الحب في اكثر حالاته سطحية

الحب في اكثر حالاته سطحية


02-12-2013, 02:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1360674292&rn=1


Post: #1
Title: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-12-2013, 02:04 PM
Parent: #0

أن تكتب عن الحب تكون كمن يكتب عن قطعة موسيقية " تبدأ وقتما تبدأ وتنتهي حين تنتهي" بحيث لا تعتمد في ذلك على عامل خارجها. الكتابة عن الحب وحواليه مثل الكتابة حول لوحة بحيث لا تغنيك الكلمات عن الحضور البصري للظلال والالوان. وكذلك أمر اللغة، إن أبى لودفيج ويتغنشتاين إلا وأن يطل من الركن المجاور.
قلت للمياء والقطار يوشك أن يبلغ وجهته الاخيرة، إن الحب مثل قرميدة تسقط من السقف لتصادف من كتب عليه الشقاء، أو السعادة في أحسن الاحوال (لم لا؟).
أو مثل فاجعة متربصة تنالك وأنت في الطريق لشراء خبز أسمر من متجر المهاجر الكردي في المنعطف المقابل بعد حانوت الجنس شبه المهجور نهارا ، والذي ربما يعود تأسيسه للعقد التالي للبداية الافتراضية للثورة الجنسية، على وجه الدقة عقب اكتشاف اقراص منع الحمل.
للحب حلات وللجنس أخرى ، وحوانيت ايضا. هنا تباع قضبان ذكورية ذات ألوان فاقعة تفضح الايحاء بحالة كونها اعضاء ذكورية، وفراشات مريبة الشكل اقرب لعناكب، ودهانات وزيوت .. ليس في ذكر محتوى المتجر من فائدة تذكر أكثر من المعلومة القائلة أن ثقافتنا الماثلة تجنح لصنع كل شيئ بما في ذلك السعادة. مجتمع الكفاءة وحسن الاداء لم يترك الحب يفلت من حقله الذي يتحكم فيه.
ذكرت ويتغنشتاين، وحرى بي أن اذكر اثنين من رفاقة حتى تكتمل الصحبة. الفرنسي باسكال بروكنر والهولندي كون سيمون. كون سيمون اصغر الفلاسفة الهولنديين والفائز بكأس سقراط التبادلية لهذا العام التي حصل عليها بكتابه المعنون :" مرافعة لأجل السطحية" التي اقتبست منها ايحاء عنوان كتابتي اعلاه. وتميز سيمون على رصفائه من الفلاسفة الهولنديين الكبار أنه يتطرق الى مواضيع غير مطروقة خلافا للكبار المهيمنين على الساحة امثال هانز آخترهاوس الذي صرف جل اهتمامه لموضوعة العنف التي ابتدرتها حنا آرندت في منتصف القرن الماضي.
باسكال بروكنر، لأنه فرنسي وتعودت من الفرنسيين شق طرق وعرة لا يقدر الاخر على تتبع خطاهم فيها بسهولة ولكنها تمهد لهم التوغل في طرق جانبية تفضي بنا كل الى وجهة ما ،و لفرط بهجتهم ايضا.مثل فوكو الذي كتب عن تاريخ الجنسانية منبها ايانا الى الكم الهائل من النصوص التي تنظم وتضبط الجسد والرغبة وكامل حقل الجنسانية دون أن ترد فيها كلمة (جنس) على الاطلاق. كتب بروكنر منتقدا الثورة الجنسية بالاشتراك مع ألان فينيكلكراوت، والثورة الجنسية وما يتعلق بها تصيبني ليس بالفضول فقط ولكن بالشك في حدوثها اصلا.
هل الحب بهذا التعقيد حتى تكون صحبتي بهذا البهاء، بروكنر وسيمون؟ كتبت في نص قديم أننا لا نعرف من العشق غير ظاهره، ذات الجهل الذي يدفعنا للبحث عن ماهية الحب وسره وكيفية حدوثه والكيمياء التي تقف خلفه.
تقول نون المغرمة ببحث تفاصيل الاشياء حتى قاعها، الحب إدمان فحسب. مثل إدمان النيكوتين والمخدرات والكحول. يمكنك الاقلاع عنه بعد معاناة تشبه معاناة من يتوقف عن المخدرات دون استخدام عقاقير مساعدة، طريقة تعرف بـ : ديك الروم البارد، وهي ترجمة ( كولد تيركي). ستصاب بتقلص وآلام في العضلات وفقدان شهية وانعدام تركيز، الى آخر الاعراض التي يبديها المدمن الحقيقي. ليست المعاناة خلف الحب والحرمان منه بهذه الرومانسية التي نسمعها في الاغاني، فالسعادة التي تسببها رؤية المحبوب تعود لمادة الدوبامين التي يفرزها الدماغ لتنساب للجسم مسببة نشوة وسعادة ننسبها للحب.
حين تفارق الاخر يقل افراز مادة الدوبامين الامر الذي يلحظه الجسم ويستجيب للاثار الجانبية الناجمة عنه، اضافة الى أن الاجزاء الامامية من الدماغ لدى المدمنين تقل فيها المساحة الناشطة من المخ المسئولة عن الارادة والعزيمة وتكبر المساحة المستجيبة للمتعة. فالضعف أمام المحبوب أمر يعود للطريقة التي يتشكل بها الدماغ تكيفا مع حالة معينة.
