29)



3 ـ نموذج الإضاءات النثرية : وهي قطعة نثرية مكتوبة بلغة شاعرية . تقوم بتسليط الضوء على النص الشعري وكشفه . ويري بعض النقاد مثل نازك الملائكة أن استخدامها يسيء للشعر أكثر مما يفيده . ولكن غالبية شعراء الحداثة (30) يستخدمون هذه الإضاءات :

" الملكة جانشاه ! كنت أبصرها تخرج ليلة منتصف الصيف تقيم عرشها على جذر المرجان النائية تحرق قطعة من شجر البحر في مجمرة من محار البحر وتتحكم بثغره القديم فيطلع الدخان الأخضر العظيم ، ويزبد البحر ويضطرب ، ثم يجيء الموج يرفع ما تحته ويسيح على الساحل :

ثعابين الماء والكواسيج والدلافين والحيتان والسرطانات ، وكرارنك وذوات الأصداف والغلوس وعلى رأسها الضفدع ، زعيم حيوان الماء ، راكب خشبة .

الملك السمندل في قميص النار يشع بالنقاء ذاته والنورس الملاك ، وعائلة الأسماك وجمهور الزواحف الرخوة وحشرات في عقيقها وزمردها سلاحف ، تروسها المقيتة ، وعناصر بلا أسماء نشر ذخائرها فوق الرمل .

وتبدأ الرقصة في ظهيرة الفضة العميقة على حدود المياه الخطرة .

آه يا جانشاه ! بعض المخاطرة على جسدك نجاه ، ولكن من هلك على نيران الموج الهائلة بين فخذيك الممتلئين بظلال الشهوة الكثيفة صار لما هلك فيه."(31)



4 ـ نموذج التكرار : وهو أن نكرر مفردة وحيدة أو مفردة في بيت نقصد به تكثيف المعنى أو للصورة الذهنية المراد طرحها أو للقافية والموسيقى وقد تكون هناك أسباب أخرى . وهنا نورد نموذجين واحد لمفردة واحدة والثاني لمفردة متبعة بجملة شعرية من قصيدة التنين:

"وسرى في الصمت شيء كالغناء
بعضهم قال: علامه!
النهاية … النهاية … النهاية
البداية … البداية … البداية" (32)

من قصيدة الشيخ إسماعيل في منازل القمر :

"اسقني" ويغيب وجهه في السراب

اسقني وتجره سلسلة طولها سبعون ذراعا

اسقني لا تمطر السحب سوى نار السراب (33)

5 ـ علامات الترقيم : وهي علامات تضع في الكتابة لتفيد الوقف حيناً والتعجب والتأهب وهكذا ، - . - ؟ - !- :

" هم ما رأوا غير السقوط :
هنا سقوط
أو هناك ،
وكان بالأمس السقوط
وفي غدٍ حتما يكون :
ورأيت سوى توهج حرمة التفاحة الأولى
وقد رجعت إلى بيت الغصون المزهرة ."(34)



6 ـ نموذج التضمين للأساطير والحكايات الشعبية والشعر الشعبي : وهي استخدام التراث الأسطوري والشعبي لإبراز صورة ما تم استلهامها للتعبير بالتراث عن قضية معاصرة . وقد أكثر شاعرنا من هذا التضمين فقصيدة العودة إلى سنار والشيخ إسماعيل صاحب الربابة عبارة عن تضمينات تراثية قديمة لطرح مفاهيم وأفكار الشاعر العصرية :

" الفرس البيضاء
الفرس البيضاء
تميس في الحرحر والأجراس
على حصى الينبوع يستفيق طفل الماء
ويفتح الحراس
أبواب "سنار" لكي يدخل موكب الغناء" (35)

تضمين الشعر الشعبي

" الشم خوخت بردن ليالي الحرة " (36)
الرمل يرسب من قرارة بحبة الخمرة
نوع وأوراق ميبسة
تخشخش حين دفعها الهواء ،
وقطرة في إثر قطرة
الضو يفرغ
والنهار يفوتني
والليل حتماً سوف يقضي في أمره (37)



