دردشة مع عامل أورنيش

دردشة مع عامل أورنيش


03-28-2013, 10:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1364464178&rn=0


Post: #1
Title: دردشة مع عامل أورنيش
Author: maman
Date: 03-28-2013, 10:49 AM

هذا الموضوع كتبه صديقي عبد الحليم حران ونشره بمنتدى القرير ، ورأيت أن يطلع عليه قراء سودانيز أون لاين

هناك فئات في مجتمعنا السوداني لايعيرها الناس أدني إهتمام ولايلتفتون إليها بل قد يدمغون ممارسيها وممتهنيها بالدونية ويعتبرونهم من الفئات ال و ضيعة والضائعة مثل الشماشة وبتاعين السلسيون وغاسلي السيارات وساكني المجاري وغيرهم من الذين لايجدون من ينتشلهم من مآسيهم ، من تلك الفئات عمال الأورنيش الذين تجدهم في كل مدينة يحملون شنطة الاورنيش (يكشكشون) بها للزبائن فيجلس الواحد منهم أمامك وفي لحظات يخلص (الشغلانية ) . دعونا نتمعن معا في وجه مشرق لهذه الفئة. نرجو متابعة هذا الحوار الحقيقي.
كنت متجها بالبص إلي مدينة الدمازين والذى لم يتوقف إلا في سنار ( لنصلي الظهر والعصر جمع تأخير) ولأن أباريق الوضوء في تلك المحطة كانت فارغة ولم تكن هناك ماسورة أو مصدر ماء معلوم وحينما كنت أتلفت يمنة ويسرة أبحث عن مخرج لقصة الوضوء شعرت بصبي يافع يمسك بيدي ويقول لي (إنتظر ياعم ) (أوشكت أن أقول له العمي اليدقنسك) وجري مسرعا فخطف أبريق وجاء به في لحظات مملوء بالماء وسلمني له وجاء معه بسفنجة وأستأذننى أن يخلع حذائى (أعزكم الله ) ليقوم بأرنشته ومسحه ، رغم أنه ممسوح في الميناء البري بالخرطوم ، قلت له خيرا وعند الانتهاء من الصلاة جئت وجلست علي كرسي بجانبه ولاحظت بأنـه يمسح في حذاء شخص آخر ولم ينتهي من مسح حذائى لكن لم أسأله (ماخلاص ضمني كزبون ، شفت نجاضة الشافع ده وبفطرته السليمة لديه معرفة بأبجديات مهام مناديب البيع والتسويق ) فقام بكل أدب (وخفس دون علمي) فأحضر لي حاجة باردة ميرندا فقلت له وين الميرندا بتاعتك ؟ فقال لي إننى متعود ألا أشرب البيبسي والميرندا (إستخلصت فيما بعد أنه يوفر ثمنها) قلت له إسمك منو ؟؟ قال لي محمد آدم أبكر. قلت له في أى مرحلة دراسية تقرأ ؟ قال لي في الصف الخامس أساس. سألته مالذى دعاك لتمارس هذه المهنة الشريفة ؟؟ قال لي : أولا أنا في إجازة وأردت مساعدة والدي الذى نزل المعاش ولاعمل له خاصة وثانيا إن شقيقي الأكبر يقرأ الهندسة فى جامعة السودان بالخرطوم والمصاريف كثيرة علينا.قلت له كم ساعة تشتغل ؟ قال لي أنا أبدأ عملي عند الثامنة صباحا ، أفطر بساندوتش بتاع طعمية ومعه كباية شاى حمرا وبرميل الموية موجود في المطعم نكركع منو وآخر اليوم بعد ما أصلي العشاء هنا أشتري فول وطعمية وجبنة لأهلي وعلي طول أمشى البيت وأسلم حصيلة اليوم لوالدي وأتعشي وياسرير جاك زول وأعاود العمل غدا. قلت له ماشاء الله عليك ربنا يحفظك.
سألته ألا تلعب الكرة في إجازتك مثل أصحابك ؟؟ قال لي أحيانا لأنو وقتي مليان مع الأورنيش .سألته كم دخلك اليومي تقريبا قال لي( مستورة بحمد الله ممكن تقول أربعين أو خمسين جنيه) . قلت له ماهي أمنيتك؟؟ قال لي أمنيتى أن أصبح سائق بص سياحي. قلت له (يعنى عاجباك البصات البتلمع دي؟ ، لماذا لاتتمنى أحسن من ذلك وتقول سائق طيارة ، أو مهندس أو طبيب ) ضحك وقال لي دي سنين دراستها ومصاريفا كتيرة . قلت له لماذا لاتصر وتعزم وتتكرب ( زي ما أنت متكرب الآن مع عائلتك) بأن تدخل الثانوي نموذجي وبعدها الجامعة بالمجان وبالرسوم الرمزية. أرجوك أن تغير تفكيرك) قال لي (أوعدك أن أغير تفكيرى وأفكر فى الدراسة بإهتمام لأنها الطريق الصحيح ). عند سماع صوت بوري البص إيذانا بالتحرك نهضت ونهض معي (فردتي) محمد أبكر وقبل باب البص (حشرت في جيبه ورقة فئة العشرين جنيها ) تهللت أسارير وجهه فقال لي والحنية بادية في وجهه البريىء (مع السلامة ياعمي ) فودعته وذكرته بوعده لي بالاجتهاد في الدراسة وقلت له عند الرجوع من الدمازين إن شاء الله أقابلك إذا توقف البص وأجيب ليك معاي هدية وإنحشرت في البـص وعبر الزجاج كان يلوح لي بيديه مودعا كأن بيننا معرفة ومودة سنينا طويلة . لكن شاء الله ألا يتوقف بص الرجعة إلا في فداسي الحليماب بعد مدني وهديته معي. إيه رأيكم في هذا الأنموذج الرائع من بلدي.
عزيزي القارىء : ماهو الشعور الذى ينتابك وأنت تري ماسح أحذية أو عامل غسيل سيارات أومساعد في حافلة أو جرسون أو مصلح أحذية (نقلتي) أوعامل تنظيف دورات مياه أو أو ....إلخ يقوم بعمله ؟؟ صف شعورك الحقيقي ولاتبالي .