صراع النخبة الجنوبية وليس صراع الدينكا و النوير ! السفير د. على حمد إبراهيم

صراع النخبة الجنوبية وليس صراع الدينكا و النوير ! السفير د. على حمد إبراهيم


12-24-2013, 08:46 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=422&msg=1419447753&rn=0


Post: #1
Title: صراع النخبة الجنوبية وليس صراع الدينكا و النوير ! السفير د. على حمد إبراهيم
Author: على حمد إبراهيم
Date: 12-24-2013, 08:46 PM

صراع النخبة الجنوبية وليس صراع الدينكا و النوير !
السفير د. على حمد إبراهيم
أحسب أننى مؤهل لأدلى بدلوى فى الذى يجرى فى جنوب السودان الآن بإعتبار صلتى الطويلة والعميقة بالبلد الذى فتحت عينى فيها على الحياة . وترعرعت فيها . ونلت فيها جزءا من تعليمى العام. و ما زلت احتفظ بأوراقى الثبوتية التى تقول أننى احد مواطنى مدينة القيقر ، مركز الرنك ، مديرية اعالى النيل . اعداد كبيرة من أهلى الاقربين يتوسدون ثرى مديرية اعالى النيل فى رقادهم الابدى رحمهم الله ، ورحمنا جميعا .
تلك مقدمة لازمة . ولكنى اعود فأبدأ الحديث من أوله واقول إن تجذر القبلية فى المجتمع السودانى الجنوبى دفع المراقبين والمتابعين والمحللين الى الاستنتاج السهل الكسول الذى يحول كل نزاع فى جنوب السودان ومن الوهلة الاولى الى منطلقات عرقية و قبلية دون امعان النظر بما يكفى فى ما وراء ذلك من اسباب . االمحللون والمراقبون الذين حصروا المواجهات الدموية الجارية الآن فى جنوب السودان فى التنازع القبلى التقليدى بين اثنتى الدينكا والنوير ، اكبر قبيلتين فى جنوب السودان ، دون غيره من الاسباب ، لا شك انهم جانبوا الصواب . سفراء جنوب السودان فى اكثر من بلد خارجى ، وتحديدا فى مصر والسودان ، حاولوا تصحيح هذا الفهم الخاطئ لما يجرى . و تباروا فى النفى الشديد ان يكون الصدام الدموى الذى تشهده بلادهم الآن يعود فقط الى التنازع القبلى التقليدى والتاريخى بين اثنتى الدينكا والنوير ، اكبر قبيلتين فى الاقليم . كاتب هذه السطور يسند بقوة ما ذهب اليه السادة السفراء . ويقول كما قال السادة السفراء فى ان الصدام الدموى الذى يجرى فى جنوب السودان الآن هو فى حقيقته الابتدائية صدام ذى منطلقات سياسية وليست قبلية . باقان أموم ، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الحاكم فى جنوب السودان الذى اقيل من منصبه قبل تفجر النزاع الدموى ، المح الى هذا . واعترف بفشلهم كنخبة حاكمة فى جنوب السودان فى خلق دولة ديمقراطية حديثة . وهذا الفشل المحدد شكل ، ويشكل السبب الرئيس فى التوترات التى ولدت مع مولد الدولة الجديدة ثم ما لبثت أن نحت هذا المنحى العنيف . المواجهات الدائرة الآن سبقتها اخرى فى عام 1991 . ولكن هذه هى الاقوى والاعنف و الاكثر خطرا على تماسك الدولة الهشة بالأساس. وعلى النسيج الاجتماعى الاكثر هشاشة . بل على وجود الدولة الوليدة . انزعاج الاسرة الدولية الكبير يؤكد على صحة ما نقول . الآن أخذت الصورة تتضح اكثر امام المراقبين حيال الاسباب الحقيقية للازمة الحالية. ووضح اكثر ان نواة الازمة برزت الى السطح قبل بضعة اشهر عندما اعلن نائب الرئيس الدكتور مهندس رياك مشار عن عزمه منافسة الرئيس سالفا كير فى الانتخابات الرئاسية القادمة فى عام 2015. وسرعان ما ظهر تحالف مكتوم بين نائب الرئيس من جهة ، والسيد باقان اموم ، امين عام الحزب الحاكم، و السيدة ربيكا قرنق ارملة الدكتور جون قرنق مؤسس الحركة الشعبية التى استطاعت ان تحقق حلم شعب جنوب السودان فى الدولة المستقلة فى يوليو 2011، من جهة اخرى . الرئيس سالفا كير فشل فى اول امتحان ديمقراطى حين لم يستطلع أن يحتمل جرأة نائبه فى تحديه له بتلك الصورة السافرة . وقال العالمون بالاوضاع ان الرئيس انهمك منذ اعلان نائبه رغبته فى منافسته فى الانتخابات الرئاسية القادمة ، انهمك فى التخطيط لكى يتغدى بمنافسيه المحتملين جميعا قبل أن يتعشوا به . و بالفعل طرد الرئيس نائبه الدكتور رياك مشار من منصبه بدون اسباب وجيهة وطرد السيد باقان اموم الامين العام لحزب الحركة الشعبية والحقهما بعدد كبير من الوزراء النافذين من الذين شاركوا فى انتقاد اداء الرئيس بصورة علنية ، بعد أن أشان سمعتهم بتهم الفساد المالى الروتينية فى عالمنا الثالث .تقول الحكاية الصحيحة أن الحرس الجمهورى الخاضع لاوامر الرئيس هو الذى تحرش بالقوات التى تحرس نائب الرئيس ربما فى محاولة لتصفيته . و عندما فشلت المحاولة ، اختلقت الرئاسة حكاية المحاولة الانقلابية ووسمتها بالميسم القبلى والاثنى . رواية ضلوع النوير دون غيرهم فى المحاولة المزعومة تبدو ضعيفة بالقرائن . فعدد كبير من كبار الضباط المعتقلين ينتمون الى قبيلة الدينكا التى ينتمى اليها الرئيس . وهذا يعنى ان ماجرى يتعدى الحدود القبلية والاثنية ويصب فى اتجاه قومى معارض للرئيس. و هذا يثير الشكوك فى رواية رئاسة الجمهورية ويجرحها ويجردها من المصداقية الكافية. زبدة القول هى ان الذى حدث فى محيط القصر الجمهورى هو تنافس على السلطة بين النخبة الحاكمة فى جنوب السودان ليس لأى قبيلة دخل فيه . لقد ضاق صدر الرئيس سالفا كير بالمجموعة التى عرفت باولاد قرنق التى يعتبر السيد باقان أموم ، الامين العام المقال لحزب الجبهة الشعبية ، والسيد دينق ألور، وزير شئون رئاسة الجمهورية ، والسيدة ربيكا قرنق عضو المجلس القيادى ، من ابرز وجوهها . لقد اراد الرئيس ان يزيح من طريقه هذه المطبات البشرية قبل وصول موعد الاستحقاق الانتخابى الوشيك ، فكان ما كان . سوف تتضح الكثير من الحقائق فى مقبل الايام . اما الذى اتضح فعلا هو ان النخبة التى آل اليها مصير شعب جنوب السودان هى نخبة دون المستوى المطلوب لقيادة دولة وليدة امامها الكثير من المطلوبات. وما كان لا ئقا و لا منتظرا ان تهدر هذه النخبة وقت انسان الجنوب ودمه فى التنازع فى قضايا ذاتية.
(نقلا عن الشرق القطرية)