ثانياً ـ قصيدة النثر:
قصيدة النثر ترجمة حرفية لمصطلح غربي هو: “Poemen Prose” تكتب كما يكتب النثر تماماً ، التي هي في تقدم مستمر وجدت بالتحديد ، في كتابات رامبو النثرية الطافحة بالشعر كموسم في الجحيم ، إشراقات ، ولها أصول عميقة في الآداب كلها لا سيما الديني منها والصوفي .(38)

لقد عالج محمد عبد الحي هذا النمط من الكتابة الشعرية ، ونجد أن هذا النمط من الشعر النثري ، لم يعالجه الشعراء في السودان ، لأن هذا النمط من الشعر ينظر إليه بدونيه ، ولكن هذا الضرب من الشعر لا يقدر عليه إلا شاعر ذو مقدرة عالية في الكتابة إذا أنه لا تحكمه تفعيلة لتجعل له موسيقى شعرية بل موسيقاه تأتي من فكرته .

وتحارب الشاعرة نازك الملائكة هذا النوع من الشعر ولا تعده شعراً على الرغم من أنها أول من كتب قصيدة بالشعر الحر.

"ما نكاد نلفظ كلمة الشعر حتى ترن في ذاكرة البشرية موسيقى الأوزان ، وقرقعة التفعيلات ورنين القوافي واليوم جاءوا في عالمنا العربي ليلعبوا لا بالشعر وحسب وإنما باللغة أيضاً وبالفكر الإنساني نفسه . ومنذ اليوم ينبغي لنا ، على رأيهم ، أن نسمي النثر شعراً والليل نهاراً لمجرد هوى طارئ وقلوب بعض أبناء الجيل الحائرين الذي لا يعرفون ما يفعلون بأنفسهم".(39)

وكذلك نجد الكاتب صبري حافظ يرى نفس هذا الرأي قائلاً :

" حركة قصيدة النثر التي تنقض بمعاولها على كل أساسيات الشعر وتخرج تماماً عن نطاقه ".(40)

ويقف في طرف النقيض كثير من الأدباء الذين تبنوا هذا الضرب من الشعر ونظروا له ونكتفي برأيي يوسف الخال وأدونيس الذين هما من الرواد الأوائل في هذا النمط من الشعر وهو يقول في الرد على نازك وآخرين :

" إذا كانت الدعوة إلى قصيدة النثر دعوة (ركيكة فارغة من المعنى) كما تقول نازك الملائكة فكل ما كتبه شعراء كبار كلوتر يامون وبودلير ورامبو وفلوديل وهنري وأرنو وسان جون بيري (الفائز بجائزة نوبل) ورينه شار وموتوفوا من نوابغ الشعراء المعاصرين كل ما كتبه هؤلاء من قصائد نثر هو فن ركيك فارغ من المعنى! " . (41)

وبالمقابل يذكر أدونيس (على أحمد سعيد):

" إنه من غير الجائز أن يكون التميز بين الشعر والنثر خاضعة لمعيارية الوزن والقافية ، فمثل هذا التميز كمي لا نوعي ، كذلك ليس الفرق بين الشعر والنثر فرق في الدرجة بل فرق في الطبيعة ". (42)

ومن ثم نرى ولوج محمد عبد الحي لهذا الضرب من ضروب الشعر ، ينم على انفتاحه على العالم ، وإيمانه بأن الأدب هو إرث إنساني ، لا وطن له ، وهو يرفض الانغلاق وبذلك نعتبره الرائد الأول في كتابة القصيدة النثرية في السودان ، وهو كان قد كتب قصيدته الطويلة بعنوان : "حياة وموت الشيخ إسماعيل صاحب الربابة" في قالب القصيدة النثرية.