أما من زاوية علم الاجتماع فإن مفارقة المحبوب تعادل موت شخص غزيز وقريب ، لتصبح الاشكالية اشكالية تكيف أكثر منها فقدان محبوب. ايقاع اليوم من بدايته يجب أن يضبط على شخص واحد بدلا عن شخصين، الاكل ، النوم، التسوق، النزهة، مشاهدة التلفاز الى آخر التفاصيل اليومية. يحدث التكيف بالطبع بابدال نسق من الحركة والسلوك بنسق آخر جديد وهو أمر يتطلب الوقت الذي يلزمه.
إذن لا (يامسهرني) ولا يحزنون. هذا على الاقل من وجهة النظر العلمية المجتهدة اجتهادا يسقط في بئر الادعاء في بعض الحالات. هذا ما يحاول أن يقوله الفيلسوف الهولندي الشاب كوون سيمون (بضم الكاف) في مرافعته من أجل السطحية. نحن نعول على العلم أكثر من اللزوم ونتوقع من العلم أن يحل كل اشكالاتنا بطريقة تحول بين الشخص وبين الاستفادة من تجربته والبداهة المشتركة للناس. اصبحنا نعتمد على العلم في كل صغيرة وكبيرة. خذ مجال السياسة ، اصبح النقاش حول القضايا الكبرى في البرلمان غائبا، القضايا الكبرى بما فيها الاجتماعية تحال لمكاتب بحث متخصصة تقتل الامر بحثا وتجري ما يلزم من اسفتاءات وتقدم نتائج وتوصيات جاهزة ليصير النقاش حول نتائج البحث وتوصياته بدلا عن نقاش القضية بشكل مفتوح والاخذ والرد حولها.
في ذات السياق يجئ العلم متدخلا في حقل الجنسانية والحب مقدما ما لايحصى من المبتكرات من تحفيز الليبيدو الى التحكم في المزاج واستدراج الاخربمادة الفراشة الاسبانية المسكوبة خلسة في كوب العصير. لا يختلف في ذلك الشرق من الغرب. الغرب بآلاته وأدواته العملية والشرق بفلسفته الجانحة نحو الداخل وروحانياته من الكاماسترا الى تمارين الاسترخاء التي تفتح مجاري الـ (شكرات) من شاكرا التاج الى السرة.. وكعادة أهل الشرق لا ينهمكون كثيرا في كيف هو الحب وماهيته ولكن كيف لك أن تكون حبيبا حسنا وجيدا.
ولكن كيف حدث لنا اليوم أن نستدرج جميعا لهذا الفخ الموحي بأن الاشياء تصنع والزاعم بسيادة العلم والتكنولوجيا وامكانية تحكمها في هذا المجال؟
باسكال بروكنر يقول بأننا نتوقع من الحب أكثر مما في قدرته، نتوقع منه أن يمنحنا السعادة والاثارة كلها وباستمرار ، إن لم يحدث ذلك نصاب بخيبة الامل العظيمة التي لا مفر منها..
لنقارن ذلك بتوقعنا ومطالبتنا من الحكومة أن تجعلنا شعبا سعيدا، في وقت لا تستطيع فيه اي حكومة دفع شخص للاحساس بالسعادة التي يجب أن تنبع من داخله. بهذا المعنى فإن قطاع الطرق في السودان أفضل حالا وأكثر واقعية في التعامل حتى مع اشياء عملية. تقول الحكاية أن دعاء قطاع الطرق الذين يطلق عليهم (الهمباتة) ينحصر في طلب الصحة والعافية طالبين من الله أن يترك مسألة الرزق عليهم.
لقد صرنا أحرارا كما لم نكن من قبل في أن نقع في الحب ونمارسه في الواقع العملي، ولكن القيود التي تحف بالعلاقة العاطفية قد كثرت بحيث اصبح الامر اكثر تحديدا من ذي قبل: لون الشخص وحجمه وطريقة كلامه وعمره ، اصبحت تشكل عاملا حاسما في اقبال الاخر عليك وقبوله بك. كان من السهل قديما أن تلقى باللائمة على القبيلة والاسرة والطائفة الدينية اذا تعذرت العلاقة العاطفية. أما باستقلالية اليوم والفردية التي تحكم مجتمعاتنا فإن الشخص لا يستطيع ان يلوم غير نفسه مما يجعل التراجيديا اكبر في العلاقات العاطفية.
يشير بروكنر الى مسألة أعتقد أن لها علاقة بعصر التكنولوجيا الرقمية الذي ننتمي اليه وهي تفصيلة أن ما نشاهده في يوم واحد من أخيلة وصور واعلانات ورسائل بصرية يساوي ما يشاهده المرء في كامل حياته في السابق.. وهذا قد يفسر ثقافة السياحة التي اصبحت تطبع الحب. نريد اليوم أن نجرب كل شيئ في الحب مثل زائر لمدينة الملاهي يريد ان يجرب كل اللعبات بحثا عن اثارة مختلفة أو لذة غير متناهية. ذات الأمر الذي دفع بصديقي للاستهجان من حياة الناس الجنسية في الغرب حينما تطرقنا في حديثنا للسادو ماسوخية وحفلات الجلد بالسياط. تحسر صديقي على إضاعة الليل في اسلام الجسد لضربات السوط قائلا بأن هؤلاء الناس قد غلبهم الجماع.
هل للحب وجه آخر؟ نعم . وجه الاستثمار والمكابدة . العرض الصامت لعقد غير مكتوب يقضى بالاستخدام المتبادل لاعضاء الاخر التناسلية بحسب فردريك نيتشة. أما باسكال بروكنر فيسميها المكافأة مشبها الحبيب بالصيرفي أو المضارب في البورصة كلاهما يهدفان الى الحصول على أكبر عائد لاستثماره.

