الهاكرْز العاشق !

الهاكرْز العاشق !


03-28-2013, 02:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1364478077&rn=0


Post: #1
Title: الهاكرْز العاشق !
Author: shazaly gafar
Date: 03-28-2013, 02:41 PM

الهاكرْز العاشق !
شاذلي جعفر شقَّاق
[email protected]

ضَحِك حتى سالتْ دموعُه من عينِه اليتيمة الكائنة في أمِّ رأسه .. استلقى على ظهرِه مثل خُنفساء انقلبتْ إثرَ حادث حركةٍ غير أليم جعل أرجُلَها تسْبح في الهواءِ دون جدوى .. وقَّع لسانُه الطويلُ وأياديُه الأخطبوطيَّةُ اتَّفاقيةَ هُدنةٍ موقوتةٍ – كاستراحة مُخرِّب – مع ضحاياه ، غير أنَّ ذيله المُدبَّب لا يزال يرقص طرباً على مَرأى ومَسْمع من العُميان والصُمِّ ، أو قُل الذين يراهم ولا يرَوْه ! استحالت قهقهاتُه إلى عويل .. إلى حمْحمة ، إلى صهيل ..إلى غمْغمة .. إلى صِراخ أُنثويّ ، إلى جمْجمة ذكوريَّة ..إلى نهيق ، إلى زعيق ..إلى قعْقعة ، إلى أزيز ، وهو يتمرَّغ - كتمساحٍ يتشمَّس - على امتداد الصفحة الإلكترونيَّة الداكنة السواد والتي أصبحتْ خراباً ينعق فيه العدَم !
تلك هي طقوس الهاكرز العاشق عُقيْب كلِّ ذروةِ نشوةٍ يبلغها بعد يَفُضَّ بكَّارة (كلمة السِّر ) التي اقتنصها من بين أزِقَّةِ وحواري الأسافير ، أو عند (أوتوستوب) الطُرقات و المحطَّات والمجمَّعات أو المجتمعات الإلكترونيَّة !تلك هي استكانته التي يتحلَّل فيها من مخيط نزوتِه ريثما يستفيق ويستعيد قُواه مرَّةً أُخرى لاستئناف حملاته الغازية وفتوحاته المُظفَّرة بإذن نواميس الدمار الشامل والإبادة الجماعية جرائم الحرب الضروس ضدَّ الشعب الإسفيري الأعزل إلاَّ من لوحة المفاتيح المُدجَّجة بالأحرُف والأرقام و علامات الترقيم إن وُجدت !
صحيحٌ أنَّ اتّباعِ خطوات الأمن والسلامة وتوِّخي الحَيْطةَ والحذر ؛ تقلِّل من احتمال غزو هذا العدو الكاسر الذي (يتلِّبْ) على كلمات السِّر على حين غرَّةٍ أو غفلةٍ أو حُسْنِ طويَّة من أهلها مثل (حرامي القلوب) الذي لا تشي ايحاءات الأغنية بأنَّه يقصد القلوب ! لا أن يكتفي بأنَّ يدق الباب (بشدَّة ) مثل (سيد العِدَّة ) !
ولكن لمَّا كان كلُّ فِعْلٍ شيطانيٍّ يمُتُّ بِصِلةٍ أو أُخرى إلى فاعلٍ إنسانيٍّ ؛ فقد يستعين هذا الهاكرز بـ (شَمْهروريين أو شَمْهروريَّات ) يقومون بدورِهم /هنَّ بالاتصال على قرينِ صاحب كلمة السر وإن شئتَ أمين سِرِّه ، فيرْفده بكلِّ المعلومات المتعلِّقة به والبيانات الشخصيَّة والأسرية وتفاصيل تأريخه القديم والحديث وما يختص بوضعه الآني ، ونقاط قوَّته وضعفه وزمان تواجده إلكْترونيَّاً على الشبكة العنكبوتيَّة و .. و... و ..
إنَّما هؤلاء (الشمْهروريّون والشمْهروريَّات ) باستطاعتهم ايصال المعلومة – كشياطين - قبل أن يقوم صاحبُ الحاجةِ من مقامِه أو يرتدُّ إليه طرفُه ..! بل تكمنُ خطورتهم من كونهم شركاء طريقٍ ربَّما كانوا ينتمون إلى ذات المُخدِّم الذي يوفِّر الخدمة للضحيَّة ! فإذا كان باستطاعة مخابرات دولة عُظمى رصْد نشاطات واتصالات العالم قاطبة من خلال شاشة صغيرة ؛ فباستطاعة أية دولة أو مؤسَّسة أينما كانت وضعَ يدِها على ما يدور بخَلَدِ حواسيب سائر منسوبيها ! بل ربَّما كانوا من أصدقاء أصدقائه/ها أو صديقاته/ها وأصدقائه الذين نبشتْهم خيوطُ العنكبوت من الماضي السحيق عبر موسيفينيَّة الحنين للأيام الخوالي المؤصَّلة في نفوس البشر وإن كان (سُفْلي ) الزمان الغابر هذا قد قوَّض بناءةً سابقة وخلَّف نُدبةً لا تزال باقية كالوشمِ في ظاهر اليدِ !ربَّما انبعثتْ الشرارة من هؤلاءالمقرَّبين الذين يُغامزونه و يُضاحكونه حتى تبين (ضروس عقولِهم ) التي ما أضافت لحكمتهم شيئاً رُغم التطوّرات الاجتماعية والالتزامات الأسرية و تآكل السنين !