ونجد أن الشاعر نفسه ـ وهو مولع بشرح شعره بعمل إضاءات وحواشي ـ لم يشرح مسوقات استخدامه لهذا الضرب من الشعر في هذه القصيدة بعينها ، ولكن الشاعر مصطفى سند يحاول أن يوضح لنا أسباب استخدام محمد عبد الحي لقصيدة النثر في قصيدة إسماعيل صاحب الربابة قائلاً :

" نجد أنه ولسبب لم يفصح عنه حتى الآن صاغ ملحمته عن الشاعر الأسطوري الشيخ إسماعيل صاحب الربابة صياغة تخلو من الإيقاع الشعري ومن الأوزان والقوافي ".(43)

ثم أضاف سند بعد أن أثنى على لغة الشاعر الجميلة ومقدرته الشعرية الغالية التي تتجلى في مطولته (العودة إلى سنار) أن الشاعر لا يخلو من موهبة شعرية وفي ذلك قال سند :

" في اعتقادي الخاص أن عبد الحي أراد أن يحول تجربة الشيخ إسماعيل صاحب الربابة إلى عدم تماماً أول الأمر فجردها من الأوزان". (44)

ويستدرك متسائلاً : " ولكن لماذا؟ " ويحاول سند أن يبرز أسباب استخدام هذا الضرب من الشعر فيربط بين إسماعيل صاحب الربابة الحكاية الشعبية السودانية وأرفيوس في الأسطورة الإغريقية ، فكلاهما شاعر وكلاهما لديه قيثارة ذات قدرات خارقة ، فيقول سند :

" هنا يجد عبد الحي نفسه في حل كبير من ربط هذا بذاك غير رباط شعري متين بكل أحماله وأبعاده وإسقاطاته الموجودة في العروض العربي ، وهو في ذات الوقت يبحث عن الشمول ويتحدث عن اتصالات الحضارات ". (45)

فرأى محمد عبد الحي أنه إذا كتب هذه القصيدة متمسكاً بقوانين الشعر العربي فإنه بتقمصه (محمد عبد الحي) للشاعر إسماعيل صاحب الربابة (الخلاف بينهما واضح) سيحمل الشيخ إسماعيل فوق طاقته وينزعه من عصره .

" إذن فليكن ـ هذا رأي محمد عبد الحي ـ أن تأتي الحكاية شعرية ولكن عبر صياغة خفت عنها قيود الوزن لكي تسهل ترجمتها ـ ولكي تعطي الشخصية ـ إضافة ـ البعد الإنساني المطلق ـ أو العالمي الكبير".(46)

وهذا نموذج لقصيدة النثر:

الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة
1 ـ الفهد
وفجأةً رأينا الفهد مسترخياً في ظلمة الأوراق
الخضراء ، في الفوضى الجميلة بين الغصون .
النحل يعسل في شقوق الجبل.

والأرنب تستحم على الصخرة في الشمس
وهي تحرك أذنيها مثل شراعين موسيقيين صغيرين .

لم تحلق هذه الصقور باكراً؟

الغابة في سفح الجبل وبين فخذيه أنثى أقدم
من كل الإناث .
نساء الشجر تعرّي نفسها
السماء تدق طبلها الأزرق الجلد
وما زال بريق سيف البرق عالقاً بالهواء الحديد .
والأرض ميثاء وداكنة باللغة الأزلية .

هذا الرحم جدرانه الأمطار ، والنباتات المتسلقة .
وثمار الباباي والمنقة الذهبية . (47)

وكتابه القصيدة النثرية لقراء سودانيين ، مهما كانت الأسباب لا تقبل بينهم وتخلق عزلة للكاتب إذ أن غالبية السودانيين يرون أن هذا النوع من الشعر يدل على عقم المقدرة الإبداعية لدى الشاعر وأنه فشل في كتابة الشعر المألوف ، لذلك لجأ إلى هذه الزخارف اللغوية.