اخترتها لكم من مدونتي التي كسلت وقعدت عن تجديدها والتي يمكنكم زيارتها عبر هذا الرابط:
http://ibrahimhamouda.blogspot.nl/

Post: #2
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-12-2013, 02:07 PM

يا شباب أقول ليكم البيت بيتكم مقدما واتناقشوا لغاية امشى وأجيكم كان الله هون.

Post: #3
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-13-2013, 09:33 AM
Parent: #2

يا ربي أنا قاعد أكلم في السياسة ولا كده ؟

Post: #4
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 02-13-2013, 09:45 AM
Parent: #3

والله يا إبراهيم .. جبت لينا أسماء كُتر عديل!!
غايتو لسع في طور القراية .. قلنا نسعفكـ بي مداخلة!!

Post: #5
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: مرتضي عبد الجليل
Date: 02-13-2013, 10:03 AM
Parent: #4

Quote: تقول نون المغرمة ببحث تفاصيل الاشياء حتى قاعها، الحب إدمان فحسب. مثل إدمان النيكوتين والمخدرات والكحول. يمكنك الاقلاع عنه بعد معاناة تشبه معاناة من يتوقف عن المخدرات دون استخدام عقاقير مساعدة، طريقة تعرف بـ : ديك الروم البارد، وهي ترجمة ( كولد تيركي). ستصاب بتقلص وآلام في العضلات وفقدان شهية وانعدام تركيز، الى آخر الاعراض التي يبديها المدمن الحقيقي. ليست المعاناة خلف الحب والحرمان منه بهذه الرومانسية التي نسمعها في الاغاني، فالسعادة التي تسببها رؤية المحبوب تعود لمادة الدوبامين التي يفرزها الدماغ لتنساب للجسم مسببة نشوة وسعادة ننسبها للحب.


Quote: فالسعادة التي تسببها رؤية المحبوب تعود لمادة الدوبامين التي يفرزها الدماغ لتنساب للجسم مسببة نشوة وسعادة ننسبها للحب


للمفارقة ,وهي طبية وعلمية في المقام الاول ان النقص المزمن الشديد لمادة الدوبامين تودي لمرض الالزهايمر المعروف ,اما زيادتها في اجزاء محددة من المخ ,فتودي لإنفصام الشخصية
صراحة, سرد سهل وممتع وا(لهمباتة )بالغوا عدييييييييييييل كدة.
شكرا يا ابراهيم

Post: #6
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-13-2013, 10:16 AM
Parent: #5

ود الصايم شكرا على الدفرة ، عارفك زول مروة والله
تحياتي

Post: #7
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-13-2013, 10:21 AM
Parent: #6

مرتضى عبدالجليل
حبابك ، وتشكر على المرور
طبعا العلماء اتمحنوا زمن طويل جدا ، لكن في النهاية في حاجات كتيرة العلم ما بقدر يقدم ليها اي إجابات زي موضوع الحب وموضوع الارادة الحرة، آخر موضة عندنا هنا في هولندا
عالم نيورولوجي طالع في الكفر اسمو (ديك سواب) وبفتكر إنو حرية الارادة لا وجود لها بهذا الشكل الواعي ..
تحياتي

Post: #8
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: Kabar
Date: 02-13-2013, 10:38 AM
Parent: #4

ابراهيم..حبابك يا صديقي..
كلنة سنة و انت طيب يا ول ابا..و بركة بالعودة و الشوفة..

قراءة اولية..و نعود تاني نقرأ و نشوف محل النقة وين..

كبر

Post: #9
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-13-2013, 11:45 AM
Parent: #8

مرحبتين حبابك ولد أبا كبر وقرمانين لشوفتك
بانتظار عودتك
مودتي

Post: #10
Title: Re: الحب في اكثر حالاته سطحية
Author: ابراهيم حموده
Date: 02-13-2013, 04:16 PM
Parent: #9

الى حين حضور القديس فالنتين