فإذا كان ذلك كذلك فإنََّ أبواب الاحتمالات تظلُّ مفتوحةً على مصاريعها لكافة أنواع استخدام المعلومة أيّاً كانت ؛ سلباً أو ايجاباً لتصبَّ في قنال الغاية التي تبرّر الوسيلة لتتفرَّع بعد ذلك جداول المآرب التي لا تخلو من (كركيَّات) الترغيب والترهيب والابتزاز والمساومات أو كل ما ينتج عن نفوسٍ مقيمةٍ إلاَّ من الأذى ! سيِّما وأنَّ الفتح التقني الهائل في عالَم الاتصالات قد حشر العالم جميعاً في المُتَّصلِين ، بل جعل من العولمة خمَّارةً تسقي حتى مَن أبى ! وإذا ما تسلَّل وهْم (الكتوف اتساوتْ) لكُلِّ مَن هبَّ من الشاربين بعد أنْ دبَّ دبيبُها إلى موطن الأسرار ؛ طفق يُدلي بدلْوه فيما يبدو لناظِرَيْه بئراً ! ولربما ظنَّ أنَّ الناس جميعاً لبّوا ذات النداء الذي جاء به إلى الخمَّارة ولذات الدواعي والأسباب والغاية والأوهام والإسقاطات (فإذا ساءَ فعْلُ المرءِ ساءتْ ظنونه ** وصدَّق ما يعتاده من توهُّمِ ) ولكن على أية حالٍ هذا النوع من (الكي بوردات ) الخرساء الذي ينحصر داءُه في عضد المجتمع الضعيف والآصرة الهشَّة أقلَّ ضرراً من الهكرز الموجَّه عن درايةٍ ووعْيٍ مهترئ الجنان ينطبق عليه قول الشاعر الكبير محمد سعيد العبَّاسي : (يا ليتها حوتْ أمناً وعافيةً ** ولكنَّها حوت فتحاً وإحداقاً ) ..ذلك النوع الذي يتأبَّط معاوله ويمتطي جرَّافاته كمَن يهبُّ لإزالةِ مستوطنات لشعبِ أرضٍ محتلَّةٍ !
فعندما يضع البني آدم نُصْبَ عيْنَيْهِ المحافظة على سلطانه ومكتسباته وامتيازاته وعيشه الرغيد ؛ فإنَّه لن يعدم تطويع سائر الشرائع المُسانِدة لفكرةِ الإزالة الجبريَّة لكُلِّ صوتٍ آخر أو شكل مختلف !
مهما يكن من أمرٍ فإنَّ التفريقَ بين المرء و(كلمة سِرّه ) رجسٌ من عمل شيطان الكي بورد ..وإنَّ التفريق بين الحق والباطل مواجهةً؛ الكلمة بالكلمة ومقارعةً ؛ الحُجَّة بالحجة ضرْبٌ من ضروب الهدي القويم والصراط المُستنير ..وإنَّ التلصُّصَ والظلام في القائمة (أ) يقابلهما الجُبن والخفَّاش في القائمة (ب) !وإنَّ القهر والخسَّة – أيَّاً كان زواجهما – لا ين######## إلاَّ القهر والخسَّة ! ولكُلِّ فعل خراب ردَّةٌ فعل خرابٍ تُساويه في المقدارِ وتُخالفه في الاتّجاه والأيامُ دُوَلٌ كما يقولون !
فإنْ تقافز الهكرز العاشق طرباً بمقدرته الفائقة على سرقة الكُحل من العين ، أو ما هو أغلى من ذلك كما قال شيخ العرب الحاردلّو :
كَمْ شويَمْ لَهِنْ وكتاً بَفاقِقْ وريِّسْ
وكم ودِّيتْ لهنْ من عندي واحد كيِّسْ
بِسْرِقْ دُغْمَتِنْ نَعَمِنِّي فيهنْ سَيِّسْ
ده وكتِ الزمان بلحيييل معانا كويِّس !!
فإنَّ الشاعر الجميل عاطف خيري فقد ذمَّهم :
دعْهُم في الشِباك
دَع الشِباك في الماء
إخلع القميص –قميصك – وانزل
تراهم قد ارتْدُوا ما خَلعْتَه بالبرِّ ، فدَعْهم
من شِباكٍ إلى شِبك !




الوفاق – اليوم الخميس – 28/3/2013م