ثالثاً ـ القصيدة الموزونة ذات القافية :
كتب محمد عبد الحي أيضاً بعض القصائد الموزونة التي تلتزم بقوانين الخليل بن أحمد لينقل ويصور بها أفكار حداثية ومن هذه القصائد نورد القصيدة التالية :

سمعت صوتك

سمعت صـــوتك يا اللَّه يهتف بي
في الليل والبدر تم غير محدود

أدرك قصيدك من فوضى تلاحقه
فالعصر عاهرة سكرى بتجديد

لن تدرك البرق إلا أن تراوده
في النار من بين تطريق وتجويد(48)


ونموذج آخر :

رحيل الطاووس

بكرت سعاد وهجرت طاووساً
والربـــع كان بوجهها مأنوسا

الآل غـــــــــــرق أهلها دكتائباً
حملت بدوراً غصنه وشموسا

لو يبقى إلا حليــــــــة مكسورة
في الرمل تلمع حبوه وطقوسا

وجه المدينة نخلـــــــة منخورة
الفأر يولمها ويدعو السوسا(49)



وخلاصة القول أن الشكل عند محمد عبد الحي هو شكل حداثي ومتجدد على حسب أفكاره التي يطرحها .

ونجد أن محمد عبد الحي يعي إشكالية الشكل والمضمون وأنهما لا ينفصلان في القصيدة الحديثة .

والمتأمل لأعمال محمد عبد الحي يرى أنه شاعر تجريبـي وجريء في طرحه الجديد هذا لعله واثق من مقدرته الشعرية ، ولكن التجريب سلاح ذو حدين فغرابه وتجريبية شعر محمد عبد الحي في التجربة الشعرية السودانية جعلت شعره محدود الانتشار والتداول .(50)

هوامش :
1- راجع كتابه القيم (الحداثة في الشعر العربي المعاصر)، الشركة العالمية للكتاب، 1996.
2- سعد اللَّه، رباب: (حوار لم يكتمل)، مجلة حروف، العدد المزدوج 2-3، دار جامعة الخرطوم للنشر، السنة الأولى، 90/1991م، ص 134.
3- على، عبد اللطيف: (موقف الخطاب في كتاب الرويا والكلمات)، ص 158، حروف، عدد مزدوج.
4- البنا، أحمد الأمين: (رأيت عبد الحي)، حروف، مزدوج، 90/91، ص 180.
5- علي، عبد اللطيف: (ندوة المجلة)، حروف، ص 230.
6- محمد زين، إبراهيم: (ندوة المجلة)، حروف، ص 230.
7- سند، مصطفى: (محاولة للولوج إلى عالم عبد الحي)، حروف، ص 172.
8- علي، عبد اللطيف: (ندوة المجلة)، ص 230.
9- محمد زين، إبراهيم: (ندوة المجلة)، ص 230.
10- عبد الحي، محمد: حديقة الورد الأخيرة، الناشرون: دار الثقافة للنشر 1984، ص 1.
11- عبد الحي محمد: العودة إلى سنار.
12- حديقة الورد الأخيرة. ص 9.
13- المرجع السابق، ص 1.
14- المرجع السابق، ص 1.
15- المرجع السابق، ص 13.
16- العودة إلى سنار، ص 16.
17- عبد الحي، محمد: السمندل يغني، الأعمال الكاملة، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 1999م.
18- عبد الحي، محمد: اللَّه في زمن العنف، دار جامعة الخرطوم للنشر، ط1، 1993م، ص 72.
19- عبد الحي، محمد: (السمندل يغني)، ص 48.
20- المرجع السابق، ص 56.
21- المرجع السابق، ص 48.
22- المرجع السابق، ص 48.
23- عبد الحي، محمد: حديقة الورد الأخيرة، ص 40.
24- المرجع السابق، ص 40.
25- المرجع السابق، ص 45.
26- حديقة الورد الأخيرة، ص 12.
27- حمود، محمد: الحداثة في الشعر العربي المعاصر، ص 157.
28- عبد الحي، محمد: الأعمال الكاملة، ص 53.
29- حديقة الورد الأخيرة، ص 12.
30- منهم أدونيس، أحمد عفيفي مطر.
31- عبد الحي، محمد: الأعمال الشعرية الكاملة، ص 116.
32- حديقة الورد، ص 12.
33- حديقة الورد، ص 41.
34- عبد الحي، محمد: حديقة الورد الأخيرة، ص 19.
35- حديقة الورد الأخيرة، ص 51.
36- من قصيدة للحاردلو الكبير، مسدار إبراهيم الحاردلو، ديوان الحاردلو، الدار السودانية للكتب، ط5، 1991م، ص 10.
37- حديقة الورد الأخيرة، ص 12.
38- الملائكة، نازك: قضايا الشعر المعاصر، دار العلم للملايين، بيروت، ط8، 1989م، ص 220.
39- حمود، محمد: الحداثة في الشعر العربي المعاصر بيانها ومظهرها، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، ط1، 1996، ص 192.
40- المرجع السابق.
41- المرجع السابق، ص 195.
42- المرجع السابق.
43- سند، مصطفى: حروف، ص 186.
44- المرجع السابق.
45- المرجع السابق.
46- المرجع السابق.
47- عبد الحي، محمد: حديقة الورد الأخيرة، ص 12.
48- المرجع السابق، ص 21.
49- المرجع السابق، ص 32.
50- راجع مقالات "القصيدة والفكرة"، مجذوب عيدروس، "رأيت عبد الحي"، أحمد يوسف البنا، حروف.

مجلة أفق
التاريخ: الثلاثاء 1 أكتوبر 2002

Post: #90
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 09-30-2007, 08:10 PM
Parent: #89

الأستاذ الفاضل محمد جميل أحمد،
شكري وتقديري على رسالتك الكريمة
وهأنذي أنقل رغبتك في إضافة مشاركتة الجميلة
بقصيدتك الرائعة في محمد عبدالحي والتي أوردتها
في بوستك "قصائد.
تحياتي وصادق مودتي ونرجو مواصلة المساهمة معنا
في تخليد ذكرى شاعرنا محمد عبدالحي.
Quote: الأستاذة الكريمة سعادة تاج السر
شكرا على مرورك وعلى الكلمات الطيبات عن شعري .
كنت أتابع كتابتك في البورد عن شاعرنا الكبير محمد عبد الحي
وبهذه المناسبة أرفق لك أدناه قصيدة لي بعنوان (بلد من غبار) كتبتها في عبد الحي رحمه الله بأمل القبول
مودتي
محمد جميل
ـــــــــــــــــــــــــ
بلد من غبار شعر محمد جميل أحمد
إلى صاحب : (العودة إلى سِنار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كانطفاءِ المصابيح ِ في ليلةٍ
ضلَّ عنها النهارْ
تستريح ُ الهموم ُ على جسدٍ
أطفأته الرياحْ
غارقا ً في التــّجـلي
كما الروح ِ حين يشـفُّ الحجابْ
لم يكن جسدا ً كالتماثيل ِ
أو هيكلا ً في بقايا إهابْ
كان محضا ً من الروح .. طيفا ً سرى
ومضة ً في سماء الغيوبْ
لمحة ً من سراب ْ.
لم يكن خيط َ فجرٍ تــّوهنَ
في آخر ِ الليل
أو غسقـا ً في الدروبْ
كان شمسا ً .... نهارْ
ورهاما ً تـنـّـزلَ في غابة ِ الروح ِ
زخاتِ عشق ٍ ترش ُ على جسدِ
الأرض ما تشتهيه الثمارْ
المنى ، والهوى ، والصباباتُ ،... بعضٌ من العشق ِ
أغنية ٌ للفصول
والمدى هـيْـنـَمات ٌ تردد أصداءَها في الدجى
حمحماتُ الخيولْ
وعلى غبش الفجر تصغي لـ " سِنـّار "
و(سنار) تصغي إليكْ
لعل الصوى باقيات ٌ على سكة ِ العابرينْ
إلى تاج سنار
و" سنار" بوابة العاشقين.
إلى بلد ٍ حافلا ً يلتـقيك بنزف
الطبول
والصدى أغنياتْ
راقصات ٌ على هيكل " الـِّـزنـج " أو النأي
مما تغنى " الرعاة "
طالعا من ظلام الظنون ِ
إلى زِينة ٍ في النهار

***

هو الآن يا ابن " السمندل "
بعدك بين الصُّوى
بلد من غبار

ينبع البحر 2001
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عن صحيفة الخرطوم 2001


Post: #91
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 10-04-2007, 10:32 AM
Parent: #90

الشاعر لا يهب نفسه للبحر فيغرق فيه
فيكون فى فردوس السحر،
زاحفة من زواحفه
البحر ليس وطننا
نحن وطن البحر
يرشح فى ظهيرة الشمس البدائية
فينا كلام البحر

محمد عبدالحي

Post: #92
Title: Re: تحية خاصة إلى معتز محمد عبدالحي
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 10-06-2007, 09:09 AM
Parent: #91

هذا عريسُ المجد جاءك يا ردى
فافتح ذراعك واحتضنهُ مزغردا


الدكتور محمد عبد الحي
في رثاء شهيد أكتوبر المجيد أحمد القرشي طه

Post: #93
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2007, 09:59 AM
Parent: #1

سلام على شيخنا محمد عبد الحي في الخالدين

والتحية لك الاستاذة الدكتورة سعاد تاج السر

على افتراع هذا الخيط

في ذكري سمندل الشعر السوداني

ولي عودة للمساهمة

Post: #94
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-06-2007, 05:43 PM
Parent: #93

الشاعر والمحامى يوسف الحبوب يرثى الشاعر محمد عبد الحى:
الفارس والكلمات المضيئه
"الى الصديق الدكتور محمدعبد الحى...كان طيفا من نور ذهب سريعا !! "
************
مراه مضمخه بروحى
وحلمى بالتاريخ الابتدائى
كانت الاشياء جميعها تتبدأ
تبارك زهو الحضارات
واقنعه التباشير
ثم تبادلنا افراحا كالنبيذ
وكنت فى حلم فجائى جميل
اصيح بصوت اجش:
يا حراس الارض
وبوابات الدنيا
هاكم ضوءا اخضر كالشعر
كمجاهره الانسان بمحبته الكبرى
هاكم....
ضراعات الحكمه والوجد
***********
اقف الان اصيح طويلا
الا ايهاالصوت المغنى
غنى!
ويغنى
يبارك شمسا تلمع فى الافق الشرقى
وضوءا قمريا ابيض
كالشمع المتدلى من اطرافه
أنارته بمركب
تتفجر فينا جساره المعرفه المشهوره
ونغنى.
تصبح غابات الروح صدى
للصوت الغجرى..
تتالف اخيله الكلمات البكر
وتنادى !!
تتحلق حول الدهر فراشات الرؤيا
من اجل الصيروره
من اجل بهاءالصوره
من اجل يقين الكلمات المنظوره
************
يغور الصوت طويلا
يتجمع خيطا ضوئيا حادا كالنصل
ويقدح نار الفعل المكبوت بشارات
بخمر الفرسان الاولى
لازمنه كان النيل بهابدويا فارعا
وازمنه كانت تنساب بها ماءا نيليا الصحراء
وزمان جفت فيه الماء بدم الصحراء
حين يصير الشعر نبيلا كبخار الضفه
يكون الوقت نهار
يصير الزبد بخار
يتنفسه المهوسون بفاجعه التذكار
حييا كالبدر الساطع
مهيبا كالبدر كالنور الطالع
رجلا محبوبا ضالع
**
* يوسف الحبوب شاعر مقل من جيل النصف الاول من ثمانين القرن العشرين..
** القصيده منشوره بمجله الدستور ضمن الملف الخاص عن عبد الحى الذى اعده مجذوب العيدروس وشارك فيه نخبه منهم الراحل سامى سالم والراحل عبد الله محمد ابراهيم صديق عبد الحى واحد ابناء جيله ومحاوريه كذلك جرى قراءه هذه القصيده ضمن السهره الخاصه عن عبدالحى بالاذاعه السودانيه شتاء 1994 اعداد ياسر محمد بشير اخراج طارق البحر تقديم نجوى مهدى ومصطفى تكرونى..ا

Post: #96
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 10-06-2007, 09:09 PM
Parent: #94

الأستاذ الفاضل أحمد الأمين،
دائماً رائع، لك الشكر والتقدير
مجدداً على مساهماتك المُميّزة
وهذه القصيدة الرائعة "الفارس والكلمات المضيئة"
للشاعر يوسف الحبوب يرثي صديقه محمد عبدالحي
يا لهذا الوفاء وهذا الجمال
فلتواصل إتحافنا بهذه الدُرر النادرة
يا أستاذنا الفاضل
ولك التحايا دائماً وصادق المودة لأسرتك الكريمة

Post: #95
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 10-06-2007, 08:58 PM
Parent: #93

الأستاذ الفاضل عبدالمنعم عجب الفيا،
لنا الشرف العظيم بمرورك المُقدّر.
كل الشكر والتقدير على كلماتك الكريمة
ونتوق لعودتك لمساهماتك المُميّزة
في تخليد ذكرى شاعرنا الفذ محمد عبدالحي

كل التحايا وصادق المودة لك ولأسرتك الكريمة

Post: #97
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: Souad Taj-Elsir
Date: 10-07-2007, 12:54 PM
Parent: #95

*

Post: #98
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: محمد جميل أحمد
Date: 11-13-2007, 08:37 PM
Parent: #97

للأستاذة الدكتورة سعاد تاج السر ... تحياتي
شكرا على إعادة نشر مقالي (السمندل يغني) والذي كنت نشرته بالملحق الثقافي لصحيفة السفير اللبنانية في 21أبريل 2006 ، كماأشكرك على نشر قصيدتي (بلد من غبار) في رثاء عبد الحي رحمه الله .
علم الله لم أقع على معرفتي بنشر مقالي وقصيدتي في هذا البوست ، إلا اليوم الثلاثاء
13 /11/2007 فعذرا يا سعاد ، وشكرا
مودتي
محمد جميل

Post: #99
Title: Re: في ذكرى الدكتور محمد عبد الحي الثامنة عشر
Author: احمد الامين احمد
Date: 11-14-2007, 02:59 PM
Parent: #98

اشاره محمديه
" الاشاره قبل الاخيره من معلقه الاشارات"
الشاعر محمد عبد الحى
********************************
فاجاتنا الحديقه
فاجاتنا الحديقه انعقدت ورداونارا فى قلبها الاضواء
والخيول النوريهالبيضاء
والطواويس نشرت فى بلاد الصحو ريشا منسجا
كل شى فى غصون الحقيقه
اس ناروموجه فى بحار عميقه
من لهيب ومن جمال ويمن
يسقط الطير قبلان يدرك الساحل منها
مستقبلا فى ابتهاج حريقه
فاجاتنا الحديقه الزهراء
اشرقت فى مركزها القبه الخضراء
وتوالت بشرى الهواتف ان قد ولد المصطفى وحق الهاء
واكتست بالنور الجديد من الشمس ابتهاجا وغنت الاسماء..
/ اشاره اخيره/
شمس من العشب وورقاوان
تغنيان
قبل بدايه الزمان
بعد نهايه الزمان
تحترقان
على فروع البان..
* تنبيه:
كتب عبد الحى "1944-1989 " قصيدته الدينيه " الصوفيه" معلقه الاشارات اثر منام راى فيه صوره الامام البوصيرى صاحب البرده النبويه يمسح على جسمه!!!!!علما ان البوصيرى قد كتب بردته الشهيره اثر منام راى فيه سيد البشر المصطفى صاحب الوجه الانور والجبين الازهر وحامل لواء الحمد والشفاعه يوم الحشر سيدى محمد صلى الله عليه وسلم يمسح بيده الشريفه على جسده فبرا عنده صحوه من مرض عضال الم به فكتب البرده النبويه :
امن تذكر جيران بذى سلم
مزجت دمعا جرى من مقله بدم..
وهى اجمل ما انشده عبدالعزيز محمد داؤد رحمهم الله جميعا*********